الصفحات

بحث هذه المدونة الإلكترونية

السبت، 3 يونيو 2023

الطعن 1988 لسنة 32 ق جلسة 15 / 6 / 1991 إدارية عليا مكتب فني 36 ج 2 ق 145 ص 1427

جلسة 15 من يونيه سنة 1991

برئاسة السيد الأستاذ المستشار/ محمد حامد الجمل - رئيس مجلس الدولة وعضوية السادة الأساتذة/ محمود عبد المنعم موافي، إسماعيل عبد الحميد إبراهيم، د. محمود صفوت عثمان، أحمد شمس الدين خفاجي - نواب رئيس مجلس الدولة.

----------------

(145)

الطعن رقم 1988 لسنة 32 القضائية

تراخيص - ترخيص بناء - ترخيص بالتعلية - ميعاد البت في الطلب.
مفاد نصوص المواد 6، 7، 8 من القانون 106 لسنة 1976 في شأن توحيد وتنظيم أعمال البناء - المشرع أوجب على الجهة الإدارية المختصة بشئون التنظيم فحص طلب الترخيص ومرفقاته والبت فيه خلال مدة لا تزيد على ستين يوماً من تاريخ تقديمه - اعتبر المشرع انقضاء تلك المدة دون البت في الطلب أو إعلان طالب الترخيص لاستيفاء ما ترى جهة الإدارة لزوم استيفائه بمثابة موافقة على طلب الترخيص - مؤدى ذلك: أن المشرع أقام قرينة قانونية مفادها اعتبار الطلب مقبولاً إذا انقضى الميعاد المقرر من تاريخ تقديم الطلب دون أن تقوم جهة الإدارة بإبلاغ طالب الترخيص بالاعتراض عليه أو ضرورة استيفاء بيانات أو مرفقات لازمة لاستصداره - أثر ذلك: أن القرينة القانونية التي أقامها الشارع على انقضاء أجل معين من تاريخ تقديم طلب الترخيص لا يكتمل كيانها إلا إذا ثبت أن طلب الترخيص كان موافقاً لصحيح حكم القانون مستوفياً لكل ما تطلبه القانون من شرائط - تطبيق.


إجراءات الطعن

في يوم الثلاثاء الموافق السادس من مايو سنة 1986 أودع الأستاذ عادل عبد الحليم حماده المحامي عن عبد الفتاح عوض عبد الرحمن - قلم كتاب المحكمة الإدارية العليا تقرير طعن قيد بجدولها تحت رقم 1988 لسنة 32 القضائية في الحكم الصادر من محكمة القضاء الإداري (دائرة منازعات الأفراد والهيئات) جلسة السادس من مارس سنة 1986 في الدعوى رقم 4669 لسنة 36 القضائية المقامة من الطاعن ضد كل من محافظ القاهرة، ورئيس حي مصر القديمة، والخاص برفض الدعوى وإلزام المدعي المصروفات.
وطلب الطاعن - للأسباب الموضحة بتقرير الطعن - الحكم بقبول الطعن شكلاً، وفي الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه والحكم باعتبار عدم البت في طلب الترخيص رقم 87 لسنة 1981 منطقة إسكان مصر القديمة حي جنوب القاهرة خلال ستين يوماً من تاريخ تقديمه منصرفاً مع إلزام المطعون ضدهما المصروفات.
وأعلن تقرير الطعن إلى المطعون ضدهما على الوجه المبين بالأوراق.
وقدم السيد الأستاذ المستشار عادل الشربيني تقرير هيئة مفوضي الدولة في الطعن، ارتأى فيه الحكم بقبول الطعن شكلاً ورفضه موضوعاً للأسباب المبينة في التقرير.
وقد عين لنظر الطعن أمام دائرة فحص الطعون لهذه المحكمة جلسة 24 من سبتمبر سنة 1990 وتدوول نظره بالجلسات على النحو المبين بمحاضرها، وبجلسة الأول من إبريل سنة 1991 قررت الدائرة إحالة الطعن إلى هذه المحكمة التي نظرته بجلسة 11 من مايو سنة 1991، وفيها قررت المحكمة إصدار الحكم بجلسة اليوم 15 من يونيو سنة 1991. حيث صدر الحكم وأودعت مسودته المشتملة على أسبابه عند النطق به.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع المرافعة، والمداولة.
من حيث إن الطعن قد استوفى أوضاعه الشكلية ومن ثم فهو مقبول شكلاً.
ومن حيث إن عناصر هذه المنازعة - تتحصل حسبما يبين من الأوراق، في أنه في الثاني من أغسطس سنة 1982 أقام المدعي (الطاعن) الدعوى الصادر فيها الحكم المطعون فيه بطلب الحكم بوقف تنفيذ (القرار السلبي) بالامتناع عن إصدار الترخيص بالتعلية فوق العقار المشار إليه بالطلب، وفي الموضوع باعتبار عدم البت في طلب الترخيص رقم 81 لسنة 1981 منطقة إسكان مصر القديمة خلال ستين يوماً من تاريخ تقديمه منصرفاً وذلك على سند من القول بأنه تقدم في شهر نوفمبر سنة 1981 بطلب إلى حي جنوب القاهرة للترخيص له بتعلية دورين بالعقار رقم 3 شارع عيد موسى المتفرع من شارع حسن الأنور، قسم مصر القديمة بالقاهرة، وفقاً للرسومات المرفقة بالطلب وقد قيد هذا الطعن برقم 78 لسنة 1981 ومضى على تقديمه أكثر من سبعة أشهر دون أن يبت فيه وأشار المدعي إلى أنه وفقاً للقانون، فإن فوات مدة ستين يوماً من تاريخ تقديم الطلب بالترخيص دون البت فيه يعتبر بمثابة موافقة على الترخيص، وخلص إلى طلب الحكم له بالطلبات سالفة البيان.
ورداً على الدعوى أودعت جهة الإدارة حافظة مستندات حوت كتاب حي مصر القديمة والمعادي بالرد على الدعوى والذي يتضمن أن المدعي تقدم في 29/ 11/ 1981 بطلب استخراج رخصة تعلية بالعقار المذكور وأنه بدراسة الطلب اتضح أنه يحتاج إلى وثيقة تأمين عن الترخيص المطلوب وقد أرسل طلب الترخيص إلى إدارة التحسين ونزع الملكية بالمحافظة للدراسة من ناحية مقابل التحسين في 2/ 1/ 1982 وقد وردت موافقة إدارة التحسين في 9/ 1/ 1982، وفي 7/ 2/ 1982 أرسل الطلب إلى إدارة التخطيط العمراني بالمحافظة للدراسة من الناحية التخطيطية، وفي 25/ 3/ 1982 جاءت موافقة هذه الإدارة، وفي 3/ 5/ 1982 أرسل خطاب إلى صاحب الشأن لإحضار وثيقة تأمين عن الترخيص المطلوب بواقع 2% من قيمة الترخيص المطلوب إلا أن المدعي قد نكل عن تقديم الوثيقة المطلوبة.
وقد رد المدعي على ما تقدم بأن أودع صورة الإخطار المرسل من شركة الشرق للتأمين إلى رئيس حي مصر القديمة والمعادي الذي يفيد أنه لا يجوز التأمين على أية أعمال بناء تقل عن عشرة آلاف جنيه وأن قيمة التعليات المطلوبة لا تجاوز 8800 جنيهاً.
وبجلسة 14 من مارس سنة 1983 قضت محكمة القضاء الإداري برفض طلب وقف تنفيذ القرار المطعون فيه وألزمت المدعي المصروفات.
ثم بجلسة السادس من مارس سنة 1986 أصدرت المحكمة المذكورة حكمها برفض الدعوى وهو الحكم المطعون فيه.
وقد أقامت المحكمة قضاءها على أنه طالما أن المدعي لم يرفق بطلبه وثيقة تأمين، وإن جهة الإدارة قد أخطرته لاستيفاء هذا المستند، وأنه قد نكل عن تقديم الوثيقة ومن ثم فقد بات طلبه غير صالح للبت فيه، ومن ثم يكون امتناع جهة الإدارة عن إصدار الترخيص المطلوب صحيحاً ومطابقاً للقانون، وبالتالي يكون الطعن عليه على غير سند من القانون.
ومن حيث إن مبنى الطعن أن الحكم المطعون فيه قد صدر معيباً إذ أغفل دفاعاً جوهرياً للطاعن جاء به أنه كان قد تقدم بطلب الترخيص بالتعلية في 29/ 11/ 1981 مرفقاً به المستندات والرسومات، ولم يفحص هذا الطلب ولم يطلب منه بخطاب موصى عليه خلال ثلاثين يوماً من تاريخ تقديم الطلب استيفاء بعض البيانات أو المستندات أو المواصفات أو إدخال تعديلات في الرسومات وأما بشأن إخطار الجهة الإدارية للطاعن باستيفاء وثيقة التأمين فقد ردت شركة الشرق للتأمين على هذا الإخطار بأن قيمة مباني التعلية لدورين 8800 جنيهاً أي أقل من عشرة آلاف جنيه ومن ثم فهي معفاة من وثيقة التأمين، وعلى ذلك فقد أخطأ الحكم المطعون فيه إذ لم يطبق بشأن النزاع الماثل نص المادة السادسة من القانون رقم 106 لسنة 1976 لأن المركز القانوني للطاعن بأحقيته في الحصول على ترخيص قد اكتمل قبل الفحص بأحكام القانون رقم 2 لسنة 1982 الذي استلزم تقديم وثيقة تأمين ومن ثم خلص الطاعن إلى طلب الحكم له بالطلبات السالف بيانها.
ومن حيث إن واقعات النزاع الصادر فيه الحكم المطعون فيه تفيد أن المدعي (الطاعن) قد تقدم بطلب الترخيص له بتعلية دورين فوق العقار المملوك له في 29/ 11/ 1981، وأن جهة الإدارة ظلت تستوفي التحقق من توافر مختلف عناصر سلامة إجراء الترخيص من الجهات المختلفة ذات الصلة بالموضوع حتى استكمل الحصول على موافقتها ثم استبان أن الأوراق المقدمة من المدعي تنقص وثيقة التأمين اللازمة لاستكمال موافقاتها طلب الترخيص فطلب إلى المدعي استكمال هذا البيان في 3/ 5/ 1982.
وقد أخذ الطاعن على جهة الإدارة أنها تقاعست عن منحه الترخيص المطلوب عن الأجل المقرر لذلك قانوناً حتى صدر القانون رقم 2 لسنة 1982 متضمناً تعديلاً بنص المادة (8) من القانون رقم 106 لسنة 1976 في شأن توجيه وتنظيم أعمال البناء منطوياً على إلزام طالب ترخيص التعلية بتقديم وثيقة تأمين، فطلبت منه جهة الإدارة تقديمها.
ومن حيث إن القانون رقم 106 لسنة 1976 في شأن توجيه وتنظيم أعمال البناء ينص في المادة (6) على أن "تتولى الجهة الإدارية المختصة بشئون التنظيم فحص طلب الترخيص ومرفقاته والبت فيه خلال مدة لا تزيد على ستين يوماً من تاريخ تقديمه.. وإذا ثبت للجهة المذكورة أن الأعمال المطلوب الترخيص فيها مطابقة لأحكام هذا القانون ولائحته والقرارات المنفذة له قامت بإصدار الترخيص...... أما إذا رأت تلك الجهة وجوب استيفاء بعض البيانات أو المستندات أو الموافقات أو إدخال تعديلات أو تصحيحات في الرسومات، أعلن الطالب بذلك بكتاب موصى عليه خلال ثلاثين يوماً من تاريخ تقديم الطلب، ويتم البت في هذه الحالة في طلبه الترخيص خلال ثلاثين يوماً من تاريخ استيفاء البيانات أو المستندات أو الموافقات المطلوبة أو تقديم الرسومات المعدلة.
وينص القانون المذكور في المادة (7) على أن "يعتبر بمثابة موافقة على طلب الترخيص انقضاء المدد المحددة للبت فيه، دون صدور قرار مسبب من الجهة الإدارية المختصة بشئون التنظيم برفضه أو طلب استيفاء بعض البيانات أو المستندات أو الموافقات اللازمة أو إدخال تعديلات أو تصميمات على الرسومات، ويلتزم طالب الترخيص في هذه الحالة بمراعاة جميع الأوضاع والشروط والضمانات المنصوص عليها في هذا القانون ولائحته التنفيذية والقرارات الصادرة تنفيذاً له...." وكان هذا القانون ينص في المادة (8) قبل تعديلها على أنه لا يجوز صرف ترخيص البناء أو البدء في التنفيذ بالنسبة إلى الأعمال التي تصل قيمتها عشرة آلاف جنيه فأكثر إلا بعد أن يقدم طالب الترخيص وثيقة تأمين.
ومن حيث إن مقتضى هذه النصوص أن المشرع قد أوجب على الجهة الإدارية المختصة بشئون التنظيم فحص طلب الترخيص ومرفقاته والبت فيه خلال مدة لا تزيد على ستين يوماً من تاريخ تقديمه، وقد اعتبر المشرع انقضاء تلك المدة دون البت في الطلب أو إعلان طالب الترخيص لاستيفاء ما ترى جهة الإدارة لزوم استيفائه بمثابة موافقة على طلب الترخيص.
ومن حيث إن مؤدى ذلك أن المشرع قد قدر أن مدة ستين يوماً هي مدة كافية لتقوم جهة الإدارة بفحص الطلب ودراسته وعرضه على جهات الاختصاص ذات الارتباط بالموضوع والتي يتعين الرجوع إليها في شأن إصدار الترخيص، بحيث يكون على جهة الإدارة أن توافق على الطلب خلال هذه المدة أو ترفضه رفضاً مسبباً، فإذا بدا لها أن تطلب ممن يقدم الطلب بعض الاستيفاءات كان لها أن تطلبها خلال الأجل الذي حدده القانون وهو ثلاثون يوماً من تاريخ تقديم الطلب وأن تطلبها بالأسلوب الذي حدده القانون كذلك وهو إرسالها بكتاب موصى عليه حتى يكون هناك وسيلة لإثبات اتخاذ الإجراء وإثبات تاريخ اتخاذه تكون الفيصل عند الحكم بين الطرفين أمام القضاء.
ومن حيث إن المشرع قد وضع هذه الضوابط في صورة مواعيد وإجراءات محددة حتى لا يترك طالبي الترخيص مصالحهم المشروعة تحت رحمة الإدارة، ولذلك فقد أقام قرينة قانونية مفادها اعتبار الطلب مقبولاً إذا انقضى الميعاد المقرر من تاريخ تقديم الطلب دون أن تقوم جهة الإدارة بإبلاغ طالب الترخيص بالاعتراض عليه أو ضرورة استيفاء بيانات أو مرفقات لازمة لاستصداره - ذلك أن استيفاء الطلب من جانب الجهات ذات الاتصال أو إجراء المزيد من البحث، يجب أن يتمخض خلال الأجل المقرر عن رفض صريح مسبب أو طلب استيفاء صريح وفقاً للإجراء المقرر وفي الميعاد المحدد، إذ أنه بغير ذلك الالتزام الدقيق بما حدده المشرع من مواعيد وإجراءات يمكن أن تظل الأوراق حبيسة الإدراج أو متداولة بيروقراطياً بين المكاتب بحجة البحث والاستقصاء وهي لسبب أو لآخر مؤدية إلى تعطيل مصالح المواطنين أصحاب هذه الطلبات وبالتالي تتأزم مشكلة الإسكان التي يعاني منها الغالبية العظمى من أبناء مصر الآن ولا يفوت المحكمة أن تبين أن المصلحة العامة هي التي تمثل بذاتها وفي مجموعها بالنسبة لمكانة المواطنين في الدولة المصلحة العامة في معناها الواقعي في زمن بذاته ذلك أن الغاية العامة من المجتمع الإنساني للأفراد منذ حضارات فجر التاريخ وأقدمها حضارة مصر القديمة العريقة هو الحفاظ على الصوالح الفردية الحقيقية للأغلبية العظمى من المواطنين والتي تتمثل في توفير الأمن والعدالة والسلامة والاستقرار والإشباع المستمر المنتظم لحاجاتهم الأساسية على سبيل التضامن والتعاون فيما بينهم، وما زالت هذه الغاية العامة من المجتمع البشرى في صورة الدولة الحديثة وفقاً لما هو في الإعلانات المختلفة لحقوق الإنسان وهذا هو ذاته ما تنص عليه صراحة أحكام الدستور المصري الصادر سنة 1971 فيما تضمنه من نصوص عن الدولة أو المقومات الأساسية للمجتمع (الباب الأول والباب الثاني) سواء الاجتماعية والخلقية أو الاقتصادية أو ما عني بأفراده بنصوص خاصة كالحريات والحقوق والواجبات العامة (والباب الثالث) وما انطوى عليه الباب الرابع من سيادة القانون وتنظيمها كأساس الحكم في الدولة في المواد (64 - 72) ومن ثم فإن المصلحة العامة التي يتعين أن تكون غاية كل تشريع وكل إجراء إداري ليست مجرد غايات مثالية وغير واقعية أو معنى مجرداً تصوراً شخصياً وذاتياً سواء لمواطن بذاته أو لموظف عمومي يباشر السلطة العامة خدمة للشعب أياً كان موقعه أو مستواه الإداري وإنما هي في حقيقتها أمر موضوعي عام وإن انبثق من صوالح المواطنين الأفراد ولكن تحديدها بمجموع واقع الصوالح الفردية المشروعة في مجموعها في وقت معين ومجموع هذه الصوالح المشروعة على امتداد الزمان.
ومن حيث إن مفاد ذلك أنه لا يجوز الادعاء من جانب جهة الإدارة بأنها تستهدف تحقيق الصالح العام حينما تهدر الصوالح الفردية المشروعة التي استهدف حمايتها المقاصد العامة للتشريع الوضعي بل جعلها الدستور ضمن غاياته العامة وبصفة خاصة عندما تهمل أو تهدر احترام أحكام التصرف الصريحة الإجرائية والموضوعية التي قصد بها المشرع عدم تعليق مصالح المواطنين في حالات الترخيص الإداري المسبق لفترات طويلة من الزمان دون مبرر.
ومن حيث إن مقتضى ما تقدم أنه طالما لم يقف في وجه القرينة القانونية التي وضعها الشارع لصالح الأفراد - ليتسنى لهم مباشرة حقهم الطبيعي والمشروع في الإسهام في إشباع حاجات المواطنين ما يحول دون قيامها - مستوفية شرائطها، مستكملة مقوماتها وإذا ما انتفى في ذات الوقت كل شك في قيام غش أو تدليس من جانب طالب الترخيص، لأن الغش كما هو مقرر يفسد كل شيء فإنه ينبغي إعمال هذه القرينة واحترامها وتنفيذ أثرها ومقتضاها من جانب جهة الإدارة فإن هي نكلت رغم ذلك عن أداء واجبها في احترام المشروعية وحقوق الأفراد وحريتهم الطبيعية في الإسهام بنشاطهم في توفير حاجاتهم الأساسية وحاجات مواطنيهم وجب القضاء بإلزامها بإعمال مقتضاها.
ومن حيث إن القرينة القانونية التي أقامها الشارع على انقضاء أجل معين من تاريخ تقديم طلب الترخيص لا يكتمل كيانها إلا إذا ما ثبت أن طلب الترخيص كان موافقاً لصحيح حكم القانون، مستوفياً لكل ما تطلبه القانون من شرائط.
ومن حيث إن البين من وقائع النزاع الماثل أن الطاعن قد تقدم بطلبه في 29/ 11/ 1981 وأن جهة الإدارة لم ترد على هذا الطلب إلا في 3/ 5/ 1982 وبعد أن انقضى على تقديم الطلب أكثر من ستين يوماً قبل أن ترد عليه جهة الإدارة بطلب تقديم وثيقة تأمين، ومن حيث إن مقطع النزاع الماثل ما إذا كان الطاعن قد تقدم بطلب خال من وثيقة التأمين حيث كان يتعين أن ترفق به طبقاً للقانون ولوائحه التنفيذية وعندئذ لا تقوم القرينة القانونية سالفة الذكر لعدم استكمال مقوماتها بعدم استيفاء الطلب لمرفقات الطلب اللازمة قانوناً، أم أن تقديم وثيقة التأمين لا سند لطلبها واشتراط إرفاقها بطلبه قانوناً، ومن ثم تقوم القرينة القانونية باعتباره مرخصاً له في المبني المطلوب إقامته مستكملة عناصرها ومقوماتها في حقه.
ومن حيث إن المادة (8) من القانون رقم 106 لسنة 1976 قبل تعديلها كانت تنص على أنه "لا يجوز صرف ترخيص البناء أو البدء في التنفيذ بالنسبة إلى الأعمال التي تصل قيمتها عشرة آلاف جنيه فأكثر إلا بعد أن يقدم طالب الترخيص وثيقة تأمين".
ومن حيث إن نص المادة (8) المشار إليها بموجب القانون رقم (2) لسنة 1982 بحيث أصبحت تجرى عباراته بأنه "لا يجوز صرف ترخيص البناء أو البدء في التنفيذ بالنسبة إلى الأعمال التي تصل قيمتها ثلاثين ألف جنيه، والتعليات بها بلغت قيمتها، إلا بعد أن يقدم طالب الترخيص وثيقة تأمين.
ومن حيث إن الثابت بالأوراق أن شركة الشرق للتأمين قد أخطرت رئيس حي مصر القديمة والمعادي في 14/ 3/ 1983 بخصوص الطلب المقدم من الطاعن بأنه لا يجوز التأمين بالنسبة للأعمال التي تقل عن عشرة آلاف جنيه استناداً إلى النص المشار إليه.
ومن حيث إن المادة الرابعة من القانون رقم (2) لسنة 1982 قد نصت على أن "ينشر القانون في الجريدة الرسمية ويعمل به من اليوم التالي لتاريخ نشره......" وقد نشر في الجريدة الرسمية بالعدد رقم (8) في 25/ 2/ 1982 أي بعد مضي أكثر من ستين يوماً على تاريخ تقديم الطاعن طلب الترخيص مستكملاً مقوماته واشتراطاته وعناصره على نحو لم تدحضه جهة الإدارة أو تنكره، فقد استكملت القرينة القانونية مقومات قيامها قبل العمل بالقانون الجديد الذي تطلب في التعليات مهما بلغت قيمتها تقديم وثيقة تأمين، ومن ثم فقد بات هناك التزام على جهة الإدارة تنفيذاً لأحكام القانون بمنح الطاعن وثيقة تثبت اعتبار التعلية مرخصاً بها قانوناً قبل العمل بالقانون الجديد حيث صدر القانون الجديد بعد أن تقرر هذا الحق للطاعن باستكماله مقوماته وشرائطه، ومن ثم فلا يغير صدور القانون الجديد من المركز القانوني الذي تقرر للطاعن بالفعل قبل صدوره إلا بنص صريح يقرر الأثر الرجعي الذي يشمل حالته وهو ما لم يحدث في القانون المذكور.
ومن حيث إن مقتضى تقاعس جهة الإدارة عن إعطاء الطالب ما يفيد التعلية التي طلبها للمبنى في حكم الترخيص بها قانوناً على أساس القرينة التي حددها على النحو سالف الذكر يعد قراراً إدارياً سلبياً غير مشروع وواجب الإلغاء.
ومن حيث إن الحكم المطعون فيه قد ذهب خلاف هذا المذهب، فإنه يكون قد صدر معيباً متعين الإلغاء.
ومن حيث إن من يخسر الدعوى يلزم بمصروفاتها عملاً بحكم المادة 184 مرافعات.

فلهذه الأسباب

حكمت المحكمة بقبول الطعن شكلاً، وفي الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه، وبإلغاء القرار السلبي بالامتناع عن منح الطاعن وثيقة تثبت اعتبار التعلية مرخصاً بها قانوناً على النحو المبين بالأسباب وألزمت المطعون ضدهما بالمصروفات.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق