جلسة 28 من مايو سنة 1980
برياسة السيد المستشار/ مصطفى كمال سليم نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين/ سليم عبد الله سليم، أمين طه أبو العلا، محمد زغلول عبد الحميد ود. منصور وجيه.
---------------
(293)
الطعن رقم 1150 لسنة 47 القضائية
(1، 2) التزام. حراسة. "حراسة إدارية". بيع.
(1) الأموال التي فرضت عليها حراسة الطوارئ وسبق بيعها خلال فتره الحراسة. الإفراج عنها وتسليمها لأصحابها. التزامهم بأداء ما دفع من ثمن للمشتري. كيفية ذلك في حالتي الإفراج النهائي والإفراج المؤقت.
(2) حق الحبس. مناطه. مثال بشأن الإفراج عن عقار سبق بيعه أثناء فرض حراسة الطوارئ.
المحكمة
بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر، والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر أوراق الطعن - تتحصل في أن المطعون ضدها عن نفسها وبصفتها وصية على ابنها القاصر...... أقامت الدعوى 662 لسنة 1976 مدني كلي كفر الشيخ على الشركة الطاعنة وجهاز تصفية الحراسات طالبة الحكم بإلزامهما متضامنين في مواجهة آخرين بتسليم عقار موصوف وقالت بياناً لها أنه بموجب أمر رئيس الجمهورية 140 سنة 1961 فرضت الحراسة على أموال وممتلكات مورثتها المرحوم...... ومن بينها العقار المذكور فقام جهاز الحراسة ببيعه للشركة الطاعنة في 10/ 4/ 1963 فتسلمته وقامت بتحصيل إيجاراته، ثم صدر القانون 69 سنة 1974 بشأن تسوية الأوضاع الناشئة عن فرض الحراسة، وتنفيذاً له أصدر جهاز التصفية قرار الإفراج 292 سنة 1975 بتاريخ 28/ 5/ 1975 وقد نص في مادته الأولى على إلزام الشركة الطاعنة بالإفراج عن ذلك العقار وتسليمه للمدعين بوصفهم ورثة المرحوم...... كما قضى في مادته السابعة بإلزام تلك الشركة بتنفيذه بغير حق فأقامت هي الدعوى للحكم بطلباتها وبتاريخ 28/ 3/ 1977 قضت المحكمة بإلزام المدعى عليهما الأولين "الشركة الطاعنة وجهاز التصفية" بتسليم المطعون ضدها عن نفسها وبصفتها العقار محل النزاع، فاستأنفت الشركة الطاعنة ضدها هذا الحكم بالاستئناف 39 لسنة 10 قضائية كفر الشيخ، وبتاريخ 22/ 5/ 1977 قضت المحكمة بتأييد الحكم المستأنف طعنت الشركة الطاعنة في هذا الحكم بطريق النقض وقدمت النيابة مذكرة أبدت فيها الرأي برفض الطعن وعرض على المحكمة في غرفة مشورة فحددت جلسة لنظره وفيها التزمت النيابة رأيها.
وحيث إن الطاعنة تنعى في السببين الأول والثاني على الحكم المطعون فيه الخطأ في تطبيق القانون وتفسيره وتأويله، وفي بيان ذلك تقول إن محكمة الاستئناف قد سايرت محكمة أول درجة في قضائها بتسليم عقار النزاع إلى المطعون ضدها استناداًَ إلى الفقرتين الأولى والثانية من المادة الثانية من القانون رقم 69 سنة 1974 بشأن تسوية الأوضاع الناشئة عن فرض الحراسة والمادة السابعة من قرار الإفراج 292 سنة 1975، برغم أن المادة 12 من القانون المذكور قد أوجبت الفقرة أ منها جهاز التصفية أو الخاضعين للقانون رد ما سدد من الثمن إلى الجهات المشترية وبرغم أن الفقرة ب من المادة الثالثة من قرار الإفراج تلزم المطعون ضدها بأن ترد إلى الطاعنة قيمة ما تكون قد سددته من دون متعلقة بالعقار المفرج عنه، وكان من نتيجة إهدار المحكمة لهذه النصوص وعدم قيامها بندب خبير حسابي لتصفية مستحقات أطراف النزاع مع ما ثبت من أن جهاز التصفية يدعي بأن مورث المطعون ضدها ما زال مديناً له في مبلغ 2358 ج و 999 م ومن أنه قد نبه على الطاعنة بالرجوع على ورثته بمبلغ 1658 ج و880 م وقد ترتب على التسليم حرمان الطاعنة من استعمال حقها في حبس المبيع المقرر طبقاًَ لنص المادتين 246/ 1، 459/ 1 من القانون المدني مما يعيب الحكم المطعون فيه ويستوجب نقضه.
وحيث إن هذا النعي في غير محله، ذلك أن المادة العاشرة من القانون 69 سنة 1974 بشأن تسوية الأوضاع الناشئة عن فرض الحراسة قد جرى نصها على أن تلغى اعتباراً من تاريخ العمل بهذا القانون عقود البيع الابتدائية المبرمة بين الحراسة العامة أو إدارة الأموال التي آلت إلى الدولة وبين الحكومة أو وحدات الإدارة المحلية أو القطاع العام أو الهيئات العامة أو الوحدات التابعة لها والتي لم يتم التصرف فيها لغير هذه الجهات ولو بعقود ابتدائية متى طلب مستحقوها استلامها طبقاًَ لأحكام المواد 1، 2، 3، 4 وذلك في الأحوال الآتية: أ....... ب العقارات المبينة التي لا تجاوز قيمتها ثلاثين ألف جنيه ما لم تكن تغيرت معالمها أو خصصت لمشروع سياحي أو لغرض قومي أو ذي نفع عام... "كما نصت المادة الحادية عشرة من ذلك القانون على أنه في غير الحالات المبينة في المادة السابقة يكون لجهات الحكومة ووحدات الإدارة المحلية والقطاع العام والهيئات العامة والوحدات التابعة لها والمشترية للعقارات المبينة من الحراسة أو إدارة الأموال التي آلت إلى الدولة الخيار بين الإبقاء على البيع بشرط زيادة ثمن الشراء إلى ما يوازي مائة وستين مثل الضريبة الأصلية المفروضة على العقار المبيع في تاريخ البيع... وبين اعتبار هذه العقود ملغاة ورد العقارات المبيعة إلى مستحقيها - كما جرى نص المادة 12 من القانون المذكور على أنه "يترتب على إلغاء عقود البيع في الحالات المنصوص عليها في المواد السابقة ما يأتي: ( أ ) رد ما سدد من الثمن إلى الجهات المشترية ويلتزم بالرد جهاز التصفية أو الخاضعون حسب الأحوال وذلك خلال سنة على الأكثر من تاريخ الإلغاء (ب) رد قيمة التحسينات أو التعديلات التي تكون قد أجرتها الجهات المشترية...... ويلتزم بالرد الخاضعون الذين يتسلمون هذه الأموال وذلك خلال الأجل المنصوص عليه في الفقرة السابقة. (جـ) كما تنص المادة الخامسة عشرة من نفس القانون على أنه "لا تسري الفوائد التأخيرية على ديون المعاملين بهذا القانون والتي يصدر بالاعتداد بها قرار من رئيس جهاز التصفية والمستحقة للجهات المنصوص عليها في المادة 11 وذلك اعتباراً من تاريخ فرض الحراسة حتى مضي سنة من تاريخ العمل بهذا القانون، ولا يجوز خلال هذه السنة اتخاذ أية إجراءات تنفيذية بسبب هذه الديون ضد المعاملين بهذا القانون. كما جرى نص المادة 20 من ذلك القانون على أن يتولى رئيس جهاز التصفية إدارة الأموال التي تسري عليها أحكام هذا القانون إلى أن يتم تسليمها لمستحقيها ويجوز لرئيس جهاز التصفية الإفراج بصفة مؤقتة عن كل أو بعض الأموال الثابتة المستحقة للمعاملين طبقاً لأحكامه لإدارتها دون التصرف فيها بأي نوع من أنواع التصرفات، ويعتبر أي تصرف في هذه الأموال قبل الإفراج عنها نهائياً باطلاً ولا أثر له. ومفاد هذه النصوص أن المشرع رتب حالتين للإفراج عن الأموال محل الحراسة (الأولى) حالة الإفراج النهائي وهي المترتبة على إلغاء عقد البيع ورد المال المفرج عنه إلى مستحقيه على أن يتم رد الثمن إلى الجهات المشترية ويلتزم به جهاز التصفية أو الخاضعون وذلك خلال سنة من تاريخ الإلغاء وكذلك الأمر بالنسبة للتحسينات والتعديلات، وفي هذه الحالة ورغم انفساخ البيع فإن المشرع رأى لاعتبارات خاصة التيسير على البائع وهو الخاضع للحراسة باعتبار أنها كانت نائبة عنه في هذا البيع وأن يده كانت مغلولة عن إدارة أعماله سداد التزاماته واقتضاء حقوقه - على ما ورد في تقرير اللجنة المشتركة من اللجنة التشريعية ومكتب الاقتراحات والشكاوى عن مشروع القانون - 69 - سنة 1974 - وتمثل ذلك التيسير في التسليم أن يتم التسليم فوراً للخاضع للحراسة وأن يمنح كبائع مدة سنة أجلاً لرد الثمن وملحقاته وذلك استثناء من القواعد العامة مما لا يسوع معه للمشتري الامتناع عن تسليم المبيع خلال ذلك الأجل بحجة عدم رد الثمن (والثانية) حالة الإفراج المؤقت والخاضع للحراسة في هذه الحالة لا يستعيد فيها حقه المطلق في الملكية على ما له المسلم إليه بل يكون جهاز التصفية وحده هو المهيمن على المال إلى أن يتم الإفراج النهائي وليس للخاضع إلا أعمال الإدارة فقط وذلك بناء على قرار يصدره رئيس الجهاز إعمالاً للسلطة المخولة له في المادة 20 من القانون 69 سنة 1974، ومتى كان ذلك. فإن التسليم في هذه الحالة ليس أثراً مباشراً من أثار انفساخ عقد البيع بحيث يرتب التزاماً فورياً في حق الخاضع للحراسة بأداء ما دفع من الثمن إلى المشتري، والقول بغير ذلك. مفاده أن التسليم معلق على شرط سداد الثمن فوراً وهو أمر لا يتسق ومنع صاحب المال من التصرف فيه ويتنافي مع ما قرره المشرع من تيسيرات للمفرج عن ماله نهائياً بحيث يكون في وضع أفضل ممن استعاد حقه في الإدارة فقط، لما كان ذلك. وكان الحكم الابتدائي الذي اعتمد الحكم المطعون فيه قضاءه قد قرر أن "تسليم العقار للمطعون ضدها كان بناء على قرار الإفراج المؤقت رقم 292 سنة 1975 الذي أصدره رئيس جهاز التصفية تطبيقاً للمادة 20 من القانون 69 سنة 1974 لتخويلها الحق في إدارة العقار دون التصرف فيه فلا يكون التسليم معلقاًَ على الوفاء بما دفع من الثمن للمشتري"، وساند قضاءه هذا بما نصت عليه المادة السابعة من ذلك القرار من تكليف الطاعنة بتسليم العقار، وعزز الحكم المطعون فيه هذا القضاء بقوله: "إن المادة الثالثة من القرار ترتب على الإفراج المؤقت التزام المطعون ضدها برد قيمة ما تكون قد سددته الطاعنة من ديون متعلقة بالعقار بما يفيد أن سداد الديون ليس مقابل الإفراج المؤقت وإنما هو نتيجة له، وبأن المادة 12 من القانون لا تعلق التسليم النهائي على رد الثمن للمشتري، وإذ كان الحق في الحبس لا يقوم إلا إذا كان الدين المقابل المراد الحبس من أجله حالاً فإن قضاء محكمة الموضوع وقد انتهت إلى أن الثمن المدعى باستحقاقه في ذمة المطعون ضدها ليس حالاً، ذلك أن الإفراج المؤقت عن العقار ليس معلقاً على شرط رد الثمن للطاعنة، ومن ثم لا يجوز للطاعنة حبس العقار من أجله، فإن ما خلص إليه الحكم المطعون فيه يكون سديداً ومتفقاً مع صحيح القانون مما يضحى معه النعي بالسببين الأول والثاني على غير أساس.
وحيث إن الطاعنة تنعى على الحكم المطعون فيه بالسبب الثالث القصور في التسبيب وتقول بياناً لذلك أن محكمة الاستئناف أغفلت الرد على ما أثارته في دفاعها سواء بصحيفة الاستئناف أو مذكرتها المقدمة إليها من أن الدعوى دعوى حساب وليست دعوى تسليم عقار فلم ترد على هذا الدفاع مما يعيب الحكم المطعون فيه ويستوجب نقضه.
وحيث إن هذا النعي غير سديد، ذلك أن المقرر أن لمحكمة الاستئناف أن تقيم قضاءها على ما جاء بأسباب حكم محكمة أول درجة دون إيراد جديد، وإذ كان وصف الحكم الابتدائي للدعوى بأنها دعوى تسليم عقار وليست دعوى حساب هذا التكييف الصحيح المستمد من الأصول الثابتة بالأوراق فإنه لا جناح على محكمة الاستئناف أن رأت صواب ما ذهب إليه الحكم الابتدائي دون إيراد جديد كما أنها على ما جرى به قضاء هذه المحكمة ليست ملزمة بتعقب أقوال الخصوم وحججهم وأن ترد على كل منها استقلالاً طالما أقامت قضاءها على أسباب تكفي لحمله، ومن ثم يكون النعي بهذا السبب على غير أساس.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق