الصفحات

بحث هذه المدونة الإلكترونية

الثلاثاء، 4 أبريل 2023

الطعن 51 لسنة 31 ق جلسة 28 / 12 / 1965 مكتب فني 16 ج 3 ق 211 ص 1347

جلسة 28 من ديسمبر سنة 1965

برياسة السيد المستشار/ الدكتور عبد السلام بلبع نائب رئيس المحكمة، وبحضور السادة المستشارين: محمد عبد اللطيف، وإميل جبران، وأحمد حسن هيكل، وأمين فتح الله.

-----------------

(211)
الطعن رقم 51 لسنة 31 القضائية

(أ) تأمين. "التأمين من الحريق". "أسباب الحريق". "عيب الشيء المؤمن عليه". بطلان.
التأمين من الحريق. ضمان المؤمن تعويض الأضرار ولو نشأ الحريق عن عيب في الشيء سواء كان ناجماً عن طبيعة الشيء أو كان عرضياً. بطلان كل اتفاق يخالف أحكام النصوص الواردة في عقد التأمين ما لم تكن لمصلحة المؤمن له أو المستفيد. الشرط الوارد في وثيقة التأمين على عدم ضمان الخسارة أو الأضرار التي تلحق الأشياء المؤمن عليها بسبب احتراق ذاتي إلا بنص صريح في الوثيقة، شرط باطل.
(ب) تأمين. "هلاك الشيء المرهون".
هلاك الشيء المرهون. أثره. انتقال حق الدائن المرتهن إلى ما حل محله من حقوق ليستوفى دينه منها. لا محل لرجوع المدين الراهن على الدائن المرتهن. إجراء المحاسبة بينهما على أساس عقد القرض المضمون بالرهن.

----------------
1 - تقضي المادة 767 من القانون المدني بأن "يضمن المؤمن تعويض الأضرار الناجمة عن الحريق ولو نشأ هذا الحريق عن عيب في الشيء المؤمن عليه". وإذ كان هذا النص مطلقاً يتناول - على ما جرى به قضاء محكمة النقض - كل عيب في الشيء المؤمن عليه أياً كان هذا العيب وسواء كان ناجماًً عن طبيعة الشيء أو كان عرضياً (1) وكان القانون في المادة 753 مدني صريحاً في بطلان كل اتفاق يخالف أحكام النصوص الواردة في عقد التأمين إلا أن يكون ذلك لمصلحة المؤمن له أو المستفيد، فإنه يتأدى من هذا أن الشرط الوارد في وثيقة التأمين والذي ينص على أن عقد التأمين لا يضمن الخسارة أو الأضرار التي تلحق الأشياء المؤمن عليها بسبب احتراق ذاتي إلا بنص صريح في الوثيقة، يكون قد وقع باطلاً.
2 - من المقرر طبقاً للمادتين 1049، 1102/ 2 من القانون المدني أن هلاك الشيء المرهون يترتب عليه انتقال حق الدائن المرتهن إلى ما حل محله من حقوق ليستوفى دينه منها فإذا كانت البضاعة المرهونة والمؤمن عليها قد احترقت وتقرر حق الدائن المرتهن في مبلغ التأمين المستحق وكان مقتضى ذلك حلول مبلغ التأمين محل البضاعة المرهونة - فإنه ليس هناك محل لرجوع المدين الراهن على الدائن المرتهن وحسبه أن تجري المحاسبة بينهما على أساس عقد القرض المضمون بالرهن وإذ قضى الحكم المطعون فيه مع ذلك بمسئولية الدائن المرتهن عن هلاك البضاعة المرهونة فإنه يكون قد خالف القانون.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر أوراق الطعن - تتحصل في أن بنك الجمهورية - الطاعن - أقام الدعوى رقم 823 سنة 1959 تجاري كلي الإسكندرية ضد شركة النيل للتأمين - المطعون عليها الأولى - وفي مواجهة شركة مصر لعلف الحيوان - المطعون عليها الثانية - يطلب الحكم بإلزام المطعون عليها (الأولى) بأن تدفع له مبلغ 4896 ج و350 م والفوائد وقال شرحاً لدعواه إنه بمقتضى عقد محرر في 4/ 3/ 1957 تعاقدت الشركة المطعون عليها الثانية مع البنك على فتح اعتماد بالحساب الجاري بضمان بضائع لتمويل العمليات التجارية التي تقوم بها الشركة، وتنفيذاً لهذا العقد أجرت للبنك مخزناً أودعت به بضائع من بينها ردة القمح باعتبارها مرهونة له رهناً حيازياً، وقام البنك بالتأمين على هذه البضائع ضد الحريق لدى الشركة المطعون عليها الأولى وحررت وثيقة التأمين في 29/ 10/ 1957 لصالح البنك وباسم المطعون عليها الثانية. وفي يومي 15 و25/ 2/ 1958 شب حريق في ردة القمح المؤمن عليها ورفعت شركة التأمين المطعون عليها الأولى الدعوى رقم 602 سنة 1958 مدني مستعجل الإسكندرية لإثبات حالة البضائع و حكم بندب خبيرين لهذا الغرض وظهر من تقريرهما أن سبب الحريق هو سقوط الأمطار على جوالات الردة وتشبعها بالمياه لعدم وجود فتحات تهوية مما أدى إلى زيادة ضغط الرصات العليا على السفلى وارتفاع درجة الحرارة بالرصات السفلى واحتراقها تلقائيا مع مرور الزمن. ولما كانت شركة التأمين مسئولة عن تعويض الأضرار الناشئة عن هذا الحريق ولم تدفع إلى البنك قيمة البضاعة والأجولة المحترقة والمصاريف التي تكبدها ومجموع ذلك مبلغ 4896 ج و350 م فقد أقام هذه الدعوى للحكم له به. وأقامت الشركة المطعون عليها الثانية دعوى فرعية ضد البنك - الطاعن - تطلب الحكم بإلزامه بأن يؤدي لها نفس المبلغ المطلوب من شركة التأمين تأسيساً على أن العلاقة بين المطعون عليها الثانية والبنك تخضع لأحكام الرهن الحيازي التي يسأل بمقتضاها البنك وهو الدائن المرتهن عن هلاك الشيء المرهون ما لم يثبت أنه يرجع إلى سبب أجنبي لا يد له فيه. ودفع البنك الدعوى الفرعية بعدم قبولها لرفعها قبل الأوان ولانعدام المصلحة تأسيساً على أن المطعون عليها الثانية مدينة للبنك وأنه إذا حكم له بالتعويض قبل شركة التأمين المطعون عليها الأولى خصم من دين الشركة المطعون عليها الثانية، وطلب البنك في الموضوع رفض الدعوى. وبتاريخ 19/ 1/ 1960 حكمت محكمة أول درجة في الدعوى الأصلية بإلزام شركة النيل للتأمين - المطعون عليها الأولى - بأن تدفع لبنك الجمهورية - الطاعن - مبلغ 4713 ج و450 م، وفي الدعوى الفرعية برفض الدفع بعدم قبولها وفي الموضوع بإلزام البنك بأن يدفع لشركة مصر لعلف الحيوان - المطعون عليها الثانية - مبلغ 4713 ج و450 م واستأنفت شركة التأمين - المطعون عليها الأولى - هذا الحكم لدى محكمة استئناف الإسكندرية بالاستئناف رقم 127 سنة 16 ق تجاري طالبة إلغاءه ورفض دعوى البنك - الطاعن - كما استأنفه البنك بالاستئنافين رقمي 66 سنة 16 ق و105 سنة 16 ق تجاري طالباً في أولهما إلغاء الحكم المستأنف فيما قضى به في الدعوى الفرعية والحكم برفضها، وطلب في الاستئناف الثاني الحكم بإلزام شركة التأمين - المطعون عليها الأولى - بأن تدفع له مبلغ 182 ج و600 م زيادة على ما حكم به. وقررت محكمة الاستئناف ضم الاستئنافين رقمي 105 و127 سنة 16 ق إلى الاستئناف رقم 66 سنة 16 ق تجاري، وحكمت بتاريخ 29/ 12/ 1960 في الاستئناف رقم 127 سنة 16 ق تجاري بإلغاء الحكم المستأنف فيما قضى به من إلزام شركة التأمين بدفع مبلغ 4713 ج و450 م ورفض دعوى بنك الجمهورية قبلها وفي الاستئناف رقم 105 سنة 16 ق تجاري برفضه، وفي الاستئناف رقم 66 سنة 16 ق تجاري برفضه وتأييد الحكم المستأنف فيما قضى به من إلزام البنك بأن يدفع لشركة مصر لعلف الحيوان مبلغ 4713 ج و450 م. وفي 26/ 1/ 1961 طعن البنك في هذا الحكم بطريق النقض وعرض الطعن على دائرة فحص الطعون بجلسة 20/ 6/ 1964 وفيها صممت النيابة على رأيها الذي ضمنته مذكرتها بطلب نقض الحكم، وقررت دائرة الفحص إحالة الطعن إلى هذه الدائرة. وبالجلسة المحددة لنظره تمسكت النيابة برأيها السابق.
وحيث إن مما ينعاه الطاعن على الحكم المطعون فيه في قضائه برفض دعواه قبل شركة التأمين المطعون عليها الأولى الخطأ في تطبيق القانون ذلك أنه استند على أن ردة القمح احترقت ذاتياً داخل الجوالات نتيجة تسرب مياه الأمطار إليها من ثقوب المشمع المغطاة به وهو أمر لا يشمله عقد التأمين طبقاً للاستثناء الوارد بالفقرة "ز" من المادة السادسة منه، كما قضى الحكم تبعاً لذلك برفض الاستئناف المرفوع من الطاعن ضد شركة التأمين عن مبلغ 182 ج و600 م الذي رفضته محكمة أول درجة، هذا في حين أن التأمين على الحريق يضمن الأخطار الناجمة عنه أياً كان سببه، وإذ سلم الحكم بأن الحريق نشأ نتيجة تسرب مياه الأمطار وهي مؤثر خارجي فكان عليه أن يقيم مسئولية شركة التأمين المطعون عليها الأولى عن هذه الأضرار دون نظر للاستثناء الخاص بالاحتراق الذاتي.
وحيث إن هذا النعي في محله ذلك أن المادة 767 مدني نصت على أنه "يضمن المؤمن تعويض الأضرار الناجمة عن الحريق ولو نشأ هذا الحريق عن عيب في الشيء المؤمن عليه"، ولما كان هذا النص مطلقاً يتناول - على ما جرى به قضاء هذه المحكمة - كل عيب في الشيء المؤمن عليه أياً كان هذا العيب وسواء كان ناجماً عن طبيعة الشيء أو كان عرضياً - وكان القانون في المادة 753 مدني صريحاً في بطلان كل اتفاق يخالف أحكام النصوص الواردة في عقد التأمين إلا أن يكون ذلك لمصلحة المؤمن له أو المستفيد، فإنه يتأدى من هذا أن الشرط الوارد بالفقرة "ز" من المادة السادسة من وثيقة التأمين والذي ينص على أن عقد التأمين لا يضمن الخسارة أو الأضرار التي تلحق الأشياء المؤمن عليها بسبب احتراق ذاتي إلا بنص صريح في الوثيقة - يكون قد وقع باطلاً، ومن ثم فإن الحكم المطعون فيه إذ أجرى حكم هذا الشرط وقضى في الاستئناف رقم 127 سنة 16 ق تجاري برفض دعوى الطاعن قبل شركة التأمين المطعون عليها الأولى، وقضى تبعاً لذلك برفض الاستئناف رقم 105 سنة 16 ق تجاري المرفوع من الطاعن ضد شركة التأمين عن مبلغ 182 ج و600 م الذي رفضته محكمة أول درجة - يكون هذا الحكم قد أخطأ في تطبيق القانون بما يستوجب نقضه في هذا الخصوص.
وحيث إن الطاعن ينعى على الحكم المطعون فيه في قضائه ضده في الدعوى الفرعية بطلبات الشركة المطعون عليها الثانية أنه استند إلى أن الطاعن باعتباره دائناً مرتهناً مسئول عن المحافظة على البضائع المرهونة طبقاً للمادة 1103 مدني رغم تمسكه في دفاعه بأن حيازة هذه البضائع لم تخرج من يد الشركة الراهنة - المطعون عليها الثانية - وأنها هي التي قامت بتشوينها وصيانتها وحراستها دون تدخل البنك - الطاعن - وأن عقد الإيجار المبرم بينها وبين البنك تضمن التزامها بصيانة العين المؤجرة والأشياء الموجودة بها، وأن خطأ المضرور يعفي من المسئولية عملاً بالمادة 165 مدني، وإذ قرر الحكم رغم ذلك أن البنك مسئول عن هلاك البضائع المرهونة ولم يرد على دفاعه مع أنه دفاع جوهري فإنه يكون قد خالف القانون وجاء مشوباً بالقصور.
وحيث إنه لما كان من المقرر طبقاً للمادتين 1049، 1102/ 2 مدني أن هلاك الشيء المرهون يترتب عليه انتقال حق الدائن المرتهن إلى ما حل محله من حقوق ليستوفى دينه منها، وكانت البضاعة المرهونة من شركة مصر لعلف الحيوان والمؤمن عليها قد احترقت وتقرر حق البنك الطاعن وهو الدائن المرتهن في مبلغ التأمين المستحق - وذلك على ما سلف بيانه في الرد على أسباب الطعن المتعلقة بدعواه قبل شركة التأمين - وكان مقتضى ذلك على ما تقدم حلول مبلغ التأمين محل البضاعة المرهونة، لما كان ذلك، وكان إعمال هذا الأثر القانوني وإنزال حكمه في خصوص هذا النزاع من شأنه إن لم يعد هناك محل لرجوع شركة مصر لعلف الحيوان على البنك وحسبها أن تجري المحاسبة بينهما على أساس عقد القرض المضمون بالرهن، فإن الحكم المطعون فيه إذ قضى مع ذلك بمسئولية الطاعن عن هلاك البضاعة المرهونة يكون قد خالف القانون مما يتعين معه نقضه في هذا الخصوص أيضاً.
وحيث إن الموضوع في الاستئنافين رقمي 127 و66 سنة 16 ق تجاري صالح للفصل فيه.
وحيث إنه لما تقدم يتعين رفض الاستئناف رقم 127 سنة 16 ق تجاري وتأييد الحكم الابتدائي فيما قضى به من إلزام شركة التأمين بمبلغ 4713 ج و450 م للبنك الطاعن، وفي الاستئناف رقم 66 سنة 16 ق تجاري بإلغاء الحكم الابتدائي فيما قضى به من إلزام الطاعن بأن يدفع مبلغ 4713 ج و450 م للشركة المطعون عليها الثانية وبرفض دعواها قبله.
وحيث إنه بالنسبة للاستئناف رقم 105 سنة 16 ق تجاري فنظراً لأن الفصل فيه يحتاج لاستجلاء عناصر موضوعية في شأن المبلغ المطالب به وقدره 182 ج و60 م موضوع هذا الاستئناف فإنه يتعين إحالة القضية إلى محكمة الاستئناف في هذا الخصوص.


(1) نقض 18/ 2/ 1960 الطعن رقم 427 لسنة 25 ق. السنة 11 ص 174.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق