الصفحات

بحث هذه المدونة الإلكترونية

الخميس، 21 ديسمبر 2017

عدم الزام المحكمة بالأخذ باعتراف الوسيط كدليل إدانة للمرتشي الذي له الدفع ببطلان اعتراف الوسيط عليه

الطعن 145 لسنة 37 ق " دستورية " المحكمة الدستورية العليا جلسة 4 / 11 /2017
منشور في الجريدة الرسمية العدد 45 مكرر هـ في 15/ 11/ 2017 ص 82
باسم الشعب 
المحكمة الدستورية العليا 
بالجلسة العلنية المنعقدة يوم السبت الرابع من نوفمبر سنة 2017م، الموافق الخامس عشر من صفر سنة 1439هـ
برئاسة السيد المستشار/ عبد الوهاب عبد الرازق رئيس المحكمة 
وعضوية السادة المستشارين: الدكتور حنفي علي جبالي ومحمد خيري طه النجار والدكتور عادل عمر شريف وبولس فهمي إسكندر والدكتور محمد عماد النجار والدكتور عبد العزيز محمد سالمان نواب رئيس المحكمة 
وحضور السيد المستشار/ طارق عبد العليم أبو العطا رئيس هيئة المفوضين 
وحضور السيد/ محمد ناجي عبد السميع أمين السر 
أصدرت الحكم الآتي 
في القضية المقيدة بجدول المحكمة الدستورية العليا برقم 145 لسنة 37 قضائية "دستورية".

------------
الوقائع
حيث إن الوقائع – على ما يتبين من صحيفة الدعوى وسائر الأوراق – تتحصل في أن النيابة العامة كانت قد أحالت المدعي وآخرين إلى المحاكمة الجنائية في القضية رقم 7974 لسنة 2013 جنايات مدينة نصر، المقيدة برقم 27 لسنة 2013 جنايات شرق القاهرة، لأنهم في غضون الفترة من شهر مارس وحتى مايو سنة 2010 بدائرة قسم أول مدينة نصر – محافظة القاهرة، بصفتهم موظفين عموميين بإدارة التنظيم بحي مدينة نصر طلبوا وأخذوا مبالغ مالية على سبيل الرشوة لأداء عمل من أعمال وظيفتهم، بأن طلبوا من المتهم الثامن بوساطة المتهم التاسع مبلغ ألف جنيه لكل منهم مقابل عدم اتخاذ الإجراءات القانونية اللازمة حيال الأعمال المخالفة في موقع إنشاء مشروع "دلتا استار" بأن تغاضوا عن بدء أعمال الحفر قبل الحصول على ترخيص بذلك، كما قدمت المتهمين من التاسع وحتى السادس عشر إلى المحاكمة متهمة إياهم بتقديم الرشوة لموظفين عموميين والتوسط في جريمة الرشوة، وطلبت عقابهم بمقتضى نصوص المواد أرقام (103، و103 مكررا، و104، 107 مكررا و110) من قانون العقوبات
وتدوولت الدعوى الجنائية بالجلسات، وبجلسة 22/ 1/ 2014، قضت المحكمة غيابيا على المدعي وآخرين بالسجن المؤبد، وتغريم كل منهم ألفي جنيه، وبراءة المتهمين من التاسع حتى السادس عشر مما أسند إليهم من جرائم التوسط في الرشوة وتقديمها لموظفين عموميين، واستندت في أحكام الإدانة على اعتراف المتهمين الراشين بتقديم الرشوة لهم، كما أسست أحكام البراءة على نص المادة (107 مكررا) من قانون العقوبات المطعون عليها، وإذ مثل المدعي أمام المحكمة بعد صدور الحكم الغيابي فأعيدت الإجراءات، وبجلسة 8/ 7/ 2015، دفع المدعي بعدم دستورية هذا النص فيما تضمنه من إعفاء الراشي أو الوسيط من العقوبة إذا أخبر السلطات بالجريمة أو أعترف بها، وبعد تقدير محكمة الموضوع جدية الدفع، صرحت للمدعي بإقامة الدعوى الدستورية، فأقام الدعوى المعروضة
بتاريخ الرابع عشر من سبتمبر سنة 2015، أودع المدعي صحيفة هذه الدعوى قلم كتاب المحكمة الدستورية العليا، طالبا الحكم بعدم دستورية المادة (107 مكررا) من قانون العقوبات فيما نصت عليه من إعفاء الراشي أو الوسيط من العقوبة إذا أخبر السلطات بالجريمة أو اعترف بها
وقدمت هيئة قضايا الدولة مذكرة، طلبت فيها الحكم برفض الدعوى
وبعد تحضير الدعوى، أودعت هيئة المفوضين تقريرا برأيها
ونظرت الدعوى على النحو المبين بمحضر الجلسة، وقررت المحكمة إصدار الحكم فيها بجلسة اليوم.

-----------
المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق، والمداولة
وحيث إن المقرر في قضاء هذه المحكمة أن شرط المصلحة الشخصية المباشرة، يتغيا أن تفصل المحكمة الدستورية العليا في الخصومة الدستورية من جوانبها العملية، وليس من معطياتها النظرية، وهو كذلك يقيد مباشرتها لولايتها في شأن هذه الخصومة، فلا تفصل في غير المسائل الدستورية التي يؤثر الحكم فيها على النزاع الموضوعي. ويتحدد مفهوم هذا الشرط باجتماع عنصرين
أولهما: أن يقيم المدعي – وفي حدود الصفة التي اختصم بها النص المطعون عليه – الدليل على أن ضررا واقعيا قد لحق به، سواء أكان هذا الضرر الذي يتهدده وشيكا، أم كان قد وقع فعلا. ويتعين دوما أن يكون هذا الضرر مباشرا، ومنفصلا عن مجرد مخالفة النص المطعون فيه للدستور، مستقلا بالعناصر التي يقوم عليها، ممكنا تصوره، ومواجهته بالترضية القضائية تسوية لأثاره
ثانيهما: أن يكون هذا الضرر عائدا إلى النص المطعون فيه، وليس ضررا متوهما أو منتحلا أو مجهلا، فإذا لم يكن النص قد طبق أصلا على من أدعى مخالفته للدستور، أو كان من غير المخاطبين بأحكامه أو كان الإخلال بالحقوق التي يدعيها لا يعود إليه، دل ذلك على انتفاء المصلحة الشخصية المباشرة. ذلك أن إبطال النص التشريعي في هذه الصور جميعها لن يحقق للمدعي أية فائدة عملية يمكن أن يتغير بها مركزه القانوني بعد الفصل في الدعوى الدستورية، عما كان عليه قبلها
وحيث إنه متى كان ما تقدم، وكان المدعي يهدف من دعواه المعروضة إلى إبطال الدليل القائم قبله في الدعوى الموضوعية، والمستمد من اعتراف الوسيط عليه بارتكاب جريمة الرشوة، وكان نص المادة (302/ 1) من قانون الإجراءات الجنائية يجرى على أن "يحكم القاضي في الدعوى حسب العقيدة التي تكونت لديه بكامل حريته"، ومؤدى ذلك أن القانون أمد القاضي في المسائل الجنائية بسلطة واسعة، وحرية كاملة، في سبيل تقصي ثبوت الجرائم، أو عدم ثبوتها، والوقوف على حقيقة علاقة المتهمين، ومقدار اتصالهم بها، ففتح له باب الإثبات على مصراعيه يختار من كل عنصر بمحض وجدانه، فيأخذ بما تطمئن إليه عقيدته، ويطرح ما لا ترتاح إليه، شريطة أن يكون القاضي عقيدته بنفسه من خلال التحقيق النهائي الذي يجريه، وكان الفصل في الدعوى المعروضة لا ينال من حرية محكمة الموضوع في تكوين عقيدتها في شأن أدلة الدعوى المرددة أمامها، فيظل اعتراف الوسيط المبدى في جلسة المحاكمة، مما تستقل تلك المحكمة بتقديره دون غيرها، فضلا عن أن النص المطعون فيه لا يلزم محكمة الموضوع الأخذ باعتراف الوسيط كدليل إدانة للمرتشي، حتى في الأحوال التي يتوافر فيها لهذا الاعتراف شروطه الشكلية والموضوعية، والتي يعد معها مانعا قانونيا لعقاب الوسيط؛ كما أن النص ذاته لم يمنع المرتشي من الدفع ببطلان اعتراف الوسيط عليه، إذا كان لذلك مقتض. ومن ثم فإن قضاء هذه المحكمة في دستورية النص المطعون فيه لن يكون ذا أثر على النزاع الموضوعي، لتغدو مصلحة المدعي في الطعن عليه منتفية، مما يتعين معه الحكم بعدم قبول الدعوى
فلهذه الأسباب 
حكمت المحكمة بعدم قبول الدعوى، وبمصادرة الكفالة، وألزمت المدعي المصروفات، ومبلغ مائتي جنيه مقابل أتعاب المحاماة.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق