جلسة 18 من يناير سنة 1978
برئاسة السيد المستشار محمد أحمد محمود نائب رئيس المحكمة رئيساً وعضوية السادة المستشارين: الدكتور إبراهيم صالح، محمد الباجوري، وصلاح نصار ومحمود رمضان.
----------------
(50)
الطعن رقم 914 لسنة 43 القضائية
(1) نقض "الخصوم في الطعن"
الاختصام في الطعن بالنقض. شرطه.
(2، 3، 4) التزام "أوصاف الالتزام. إيجار "إيجار الأماكن". دعوى.
(2) الشرط والأجل في الالتزام، التفرقة بينهما. النص في عقد إيجار المحل على بدء تنفيذه من تاريخ صدور الترخيص بإدارته مفاده تعليق العقد على شرط واقف. لا يغير من ذلك السماح للمستأجر بإجراء التحسينات اللازمة بالمحل.
(3) تعلق نفاذ عقد إيجار المحل على شرط واقف. مؤداه ليس للمستأجر المطالبة بصحة ونفاذ العقد قبل تحقق الشرط.
(4) إرجاء تنفيذ عقد إيجار المحل لحين حصول المستأجر على ترخيص بالإدارة. قيام مستأجر لاحق باستخراج الترخيص باسم المؤجر لا يؤدي إلى نفاذ عقد المستأجر الأول.
المحكمة
بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
وحيث إن الوقائع - حسبما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر أوراق الطعن تتحصل في أن الطاعنة أقامت الدعوى رقم....... جنوب القاهرة الابتدائية ضد المطعون عليهم بطلب الحكم على المطعون عليهما الأول والثاني وفي واجهة المطعون عليهما الثالث والرابع بصحة ونفاذ عقدي الإيجار الموضحين بصحيفة الدعوى وما يترتب على ذلك من آثار وقالت بياناً لدعواها أنها استأجرت والمطعون عليه الرابع من المطعون عليهما الأولين بموجب عقدي إيجار مؤرخين....... كلاً من صالة الشاي والبار الكائنين بدار سينما....... بأجرة شهرية قدرها...... لصالة الشاي و...... للبار وتسلمت المكانين المؤجرين وبدأت إجراء التحسينات اللازمة لاستغلالهما وفوجئت في فبراير سنة 1969 بتعرض المطعون عليه الثالث لها استناداً إلى تواطؤ المؤجرين مع شريكها المطعون عليه الرابع الذي تنازل في 30 يناير سنة 1969 عن عقدي الإيجار، وإذ لا يسري هذا التنازل في حقها لعدم صدوره ممن ينوب عنها قانوناً فقد أقامت دعواها. وبتاريخ..... حكمت المحكمة بعدم قبول الدعوى لرفعها قبل الأوان استأنفت الطاعنة هذا الحكم بالاستئناف رقم....... طالبة إلغاءه والقضاء لها بطلباتها وبتاريخ........ قضت محكمة الاستئناف بتأييد الحكم المستأنف. طعنت الطاعنة على هذا الحكم بطريق النقض، وقدمت النيابة العامة مذكرة دفعت فيها بعدم قبول الطعن بالنسبة للمطعون عليه الثالث وفي الموضوع برفض الطعن. عرض الطعن على هذه المحكمة في غرفة مشورة فرأته جديراً بالنظر، وبالجلسة المحددة تمسكت النيابة رأيها.
وحيث إن مبنى الدفع المبدى من النيابة العامة هو عدم جواز اختصام المطعون عليه الثالث لأن الطاعنة لم توجه إليه أية طلبات أمام محكمة الموضوع ولم تؤسس طعنها على أسباب تتعلق به.
وحيث إن الدفع في محله، ذلك أنه وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة لا يكفي فيمن يختصم في الطعن أن يكون خصماً للطاعن في الدعوى التي صدر فيها الحكم المطعون فيه، بل يجب أن يكون له مصلحة في الدفاع عن الحكم حين صدوره ولما كان الثابت من الأوراق أن الطاعنة قد اختصمت المطعون عليه الثالث أمام محكمة الموضوع ليصدر الحكم في مواجهته وأنه وقف من الخصومة موقفاً سلبياً ولم يبد أي دفاع فيها كما لم يحكم بشيء ضده، لما كان ذلك وكانت الطاعنة قد أسست طعنها على أسباب لا تتعلق بالمطعون عليه الثالث فلا يقبل منها اختصامه في الطعن ويكون الدفع في محله.
وحيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية بالنسبة لباقي المطعون عليهم.
وحيث إن الطعن أقيم على سببين، تنعى بهما الطاعنة على الحكم المطعون فيه الخطأ في تطبيق القانون والقصور في التسبيب، وفي بيان ذلك تقول إن الحكم بنى قضاءه على سند من القول بأنها تقصد بمدعاها تنفيذ عقد الإيجار جبراً على المطعون عليهما الأولين، وأنه طالما اتفق بالعقد على أن الإيجار لا يبدأ إلا من تاريخ صدور الترخيص وأن تنفيذ الالتزامات المتبادلة في العقد مرتبط بهذا الترخيص الذي لم يصدر بعد فإن الدعوى تكون سابقة لأوانها؛ في حين أنه غم على الحكم التفرقة بين الشرط ولأجل وتعليق العقد على استخراج الترخيص أمر مستقل ومحقق الوقوع متى استوفيت الشروط التي تتطلبها الجهة الإدارية المختصة وهو بهذه المثابة يكون مقترناً بأجل وليس معلقاً على شرط إذ كان الثابت أن الطاعنة تسلمت المكانين المؤجرين وأخذت في إعدادهما تمهيداً لاستغلالهما، فإنها إنما تقصد بمدعاها إعادة وضع يدها عليهما وقد رفعت بطريق غير مشروع أما افتتاح المحل وبدء استغلاله فهو وحده المتوقف على استخراج الترخيص، وهو أمر لم تستهدفه وينبغي التحرز من الخلط بين شروط صحة وانعقاد العقد وبين ما يترتب عليه من أثار هذا إلى أن الحكم المطعون فيه ذهب إلى أن المطعون عليه الثالث المستأجر الجديد هو الذي قام باستخراج الترخيص، مع أن الشهادة المقدمة تفيد أن الترخيص صادر باسم المطعون عليهما الأولين - المؤجرين - وإن المطعون عليه الثالث ليس إلا المستغل للمكان فحسب بما يفيد تحقق استصدار الترخيص الذي يبدأ معه نفاذ العقد، وهو ما يعيب الحكم بالخطأ في تطبيق القانون والقصور في التسبيب.
وحيث إن النعي مردود، ذلك أن النص في المادة 265 من القانون المدني على أنه "يكون الالتزام معلقاً على شرط إذا كان وجوده أو زواله مترتباً على أمر مستقل غير محقق الوقوع "وفي المادة 271/ 1 من ذات القانون على أن "يكون الالتزام لأجل إذا كان نفاذه أو اقتضاؤه مترتباً على أمر مستقل محقق الوقوع" يدل على أنه وإن كان كل من الشرط والأجل وصفاً يلحق الالتزام فإنهما يختلفان في قوامهما اختلافاً ينعكس أثره على الالتزام الموصوف فبينما لا يكون الالتزام المعلق على شرط محققاً في قيامه أو زواله إلا بالالتزام المضاف إلى أجل يكون محققاً في وجوده ولكنه مؤجل النفاذ أو مؤجل الانقضاء ولما كان مفاد البند الخامس من عقدي الإيجار والذي يقضي بأن مدة العقد سنة واحدة تبدأ من تاريخ صدور الترخيص ويجوز تجديدها لمدة أخرى، ويصرح الطرف الأول المؤجر للطرف الثاني المستأجرين - إلى حين أن يصدر الترخيص - بإجراء التحسينات التي قد يرى الطرف الثالث في إدخالها على أنه لا يجوز للطرف الثاني أن يبدأ في افتتاح المكان المؤجر وتشغيله قبل الحصول على الترخيص، أن عقدي الإيجار معلق نفاذهما على شرط مؤقت غير محقق الوقوع هو الحصول على الترخيص الإداري اللازم لمباشرة المهنة أو الصناعة، باعتباره ليس مرتهناً بإرادة أحد طرفي الالتزام وإنما متصل أيضاً بعامل خارجي هو إرادة الجهة الإدارية المختصة بإصدار الترخيص. لما كان ذلك وكان الشرط الواقف من شأنه أن يوقف نفاذ الالتزام إلى أن تتحقق الواقعة المشروطة، فيكون الالتزام في فترة التعليق موجوداً غير أن وجوده ليس مؤكداً مما يترتب عليه أنه لا يجوز للمستأجر خلالها أن يتخذ الوسائل التنفيذية للمطالبة بحقه جبراً أو اختياراً طالما لم يتحقق الشرط؛ وكانت دعوى صحة التعاقد لا يقتصر موضوعها على محل العقد بل يتناول تنفيذه أيضاً، اعتباراً بأن الحكم الذي يصدره القاضي في الدعوى يقوم مقام تنفيذ العقد إذا سمحت بذلك طبيعة الالتزام وفقاً للمادة 210 من القانون المدني، فإن ما خلص إليه الحكم من أن تنفيذ الالتزامات الناشئة عن العقد مرتبطة باستصدار الترخيص، ورتب على ذلك أن الدعوى مرفوعة قبل أوانها فإنه لا يكون قد أخطأ في تطبيق القانون. لما كان ما تقدم وكان الحكم قد ذهب إلى أن الطرفين قد اتفقا على إرجاء تنفيذ عقدي الإيجار إلى وقت قيام الطاعنة باستخراج الترخيص باسم المالكين، وأن الطاعنة هي المكلفة باتخاذ هذا الإجراء دون المطعون عليهما الأولين ليتحقق به الشرط الواقف لنفاذ الإيجار، وكانت الطاعنة لا تجادل في عدم قيامها هي باستخراج الترخيص تنفيذاً لالتزاماتها الواردة بالعقد، وكانت الأوراق قد خلت مما يشير إلى أن استخراج الترخيص تم بناء على عقدي الإيجار موضوع الدعوى وكان هذا المعنى يظاهره البند الرابع من العقدين. فإن القول بأن استخراج المستأجر الجديد - المطعون عليه الثالث - ترخيصاً باسم المؤجرين يؤدي إلى نفاذ عقد الطاعنة لا يقوم على سند صحيح من الواقع أو القانون، ويكون النعي على غير أساس ولما تقدم يتعين رفض الطعن.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق