الصفحات

بحث هذه المدونة الإلكترونية

السبت، 23 ديسمبر 2017

الطعن 9228 لسنة 64 ق جلسة 7 / 4 / 1996 مكتب فني 47 ق 66 ص 466

برئاسة السيد المستشار / مقبل شاكر نائب رئيس المحكمة وعضوية السداة المستشارين /طلعت الإكيابي ومحمد عبد الواحد وعادل الشوربجي نواب رئيس المحكمة ورضا القاضى.
------------
- 1  نقض " اجراءات الطعن . التقرير بالطعن وايداع الاسباب".
عدم التقرير بالطعن بالنقض. أثره. عدم قبول الطعن شكلا. أساس ذلك.
لما كان الطاعن ...... وإن قدم الأسباب فى الميعاد إلا أنه لم يقرر بالطعن في قلم كتاب المحكمة التي أصدرت الحكم طبقاً للمادة 34 من القانون رقم 57 لسنة 1959 فى شأن حالات وإجراءات الطعن أمام محكمة النقض ، ولما كان التقرير بالطعن الذى رسمه القانون هو الذى يترتب عليه دخول الطعن فى حوزة المحكمة واتصالها به بناء على إعلان ذي الشأن عن رغبته فيه ، فإن عدم التقرير بالطعن لا يجعل للطعن قائمة ولا تتصل به محكمة النقض ولا يغنى عنه أي إجراء آخر ، ومن ثم يتعين عدم قبول الطعن شكلاً بالنسبة لهذا الطاعن .
- 2  إثبات " خبرة". حكم "ما لا يعيب الحكم في نطاق التدليل".
عدم إيراد الحكم نص تقرير الخبير بكامل أجزائه . لا ينال من سلامة الحكم.
من المقرر أنه لا ينال من سلامة الحكم عدم إيراده نص تقرير الخبير بكامل أجزائه .
- 3  إثبات " خبرة" " شهود".
تطابق أقوال الشهود ومضمون الدليل الفني . غير لازم . كفاية أن يكون جماع الدليل القولي غير متناقض مع الدليل الفني تناقضاً يستعصى على الملاءمة والتوفيق.
من المقرر أنه ليس بلازم أن تطابق أقوال الشهود مضمون الدليل الفني بل يكفى أن يكون جماع الدليل القولي غير متناقض مع الدليل الفني تناقضاً يستعصى على الملاءمة والتوفيق .
- 4 رابطة السببية . قصد جنائي .  مسئولية " مسئولية جنائية".
الجاني في جريمة الضرب أو إحداث جرح عمداً . مسئول عن جميع النتائج المحتمل حصولها نتيجة سلوكه الإجرامي . ما لم تتداخل عوامل أجنبية غير مألوفة تقطع رابطة السببية بين فعله وبين النتيجة . مرض المجني عليه . من الأمور الثانوية . التي لا تقطع رابطة السببية .
من المقرر أن الجناني في جريمة الضرب أو إحداث جرح عمداً يكون مسئولاً عن جميع النتائج المحتمل حصولها نتيجة سلوكه الإجرامي ولو كانت عن طريق غير مباشر ما لم تتداخل عوامل أجنبية غير مألوفة تقطع رابطة السببية بين فعله وبين النتيجة ، وأن مرض المجنى عليه ــ على فرض صحة ما يدعيه الطاعن ــ إنما هو من الأمور الثانوية التي لا تقطع هذه الرابطة .
- 5 إثبات "بوجه عام".
الطلب الذي لا يتجه إلى نفي الفعل المكون للجريمة ولا إلى إثبات استحالة حصول الواقعة كما رواها الشهود. ومقصوده إثارة الشبهة في الدليل الذي اطمأنت إليه المحكمة . دفاع موضوعي لا تلتزم المحكمة بإجابته .
من المقرر أن الطلب الذى لا يتجه إلى نفى الفعل يكون للجريمة ولا إلى إثبات استحالة حصول الواقعة كما رواها الشهود ، بل كان المقصود به إثارة الشبهة في الدليل الذى اطمأنت إليه المحكمة فإنه يعتبر دفاعاً موضوعياً لا تلتزم المحكمة بإجابته .
- 6  نقض "اسباب الطعن . ما لا يقبل من الاسباب".
النعي على المحكمة قعودها عن الرد على دفاع لم يثر أمامها . لا تقبل إثارته أمام محكمة النقض . تحديد وقت وقوع الحادث والتأخير في الإبلاغ . لا تأثير له في ثبوت الواقعة . حد ذلك .
لما كان الثابت من مطالعة محضر جلسة المحاكمة أن الطاعن لم يثر دفاعة القائم على المنازعة في وقت ومكان وقوع الحادث فإنه ليس له من بعد أن ينعى على المحكمة قعودها عن الرد على دفاع لم يبد أمامها ولا يقبل منه إثارته أمام محكمة النقض . هذا فضلاً عن أن تحديد وقت وقوع الحادث والتأخير في الابلاغ لا تأثير له في ثبوت الواقعة مادامت المحكمة قد أطمأنت بالأدلة التي ساقتها إلى أن الشاهدين قد رأيا الطاعن وتحققا منه وهو يضرب المجنى عليه بعصى على رأسه .
- 7 دفوع "الدفع بتعذر الرؤية".
الدفع بتعذر الرؤية وتحديد الضارب . موضوعي . لا يستوجب رداً صريحاً . ما دام الرد مستفاداً ضمناً من القضاء بالإدانة .
من المقرر أن الدفاع بتعذر الرؤية تحديد الضارب من الدفوع الموضوعية التي لا تستوجب في الأصل رداً صريحاً من الحكم مادام الرد مستفاداً ضمناً من القضاء بالإدانة استناداً إلى أدلة الثبوت التي أوردها .
- 8 إثبات " اوراق رسمية".
الأدلة في المواد الجنائية . إقناعية . للمحكمة أن تلتفت عن دليل النفي ولو حملته أوراق رسمية . مادام يصح في العقل أن يكون غير ملتئم مع الحقيقة التي اطمأنت إليها .
من المقرر أن الأدلة في المواد الجنائية إقناعية وللمحكمة أن تلتفت عن دليل النفي ولو حملته أوراق رسمية مادام يصح في العقل أن يكون غير ملتئم مع الحقيقة التي اطمأنت إليها من باقي الأدلة في الدعوى .
- 9  حكم " تسبيب الحكم - التسبيب غير المعيب". دفوع " الدفع بقيام حالة الدفاع الشرعي". محكمة الموضوع " سلطتها في تقدير الدليل" . نقض " اسباب الطعن - ما لا يقبل من الاسباب". إثبات " بوجه عام".
عدم التزام المحكمة بالرد صراحة على أدلة النفي . ما دام الرد عليها مستفاداَ ضمناً من الحكم بالإدانة . أساس ذلك . منازعة الطاعن في شأن عدم تواجده على مسرح الجريمة وقت وقوعها . جدل موضوعي في تقدير الدليل وفي سلطة محكمة الموضوع في وزن عناصر الدعوى واستنباط معتقدها . عدم جواز إثارته أمام محكمة النقض .
من المقرر أن المحكمة غير ملزمة بالرد صراحة على أدلة النفي التي يتقدم بها المتهم مادام الرد عليها مستفاداً ضمناً من الحكم بالإدانة اعتماداً على أدلة الثبوت التي أوردها ، إذ بحسب الحكم كيما يتم تدليله ويستقيم قضاؤه أن يورد الأدلة المنتجة التي صحت لديه على ما استخلصه من وقوع الجريمة المسندة إلى المتهم ولا عليه أن يتعقبه في كل جزئية من جزئيات دفاعه لأن مفاد التفاته عنها أنه أطرحا ، ومن ثم فإن ما يثيره الطاعن في شأن عدم وجوده على مسرح الجريمة وقت وقوعها لا يعدو أن يكون جدلاً موضوعياً فى تقدير الدليل وفى سلطة محكمة الموضوع في وزن عناصر الدعوى واستنباط معتقدها ، وهو ما لا يجوز إثارته أمام محكمة النقض .
- 10  محكمة الموضوع " سلطتها فى تقدير الدليل".
حق محكمة الموضوع أن تجزئ أقوال الشاهد . فتأخذ منها ما تطمئن إليه وتطرح ما عداه . عدم التزام محكمة الموضوع بأن تورد من أقوال الشهود إلا ما تقيم قضاءها عليه .
من المقرر أن لمحكمة الموضوع أن تجزى أقوال الشاهد فتأخذ منها ما تطمئن إليه وتطرح ما عداه لتعلق ذلك بسلطتها فى تقدير أدلة الدعوى ، وهى في ذلك غير ملزمة بأن تورد من أقوال الشهود إلا ما تقيم قضاءها عليه .
- 11  نقض "اسباب الطعن . ما لا يقبل من الاسباب".
الطلب الذي تلتزم المحكمة بإجابته أو الرد عليه . ماهيته .
من المقرر أن الطلب الذى تلتزم محكمة الموضوع بإجابته أو الرد عليه هو الطلب الجازم الذي يقرع سمع المحكمة ويصر عليه مقدمه .
- 12  إجراءات " اجراءات المحاكمة". محاماة
القانون لا يمنع ان يتولى محام واحد واجب الدفاع عن المتهمين في جناية واحدة مادامت ظروف الواقعة لا تؤدي الى القول بقيام تعارض حقيقي بين مصالحها . مناط التعارض الحقيقي المخل بحق الدفاع ان يكون القضاء بإدانة أحدهما يترتب عليه القضاء ببراءة الاخر . تعارض المصلحة الذي يوجب افراد كل متهم بمحام خاص يتولى الدفاع عنه أساسه الواقع ولا يبني على احتمال ما كان بوسع كل منهما أن يبديه من اوجه الدفاع ما دام لم يبده بالفعل .
لما كان قضاء النقض قد جرى على أن القانون لا يمنع أن يتولى محام واحد واجب الدفاع عن متهمين متعددين فى جناية واحدة مادامت ظروف الواقعة لا تؤدى إلى القول بقيام تعارض حقيقى بين مصالحهم ، وكان البين من مدونات الحكم المطعون فيه أنه أثبت فى حق الطاعن الأول ارتكاب جريمة الضرب المفضى إلى الموت وأثبت فى حق الثانى ارتكابه جريمة الضرب باستعمال أداة ( عصا ) وكان ثبوت الفعل المكون للجريمة فى حق أحدهما لم يكن من شأنه أن يؤدى إلى تبرئة الآخر أو يجعل إسناد التهمة شائعاً بينهما شيوعاً صريحاً أو ضمنياً ، كما أن القضاء بإدانة أحدهما لا يترتب عليه القضاء ببراءة الآخر وهو مناط التعارض الحقيقى المخل بحق الدفاع وكان تعارض المصلحة الذى يوجب إفراد كل منهما بمحام خاص يتولى الدفاع عنه أساسه الواقع ولا ينبنى على احتمال ما كان يسع كل منهما أن يبديه من أوجه الدفاع مادام لم يبده بالفعل ومن ثم فإن مصلحة كل منهما فى الدفاع لا تكون متعارضة ويكون ما يثيره الطاعن فى هذا الشأن لا أساس له من الواقع والقانون .
- 13  تعويض . دعوى " دعوى مدنية - نظرها والحكم فيها".
التضامن فى التعويض بين الفاعلين الذين أسهموا في إحداث الضرر . واجب بنص القانون مادام قد ثبت اتحاد الفكرة . والإرادة لديهم وقت الحادث على إيقاع الضرب بالمجنى عليه . ولو دين أحدهم بتهمة الضرب المفضي للموت ودين الثاني بتهمة الضرب والجرح فقط .
لما كان ما قضى به الحكم من تضامن الطاعنين في التعويض صحيحاً في القانون مادام أن مفاد ما أثبته الحكم أن المتهمين قد تطابقت إرادتهما على الاعتداء على المجنى عليه إذ من المقرر أن التضامن في التعويض بين الفاعلين الذين أسهموا فى إحداث الضرر واجب بنص القانون مادام قد ثبت اتحاد الفكرة والإرادة لديهم وقت الحادث على إيقاع الضرب بالمجنى عليه ولو دين أحدهم بتهمة الضرب المفضي للموت ودين الثاني بتهمة الضرب والجرح فقط كما هو الشأن في الدعوى المطروحة .
- 14  نقض " اسباب الطعن . ما لا يقبل من الاسباب".
لا يقبل من أوجه الطعن إلا ما كان متصلا منها بشخص الطاعن.
من المقرر أن الأصل أنه لا يقبل من أوجه الطعن على الحكم إلا ما كان متصلاً منها بشخص الطاعن .
- 15  أسباب الاباحة وموانع العقاب " دفاع شرعي". نقض " اسباب الطعن . ما لا يقبل من الاسباب".
الدفع بقيام حالة الدفاع الشرعي . لا تقبل إثارته لأول مرة أمام محكمة النقض .
لما كان الطاعن لم يدفع أمام محكمة الموضوع بقيام حالة الدفاع الشرعي وكانت واقعة الدعوى على النحو الذى أورده الحكم لا تتوافر بها حالة الدفاع الشرعي ولا ترشح لقيامها فإنه لا يقبل من الطاعن أن يثير هذا الدفاع لأول مرة أمام محكمة النقض .
------------
الوقائع
اتهمت النيابة العامة الطاعنين بأنهما: ضربا ..... علي رأسه وعنقه فأحدثا به الإصابات الموصوفة بتقرير الصفة التشريحية ولم يقصدا من ذلك قتلاً ولكن الضرب أفضي إلي موته علي النحو المبين بالتحقيقات. وأحالتهما إلي محكمة جنايات القاهرة لمحاكمتها طبقا للقيد والوصف الواردين بأمر الإحالة. وادعي ورثة المجني عليه مدنياً قبل المتهمين بمبلغ خمسمائة وواحد جنيه علي سبيل التعويض المؤقت. والمحكمة المذكورة قضت حضورياً عملاً بالمادتين 236/1، 242/1-3 من قانون العقوبات بمعاقبة المتهم الأول بالحبس مع الشغل لمدة ستة أشهر وبإلزامهما بأن يؤديا للمدعين بالحق المدني مبلغ خمسمائة وواحد جنيه علي سبيل التعويض المؤقت. باعتبار أن الواقعة ضرب بسيط بالنسبة للمحكوم عليه الثاني
فطعن المحكوم عليه الأول في هذا الحكم بطريق النقض ........ إلخ.

-----------

المحكمة
من حيث إن المحكوم عليه الثاني ...... وإن قدم الأسباب في الميعاد إلا أنه لم يقرر بالطعن في قلم كتاب المحكمة التي أصدرت الحكم طبقا للمادة 34 من القانون رقم 57 لسنة 1959 في شأن حالات وإجراءات الطعن أمام محكمة النقض, ولما كان التقرير بالطعن الذي رسمه القانون هو الذي يترتب عليه دخول الطعن في حوزة المحكمة واتصالها به بناء على إعلان ذي الشأن عن رغبته فيه, فإن عدم التقرير بالطعن لا يجعل للطعن قائمة ولا تتصل به محكمة النقض ولا يغني عنه أي إجراء آخر، ومن ثم يتعين عدم قبول الطعن شكلا بالنسبة لهذا الطاعن
وحيث إن طعن المحكوم عليه الأول...... قد استوفى الشكل المقرر في القانون
وحيث إن الطاعن ينعى على الحكم المطعون فيه أنه إذ دانه بجريمة الضرب المفضي إلى الموت قد شابه القصور في التسبيب والفساد في الاستدلال وأخل بحق الدفاع ذلك بأن الحكم اقتصر على إيراد نتيجة تقرير الصفة التشريحية دون إيراد مؤداه ورد الحكم بما لا يصلح ردا على دفاع الطاعن يتناقض الدليلين القولي والفني ولم يعن برفع التناقض عن طريق المختص فنيا, ولم تستجب المحكمة لطلب ضم أوراق علاج المجني عليه لتحقيق دفاعه بانقطاع رابطة السببية بين وفاة المجني عليه وإصابته وذلك لمرضه ولكبر سنة بدلالة وفاته بعد ثلاثة أيام من إصابته, وقام دفاع الطاعن على أساس المنازعة في وقت الحادث ومكانه بدلالة التأخير في الإبلاغ وعدم وجود آثار دماء بمكان الحادث إلا أن المحكمة أغفلت هذا الدفاع والتفتت عن طلب تحقيقه وكذلك دفاعه بأن الرؤية بمكان الواقعة كانت مستحيلة بسبب حلول الظلام وهو ما يرشح لحدوث إصابة المجني عليه نتيجة قذف الأحجار من آخرين, وأنه لم يكن موجودا على مسرح الجريمة بدلالة الشهادة التي قدمها والتي تفيد إقامته بفندق القاهرة في وقت معاصر لوقوع الجريمة, وأغفل الحكم ما قرره شاهدا الإثبات من اعتداء المتهم الثاني بعصا على رأس المجني عليه، والتفت عن طلب الطاعن معاينة مكان الحادث لإثبات أن للواقعة صورة أخرى زمانا ومكانا. كما أن محاميا واحدا تولى الدفاع عن الطاعنين بالرغم من تعارض المصلحة فيما بينهما، وقضى الحكم في الدعوى المدنية بإلزام الطاعنين متضامنين بدفع التعويض المدني المؤقت وهو ما لم يطلبه المدعون بالحقوق المدنية وبالرغم من عدم إثبات الحكم اتفاق الطاعنين أو اشتراكهما في إحداث إصابات المجني عليه. ولم يعرض لدفاع المتهم الثاني بعدم إمكانية الاعتداء على المجني عليه بعصا وهو مصاب بعاهة في اليد ولم يعن بتحقيقه, كما لم يبين الإصابة التي أحدثها المتهم الثاني بالمجني عليه. وأسندت المحكمة إلى المتهم الثاني واقعة لم ترد بأمر الإحالة دون أن تلفت نظره أو تنبه الدفاع إلى ذلك, هذا فضلا عن أنه لم يفطن لإصابات المتهم الثاني ودلالتها على قيام حالة الدفاع الشرعي التي ترشح لها الواقعة, كل ذلك مما يعيب الحكم ويستوجب نقضه
وحيث إنه يبين من الحكم المطعون فيه أنه بين واقعة الدعوى بما تتوافر به كافة العناصر القانونية لجريمة الضرب المفضي إلى الموت التي دان الطاعن بها وأورد على ثبوتها في حقه أدلة سائغة من شأنها أن تؤدي إلى ما رتبه الحكم عليها. لما كان ذلك, وكان الحكم قد حصل من التقرير الطبي الشرعي, وثبت من تقرير الصفة التشريحية على جثة المجني عليه أن إصاباته رضية حيوية حديثة تنشأ من الإصابة بجسم صلب راض أيا كان نوعه وهي جائزة الحدوث من مثل التصوير الوارد بالأوراق ووفاته نشأت عن الإصابة الرضية بالرأس وما أحدثته من كسر منخسف بعظام يسار الجمجمة وما صاحبها من نزيف بالمخ وتوقف بالمراكز الحيوية, فإن ما ينعاه الطاعن على الحكم بعدم إيراده مضمون التقرير الطبي الشرعي لا يكون له محل لما هو مقرر من أنه لا ينال من سلامة الحكم عدم إيراده نص تقرير الخبير بكامل أجزائه, لما كان ذلك, وكان من المقرر أنه ليس بلازم أن تطابق أقوال الشهود مضمون الدليل الفني بل يكفي أن يكون جماع الدليل القولي غير متناقض مع الدليل الفني تناقضا يستعصى على الملاءمة والتوفيق وكان الدليل المستمد من أقوال شهود الإثبات الذي أخذت به محكمة الموضوع واطمأنت إليه غير متعارض والدليل المستمد من التقرير الطبي الشرعي فإن ما ينعاه الطاعن في هذا الخصوص يكون على غير أساس لما كان ذلك, وكان الحكم المطعون فيه قد أثبت في حق الطاعن الأول أنه ضرب المجني عليه بعصا على رأسه فأحدث به الإصابة الموصوفة بتقرير الصفة التشريحية ولم يقصد من ذلك قتلا ولكن الضرب أفضى إلى موته ودلل على توافر رابطة السببية بين الفعل المسند إلى الطاعن الأول ووفاة المجني عليه بما أثبته تقرير الصفة التشريحية من أن وفاة المجني عليه تعزى إلى إصابته الرضية بالرأس وما أحدثته من كسر منخسف بعظام يسار الجمجمة وما صاحبها من نزيف بالمخ وتوقف بالمراكز الحيوية ويجوز حدوثها من مثل التصوير الوارد بالأوراق, فإن في ذلك ما يحقق مسئولية الطاعن الأول - في صحيح القانون - عن هذه النتيجة التي كان واجبه أن يتوقع حصولها لما هو مقرر من أن الجاني في جريمة الضرب أو إحداث جرح عمدا يكون مسئولا عن جميع النتائج المحتمل حصولها نتيجة سلوكه الإجرامي ولو كانت عن طريق غير مباشر ما لم تتداخل عوامل أجنبية غير مألوفة تقطع رابطة السببية بين فعله وبين النتيجة، ومن أن مرض المجني عليه - على فرض صحة ما يدعيه الطاعن - إنما هو من الأمور الثانوية التي لا تقطع هذه الرابطة ومن ثم فإن النعي على الحكم في هذا الصدد يكون غير سديد. لما كان ذلك, وكان من المقرر أن الطلب الذي لا يتجه إلى نفي الفعل المكون للجريمة ولا إلى إثبات استحالة حصول الواقعة كما رواها الشهود, بل كان المقصود به إثارة الشبهة في الدليل الذي اطمأنت إليه المحكمة فأنه يعتبر دفاعا موضوعيا لا تلتزم المحكمة بإجابته, ولما كانت محكمة الموضوع قد اطمأنت إلى أقوال شهود الإثبات وصحة تصويرهم للواقعة فإنه لا يجوز مصادرتها في عقيدتها ولا محل للنعي عليها لعدم إجابتها طلب الدفاع ضم أوراق علاج المجني عليه. لما كان ذلك, وكان الثابت من مطالعة محضر جلسة المحاكمة أن الطاعن لم يثر دفاعه القائم على المنازعة في وقت ومكان وقوع الحادث فإنه ليس له من بعد أن ينعى على المحكمة قعودها عن الرد على دفاع لم يبد أمامها ولا يقبل منه إثارته أمام محكمة النقض. هذا فضلا عن أن تحديد وقت وقوع الحادث والتأخر في الإبلاغ لا تأثير له في ثبوت الواقعة ما دامت المحكمة قد اطمأنت بالأدلة التي ساقتها إلى أن الشاهدين قد رأيا الطاعن وتحققا منه وهو يضرب المجني عليه بعصا على رأسه, وكان الدفع بتعذر الرؤية وتحديد الضارب من الدفوع الموضوعية التي لا تستوجب في الأصل ردا صريحا من الحكم مادام الرد مستفادا ضمنا من القضاء بالإدانة استنادا إلى أدلة الثبوت التي أوردها، لما كان ذلك، وكانت الأدلة في المواد الجنائية إقناعية وللمحكمة أن تلتفت عن دليل النفي ولو حملته أوراق رسمية مادام يصح في العقل أن يكون غير ملتئم مع الحقيقة التي اطمأنت إليها من باقي الأدلة في الدعوى، وكان من المقرر أن المحكمة غير ملزمة بالرد صراحة على أدلة النفي التي يتقدم بها المتهم مادام الرد عليها مستفادا ضمنا من الحكم بالإدانة اعتمادا على أدلة الثبوت التي أوردها، إذ بحسب الحكم كيما يتم تدليله ويستقيم قضاؤه أن يورد الأدلة المنتجة التي صحت لديه على ما استخلصه من وقوع الجريمة المسندة إلى المتهم ولا عليه أن يتعقبه في كل جزئية من جزئيات دفاعه لأن مفاد التفاته عنها أنه أطرحها، ومن ثم فإن ما يثيره الطاعن في شأن عدم وجوده على مسرح الجريمة وقت وقوعها لا يعدو أن يكون جدلا موضوعيا في تقدير الدليل وفي سلطة محكمة الموضوع في وزن عناصر الدعوى واستنباط معتقدها, وهو ما لا يجوز إثارته أمام محكمة النقض. لما كان ذلك, وكان من المقرر أن لمحكمة الموضوع أن تجزئ أقوال الشاهد فتأخذ منها ما تطمئن إليه وتطرح ما عداه لتعلق ذلك بسلطتها في تقدير أدلة الدعوى, وهي في ذلك غير ملزمة بأن تورد من أقوال الشهود إلا ما تقيم قضاءها عليه, فإنه لا على المحكمة إن هي أغفلت من رواية شاهدي الإثبات اعتداء الطاعن الثاني بالضرب بعصا على رأس المجني عليه - على فرض صحة ذلك - ومن ثم فإن نعي الطاعن في هذا المنحى يكون غير سديد. لما كان ذلك, وكان من المقرر أن الطلب الذي تلتزم محكمة الموضوع بإجابته أو الرد عليه هو الطلب الجازم الذي يقرع سمع المحكمة ويصر عليه مقدمه, وكان الثابت بمحضر جلسة المحاكمة أن الدفاع قال: إن الدعوى خلت من المعاينة لمكان الحادث, فإن ما ذكره الدفاع في هذا الخصوص لا يعد طلبا بالمعنى السابق ذكره إذ هو لا يعدو أن يكون تعييبا لتحقيق النيابة بما يراه فيه من نقص دون أن يتمسك بطلب استكماله، هذا فضلا عن أن هذا الطلب لا يتجه إلى نفي الفعل المكون للجريمة ولا إلى استحالة حصول الواقعة ويعتبر من أوجه الدفاع الموضوعية التي لا تلتزم المحكمة بإجابته ومن ثم فإن ما يثيره الطاعن في هذا الشأن يكون في غير محله. لما كان ذلك, وكان قضاء النقض قد جرى على أن القانون لا يمنع من أن يتولى محام واحد واجب الدفاع عن متهمين متعددين في جناية واحدة ما دامت ظروف الواقعة لا تؤدي إلى القول بقيام تعارض حقيقي بين مصالحهم, وكان البين من مدونات الحكم المطعون فيه أنه أثبت في حق الطاعن الأول ارتكابه جريمة الضرب المفضي إلى الموت وأثبت في حق المتهم الثاني ارتكابه جريمة الضرب باستعمال أداة "عصا" وكان ثبوت الفعل المكون للجريمة في حق أحدهما لم يكن من شأنه أن يؤدي إلى تبرئة الآخر أو يجعل إسناد التهمة شائعا بينهما شيوعا صريحا أو ضمنيا, كما أن القضاء بإدانة أحدهما لا يترتب عليه القضاء ببراءة الآخر وهو مناط التعارض الحقيقي المخل بحق الدفاع وكان تعارض المصلحة الذي يوجب إفراد كل منهما بمحام خاص يتولى الدفاع عنه أساسه الواقع ولا ينبني على احتمال ما كان يسع كل منهما أن يبديه من أوجه الدفاع ما دام لم يبده بالفعل ومن ثم فإن مصلحة كل منهما في الدفاع لا تكون متعارضة ويكون ما يثيره الطاعن في هذا الشأن لا أساس له من الواقع والقانون. لما كان ذلك, وكان ما قضى به الحكم من تضامن الطاعنين في التعويض صحيحا في القانون ما دام أن مفاد ما أثبته الحكم أن المتهمين قد تطابقت إرادتهما على الاعتداء على المجني عليه إذ من المقرر أن التضامن في التعويض بين الفاعلين الذين أسهموا في إحداث الضرر واجب بنص القانون ما دام قد ثبت اتحاد الفكرة والإرادة لديهم وقت الحادث على إيقاع الضرب بالمجني عليه ولو دين أحدهم بتهمة الضرب المفضي للموت ودين الثاني بتهمة الضرب والجرح فقط كما هو الشأن في الدعوى المطروحة. لما كان ذلك, وكان الأصل أنه لا يقبل من أوجه الطعن على الحكم إلا ما كان متصلا منها بشخص الطاعن, وكان ما ينعاه الطاعن على الحكم من قصور وإخلال وبطلان لالتفاته عن دفاع المتهم الثاني بعدم إمكانية الاعتداء على المجني عليه بعصا وهو مصاب بعاهة في يده اليمنى وعدم تحقيقه وعدم بيان الإصابات التي أحدثها بالمجني عليه وإسناد واقعة جديدة له لم ترد بأمر الإحالة دون أن يلفت نظره إلى ذلك أو ينبه المدافع عنه - لا يتصل بشخص الطاعن الأول ولا مصلحة له فيه فإن ما يثيره الطاعن في هذا الشأن لا يكون مقبولا. لما كان ذلك, وكان الطاعن لم يدفع أمام محكمة الموضوع بقيام حالة الدفاع الشرعي وكانت واقعة الدعوى على النحو الذي أورده الحكم لا تتوافر بها حالة الدفاع الشرعي ولا ترشح لقيامها فإنه لا يقبل من الطاعن أن يثير هذا الدفاع لأول مرة أمام محكمة النقض. لما كان ما تقدم، فإن الطعن برمته يكون على غير أساس متعينا رفضه موضوعا.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق