جلسة 18 من يناير سنة 1978
برئاسة السيد المستشار محمد أسعد محمود نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين: الدكتور إبراهيم صالح، محمد الباجوري، صلاح نصار ومحمود رمضان.
-----------------
(51)
الطعن رقم 80 لسنة 44 القضائية
(1) إصلاح زراعي. اختصاص "اختصاص ولائي".
لجان فض المنازعات الزراعية. اختصاصها قاصر على المنازعات الناشئة عن عقود إيجار الأراضي التي تزرع بالمحاصيل العادية دون الحدائق والمشاتل. ق 148 لسنة 1962 وق 54 لسنة 1966.
(2) إصلاح زراعي. إيجار "إيجار الأرض الزراعية".
عقود إيجار أراضي الحدائق والمشاتل عدم خضوعها للامتداد القانوني. علة ذلك.
(3)، (4) حكم "حجية الحكم". اختصاص "اختصاص ولائي".
3 - الحكم الصادر من جهة قضائية خارج حدود ولايتها. معدوم الحجية. وجوب تحقق المحكمة من ذلك في الحكم الذي يطرح أمر حجيته عليها.
4 - لجان الفصل في المنازعات الزراعية. حدود ولايتها. قضاؤها في نزاع بشأن إيجار أرض مشتل معدوم الحجية.
(5) إيجار "إيجار الأرض الزراعية". إصلاح زراعي. حكم "تسبيب الحكم" نقض.
5 - إقامة الحكم قضاؤه على ما يكفي لحمله. لا يعيبه إعماله قانوناً غير منطبق على واقعة الدعوى. محكمة النقض تصحيح هذا الخطأ دون أن تنقضه. مثال بشأن إيجار أرض زراعية.
المحكمة
بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر أوراق الطعن تتحصل في أن المطعون عليها أقامت الدعوى رقم........ أمام محكمة الجيزة الابتدائية ضد الطاعنين وثالث طالبة الحكم على الطاعنة الأولى في مواجهة الآخرين أولاً: بعدم الاعتداد بالقرار رقم 55 لسنة 1969 إصلاح زراعي مستأنف مركز إمبابة وما يتبعه من إجراءات تحرير عقد إيجار من الجمعية التعاونية الزراعية بناحية....... ثانياً: بطرد الطاعنين من عين النزاع وتسليمها إليها. وقالت بياناً لدعواها أن مورثها اشترى في 12/ 12/ 1946 قطعة أرض مساحتها....... بناحية........ والموضحة بصحيفة الدعوى وشرع في إقامة فيلا عليها تحوطها حديقة غرس فيها أشجار فاكهة ومد إليها المياه وعين خفيراً لحراستها غير أن المنية عاجلته قبل إتمام البناء فاستغل الخفير كارثة الوفاة ومكن قريبه مورث الطاعنين من حيازة هذه الأرض وإقامة مشتل الزهور عليها في غفلة منها وإذ فوجئت بمورث الطاعنين يطلب من لجنة فض المنازعات الزراعية بقرية....... تحرير عقد إيجار له عن تلك الأرض بمقولة أنه يستأجرها منها بعقد شفوي باعتبارها أرضاً زراعية وأمرت اللجنة الاستئنافية لفض المنازعات الزراعية بمركز إمبابة في 7/ 12/ 1972 بتحرير عقد إيجار بين الطرفين فقد أقامت الدعوى. وبتاريخ.... حكمت المحكمة برفض الدعوى استأنفت المطعون عليها هذا الحكم بالاستئناف رقم...... طالبة إلغاءه والحكم بطلباتها، وبتاريخ 5/ 12/ 1973 حكمت محكمة الاستئناف بإلغاء الحكم المستأنف وبعدم الاعتداد بالقرار الصادر من اللجنة الاستئنافية لفض المنازعات الزراعية بمركز إمبابة رقم 55 لسنة 1969 وبما يترتب عليه من إجراءات تحرير عقد إيجار عن عين النزاع لمورث الطاعنين من الجمعية التعاونية الزراعية بناحية...... طعن الطاعنان على هذا الحكم بطريق النقض وقدمت النيابة العامة مذكرة أبدت فيها الرأي برفض الطعن عرض الطعن على هذه المحكمة في غرفة مشورة فرأته جديراً بالنظر وبالجلسة المحددة التزمت النيابة رأيها.
وحيث إن الطعن أقيم على سببين، ينعى الطاعنان بالوجه الثاني من السبب الأول على الحكم المطعون فيه مخالفة القانون، وفي بيان ذلك يقولان أن الحكم أسس قضاءه على أن أرض النزاع تخرج من عداد الأرض الزراعية التي تخضع لقانون الإصلاح الزراعي وتختص لجان الفصل في المنازعات الزراعية بنظر المنازعات المتعلقة بها باعتبارها من أراضي المشاتل مستنداً في ذلك إلى التفسير التشريعي رقم واحد لسنة 1953 ورتب على ذلك اعتبار قرار لجنة الفصل في المنازعات الزراعية رقم 55 لسنة 1969 معدوماً لصدوره من جهة لا ولاية لها بنظر موضوع النزاع، في حين أن التفسير التشريعي سالف الذكر جاء استثناء مما نصت عليه المادة 33 من قانون الإصلاح الزراعي وقصد إلى إعفاء الأرض الزراعية المنزرعة حدائق ومشاتل زهور ونباتات طبية وبيطرية من تحديد الحد الأقصى للقيمة الإيجارية لسبعة أمثال الضريبة الأصلية المربوطة عليها دون أن يخرجها من نطاق قانون الإصلاح الزراعي وولاية لجان الفصل في المنازعات الزراعية، وإذ كانت أرض النزاع تعتبر أرضاً زراعية فإنها تخضع لأحكام قانون الإصلاح الزراعي والقانون رقم 54 لسنة 1966 لا ينال من ذلك وقوعها بجواز مبنى ولا استغلالها في زراعة المشاتل والنباتات الطبية ولا عدم ارتباطها بالحد الأقصى للأجرة المنصوص عليه في القانون رقم 178 لسنة 1952 والقوانين المعدلة له، ومن ثم فإن قرار لجنة الفصل في المنازعات الزراعية سالف البيان يكون قد صدر من جهة مختصة بإصداره، وإذ أهدر الحكم المطعون فيه حجيته فإنه يكون معيباً بمخالفة القانون.
وحيث إن النعي غير سديد ذلك أنه لما كان القانون رقم 148 لسنة 1962 الذي أنشأ لجان الفصل في المنازعات الزراعية حدد في مادته الثالثة اختصاص هذه اللجان ومنها النظر في المنازعات الناشئة عن تطبيق أحكام المادة 39 مكرراً من قانون الإصلاح الزراعي، وكان المناط في هذا الاختصاص - وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة - أن يكون عقد الإيجار خاضعاً لأحكام الامتداد المنصوص عليه في تلك المادة والذي ينصرف إلى عقود إيجار الأراضي الزراعية التي تزرع بالمحاصيل الحقلية العادية دون عقود إيجار الحدائق والمشاتل التي لا تختص تلك اللجان بنظر المنازعات المتعلقة بها، وكان القانون رقم 54 لسنة 1966 الذي ألغى القانون رقم 148 لسنة 1963 نص في المادة الثالثة منه على أن هذه اللجان تختص بنظر المنازعات الناشئة عن العلاقة الإيجارية في الأراضي الزراعية وما في حكمها من الأرضي البور والصحراوية والقابلة للزراعة وعلى وجه الخصوص في المنازعات الناشئة عن تطبيق أحكام المواد من 32 إلى 36 مكرر (ز) من قانون الإصلاح الزراعي، وكان مفاد المواد 32 مكرر و35 و36 مكرر من المرسوم بقانون رقم 178 لسنة 1952 بالإصلاح الزراعي المعدلة بالقوانين 17 لسنة 1963 و52 لسنة 1966 و55 لسنة 1966، يدل على أن مناط اختصاص لجان الفصل في المنازعات الزراعية ظل بعد صدور القانون رقم 54 لسنة 1966 محصوراً في عقود إيجار الأراضي الزراعية التي تزرع بالمحاصيل الحقلية العادية والتي تمتد بحكم القانون بعد انتهاء المدة المتفق عليها فيها وأنه لا اختصاص لهذه اللجان بالمنازعات المتعلقة بعقود الأراضي التي تؤجر لزراعتها حدائق ومشاتل وإنما ينعقد الاختصاص بها للمحاكم صاحبة الولاية العامة بالفصل في جميع المنازعات إلا ما استثنى بنص، يؤيد ذلك مما نصت عليه المادة الأولى من القرار التفسيري رقم واحد لسنة 1953 المعدلة بالقرار رقم واحد لسنة 1964 من أنه لا يسري تحديد الحد الأقصى لأجرة الأراضي الزراعية بسبعة أمثال الضريبة الأصلية المربوطة عليها على أراضي الحدائق والزهور ومشاتل الحدائق والزهور....... ولا يغير من هذا النظر أن المشرع لم يستثن العقود المذكورة من أحكام الامتداد القانوني كما استثناها من تحديد حد أقصى للأجرة بسبعة أمثال الضريبة، إذا إنه - وعلى ما هو ظاهر من المذكرات الإيضاحية لقانون الإصلاح الزراعي والقوانين المتعاقبة التي نصت على امتداد عقود إيجار الأراضي الزراعية - إنما يهدف إلى حماية صغار الزراع الذين يعتمدون بصفة رئيسية في معاشهم على ما تدره الأطيان المؤجرة من ريع، وأن قوانين الامتداد ما صدرت إلا لتطبق على عقود إيجار الأراضي التي تزرع بمحاصيل حقلية عادية دون الحدائق والمشاتل التي يعتبر استئجارها أقرب إلى الاستغلال التجاري منه إلى الاستغلال الزراعي. لما كان ما تقدم - وكان المقرر في قضاء هذه المحكمة أن لجهة القضاء العادي بما لها من ولاية عامة أن تحقق من أن الحكم المطروح أمر حجيته عليها والذي أصدرته جهة قضاء أخرى قد صدر في حدود الولاية القضائية لتلك الجهة، وكان الحكم الصادر من جهة قضاء خارج حدود ولايتها يعد معدوم الحجية أمام الجهة صاحبة الولاية في النزاع، وكانت لجان الفصل في المنازعات الزراعية هيئات إدارية أعطاها القانون ولاية القضاء للفصل في خصومة بين المؤجر والمستأجر في حالات محددة مما يوجب عليها ألا تخرج عن حدود ولايتها، لما كان ما سلف وكان الثابت أن أرض النزاع منزرعة مشاتل للزهور وهو ما يخرجها من عداد الأراضي الزراعية التي تختص لجان الفصل في المنازعات الزراعية بنظر المنازعات المتعلقة بها، وكان الحكم المطعون فيه قد التزم هذا النظر إذ قضى بعدم الاعتداد بالقرار الصادر من اللجنة الاستئنافية لفض المنازعات الزراعية بمركز إمبابة رقم 55 لسنة 1969 وما ترتب عليه من إجراءات تحرير عقد إيجار عن هذه الأرض تأسيساً على أن ذلك القرار معدوم الحجية أمام المحاكم العادية لصدوره خارج حدود ولاية لجان الفصل في المنازعات الزراعية فإن الحكم يكون متفقاً مع صحيح القانون، ويكون النعي بمخالفته له غير سديد.
وحيث إن الطاعنين ينعيان بالوجه الأول من السبب الأول وبالسبب الثاني على الحكم المطعون فيه الخطأ في تطبيق القانون والقصور في التسبيب والفساد في الاستدلال وفي بيان ذلك يقولان أن العلاقة الإيجارية بين مورثهما ومورث المطعون عليها بدأت بعقد غير مكتوب في شهر أكتوبر سنة 1968، وتحرر عقد الإيجار في 16/ 3/ 1970 على أن يكون بدء الإجارة من أكتوبر سنة 1968 تنفيذاً لقرار اللجنة الاستئنافية لفض المنازعات الزراعية رقم 55 لسنة 1962 مركز إمبابة الصادر بتاريخ 25/ 2/ 1970 ومن ثم فإن العلاقة التأجيرية المتنازع عليها تكون قد حدثت في ظل القانون رقم 54 لسنة 1966 الذي حدد اختصاص لجان الفصل في المنازعات الزراعية وحصن قراراتها ومنع المحاكم من النظر فيها بما يخرج قراراتها عن ولاية القضاء، وإذ خالف الحكم المطعون فيه هذا النظر وأجرى على المنازعة أحكام القانون رقم 948 لسنة 1962 والتفت عما أبداه الطاعنان من دفاع وما ورد بأسباب الحكم الابتدائي من استبعاد تطبيق أحكام ذلك القانون، وأهدر الوقائع التي حدثت في ظل أحكام القانون رقم 54 لسنة 1966، فإنه يكون قد أخطأ في تطبيق القانون وشابه قصور في التسبيب وفساد في الاستدلال.
وحيث إن النعي مردود، ذلك أنه لما كان الحكم المطعون فيه قد أقام قضاءه على أن قرار اللجنة الاستئنافية لفض المنازعات الزراعية بمركز إمبابة رقم 55 لسنة 1969 معدوم الحجية أمام المحاكم العادية لصدوره خارج حدود ولاية هذه اللجنة، وكانت هذه الدعامة وعلى ما سلف بيانه في الرد على السبب السابق تتفق مع صحيح حكم القانون، وكافية لحمل ما قضى به في منطوقه، فلا يبطله ما اشتملت عليه أسبابه من أخطاء قانونية بأعماله أحكام القانون رقم 148 لسنة 1962 على واقعة الدعوى بعد انتهاء نطاقه الزمني والصحيح أن القانون المنطبق على الواقعة هو القانون رقم 54 لسنة 1966 الذي قامت العلاقة الإيجارية المتنازع فيها وصدر قرار لجنة الفصل في المنازعات الزراعية بشأنها بعد نفاذه في 10 سبتمبر سنة 1966 ذلك أن لمحكمة النقض وعلى ما جرى به قضاؤها أن تصحح أسباب الحكم المطعون فيه بغير أن تنقضه متى كان سليماً في النتيجة التي انتهى إليها، ولا يعيبه عدم رده على دفاع أبداه الطاعنان أمام محكمة أول درجة يقوم على مناقشة دعامة تغاير تلك الدعامة الصحيحة التي أقام عليها قضاءه ما دامت تكفي لحمله ومن ثم فإن النعي على الحكم المطعون فيه الوارد بهذا السبب يكون غير منتج.
ولما تقدم يتعين رفض الطعن.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق