جلسة 29 من مارس سنة 1980
برئاسة السيد المستشار الدكتور مصطفى كيره نائب رئيس المحكمة؛ وعضوية السادة المستشارين: حسن السنباطي، محمد حسب الله، الدكتور جمال الدين محمود ويحيى الرفاعي.
-----------------
(190)
الطعن رقم 405 لسنة 49 القضائية
(1) تأمينات اجتماعية "نظام المكافآت الأفضل".
الالتزام بأداء مكافأة نهاية الخدمة وقيمة المكافآت الأفضل. وقوعه على عاتق هيئة التأمينات الاجتماعية دون صاحب العمل. ق 63 لسنة 1964.
(2) تأمينات اجتماعية. فوائد. قانون.
التزام هيئة التأمينات الاجتماعية بفوائد فروق الميزة الأفضل من تاريخ إيداعها حتى تاريخ صرفها للعامل. ق 63 لسنة 1964. ثبوت عدم إيداع هذه الفروق. أثره. عدم جواز إلزام الهيئة بالفوائد تطبيقاً للمادة 226 مدني.
المحكمة
بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر أوراق الطعن - تتحصل في أن المطعون ضده الأول أقام الدعوى رقم 95 لسنة 1976 عمال كلي جنوب القاهرة على الطاعنة والمطعون ضده الثاني بطلب الحكم بإلزامهما متضامنين بأن يدفعا له مبلغ 3761 ج و688 م والفوائد القانونية من تاريخ الاستحقاق في 16/ 12/ 1975 م، وقال بياناً لدعواه أنه كان يعمل بالبنك البلجيكي الذي أطلق عليه اسم بنك بور سعيد بعد تأميمه وأدمج بعد ذلك في البنك المطعون ضده الثاني وأن لما كانت لائحة البنك الخاصة تكفل لمن بلغت خدمته ثلاثين عاماً الحصول على ما يعادل أجر ثمانين شهراً من آخر مرتب كان يتقاضاه ويزاد هذا المبلغ أو يخفض بواقع ثلاثة أشهر تزيد أو تقل عن الثلاثين عاماً، وكانت مدة خدمته قد بلغت حتى تاريخ تقاعده في 16/ 12/ 1975 26 يوم و11 شهر و21 سنة، فإنه يستحق ما يعادل مبلغ 6720 جنيه يخصم منه مبلغ 2958 ج و314 م قيمة ما هو يستحق لصندوق الادخار، فيكون الفرق 3761 ج و688 م وهو فرق الميزة الأفضل المستحق له، ومن ثم فقد أقام دعواه بطلباته سالفة البيان. وبتاريخ 16/ 3/ 1976 قضت المحكمة بندب خبير لأداء المأمورية المبينة بالمنطوق، وبتاريخ 28/ 2/ 1978 حكمت المحكمة برفض الدعوى قبل المطعون ضده الثاني وبإلزام الطاعنة بأن تدفع للمطعون ضده الأول مبلغ 3078 ج 694 م والفوائد بواقع 4% من تاريخ المطالبة القضائية. استأنف المطعون ضده الثاني هذا الحكم أمام محكمة استئناف القاهرة وقيد استئنافه برقم 648/ 95 ق كما استأنفته الطاعنة بالاستئناف رقم 654 سنة 95 ق. وبتاريخ 27/ 12/ 1978م قضت المحكمة برفض الاستئنافين وتأييد الحكم المستأنف. طعنت الطاعنة في هذا الحكم بطريق النقض، وقدمت النيابة العامة مذكرة أبدت فيها الرأي برفض الطعن وعرض الطعن على غرفة المشورة فحددت لنظره جلسة 23/ 2/ 1980. وفيها التزمت النيابة رأيها السابق.
وحيث إن الطاعنة تنعى بالسبب الأول على الحكم المطعون فيه مخالفة القانون والخطأ في تطبيقه، وقالت بياناً لذلك أن الحكم الابتدائي المؤيد بالحكم المطعون فيه قد ألزمها وحدها دون صاحب العمل " المطعون ضده الثاني" بأداء الميزة الأفضل إلى المطعون ضده الأول، في حين أن القانون رقم 63/ 1964 قد ألزم صاحب العمل وحده بأدائها إلى المؤمن عليه عن طريق الهيئة الطاعنة باعتبارها جهة الصرف طبقاً لنص المادة 89 من ذلك القانون وأن مؤدى هذا أن قعود رب العمل عن أداء هذه الميزة إليها يجعله هو الملتزم بها قبل المؤمن عليه فيسوغ للأخير مطالبته مباشرة بها ولا يجوز في هذه الحالة إلزامها بأدائها لأن المشرع عندما ناط بها هذه الميزة قد ربط ذلك بسبق استئدائها لها من صاحب العمل كما أن القانون آنف الذكر قد خلت نصوصه بما يلزمها بصرف الميزة الأفضل إذا كان رب العمل لم يؤديها إليها.
وحيث إن هذا النعي مردود، ذلك أن المادة 89 من قانون التأمينات الاجتماعية الصادر بالقانون رقم 63 لسنة 1964 تنص على أن "المعاشات والتعويضات المقررة وفقاً لأحكام هذا الباب لا تقابل من التزامات صاحب العمل في تأمين الشيخوخة والعجز والوفاة إلا ما يعادل مكافأة نهاية الخدمة القانونية محسوبة على أساس المادة 73 من قانون العمل وأحكام الفقرة الثانية من المادة 2 من القانون رقم 91 سنة 1959 ويلتزم أصحاب الأعمال الذين كانوا يرتبطون حتى آخر يوليو سنة 1961 بأنظمة معاشات أو مكافآت أو ادخار أفضل بقيمة الزيادة بين ما كانوا يتحملونه في تلك الأنظمة ومكافأة نهاية الخدمة القانونية محسوبة على الأساس المشار إليه في الفقرة السابقة وتحسب هذه الزيادة عن كامل مدة خدمة العامل سواء في ذلك مدة الخدمة السابقة أو اللاحقة للاشتراك في الهيئة، وتؤدى عند انتهاء خدمة كل عامل إلى الهيئة كاملة دون إجراء أي تخفيض... "وتنص المادة 95 من ذات القانون على أنه "على الهيئة أن تتخذ من الوسائل ما يكفل تقدير المعاشات أو التعويضات وصرفها خلال أربعة أسابيع من تاريخ تقديم المؤمن عليه طلباً بذلك..." ومفاد ذلك أن الالتزام بأداء مكافأة نهاية الخدمة - بما في ذلك نظام المكافآت الأفضل - يقع على عاتق الهيئة العامة للتأمينات الاجتماعية دون صاحب العمل، لما كان ذلك وكان الحكم المطعون فيه قد التزم هذا النظر فإنه يكون بمنأى عن مخالفة القانون.
وحيث إن الطاعنة تنعى بالسبب الثالث على الحكم المطعون فيه مخالفة القانون والخطأ في تطبيقه وقالت في بيان ذلك أن الحكم الابتدائي المؤيد بالحكم المطعون فيه قضى بإلزامها بفوائد قدرها 4% مستنداً في ذلك إلى المادة 226 من القانون المدني في حين أن مناط تطبيق هذه المادة هو ألا ينص القانون على ما يخالف أحكامها، وأنه إذ كانت المادة 89 من القانون رقم 63 لسنة 1964 والتي تحكم واقعة الدعوى قد نصت على أحكام خاصة بسعر الفائدة وبدء وانتهاء وشروط سريانها، وكانت هذه الأحكام تخالف ما قضت به المادة 226 آنفة الذكر فإن الحكم المطعون فيه إذ أخذ بالأحكام الواردة بها دون الأحكام الواردة بنص المادة 89 يكون قد خالف القانون وأخطأ في تطبيقه.
وحيث إن هذا النعي صحيح، ذلك أنه إذ نص الشارع في الفقرة الثالثة من المادة 89 من قانون التأمينات الاجتماعية الصادر بالقانون رقم 63 سنة 1964 على إلزام هيئة التأمينات الاجتماعية بفوائد مركبة عن مبالغ فروق الميزة الأفضل بمعدل 3% سنوياً وذلك من تاريخ إيداعها في الهيئة حتى تاريخ استحقاقه الصرف، فإن مقتضى ذلك تطبيق حكم هذه المادة دون الأحكام العامة للفوائد الواردة بالمادة 226 من القانون المدني لأنه من المقرر قانوناً أنه مع قيام قانون خاص لا يرجع إلى أحكام القانون العام إلا فيما فات القانون الخاص من الأحكام ولا يجوز إهدار القانون الخاص لأعمال القانون العام لما في ذلك من منافاة صريحة للغرض الذي من أجله وضع القانون الخاص، وإذ كان ذلك وكان الثابت في الدعوى أنه لم يتم إيداع مبلغ فرق الميزة الأفضل المطالب به في الهيئة العامة للتأمينات، فإن طلب إلزام الهيئة بفوائد عن ذلك المبلغ يكون على غير أساس من القانون، وإذ خالف الحكم المطعون فيه هذا النظر فإنه يكون قد خالف القانون ويتعين نقضه نقضاً جزئياً في هذا الخصوص.
وحيث إن الموضوع صالح للفصل فيه، ولما تقدم يتعين إلغاء الحكم المستأنف فيما قضى به من فوائد.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق