جلسة 15 من مايو سنة 1950
برياسة حضرة صاحب السعادة أحمد محمد حسن باشا رئيس المحكمة وبحضور حضرات أصحاب العزة أحمد حسني بك وفهيم عوض بك وإبراهيم خليل بك ومحمد غنيم بك المستشارين.
-----------------
(207)
القضية رقم 392 سنة 20 القضائية
حكم. تسبيبه.
بيع جبن مغشوش لوجود باسيلس كولي. القول بعلم المتهم بالغش لكونه يزاول عملية الجبن وذا مصلحة فيه. لا يكفي.
الوقائع
اتهمت النيابة العامة كلا من:1 - إبراهيم محمد شاروني و2 - عبد الفتاح علي فرحات و3- عبد الهادي السيد بأنهم باعوا جبناً مغشوشاً به باسيلس كولي بكثرة مما يجعلها غير صالحة للأكل مع علمهم بذلك. وطلبت عقابهم بالمواد 2 و7 و8 و9 من القانون رقم 48 لسنة 1941، ومحكمة بندر المنصورة الجزئية بعد أن أتمت سماع هذه الدعوى قضت فيها حضورياً عملا بمواد الاتهام بالنسبة للثاني والثالث والمادة 7 من القانون رقم 48 لسنة 1941، للأول بتغريم المتهم الأول 100 قرش وتغريم كل من المتهمين الثاني والثالث 500 قرش مع مصادرة الجبن المضبوطة وبلا مصاريف جنائية. فاستأنف المتهمان (الطاعنان) هذا الحكم وقيد استئنافهما برقم 2550 سنة 1949.
ومحكمة المنصورة الابتدائية بعد أن أتمت سماع هذه الدعوى قضت فيها حضوريا بقبول الاستئناف شكلا وفي الموضوع برفضه وتأييد الحكم المستأنف بلا مصاريف.
فطعن الطاعنان في هذا الحكم بطريق النقض الخ الخ.
المحكمة
وحيث إن مما ينعاه الطاعنان على الحكم المطعون فيه أنه حين دانهما "بأنهما باعا جبنا مغشوشا به "باسيلس كولي" بكثرة مما يجعله غير صالح للأكل مع علمهما بذلك" جاء باطلا لقصوره ولاستناده إلى أسباب لا تؤدي إلى النظر الذي انتهى إليه عن ثبوت العلم. وفي بيان ذلك يقولان إنهما تمسكا في دفاعهما بأن الميكروب (باسيلس كولي) يوجد في المعدة وفي كل كائن حتى الإنسان والحيوان وأنه يتوالد في اللبن وأن لا مصلحة لهما في الأمر، إذ أن انعدام الميكروب لا يضرهما ماديا وأن هذا الميكروب لا يمكن رؤيته بالعين المجردة ولا يمكن التحقق منه إلا بطرق فنية، ولكن محكمة أول درجة أغفلت هذا الدفاع ودانتهما، ولما استأنفا هذا الحكم قررا التمسك بهذا الدفاع وطلبا من باب الاحتياط اعتبار الواقعة مخالفة أو استدعاء المحلل البكتريولوجي لمناقشته لمعرفة ما إذا كان في إمكانهما أن يعلما دون ما تحليل ما إذا كان بالجبن ميكروب (باسيلس كولي) من عدمه، ولكن المحكمة الاستئنافية قضت بتأييد الحكم وتعرضت لركن العلم وقالت بتوفره وأوردت أسبابا لا تفيد ثبوته لديهما.
وحيث إن الحكم الابتدائي بعد أن بين الواقعة وذكر ما تبين من التحقيق من أن بالجبن (باسيلس كولي) بكثرة، عرض أقوال مفتش الأغذية بالجلسة وقال "إنه قرر أن الصفيحة التي أخذت منها العينة كانت مقفلة وأنه لم يكن في مقدور المتهم الأول (المشتري من الطاعنين) أن يعلم بتلف الجبن أو فساده ولهذا يتعين اعتبار الواقعة مخالفة بالنسبة له طبقاً للمادة 7 من القانون رقم 48 لسنة 1941". ثم تعرضت المحكمة الاستئنافية لركن العلم لدى الطاعنين فقالت "إنه مستفاد من مزاولة المتهمين لعملية الجبن في معملهما، الأمر الذي يجعلهما ذوي مران كاف لمعرفة الخبيث من الطيب فضلا عن أن مصلحتهما ظاهرة من هذا الغش". ولما كان المدافع عن الطاعنين قد أشار في مرافعته بالجلسة إلى أن الميكروب موجود في معدة الإنسان وفي كل كائن حي وأنه يتوالد في اللبن، وكان الغش على ما يبين في الدعوى موضوعه وجود (باسيلس كولي) بالجبن بكثرة تجعله غير صالح للأكل. لما كان الأمر كذلك فإن ما أوردته المحكمة من أسباب لثبوت العلم بناء على مجرد المزاولة والمران وما قالته عن ظهور مصلحتهما فيه لا يكفي لأن تحمل عليه الإدانة، لأن ذلك ليس من شأنه في واقع الدعوى أن يؤدي إلى ثبوت تلك الحقيقة القانونية، كما أنه لا يجوز القول بأن للمتهم مصلحة من وراء هذا الغش وأنه يفيد بها في ثبوت علمه ما دام لم يقم الدليل على قيام تلك المصلحة بالفعل.
وحيث إنه لما تقدم يتعين قبول الطعن ونقض الحكم المطعون فيه وذلك من غير حاجة لبحث باقي أوجه الطعن.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق