جلسة 25 من يناير سنة 1978
برياسة السيد المستشار محمد أسعد محمود نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين: الدكتور إبراهيم صالح، محمد الباجوري، صلاح نصار وإبراهيم فراج.
----------------
(67)
الطعن رقم 319 سنة 44 قضائية
(1) نقض "السبب الجديد". نظام عام. استئناف. إعلان.
إثارة دفاع متعلق بالنظام العام لأول مرة أمام محكمة النقض. شرطه وجوب أن تكون عناصره مطروحة على محكمة الموضوع. مثال بشأن ميعاد الاستئناف.
(2) إيجار "إيجار الأماكن". وفاء.
دعوى المؤجر بإخلاء المستأجر من العين المؤجرة لعدم الوفاء بالأجرة شرط قبولها. تكليف المستأجر بالوفاء. وجوب شمول التكليف على بيان مطابق لحقيقة الأجرة المتأخرة. الاستثناء أن تكون الأجرة محل نزاع.
المحكمة
بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر أوراق الطعن تتحصل في أن الطاعن أقام الدعوى رقم 169 لسنة 1973 مدني أمام محكمة دمياط الابتدائية ضد المطعون عليها طالباً الحكم بإخلائها من العين الموضحة بعقد الإيجار المبرم بينهما وتسليمها له خالية، وقال بياناً لدعواه إنه بموجب عقد إيجار مؤرخ أول يونيه سنة 1970 استأجرت المطعون عليها شقة بالمنزل المملوك له لقاء أجرة شهرية قدرها 3.500 وإذ قعدت عن الوفاء بالأجرة في المدة من أول يناير سنة 1970 حتى آخر يناير سنة 1973 وجملتها 78 ج و500 مليم رغم تكليفها بالوفاء فقد أقام الدعوى بطلباته سالفة البيان. وبتاريخ 23 مايو سنة 1973 حكمت المحكمة بإخلاء المطعون عليها من العين المؤجرة وبتسليمها له. استأنف المطعون عليها هذا الحكم بالاستئناف رقم 116 لسنة 5 ق المنصورة (مأمورية دمياط) دفع الطاعن بسقوط الحق في الاستئناف لرفعه بعد الميعاد، وبتاريخ 3 مارس سنة 1974 قضت المحكمة برفض الدفع وبإلغاء الحكم المستأنف وبعدم قبول الدعوى. طعن الطاعن في هذا الحكم بطريق النقض، وقدمت النيابة العامة مذكرة طلبت فيها رفض الطعن، وعرض الطعن على المحكمة في غرفة مشورة، فرأته جديراً بالنظر وبالجلسة المحددة التزمت النيابة رأيها.
وحيث إن الطعن أقيم على سببين ينعى الطاعن بالسبب الأول منهما على الحكم المطعون فيه الخطأ في تطبيق القانون، وفي بيان ذلك يقول أن الحكم رفض الدفع بعدم قبول الاستئناف شكلاً لرفعه بعد الميعاد على سند من أن المطعون عليها طالما لم تحضر أمام محكمة أول درجة ولم تقدم مذكرة بدفعها فإن ميعاد استئناف الحكم الابتدائي لا يبدأ إلا من تاريخ الإعلان، الأمر الذي لم يقم دليل على حصوله، في حين أن الثابت من الصورة التنفيذية للحكم الابتدائي أنه تم إعلانها به في 24/ 6/ 1973 ولم تودع صحيفة الاستئناف إلا في 1/ 12/ 1973 ومن ثم فإن الاستئناف يكون قد أقيم بعد الميعاد، ويكون الحكم المطعون فيه إذ رفض الاستجابة للدفع قد أخطأ في تطبيق القانون.
وحيث إن النعي مردود، ذلك أنه لما كان المقرر في قضاء هذه المحكمة أن مناط جواز إثارة الدفاع المتعلق بسبب قانوني يتصل بالنظام العام لأول مرة أمام محكمة النقض أن تكون العناصر التي يمكن منها الإلمام به موجودة تحت نظر محكمة الموضوع. لما كان ذلك وكان البين من مدونات الحكم المطعون فيه أنه لم يقدم لمحكمة الاستئناف الدليل على أنه صار إعلان حكم محكمة أول درجة إلى المطعون عليها، وهو الإجراء الذي بمقتضاه ينفتح ميعاد الطعن بطريق الاستئناف، وكان الطاعن وإن أثار الدفع بسقوط الحق في الاستئناف إلا أنه لا يدعي أن الصورة التنفيذية للحكم الابتدائي والتي تم إعلانها للمطعون عليها طرحت على محكمة الاستئناف وكانت تحت بصرها فإن الحكم المطعون فيه يكون قد التزم صحيح القانون بالنظر إلى الواقع المطروح عليه، ويكون النعي عليه تأسيساً على سند لم يسبق عرضه على محكمة الموضوع فإنه يعد سبباً جديداً لا تجوز إثارته لأول مرة أمام محكمة النقض.
وحيث إن الطاعن ينعى بالسبب الثاني على الحكم المطعون فيه مخالفة القانون، وفي بيان ذلك يقول أنه أقام قضاءه بعدم قبول الدعوى على سند من بطلان التكليف بالوفاء لعدم صحة بياناته إذ أورد أن الأجرة الشهرية المستحقة هي مبلغ 350 ج وأن جملة المتأخر منها في المدة من أول يناير 1971 حتى آخر يناير 1973 مبلغ 87 ج و500 مليم، مع أن الأجرة أقل من ذلك طبقاً للثابت بقرار لجنة تقدير الإيجارات الواجب التطبيق علاوة على إقرار الطاعن بسبق تسلمه الأجرة حتى يونيه سنة 1971 عدا مبلغ عشرة جنيهات فيما بعد، في حين أن الأجرة ليست محل نزاع جدي بين الطرفين، فيكون التكليف بالوفاء صحيحاً، بما يبين من عباراته ومن انشغال ذمة المطعون عليها بالأجرة المطالب بها، وهو ما يعيب الحكم بمخالفة القانون.
وحيث إن النعي مردود، ذلك أن مفاد نص الفقرة "أ" من المادة 23 من القانون رقم 52 لسنة 1969 وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة - أن المشرع اعتبر تكليف المستأجر بالوفاء شرطاً أساسياً لقبول دعوى الإخلاء بسبب التأخير في الأجرة، فإذا خلت منه الدعوى أو وقع باطلاً تعين الحكم بعدم قبول الدعوى، ويشترط أن يبين في التكليف بالوفاء الأجرة المستحقة المتأخرة التي يطالب بها المؤجر حتى يتبين المستأجر حقيقة المطلوب منه بمجرد وصول التكليف إليه وإلا فلا ينتج التكليف أثره إلا إذا لم تكن قيمة هذه الأجرة محل خلاف بين الطرفين فلا يشترط عندئذ بيانها، وكان الأصل أنه يجب ألا تجاوز الأجرة المطلوبة في التكليف ما هو مستحق فعلاً في ذمة المستأجر لما كان ذلك وكان الحكم المطعون فيه قد أوضح في مدوناته أن المطعون عليها تمسكت ببطلان التكليف بالوفاء لتضمنه أجرة غير قانونية وغير مستحقة، مستندة إلى قرار لجنة تقدير الإيجارات بتحديد أجرة عين النزاع بمبلغ 2.454 وإلى ما ورد على لسان الطاعن بالدعوى رقم 324 لسنة 1973 مدني بندر دمياط المرددة بين الخصمين من قصر مطالبته بالأجرة على أساس قرار اللجنة سالف البيان، وإقراره بتقاضيه مبلغ عشرة جنيهات من الأجرة المتأخرة، ربما أثبت على لسانه أيضاً في المحضر رقم 3572 لسنة 1973 إداري مركز دمياط من استلام الأجرة المتأخرة حتى يونيه سنة 1971، فإن ما خلص إليه الحكم من أن التكليف بالوفاء حابطة الأثر ولا يصلح أساساً لدعوى الإخلاء لمجاوزته القدر المستحق على المطعون عليها ولتضمنه بيانات غير صحيحة لا مخالفة فيه للقانون، ويضحى ما يسوقه الطاعن من أن الأجرة المتأخرة المثبتة بالتكليف ليست محل نزاع جدي وأنه ثبت انشغال ذمة المطعون عليها بها قولاً مرسلاً لم يقم عليه دليل، ويكون النعي على الحكم بمخالفة القانون على غير أساس.
ولما تقدم يتعين رفض الطعن.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق