الصفحات

بحث هذه المدونة الإلكترونية

السبت، 10 يونيو 2023

الطعن 7 لسنة 37 ق جلسة 17 / 6 / 1971 مكتب فني 22 ج 2 ق 126 ص 773

جلسة 17 من يونيه سنة 1971

برياسة السيد المستشار/ إبراهيم عمر هندي نائب رئيس المحكمة، وعضوية السادة المستشارين: السيد عبد المنعم الصراف، ومحمد صدقي البشبيشي، ومحمد سيد أحمد حماد، وعلي عبد الرحمن.

----------------

(126)
الطعن رقم 7 لسنة 37 القضائية

(أ) اختصاص. "اختصاص ولائي". تعويض.
اختصاص اللجنة المشكلة بقرار من وزير الزراعة تطبيقاً لأحكام القانون رقم 539 لسنة 1955 بالتدابير الخاصة بمقاومة الآفات وأمراض النباتات. قاصر على تقدير التعويض عن تقليع النباتات أو إعدامها. التعويض عن تلف الأشجار نتيجة عملية التدخين. تقديره من اختصاص المحاكم.
(ب) محكمة الموضوع. "سلطتها في تقدير الدليل". إثبات. "البينة".
الاطمئنان إلى أقوال الشهود. من إطلاقات محكمة الموضوع.

-----------------
1 - مؤدى نصوص المواد 8 و9 و10 من القانون رقم 539 لسنة 1955 بالتدابير التي تتخذ لمقاومة الآفات والأمراض الضارة بالنباتات، أن المشرع لم يخرج على القواعد العامة إلا بالنسبة للتعويض عن تقليع النباتات أو إعدامها المنصوص عليها في المادة التاسعة من القانون سالف الذكر، فأوجبت في المادة العاشرة تقديره بواسطة لجنة تشكيل بقرار من وزير الزراعة، وأجاز استئناف قرار اللجنة إلى المحكمة الجزئية التي تقع النباتات المقلعة أو المعدمة في دائرة اختصاصها على أن يكون حكمها نهائياً وغير قابل لأي طعن. وإذ كانت حالة التعويض عن التلف الحاصل لأشجار من إجراء عملية التدخين مختلفة عن حالة التعويض عن تقليع النباتات أو إعدامها، ولم يضع المشرع نظاماً خاصاً بتقدير التعويض عنها، فإنها تظل خاضعة للقواعد العامة التي تجعل الاختصاص بتقدير التعويض فيها معقوداً للمحاكم. ولا يغير من هذا النظر ما تقول به الوزارة الطاعنة من أن الفقرة الثانية من المادة الثامنة أباحت لمالكي النباتات عند علاجها بالمواد الكيماوية، الشكوى من هذا العلاج للهيئة التي يصدر بتشكيلها قرار من وزير الزارعة، وأن ذلك القرار قد صدر محدداً لتلك الهيئة، ونص على أن قرارها يكون نهائياً، ذلك أن إباحة الشكوى من العلاج، لا يعني منع المحاكم من نظر دعاوى التعويض عن الأضرار الناتجة من الخطأ في ذلك العلاج، إذ لا منع إلا بنص، وإنما يعني تنظيم إجراءات صرف التعويض إذا رأت الوزارة صرفه ودياً دون مقاضاة.
2 - إذا كان من المسلم به فنياً أن علاج الأشجار بالمواد الكيماوية قد يتخلف عنه أضرار بها فإن اطمئنان المحكمة إلى أقوال الشهود الذين شهدوا بما رأوه من آثار هذا العلاج على أشجار الحديقة، يكون من إطلاقاتها، ويكون الجدل في تقديرها، جدلاً موضوعياً غير جائز أمام محكمة النقض.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر الأوراق - تتحصل في أن السيد/ عمر محمود عبد الدايم المطعون عليه أقام الدعوى رقم 77 سنة 1964 مدني كلي شبين الكوم ضد وزير الزراعة ومديري الزراعة ومكافحة الآفات بمدينة شبين الكوم بصفاتهم طالباً الحكم إلزامهم متضامنين بأن يدفعوا له مبلغاً وقدره 266 ج و660 م وقال بياناً للدعوى إن عمال قسم مكافحة الآفات التابع لوزارة الزراعة قاموا خلال الفترة من 29 إلى 31 أكتوبر سنة 1963 بتدخين حديقة الموالح المملوكة له والكائنة بمركز تلا، وذلك تنفيذاً لأحكام القانون 539 سنة 1955 بالتدابير التي تتخذ لمقاومة الآفات والأمراض الضارة بالنباتات، فأحدث ذلك ضرراً ببعض الأشجار، ولما قدم شكوى بذلك إلى مدير الزراعة بمحافظة شبين الكوم ألف لجنة من رجاله لمعاينة الأشجار التالفة وقدموا له تقريراً ذكروا فيه أن التلف الذي أصاب بعض أشجار الحديقة لا يرجع إلى عملية التدخين، فحفظ المدير شكواه مما اضطره لأن يقيم دعوى بإثبات الحالة وقد ندب خبير فيها، وأثبت في تقريره أن التلف حدث نتيجة خطأ في عملية التدخين وقدر التعويض بمبلغ 266 ج و660 م، ومن ثم أقام الدعوى الحالية بطلب ذلك التعويض. وبتاريخ 22/ 11/ 1961 حكمت المحكمة ببطلان تقرير خبير دعوى إثبات الحالة وبإحالة الدعوى إلى التحقيق ليثبت المدعي بكافة طرق الإثبات بما فيها البينة أن التدخين أضر بأشجار الحديقة وأباحت لوزارة الزراعة النفي بذات الطرق، وبعد إجراء التحقيق قضت بتاريخ 14/ 3/ 1965 بإلزام وزارة الزراعة بأن تدفع للمدعي مبلغاً قدره 260 ج. واستأنفت وزارة الزراعة هذا الحكم لدى محكمة استئناف طنطا طالبة إلغاءه والحكم برفض الدعوى، وقيد استئنافها برقم 220 لسنة 15 قضائية طنطا، وبتاريخ 14/ 11/ 1966 حكمت المحكمة بقبول الاستئناف شكلاً ورفضه موضوعاً وتأييد الحكم المستأنف وطعنت وزارة الزراعة في هذا الحكم بطريق النقض، وقدمت النيابة العامة مذكرة أبدت فيها الرأي بنقض الحكم المطعون فيه في خصوص السبب الأول وبالجلسة المحددة لنظر الطعن أمام هذه الدائرة صممت النيابة على رأيها الوارد في مذكرتها.
وحيث إن الطعن بني على سببين تنعى الوزارة الطاعنة في السبب الأول منهما على الحكم المطعون فيه مخالفة القانون والخطأ في تطبيقه، وفي بيان ذلك تقول إن المشرع فرض بالقانون رقم 539 لسنة 1955 نظاماً جبرياً لمقاومة الآفات الزراعية محافظة على الثروة القومية، وعهد به إلى وزارة الزراعة لتنفيذه، ونظم في المادة الثامنة منه طريقة المطالبة بالتعويض عن الضرر الناتج من تلك المكافحة فنص في تلك المادة على أن لمالكي النباتات أو لمن يقوم مقامهم الشكوى من هذا العلاج ويبين بقرار من وزير الزراعة موعد تقديم الشكوى والهيئة التي تفصل فيها وما يتبع في هذا الشأن، وتنفيذاً لهذا القانون أصدر وزير الزراعة بتاريخ 15/ 3/ 1956 قراراً نص في المادة الأولى منه على أن "الشكاوي عن الأضرار التي تحدث بالنباتات أو أجزائها أو ثمارها نتيجة علاجها أو عدم نجاح العلاج... تقدم إلى تفتيش الزراعة المختص قبل مضي شهر من تاريخ انتهاء العلاج فيما يختص بالحشرات القشرية والبق الدقيقي وقبل أسبوع من تاريخ انتهاء العلاج لباقي الآفات والأمراض الأخرى" وظاهر من هذا القرار أن الشكوى ليست قاصرة على تكاليف العلاج - كما فهم الحكم المطعون فيه - بل إنها تشمل الضرر الناشئ عن طريق العلاج وتكلفت المادة الثالثة من قرار وزير الزراعة ببيان الهيئة التي يعهد إليها بالفصل في الشكوى، وأوجبت على تلك الهيئة تقديم تقرير واف بنتيجة الفحص إلى مصلحة وقاية المزروعات خلال المدة المبينة فيها، ونص القرار في المادة الخامسة منه على أن "مصلحة وقاية المزروعات تفصل في الشكاوي على ضوء تقارير لجان الفحص وما لديها من أوراق أو بيانات ويكون قرارها نهائياً وعلى تفتيش الزراعة المختص إبلاغ الشاكين فوراً بالقرار" وظاهر من هذا النص أن الاختصاص بتقدير التعويض معقود إلى لجنة إدارية استثناء من القواعد العامة، وعلى هذا تكون المحاكم العادية غير مختصة ولائياً بنظر هذا التعويض، وإذ خالف الحكم المطعون فيه هذا النظر، فإنه يكون قد أخطأ في تطبيق القانون وتضمن مساساً بقرار لجنة الفحص بحسبانه قراراً إدارياً صار نهائياً بعدم الطعن فيه أمام جهة القضاء الإداري.
وحيث إن هذا النعي غير سديد ذلك أن المادة الثامنة من القانون رقم 539 لسنة 1955 بالتدابير التي تتخذ لمقاومة الآفات والأمراض الضارة بالنباتات قد نصت على أنه "في حالة علاج النباتات بالمواد الكيمائية بواسطة موظفي وزارة الزراعة أو من تندبه عنها أو إحدى الهيئات أو الشركات أو الأفراد الحاصلين على ترخيص في ذلك من الوزارة يحرر قبل العلاج محضر بإثبات حالة النباتات والإصابة وفقاً للأوضاع التي تحدد بقرار من وزير الزراعة على أن ترسل صورة من هذا المحضر مباشرة إلى تفتيش الزراعة المختص. وعند قيام الوزارة بنفسها بهذا العلاج يجب حضور أحد موظفي الوزارة المختصين عند إجرائه ولمالكي النباتات أو لمن يقوم مقامهم الشكوى من هذا العلاج، ويبين بقرار من وزير الزراعة موعد تقديم الشكوى والهيئة التي تفصل فيها وما يتبع في هذا الشأن من إجراءات والرسم الذي يؤدي عند تقديم الشكوى على ألا يجاوز مبلغ عشرة جنيهات ويرد الرسم للشاكي إذا فصل في الشكوى لصالحه" ونصت المادة التاسعة من القانون سالف الذكر على أنه إذا ظهر في منطقة ما مرض جديد لم يعرف له علاج ناجح وكانت الإصابة به مصدر خطر يهدد النباتات جاز لوزير الزراعة أن يأمر باتخاذ أي إجراء يكفل منع انتشار هذا المرض بما في ذلك تقليع النباتات المصابة أو إعدامها بواسطة عمال الوزارة وعلى نفقتها وفي هذه الحالة تدفع الوزارة تعويضاً لمالك النباتات حسب قيمتها عند التنفيذ. ونصت المادة العاشرة على أن "التعويض المنصوص عليه في المادة السابقة يقدر بواسطة لجنة تشكيل بقرار من وزير الزراعة من ثلاثة من موظفي الوزارة الفنيين يكون أحدهم رئيساً ومن عمدة الجهة أو من ينوب عنه ومن أحد كبار زراع المديرية التي تقع فيها النباتات، ويجوز لصاحب الشأن استئناف قرار اللجنة في ميعاد لا يجاوز خمسة عشر يوماً من تاريخ إعلانه بالقرار بخطاب موصى عليه مصحوب بعلم وصول، ويرفع الاستئناف إلى المحكمة الجزئية التي تقع النباتات في دائرة اختصاصها، ويجب أن تشمل عريضة الاستئناف اسم المستأنف وعنوانه وموضوع القرار وتاريخه وأسباب الاستئناف وتعلن العريضة بخطاب موصى عليه مصحوب بعلم الوصول ويكون الحكم الصادر في الاستئناف نهائياً وغير قابل لأي طعن" وظاهر من هذه النصوص أن المشرع لم يخرج على القواعد العامة إلا بالنسبة للتعويض عن تقليع النباتات أو إعدامها المنصوص عليها في المادة التاسعة من القانون سالف الذكر. فأوجبت في المادة العاشرة تقديره بواسطة لجنة تشكيل بقرار من وزير الزراعة وأجاز استئناف قرار اللجنة إلى المحكمة الجزئية التي تقع النباتات المقلعة أو المعدمة في دائرة اختصاصها على أن يكون حكمها نهائياً وغير قابل لأي طعن، وإذ كانت حالة التعويض عن التلف الحاصل لأشجار من إجراء عملية التدخين مختلفة عن حالة التعويض عن تقليع النباتات أو إعدامها ولم يضع المشرع نظاماً خاصاً بتقدير التعويض عنها، فإنها تظل خاضعة للقواعد العامة التي تجعل الاختصاص بتقدير التعويض فيها معقوداً للمحاكم، ولا يغير من هذا النظر ما تقول به الوزارة الطاعنة من أن الفقرة الثانية من المادة الثامنة أباحت لمالكي النباتات عند علاجها بالمواد الكيماوية الشكوى من هذا العلاج للهيئة التي يصدر بتشكيلها قرار من وزير الزارعة وأن ذلك القرار قد صدر محدداً لتلك الهيئة ونص على أن قرارها يكون نهائياً، ذلك أن إباحة الشكوى من العلاج لا يعني منع المحاكم من نظر دعاوى التعويض عن الأضرار الناتجة من الخطأ في ذلك العلاج، إذ لا منع إلا بنص وإنما يعني تنظيم إجراءات صرف التعويض إذا رأت الوزارة صرفه ودياً دون مقاضاة، وإذ كان ذلك وكان الحكم المطعون فيه قد التزم هذا النظر، فإنه لا يكون قد خالف القانون أو أخطأ في تطبيقه.
وحيث إن الوزارة الطاعنة تنعى في السبب الثاني على الحكم المطعون فيه مخالفة القانون والخطأ في الاستدلال والقصور في التسبيب، وفي بيان ذلك تقول إنها استندت لدى محكمة الموضوع في نفي مسئوليتها إلى تقرير لجنة الفحص المشكلة من الفنيين وما كان للمحكمة أن تلتفت عن مناقشة هذا الدليل الفني، وأن تركن إلى أقوال شاهدي المطعون ضده لما هو مقرر في قضاء محكمة النقض من أنه على المحكمة متى واجهت مسألة فنية بحت أن تتخذ ما تراه من وسائل لتحقيقها بلوغاً إلى غاية الأمر فيها مستندة إلى أسباب فنية تحمل حكمها، ولما كانت أقوال الشاهدين لا تنصب على الخطأ الفني المدعى به، فإن أقوالهما لا تكون مؤدية إلى قيام رابطة السببية، وقد تمسكت الوزارة بهذا الدفاع لدى محكمة الاستئناف ولكن المحكمة لم تعرض له في أسبابها.
وحيث إن هذا النعي مردود، ذلك أنه إذا كان من المسلم به فنياً أن علاج الأشجار بالمواد الكيماوية قد يتخلف عنه أضرار بها، فإن اطمئنان المحكمة إلى أقوال الشهود الذين شهدوا بما رأوه من آثار هذا العلاج على أشجار حديقة المطعون عليه يكون من إطلاقاتها، ويكون الجدل في تقديرها جدلاً موضوعياً غير جائز أمام محكمة النقض.
وحيث إنه لما تقدم يتعين رفض الطعن.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق