جلسة 27 من مايو سنة 1971
برياسة السيد المستشار/ إبراهيم عمر هندي نائب رئيس المحكمة، وعضوية السادة المستشارين: الدكتور محمد حافظ هريدي، وعثمان زكريا، والسيد عبد المنعم الصراف، ومحمد صدقي البشبيشي.
----------------
(115)
الطعن رقم 481 لسنة 36 القضائية
(أ) استئناف. "نطاق الاستئناف". حكم. "استنفاد الولاية". دفوع. بطلان.
قضاء المحكمة الاستئنافية ببطلان حكم أول درجة لصدوره على غير صفة - ممثل النقابة - وجوب المضي في نظر الدعوى قبل صاحب الصفة الحقيقي دون إعادتها للمحكمة الابتدائية لاستنفاد ولايتها فيها.
(ب) إثبات. "الإثبات بالكتابة". حكم. "عيوب التدليل. ما يعد قصوراً". صورية.
منازعة الطاعنة - النقابة - بأن الممثل السابق لها قد حرر المستند موضوع الدعوى بعد فقده صفته، وأثبت به تاريخاً صورياً. عدم بحث المحكمة لهذه المنازعة. قصور.
المحكمة
بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر الأوراق - تتحصل في أن السيد إدوارد سعد تقدم في 26/ 4/ 1963 بطلب إلى السيد قاضي الأمور الوقتية بمحكمة القاهرة الابتدائية لاستصدار أمر أداء ضد السيد/ فوزي محمود البشري بصفته رئيساً للرابطة العامة للكتابيين بالسكة الحديد بمبلغ 2928 ج و375 م والمصروفات استناداً إلى أنه يداين هذه الرابطة بمبلغ 2700 ج بموجب سند مؤرخ 6/ 6/ 1960 ومستحق السداد في 31/ 3/ 1963 مضافاً إليه مبلغ 228 ج و375 م قيمة الفوائد المستحقة حتى آخر مارس سنة 1963 بواقع 3% سنوياً وبتاريخ 17/ 4/ 1963 رفض القاضي إصدار الأمر وأحال الطلب إلى محكمة القاهرة الابتدائية لنظر الموضوع. وأعلن الطالب صورة الطلب إلى المدعى عليه بصفته المذكورة كما اختصم مظهر إبراهيم محمد بصفته الرئيس السابق للرابطة وطلب الحكم بإلزامهما بالمبلغ المذكور، وبتاريخ 10/ 4/ 1965 حكمت المحكمة بإلزام المدعى عليهما بصفتهما بأن يدفعا للمدعى عليه مبلغ 2700 ج والفوائد بواقع 3% من تاريخ الاستحقاق الحاصل في 31/ 3/ 1963 حتى السداد، وذلك من أموال ورابطة الكتابيين بالسكة الحديد والمصاريف. واستأنف فوزي البشري رئيس الرابطة هذا الحكم أمام محكمة استئناف القاهرة طالباً إلغاءه والحكم برفض الدعوى مستنداً في ذلك إلى أسباب حاصلها أن الخصومة كانت قد انقطعت أمام محكمة أول درجة لزوال صفة رئيس الرابطة، ثم عجلت ضد رئيس نقابة موظفي السكة الحديد الذي لا يمثل الرابطة، مما يعيب الحكم فيها بالبطلان لصدره على غير ذي صفة، كما أن السند الذي رفعت به الدعوى هو سند صوري حرره الرئيس السابق للرابطة بعد زوال صفته ودون موافقة مجلس الإدارة وأن من حق المستأنف إثبات هذه الصورية بكافة الطرق باعتباره من الغير، وقيد هذا الاستئناف برقم 1068 سنة 82 ق القاهرة، وبتاريخ 16/ 11/ 1966 حكمت المحكمة بقبول الاستئناف شكلاً وفي الموضوع (أولاً) ببطلان الحكم المستأنف لصدوره على غير ذي صفة. (ثانياً) بإلزام المستأنف بصفته بأن يدفع للمستأنف عليه الأول (إدوارد سعد) مبلغ 2700 ج والفوائد بواقع 3% سنويا من تاريخ الاستحقاق الحاصل في 31/ 3/ 1963 حتى السداد، وذلك من أموال رابطة الكتابيين بالسكة الحديد والمصاريف. (ثالثاً) بإخراج المستأنف عليه الثاني مظهر إبراهيم محمد والسيد محمود عطيتو من الدعوى بلا مصاريف، وطعنت الرابطة في هذا الحكم بطريق النقض للأسباب المبينة في التقرير، وعرض الطعن على هذه الدائرة حيث أصر الطاعن على طلب نقض الحكم، ولم يحضر المطعون عليهما وصممت النيابة على رأيها الوارد في مذكرتها وطلبت قبول الطعن.
وحيث إن الطاعنة تنعى في السبب الأول على الحكم المطعون فيه مخالفة القانون والإخلال بحق الدفاع، وفي بيان ذلك تقول إن الحكم قضى ببطلان الحكم الابتدائي لصدوره على غير ذي صفة، وكان ينبغي على محكم الاستئناف تبعاً لذلك أن تعيد الدعوى إلى محكمة أول درجة للسير فيها من النقطة التي توقفت عندها الإجراءات نتيجة للحكم الصادر ابتدائياً بانقطاع سير الخصومة حتى تتمكن الطاعنة من إبداء دفاعها في المرحلة الابتدائية، وإذ خالفت محكمة الاستئناف هذا النظر وتعرضت للموضوع وحكمت فيه بعد أن حكمت ببطلان الحكم الابتدائي فإنها تكون قد فوتت على الرابطة الطاعنة درجة من درجات التقاضي وأخلت بحقها في الدفاع.
وحيث إن هذا النعي مردود، ذلك أنه لما كانت محكمة أول درجة قد استنفدت ولايتها بالحكم في موضوع الدعوى، وكانت محكمة الاستئناف قد رأت أن الحكم المستأنف باطل لصدوره في مواجهة شخص لا يمثل النقابة الطاعنة بعد زوال صفة ممثلها السابق فإنه لا يصح إعادة القضية إلى المحكمة الابتدائية للفصل فيها من جديد، بل يتعين على محكمة الاستئناف أن تمضى في نظرها وأن تفصل في موضوعها في مواجهة الممثل الحقيقي للنقابة. إذ الاستئناف في هذه الحالة يطرح عليها الدعوى بما احتوته من طلبات ودفوع، لما كان ذلك وكان الحكم المطعون فيه قد التزم هذا النظر، فإنه لا يكون قد خالف القانون أو أخل بحق الطاعنة في الدفاع.
وحيث إن الحاصل السبب الرابع أن الحكم المطعون فيه باطل لعيب في إجراءاته إذ ورد في ختامه أنه نطق به في جلسة 16/ 11/ 1966 المنعقدة برئاسة الأستاذ المستشار محمد فتحي متولي وعضوية الأستاذين محمد عبد المنعم خليفة وعبد الغني محمد فهمي المستشارين ثم أثبتت بعد ذلك عبارة "أما الأستاذ عبد الغني محمد فهمي الذي سمع المرافعة وحضر المداولة فقد وقع على مسودة الحكم" وهذه العبارة تدل على أن النطق بالحكم تم بمعرفة هيئة لم يكن المستشار عبد الغني محمد فهمي من أعضائها، ويكون ما ورد بالحكم من أنه كان ضمن الهيئة التي نطقت به خطأ، كما يبعث أيضاً على الشك في حقيقة ما تم، وهل اشترك سيادته في الهيئة التي نطقت بالحكم أم حل غيره محله بيان أم أن النطق بالحكم كان من اثنين هما رئيس الدائرة وعضو اليمين فيها.
وحيث إن هذا النعي مردود، ذلك أنه بالرجوع إلى الحكم المطعون فيه يبين أنه أورد في صدره أن الهيئة التي أصدرته مكونه من المستشارين محمد فتحي متولي ومحمد عبد المنعم خليفة ومحمد عبد الغني فهمي، ثم بين في ختامة الهيئة التي تلته وهي بذات التشكيل، والحكم على هذه الصورة يكون قد بين أسماء القضاة الذين سمعوا المرافعة واشتركوا في إصداره وحضروا تلاوته. وإذ كان الطاعن لم يقدم صورة رسمية من محضر جلسة النطق بالحكم المطعون فيه الذي يعد بيانه الخاص بهيئة النطق به مكملاً للحكم ذاته، فإن النعي على الحكم بالبطلان لهذا السبب يكون عارياً عن الدليل.
وحيث إن الطاعنة تنعى بالسبب الثالث على الحكم المطعون فيه القصور في التسبيب، وفي بيان ذلك تقول إنها تمسكت في دفاعها أمام محكمة الاستئناف بأن المطعون عليه الثاني حرر السند بعد عزله من رئاسة الرابطة مما يعتبر طعناً منها بالصورية على التاريخ الوارد بالسند، واقتصر الحكم في الرد على ذلك بأن تاريخ السند سابق على عزل المطعون عليه الثاني من رئاسة الرابطة، في حين أن هذا التاريخ عرفي وغير ثابت فلا يجوز الاحتجاج به على الرابطة وإذ اعتبر الحكم المطعون فيه توقيع المطعون عليه الثاني على السند ملزماً للرابطة دون تحقيق دفاعها بصورية تاريخ هذا السند وأن تحريره والتوقيع عليه قد صدر من شخص لم تكن له صفة في تمثيلها فإنه يكون معيباً بالقصور بما يستوجب نقضه.
وحيث إن هذا النعي في محله، ذلك أن الثابت من الحكم المطعون فيه أن الطاعنة تمسكت في دفاعها أمام محكمة الاستئناف بأن السند صوري ولا يحتج به عليها لأن المطعون عليه الثاني قد حرره بعد عزله من رئاسة الرابطة. وإذ كان تاريخ السند عرفياً غير ثابت رسمياً، وقد نازعت الطاعنة في صحته استناداً إلى أن محرره قد أصدره بعد عزله من رئاسة الرابطة وفقده الصفة في تمثيلها وأنها تبعاً لذلك لا تحاج به، وكان الحكم المطعون فيه اعتد بهذا التاريخ مستندًا في ذلك إلى قوله "إن المستأنف عليه الثاني (المطعون عليه الثاني) كان رئيساً للرابطة وقت أن وقع السند محل الدعوى بهذه الصفة إذ أن السند المذكور مؤرخ في 6/ 6/ 1960 في حين قدم المستأنف (الطاعن) محضر جلسة للرابطة برئاسة المستأنف عليه الثاني تاريخه 6/ 7/ 1962" دون بحث هذه المنازعة والوقوف على حقيقتها رغم انطوائها على دفاع جوهري يحتمل معه أن يتغير وجه الرأي في الدعوى، فإنه يكون معيباً بالقصور بما يستوجب نقضه دون حاجة لبحث السبب الثاني للطعن.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق