جلسة 28 من مايو سنة 1980
برئاسة السيد المستشار/ أحمد سيف الدين سابق نائب رئيس المحكمة، وعضوية السادة المستشارين: محمد محمود الباجوري، وإبراهيم محمد هاشم، محمد طه سنجر وصبحي رزق داود.
--------------
(294)
الطعن رقم 1468 لسنة 49 القضائية
(1، 2) إيجار. "التأجير المفروش".
(1) المستأجر المصري لعين مفروشة مدة خمس أو عشر سنوات. حقه في استئجارها خالية بالأجرة القانونية. الأمر العسكري 4 لسنة 1976. اقتصار أحكامه على الأماكن المؤجرة للسكنى دون تلك المؤجرة للأغراض التجارية والحرفية. علة ذلك.
(2) المستأجر المصري لعين مفروشة مدة خمس أو عشر سنوات. حقه في استئجارها بالشروط المنصوص عليها في عقد الإيجار. م 46 ق 49 لسنة 1977. عدم انطباق حكمها على الأماكن المؤجرة لغير السكنى. علة ذلك.
المحكمة
بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر، والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وباقي أوراق الطعن - تتحصل في أن الطاعن اختصم المطعون ضدها الأولى وبنك ناصر الذي كان العقار تحت يده ثم سلمه إلى سلمه إلى المطعون ضدهم السبعة الآخرين - في الدعوى رقم 5 لسنة 1977 مدني كلي جنوب القاهرة طالباً الحكم قبل البنك وفي مواجهة الأولى بتحرير عقد إيجار له عن الشقة المبينة بالصحيفة بالأجرة القانونية اعتباراً من 5/ 10/ 1976، كما اختصمته المطعون ضدها الأولى في الدعوى رقم 2256/ 77 مدني كلي جنوب القاهرة طالبة الحكم بفسخ عقد الإيجار الصادر منها إلى الطاعن بتاريخ 21/ 9/ 1963 لانتهاء مدته وإخلاء الشقة وتسليمها إليها بالتليفون والمنقولات والأثاث المبين بالقائمة المرفقة بالعقد، وقال الطاعن بياناً لدعواه أنه بمقتضى العقد المؤرخ 21/ 9/ 1963 استأجر من الحارس على تركة المرحوم...... المستأجر الأصلي الشقة آنفة الذكر بأجرة شهرية مقدارها 15 ج و500 م بقصد السكن لمدة 6 شهور تمتد إلى مدد مماثلة عن عدم التنبيه بإنهاء الإيجار، وإذ مضى على الإيجار عند صدور الأمر العسكري رقم 4 لسنة 76 في 27/ 9/ 1976 أكثر من عشر سنوات فقد أعلن رغبته للمطعون عليها الأولى - وفقاً له - بتاريخ 4/ 10/ 1976 لجعل الإيجار وارداً على عين خالية واعتبار علاقته عنها مباشرة مع المؤجر الأصلي الذي يلتزم بتحرير عقد إيجار له بالأجرة القانونية للعين خالية، وبصحيفة معلنة في 30/ 4/ 1977 أدخل الطاعن المطعون ضدهم السبعة الأخيرين خصوماً في الدعوى بدلاً من بنك ناصر الاجتماعي لتسليمه العقار إليهم بصفتهم مالكين له، وإذ صدر القانون رقم 49 لسنة 1977 المعمول به في 9/ 9/ 1977 ونص في المادة 46 منه على الامتداد القانوني للإيجار مفروشاً من المستأجر الأصلي إذا كان قد مضى على الإيجار مدة عشر سنوات في تاريخ العمل به، فقد تقدم بجلسة 25/ 10/ 1977 في مواجهة الخصوم بطلب احتياطي - بالإضافة إلى الطلب الأصلي هو الحكم بامتداد عقد الإيجار امتداداً قانونياً وفقاً للمادة 46 من القانون رقم 49 لسنة 1977 وقالت المطعون ضدها الأولى في بيان دعواها رقم 2256/ 77 مدني كلي جنوب القاهرة، أنها أنذرت الطاعن على يد محضر في 5/ 1/ 1977 بعدم رغبتها في تجديد العقد واعتباره منتهياً بانتهاء مدته في 20/ 3/ 1977 وإذ لم يمتثل الطاعن لذلك فقد أقامت دعواها، وقررت المحكمة ضم دعواها إلى الدعوى رقم 5 سنة 1977 وفي 19/ 11/ 1977 حكمت المحكمة (أولاً) في الدعوى رقم 5 سنة 1977 برفضها. (وثانياً) في الدعوى رقم 2256/ 1977 مدني كلي جنوب القاهرة - بإخلاء الطاعن من العين المؤجرة المبينة بصحيفة الدعوى وعقد الإيجار المؤرخ 21/ 9/ 1963 وتسليمها مع المنقولات المبينة بالكشف المرفق بالعقد للمطعون ضدها الأولي بصفتها، استأنف الطاعن هذا الحكم بالاستئناف رقم 167 لسنة 95 ق القاهرة وبتاريخ 30/ 4/ 1979 حكمت المحكمة برفضه وتأييد الحكم المستأنف، طعن الطاعن على هذا الحكم بطريق النقض وقدمت النيابة مذكرة رأت فيها رفض الطعن، وبعرضه على المحكمة في غرفة مشورة حددت جلسة لنظره جلسة وفيها التزمت النيابة رأيها.
وحيث إن الطعن أقيم على سببين، ينعى الطاعن بالسبب الأول منهما على الحكم المطعون فيه مخالفة القانون والخطأ في تطبيقه بقضائه برفض الطلب الأصلي في الدعوى وفي بيان ذلك يقول، إن المادة الثالثة من الأمر العسكري رقم 4 لسنة 1976 تنص في فقرتها الثانية على أنه يجب على الملاك والمستأجرين المؤجرين لأماكن مفروشة في تاريخ العمل به في 23/ 9/ 1976 أن يعدلوا أوضاعهم وفق أحكامه ومن بينها أنه يحق للمستأجر المصري لعين مفروشة من الباطن - ومضى على استئجاره لها مدة عشر سنوات متصلة سابقة على تاريخ العمل بهذا الأمر - أن يستأجر العين بالأجرة القانونية إذا أخطر المستأجر الأصلي برغبته في ذلك خلال ثلاثة أشهر من تاريخ العمل به، وعملاً بهذا فقد أخطر المطعون عليها الأولى بتاريخ 4/ 10/ 1976 باستعداده فوراً لتسلم المنقولات الموجودة بالعين المؤجرة بحالتها التي استلمها بها مع الالتزام بدفع التعويض - عن أي تلف يكون قد لحق المنقولات، وكذلك التعويض عن التحسينات والإضافات التي يكون المستأجر الأصلي قد أدخلها على العين، ثم أنذرها في 28/ 12/ 1976 لتستلم المنقولات المبينة بالكشف الملحق بعقد الإيجار، فلما لم تستجب أقام دعواه بطلب أصلي هو أعمال البند "ب" من المادة الثالثة من الأمر العسكري رقم 4 لسنة 76 في حقه باعتباره مستأجراً للعين خالية منذ إبداء رغبته في ذلك. وإذ رفض الحكم المطعون فيه هذا الطلب واستجاب لطلب المطعون ضدها في دعواها بإخلائه من العين مستنداً في ذلك إلى صدور الأمر العسكري رقم 5 لسنة 1976 والذي نص على وقف العمل بأحكام الأمر العسكري رقم 4 لسنة 1976 فيما يتعلق بالتزام المؤجر بتسليم الشقة المؤجرة منه مفروشة إلى المستأجر لها خالية، حالة أن الأمر العسكري رقم 5 لسنة 1976 اقتصر على النص على وقف العمل بالمواعيد المنصوص عليها فيه مما يتعين معه عدم الانحراف عن ذلك وتعطيل الأحكام الموضوعية أو إلغائها ومع ذلك فإنه بفرض إلغاء الأمر رقم 5 لسنة 76 هذه الأحكام فإن الطاعن قد أبدى رغبته طبقاً للأمر رقم 4 لسنة 76 قبل صدور الأمر الثاني فيظل خاضعاً في دعواه لأحكامه.
وحيث إن هذا النعي غير منتج، ذلك أنه لما كان الأمر العسكري رقم 4 لسنة 1976 المعمول به في 23/ 9/ 1976 في شأن التدابير الخاصة بتأجير الأماكن، وقد نص في مادته الثالثة على أنه "مع عدم الإخلال بأحكام المادتين 1 و2 منه يجب على الملاك والمستأجرين لأماكن مفروشة في تاريخ العمل بهذا الأمر أن يعدلوا أوضاعهم وفقاً للأحكام السابقة خلال ثلاثة أشهر على الأكثر من تاريخ العمل به، وذلك على الوجه الآتي "1" يحق للمستأجر المصري الذي يسكن في عين مفروشة استأجرها من مالكها لمدة خمس سنوات متصلة سابقة على تاريخ العمل بهذا الأمر أن يستأجرها خالية بالأجرة القانونية ورد المفروشات إلى المؤجر مع تعويضه من التحسينات والزيادات التي يكون قد أدخلها على العين، "ب" يشترط لاستفادة المستأجر المصري لعين من الباطن مفروشة من أحكام البند السابق أن يكون قد مضى على استئجاره لها عشر سنوات متصلة سابقة على تاريخ العمل بهذا الأمر". وورد بالمذكرة الإيضاحية لهذا الأمر أنه "قد أوجبت المادة 3 من المشروع على الملاك والمستأجرين المؤجرين لأماكن مفروشة في تاريخ العمل بهذا الأمر أن يعدلوا أوضاعهم وفقاً لأحكامه خلال المدة التي حددتها لذلك وهي ثلاثة أشهر..." وورد بها كذلك "تلك هي أهم الحلول التي تضمنها المشروع المرفق في محاولة عاجلة لوضع حد لمشاكل الإسكان التي تفاقمت والتي يعاني منها المواطنون حالياً، على أنه من المقرر أن هذه الحلول العاجلة سوف تعقبها وتكلمها خطة تعيد فيها الحكومة النظر في القوانين المنظمة للعلاقة بين المالك والمستأجر وتعنى الحكومة حالياً بوضع مشروع القانون المتكامل في هذا الشأن على أسس من العدالة بالنسبة للجميع ملاكاً ومستأجرين... ويبين من تعبير نص المادة في فقرتها الأولى باللفظ "يسكن" أن المشرع عمد إلى قصر أحكامه على الأماكن المفروشة المؤجرة للسكنى، دون تلك المؤجرة للأغراض التجارية والحرفية، وأن هذا الحكم يسري كذلك على الفقرة الثانية من النص، وذلك لما يبين من سياق الفقرتين وفحواهما وارتباطهما، ويؤكد هذا النظر ما أورده المشرع في المذكرة الإيضاحية للأمر من أن القصد منه معالجة مشاكل الإسكان، أي الأماكن المؤجرة للسكنى، وإذ كان ذلك. وكان الثابت أن الطاعن يقر بأنه استأجر عين النزاع مفروشة ويستعملها مصنعاً للملابس منذ تأجيرها، فإنها بذلك تخرج عن نطاق أحكام الأمر المشار إليه، ويكون الحكم وقد انتهى إلى النتيجة الصحيحة قانوناً، فإن تعيبه فيما استند إليه من تقريرات قانونية لقضائه أياً كان وجه الرأي فيها يكون غير منتج.
وحيث إن الطاعن ينعى بالوجه الثالث من السبب الثاني على الحكم المطعون فيه الخطأ في تطبيق القانون، إذ رفض طلبه الاحتياطي، تأسيساً على أن المادة 46/ 2 من القانون رقم 49 لسنة 1977 لا تنطبق إلا على الأماكن المؤجرة للسكنى وأن العبرة بالاستعمال الفعلي، حالة أن عبارة الفقرة الثانية من المادة المذكورة جاءت خالية من لفظ "يسكن" الوارد في الفقرة الأولى التي استند الحكم إليها، وإنما ورد بها تعبير "المستأجر من الباطن" وأن فارق المدة في الفقرة الثانية جاء دالاً على قصد تطبيق حكم المادة على الأماكن المؤجرة للسكنى أو غيرها، كما أن لفظ - "يسكن" - لا يعدو أن يكون تعبيراً عن شغل العين، كما أن عموم عبارات المذكرة الإيضاحية للقانون يدل على أن النص يشمل جميع حالات التأجير مفروشاً بغض النظر عن نوع الاستعمال وأنه إذا أخذ بتفسير الحكم في ذلك، فإن عقد الإيجار ورد به أن الإيجار بقصد السكن مفروشاً، ولا ينال من ذلك استعمال الطاعن لها كمصنع للملابس، كما أن في قضاء الحكم باعتبار الإيجار لغير السكنى فيه إهدار الحجية الحكم الصادر في الدعوى 1396/ 76 مدني كلي جنوب القاهرة واستئنافها 3151/ 92 ق القاهرة الذي أكد أن الاستعمال المقصود من الإيجار هو السكنى.
وحيث إن هذا النعي مردود، ذلك أنه لما كانت المادة 46 من القانون رقم 49 لسنة 1977 تنص في فقرتها الأولى على أنه "يحق للمستأجر الذي يسكن في عين استأجرها مفروشة من مالكها لمدة خمس سنوات متصلة سابقة على تاريخ العمل بهذا القانون البقاء في العين ولو انتهت المدة المتفق عليها وذلك بالشروط المنصوص عليها في العقد" ثم جاءت الفقرة الثانية معطوفة عليها، فنصت على "فإذا كانت العين قد أجرت مفروشة من مستأجرها الأصلي، فإنه يشترط لاستفادة المستأجرين من الباطن من حكم الفقرة السابقة أن يكون قد أمضى في العين مدة عشر سنوات متصلة سابقة على تاريخ العمل بهذا القانون، مما يدل على أن المشرع ألحق هذه الفقرة بحكم الفقرة الأولى، وإذ استعمل لفظ "يسكن" في الفقرة الأولى قاصداً أن يكون الإيجار مفروشاً بقصد السكنى، فإن هذا ينطبق على الفقرة الثانية التي عطفت عليها مما يقتضي وحدة الحكم في الفقرتين، ومن ثم فإن حكم المادة 46 من القانون رقم 49 لسنة 1977 لا تنطبق على الأماكن المؤجرة لغير أغراض السكنى، لما كان ذلك. وكانت العبرة بالغرض الحقيقي للإيجار الذي انصرفت إليه إرادة العاقدين، وكان الثابت من مدونات الحكم المطعون فيه أن إرادتهما انصرفت إلى إيجار عين النزاع لاستعمالها مصنعاً للملابس فإن النعي على الحكم المطعون فيه بهذا الوجه من الطعن يكون غير سليم.
وحيث إن الطاعن ينعى بالوجهين الثاني والثالث من السبب الثاني على الحكم المطعون فيه مخالفة القانون فيما ذهب إليه من اعتبار الطلب الاحتياطي مقاماً منه قبل العمل بالقانون رقم 49 لسنة 1977 رغم أنه أبدى في صورة طلب عارض بعد سريان القانون، ولا يعتبر مرفوعاً إلا من تاريخ إبدائه وليس كما اعتبره الحكم مرفوعاً مع الطلب الأصلي في الدعوى، وكذلك فيما ذهب إليه الحكم من خضوع الدعاوى للقواعد الموضوعية السارية وقت رفعها في حين أن المادة 85 من القانون لا تنطبق في هذا الخصوص.
وحيث إن هذا النعي لو صح فإنه لا يؤثر في النتيجة التي انتهى إليها الحكم المطعون فيه لقيامه صحيحاً على دعامة كافية لحمله، وهو عدم استفادة الطاعن من الأمر العسكري رقم 4 لسنة 1976 والقانون رقم 49 لسنة 1977، فيكون النعي على الحكم بهذين الوجهين من الطعن غير منتج ويكون النعي على الحكم بهذا السبب غير قائم على أساس سليم.
وحيث إنه لما تقدم يكون الطعن على غير أساس ويتعين رفضه.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق