جلسة 6 من مارس سنة 1978
برياسة السيد المستشار
محمد عادل مرزوق نائب رئيس المحكمة، وعضوية السادة المستشارين محمد صلاح الدين
الرشيدي، وقصدي اسكندر عزت، ومحمد عبد الحميد صادق، ومحمد يونس ثابت.
----------
(43)
الطعن رقم 1013 لسنة 47
القضائية
(1)دفوع
"الدفع باستحالة الرؤية". محكمة الموضوع. "سلطتها في تقدير
الدليل". إثبات. "بوجه عام". "شهود". حكم. "تسبيبه.
تسبيب غير معيب".
حق محكمة الموضوع في
تكوين عقيدتها مما ترتاح إليه من أقوال الشهود.
(2) محكمة الموضوع. "سلطتها في تقدير
الدليل". إثبات. "شهود". دفاع. "الإخلال بحق الدفاع. ما لا
يوفره".
أخذ المحكمة بأقوال شاهد
معين. مفاده إطراحها جميع الاعتبارات التي ساقها الدفاع لحملها على عدم الأخذ بها.
(3)إثبات. "شهود". محكمة الموضوع. "سلطتها في تقدير
الدليل". نقض. "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها".
أخذ المحكمة برواية
منقولة. حائز.
المنازعة في استدلال
الحكم بأقوال أحد الشهود. جدل موضوعي.
(4) محكمة الموضوع. "سلطتها في تقدير
الدليل". إثبات. "شهود". نقض. "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها".
وزن أقوال الشهود. موضوعي.
(5)إثبات. "شهود". محكمة الموضوع. "سلطتها في تقدير
الدليل". حكم. "تسبيبه. تسبيب غير معيب".
تناقض الشاهد أو تضاربه
في أقواله. لا يعيب الحكم. متى استخلص الحقيقة منها بما لا تناقض فيه.
(6) جرح عمد. قصد جنائي. جريمة. "أركانها".
تحقق جريمة إحداث الجرح
العمدي. بتوافر القصد الجنائي العام.
(7) مسئولية جنائية. جريمة.
"أركانها". باعث.
عدم تأثير الباعث على
قيام الجريمة ولا المسئولية فيها.
(8) مسئولية جنائية. جريمة. "أركانها".
رابطة سببية. قصد جنائي. "القصد الاحتمالي".
علاقة السببية في المواد
الجنائية. ماهيتها.
(9)نقض. "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها". التقرير بالطعن
وإيداع الأسباب".
قبول أسباب الطعن. رهن
بكونها واضحة ومحددة.
---------
1 - إن ما دفع به الطاعن
من استحالة رؤية الشاهدة لواقعة اعتدائه على المجني عليه مردود بأن لمحكمة الموضوع
كامل الحرية في تكوين عقيدتها مما ترتاح إليه من أقوال الشهود.
2 - أخذ المحكمة بأقوال
شاهد معين مفاده إطراحها جميع الاعتبارات التي ساقها الدفاع لحملها عدم الأخذ بها.
3 - قول شرطي المرور أنه
معين لإدارة إشارة الموسكي وأنه في صباح يوم الحادث وبعد أن اجتاز الترام رقم 24
مكان الإشارة شاهد المجني عليه يسقط بظهره من الترام وينزلق تحته فتدوسه عجلاته
ويلقى حتفه وسمع من ركاب الترام أن المتهم هو الذي ركل المجني عليه خارج الترام
فسقط ووقع الحادث، ومن ثم فإن ما يثيره الطاعن حول استدلال الحكم بهذه الأقوال لا
يعدو أن يكون جدلاً موضوعياً لا تقبل إثارته أمام محكمة النقض، لما هو مقرر من أنه
ليس في القانون ما يمنع المحكمة من الأخذ برواية ينقلها شخص عن آخر متى رأت أن تلك
الأقوال قد صدرت عنه حقيقة.
4 - إن وزن أقوال الشاهد
وتقدير الظروف التي يؤدي فيها شهادته وتعويل القضاء على قوله مهما وجه إليه من
مطاعن وحام حوله من الشبهات، كل هذا مرجعه إلى محكمة الموضوع تنزله المنزلة التي
تراها وتقدره التقدير الذي تطمئن إليه دون رقابة لمحكمة النقض.
5 - من المقرر أن تناقض
الشاهد أو تضاربه في أقواله لا يعيب الحكم ما دامت المحكمة قد استخلصت الحقيقة من
تلك الأقوال استخلاصاً سائغاً لا تناقض فيه. ولما كان ما حصله الحكم عند إيراده
لأقوال الشهود له أصله الثابت في الأوراق، فلا جناح على المحكمة إن هي اعتمدت على
شهادة الشهود في قضائها بالإدانة بعد أن أفصحت عن اطمئنانها إلى شهادتهم وإنها
كانت على بينة بالظروف التي أحاطت بشهادتهم.
6 - إن جريمة إحداث الجرح
عمداً لا تتطلب غير القصد الجنائي العام، وهو يتوفر كلما ارتكب الجاني الفعل عن
إرادة وعن علم بأن هذا الفعل يترتب عليه المساس بسلامة جسم المجني عليه أو صحته.
7 - إن قول الطاعن أن
دفعه للمجني عليه كان بقصد فض شجار بينهما إنما يتصل بالباعث وهو لا يؤثر في قيام
الجريمة ولا عبرة به في المسئولية.
8 - من المقرر أن علاقة
السببية في المواد الجنائية علاقة مادية تبدأ بالفعل الذي اقترفه الجاني وترتبط من
الناحية المعنوية بما يجب عليه أن يتوقعه من النتائج المألوفة لفعله إذا ما أتاه
عمداً، وهذه العلاقة مسألة موضوعية ينفرد قاضي الموضوع بتقديرها، ومتى فصل فيها
إثباتاً أو نفياً فلا رقابة لمحكمة النقض عليه ما دام قد أقام قضاءه في ذلك على
أسباب تؤدي إليه. وإذ كان الحكم المطعون فيه قد أثبت في حق الطاعن أنه ركل المجني
عليه في بطنه ملقياً إياه خارج الترام ودلل على توافر رابطة السببية بين هذا الفعل
وبين سقوط المجني عليه وانزلاقه تحت عجلات الترام فمرت عليه وهشمت رأسه وصدره
وأطاحت بجانب من جوهر مخه ففقد حياته وذلك من واقع تقرير الصفة التشريحية الذي
أثبت أن إصابات المجني عليه أدت إلى وفاته وإنها جائزة الحدوث من مرور عجلات
الترام عليه، بما يجعل الطاعن مسئولاً في صحيح القانون عن جميع النتائج المحتمل
حصولها من ركل المجني عليه في بطنه ملقياً إياه خارج الترام أثناء سيره وبسقوطه
أسف عجلاته ومرورها عليه.
9 - يجب لقبول أسباب
الطعن أن تكون واضحة محددة. بحيث إذا لم يكشف الطاعن في طعنه عن ماهية الدفاع
الجوهري الذي يقول أنه ضمنه مذكرته المقدمة لمحكمة الموضوع، وينعى على محكمة
الموضوع عدم الرد عليه فإن منعاه في هذا الصدد يكون غير مقبول.
الوقائع
اتهمت النيابة العامة
الطاعن - وآخر حكم ببراءته - بأنه ضرب المجني عليه...... و....... وألقى به من
الترام أثناء سيره وأحدث به الإصابات المبينة بتقرير الصفة التشريحية ولم يكن يقصد
من ذلك قتلاً ولكن هذا العدوان قد أدى لوفاة المجني عليه وطلبت من مستشار الإحالة إحالته
إلى محكمة الجنايات لمعاقبته طبقاً للقيد والوصف الواردين بتقرير الاتهام فقرر
ذلك. وادعى مدنياً أولاد المجني عليه وطلبوا القضاء لهم بمبلغ عشرة آلاف جنيه قبل
المتهم وهيئة النقل العام بصفتها المسئولة عن الحقوق المدنية. ومحكمة جنايات
القاهرة قضت حضورياً عملاً بالمادة 236/ 1 من قانون العقوبات بمعاقبة
المتهم....... بالأشغال الشاقة خمس سنوات وإلزامه متضامناً مع المسئول المدني هيئة
النقل العام بأن يؤديا للمدعين بالحقوق المدنية مبلغ ثلاثة آلاف جنيه والمصاريف
المدنية المناسبة ومبلغ عشرين جنيهاً مقابل أتعاب المحاماة. فطعن المحكوم عليه في
هذا الحكم بطريق النقض... إلخ.
المحكمة
حيث إن مبنى الطعن أن
الحكم المطعون فيه إذ دان الطاعن بجريمة الضرب المفضي إلى الموت قد شابه خطأ في
الإسناد وفساد في الاستدلال فضلاً عن الخطأ في القانون والقصور في التسبيب، ذلك
بأن الحكم المطعون فيه أسند إلى شهود الإثبات أقوالاً تتفق مع صورة الواقعة كما
استخلصتها المحكمة في حين أن أقوالهم في كافة مراحل الدعوى لا تلتئم مع هذا التصوير،
وقد عول في الإدانة على أقوال الشاهدين..... والرقيب....... مع أن الشاهدة
الأولى كان يستحيل عليها رؤية الحادث من مكان جلوسها بالترام كما أن مفاد أقوال
الشاهد الثاني أنه لم ير واقعة اعتداء الطاعن على المجني عليه، فضلاً عن أن أقوال
الشهود تناقضت في تحديد مكان الاعتداء داخل الترام وفي بيان موضع الضربات التي
أوقعها الطاعن بالمجني عليه هذا إلى عدم توافر أركان الجريمة ذلك أن ما قرره بعض
الشهود من أن دفع الطاعن للمجني عليه كان بقصد فض الشجار الذي شب بينهما يرفع عن
هذا الفعل قصد إيذاء المجني عليه في جسمه وتنتفي به علاقة السببية إذ أن وفاة
المجني عليه حدثت من الظروف الملابسة للواقعة. وأخيراً فإن الحكم قد أغفل الرد على
الدفاع الجوهري الذي أبداه الطاعن في المذكرة المقدمة منه للمحكمة، مما يعيبه
ويوجب نقضه.
وحيث إن الحكم المطعون
فيه بين واقعة الدعوى بما تتوافر به كافة العناصر القانونية لجريمة الضرب المفضي
إلى الموت التي دان الطاعن بها وأورد على ثبوتها في حقه أدلة سائغة من شأنها أن
تؤدي إلى ما رتبه عليها. لما كان ذلك، وكان ما أورده الحكم في مجال تحصيله لأقوال
شهود الإثبات يرتد إلى أصل صحيح في الأوراق - على ما تبين من المفردات المضمونة -
فإنه تنحسر عن الحكم قالة الخطأ في الإسناد ويكون ما أثاره الطاعن في هذا الصدد لا
وجه له. لما كان ذلك، وكان ما دفع به الطاعن من استحالة رؤية الشاهدة........
لواقعة اعتدائه على المجني عليه مردوداً بأن لمحكمة الموضوع كامل الحرية في تكوين
عقيدتها مما ترتاح إليه من أقوال الشهود، ومتى أخذت بشهادة شاهد فإن ذلك يفيد أنها
أطرحت جميع الاعتبارات التي ساقها الدفاع لحملها على عدم الأخذ بها. لما كان ذلك،
وكان الحكم قد حصل أقوال....... في قوله "إنه معين لإدارة إشارة مرور الموسكي
وأنه في صباح يوم الحادث وبعد تجاوز الترام رقم 24 مكان الإشارة شاهد المجني عليه
يسقط بظهره من الترام وينزلق تحته فتدوسه عجلاته ويلقى حتفه وسمع من ركاب الترام
أن المتهم هو الذي ركل المجني عليه خارج الترام فسقط ووقع الحادث" ومن ثم فإن
ما يثيره الطاعن حول استدلال الحكم بهذه الأقوال لا يعدو أن يكون جدلاً موضوعياً
لا تقبل إثارته أمام محكمة النقض، لما هو مقرر من أنه ليس في القانون ما يمنع
المحكمة من الأخذ برواية ينقلها شخص عن آخر متى رأت أن تلك الأقوال قد صدرت عنه
حقيقة وكانت تمثل الواقع - كما هو الحال في هذه الدعوى. أما ما يثيره الطاعن في
شأن تناقض الشهود، فإنه لما كان وزن أقوال الشاهد وتقدير الظروف التي يؤدي فيها
شهادته وتعويل القضاء على قوله مهما وجه إليه من مطاعن وحام حوله من الشبهات، كل
هذا مرجعه إلى محكمة الموضوع تنزله المنزلة التي تراها وتقدره التقدير الذي تطمئن
إليه دون رقابة لمحكمة النقض عليها. وكان من المقرر أن تناقض الشاهد أو تضاربه في
أقواله لا يعيب الحكم ما دامت المحكمة قد استخلصت الحقيقة من تلك الأقوال
استخلاصاً سائغاً لا تناقض فيه. ولما كان ما حصله الحكم عند إيراده لأقوال الشهود
له أصله الثابت في الأوراق، فلا جناح على المحكمة إن هي اعتمدت على شهادة الشهود
في قضائها بالإدانة بعد أن أفصحت عن اطمئنانها إلى شهادتهم وأنها كانت على بينة
بالظروف التي أحاطت بشهادتهم، ومن ثم فإن ما ينعاه الطاعن في هذا الشأن في غير
محله لما كان ذلك، وكانت جريمة إحداث الجروح عمداً لا تتطلب غير القصد الجنائي
العام، وهو يتوفر كلما ارتكب الجاني الفعل عن إرادة وعن علم بأن هذا الفعل يترتب
عليه المساس بسلامة جسم المجني عليه أو صحته، فإن قالة الطاعن بأن دفعه للمجني
عليه كان بقصد فض الشجار الذي شب بينهما إنما يتصل بالباعث، وهو لا يؤثر في قيام
الجريمة ولا عبرة به في المسئولية. لما كان ذلك، وكان من المقرر أن علاقة السببية
في المواد الجنائية علاقة مادية تبدأ بالفعل الذي اقترفه الجاني وترتبط من الناحية
المعنوية بما يجب عليه أن يتوقعه من النتائج المألوفة لفعله إذا ما أتاه عمداً،
وهذه العلاقة مسألة موضوعية ينفرد قاضي الموضوع بتقديرها، ومتى فصل فيها إثباتا أو
نفياً فلا رقابة لمحكمة النقض عليه ما دام قد أقام قضاءه في ذلك على أسباب تؤدي
إليه. وإذ كان الحكم المطعون فيه قد أثبت في حق الطاعن أنه ركل المجني عليه في
بطنه ملقياً إياه خارج الترام ودلل على توافر رابطة السببية بين هذا الفعل وبين
سقوط المجني عليه وانزلاقه تحت عجلات الترام فمرت عليه وهشمت رأسه وصدره وأطاحت
بجانب من جوهر مخه ففقد حياته وذلك من واقع تقرير الصفة التشريحية الذي أثبت أن
إصابات المجني عليه أدت إلى وفاته وإنها جائزة الحدوث من مرور عجلات الترام عليه،
بما يجعل الطاعن مسئولاً في صحيح القانون عن جميع النتائج المحتمل حصولها من ركل
المجني عليه في بطنه ملقياً إياه خارج الترام أثناء سيره وبسقوطه أسفل عجلاته
ومرورها عليه، ومن ثم فإن النعي على الحكم في هذا الصدد يضحي ولا محل له. لما كان
ذلك، وكان من المقرر أنه يجب لقبول أسباب الطعن أن تكون واضحة ومحددة، وكان الطاعن
لم يكشف الطاعن في طعنه عن ماهية الدفاع الجوهري الذي يقول أنه ضمنه مذكرته
المقدمة لمحكمة الموضوع ويتعين على الحكم المطعون فيه عدم الرد عليه، فإن منعاه في
هذا الصدد يكون غير مقبول. لما كان ما تقدم، فإن الطعن برمته يكون على غير أساس
معيناً رفضه موضوعاً.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق