جلسة 31 من يناير سنة 1974
برياسة السيد المستشار نائب رئيس المحكمة الدكتور حافظ هريدي وعضوية
السادة المستشارين: علي صلاح الدين، أحمد صفاء الدين، عز الدين الحسيني، عبد العال
حامد.
-------------------
(46)
الطعن رقم 156 لسنة 38
القضائية
(1)ملكية. ارتفاق. محكمة الموضوع.
المناور التي تعلو
قاعدتها عن قامة الإنسان المعتادة. عدم اشتراط أية مسافة لصحتها. م 821 مدني.
تقدير محكمة الموضوع الارتفاع المطلوب بـ 180 سم. لا خطأ.
(2)ملكية. ارتفاق. حكم.
"ما يعد قصوراً". أموال. أموال عامة. تقادم.
رد الحكم على دفاع الطاعن
- باكتساب حق المطل بالتقادم - بأنه غير مجد تأسيساً على أن الفتحات تطل على مال
خصص للنفع العام "حديقة مدرسة". إغفاله عن مناقشة ما قال. الطاعن من أن
عقاره لا يطل على المدرسة، وعدم بيانه أوجه التعارض بين استعمال حق المطل وبين الاستعمال
الذي خصص له عقار المطعون عليه كمدرسة. قصور.
--------------------
1 - النص في المادة 821 من القانون المدني على أنه: "لا يشترط
أية مسافة لفتح المناورة وهي التي تعلو قاعدتها عن قامة الإنسان المعتادة"
دون تخصيص هذا المعيار بارتفاع معين - يدل على أن المشرع قد ترك لمحكمة الموضوع
تقدير الارتفاع المطلوب وفقاً لذلك المعيار. وإذ كان الثابت بتقدير الخبير المنتدب
أن العرف جرى على احتساب القامة المعتادة للإنسان بـ 180 سم، فإن الحكم المطعون
فيه إذا قضى بإلزام الطاعن برفع قاعدة الفتحات - موضوع الدعوى - إلى العلو المشار
إليه استناداً إلى ما جاء بتقرير الخبير، فإنه لا يكون قد أخطأ في تطبيق القانون.
2 - متى كان الحكم المطعون فيه بعد أن رد على دفاع الطاعن باكتساب
حق المطل قبل إنشاء المدرسة الإعدادية بأنه غير مجد في النزاع استناداً إلى أن حق
الارتفاق ينتهي بهلاك العقار المرتفق به - هلاكاً مادياً أو قانونياً - إلا أن
يكون وجوده غير متعارض مع تخصيص العقار للنفع العام - خلص إلى أنه سواء صح ما
يدعيه المستأنف - الطاعن - من أنه اكتسب حق المطل بالتقادم أو لم يصح فلا محل
لمطالبته بتثبيت ملكية له على الأساس المذكور، إذا الثابت أن الفتحات تطل حالياً
على مال خصص للنفع العام "حديقة لمدرسة كفر الشيخ الإعدادية" وكان هذا
الذي قرره الحكم لا يكفي لمواجهة دفاع الطاعن، ذلك أنه فضلاً عن أنه لم يناقش قوله
أن العقار المملوك له لا يطل مباشرة على المدرسة سالفة الذكر وإنما يفصله عنها من
الناحية القبلية أرض فضاء وشارع بعرض عشرة أمتار - فإنه لم يبين أوجه التعارض بين
استعمال حق المطل الذي يدعيه الطاعن وبين الاستعمال الذي خصص له عقار المطعون
عليها كمدرسة إعدادية للبنين ومن ثم يكون معيباً بالقصور.
المحكمة
بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار
المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الطعن استوفى
أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع على ما
يبين من الحكم المطعون فيه وسائر أوراق الطعن - تتحصل في أن وزير التربية والتعليم
ومحافظ كفر الشيخ (المطعون ضدهما) أقاما الدعوى رقم 143 سنة 1962 مدني كلي كفر
الشيخ - وقالا بصحيفتها أن المدعى عليه (الطاعن) يملك منزلاً مجاوراً لمدرستي كفر
الشيخ الإعدادية والثانوية للبنين وأحدث به عدة مطلات تطل على المدرستين دون أن
يترك المسافة القانونية وطلبا الحكم بسدها - وأقام الطاعن بدوره الدعوى 149 سنة
1964 مدني كلي كفر الشيخ ضد المحافظة ووزارة التربية والتعليم قائلاً بأنه اشترى
العقار المطل على حديقة المدرستين وبه فتحات بالناحية الشرقية بطول 80 سم وعرض 50
سم وارتفاع 165 سم بالطوابق الأربعة من العقار وفي كل طابق فتحتان - وكذلك ثماني
فتحات بالناحية القبلية المطلة على حديقة المدرسة الإعدادية بطول متر وعرض متر
وارتفاع متر بارتداد نصف متر - لما كانت هذه الفتحات موجودة بالعين منذ سنة 1927
فإنه يكون قد اكتسب حق الارتفاق بالتقادم وإذا كان المدعى عليهما قد نازعاه في
ثبوت حقه فيها - فقد أقام دعواه للحكم بتثبيت ملكيته لتلك الفتحات ومنع تعرضهما له
فيها وفي 2/ 6/ 1963 ندبت المحكمة خبيراً لمعاينة العقار المرتفق لبيان ما إذا كان
به مطلات على العقارين الخلويين سواء كانت مواجهة أم منحرفة وفي الحالة الأخيرة
بيان ما إذا كانت مواجهة لطريق عام وتحديد المسافة الفاصلة بينه وبين العقارين
الخلويين ووقت إنشاء تلك المطلات ومدى ظهورها وعلى العموم تحقيق وضع يد الطاعن على
حق الارتفاق ومدته - وبعد أن قدم الخبير تقريره حكمت المحكمة بتاريخ 4/ 1/ 1965 في
الدعوى رقم 143 سنة 1962 بسد المطلات الثمانية الموجودة بالناحية القبلية من منزل
المدعى عليه ورفض ما عدا ذلك من الطلبات ورفض الدعوى رقم 149 سنة 1964 - استأنف
الطاعن هذا الحكم طالباً إلغاءه ورفض الدعوى رقم 143 لسنة 1962 - أو وقفها والحكم
بطلباته في الدعوى رقم 149 سنة 1964 واحتياطياً إحالتها إلى التحقيق - ليثبت تملكه
حق الارتفاق بالمطل بالتقادم المكسب الطويل قبل صدور القانون الذي يحرم تملك أموال
الدولة الخاصة بالطريق المذكور قبل نشوء ملكية وزارة التربية والتعليم - وقيد استئنافه
برقم 107 سنة 15 ق طنطا وأقامت الحكومة استئنافاً فرعياً طالبة تعديل الحكم الصادر
في الدعوى رقم 143 سنة 1962 والقضاء لها بباقي طلباتها وقيد الاستئناف برقم 115
سنة 16 ق - وفي 30/ 1/ 1968 حكمت المحكمة في موضوع الاستئناف الأصلي والفرعي برفض
الاستئناف الأصلي وتأييد الحكم المستأنف فيما قضى به ضد المستأنف أصلياً (الطاعن)
في الدعويين رقمي 143 سنة 1962 و149 سنة 1964 مدني كلي كفر الشيخ وبإلغائه فيما
قضى به في الدعوى الأولى من رفض المطالبة بسد الفتحات محل النزاع الكائنة بالناحية
الشرقية من منزل المستأنف موضوع الاستئناف الفرعي وبإمهال المستأنف الأصلي أجلاً
لمدة أربعة شهور من تاريخ إعلانه بالحكم ليقوم خلالها بتعديل الفتحات المذكورة
متجاوزاً بقواعدها ارتفاع 180 سم وإلا قام المستأنفان فرعياً بصفتها بسدها على
نفقته وطعن الطاعن في هذا الحكم بطريق النقض - وقدمت النيابة العامة مذكرة برأيها
وطلبت رفض الطعن.
وحيث إن الطعن أقيم على
سببين حاصل ثانيهما الخطأ في تطبيق القانون وفي بيان ذلك يقول الطاعن أن الخبير
أثبت في تقريره وجود مناور تطل على الناحية الشرقية للعقار المملوك له وترتفع
قاعدتها بمقدار 165 سم ولما كانت هذه المناور لا يترتب على وجودها أي مساس بملكية
الجار يجيز له المطالبة بسدها أو تغيير موقعها - وكان المشرع قد حدد المناور في
المادة 821 من القانون المدني بأنها الفتحات التي تعلو قاعدتها عن قامة الإنسان
المعتادة - ولما كان الارتفاع المذكور يتفق والمعيار الوارد بنص المادة - فإن
الحكم المطعون فيه إذ خالف هذا النظر - وقضى بإلزام الطاعن برفع قاعدة هذه الفتحات
إلى 180 سم يكون قد أضاف قيداً جديداً لم يرد به نص في القانون مما يعيبه ويستوجب
نقضه.
وحيث إن النص في المادة
821 من القانون المدني على أنه لا يشترط أية مسافة لفتح المناورة وهي التي تعلو
قاعدتها عن قامة الإنسان المعتادة دون تخصيص هذا المعيار بارتفاع معين يدل على أن
المشرع قد ترك لمحكمة الموضوع تقدير الارتفاع المطلوب وفقاً لذلك المعيار - ولما
كان الثابت بتقرير الخبير المنتدب أن العرف جرى على احتساب القامة المعتادة للإنسان
بـ 180 سم - فإن الحكم المطعون فيه إذ قضى بإلزام الطاعن برفع قاعدة الفتحات
الموجودة بالجهة الشرقية لعقاره والمطلة على المدرسة الثانوية إلى العلو المشار
إليه استناداً إلى ما جاء بتقرير الخبير لا يكون قد أخطأ في تطبيق القانون ويكون
النعي عليه بهذا السبب على غير أساس.
وحيث إن مما ينعاه الطاعن
في السبب الأول على الحكم المطعون فيه الخطأ في القانون ومخالفة الثابت في الأوراق
- وفي بيان ذلك يقول إن الثابت بتقرير الخبير لمقدم لمحكمة الاستئناف أن العقار
المملوك له يفصله عن المدرسة الإعدادية من الناحية القبلية أرض فضاء تحمل رقم 136
مملوكة لمصلحة الأملاك ثم شارع بعرض 10 م ثم المدرسة الإعدادية التي تبعد كثيراً
عن عقار الطاعن - وبالرغم من أن هذا الذي أثبته الخبير لا يدع مجالاً لقيام حق
ارتفاق للعقار المملوك للطاعن على المدرسة فإنه بفرض التسليم بقيام حق الارتفاق
وتخصيص العقار المرتفق به للمنفعة العامة وزوال حق الارتفاق تبعاً لذلك فإنه يجوز
طبقاً للمادة 1015 من القانون المدني قيام هذا الحق على مال عام إذا كان لا يتعارض
مع الاستعمال الذي خصص له هذا المال - وإذ خالف الحكم المطعون فيه هذا النظر وقضى
بسداد تلك المطلات رغم دفاع الطاعن سالف الذكر فإنه يكون قد أخطا في تطبيق القانون
وخالف الثابت بالأوراق مما يستوجب نقضه.
وحيث إن الحكم المطعون
فيه بعد أن رد على دفاع الطاعن باكتساب حق المطل قبل إنشاء - المدرسة الإعدادية -
بأنه غير مجد في النزاع استناداً إلى أن حق الارتفاق ينتهي بهلاك العقار المرتفق
به - هلاكاً مادياً أو قانونياً - إلا أن يكون وجوده غير متعارض مع تخصيص العقار
للنفع العام خلص إلى أنه سواء صح ما يدعيه المستأنف (الطاعن) من أنه اكتسب حق
المطل بالتقادم أو لم يصح فلا محل لمطالبته بتثبيت ملكيته له على الأساس المذكور
إذ الثابت أن الفتحات تطل حالياً على مال خصص للنفع العام "حديقة لمدرسة كفر
الشيخ الإعدادية" وكان هذا الذي قرره الحكم لا يكفي لمواجهة دفاع الطاعن -
ذلك أنه فضلاً عن أنه لم يناقش قوله - أن العقار المملوك له لا يطل مباشرة على
المدرسة سالفة الذكر وإنما يفصله عنها من الناحية القبلية أرض فضاء وشارع بعرض
عشرة أمتار - فإنه لم يبين أوجه التعارض بين استعمال حق المطل الذي يدعيه الطاعن
وبين الاستعمال الذي خصص له عقار المطعون عليهما كمدرسة إعدادية للبنين - مما
يعيبه بالقصور ويوجب نقضه.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق