جلسة 10 من ديسمبر سنة 1970
برياسة السيد المستشار/ إبراهيم عمر هندي نائب رئيس المحكمة، وعضوية السادة المستشارين: الدكتور محمد حافظ هريدي، والسيد عبد المنعم الصراف، ومحمد سيد أحمد حماد، وعلي عبد الرحمن.
---------------
(200)
الطعن رقم 239 لسنة 36 القضائية
(أ) شفعة. "دعوى الشفعة". "شرط إيداع الثمن".
عدم اشتراط فاصل زمني معين بين إيداع الثمن ورفع دعوى الشفعة.
(ب) دعوى. "رفع الدعوى". تقادم. "قطع التقادم".
عدم اعتبار الدعوى مرفوعة ومنتجة لآثارها إلا بإعلان صحيفتها إلى المدعى عليه. انقطاع التقادم بتقديم الصحيفة لقلم المحضرين استثناء من هذا الأصل.
(ج) شفعة. "إعلان الرغبة".
صحة إعلان الشفيع رغبته في صحيفة الدعوى ما دام قد تم في الميعاد واستكمل جميع مقوماته.
(د) إثبات. "الإحالة إلى التحقيق". محكمة الموضوع. "سلطتها في الإحالة إلى التحقيق".
سلطة محكمة الموضوع في عدم إجابة طلب إحالة الدعوى إلى التحقيق مناط ذلك.
المحكمة
بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر الأوراق - تتحصل في أن صلاح محمد مصطفى درويش (المطعون عليه الأول) أقام الدعوى رقم 302 سنة 1964 كلي بور سعيد ضد علي محمود الديب (الطاعن) وأحمد محمد مصطفى درويش، محمد السعيد مصطفى درويش، فهمي محمد مصطفى درويش (المطعون عليهم من الثاني إلى الرابع) طالباً الحكم بأحقيته في تملك الحصة المبينة بصحيفة الدعوى بالشفعة نظير مبلغ 1800 ج، مع إلزام المدعى عليهم بالمصاريف والأتعاب والنفاذ، وقال في بيان دعواه إنه علم أن المدعى عليهم الثاني والثالث والرابع باعوا للمدعى عليه الأول 3 ط شيوعاً في أرض وبناء المنزل المبين بصحيفة الدعوى بمبلغ 1300 ج، وإذ لم ينذروه رسمياً بحصول البيع باعتباره شريكاً في العقار فقد أعلنهم في 22/ 9/ 1964 برغبته في أخذ الحصة المبيعة بالشفعة، ثم علم بعد ذلك بأن حقيقة الحصة المبيعة 4 ط وثمنها الحقيقي هو 1800 ج فأودع هذا الثمن خزانة محكمة بور سعيد في 19/ 10/ 1964، وأقام الدعوى بطلباته، ودفع المدعى عليه الأول بسقوط حق المدعي في الشفعة لأنه لم يودع الثمن إلا بعد رفع الدعوى وقيدها ولأنه لم يعلن رغبته في الشفعة إلا بالنسبة لـ 3 ط ونظير ثمن قدره 1300 ج، مع أن حقيقة ثمنها 1350 ج ولأنه كان وقت الشراء قاصراً ومشمولاً بولاية والده، وأن هذا الأخير قد وقع على عقود ومحررات تدل على علمه بحصول البيع والتنازل عن الحق في الشفعة، ثم انتهى المدعى عليه الأول في دفاعه إلى طلب إحالة الدعوى إلى التحقيق لإثبات تنازل المدعي عن حقه في الشفعة. وبتاريخ 17/ 2/ 1965 حكمت المحكمة برفض الدفع وبثبوت حق المدعي في الأخذ بالشفعة وبأحقيته في تملك 4 ط من 24 ط من العقار المبين الحدود والمعالم بصحيفة الدعوى، وبعقدي البيع العرفيين المؤرخين 21/ 9/ 1957، 1/ 2/ 1958 بالشفعة نظير الثمن الحقيقي المودع خزانة المحكمة بتاريخ 19/ 10/ 1964، ومقداره 1800 ج وألزمت المدعى عليهم بالمصاريف وثلثمائة قرش مقابل أتعاب المحاماة، ورفضت ما عدا ذلك من الطلبات، واستأنف المدعى عليه الأول هذا الحكم لدى محكمة استئناف المنصورة (مأمورية بور سعيد) طالباً إلغاءه ورفض الدعوى وقيد هذا الاستئناف برقم 38 سنة 6 ق وبتاريخ 6/ 3/ 1966 حكمت المحكمة بقبول الاستئناف شكلاً وفي الموضوع برفضه وتأييد الحكم المستأنف، وطعن الطاعن في هذا الحكم بطريق النقض للسببين الواردين بالتقرير، وعرض الطعن على هذه الدائرة حيث أصر الطاعن على طلب نقض الحكم ولم يحضر المطعون عليهم ولم يبدوا دفاعاً، وصممت النيابة العامة على رأيها الذي أبدته بمذكرتها وطلبت رفض الطعن.
وحيث إن حاصل السبب الأول أن الحكم المطعون فيه قد خالف القانون وأخطأ في تطبيقه وتأويله من وجهين (أولهما) أنه جرى في قضائه على أن قيام الشفيع بإيداع الثمن في نفس اليوم الذي قدمت فيه عريضة الدعوى إلى قلم المحضرين يعتبر إجراء صحيحاً، مستنداً في ذلك إلى ما قرره من أن هذا الإيداع كان سابقاً على رفع الدعوى، لأن الدعوى إنما ترفع بإعلان عريضتها لا بتقديم هذه العريضة إلى قلم المحضرين، وهذا من الحكم مخالفة للقانون وخطأ في تطبيقه لأن المادة 942 من القانون المدني، إذ أوجبت أن يتم إيداع الثمن خزانة المحكمة قبل رفع الدعوى إنما قصدت حصول الإيداع في اليوم السابق على رفعها تحقيقاً لما هدف إليه الشارع من تضييق نطاق استعمال حق الشفعة وأخذاً بما هو مقرر في قانون المرافعات من أنه إذا كان الميعاد مما يجب انقضاؤه قبل الإجراء، فلا يجوز حصول الإجراء إلا بعد انقضاء اليوم الأخير من هذا الميعاد (ثانيهما) إنه اعتبر أن حق الشفيع في الشفعة يظل قائماً طالما لم يوجه إليه إنذار رسمي من أي من البائع أو المشتري، وهو نظر مخالف لحكم المادة 940 من القانون المدني التي جعلت إعلان الرغبة في الأخذ بالشفعة إجراء ضرورياً يجب أن يسبق رفع الدعوى خاصة والمشرع قد جعله بداية حساب مواعيد إيداع الثمن ورفع الدعوى، وإذ كان الهدف من اشتراطه إعطاء الفرصة للمشتري ليقبل ترك الصفقة، ويعفى بذلك من المصاريف القضائية، فإن القول بجواز إعلان الرغبة عند إيداع الثمن أو بذات صحيفة افتتاح الدعوى ينطوي على مصادرة لهذا الهدف، وإذ كان ذلك وكانت دعوى المطعون عليه غير مسبوقة بإعلان الرغبة بالنسبة لقيراط من المساحة المبيعة، وكان الثمن الذي حدده في إعلان الرغبة الحاصلة - بالثلاثة قراريط الأخرى أقل من الثمن الحقيقي البالغ 1350 جنيه، فإنه لا يجدي الشفيع تصحيح الوضع بعريضة الدعوى، لأن هذا التصحيح ليس عرضاً جديداً تم بطريق التقاضي مباشرة، ولم يسبقه إعلان الرغبة طبقاً لما اشترطه القانون.
وحيث إن هذا النعي مردود في الوجه الأول منه، ذلك أنه لما كانت الفقرة الثانية من المادة 942 من القانون المدني تتضمن شرطين (أولهما): أن يودع الشفيع الثمن الحقيقي خزانة المحكمة خلال ثلاثين يوماً على الأكثر من تاريخ إعلان الرغبة، (والثاني) أن يكون هذا الإيداع سابقاً على رفع الدعوى، وكان هدف المشرع من الشرط الثاني - وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة - هو ضمان الجدية في طلب الشفعة دون تحديد فاصل زمني معين بين الإيداع ورفع الدعوى، وإذ يتحقق هذا الهدف بأسبقية الإيداع أو القبلية على رفع الدعوى، فإن اشتراط حصول الإيداع في اليوم السابق يعد قيداً لا يحتمله النص ولما كان النص في المادة 69 من قانون المرافعات السابق على أن "ترفع الدعوى إلى المحكمة بناء على صحيفة تعلن للمدعى عليه على يد أحد المحضرين ما لم يقض القانون بغير ذلك" يدل على أن الدعوى لا تعتبر مرفوعة إلا بإعلان صحيفتها إلى المدعى عليه، وأن أداء الرسم عنها وتقديم صحيفتها إلى قلم الكتاب أو قلم المحضرين مجرداً لا يعتبر رفعاً لها وكان المشرع قد أكد ذلك أيضاً بالنص في المادة 75 من قانون المرافعات بعد تعديلها بالقانون رقم 100 سنة 1962، على أن تعتبر الدعوى قاطعة لمدة التقادم أو السقوط من وقت تقديم صحيفتها إلى قلم المحضرين بعد أداء الرسم كاملاً، أما باقي الآثار التي تترتب على رفع الدعوى فلا تسري إلا من وقت إعلان المدعى عليه بصحيفتها، مما مؤداه أن الدعوى لا تعتبر مرفوعة وتنتج آثارها إلا بإعلان صحيفتها إلى المدعى عليه، وأنه استثناء من هذا الأصل جعل المشرع تقديم الصحيفة لقلم المحضرين قاطعاً لمدة التقادم أو السقوط. لما كان ذلك وكان الحكم المطعون فيه قد التزم هذا النظر، فإن النعي عليه في هذا الوجه يكون على غير أساس. ومردود في الوجه (الثاني) بأن كل ما اشترطته المادة 942 من القانون المدني في إعلان الرغبة أن يكون رسمياً ولم يستلزم حصوله بورقة مستقلة سابقة على إعلان صحيفة الدعوى، ومن ثم فلا على الشفيع إن أعلن رغبته في ذات إعلان الصحيفة، ما دام قد تم في الميعاد واستكمل جميع مقومات إعلان الرغبة، وإذ أخذ الحكم بهذا النظر وكانت الدعوى - على ما يبين من مدونات الحكم - قد استكملت صحيفتها جميع مقومات إعلان الرغبة، فإن النعي بهذا الوجه يكون أيضاً على غير أساس.
وحيث إن الطاعن ينعى في السبب الثاني على الحكم المطعون فيه الإخلال بحقه في الدفاع، وفي بيان ذلك يقول إنه طلب إحالة الدعوى إلى التحقيق لإثبات واقعة نزول المطعون عليه الأول عن الشفعة، وساق القرائن التي تؤيد جدية طلبه من إقامة الشفيع مع والده وإخوته البائعين في ذات العقار المبيع، ومن تعامل الولي على الشفيع معه، باعتباره مالكاً للأربعة قراريط موضوع الشفعة، فضلاً عن الاتفاق والمحاسبة اللذين تما بينهما بتاريخ 1/ 5/ 1963 عن حصته في ريع المنزل وإقرار المحاسبة المؤرخ 1/ 9/ 1962 والدال على سداده مبلغ 55 ج قيمة ما خصه في مصاريف المباني المستحدثة والراحات اللازمة للمنزل وتعامل الوالد معه باسم أولاده الشركاء معه فيه، ومن توقيع الوالد إبان نيابته عن الشفيع على عقدي البيع، بوصفه شاهداً، مما يجعل أثر التوقيع ينصرف إليه وإلى ابنه المطعون عليه الأول المشمول بولايته إلا أن المحكمة الاستئنافية رفضت هذا الطلب، وقضت في الدعوى بحالتها، وفوتت عليه حقه في إثبات النزول عن الحق في الشفعة فأخلت بحقه في الدفاع.
وحيث إن هذا النعي مردود، ذلك أن إجراء التحقيق لإثبات وقائع يجوز إثباتها بالبينة - وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة - ليس حقاً للخصوم تتحتم إجابتهم إليه في كل حالة، بل هو أمر متروك لمحكمة الموضوع ترفض الإجابة إليه - بما لها من سلطة التقدير - إذا لم تكن بها حاجة إليه أو كان غير مجد بالنظر إلى ظروف الدعوى وما هو ثابت فيها من الأدلة والوقائع التي تكفي لتكوين عقيدتها، وبحسبها أن تبين في حكمها الأسباب التي اعتمدت عليها في رفض هذا الطلب، وإذ أقام الحكم المطعون فيه قضاءه في هذا الخصوص على قوله "وحيث إنه عن سقوط الحق بالشفعة للتنازل الضمني. وهو ما تمسك به المستأنف في مذكرته، فإن الشفيع لا يعتبر متنازلاً عن حقه في الشفعة ضمناً، إلا إذا صدر منه ما يفيد أنه اعتبر المشتري مالكاً نهائياً للمبيع، وأن المستأنف لم يذكر من وقائع التنازل الضمني سوى أن والد المستأنف عليه الأول قد وقع شاهداً على أحد عقدي البيع، وأن هذا الوالد كان ولياً على المستأنف عليه حتى بلغ سن الرشد في 9/ 12/ 1958، وأنه بعد ذلك كان يتحاسب معه عن الريع قبل وبعد بلوغ المستأنف عليه هذه السن" وأن "توقيع والد المستأنف عليه على العقد المؤرخ 1/ 2/ 1958 لم يكن مقترناً بصفته المدعى بها، وبالتالي فإنه لا يصح الاستناد إلى هذا التوقيع لانصراف أثره إلى المستأنف عليه الأول وقت أن كان قاصراً خصوصاً وأن التنازل عن الشفعة من أعمال التصرف، أما عن الاتفاق المؤرخ 1/ 5/ 1963 والإقرار الذي يحمل نفس التاريخ فإنهما يمثلان محاسبة بين المستأنف وبين والد المستأنف عليه الأول عن نصيب الأول في ريع المنزل عن حصته المشفوع فيها، فإذا كان الثابت من عقد تمليك المستأنف عليه الأول والعقد المسجل 13/ 6/ 1963 أن ذلك الوالد كان في تاريخ 1/ 5/ 1963 المذكور يملك 10 ط و12 س في منزل النزاع، وكان ملحوظاً أنه لم يوقع على الاتفاق والإقرار، إلا بصفته الشخصية ولم يقدم المستأنف عليه دليلاً على وكالة الوالد عن ولده المستأنف عليه الأول فإنه لا يجدي المستأنف التذرع بهذين المستندين للقول بأن المستأنف عليه الأول قد تنازل ضمناً عن طلب الشفعة لأن محاسبته عن الريع كانت مع الوالد وهو صاحب النصيب الأكبر ولم تكن مع المستأنف عليه" وأن "المستأنف وقد طلب الإحالة إلى التحقيق لإثبات التنازل الضمني لم يذكر شيئاً عن الوقائع التي يمكن أن يستفاد منها هذا التنازل على النحو السابق بيانه في شأن تعريف التنازل الضمني، ولو كان المستأنف جاداً في طلبه لذكر هذه الوقائع كما ذكر واقعة المحاسبة والتي ظهر فساد الاستدلال بها، ومن ثم فإن الحكمة لا ترى مبرراً للاستجابة إلى طلب الإحالة إلى التحقيق" وهذا الذي قرره الحكم سائغاً، ويؤدي إلى النتيجة التي انتهى إليها، ومن ثم فإن النعي بهذا السبب يكون على غير أساس.
وحيث إنه لما تقدم، يتعين رفض الطعن.
(1) نقض 16/ 10/ 1961 مجموعة المكتب الفني سنة 12 ص 619.
نقض 18/ 10/ 1966 مجموعة المكتب الفني سنة 17 ص 1530.
(2) جلسة 28/ 1/ 1969 مجموعة المكتب الفني السنة 20 ص 182.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق