الصفحات

بحث هذه المدونة الإلكترونية

السبت، 17 يونيو 2023

الطعن 59 لسنة 37 ق جلسة 16 / 12 / 1971 مكتب فني 22 ج 3 ق 173 ص 1034

جلسة 16 من ديسمبر سنة 1971

برياسة السيد المستشار/ إبراهيم عمر هندي نائب رئيس المحكمة، وعضوية السادة المستشارين: السيد عبد المنعم الصراف، وعثمان زكريا، ومحمد سيد أحمد حماد، وعلي عبد الرحمن.

-----------------

(173)
الطعن رقم 59 لسنة 37 القضائية

عقد. "فسخ العقد". التزام. "الوفاء به". بيع. نقض. محكمة الموضوع.
استخلاص الحكم تنازل البائع عن التمسك بالشرط الصريح الفاسخ في العقد. من مسائل الواقع التي تستقل بها محكمة الموضوع. قيام الشرط الفاسخ الضمني. لا يسلب القاضي سلطته في تقدير حصول الفسخ من عدمه.

----------------
متى استخلص الحكم بأسباب سائغة تنازل الطاعنة (البائعة) عن التمسك بالشرط الصريح الفاسخ الوارد بلائحة بيع أملاك الميري، فإن مجادلة الطاعنة في ذلك لا تعدو أن تكون جدلاً موضوعياً مما يستقل به قاضي الموضوع، وإذ كان الحكم قد استبعد الشرط الصريح الفاسخ، ولم يعد قائماً أمامه سوى الشرط الفاسخ الضمني، وهو لا يسلب سلطة محكمة الموضوع في تقدير حصول الفسخ من عدمه، وكان المطعون عليه (المشتري) قد أوفى بالتزاماته قبل الفصل نهائياً في الدعوى، فإن النعي على الحكم بالفساد في الاستدلال ومخالفة القانون والقصور في التسبيب، يكون على غير أساس.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر الأوراق - تتحصل في أن محافظة الإسماعيلية أقامت الدعوى رقم 83 سنة 1965 مدني كلي الإسماعيلية ضد أحمد عبد الصمد أحمد طلبت فيها الحكم بفسخ عقد البيع الابتدائي المؤرخ 20/ 3/ 1946 المبرم بينه وبين مصلحة الأملاك الأميرية عن قطعة الأرض الموضحة بالصحيفة واعتبار البيع كأن لم يكن وتسليم القطعة المذكورة لها باعتبارها ممثلة لمصلحة الأملاك مع أحقيتها في مصادرة 20% من ثمن المبيع وإلزام المدعى عليه بالمصروفات، وقالت شرحاً لدعواها إن المدعى عليه اشترى بموجب العقد المذكور 9 ف و21 ط و6 س من مصلحة الأملاك الأميرية لقاء ثمن قدره 562 ج و570 م سدد منه 74 ج و770 م واتفق على سداد الباقي على أقساط طويلة الأجل تبدأ من سنة 1948 وتنتهي في سنة 1967 بواقع قسط سنوي قدره 64 ج و290 م بخلاف الفوائد الأصلية. وقد تأخر المدعى عليه في سداد الأقساط منذ سنة 1958، وطبقاً للبند رقم 24 من عقد البيع يترتب على ذلك استحقاق جميع الأقساط مع فائدة بسيطة قدرها 5% سنوياً دون حاجة إلى إنذار أو اتخاذ إجراءات قضائية، كما أوضح البند 25 من العقد حق الجهة البائعة في طلب فسخه عند مخالفة أي من شروطه وأنه في حالة الفسخ يكون لمصلحة الأملاك البائعة الحق في مصادرة 20% من ثمن المبيع كتعويض عن العطل والضرر، وإذ لم يقم المدعى عليه بالوفاء بالتزاماته الموضحة بالعقد رغم إنذاره بكتاب مسجل بمعرفة رئيس مجلس المدينة في 26/ 9/ 1963 ورغم التنبيه عليه بالدفع على يد محضر في 20 مارس سنة 1965 فإنه يكون من حق المدعية طبقاً للبند 25 من العقد والمادة 158 من القانون المدني طلب فسخ البيع وأحقيتها في مصادرة 20% من ثمن المبيع، وبتاريخ 28/ 3/ 1966 حكمت المحكمة برفض الدعوى وإلزام المدعية بمصروفاتها، واستأنفت المدعية هذا الحكم لدي محكمة استئناف المنصورة طالبة إلغاءه والحكم لها بطلباتها، وقيد هذا الاستئناف برقم 60 سنة 7 ق، وبتاريخ 7/ 12/ 1966 حكمت المحكمة بقبول الاستئناف شكلاً وفي الموضوع برفضه وتأييد الحكم المستأنف، وطعنت الطاعنة في هذا الحكم بطريق النقض للأسباب الواردة في التقرير وعرض الطعن على هذه الدائرة حيث صممت النيابة العامة على رأيها الوارد في مذكرتها، وطلبت رفض الطعن وطلبت الطاعنة نقض الحكم ولم يحضر المطعون عليه ولم يبد دفاعاً.
وحيث إن الطعن بني على ثلاثة أسباب تنعى الطاعنة في أولها على الحكم المطعون فيه التناقض والقصور في الأسباب، وفي بيان ذلك تقول إن محكمة الدرجة الأولى أقامت قضاءها برفض الدعوى على أن ما تضمنه البند 25 من شروط عقد البيع موضوع النزاع ليس إلا ترديداً للشرط الفاسخ الضمني ورتبت على ذلك أن العقد لا يعتبر مفسوخاً من تلقاء نفسه لعدم قيام المشتري بدفع الثمن في الميعاد، وأنه طبقاً للمادة 157 من القانون المدني يجوز للقاضي أن يمنح أجلاً للمدين، كما يجوز له أن يرفض طلب الفسخ إذا كان ما لم يف به المدين من التزاماته قليل الأهمية، وأن ما تبقى في ذمة المدعى عليه من الثمن غير جسيم بالنسبة لما سدده، وقد أيد الحكم المطعون فيه هذا الحكم للأسباب التي بني عليها، وأضاف إليها أن المادة الرابعة من لائحة شروط البيع التي أحالت إليها ديباجة العقد وإن تضمنت شرطاً صريحاً فاسخاً إلا أن المستفاد من سلوك الطاعن أنه تنازل تنازلاً ضمنياً عن هذا الشرط، وهذا من الحكم تناقض إذ أقام قضاءه على أمرين متغايرين لا يمكن أن يقوم حكم عليهما مجتمعين لاختلاف شرطي الفسخ الصريح والفسخ الضمني طبيعة حكماً، هذا إلى أن الحكم لم يبين في أسبابه على أي من هذين الشرطين أقام قضاءه، كما لم يبين الأساس الذي استند إليه في اعتبار الشرط الذي تضمنه البند 25 من شروط عقد البيع شرطاً فاسخاً ضمنياً، ولم يرد على ما تمسكت به الطاعنة من أن المادة الرابعة من لائحة شروط بيع أملاك الميري المحال عليها بموجب البند 25 المذكور تتضمن شرطاً صريحاً فاسخاً مما يعيبه ويستوجب نقضه.
وحيث إن هذا النعي في غير محله، ذلك أنه بالرجوع إلى الحكم المطعون فيه يبين أنه بعد أن اتخذ أسباب الحكم الابتدائي أسباباً له أضاف إليها قوله "إن المستأنفة لم تتمسك بالشرط الفاسخ الصريح وتعتبر العقد مفسوخاً رغم تخلف المستأنف عليه عن سداد الأقساط السنوية المستحقة منذ سنة 1958 وما تلاها حتى سنة 1963 حيث نبه عليه مجلس مدينة العريش بالسداد بكتاب موصى عليه بتاريخ 25/ 1/ 1963 كما أن جميع الإجراءات التي اتخذت قبل المستأنف عليه منذ هذا التاريخ حتى يوم رفع الدعوى كانت تستند إلى البند 25 من عقد البيع الذي لا يعدو أن يكون مجرد ترديد للشرط الفاسخ الضمني دون الإشارة إلى الشرط الفاسخ الصريح الوارد في المادة الرابعة من لائحة شروط بيع ملك الميري وملحق هذه الشروط، يدل على ذلك أن مجلس مدينة القنطرة قد أرسل للمستأنف عليه كتاباً مؤرخاً 25/ 6/ 1963 ينبه عليه فيه بسداد باقي أقساط الثمن والفوائد وإلا اتخذ ضده الإجراءات طبقاً للمادة 25 من شروط البيع، كما قامت المستأنفة بإنذاره على يد محضر في 2/ 3/ 1965 ونبهت عليه بالوفاء وإلا حق لها أن تعمل المادة 25 من عقد البيع وتفسخ هذا العقد، بل إن المستأنفة قد أسست طلب الفسخ في صحيفة دعواها المعلنة للمستأنف عليه بتاريخ 20/ 5/ 1965 على البند 25 المشار إليه دون غيره" ثم خلص إلى اعتبار أن الطاعنة قد تنازلت عن التمسك بالشرط الصريح الفاسخ، وأنها أقامت دعواها بالاستناد إلى الشرط الفاسخ الضمني ورتب على ذلك تأييده لما قضى به الحكم الابتدائي من رفض الدعوى بعد أن بادر المطعون عليه بالوفاء قبل صدور الحكم، وهذا الذي أقيم عليه الحكم هو استخلاص سائغ ولا يشوبه قصور أو تناقض، ويتضمن الرد الكافي على دفاع الطاعن في هذا الخصوص، كما أن الحكم الابتدائي الذي أيده الحكم المطعون فيه قد بين الأسباب التي عول عليها في اعتبار أن البند 25 من عقد البيع هو ترديد للشرط الفاسخ الضمني.
وحيث إن الطاعنة تنعى بالسبب الثاني على الحكم المطعون فيه القصور في التسبيب والفساد في الاستدلال ومخالفة القانون والخطأ في تطبيقه، وفي بيان ذلك تقول إن الحكم أقام قضاءه على دعامتين "الأولى" أن الطاعن لم يتمسك بالشرط الصريح الفاسخ منذ سنة 1958 حتى سنة 1963 "والثانية" أن وفاء المطعون ضده يعوق الفسخ حتى وإن كان هذا الوفاء بعد رفع دعوى الفسخ والدعامة الأولى تنطوي على استخلاص غير سائغ وفساد في الاستدلال، ذلك أن تريث الطاعن في رفع الدعوى وتمسكه في إنذار المطعون عليه وفي صحيفة الدعوى بالبند 25 من شروط عقد البيع لا يمكن أن يستخلص منه تنازله عن الشرط الصريح الفاسخ ما دام عقد البيع قد تضمن الإحالة على المادة الرابعة من لائحة بيع أملاك الميري المتضمنة الشرط المذكور. والدعامة الثانية تنطوي على مخالفة المادة 334 من القانون المدني الملغي التي تحكم واقعة النزاع، والتي توجب الفسخ حتماً عند قيام الشرط الصريح الفاسخ بحيث لا يستطيع المشتري أن يتفادى الفسخ بأداء الثمن أو عرضه بعد إقامة دعوى الفسخ. وإذ اقتصر الحكم في قضائه على هاتين الدعامتين وإحداهما تقول على أسباب غير سائغة ودليل غير مقبول وثانيتهما تخالف القانون فإنه يكون قاصراً في التسبيب.
وحيث إن هذا النعي برمته مردود، ذلك أن الحكم قد استخلص بأسباب سائغة على ما سلف بيانه في الرد على السبب الأول - تنازل الطاعنة عن التمسك بالشرط الصريح الفاسخ الوارد بلائحة بيع أملاك الميري، وأن مجادلة الطاعنة في ذلك لا تعدو أن تكون جدلاً موضوعياً مما يستقل به قاضي الموضوع. وإذ كان الحكم قد استبعد الشرط الصريح الفاسخ، ولم يعد قائماً أمامه سوى الشرط الفاسخ الضمني وهو لا يسلب سلطة محكمة الموضوع في تقدير حصول الفسخ من عدمه، وكان المطعون عليه قد أوفى بالتزاماته قبل الفصل نهائياً في الدعوى، فإن النعي على الحكم بالفساد في الاستدلال ومخالفة القانون والقصور في التسبيب يكون على غير أساس.
وحيث إن الطاعنة تنعى بالشق الأول من السبب الثالث على الحكم المطعون فيه التناقض على النحو الذي أشارت إليه بالسبب الأول، وبالشق الثاني مخالفة الثابت في الأوراق ذلك أنه انتهى إلى أن نص البند 25 من شروط العقد لا يغني عن الإعذار، وهو ما يفهم منه أن الحكم المذكور كون عقيدته على أساس أن الطاعنة لم تعذر المطعون عليه، هذا في حين أن الثابت بحافظتها أنها أعذرت المطعون عليه بتاريخ 20/ 3/ 1965، كما أن الحكم قدر أن العقد لا يحتوي إلا على شرط فاسخ ضمني في حين أن الثابت بديباجته أنه يحيل إلى لائحة بيع أملاك الميري التي تضمنت المادة الرابعة منها الشرط الفاسخ الصريح.
وحيث إن هذا النعي في الشق الأول مردود بما سلف بيانه في الرد على السبب الأول؛ ومردود في الشق الثاني بأنه بالرجوع إلى الحكم الابتدائي الذي أحال الحكم المطعون فيه إلى أسبابه يبين أنه لم يغفل الإشارة إلى الإعذار الذي أرسلته الطاعنة للمطعون عليه في 20 مارس سنة 1965 ثم أردف ذلك بأن العقد قد تضمن شرطاً فاسخاً ضمنياً يجوز معه للقاضي أن يرفض طلب الفسخ إذا كان ما لم يف به المدين قليل الأهمية بالنسبة إلى الالتزام في جملته، وأن الثابت أن المطعون عليه قد قام بسداد باقي الثمن على ما تضمنته شروط الاتفاق، وأن الباقي قليل الأهمية بالنسبة لما تم الوفاء به، ولم يثبت أن ثمة أضراراً قد لحقت بالمدعي من جراء تأخر المدعى عليه في السداد خاصة وأنه قد اقتضى فوائد التأخير، ومفاد ذلك أن الحكم لم يخالف الثابت بالأوراق في خصوص الإنذار الموجه من الطاعنة إلى المطعون عليه، كما لم يخالف الثابت في الأوراق في خصوص الشرط الفاسخ الصريح المنصوص عليه بلائحة شروط بيع أملاك الميري المحال إليه بديباجة شروط عقد البيع، ذلك أن الثابت أن الطاعنة لم تتمسك بدافعها أمام محكمة أول درجة بالشرط الصريح الفاسخ المنصوص عليه بلائحة شروط بيع أملاك الميري، وإنما تمسكت به فقط في صحيفة الاستئناف وفي دفاعها أمام محكمة ثاني درجة وهو ما رد عليه الحكم على النحو المبين في الرد على السبب الأول. إذ كان ذلك فإن النعي بهذا السبب يكون على غير أساس.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق