جلسة 29 من مايو سنة 1967
برياسة السيد المستشار/ حسين صفوت السركي نائب رئيس المحكمة، وعضوية
السادة المستشارين: محمد عبد المنعم حمزاوي، ونصر الدين عزام، ومحمد أبو الفضل
حفني، وأنور أحمد خلف.
------------------
(145)
الطعن
رقم 985 لسنة 36 القضائية
دعوى جنائية. "انقضاؤها". قوة الأمر المقضي. شيك بدون رصيد.
ارتباط.
صدور حكم في موضوع الدعوى
الجنائية. عدم جواز إعادة نظرها إلا بالطعن في هذا الحكم بالطرق المقررة في
القانون. المادة 454 إجراءات.
إصدار المتهم عدة شيكات
مقابل ثمن بضاعة اشتراها صفقة واحدة. اعتبار ذلك نشاطا إجراميا لا يتجزأ. انقضاء
الدعوى الجنائية بصدور حكم نهائي واحد بالإدانة أو بالبراءة في إصدار أي شيك منها.
--------------------
نصت المادة 454 من قانون
الإجراءات الجنائية على أنه: "إذا صدر حكم في موضوع الدعوى الجنائية، فلا
يجوز إعادة نظرها إلا بالطعن في هذا الحكم بالطرق المقررة في القانون". ولما
كان المتهم قد أثبت أن الشيك موضوع الدعوى الحالية يمثل جزءا من ثمن بضاعة اشتراها
صفقة واحدة من ذات الشركة البائعة، وحرر عنها الشيكات التي دين نهائيا في إصدار
أحدها بغير رصيد قبل محاكمته والحكم عليه في هذا الدعوى، وبذلك فإن ما قارفه من
إصدار الشيكات المذكورة كلها أو بعضها بغير رصيد يكون نشاطا إجراميا لا يتجزأ
تنقضي الدعوى الجنائية عنه بصدور حكم نهائي واحد بالإدانة أو بالبراءة في إصدار أي
شيك منها. ومن ثم فإن ما دفع به المتهم التهمة المسندة إليه من انقضاء الدعوى
الجنائية بقوة الأمر المقضي يكون صحيحا متعين الرفض.
الوقائع
اتهمت النيابة العامة الطاعن بأنه في يوم 20 يونيه سنة 1958 بدائرة
قسم المنشية: أعطى بسوء نية للحارس على شركة التضامن "سوفير وعمار" شيكا
بدون رصيد وغير قابل للسحب مع علمه بذلك. وطلبت عقابه بالمادتين 336 و337 من قانون
العقوبات. ومحكمة المنشية الجزئية قضت غيابيا بتاريخ 24 يونيه سنة 1959 عملا
بمادتي الاتهام بحبس المتهم ستة أشهر مع الشغل وكفالة 50 ج. فعارض وقضى في معارضته
بتاريخ 20 يناير سنة 1960 بقبول المعارضة شكلاً وفي الموضوع برفضها وتأييد الحكم
الغيابي المعارض فيه. فاستأنف المتهم هذا الحكم. ومحكمة الإسكندرية الابتدائية -
بهيئة استئنافية - قضت غيابيا بتاريخ 26 ديسمبر سنة 1960 بقبول الاستئناف شكلاً وفي
الموضوع برفضه وتأييد الحكم المستأنف، فعارض وقضى في معارضته بتاريخ 6 مارس سنة
1961 باعتبارها كأن لم تكن. فطعن الطاعن في هذا الحكم بطريق النقض. وقضى في هذا
الطعن بتاريخ 26 مارس سنة 1962 بقبوله شكلاً وفي الموضوع بنقض الحكم المطعون فيه
وإحالة القضية إلى محكمة الإسكندرية الابتدائية لتحكم فيها من جديد هيئة استئنافية
أخرى. وأعيدت الدعوى ثانية إلى محكمة الإسكندرية الابتدائية التي قضت فيها بتاريخ
4 نوفمبر سنة 1965 بقبول الاستئناف شكلاً وفي الموضوع بتعديل الحكم المستأنف
والاكتفاء بحبس المتهم شهرا واحدا مع الشغل بلا مصاريف. فطعن الطاعن في هذا الحكم
للمرة الثانية بطريق النقض. وبجلسة 13 أكتوبر سنة 1966 قضت محكمة النقض بقبول
الاستئناف شكلاً وفي الموضوع بنقص الحكم المطعون فيه وتحديد جلسة لنظر الموضوع....
الخ.
المحكمة
من حيث إن واقعة الدعوى - بحسب تصوير الاتهام - تتحصل فيما أبلغ وشهد
به في محضر الاستدلال السيد/ محمد فهمي محسب مدير إدارة قضايا الجمارك والحارس على
شركة التضامن (سوفير وعمار) بالإسكندرية من أن المتهم شاكر تادرس سمعان التاجر
بالأزهر أصدر لحساب الشركة - ثمنًا لبضاعة اشتراها من الأقمشة - الشيك رقم 44125
بمبلغ 562 جنيهًا مسحوبا على بنك القاهرة - فرع القاهرة - بتاريخ 20 من يونيه سنة
1958 وعند تقديم الشيك إلى المصرف تبين أن الساحب لا رصيد له، وأفاد البنك بالرجوع
على الساحب بتأشيرة منه مؤرخة في 23 يونيه سنة 1958 وأضاف أن للمتهم واقعة مماثلة
ضبطت لها القضية رقم 2647 سنة 1958 جنح المنشية، وقدم إثباتا لدعواه الشيك
المذكورة وإفادة البنك بما ذكر.
وحيث إن المتهم دفع - في
مراحل الدعوى كافة - التهمة المسندة إليه بقوة الأمر المقضي في القضية رقم 2647
سنة 1958 المنشية والمقيدة برقم 2936 سنة 1958 استئناف الإسكندرية وأورد في بيان
دفعه وتفصيل أسانيده أنه اشترى من الشركة التي نصب المبلغ حارسا عليها بضاعة بموجب
فاتورة مؤرخة في 26 من مارس سنة 1958 بمبلغ 2462 جنيها حرر به شيكات أربعة أحدها
الشيك رقم 44122 بمبلغ 800 جنيه في تاريخ الشراء وقد تم صرفه، أما الشيكات الثلاثة
الأخر التي أعطيت بتاريخ استحقاق لاحق فهي الشيك رقم 441224 بمبلغ 600 جنيه، وقد
ضبطت عن واقعة إصداره القضية المذكورة وحوكم وحكم عليه نهائيا بتغريمه خمسة جنيهات
ثم الشيك رقم 441225 مبلغ 562 جنيهًا وهو موضوع الدعوى الحالية والشيك رقم 437250
بمبلغ 500 جنيه، فيكون المجموع مطابقا للثمن الذي اشترى به البضاعة صفقة واحدة في
مجلس عقد واحد من ذات البائع.
وحيث إن المتهم قدم
إثباتا لصحة دفعه صورة شمسية لفاتورة مؤرخة في 26 مارس سنة 1958 عن بضاعة اشتراها
من الشركة بمبلغ 2462 جنيهًا وإيصالاً اطلع عليه محقق الشرطة مؤرخا في ذات التاريخ
يفيد استلام المبلغ للشيكات سالفة البيان وفاء لحسابه. ويبين من الاطلاع على
الشهادة الصادرة من جدول نيابة الإسكندرية الكلية والمؤرخة 15 أبريل سنة 1964 أن
القضية رقم 2936 سنة 1958 (2647 سنة 1958 منشية) قيدت ضد المتهم شاكر تادرس سمعان
لأنه في يوم 20 مايو سنة 1958 بدائرة المنشية أعطى بسوء نية لمحمد فهيم محسب شكيا
بدون رصيد. وحكم عليه بمقتضى المادتين 336 و337 من قانون العقوبات ابتدائيا
بتغريمه 5 جنيهات سددها فاستأنفت النيابة العامة وحكم غيابيا في 2 يونيه سنة 1959
بتأييد الحكم المستأنف، وأعلن المحكوم عليه بهذا الحكم في 30 يونيه سنة 1959 فلم
يعارض وصار الحكم نهائيا كما رددت المذكرة المستخرجة من واقع جدول النيابة العامة
بتاريخ 14 يونيه سنة 1966 نفس البيان وجاء بها أن القضية أرسلت للمستغني.
وحيث إن السيد محمد فهمي
محسب شهد أمام هذه المحكمة بما يؤيد دفع المتهم جملة وتفصيلاً، إذ قرر أن المتهم
اشترى من الشركة بضاعة عجل جزءا من ثمنها نقدا وبلغ 800 ج والباقي حرر به شيكات
حوكم نهائيا عن إصدار أولها بغير رصيد وحكم بتغريمه خمسة جنيهات.
وحيث إنه يبين مما تقدم
أن المتهم قد أثبت بما فيه الكفاية أن الشيك موضوع الدعوى الحالية يمثل جزءا من
ثمن بضاعة اشتراها صفقة واحدة في 26 مارس سنة 1958 من ذات الشركة البائعة، وحرر
عنها الشيكات التي دين نهائيا في إصدار أحدها بغير رصيد قبل محاكمته والحكم عليه
في هذه الدعوى، وبذلك فإن ما قارفه من إصدار الشيكات المذكورة كلها أو بعضها بغير
ر صيد يكون نشاطا إجراميا لا يتجزأ ينقضي الدعوى الجنائية عنه بصدور حكم نهائي
واحد بالإدانة أو بالبراءة في إصدار أي شيك منها. لما كان ذلك، وكانت المادة 454
من قانون الإجراءات الجنائية قد نصت على أنه إذا صدر حكم في موضوع الدعوى
الجنائية، فلا يجوز إعادة نظرها إلا بالطعن في الحكم بالطرق المقررة في القانون،
ومن ثم فإن ما دفع به المتهم التهمة المسندة إليه من انقضاء الدعوى الجنائية بها
بقوة الأمر المقضي يكون صحيحا متعين القبول، ويكون الحكم المستأنف قد جانب الصواب
في إدانته، فيتعين إلغاؤه والقضاء ببراءة المتهم مما نسب إليه.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق