جلسة 14 من يونيه سنة 1955
برياسة السيد الأستاذ
مصطفى فاضل المستشار، وبحضور السادة الأساتذة: حسن داود، ومحمود إبراهيم إسماعيل،
واسحق عبد السيد، ومحمد محمد حسنين المستشارين.
----------
(331)
القضية رقم 453 سنة 25
القضائية
(أ) حكم. تسبيبه. تبديد.
القصد الجنائي. تحدث الحكم
عنه بعبارة مستقلة. غير لازم.
(ب) إثبات. خيانة أمانة.
وديعة اضطرارية.
إثباتها بكافة الطرق.
جائز.
)جـ) إثبات.
الظروف المانعة من الحصول
على سند كتابي. تقديره. موضوعي.
-----------
1 - لا يشترط أن يتحدث
الحكم عن القصد الجنائي في جريمة التبديد بعبارة مستقلة، بل يكفى أن يكون هذا
القصد مستفادا من الظروف والملابسات التي أحاطت بالواقعة.
2 - من المتفق عليه أن
الودائع الاضطرارية وكل تصرف حصل في ظروف اضطرارية، والودائع التي يودعها النزلاء
في الفنادق يجوز إثباتها بالبينة والقرائن مهما كانت قيمة الأشياء المودعة لوجود
مانع مادى من الحصول على دليل كتابي (1).
3 - إن تقدير الظروف
المانعة من الحصول على سند كتابي مما يدخل في سلطة قاضى الموضوع.
الوقائع
اتهمت النيابة العامة كلا
من: شعبان إبراهيم محمد - 2- عبد العزيز أحمد عفيفي (الطاعن) -3- بكر إبراهيم محمد.
بأنهم بددوا مبلغ 74 جنيها و700 مليم وحقيبة بداخلها ملابس وأشياء مبينة الوصف
والقيمة بالمحضر لسيد أحمد محمد كانت قد سلمت إليهم على سبيل الوديعة ولحفظها
بخزانة فندق الحرم الزينبى فامتنعوا عن ردها عند المطالبة بها واختلسوها إضرارا
بالمجنى عليه المذكور وذلك حالة كون المتهم الأول عائدا وسبق الحكم عليه بسبع
عقوبات مقيدة للحرية في سرقات وشروع فيها آخرها بحبسه سنة مع الشغل بسرقة في 4 من
يناير سنة 1929. وطلبت عقابهم بالمواد 49/ 2 و51 و52 و341 من قانون العقوبات وقد
ادعى والدا المجنى عليه وهما أحمد محمد احمد ونعيمة حميد خضر "بحق مدنى"
قبل المتهمين جميعا متضامنين وطلبا أن يحكم لهما بقرش صاغ واحد تعويضا مؤقتا. وفى
أثناء نظر الدعوى أمام محكمة جنح السيدة زينب الجزئية طلبت النيابة تعديل وصف
التهمة إلى "سرقة" وبعد أن أتمت المحكمة المذكورة نظرها قضت حضوريا
للأول والثاني وغيابيا للثالث عملا بمواد الاتهام بحبس كل من المتهمين سنة واحدة
بالشغل وكفالة ألفى قرش لكل منهم لوقف التنفيذ بلا مصاريف (ولم تذكر المحكمة شيئا
عن مبلغ التعويض).
فاستأنف المتهم الثاني
والنيابة هذا الحكم وفى أثناء نظرهما أمام محكمة مصر الابتدائية دفع الحاضر عن
المتهم بعدم جواز الإثبات بالبينة لأن الشيء المدعى تبديده تبلغ قيمته أزيد من
عشرة جنيهات. وبعد أن أتمت المحكمة المذكورة نظرهما قضت حضوريا: أولا - بعدم جواز
استئناف النيابة. ثانيا - بقبول استئناف المتهم شكلا وفى الموضوع برفض الدفع بعدم
جواز الإثبات بشهادة الشهود وبجوازه. وتأييد الحكم المستأنف وألزمت المتهم بأن
يدفع قرشا صاغا واحدا على سبيل التعويض المؤقت لوالدي المجني عليه مع إلزام المتهم
بالمصروفات المدنية عن الدرجتين بلا مصروفات جنائية. فطعن الأستاذ لبيب سعد المحامي
الوكيل عن الطاعن في هذا الحكم بطريق النقض.... الخ.
المحكمة
وحيث إن الطاعن ينعى على
الحكم المطعون فيه القصور والخطأ في تطبيق القانون ذلك بأن البيان الذي أورده
الحكم الابتدائي وأخذ به الحكم المطعون فيه لم يصور الواقعة تصويرا صحيحا فقد جاء
به أن أحد المتهمين ويدعى بكر ابراهيم محمد أخذ الوديعة وهرب بها مما يستفاد منه
عدم مسئولية الطاعن عن التبديد، كما لم يبين الحكم نية الاختلاس وهى الركن المعنوي
للجريمة، هذا إلى أن محكمة أول درجة لم تحكم بتعويض ولم تستأنف المدعية بالحقوق
المدنية هذا الحكم ومع ذلك قضى الحكم المطعون فيه بالتعويض ففوت على الطاعن إحدى درجتي
التقاضي كما أنه أغفل الفصل فيما دفع به الطاعن من عدم قبول المدعية بالحقوق
المدنية لانعدام صفتها، وأضاف الطاعن أن الحكم المطعون فيه أسس قضاءه بجواز إثبات
الوديعة بالبينة على ما قاله من أنها وديعة اضطرارية وحصولها نتيجة إكراه وليس هذا
هو الشأن في واقعة الدعوى.
وحيث إن الحكم الابتدائي
المؤيد استئنافيا بالحكم المطعون فيه بين واقعة الدعوى بما تتوافر فيه العناصر
القانونية لجريمة التبديد التي دان الطاعن بها فقال: في هذا البيان "إن واقعة
الدعوى تتحصل فيما قرره المجنى عليه سيد أحمد محمد من أنه نزل بفندق الحرم الزينبى
بالسيدة زينب وأثناء وجوده بالحجرة التي خصصت له حضر إليه الخادم سعد إبراهيم محمد
وكلفه هو بشراء حاجة له وعندئذ لاحظ وجود نقود معه وأشياء أخرى بحقيبة ثم جاء عبد
العزيز أحمد عفيفي كاتب الفندق (وهو الطاعن) وشاهد النقود والأشياء التي معه، ثم
عاد إليه ليلا ومعهما بكر إبراهيم محمد وطلبوا منه تسليمهم ما لديه من نقود وملابس
وأشياء أخرى لإيداعها على ذمته أمانات بالفندق فسلمهم مبلغ 74 جنيها و700 مليم
وحقيبة بداخلها ملابسه وأمتعته ولما طالبهم بردها امتنعوا عن ردها واختلسوها
إضرارا به" ثم أورد الحكم على ثبوت الواقعة قبل الطاعن ومن أدين معه من
المتهمين الآخرين أدلة من شأنها أن تؤدى إلى ما رتبه عليها. لما كان ذلك، وكان
الحكم أثبت أن المتهمين جميعا ومنهم الطاعن حضروا معا واستولوا على الحقيبة
والنقود وأن الطاعن سلم تلك الأشياء بعد ذلك لأحدهم (المتهم الثالث) فهرب بها وهذا
الذي أثبته الحكم لا يعنى عدم مسئولية الطاعن كما يزعم في طعنه ما دام التسليم قد
حصل وقام أحدهم بإخفاء ما سلمه المجنى عليه إليهم فلما طالبهم امتنعوا عن رده. لما
كان ذلك، وكان لا يشترط أن يتحدث الحكم عن القصد الجنائي في جريمة التبديد بعبارة
مستقلة، بل يكفى أن يكون هذا القصد مستفادا من الظروف والملابسات التي أحاطت
بالواقعة وهى كما أوردها الحكم تنتج أن الطاعن وزميليه قد ارتكبوا فعلتهم عن عمد
وبنية حرمان المجنى عليه من نقوده وحقيبته التي يحتفظ فيها بمتاعه، والتصرف فيها
تصرف الملاك، ولما كان الحكم المطعون فيه قد رد على ما دفع به الطاعن من عدم جواز
إثبات الوديعة بالبينة بما قاله من "أن المادة 403/ 1 مدنى نصت على أنه يجوز
أيضا الإثبات بالبينة فيما كان يجب إثباته بالكتابة إذا وجد مانع أدبى أو مادى
يحول دون الحصول على دليل كتابي، والمبلغ والمنقولات المدعى بتسليمها إلى المتهم الثاني
في هذه الدعوى تزيد قيمتها عن 10 جنيهات إذ أن المبلغ وحده 74 جنيها و 700 مليم
ولم يقدم المجنى عليه دليلا كتابيا على تسليمه المبلغ والمنقولات لأحد، إلا أن
المحكمة ترى قيام المانع المادي المنصوص عليه في المادة 403/ 1 مدنى الذي يحول دون
حصول المجنى عليه على دليل كتابي فمن المتفق عليه أن الودائع الاضطرارية وكل تصرف
حصل في ظروف اضطرارية والودائع التي يضعها النزلاء في الفنادق يجوز إثباتها
بالبينة والقرائن مهما كانت قيمة الأشياء المودعة إذ يوجد مانع مادى من الحصول على
دليل كتابي...." وكان ما قاله الحكم من ذلك صحيحا في القانون وكان تقدير
الظروف المانعة من الحصول على سند كتابي مما يدخل في سلطة قاضى الموضوع، لما كان
ذلك وكان المجنى عليه قد شهد أمام محكمة أول درجة بأن النقود التي بددت هي جزء من
مبلغ لوالدته أخذه من خزانتها وكان الحكم الابتدائي قد تحدث عن الدعوى المدنية
بقوله "إن والدى المجنى عليه أحمد محمد أحمد ونعيمه حميد خضر قد أدعيا مدنيا
قبل المتهمين متضامنين بأن يدفعوا لهما مبلغ قرش صاغ على سبيل التعويض المؤقت وترى
المحكمة الحكم لهما بهذا التعويض المؤقت لما أصابهما من أضرار مادية وأدبية من
جراء هذا الحادث" وكانت المحكمة قد سهت عند النطق بالحكم عن النص على التعويض
الذي فصلت فيه فلا تثريب على المحكمة الاستئنافية إذا هي تداركت هذا السهو وضمنت
حكمها القضاء بالتعويض، لما كان ذلك، وكان الطاعن دفع أمام محكمة أول درجة بجلسة
29 من سبتمبر سنة 1952 بعدم قبول نعيمة حميد خضر مدعية بالحقوق المدنية وبعد ذلك
لم يثر الطاعن ولا محاميه هذا الدفع بل يبين من محضر جلسة 7 من ديسمبر سنة 1953 أن
الطاعن حضر ووجهت الدعوى المدنية إليه وإلى باقي المتهمين ولم يعترض على اشتراك
المدعية المذكورة كما لم يشر الحاضر عنه في مرافعته التي أبداها بالجلسة الأخيرة
قبل الحكم إلى دفعه السابق مما مفاده أنه تنازل عنه، وفضلا عن ذلك فان القضاء
بالتعويض شمل والد المجنى عليه وألزم المتهمين متضامنين والطاعن لا ينازع في صفة
الوالد لما كان ذلك فلا يعيب الحكم سكوته عن الرد على ما كان الطاعن قد أثاره في هذا
الشأن.
وحيث إنه لما تقدم يكون
الطعن برمته على غير أساس متعينا رفضه موضوعا.
(1) ذكر الحكم المطعون فيه هذه القاعدة وأقرته عليها محكمة النقض.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق