جلسة 17 من مايو سنة 1980
برئاسة السيد المستشار/ الدكتور مصطفى كيرة نائب رئيس المحكمة، وعضوية السادة المستشارين: حسن السنباطي، أحمد ضياء عبد الرازق عيد، الدكتور جمال الدين محمود ويحيى الرفاعي.
--------------
(263)
الطعن رقم 44 لسنة 45 القضائية
عمل "سلطة رب العمل".
سلطة رب العمل في تنظيم منشأته. حقه في تضييق دائرة نشاطه أو ضغط مصروفاته. إنهاؤه عقود بعض عماله لهذا السبب. انتفاء وصف التعسف عنه. اقتصار رقابة المحكمة على التحقق من جدية المبررات.
جرى قضاء محكمة النقض على أن من سلطة رب العمل تنظيم منشأته واتخاذ ما يراه من الوسائل لإعادة تنظيمها وإن أدى به ذلك إلى تطبيق دائرة نشاطه أو ضغط مصروفاته متى رأى من ظروف العمل ما يدعو إليه بحيث إذا اقتضى هذا التنظيم إغلاق أحد فروع المنشأة أو أحد أقسامها وإنهاء عقود بعض عماله متى كان لهذا الإنهاء ما يبرره وانتفى عنه وصف التعسف وسلطته في ذلك تقديرية. لا يجوز لقاضي الدعوى أن يحل محله فيها وإنما تقتصر رقابته على التحقق من جدية المبررات التي دعت إليه وهو غير ملزم بأن يلحق العامل المفصول بعمل آخر.
المحكمة
بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر، والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر أوراق الطعن - تتحصل في أن الطاعن أقام الدعوى رقم 4839 لسنة 71 عمال كلي جنوب القاهرة بطلب الحكم بإلزام الشركة المطعون ضدها بأن تؤدي إليه مبلغ 28 ج مرتب شهر أغسطس سنة 67 ومبلغ 28 مقابل مهلة الإنذار، و28 ج مقابل الإجازة السنوية عن سنتي 1966، 1967 ومبلغ 2000 ج تعويضاً عن فضله بلا مبرر وقال بياناً لدعواه إنه التحق بالشركة المطعون ضدها للعمل في مشتريات تموين البواخر السياحية خلال عام سنة 1961، وأنه أخطر للاستغناء عنه بتاريخ 7/ 8/ 1967 بحجة إلغاء الفرع الذي كان يعمل به وإنهاء عقد تأجير باخرتين سياحيتين كانت تستغلهما الشركة، ولما كانت المطعون ضدها مازالت تباشر نشاطها ببواخر سياحية أخرى فإن فصله يصبح بلا مبرر، وبتاريخ 4/ 3/ 1970 قضت محكمة أول درجة بإحالة الدعوى إلى خبير وبعد أن قدم تقريره حكمت بإلزام الشركة المطعون ضدها بأن تؤدي إلى الطاعن مبلغ 28 ج مرتب شهر أغسطس سنة 1967 ورفضت ما عدا ذلك من الطلبات، استأنف الطاعن هذا الحكم بالاستئناف رقم 4886 سنة 89 ق، وبجلسة 23/ 11/ 1974 قضت محكمة استئناف القاهرة بتعديل الحكم المستأنف وإلزام الشركة بأن تؤدي إلى الطاعن مبلغ 65 ج و 350 م أجر شهر أغسطس سنة 1967 ومقابل مهلة الإنذار وبدل الإجازة في السنة الأخيرة وتأييد الحكم المستأنف فيما عدا ذلك، طعن الطاعن في هذا الحكم بطريق النقض وقدمت النيابة مذكرة أبدت فيها الرأي برفض الطعن وعرض الطعن على هذه المحكمة في غرفة مشورة فرأته جديراً بالنظر، وبالجلسة المحددة التزمت النيابة العامة رأيها.
وحيث إن الطعن أقيم على ثلاثة أسباب حاصل السبب الأول منها مخالفة الثابت في الأوراق ويقول الطاعن بياناً لذلك إن الحكم المطعون فيه أمام قضاءه برفض دعوى التعويض عن الفصل التعسفي تأسيساً على انكماش حجم العمل في الشركة المطعون ضدها بعد إلغاء عقد تأجير باخرتين كانت تستغلها وأن فرع النيل الذي كان يعمل به الطاعن قد أغلق في حين أن الثابت في الأوراق يدل على أن الشركة نقلت الطاعن إلى مكتبها الرئيسي بالقاهرة ليستمر في العمل وأنها تستغل بواخر أخرى وأن تقرير الخبير أثبت أن الشركة المطعون ضدها عجزت عن إثبات غلق فرع النيل.
وحيث إن هذا النعي مردود بأنه لما كان مبرر الغلق من المسائل الموضوعية التي يستقل بها قاضي الموضوع متى أقام قضاءه على استخلاص سائغ، وكان الحكم المطعون فيه قد قضى برفض الدعوى تأسيساً على ما استظهره من واقع النزاع من أن الفصل لم يكن بقصد الإساءة إلى الطاعن، فإن ما يثيره في وجه النعي لا يعدو أن يكون جدلاً في تقدير الدليل لا يقبل أمام محكمة النقض.
وحيث إن حاصل السبب الثاني الفساد في الاستدلال وبيان ذلك أن الحكم المطعون فيه دلل على انكماش حجم العمل في الشركة المطعون ضدها. بصدور قرار للجمعية العمومية بوضعها تحت التصفية في حين أن هذا القرار صدر في شهر يونيو سنة 1972 أي فصل الطاعن بعدة سنوات كما أن الشركة فوتت على الطاعن فرصة نقله إلى شركة فنادق شبرد أسوة بزملائه حين أغفلت إدراج اسمه ضمن المنقولين منها إلى الشركة سالفة الذكر.
وحيث إن هذا النعي مردود في شقه الأول، بأن الحكم المطعون فيه قد دلل على انكماش حجم العمل الشركة بما يكفي لجعل فصل الطاعن من عمله مبرراً، لما كان ذلك، وكانت الدعامة التي أقام عليها الحكم قضاءه كافية لحمله فإن تعييبه في أية دعامة أخرى - أياً كان وجه الرأي فيها - يكون غير منتج، ومردود في الشق الثاني بأن من سلطة رب العمل - على ما جرى به قضاء هذه المحكمة - تنظيم منشأته واتخاذ ما يراه من الوسائل لإعادة تنظيمها وإن أدى به ذلك إلى تضييق دائرة نشاطه أو ضغط مصروفاته متى رأى من ظروف العمل ما يدعوا إليه بحيث إذا اقتضى هذا التنظيم إغلاق أحد فروع المنشأة أو أحد أقسامها وإنهاء عقود بعض عماله كان لهذا الإنهاء ما يبرره وانتفى عنه وصف التعسف وسلطته في ذلك تقديرية لا يجوز لقاضي الدعوى أن يحل محله فيها وإنما تقتصر رقابته على التحقيق من جدية المبررات التي دعت إليه وهو غير ملزم بأن يلحق العامل المفصول بعمل آخر. وإذ كان ذلك - وكان الحكم المطعون قد دلل على نفي التعسف في فصل الطاعن بأسباب سائغة لها أصلها الثابت في الأوراق فإن ما يثيره الطاعن عن تعسف الشركة في عدم إلحاقه بالعمل في شركة أخرى - ليست خلفاً لها - لا يكون له أساس.
وحيث إن حاصل السبب الثالث هو القصور في التسبيب وبيان ذلك أن الطاعن أوضح في مذكرته المقدمة إلى المحكمة الاستئنافية أن الشركة المطعون ضدها تعسفت في فصله دون أن تعمل على نقله إلى شركة فنادق شبرد التي تلتزم باستخدامه أسوة بزملائه طبقاً لنص المادة 85 من قانون العمل ولم يعن الحكم المطعون فيه بهذا الدفاع أو يرد عليه.
وحيث إن هذا النعي مردود - بأن الثابت من الحكم المطعون فيه أن الشركة كانت تستأجر باخرتين من وزارة السياحة ثم أنهت الأخيرة تأجير الباخرتين للشركة وتسلمتهما منها - ولما كان انتهاء عقد إيجار الباخرتين لا يجعل من وزارة السياحة أو غيرها خلفاً للشركة المطعون ضدها في حكم المادة 85 من قانون العمل حتى يظل عقد عمل الطاعن قائماً بقوة القانون مع الخلف - وكان دفاع الطاعن بالتزام الشركة بنقله إلى شركة فنادق شبرد - لا يقوم على أساس قانوني صحيح فإن إغفال الحكم الرد عليه لا يعد قصوراً مبطلاً له.
وحيث إنه لما تقدم يتعين رفض الطعن.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق