جلسة 3 من يونيه سنة 1980
برئاسة السيد المستشار عز الدين الحسيني نائب رئيس المحكمة، وعضوية السادة المستشارين: محمد فاروق راتب، مصطفى قرطام، جلال الدين أنسي وأحمد كمال سالم.
---------------
(307)
الطعن رقم 513 لسنة 46 القضائية
(1 - 4) تأمين. مسئولية.
(1) التأمين من المسئولية. عدم اقتصاره على مسئولية المتعاقد مع المؤمن. جواز شموله مسئولية من وقع منه الحادث ولو لم يكن المتعاقد مع المؤمن مسئولاً عن عمله.
(2) التأمين الإجباري عن المسئولية الناشئة عن حوادث السيارات. المقصود به. حماية المضرور بضمان حصوله على حقه في التعويض.
(3) مسئولية شركة التأمين المؤمن لديها عن حوادث السيارات. التزامها بتغطية مسئولية أي شخص يقع منه الحادث متى ثبت خطؤه. لا غير من ذلك انتفاء مسئولية مالكها.
(4) مسئولية شركة التأمين المؤمن لديها عن حوادث السيارات. للمضرور حق مطالبتها بالتعويض بدعوى مباشرة. اختصام مالك السيارة في الدعوى أو تقرير مسئوليته بحكم سابق. ليس شرطاً لقبول الدعوى.
المحكمة
بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر، والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر أوراق الطعن - تتحصل في أن الطاعن أقام الدعوى رقم 6807 سنة 1971 مدني كلي جنوب القاهرة ضد الشركة الفنية للمقاولات والمطعون عليه الثاني وشركة الشرق للتأمين (المطعون عليها الأولى) للحكم بإلزامهم متضامنين بأن يدفعوا له مبلغ 1500 ج على سبيل التعويض، تأسيساً على أن المطعون عليه الثاني تسبب بخطئه أثناء قيادة السيارة رقم 4081 نقل القاهرة المملوكة للشركة الفنية للمقاولات في إصابة الطاعن وتلف سيارته، وصدر حكم جنائي نهائي بإدانته عن الواقعة، وأن الشركة المتحدة للتأمين التي أدمجت في شركة الشرق للتأمين هي المؤمن على السيارة وفقاً لأحكام القانون رقم 652 لسنة 1955 فتلزم بأداء التعويض بالتضامن مع المدعى عليهما الأولين. وفي 26/ 11/ 1973 قضت المحكمة باعتبار الدعوى كأن لم تكن بالنسبة للشركة الفنية للمقاولات، ثم حكمت في 21/ 4/ 1974 بإلزام المطعون عليهما (قائد السيارة وشركة التأمين) بأن يدفعا إلى الطاعن مبلغ 700 ج. استأنفت شركة الشرق للتأمين بالاستئناف رقم 2845 سنة 91 ق القاهرة، في 31/ 3/ 1976 حكمت محكمة الاستئناف بإلغاء الحكم المستأنف بالنسبة للمستأنفة وبعدم قبول الدعوى قبلها. طعن الطاعن في هذا الحكم بطريق النقض وقدمت النيابة مذكرة أبدت فيها الرأي بنقض الحكم. وعرض الطعن على المحكمة في غرفة مشورة فحددت جلسة لنظره وفيها التزمت النيابة رأيها.
وحيث إن ما ينعاه الطاعن على الحكم المطعون فيه مخالفة القانون والخطأ في تطبيقه، وفي بيان ذلك يقول إن الحكم اشترط لقبول الدعوى قبل شركة التأمين (المطعون عليها الأولى) أن يكون الطاعن قد استصدر أولاً حكماً بتقرير مسئولية مالكة السيارة التي وقع الحادث منها أو أن تكون مختصمة في الدعوى ليتسنى لها أن تدفع مسئوليتها إن كان لذلك وجه، وهو شرط لا سند له من القانون رقم 652 لسنة 1955 الذي أصدرت المطعون عليها الأولى وفق أحكامه وثيقة التأمين من المسئولية عن الحوادث التي تقع من هذه السيارة، لأن كل ما تطلبه للقانون الرجوع على شركة التأمين بالتعويض أن يكون الحادث قد وقع من سيارة مؤمن عليها لديها وأن ثبتت مسئولية مرتكبه.
وحيث إن هذا النعي سديد أن القانون المدني لم يورد تعريفاً خاصاً بعقد التأمين من المسئولية وإنما عرف التأمين بصفة عامة في المادة 747 بأنه "عقد يلتزم المؤمن بمقتضاه أن يؤدي إلى المؤمن له أو إلى المستفيد الذي اشترط التأمين لصالحه مبلغاً من المال في حاله وقوع الحادث أو تحقيق الخطر المبين بالعقد....." ويبين من هذا النص أن من صور التأمين ما لا يرتبط بمسئولية المتعاقد مع المؤمن وإنما يرتبط بوقوع حادث معين بتحققه يقوم التزام المؤمن بأداء التعويض المالي إلى المؤمن له أو إلى المستفيد، ومن ثم يجوز أن يكون التأمين من المسئولية غير مقتصر على مسئولية المتعاقد مع المؤمن وحده وإنما يجوز أن يشمل مسئولية أي شخص يقع منه الحادث المبين في العقد، ولو لم يكن المتعاقد مع المؤمن مسئولاً عن عمله، وفي هذه الحالة يلتزم المؤمن بتغطية المسئولية المترتبة على الحادث في الحدود التي وردت في العقد أو نص عليها القانون ولو انتفت مسئولية المتعاقد معه ولما كان التأمين الذي يعقده مالك السيارة إعمالاً لحكم المادة السادسة من القانون رقم 449 لسنة 1955 بشأن السيارات وقواعد المرور ليس تأميناً اختيارياً بعقده المالك يقصد تأمين نفسه من المسئولية عن حوادث سيارته الناشئة عن خطئه أو عن خطأ من يسأل عن عملهم، ولكنه تأمين إجباري فرضه المشرع بموجب تلك المادة على كل من يطلب ترخيصاً لسيارة، واستهدف به حماية المضرور وضمان حصوله على حقه في التعويض الجابر للضرر الذي وقع عليه مهما بلغت قيمة هذا التعويض، وكان المشرع استكمالاً لهذا الغرض قد أصدر القانون رقم 652 لسنة 1955 وفصل فيه أحكام هذا التأمين الإجباري وبين مداه، فاشترط في المادة الأولى من هذا القانون أن تكون وثيقة التأمين صادرة من إحدى هيئات التأمين المسجلة في مصر لمزاولة عمليات التأمين على السيارات، وبين في المادة السادسة التزم المؤمن بأنه تغطية المسئولية المدنية الناشئة عن الوفاة أو عن أية إصابة بدنية تلحق أي شخص من حوادث السيارة... ويكون التزام المؤمن بقيمة ما يحكم له قضائياً من تعويض مهما بلغت قيمته، ويؤدي المؤمن مبلغ التعويض إلى صاحب الحق فيه...... ثم حظر في المادتين 8، 12 إلغاء وثيقة التأمين أو سحبها أثناء مدة سريانها لأي سبب من الأسباب ما دام ترخيص السيارة قائماً، كما لم يجز في المادة 15 للمؤمن أن يتحلل من أداء التعويض إلى المضرور بسبب التأخير في إخطاره بالحادث، ثم حدد في المواد 12، 17، 18 الحالات التي يحق للمؤمن فيها الرجوع على مالك لسيارة أو غيره ممن تقع عليه المسئولية المدنية، وأردف ذلك بالنص في المادة 19 على أن "لا يترتب على حق الرجوع المقرر للمؤمن طبقاً لأحكام هذه المواد الثلاث أي مساس بحق المضرور قبله" وكان المستفاد من هذه النصوص ومن المحكمة التي استهدفها المشرع بإصدار القانونين المشار إليهما أن نطاق المسئولية التي يلتزم المؤمن بتغطيتها لا تقتصر على مسئولية مالك السيارة وحده أو من يسأل عن عملهم، وإنما تمتد إلى تغطية مسئولية أي شخص وقع منه حادث السيارة متى ثبت خطؤه ولو التفت مسئولية مالكها، وكان للمضرور من الحادث الذي يقع من سيارة صدرت بشأنها الوثيقة أن يرجع على شركة التأمين بدعوى مباشرة لاقتضاء التعويض عن الضرر الذي أصابه من الحادث، فإنه متى تحققت مسئولية مرتكب الحادث، لا يشترط لقبول هذه الدعوى قبل المؤمن أن يكون مالك السيارة مختصماً فيها ولا أن يستصدر المضرور أولاً حكماً بتقرير مسئولية مالكها عن الضرر. إذ كان ذلك، وكان الحكم المطعون فيه - رغم ثبوت مسئولية المطعون عليه الثاني عن إصابة الطاعن بحكم نهائي - قد استلزم لقبول دعوى الطاعن قبل المطعون عليها الأولى (شركة التأمين) للمطالبة بتعويض المضرور عن إصابته البدنية أن تكون مالكه السيارة قد اختصمت عن الدعوى أو ثبت أولاً مسئوليتها بحكم، ورتب على ذلك قضاءه بعدم قبول الدعوى برمتها قبل الشركة، فإنه يكون قد خالف القانون وأخطأ قي تطبيقه ويتعين لذلك نقضه دون حاجة لبحث باقي أسباب الطعن.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق