جلسة 10 من نوفمبر سنة 2015
(114)
الطعن رقم 31660 لسنة 84 القضائية
(1) نقض " أسباب الطعن . توقيعها ". نيابة
عامة .
وجوب توقيع أسباب الطعن المرفوعة من النيابة
العامة من محام عام على الأقل. أساس ذلك ؟
توقيع مذكرة الأسباب من رئيس نيابة . أثره : عدم
قبول الطعن شكلاً . التأشير بالنظر من المحامي العام الأول . لا يغير من ذلك . علة
ذلك ؟
توقيع مذكرة الأسباب
بتوقيع لا يقرأ يستحيل معه معرفة صاحبه . أثره : عدم قبول الطعن شكلاً .
(2) حكم " بيانات
التسبيب " .
عدم رسم القانون شكلاً
أو نمطاً لصياغة الحكم . كفاية أن يكون ما أورده الحكم كافياً لتفهم الواقعة
بأركانها وظروفها .
(3) إثبات " بوجه
عام " . تجمهر . جريمة " أركانها " . قصد جنائي . مسئولية جنائية .
قانون " تفسيره " . حكم " تسبيبه . تسبيب غير معيب " .
جريمة التجمهر المؤثمة بالمادتين 2 ، 3 من
القانون 10 لسنة 1914 بشأن التجمهر. شروطها ؟
تدليل الحكم على توافر العناصر الجوهرية لقيام
جريمة التجمهر وإيراد ما يُنبئ عن ثبوتها في حق الطاعنين جميعاً . كافٍ .
(4) استعمال القوة والعنف
مع موظف عام . سلاح . ذخائر . جريمة " أركانها " . قصد جنائي . قانون " تفسيره " . حكم "
تسبيبه . تسبيب غير معيب " .
الركنان المادي والأدبي في
الجناية المنصوص عليها في المادة 137 مكرراً (أ) عقوبات . مناط
تحققهما ؟
مثال لتسبيب سائغ لحكم صادر بالإدانة بجنايتي استعمال
القوة والعنف مع موظف عام وإحراز أسلحة نارية وذخائر بدون ترخيص .
(5) قتل
عمد . قصد جنائي . إثبات " بوجه عام " . محكمة
الموضوع " سلطتها في تقدير توافر القصد الجنائي " . حكم "
تسبيبه . تسبيب غير معيب " .
قصد القتل . أمر خفي .
إدراكه بالظروف المحيطة بالدعوى والأمارات والمظاهر الخارجية التي يأتيها الجاني
وتنم عما يضمره في نفسه . استخلاص توافره . موضوعي.
مثال .
(6) نقض
" المصلحة في الطعن " . عقوبة " العقوبة المبررة " .
لا مصلحة للطاعنين في
النعي على الحكم بشأن جرائم الانضمام إلى جماعة أُسست على خلاف أحكام القانون
والشروع في تخريب مبنى عام تنفيذاً لغرض إرهابي وتعريض وسائل النقل العامة للخطر .
مادام دانهم بجرائم أخرى وعاقبهم بالعقوبة المقررة لإحداها .
(7) محكمة الموضوع
" سلطتها في استخلاص الصورة الصحيحة لواقعة الدعوى " . وصف التهمة . نقض " أسباب الطعن . ما لا يقبل منها " .
النعي بأن الواقعة مجرد
جنحة بموجب المادة 76 من القانون 84 لسنة 2002
. منازعة في الصورة التي اعتنقتها
المحكمة للواقعة وجدل موضوعي في
سلطة المحكمة
في استخلاص الصورة الحقيقية لواقعة الدعوى . غير مقبول .
إثارة
نعي الطاعنين بخصوص وصف التهمة لأول مرة أمام محكمة النقض . غير جائزة .
(8) دفوع
" الدفع ببطلان إجراءات المحاكمة " . محكمة الجنايات " اختصاصها " . حكم " وضعه والتوقيع عليه وإصداره " . إجراءات " إجراءات المحاكمة " .
اختصاص " الاختصاص النوعي " .
صدور الحكم من دائرة مُشكلة من ثلاثة من مستشاري
محكمة الاستئناف بوصفها محكمة جنايات . صحيح . اختصاص هذه الدائرة دون غيرها بنظر
الدعوى . لا يؤثر في ذلك . التزام الحكم هذا النظر في اطراحه الدفع ببطلان إجراءات
المحاكمة . صحيح . علة ذلك ؟
(9)
دفوع " الدفع ببطلان التحقيق " . نيابة عامة . إجراءات " إجراءات
التحقيق " . قانون " تفسيره " . حكم " تسبيبه . تسبيب غير معيب " .
المادتان 199 ، 206
مكرراً إجراءات جنائية . مفادهما ؟
مثال لتسبيب سائغ لاطراح الدفع ببطلان تحقيقات النيابة
لإجرائها من عضو بها بدرجة تقل عن رئيس نيابة .
(10) دفوع " الدفع
ببطلان القبض والتفتيش " . إجراءات " إجراءات التحقيق " . دفاع " الإخلال بحق الدفاع . ما لا يوفره " . حكم " تسبيبه . تسبيب غير
معيب " .
تعييب الإجراءات السابقة على المحاكمة . لا يصح سبباً
للطعن على الحكم .
مثال لرد سائغ على
الدفع ببطلان القبض والتفتيش الحاصل من الأهالي .
(11) استدلالات . إثبات "بوجه عام" "شهود
" . محكمة الموضوع " سلطتها في تقدير الدليل " . نقض "
أسباب الطعن . ما لا يقبل منها " .
للمحكمة
التعويل على تحريات الشرطة باعتبارها قرينة معززة لما ساقته من أدلة أساسية .
عدم إفصاح مأمور الضبط
القضائي عن مصدر التحريات أو وسيلته في التحري أو قصر مدته أو شمولها أكثر من شخص .
لا يقدح في جدية التحريات .
الجدل الموضوعي في سلطة
المحكمة في تقدير عناصر الدعوى . خارج عن رقابة محكمة النقض .
(12)
تظاهر . تجمهر . حكم " تسبيبه . تسبيب غير معيب " . قانون " تطبيقه
" . نقض "المصلحة في الطعن " .
اختلاف جريمة الاشتراك
في تظاهرة عن جريمة التجمهر ولكل منهما قانوناً مستقلاً .
نعي الطاعنين على الحكم
بشأن خلوه من بيان مدى اتباع رجال الضبط للإجراءات المنصوص عليها في القانون 107
لسنة 2013 في فض التظاهرة . غير مقبول . مادام متعلقاً بجريمة غير معروضة على
المحكمة .
(13) إثبات " بوجه عام" " شهود " .
محكمة الموضوع " سلطتها في استخلاص الصورة الصحيحة لواقعة الدعوى "
" سلطتها في تقدير أقوال الشهود " . حكم " تسبيبه . تسبيبه غير معيب " . نقض " أسباب الطعن . ما لا
يقبل منها " .
استخلاص الصورة الصحيحة
لواقعة الدعوى . موضوعي . مادام سائغاً .
وزن أقوال الشهود
وتقديرها . موضوعي .
أخذ محكمة الموضوع بشهادة
شاهد . مفاده ؟
للمحكمة الأخذ بأقوال الشهود في أية مرحلة من
مراحل التحقيق أو المحاكمة . مادامت قد
اطمأنت إليها .
عدم اتفاق أقوال شهود
الإثبات في بعض تفاصيلها . لا يقدح في سلامة الحكم . حد ذلك ؟
الجدل الموضوعي في تقدير الدليل وفي حق المحكمة
في استخلاص صورة الواقعة . غير جائز أمام محكمة النقض .
(14) دفوع " الدفع بنفي التهمة "
. دفاع " الإخلال بحق الدفاع . ما لا يوفره " .
الدفع بنفي التهمة . موضوعي . لا
يستأهل رداً . استفادة الرد عليه من أدلة الثبوت التي أوردها الحكم .
(15) إثبات "
أوراق رسمية " " بوجه عام " " شهود " . حكم " ما
لا يعيبه في نطاق التدليل "
" تسبيبه . تسبيب غير معيب " . محكمة الموضوع " سلطتها في تقدير
الدليل ". نقض " أسباب الطعن . ما لا يقبل منها " .
الأدلة في المواد الجنائية إقناعية . للمحكمة
الالتفات عن دليل النفي ولو حملته أوراق رسمية . حد ذلك ؟
الجدل الموضوعي في تقدير الأدلة واستنباط
المحكمة لمعتقدها . غير جائز أمام محكمة النقض .
للمحكمة الإعراض عن
قالة شهود النفي . ما دامت لا تثق بما شهدوا به . عدم التزامها بالإشارة إلى
أقوالهم . قضاؤها بالإدانة لأدلة الثبوت . مفاده : اطراحها .
(16) إثبات " بوجه
عام " " شهود " . محكمة الموضوع " سلطتها في تقدير الدليل ".
حكم " ما لا يعيبه في نطاق التدليل " .
تقدير الأدلة بالنسبة لكل
متهم . موضوعي .
لمحكمة
الموضوع الاطمئنان إلى الأدلة بالنسبة لمتهم وعدم الاطمئنان إليها بالنسبة لمتهم
آخر .
لمحكمة الموضوع وزن
أقوال الشاهد والأخذ منها بما تطمئن إليه في حق متهم واطراح ما لا تطمئن إليه منها
في حق متهم آخر . علة ذلك ؟
(17) إثبات " معاينة " . إجراءات " إجراءات
المحاكمة " . دفاع " الإخلال بحق الدفاع . ما لا يوفره " .
للمحكمة الإعراض عن أوجه دفاع المتهم . متى كانت
الواقعة قد وضحت لديها أو كان الأمر المطلوب تحقيقه غير منتج في الدعوى .
طلب إجراء المعاينة الذي
لا يتجه إلى نفي الفعل المكون للجريمة ولا إلى إثبات حصوله . دفاع موضوعي . لا تلتزم المحكمة بإجابته .
مثال .
(18) إثبات
" بوجه عام " . محكمة الموضوع " سلطتها في تقدير الدليل ". دفوع
" الدفع بعدم الوجود على مسرح الجريمة " " الدفع بشيوع التهمة
" " الدفع بتلفيق التهمة " " الدفع بنفي التهمة " "
الدفع بعدم معقولية تصوير الواقعة " . نقض " أسباب الطعن . ما لا يقبل
منها " .
الدفع بانتفاء الصلة
بالمضبوطات وشيوع التهمة وتلفيقها وعدم معقولية تصوير الواقعة ونفي التواجد بمسرح
الجريمة . موضوعي . لا تستوجب رداً . استفادة الرد ضمناً من أدلة الثبوت التي
أوردها الحكم .
الجدل الموضوعي في صورة
الواقعة وتقدير أدلة الثبوت . غير جائز أمام محكمة النقض.
(19) إثبات " بوجه عام " "شهود" .
حكم " ما لا يعيبه في نطاق التدليل " " تسبيبه . تسبيب غير معيب "
.
نعي الطاعن على الحكم إيراده عبارة ليس لها سند
في الأوراق . غير مقبول . ما دامت لم تكن لها أثر في منطقه أو في النتيجة التي
انتهى إليها .
العلم بالأحداث التي مرت بها البلاد . علم عام
بما يجري بين الناس في الوطن . النعي بخطأ الحكم في الإسناد لاستناده في ذلك لغير
الثابت بالأوراق . غير مقبول .
(20) إجراءات " إجراءات المحاكمة " . دفاع
" الإخلال بحق الدفاع . ما لا يوفره " . نقض " أسباب الطعن . ما لا يقبل منها " .
النعي على المحكمة تكوين عقيدتها في الدعوى قبل
سماع مرافعة الدفاع لأول مرة أمام محكمة النقض . غير جائزة . علة ذلك ؟
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1- من
المقرر أن الفقرة الثالثة من المادة 34 من قانون حالات وإجراءات الطعن أمام محكمة
النقض قد أوجبت بالنسبة إلى الطعون المرفوعة من النيابة العامة أن يوقع أسبابها
محام عام على الأقل وإلَّا كانت باطلة وغير ذات أثر في الخصومة ، وكان البيّن من
مذكرة أسباب الطعن أنها موقع عليها من الأستاذ / .... رئيس نيابة .... ، فإن الطعن
يكون قد فقد مقوماً من مقومات قبوله ، ولا يغير من ذلك التأشير من المحامي العام
الأول على مذكرة أسباب الطعن بالنظر ، إذ إن تلك التأشيرة بمجردها لا تفيد اعتماده
لها أو الموافقة عليها ، فضلاً عن أنها بدورها موقعة بتوقيع لا يقرأ يستحيل معه
معرفة صاحبها ، ويتعين من ثم الحكم بعدم قبول طعن النيابة العامة شكلاً .
2- من المقرر أن
القانون لم يرسم شكلاً أو نمطاً يصوغ فيه الحكم بيان الواقعة المستوجبة للعقوبة
والظروف التي وقعت فيها ، فمتى كان مجموع ما أورده الحكم كافياً في تفهم الواقعة
بأركانها وظروفها حسبما استخلصته المحكمة – كما هو الحال في الدعوى الراهنة – فإن
ذلك يكون محققاً لحكم القانون ، ومن ثم فإن نعي الطاعنين على الحكم بالقصور في هذا
الصدد لا يكون سديداً .
3- لما كانت المادتان
الثانية والثالثة من القانون رقم 10 لسنة 1914 في شأن التجمهر حددتا شروط قيام
التجمهر قانوناً في أن يكون مؤلفاً من خمسة أشخاص على الأقل وأن يكون الغرض منه
ارتكاب جريمة أو منع أو تعطيل تنفيذ القوانين أو اللوائح أو التأثير على السلطات
في أعمالها أو حرمان شخص من حرية العمل باستعمال القوة أو التهديد باستعمالها ،
وأن مناط العقاب على التجمهر وشرط تضامن المتجمهرين في المسئولية عن الجرائم التي
تقع تنفيذاً للغرض منه هو ثبوت علمهم بهذا الغرض ، وكان يشترط إذاً لقيام جريمة
التجمهر المؤثم بالمادتين الثانية والثالثة من القانون سالف البيان اتجاه غرض
المتجمهرين الذين يزيد عددهم على خمسة أشخاص إلى مقارفة الجرائم التي وقعت تنفيذاً
لهذا الغرض ، وأن تكون نية الاعتداء قد جمعتهم وظلت تصاحبهم حتى نفذوا غرضهم
المذكور وأن تكون الجرائم التي ارتكبت قد وقعت نتيجة نشاط إجرامي من طبيعة واحدة
ولم تكن الجرائم استقل بها أحد المتجمهرين لحسابه دون أن يؤدي إليها السير الطبيعي
للأمور وقد وقعت جميعها حال التجمهر . لما كان ما تقدم ، وكان الحكم المطعون فيه
قد دلل بوضوح على توافر تلك العناصر الجوهرية السالف بيانها في حق الطاعنين وكان
ما أورده الحكم في مجموعه يُنبئ بجلاء عن ثبوتها في حقهم جميعاً ، وكانت دلالة ما استظهره الحكم في مدوناته كافياً لبيان
أركان التجمهر على ما هو معرَّف به في القانون ، فإن النعي على الحكم في
هذا الخصوص يكون غير سديد .
4- من المقرر أن الركن
الأدبي في الجناية المنصوص عليها في المادة 137 مكرراً (أ) من قانون العقوبات لا
يتحقق إلَّا إذا توافرت لدى الجاني نية خاصة بالإضافة إلى القصد الجنائي العام
تتمثل في انتوائه الحصول من الموظف المعتدى عليه على نتيجة معينة هي أن يؤدي عملاً لا يحل له أن يؤديه أو أن يستجيب لرغبة
المعتدي فيمتنع عن أداء عمل كلف بأدائه ، وأن الشارع قد أطلق حكم هذه المادة لينال بالعقاب كل من يستعمل
القوة أو العنف أو التهديد مع الموظف أو المكلف بالخدمة العامة على قضاء
أمر غير حق أو اجتناب أداء عمله المكلف به ، ويستوي في ذلك أن يقع الاعتداء أو
التهديد أثناء قيام الموظف بعمله لمنعه من المضي في تنفيذه أو في غير فترة قيامه
به لمنعه من أدائه في المستقبل . لما كان ذلك ، وكان الحكم المطعون فيه بعد أن أورد من وقائع الاعتداء الحاصلة من الطاعنين ما
يكفي لتوافر الركن المادي للجناية المذكورة ، قد استظهر استظهاراً سليماً
من ظروف الواقعة أن نية الطاعنون مما وقع منهم
من أفعال مادية تمثلت في إلقاء قطع الحجارة والزجاجات الحارقة وإطلاق الأعيرة
النارية صوب رجال الشرطة المجني عليهم قد انصرفت إلى منعهم من أداء أعمال وظيفتهم
لعدم تمكينهم من اقتحام قسم شرطة .... وتخريبه ، فإن جنايتي استعمال القوة والعنف
وإحراز أسلحة نارية وذخائر تكون متوافرة الأركان ، ويضحى منعى الطاعنين في هذا
الشأن غير سديد .
5- من المقرر أن قصد
القتل أمر خفي لا يدرك بالحس الظاهر وإنما يدرك بالظروف المحيطة بالدعوى والأمارات
والمظاهر الخارجية التي يأتيها الجاني وتنم عما يضمره في نفسه واستخلاص هذه النية
موكول إلى قاضي الموضوع في حدود سلطته التقديرية ، وكان الحكم المطعون فيه قد دلل
تدليلاً سائغاً وواضحاً على توافر نية القتل في حق الطاعنين ، فإن منعاهم عليه
يكون ولا محل له .
6- لما كان لا مصلحة
للطاعنين فيما يثيرونه بشأن جرائم الانضمام إلى جماعة أسست على خلاف أحكام القانون
تستخدم الإرهاب لتحقيق الأغراض التي تدعو إليها والشروع في تخريب مبنى عام تنفيذاً
لغرض إرهابي وتعريض وسائل النقل العامة للخطر عمداً وتوافر أركانهم أو فساد
التدليل على قيامهم ما دام أن المحكمة قد دانتهم بجرائم أخرى وكانت العقوبة المقضي
بها تدخل في حدود العقوبة المقررة قانوناً لإحدى تلك الجرائم .
7- لما كان ما يثيره الطاعنون من منازعة في شأن التكييف
القانوني للواقعة وأنها – بفرض صحتها – جنحة تندرج تحت المادة 76 من
القانون رقم 84 لسنة 2002 بشأن الجمعيات ، فإن ذلك مردود بأنه لا محل له ؛ لأنه لا
يعدو أن يكون نعياً وارداً على سلطة محكمة الموضوع في استخلاص الصورة الحقيقية
لواقعة الدعوى أخذاً بأدلة الثبوت التي وثقت بها واطمأنت إليها مما تستقل به بغير
معقب ما دام قضاؤها في ذلك سليم – كما هو الحال في الدعوى الراهنة – هذا فضلاً عن
أن الطاعنين لم يثيروا شيئاً بخصوص وصف التهمة أمام محكمة الموضوع فلا يجوز إثارته
لأول مرة أمام محكمة النقض .
8- لما كان البيّن من
الحكم المطعون فيه أنه قد صدر من دائرة شُكلت من ثلاثة من مستشاري محكمة استئناف
.... بوصفها محكمة جنايات ، فإنه يكون قد صدر من هيئة مُشكلة وفقاً للقانون ولا
يؤثر في هذا أن تلك الدائرة دون غيرها من دوائر محكمة الاستئناف قد اختصت بنظر الدعوى
الماثلة ، إذ إن توزيع العمل على دوائر تلك المحكمة وبالتالي تعيين من يعهد إليه
من المستشارين بالمحكمة للقضاء بمحكمة الجنايات لا يعدو أن يكون تنظيماً إدارياً
بين دوائر المحكمة المختصة وليس من شأن ذلك التوزيع أن يخلق نوعاً من الاختصاص
تنفرد به دائرة دون أخرى ، مما لا يترتب البطلان على مخالفته ، ولما كان الطاعنون
لا ينازعون في أن المحكمة التي أصدرت الحكم المطعون فيه هي إحدى دوائر محكمة
الجنايات بمحكمة الاستئناف المار ذكرها ، فإن
ما يعيبونه على الحكم من بطلان لهذا السبب لا يقوم على أساس من القانون ،
وإذ التزم الحكم المطعون فيه هذا النظر في رده على الدفع المثار في هذا الخصوص ،
فإنه يكون قد أصاب صحيح القانون ، ويكون النعي عليه في هذا الصدد على غير سند .
9-
لما كانت المادة 206 مكرراً من قانون الإجراءات الجنائية قد جرى نصها على أنه
" يكون
لأعضاء النيابة العامة من درجة رئيس نيابة على الأقل – بالإضافة إلى الاختصاصات المقررة للنيابة
العامة – سلطات قاضي التحقيق في تحقيق الجنايات المنصوص عليها في الأبواب الأول
والثاني مكرراً والرابع من الكتاب الثاني من قانون العقوبات ، ويكون لهم فضلاً عن
ذلك سلطة محكمة الجنح المستأنفة منعقدة في غرفة المشورة المبينة في المادة (143)
من هذا القانون في تحقيق الجرائم المنصوص عليها في القسم الأول من الباب الثاني
المشار إليه بشرط ألَّا تزيد مدة الحبس في كل مرة عن خمسة عشر يوماً .... " ،
كما جرى نص المادة 199 من ذات القانون على أنه " فيما عدا الجرائم التي يختص
قاضي التحقيق بتحقيقها وفقاً لأحكام المادة 64 تباشر النيابة العامة التحقيق في
مواد الجنح والجنايات طبقاً للأحكام المقررة لقاضي التحقيق " ، وكان من
المقرر في قضاء هذه المحكمة أن النيابة العامة هي صاحبة الاختصاص الأصيل بالتحقيق
الابتدائي في جميع الجرائم ، واستثناءً من ذلك يجوز ندب قاضي للتحقيق في جريمة معينة أو جرائم من نوع خاص ، ومتى أحيلت
الدعوى إليه كان مختصاً دون غيره بتحقيقها
، وهدياً بما سلف فإن القانون قد حدد الإجراءات التي يختص بها قاضي التحقيق – وحده
– والتي يحظر على أعضاء النيابة العامة
اتخاذ أي إجراء فيها قبل الحصول مقدماً على إذن مسبب من القاضي الجزئي ، وليس التحقيق من بين هذه الإجراءات ،
ومن ثم يظل عضو النيابة العامة – أياً كانت درجته – هو صاحب الاختصاص
الأصيل في مباشرة التحقيق في جميع الجرائم ، وكانت المادة 206 مكرراً من القانون
آنف البيان حددت سلطات المحقق من النيابة العامة حال التحقيق في الجنايات الواردة
في متن النص ، دونما تحديد درجة معينة لتولي ذلك التحقيق ، مما مفاده أن لجميع درجات
النيابة العامة تحقيق تلك الجنايات وبذات
السلطات المقررة لهم في القانون ، عدا سلطات قاضى التحقيق في مدد الحبس
الاحتياطي ، فلا يتمتع بها إلَّا من في درجة رئيس نيابة على الأقل ، وكان الحكم
المطعون فيه قد التزم هذا النظر أيضاً في اطراح الدفع
المبدى من الطاعنين ، ومن ثم فإن دعوى بطلان التحقيقات لهذا السبب لا يكون لها وجه
.
10- لما كان الحكم قد عرض للدفع ببطلان القبض والتفتيش وما تلاهما من الإجراءات لعدم توافر حالة التلبس وحصولهما من غير مختصين ورد عليه بقوله : " وحيث إنه عن الدفع ببطلان القبض على المتهمين لحصوله من الأهالي والذين ليس لهم صفة الضبطية القضائية فمردود عليه بما نصت عليه المادة 30 من قانون الإجراءات الجنائية بأنه تكون الجريمة متلبساً بها حال ارتكابها أو عقب ارتكابها ببرهة يسيرة وكذا ما نصت عليه المادة 37 من ذات القانون بأن لكل من شاهد الجاني متلبساً بجناية أو جنحة يجوز فيها قانوناً الحبس الاحتياطي أن يسلمه إلى أقرب رجال السلطة العامة دون احتياج إلى أمر بضبطه ، وإذ كان تقدير توافر إحدى حالات التلبس بالجريمة هو من إطلاقات هذه المحكمة ، وكانت المحكمة قد اطمأنت إلى أنه قد تم إلقاء القبض على المتهمين من الأول حتى التاسع أثناء تواجدهم بمحل الواقعة مشاركين في فاعلياتها وجرائمها حسبما تقدم وكانت هذه الجرائم مما يجوز فيها قانوناً الحبس الاحتياطي إذ إنه معاقب عليها بالحبس لمدة تزيد على ثلاثة أشهر ، ومن ثم يقع هذا القبض الحاصل من سالفي الذكر صحيحاً بتلك المثابة مما تقضي معه المحكمة برفض هذا الدفع الغير قائم على سند صحيح من القانون " . وكان ما أورده الحكم في الرد على الدفع ببطلان القبض والتفتيش كافٍ وسائغ ويتفق وصحيح القانون ، فإن النعي عليه في هذا الشأن لا يكون له محل ، هذا فضلاً عن أن ما ينعاه الطاعنون من عدم سؤال الأهالي الذين قاموا بالضبط بالتحقيقات لا يعدو أن يكون تعييباً للإجراءات السابقة على المحاكمة وهو ما لا يصح أن يكون سبباً للطعن على الحكم .
11- من المقرر أن
للمحكمة أن تعول في تكوين عقيدتها على ما جاء بتحريات الشرطة باعتبارها قرينة
معززة لما ساقته من أدلة أساسية ، فإن ما ينعاه الطاعنون على الحكم من تعويله على
تحريات الشرطة رغم عدم جديتها وانعدامها ينحل إلى جدل موضوعي في سلطة محكمة
الموضوع في تقدير عناصر الدعوى مما يخرج عن رقابة محكمة النقض ، ولا يقدح في تلك
التحريات ألَّا يفصح مأمور الضبط القضائي عن
مصدرها أو وسيلته في إجراء ذلك التحري ، أو قصر مدته ، أو شمولها لأكثر من شخص لكونه لا
يمس ذاتيتها ، وذلك فضلاً عن أن الحكم قد عرض لدفع الطاعنين في هذا الصدد واطرحه
بما يسوغه .
12- من المقرر أن جريمة
الاشتراك في تظاهرة هي غير جريمة التجمهر ، وكل منهما له قانون مستقل ، وكان
البيّن من الحكم المطعون فيه أنه دان الطاعنين بجريمة الاشتراك في جريمة التجمهر
المعاقب عليها بالقانون رقم 10 لسنة 1914 – المعدل – ومن ثم فلا محل لما يثيره
الطاعنون من تعييب للحكم بقالة خلوه من بيان مدى إتباع رجال الضبط للإجراءات
المنصوص عليها في القانون رقم 107 لسنة 2013 في فض التظاهرة ، لتعلقه بجريمة لم
تكن معروضة على المحكمة ، ولم تفصل فيها .
13- لما كان لمحكمة الموضوع أن تستخلص من أقوال الشهود وسائر العناصر المطروحة على بساط البحث الصورة الصحيحة لواقعة الدعوى حسبما يؤدي إليه اقتناعها وأن تطرح ما يخالفها من صور أخرى مادام استخلاصها سائغاً مستنداً إلى أدلة مقبولة في العقل والمنطق ، وكان وزن أقوال الشهود وتقدير الظروف التي يؤدون فيها الشهادة متروكاً لتقدير محكمة الموضوع ، ومتى أخذت بشهادة شاهد ، فإن ذلك يفيد أنها اطرحت جميع الاعتبارات التي ساقها الدفاع لحملها على عدم الأخذ بها ، وكان من المقرر أن للمحكمة أن تأخذ بأقوال الشهود في أي مرحلة من مراحل التحقيق أو المحاكمة متى اطمأنت إليها وأن تلتفت عما عداها دون أن تبين العلة أو موضع الدليل في أوراق الدعوى ما دام لها أصل ثابت فيها وهو ما لا يجادل الطاعنون فيه ، وأنه لا يقدح في سلامة الحكم عدم اتفاق أقوال شهود الإثبات في بعض تفاصيلها ما دام الثابت أنه حصل أقوالهم بما لا تناقض فيه ولم يورد تلك التفصيلات أو يركن إليها في تكوين عقيدته – كما هو الحال في الدعوى المطروحة – ولما كانت المحكمة في الدعوى المطروحة قد اطمأنت إلى أقوال شهود الإثبات وصحة تصويرهم للواقعة ، واستخلصت الحقيقة من أقوالهم استخلاصاً سائغاً لا تناقض فيه ، فإن ما يثيره الطاعنون من منازعة في صورة الواقعة بدعوى عدم صدق الشهود وتناقضهم في أقوالهم ينحل إلى جدل موضوعي في تقدير الدليل وفي حق محكمة الموضوع في استخلاص صورة الواقعة ، مما يدخل في سلطة محكمة الموضوع ، ولا تجوز إثارته أمام محكمة النقض .
14- لما كان ما يثيره
الطاعنون في اطراح الحكم لإنكارهم الاتهام المسند إليهم ، مردوداً بأن نفي التهمة
من أوجه الدفاع الموضوعية التي لا تستأهل رداً طالما كان الرد عليها مستفاداً من
أدلة الثبوت التي أوردها الحكم ، فإن النعي على الحكم في هذا الشأن يكون غير سديد
.
15- لما كانت الأدلة في
المواد الجنائية إقناعية ، فللمحكمة أن تلتفت عن دليل النفي ولو حملته أوراق رسمية
ما دام يصح في العقل أن يكون غير ملتئم مع الحقيقة التي اطمأنت إليها المحكمة من
باقي الأدلة القائمة في الدعوى ، وكان الحكم المطعون فيه قد أورد الأدلة المنتجة
التي صحت لديه على ما استخلصه من مقارفة الطاعنين للجرائم المسندة إليهم ، فإن ما
يثيرونه بشأن إعراض الحكم عما قدموه من مستندات دالة على عدم صحة التحري ، نافية
للاتهام عنهم ، لا يعدو أن يكون جدلاً موضوعياً في تقدير الأدلة وفي استنباط
المحكمة لمعتقدها مما لا يجوز إثارته أمام محكمة النقض ، ولا عليها – بعد ذلك – إن
هي لم تعرض لقالة شهود النفي ما دامت لا تثق
بما شهدوا به ، إذ هي غير ملزمة بالإشارة إلى أقوالهم ما دامت لم تستند إليها ،
وفي قضائها بالإدانة لأدلة الثبوت التي
أوردتها دلالة على أنها لم تطمئن إلى أقوالهم فاطرحتها .
16- من المقرر أن تقدير
الأدلة بالنسبة إلى كل متهم هو من اختصاص محكمة الموضوع وحدها وهي حرة في تكوين
عقيدتها حسب تقديرها لتلك الأدلة واطمئنانها إليها بالنسبة إلى متهم وعدم
اطمئنانها إلى ذات الأدلة بالنسبة إلى متهم آخر ، كما لها أن تزن أقوال الشاهد
فتأخذ منها بما تطمئن إليه في حق أحد المتهمين وتطرح ما لا تطمئن إليه منها في حق
متهم آخر دون أن يكون هذا تناقضاً يعيب حكمها ما دام يصح في العقل أن يكون الشاهد
صادقاً في ناحية من أقواله وغير صادق في شطر منها وما دام تقدير الدليل موكولاً
إلى اقتناعها وحدها ، فإن ما ينعاه الطاعنون على الحكم من قالة التناقض والفساد في
الاستدلال يكون غير سديد .
17- لما كان القانون
وإن أوجب سماع ما يبديه المتهم من أوجه الدفاع وتحقيقه إلَّا أنه إذا كانت المحكمة
قد وضحت لديها الواقعة أو كان الأمر المطلوب تحقيقه غير منتج في الدعوى فلها أن
تعرض عن ذلك مع بيان العلة ، وكان الحكم المطعون فيه قد عرض لطلب إجراء معاينة
لمكان الحادث واطرحه برد كاف وسائغ ويستقيم به اطراحه دون أن يوصم الحكم المطعون
فيه بالقصور أو بالإخلال بحق الدفاع ، سيما وأن طلب إجراء المعاينة لم يتجه إلى
نفي الفعل المكون للجريمة ولا إثبات حصوله بل المقصود
منه إثارة الشبهة في الدليل الذى اطمأنت إليه المحكمة ، فإن مثل هذا الطلب
يعد دفاعاً موضوعياً لا تلتزم المحكمة بإجابته ، ومن ثم فإن ما يثيره الطاعنون في هذا الشأن يكون في غير
محله .
18- لما كان النعي
بالتفات الحكم عن دفوع الطاعنين بانتفاء صلتهم بالمضبوطات وشيوع التهمة وتلفيقها
وعدم معقولية تصوير الواقعة ونفي تواجدهم على مسرحها ، مردود بأن كل أولئك من أوجه
الدفوع الموضوعية التي لا تستوجب رداً على استقلال ما دام الرد يستفاد ضمناً من أدلة الثبوت التي أوردها الحكم ، ومن ثم يضحى كل
ما يثيره الطاعنون في هذا الشأن – بدوره كسابقه – محض جدل موضوعي في صورة
الواقعة وتقدير أدلة الثبوت حسبما اطمأنت المحكمة إليها ، وهو ما لا يجوز الخوض
فيه لدى محكمة النقض .
19- لما كانت قالة
الحكم " أنه في أعقاب عزل الرئيس .... وما تلاه من أحداث فض اعتصامي ....
و.... نظمت جماعة .... عدة تجمهرات مناهضة للنظام القائم يتيح لها القيام بأعمال
العنف والإرهاب بهدف إشاعة الفوضى " ، فإنها سيقت بصدد الاستدلال على صحة
تصوير شهود الإثبات للواقعة وبيان الباعث
عليها دون أن يكون لها أثر في منطق الحكم أو في النتيجة التي انتهى إليها ،
وكان العلم بحدوث مثل هذه الأحداث التي مرت بها البلاد هو من العلم العام بما يجري
بين الناس في الوطن ، ومن ثم فإن النعي على الحكم بالاستناد في هذا الشأن إلى غير
الثابت في الأوراق ، يكون نعياً غير سديد .
20- لما كان ما يثيره
الطاعنون من أن المحكمة كونت عقيدتها في الدعوى قبل سماع مرافعة الدفاع فمردود بأن
الشارع رسم طريقاً للمتهم يسلكه في مثل هذه الحالة أثناء نظر الدعوى أمام محكمة
الموضوع أما وأن الطاعنين لم يسلكوه فليس لهم أن يشكوا من ذلك لأول مرة أمام محكمة
النقض ، ويكون منعاهم في هذا الشأن على غير أساس .
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
الوقائع
اتهمت النيابة العامة الطاعنين وآخر قضى ببراءته
بأنهم :
أولاً - انضموا إلى
جماعة على خلاف أحكام القانون ( جماعة .... ) الغرض منها الدعوة إلى تعطيل أحكام
الدستور والإعلان الدستوري الصادر في 8/7/2013 والمعمول به اعتباراً من 9/7/2013
والقوانين ومنع مؤسسات الدولة وسلطاتها العامة من ممارسة أعمالها وشاركوا في الاعتداء
على الحرية الشخصية للمواطنين وغيرها من الحريات والحقوق العامة التي كفلها
الدستور والقانون وأضروا بالوحدة الوطنية
والسلام الاجتماعي مع علمهم بأغراضها ، وكان الإرهاب هو الوسيلة التي
استخدموها في تحقيق تلك الأغراض على النحو المبين بالأوراق .
ثانياً - اشتركوا
وآخرون مجهولون في تجمهر الغرض منه ارتكاب جرائم الاعتداء على الأشخاص وتخريب
الممتلكات العامة والخاصة وكان ذلك باستعمال القوة والعنف كون بعضهم حاملين أسلحة
نارية وأدوات من شأنها إحداث الموت إذا استعملت بطبيعتها وأسلحة بيضاء ( حجارة –
شوم – زجاجات حارقة ) وقد وقعت منهم تنفيذ الغرض المقصود من التجمهر مع علمهم به الجرائم الآتية :
شرعوا
وآخرون مجهولون في قتل المجني عليهم / .... ، .... ، .... والطفل / .... عمداً مع سبق الإصرار بأن
بيتوا النية وعقدوا العزم على النيل ممن يعترض طريق مسيرتهم من رجال السلطة العامة
والقوى الشعبية المعارضة لهم وأعدوا لذلك أسلحة نارية وبيضاء وما أن وصلوا لميدان
تظاهرهم وظفروا بمن فيه اشتبكوا معهم وأطلق مجهولون من بينهم صوبهم وابلاً من
الأعيرة النارية بما حازوا من أسلحة نارية استقرت بمواضع إصابة المجني عليهم
الموصوفة بالتقارير الطبية الخاصة بهم المرفقة بالأوراق قاصدين من ذلك قتلهم إلَّا
أنه خاب أثر الجريمة لسبب لا دخل لإرادتهم فيه وهو
مداركة المجني عليهم بالعلاج وكان ذلك تنفيذاً لغرض إرهابي على النحو المبين
بالتحقيقات . وقد اقترنت هذه الجناية آنفه البيان وتقدمها الجنايات
التالية ذلك أنهم في ذات الزمان والمكان سالفي الذكر :
أ - شرعوا في تخريب
مبنى عام ( مبنى ديوان قسم شرطة .... ) عمداً بقصد إحداث الرعب بين الناس وإشاعة
الفوضى بأن قاموا برشقه بالحجارة وزجاجات المولوتوف الحارقة قاصدين من ذلك إضرام
النيران به وتخريبه إلَّا أنه أوقف أثر الجريمة لسبب لا دخل لإرادتهم فيه ألا هو تصدي القوات القائمة على التأمين لهم وحيلولتها دون
اقتحامه وكان ذلك تنفيذاً لغرض إرهابي .
ب – استعملوا القوة
والعنف مع موظفين عموميين هم ضباط وأفراد جهاز الشرطة القائمين على تأمين ديوان
قسم شرطة .... بأن أطلق مجهولون من بينهم صوبهم أعيرة من الأسلحة النارية حوزتهم
ورشقوهم بالحجارة والزجاجات الحارقة وكان ذلك أثناء تأديتهم لوظيفتهم لحملهم بغير
حق على الامتناع عن أداء عمل من أعمال وظيفتهم بتأمين المبنى من اقتحامه وقد نشأ
عن ذلك التعدي إصابة المجند / .... بقطاع .... الموصوفة
بالتقرير الطبي المرفق بالأوراق ولم يبلغوا بذلك مقصدهم على النحو المبين
بالتحقيقات .
جـ – عرضوا للخطر عمداً وسيلة من وسائل النقل العامة البرية
وعطلوا سيرها بتجمهرهم .
ثالثاً - حازوا وأحرزوا
بالذات وبالواسطة أسلحة بيضاء ( شوم – حجارة – زجاجات حارقة ) مما تستخدم في
الاعتداء على الأشخاص دون أن يوجد لحملها أو حيازتها مسوغ قانوني أو مبرر من
الضرورة المهنية أو الحرفية .
وأحالتهم إلى محكمة جنايات .... لمعاقبتهم طبقاً
للقيد والوصف الواردين بأمر الإحالة.
والمحكمة قضت حضورياً
.... عملاً بالمواد 45 ، 46/1، 2، 3 ، 86 ، 86 مكرراً (أ)/ ثانياً وثالثاً ، 90 ،
136 ، 137 ، 137 مكرراً (أ)/1، 3 ، 167 ، 230 ، 231 من قانون العقوبات ، والمواد 1
، 2 ، 3 ، 3 مكرراً من القانون رقم 10
لسنة 1914 بشأن التجمهر المعدل بالقانون رقم 67 لسنة 1968 ، والمواد 1/1 ، 6 ، 25
مكرراً/1 ، 26/1 ، 4 ، 6 ، 7 ، 30/1 من القانون رقم 394 لسنة 1954 بشأن الأسلحة
والذخائر المعدل بالقانون رقم 6 لسنة 2012 والبند رقم " 7 " من الجدول
رقم " 1 " المرفق والمعدل بقرار وزير الداخلية رقم 1756 لسنة 2007
والجدول رقم " 2 " المرفق ، والمادتين 2 ، 116 مكرراً (أ)/1 من القانون
رقم 12 لسنة 1996 بشأن إصدار قانون الطفل المضاف بالقانون رقم 126 لسنة 2008 ، مع
إعمال المادة 32/2 من قانون العقوبات ، بمعاقبة المتهمين بالسجن المشدد لمدة سبع
سنوات وأمرت بمصادرة السلاحين المضبوطين .
فطعن المحكوم عليهم في هذا الحكم بطريق النقض ، كما طعنت النيابة العامة في
هذا الحكم بطريق النقض ... إلخ .
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
المحكمة
أولاً - عن الطعن
المقدم من النيابة العامة :
حيث
إن الفقرة الثالثة من المادة 34 من قانون حالات وإجراءات الطعن أمام محكمة النقض
قد أوجبت بالنسبة إلى الطعون المرفوعة من النيابة العامة أن يوقع أسبابها محام عام
على الأقل وإلَّا كانت باطلة وغير ذات أثر في الخصومة ، وكان البيّن من مذكرة
أسباب الطعن أنها موقع عليها من الأستاذ / .... رئيس نيابة .... ، فإن الطعن يكون
قد فقد مقوماً من مقومات قبوله ، ولا يغير من ذلك التأشير من المحامي العام الأول
على مذكرة أسباب الطعن بالنظر ، إذ إن تلك التأشيرة بمجردها لا تفيد اعتماده لها
أو الموافقة عليها ، فضلاً عن أنها بدورها موقعة بتوقيع لا يقرأ يستحيل معه معرفة
صاحبها ، ويتعين من ثم الحكم بعدم قبول طعن النيابة العامة شكلاً .
ثانياً - عن الطعن
المقدم من المحكوم عليهم .... :
حيث إن مبنى أوجه الطعن
التي تضمنتها تقارير الأسباب الثلاثة المقدمة من الطاعنين هو أن الحكم المطعون فيه
إذ دانهم بجرائم الانضمام إلى جماعة أُسست على خلاف أحكام القانون تستخدم الإرهاب
لتحقيق الأغراض التي تدعو إليها ، والاشتراك في تجمهر الغرض منه ارتكاب جرائم
الاعتداء على الأشخاص وتخريب الممتلكات العامة والخاصة وكان ذلك باستعمال القوة
والعنف حال كون بعضهم حاملين أسلحة نارية وأدوات من شأنها إحداث الموت وقد وقعت
منهم تنفيذاً للغرض المقصود من التجمهر جرائم الشروع في القتل العمد مع سبق
الإصرار تنفيذاً لغرض إرهابي ، واستعمال القوة والعنف مع موظفين عموميين لحملهم
على الامتناع عن أداء عمل من أعمال وظيفتهم نشأ عنه جرح أحدهم ، وتعريض وسائل
النقل العامة للخطر عمداً وحيازة وإحراز بالذات والواسطة أسلحة نارية غير مششخنة
وذخائر بدون ترخيص بأحد أماكن التجمعات بقصد استعمالها في الإخلال بالنظام والأمن العام ، وحيازة وإحراز بالذات والواسطة أسلحة
بيضاء دون مسوغ قانوني ، قد شابه القصور في التسبيب والفساد في الاستدلال
والخطأ في تطبيق القانون والبطلان والإخلال بحق الدفاع والتناقض والخطأ في الإسناد
؛ ذلك بأنه خلا من بيان الواقعة بياناً تتوافر به أركان الجرائم التي دانهم بها
والأدلة عليها واطرح الدفع بانتفاء أركانهم في حقهم برد قاصر ، واستدل الحكم على
توافر نية القتل باستدلال فاسد لا يكفي لاستظهارها ، كما استدل الحكم على أن جماعة
.... تهدف إلى تعطيل الدستور لمجرد عدم إتمام إجراءات الشهر المقررة قانوناً
ملتفتاً عن دلالة ما قدمه دفاع الطاعنين من مستندات في هذا الشأن ، واتخذ الحكم من
مجرد ضبط الطاعنين بمعرفة مجهولين أثناء سيرهم في تظاهرة دعت إليها جماعة ....
دليلاً على انضمامهم إليها ، هذا فضلاً عن أنه وبفرض عدم إشهار هذه الجماعة ، فإن
المحكمة لم تقم بإسباغ التكييف القانوني الصحيح على واقعة الدعوى والتي تشكل جنحة
بنص المادة 76 من القانون رقم 84 لسنة 2002 بشأن الجمعيات ، واطرح الحكم برد غير
سائغ دفاعهم القائم على أن إجراءات المحاكمة افتقدت الضمانات التي نص عليها
الدستور والقانون لسلامتها ، ذلك أن الدائرة التي نظرت القضية أنشأت بقرار خاص من
رئيس محكمة استئناف .... ، كما اطرح الحكم برد غير سائغ ولا يتفق وصحيح القانون
دفعهم ببطلان تحقيقات النيابة العامة لعدم إجرائها من رئيس نيابة بالمخالفة للمادة
206 مكرراً من قانون الإجراءات الجنائية ، وبطلان القبض والتفتيش وما تلاهما من
إجراءات لعدم توافر حالة التلبس وحصولهما من غير مختصين ودون سؤال أي من الأهالي الذين قاموا بهما وبعدم جدية التحريات وانعدامها – لشواهد
عددوها - بأسباب طعنهم وللمستندات المقدمة منهم في هذا الشأن ، فضلاً عن
أنها لا تصلح لإدانتهم ، فضلاً عن أن الحكم لم يبين مدى إتباع رجال الضبط
للإجراءات المنصوص عليها في القانون رقم 107 لسنة 2013 في فض التظاهرة ، واعتنق
الحكم تصوير شهود الإثبات للواقعة رغم عدم صدقهم واختلاف أقوالهم في التحقيقات
عنها بجلسة المحاكمة واطرح إنكار الطاعنين وأقوال شهود النفي بجلسة المحاكمة والمستندات المقدمة منهم في هذا الشأن والتي
تنفي الاتهام عنهم ، كما أن الحكم عول في إدانتهم على أقوال شهود الإثبات
وتحريات الشرطة ولم يعمل أثر هذه الأدلة في حق المتهم الآخر الذى قضى ببراءته ،
كما طلب دفاع الطاعنين إجراء معاينة لمكان الواقعة لإثبات استحالة وعدم معقولية
حدوث الواقعة على النحو الوارد بالأوراق ورفض هذا الطلب برد غير سائغ ، والتفت
الحكم عن دفوعهم بانتفاء صلتهم بالمضبوطات وشيوع الاتهام وتلفيقه وعدم معقولية
تصوير الواقعة ونفي تواجدهم على مسرحها ، فضلاً عن أن الحكم أورد – وهو بصدد بيانه
لواقعة الدعوى – أنه في أعقاب عزل الرئيس .... وما تلاه من أحداث فض اعتصامي ....
و.... نظمت جماعة .... عدة تجمهرات مناهضة للنظام القائم يتيح لها القيام بأعمال
العنف والإرهاب بهدف إشاعة الفوضى وهو ما ليس له سند في الأوراق مما ينبئ عن أن
المحكمة كونت عقيدتها في الدعوى قبل سماع
مرافعة الدفاع ، كل ذلك مما يعيب الحكم ويستوجب نقضه .
حيث إن
الحكم المطعون فيه بين واقعة الدعوى بما تتوافر به كافة العناصر القانونية للجرائم
التي دان الطاعنين بها وأورد على ثبوتها في
حقهم أدلة من شأنها أن تؤدي إلى ما رتبه الحكم عليها ، وكان من المقرر أن
القانون لم يرسم شكلاً أو نمطاً يصوغ فيه الحكم بيان الواقعة المستوجبة للعقوبة
والظروف التي وقعت فيها ، فمتى كان مجموع ما أورده الحكم كافياً في تفهم الواقعة
بأركانها وظروفها حسبما استخلصته المحكمة – كما هو الحال في الدعوى الراهنة – فإن
ذلك يكون محققاً لحكم القانون ، ومن ثم فإن نعي الطاعنين على الحكم بالقصور في هذا
الصدد لا يكون سديداً . لما كان ذلك ، وكانت المادتان الثانية والثالثة من القانون
رقم 10 لسنة 1914 في شأن التجمهر حددتا شروط قيام التجمهر قانوناً في أن يكون
مؤلفاً من خمسة أشخاص على الأقل وأن يكون الغرض منه ارتكاب جريمة أو منع أو تعطيل
تنفيذ القوانين أو اللوائح أو التأثير على السلطات في أعمالها أو حرمان شخص من
حرية العمل باستعمال القوة أو التهديد باستعمالها وأن مناط العقاب على التجمهر
وشرط تضامن المتجمهرين في المسئولية عن الجرائم التي تقع تنفيذاً للغرض منه هو
ثبوت علمهم بهذا الغرض ، وكان يشترط إذاً لقيام جريمة التجمهر المؤثم بالمادتين الثانية والثالثة من القانون سالف البيان
اتجاه غرض المتجمهرين الذين يزيد عددهم على خمسة أشخاص إلى مقارفة الجرائم
التي وقعت تنفيذاً لهذا الغرض ، وأن تكون نية الاعتداء قد جمعتهم وظلت تصاحبهم حتى
نفذوا غرضهم المذكور وأن تكون الجرائم التي ارتكبت قد وقعت نتيجة نشاط إجرامي من
طبيعة واحدة ولم تكن الجرائم استقل بها أحد المتجمهرين لحسابه دون أن يؤدي إليها
السير الطبيعي للأمور وقد وقعت جميعها حال التجمهر . لما كان ما تقدم ، وكان الحكم
المطعون فيه قد دلل بوضوح على توافر تلك العناصر الجوهرية السالف بيانها في حق
الطاعنين وكان ما أورده الحكم في مجموعه يُنبئ بجلاء عن ثبوتها في حقهم جميعاً ،
وكانت دلالة ما استظهره الحكم في مدوناته
كافياً لبيان أركان التجمهر على ما هو معرَّف به في القانون ، فإن النعي
على الحكم في هذا الخصوص يكون غير سديد . لما كان ذلك ، وكان من المقرر أن الركن
الأدبي في الجناية المنصوص عليها في المادة 137 مكرراً (أ) من قانون العقوبات لا
يتحقق إلَّا إذا توافرت لدى الجاني نية خاصة بالإضافة إلى القصد الجنائي العام
تتمثل في انتوائه الحصول من الموظف المعتدى عليه على نتيجة معينة هي أن يؤدي عملاً
لا يحل له أن يؤديه أو أن يستجيب لرغبة المعتدي فيمتنع عن أداء عمل كلف بأدائه ،
وأن الشارع قد أطلق حكم هذه المادة لينال بالعقاب كل من يستعمل القوة أو العنف أو
التهديد مع الموظف أو المكلف بالخدمة العامة
على قضاء أمر غير حق أو اجتناب أداء عمله المكلف به ، ويستوي في ذلك أن يقع
الاعتداء أو التهديد أثناء قيام الموظف بعمله لمنعه من المضي في تنفيذه أو في غير
فترة قيامه به لمنعه من أدائه في المستقبل . لما كان ذلك ، وكان الحكم المطعون فيه
بعد أن أورد من وقائع الاعتداء الحاصلة من
الطاعنين ما يكفي لتوافر الركن المادي للجناية المذكورة ، قد استظهر
استظهاراً سليماً من ظروف الواقعة أن نية الطاعنون مما وقع منهم من أفعال مادية
تمثلت في إلقاء قطع الحجارة والزجاجات الحارقة وإطلاق الأعيرة النارية صوب رجال
الشرطة المجني عليهم قد انصرفت إلى منعهم من أداء أعمال وظيفتهم لعدم تمكينهم من
اقتحام قسم شرطة .... وتخريبه ، فإن جنايتي استعمال القوة والعنف وإحراز أسلحة
نارية وذخائر تكون متوافرة الأركان ، ويضحى منعى الطاعنين في هذا الشأن غير سديد .
لما كان ذلك ، وكان من المقرر أن قصد القتل أمر خفي لا يدرك بالحس الظاهر وإنما
يدرك بالظروف المحيطة بالدعوى والأمارات والمظاهر الخارجية التي يأتيها الجاني
وتنم عما يضمره في نفسه واستخلاص هذه النية موكول إلى قاضي الموضوع في حدود سلطته
التقديرية ، وكان الحكم المطعون فيه قد دلل تدليلاً سائغاً وواضحاً على توافر نية
القتل في حق الطاعنين ، فإن منعاهم عليه يكون ولا محل له . لما كان ذلك ، وكان لا مصلحة للطاعنين فيما يثيرونه بشأن جرائم
الانضمام إلى جماعة أسست على خلاف أحكام القانون تستخدم الإرهاب لتحقيق
الأغراض التي تدعو إليها والشروع في تخريب مبنى عام تنفيذاً لغرض إرهابي وتعريض
وسائل النقل العامة للخطر عمداً وتوافر أركانهم أو فساد التدليل على قيامهم ما دام
أن المحكمة قد دانتهم بجرائم أخرى وكانت العقوبة المقضي بها تدخل في حدود العقوبة
المقررة قانوناً لإحدى تلك الجرائم . لما كان ذلك ، وكان ما يثيره الطاعنون من منازعة في شأن التكييف القانوني للواقعة وأنها – بفرض صحتها –
جنحة تندرج تحت المادة 76 من القانون رقم 84 لسنة 2002 بشأن الجمعيات ، فإن ذلك
مردود بأنه لا محل له ؛ لأنه لا يعدو أن يكون نعياً وارداً على سلطة محكمة الموضوع
في استخلاص الصورة الحقيقية لواقعة الدعوى أخذاً بأدلة الثبوت التي وثقت بها
واطمأنت إليها مما تستقل به بغير معقب ما دام قضاؤها في ذلك سليم – كما هو الحال
في الدعوى الراهنة – هذا فضلاً عن أن الطاعنين لم يثيروا شيئاً بخصوص وصف التهمة
أمام محكمة الموضوع فلا يجوز إثارته لأول مرة أمام محكمة النقض . لما كان ذلك ،
وكان البيّن من الحكم المطعون فيه أنه قد صدر من دائرة شكلت من ثلاثة من مستشاري
محكمة استئناف .... بوصفها محكمة جنايات ، فإنه يكون قد صدر من هيئة مشكلة وفقاً
للقانون ولا يؤثر في هذا أن تلك الدائرة دون غيرها من دوائر محكمة الاستئناف قد
اختصت بنظر الدعوى الماثلة ، إذ إن توزيع العمل على دوائر تلك المحكمة وبالتالي
تعيين من يعهد إليه من المستشارين بالمحكمة للقضاء بمحكمة الجنايات لا يعدو أن
يكون تنظيماً إدارياً بين دوائر المحكمة المختصة وليس من شأن ذلك التوزيع أن يخلق
نوعاً من الاختصاص تنفرد به دائرة دون أخرى ، مما لا يترتب البطلان على مخالفته ،
ولما كان الطاعنون لا ينازعون في أن المحكمة التي أصدرت الحكم المطعون فيه هي إحدى
دوائر محكمة الجنايات بمحكمة الاستئناف المار ذكرها ، فإن ما يعيبونه على الحكم من
بطلان لهذا السبب لا يقوم على أساس من القانون ، وإذ التزم الحكم المطعون فيه هذا
النظر في رده على الدفع المثار في هذا الخصوص فإنه يكون قد أصاب صحيح القانون ،
ويكون النعي عليه في هذا الصدد على غير سند .
لما كان ذلك ، وكانت المادة 206 مكرراً من قانون الإجراءات الجنائية قد جرى نصها على أنه " يكون لأعضاء النيابة العامة من درجة رئيس نيابة على الأقل – بالإضافة إلى
الاختصاصات المقررة للنيابة العامة – سلطات قاضي التحقيق في تحقيق الجنايات
المنصوص عليها في الأبواب الأول والثاني مكرراً والرابع من الكتاب الثاني من قانون
العقوبات ، ويكون لهم فضلاً عن ذلك سلطة محكمة الجنح المستأنفة منعقدة في غرفة
المشورة المبينة في المادة (143) من هذا
القانون في تحقيق الجرائم المنصوص عليها
في القسم الأول من الباب الثاني المشار إليه بشرط ألَّا تزيد مدة الحبس في
كل مرة عن خمسة عشر يوماً .... " ، كما جرى نص المادة 199 من ذات القانون على
أنه " فيما عدا الجرائم التي يختص قاضي التحقيق بتحقيقها وفقاً لأحكام المادة
64 تباشر النيابة العامة التحقيق في مواد الجنح والجنايات طبقاً للأحكام المقررة
لقاضي التحقيق " وكان من المقرر في قضاء هذه المحكمة أن النيابة العامة هي
صاحبة الاختصاص الأصيل بالتحقيق الابتدائي في جميع الجرائم ، واستثناءً من ذلك
يجوز ندب قاضي للتحقيق في جريمة معينة أو جرائم من نوع خاص ، ومتى أحيلت الدعوى
إليه كان مختصاً دون غيره بتحقيقها وهدياً بما سلف ، فإن القانون قد حدد الإجراءات
التي يختص بها قاضي التحقيق – وحده – والتي يحظر على أعضاء النيابة العامة اتخاذ أي إجراء فيها قبل الحصول مقدماً على إذن مسبب
من القاضي الجزئي ، وليس التحقيق من بين هذه الإجراءات ، ومن ثم يظل عضو
النيابة العامة – أياً كانت درجته – هو صاحب الاختصاص الأصيل في مباشرة التحقيق في
جميع الجرائم ، وكانت المادة 206 مكرراً من القانون آنف البيان حددت سلطات المحقق من النيابة العامة حال التحقيق في
الجنايات الواردة في متن النص ، دونما تحديد درجة معينة لتولي ذلك التحقيق
، مما مفاده أن لجميع درجات النيابة العامة تحقيق تلك الجنايات وبذات السلطات
المقررة لهم في القانون ، عدا سلطات قاضى التحقيق في مدد الحبس الاحتياطي ، فلا
يتمتع بها إلَّا من في درجة رئيس نيابة على الأقل ، وكان الحكم المطعون فيه قد
التزم هذا النظر أيضاً في اطراح الدفع المبدى من الطاعنين ، ومن ثم فإن دعوى بطلان
التحقيقات لهذا السبب لا يكون لها وجه . لما كان ذلك ، وكان الحكم قد عرض للدفع
ببطلان القبض والتفتيش وما تلاهما من الإجراءات لعدم توافر حالة التلبس وحصولهما
من غير مختصين ورد عليه بقوله : " وحيث إنه عن الدفع ببطلان القبض على
المتهمين لحصوله من الأهالي والذين ليس لهم صفة الضبطية القضائية فمردود عليه بما
نصت عليه المادة 30 من قانون الإجراءات الجنائية بأنه تكون الجريمة متلبساً بها
حال ارتكابها أو عقب ارتكابها ببرهة يسيرة وكذا ما نصت عليه المادة 37 من ذات
القانون بأن لكل من شاهد الجاني متلبساً بجناية أو جنحة يجوز فيها قانوناً الحبس
الاحتياطي أن يسلمه إلى أقرب رجال السلطة العامة دون احتياج إلى أمر بضبطه ، وإذ
كان تقدير توافر إحدى حالات التلبس بالجريمة هو من إطلاقات هذه المحكمة ، وكانت
المحكمة قد اطمأنت إلى أنه قد تم إلقاء القبض على المتهمين من الأول حتى التاسع
أثناء تواجدهم بمحل الواقعة مشاركين في فاعلياتها وجرائمها حسبما تقدم ، وكانت هذه
الجرائم مما يجوز فيها قانوناً الحبس الاحتياطي إذ
إنه معاقب عليها بالحبس لمدة تزيد على ثلاثة أشهر ، ومن ثم يقع هذا القبض الحاصل
من سالفي الذكر صحيحاً بتلك المثابة مما تقضي معه المحكمة برفض هذا الدفع
الغير قائم على سند صحيح من القانون " . وكان ما أورده الحكم في الرد على
الدفع ببطلان القبض والتفتيش كافٍ وسائغ ويتفق
وصحيح القانون ، فإن النعي عليه في هذا الشأن لا يكون له محل ، هذا فضلاً
عن أن ما ينعاه الطاعنون من عدم سؤال الأهالي الذين قاموا بالضبط بالتحقيقات لا
يعدو أن يكون تعييباً للإجراءات السابقة على المحاكمة وهو ما لا يصح أن يكون سبباً
للطعن على الحكم . لما كان ذلك ، وكان من المقرر أن للمحكمة أن تعول في تكوين
عقيدتها على ما جاء بتحريات الشرطة باعتبارها قرينة معززة لما ساقته من أدلة
أساسية ، فإن ما ينعاه الطاعنون على الحكم من تعويله على تحريات الشرطة رغم عدم
جديتها وانعدامها ينحل إلى جدل موضوعي في سلطة محكمة الموضوع في تقدير عناصر
الدعوى مما يخرج عن رقابة محكمة النقض ، ولا يقدح في تلك التحريات ألَّا يفصح مأمور الضبط القضائي عن مصدرها أو وسيلته في إجراء ذلك التحري ، أو قصر مدته
، أو شمولها لأكثر من شخص لكونه لا يمس ذاتيتها ، وذلك فضلاً عن أن الحكم
قد عرض لدفع الطاعنين في هذا الصدد واطرحه بما يسوغه . لما كان ذلك ، وكان من
المقرر أن جريمة الاشتراك في تظاهرة هي غير جريمة التجمهر ، وكل منهما له قانون
مستقل ، وكان البيّن من الحكم المطعون فيه أنه دان الطاعنين بجريمة الاشتراك في
جريمة التجمهر المعاقب عليها بالقانون رقم 10 لسنة 1914 – المعدل – ومن ثم فلا محل
لما يثيره الطاعنون من تعييب للحكم بقالة خلوه من بيان مدى إتباع رجال الضبط
للإجراءات المنصوص عليها في القانون رقم 107 لسنة 2013 في فض التظاهرة ، لتعلقه
بجريمة لم تكن معروضة على المحكمة ، ولم تفصل فيها . لما كان ذلك ، وكان لمحكمة
الموضوع أن تستخلص من أقوال الشهود وسائر العناصر المطروحة على بساط البحث الصورة
الصحيحة لواقعة الدعوى حسبما يؤدي إليه اقتناعها وأن تطرح ما يخالفها من صور أخرى
مادام استخلاصها سائغاً مستنداً إلى أدلة مقبولة في العقل والمنطق ، وكان وزن
أقوال الشهود وتقدير الظروف التي يؤدون فيها
الشهادة متروكاً لتقدير محكمة الموضوع ، ومتى أخذت بشهادة شاهد ، فإن ذلك
يفيد أنها اطرحت جميع الاعتبارات التي ساقها الدفاع لحملها على عدم الأخذ بها ،
وكان من المقرر أن للمحكمة أن تأخذ بأقوال الشهود في أي مرحلة من مراحل التحقيق أو
المحاكمة متى اطمأنت إليها وأن تلتفت عما عداها دون أن تبين العلة أو موضع الدليل
في أوراق الدعوى ما دام لها أصل ثابت فيها وهو ما لا يجادل الطاعنون فيه ، وأنه لا
يقدح في سلامة الحكم عدم اتفاق أقوال شهود الإثبات
في بعض تفاصيلها ما دام الثابت أنه حصل أقوالهم بما لا تناقض فيه ولم يورد تلك
التفصيلات أو يركن إليها في تكوين عقيدته – كما هو الحال في الدعوى المطروحة –
ولما كانت المحكمة في الدعوى المطروحة قد اطمأنت إلى أقوال شهود الإثبات وصحة
تصويرهم للواقعة ، واستخلصت الحقيقة من أقوالهم استخلاصاً سائغاً لا تناقض فيه ،
فإن ما يثيره الطاعنون من منازعة في صورة الواقعة بدعوى عدم صدق الشهود وتناقضهم
في أقوالهم ينحل إلى جدل موضوعي في تقدير الدليل وفي حق محكمة الموضوع في استخلاص
صورة الواقعة ، مما يدخل في سلطة محكمة الموضوع ، ولا تجوز إثارته أمام محكمة
النقض . لما كان ذلك ، وكان ما يثيره الطاعنون في اطراح الحكم لإنكارهم الاتهام
المسند إليهم ، مردوداً بأن نفي التهمة من أوجه الدفاع الموضوعية التي لا تستأهل رداً طالما كان الرد عليها مستفاداً من أدلة
الثبوت التي أوردها الحكم ، فإن النعي على الحكم في هذا الشأن يكون غير
سديد . لما كان ذلك ، وكانت الأدلة في المواد الجنائية إقناعية ، فللمحكمة أن
تلتفت عن دليل النفي ولو حملته أوراق رسمية ما دام يصح في العقل أن يكون غير ملتئم
مع الحقيقة التي اطمأنت إليها المحكمة من باقي الأدلة القائمة في الدعوى ، وكان
الحكم المطعون فيه قد أورد الأدلة المنتجة التي صحت لديه على ما استخلصه من مقارفة
الطاعنين للجرائم المسندة إليهم ، فإن ما يثيرونه بشأن إعراض الحكم عما قدموه من
مستندات دالة على عدم صحة التحري ، نافية للاتهام عنهم ، لا يعدو أن يكون جدلاً
موضوعياً في تقدير الأدلة وفي استنباط المحكمة
لمعتقدها مما لا يجوز إثارته أمام محكمة النقض ، ولا عليها – بعد ذلك – إن
هي لم تعرض لقالة شهود النفي ما دامت لا تثق بما شهدوا به ، إذ هي غير ملزمة
بالإشارة إلى أقوالهم ما دامت لم تستند إليها ، وفي
قضائها بالإدانة لأدلة الثبوت التي أوردتها دلالة على أنها لم تطمئن إلى أقوالهم
فاطرحتها . لما كان ذلك ، وكان من
المقرر أن تقدير الأدلة بالنسبة إلى كل متهم هو من اختصاص محكمة الموضوع
وحدها وهي حرة في تكوين عقيدتها حسب تقديرها لتلك الأدلة واطمئنانها إليها بالنسبة
إلى متهم وعدم اطمئنانها إلى ذات الأدلة بالنسبة إلى متهم آخر ، كما لها أن تزن
أقوال الشاهد فتأخذ منها بما تطمئن إليه في حق أحد المتهمين وتطرح ما لا تطمئن
إليه منها في حق متهم آخر دون أن يكون هذا تناقضاً يعيب حكمها ما دام يصح في العقل
أن يكون الشاهد صادقاً في ناحية من أقواله وغير صادق في شطر منها وما دام تقدير
الدليل موكولاً إلى اقتناعها وحدها ، فإن ما ينعاه الطاعنون على الحكم من قالة
التناقض والفساد في الاستدلال يكون غير سديد . لما كان ذلك ، وكان القانون وإن
أوجب سماع ما يبديه المتهم من أوجه الدفاع وتحقيقه ، إلَّا أنه إذا كانت المحكمة
قد وضحت لديها الواقعة أو كان الأمر المطلوب تحقيقه غير منتج في الدعوى فلها أن
تعرض عن ذلك مع بيان العلة ، وكان الحكم المطعون فيه قد عرض لطلب إجراء معاينة
لمكان الحادث واطرحه برد كاف وسائغ ويستقيم به اطراحه دون أن يوصم الحكم المطعون
فيه بالقصور أو بالإخلال بحق الدفاع ، سيما وأن طلب إجراء المعاينة لم يتجه إلى
نفي الفعل المكون للجريمة ولا إثبات حصوله بل المقصود منه إثارة الشبهة في الدليل
الذى اطمأنت إليه المحكمة ، فإن مثل هذا الطلب يعد دفاعاً موضوعياً لا تلتزم
المحكمة بإجابته ، ومن ثم فإن ما يثيره الطاعنون في هذا الشأن يكون في غير محله .
لما كان ذلك ، وكان النعي بالتفات الحكم عن دفوع الطاعنين بانتفاء صلتهم
بالمضبوطات وشيوع التهمة وتلفيقها وعدم معقولية تصوير الواقعة ونفي تواجدهم على
مسرحها ، مردوداً بأن كل أولئك من أوجه الدفوع الموضوعية التي لا تستوجب رداً على
استقلال ما دام الرد يستفاد ضمناً من أدلة الثبوت التي أوردها الحكم ، ومن ثم يضحى
كل ما يثيره الطاعنون في هذا الشأن – بدوره كسابقه – محض جدل موضوعي في صورة
الواقعة وتقدير أدلة الثبوت حسبما اطمأنت المحكمة إليها ، وهو ما لا يجوز الخوض
فيه لدى محكمة النقض . لما كان ذلك ، وكانت قالة الحكم " أنه في أعقاب عزل
الرئيس .... وما تلاه من أحداث فض اعتصامي .... و.... نظمت جماعة .... عدة تجمهرات
مناهضة للنظام القائم يتيح لها القيام بأعمال العنف والإرهاب بهدف إشاعة الفوضى
" فإنها سيقت بصدد الاستدلال على صحة تصوير شهود الإثبات للواقعة وبيان الباعث عليها دون أن يكون لها أثر في
منطق الحكم أو في النتيجة التي انتهى إليها ، وكان العلم بحدوث مثل هذه
الأحداث التي مرت بها البلاد هو من العلم العام بما يجري بين الناس في الوطن ، ومن
ثم فإن النعي على الحكم بالاستناد في هذا الشأن
إلى غير الثابت في الأوراق ، يكون نعياً غير سديد . لما كان ذلك ، وكان ما يثيره
الطاعنون من أن المحكمة كونت عقيدتها في الدعوى قبل سماع مرافعة الدفاع فمردود بأن
الشارع رسم طريقاً للمتهم يسلكه في مثل هذه الحالة أثناء نظر الدعوى أمام محكمة
الموضوع أما وأن الطاعنين لم يسلكوه فليس لهم أن يشكوا من ذلك لأول مرة أمام محكمة
النقض ويكون منعاهم في هذا الشأن على غير أساس . لما كان ما تقدم ، فإن الطعن
برمته يكون على غير أساس متعيناً رفضه موضوعاً .
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق