برئاسة السيد المستشار / السيد خلف محمد نائب رئيس المحكمة وعضوية
السادة المستشارين/ حسن يحيى فرغل ، طلبه مهنى محمد السيد عبد الحكيم الطنطاوى
نواب رئيس المحكمة وثروت نصر الدين إبراهيم
وبحضور رئيس النيابة السيد / أحمد حسن .
وأمين السر السيد / محسن على .
--------------
" المحكمة "
بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذى تلاه السيد المستشار
المقرر / طلبه مهنى محمد " نائب رئيس المحكمة " ، والمرافعة ، وبعد
المداولة .
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية .
وحيث إن الوقائع – على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر الأوراق –
تتحصل فى أن الطاعنين أقاماً الدعوى التى صار قيدها برقم 17115 لسنة 1992 مدنى
شمال القاهرة الابتدائية بطلب الحكم على الشركة المطعون ضدها – وفقاً لطلباتهما
الختامية بإلزامها بأن تؤدى لهما مبلغ 30781.300 جنيه " ثلاثين ألفاً سبعمائة
وواحد وثمانين جنيه وثلاثمائة مليم " مقدار ما أسفرت عنه المقاصة بين مديونية
كل منهما للآخر ، ومبلغ 120000 " مائة وعشرين ألف جنيه " تعويضاً عن
الأضرار المادية والأدبية ، وقالاً بياناً لذلك إنه بموجب عقدى اتفاق مؤرخين 19 /
10 / 1987 ، 10 / 2 / 1990 منحت الشركة
المطعون ضدها حق امتياز توريد الأسماك لهما بمنفذها بالإبراهيمية
بالإسكندرية ، إلاَّ أنها خالفت هذا الاتفاق بتوريد أسماك لهما تزيد عن الأسعار
المقررة قانوناً وأصبحت ذمتها مشغولة بفروق أسعار التوريد ومبلغ التأمين وجملتهما
57355.300 جنيه ، ولما كانت الشركة المطعون ضدها دائنة لهما بمبلغ 26574 جنيه
" ثمن الأسماك الموردة لهما وإيجار المنفذ " ويحق لهما بعد إجراء
المقاصة بين الدينين مطالبتها بمبلغ 30781.300 جنيه ، وبالتعويض عن الأضرار
المادية والأدبية بمبلغ 120000 جنيه لامتناعها بعد ذلك دون مبرر عن تنفيذ العقد المبرم
معهما ومن ثم فقد أقاما الدعوى ، حكمت المحكمة برفض الدعوى بحالتها . استأنف
الطاعنان هذا الحكم لدى محكمة استئناف القاهرة بالاستئناف رقم 11421 لسنة 109 ق ،
وبعد أن قدم الخبير الذى ندبته المحكمة تقريره قضت بتأييد الحكم المستأنف . طعن
الطاعنان فى هذا الحكم بطريق النقض وقدمت النيابة مذكرة أبدت فيها الرأى بنقض
الحكم ، وعرض الطعن على هذه المحكمة فى غرفة مشورة فحددت جلسة لنظره وفيها التزمت
النيابة رأيها .
وحيث إن الطعن أقيم على سببين ينعى الطاعنان بالسبب الأول منهما على
الحكم المطعون فيه القصور فى التسبيب لإغفاله الرد على دفاعهما الوارد بوجه حافظة
المستندات المقدمة لمحكمة الاستئناف بأنهما دائنان للشركة المطعون ضدها بفروق
أسعار التوريد التى تجاوزت الأسعار المحددة قانوناً والملزمين بها وفقاً للاتفاق
المبرم معها على خلاف ما انتهى إليه تقرير الخبير المقدم فى الدعوى والذى اطمأن اليه
الحكم المطعون فيه واستدلاً على ذلك بصورة رسمية من تحقيقات النيابة العامة الثابت
بها شهادة أعضاء اللجنة المشكلة لبحث هذا الأمر ، وطلباَ ندب لجنة من ثلاثة خبراء
لتحقيق دفاعهم سالف البيان ، إلاَّ أن المحكمة لم تعرض لهذا الدفاع الجوهرى
إيراداً ورداً بما يعيب حكمها المطعون فيه ويستوجب نقضه .
وحيث إن هذا النعى فى محله ، ذلك أنه لما كان المقرر فى قضاء هذه
المحكمة أن كل طلب أو وجه دفاع يدلى به لدى محكمة الموضوع ويقدم إليها تقديماً
صحيحاً ويطلب إليها بطريق الجزم أن تفصل فيه ويكون الفصل فيه مما يجوز أن يترتب
عليه تغيير وجه الرأى فى الدعوى يجب على محكمة الموضوع أن تجيب عليه بأسباب خاصة ،
وأيا ما كانت الطريقة
التى أبدى بها هذا الدفاع من الخصوم أصحاب الشأن فى تقديمه بالشكل
الذى يريدونه سواء أبدى شفاهة وثبت بمحضر الجلسة أم حوته مذكرة أو تضمنته وجه
حافظة مستندات أو أى ورقة من أوراق الدعوى ، ما بقى قائماً وتحت بصر محكمة الموضوع
والخصوم فيعتبر مطروحاً ويتعين عليها أن تنظر فى أثره فى الدعوى فإن كان منتجاً
فعليها أن تقدر مدى جديته حتى إذا ما رأته متسماً بالجدية مضت إلى فحصه لتقف على
أثره فى قضائها فإن هى لم تفعل كان حكمها قاصراً . كما أن من المقرر أنه إذا أخذت
محكمة الموضوع بتقرير الخبير المقدم فى الدعوى وأحالت فى بيان أسبابها إليه ،
وكانت أسبابه لا تصلح رداً على دفاع جوهرى تمسك به الخصوم من شأنه – لو صح – أن
يتغير به وجه الرأى فى الدعوى ، فإن حكمها يكون معيباً بالقصور . لما كان ذلك وكان
البين من الأوراق أن الطاعنين قد أثبتا على وجه حافظة مستنداتهما المقدمة لمحكمة
الاستئناف بجلسة 23 / 4 / 1996 تمسكهما بإعادة الدعوى لمكتب الخبراء وندب لجنة من
ثلاثة خبراء لتحقيق دفاعهما بشأن مديونيتهما للشركة المطعون ضدها بفروق أسعار
توريد الأسماك لهما بأسعار تزيد عن الأسعار الجبرية المحددة بالقرارات الوزارية
والواردة بالاتفاق المبرم معها ، وقدماً تأييداً لذلك صورة رسمية من تحقيقات
النيابة العامة فى المحضر رقم 629 لسنة 1992 جنح باب شرقى والثابت بها شهادة أعضاء
اللجنة التى شكلتها لبحث هذا الأمر ، وكان الحكم المطعون فيه قد قضى بتأييد الحكم
الابتدائى برفض دعوى الطاعنين متخذاً من تقرير الخبير المقدم فى الدعوى سنداً
لقضائه ودون أن يواجه دفاعهما سالف البيان بما يقتضيه من البحث والتمحيص حال أنه
دفاع جوهرى قد يتغير به – إن صح – وجه الرأى فى الدعوى ، فإنه يكون معيباً بالقصور
فى التسبيب والإخلال بحق الدفاع بما يوجب نقضه فى هذا الخصوص .
وحيث إن الطاعنين ينعيان بالسبب الثانى على الحكم المطعون فيه مخالفة
الثابت بالأوراق والخطأ فى تطبيق القانون لقضائه بعدم قبول طلبهما بالتعويض عن
إخلال الشركة المطعون ضدها بالتزامها بتوريد الأسماك لهما طبقاً للعقد المبرم معها
تأسيساً على أنه طلب جديد لا يقبل إبداؤه لأول مرة أمام محكمة الاستئناف وفقاً لما
تقضى به المادة 235 من قانون
المرافعات ، حال أن الثابت بالأوراق أن طلب التعويض سالف البيان كان
معروضاً على محكمة أول درجة بصحيفة تعديل الطلبات المودعة قلم كتابها بتاريخ 24 /
10 / 1992 والمعلنة للشركة المطعون ضدها بتاريخ 26 / 10 / 1992 ، بما يعيب الحكم
المطعون فيه ويستوجب نقضه .
وحيث إن هذا النعى فى محله ، ذلك بأنه لما كان من المقرر أن مخالفة
الثابت فى الأوراق التى تبطل الحكم هى كما تكون – وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة
– تحريف محكمة الموضوع للثابت مادياً ببعض المستندات والأوراق بما يوصف بأنه مسلك
إيجابى منها تقضى فيه على خلاف هذه البيانات ، فإن مخالفة الثابت فى الأوراق قد
تأتى كذلك من موقف سلبى من المحكمة بتجاهلها هذه المستندات والأوراق وما هو ثابت
فيها . وأنه متى قدم المدعى طلباً عارضاً يتضمن تعديل الطلب الأصلى وفقاً لأحكام
المادة 123 من قانون المرافعات ، فإن هذا الطلب يعتبر بداهة معروضاً على محكمة
الموضوع ويصبح متعيناً عليها بحكم وظيفتها الفصل فيه مادام أن من قدم الطلب العارض
لم يتنازل عنه . لما كان ذلك ، وكان الثابت من الأوراق أن الطاعنين عدلاً طلباتهما
أمام محكمة أول درجة بالإجراءات المعتادة لرفع الدعوى إذ قدما صحيفة تعديل الطلبات
إلى قلم كتاب هذه المحكمة بتاريخ 24 / 10 / 1992 وأعلنت للشركة المطعون ضدها
بتاريخ 26 / 10 / 1992 والتى تضمنت طلباً بإلزامها بأن تؤدى لهما تعويضاً مقداره
120000 جنيه بسبب إخلالها بالتزامها الوارد بالعقد المبرم بين الطرفين بعدم توريد
الأسماك لهما ، وأعادا التمسك بهذا الطلب بصحيفة الاستئناف المرفوع منهما ، فإن
الحكم المطعون فيه إذ قَضى بعدم قبوله تأسيساً على أنه لم يسبق إبداؤه أمام محكمة
أول درجة ويعد طلباً جديداً لا يجوز طرحه أمام محكمة الاستئناف فإنه يكون قد خالف
الثابت بالأوراق مما حجبه عن نظره ، الأمر الذى يعيبه ويوجب نقضه فى هذا الخصوص ،
على أن يكون مع النقض الإحالة .
لذلك
نقضت المحكمة الحكم المطعون فيه وأحالت القضية إلى محكمة استئناف
القاهرة وألزمت الشركة المطعون ضدها المصاريف ومبلغ مائتى جنيه مقابل أتعاب
المحاماة .
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق