برئاسة السيد القاضي / حسـن حســن منصــور نائب رئيس
المحكمــة وعضوية السادة القضاة / د . محمـد فرغلي ، محمـد عبـد الراضـي نائبي
رئيس المحكمة ، نصر ياسين وحســن إسماعيـــل .
-----------
(1)
ملكية " حق الملكية بوجه عام : نطاق حق الملكية " .
الملكية وظيفة اجتماعية . تعارض حق الملكية مع المصلحة العامة . وجوب
الاعتداد بالمصلحة العامة المواد 802 ، 806 ، 823 مدنى والأعمال التحضيرية .
(2) التزام " أوصاف
الالتزام : الشرط " .
النص في عقد التمليك موضوع الدعوى أن الهدف منه
التيسير على المواطنين لتملك المسكن الملائم . مفاده . أن الجهة الإدارية أبرمت
العقد سعياً لمحاصرة الأزمة السكانية . اعتباره مصلحة عامة . مؤداه . تضمن العقد
بند يحظر على المطعون ضده تأجير العين مفروشة أو خالية أو تغيير استعمالها لغير
غرض السكنى وفسخ العقد عند مخالفة ذلك . عدم سريان ذلك الحظر على تصرف واستعمال
المشترى للعين في غرض السكنى واقتصار أثره على حالة تغيير غرض العين لغير السكنى .
قضاء الحكم المطعون فيه بانعدام أثر ذلك الحظر بصفة عامة دون تخصيص لما تضمنه من
تغيير الغرض من الاستعمال أو التأجير . خطأ.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1 - المقرر - في قضاء محكمة النقض - أنه ولئن كان مفاد المادة 802 من
القانون المدني ، أن لمالك الشيء حق استعماله واستغلاله والتصرف فيه ، إلا أنه لما
كان النص في المادة 823 من القانون المدني ، على أنه : " إذا تضمن العقد أو
الوصية شرطاً يقضى بمنع التصرف في مال ، فلا يصح هذا الشرط ، ما لم يكن مبنياً على
باعث مشروع ومقصوراً على مدة معقولة ، ويكون الباعث مشروعاً متى كان المراد بالمنع
من التصرف حماية مصلحة مشروعة للمتصرف أو المتصرف إليه أو الغير " ، والنص في المادة 806 من
القانون المدني على أنه " على المالك أن يراعى في استعمال حقه ، ما تقضى به
القوانين والمراسيم واللوائح ، المتعلقة بالمصلحة العامة أو المصلحة الخاصة ... "
، يدل - وعلى ما أفصح عنه المشرع في الأعمال التحضيرية للقانون المدني - على أن
الملكية ليست حقاً مطلقاً لا حد له ، بل هى وظيفة اجتماعية ، يطلب إلى المالك
القيام بها ، ويحميه القانون ، مادام يعمل في الحدود المرسومة لمباشرة هذه الوظيفة
، أما إذ خرج على هذه الحدود ، فلا يعتبره القانون مستحقاً لحمايته ، ويترتب على
ذلك ، أنه حيث يتعارض حق الملكية مع مصلحة عامة ، فإن هذه المصلحة هي التي تقدم .
2 - إذ كان الثابت من عقد التمليك
المؤرخ ..... موضوع الدعوى أن الهدف من إبرامه - كما ورد بالتمهيد السابق على
بنوده - هو التيسير على المواطنين لتمليك المســـاكن الملائمة ، وجاء النص في
البند الثاني من هذا العقد ، على أن الطرف الثاني - وهو المطعون ضده - يقر بأنه
ليس له مسكن آخر في المدينة الواقع بها السكن المطروح للتمليك ، وإذا ظهر شيء من
ذلك ، يعد العقد مفسوخاً من تلقاء ذاته ، وتضمن البند السادس من العقد ، أن
المشترى يتملك الأجزاء الخاصة بالوحدة المبيعة ، وهي تشمل ما أعد لاستعماله وحده
وبالذات ، على أن تبقى الأرض المقام عليها البناء مملوكة للجهة الإدارية البائعة ،
ولا يكون للمشترى سوى حق الانتفاع بها ، طوال بقاء الوحدة السكنية ، فإذا زالت زال
معها حق الانتفاع بأي جزء من الأرض ، ومؤدى ذلك ، أن الجهة الإدارية المالكة أقدمت
على إبرام العقد محل الدعوى ، في إطار ما استهدفته الدولة من السعي لإيجاد حلول
مناسبة ، لمحاصرة الأزمة السكانية ، التي يعانى من ويلاتها الغالبية العظمى من
المواطنين ، وذلك بتوفير المسكن الملائم لحياتهم ، ومن ثم فإن الغرض من تمليك
العين المباعة ، لا يخرج عن هذا الهدف ، بل يحققه ، عن طريق الانتفاع بها ، كمسكن
يصلح لإقامة المشترى وأسرته ، وهو غرض مشروع ، يبتغى مصلحة عامة لها اعتبارها ؛
وإذ كان ذلك ، وكان النص في البند الحادي عشر من عقد التمليك المذكور ، على أنه :
يتعهد الطرف الثاني - المطعون ضده - بعدم القيام بتأجيــر العين مفروشة للغير أو
غير مفروشة، أو أن يغير استعمالها بغير غرض السكن ، وفى حالة المخالفة
يعد العقد مفسوخاً ، مفاده أنه إذا استعمل المشترى العين المباعة في ذات الغرض
سالف الذكر ، وهو السكنى ، سواء لنفسه أو لغيره، وسواء كان ذلك بطريـــق التأجير
خالياً أو مفروشاً ، فلا يسرى عليه المنع الوارد في البند المذكور ، أما إذا تجاوز
المشترى هذا الغرض ، وقام بتغيير استعمال هذه العين إلى غير السكنى ، أياً كان نوع
هذا التغيير ، فإن هذا المنع يظل سارياً في حقه ، ومن ثم لا يجوز لهذا المشترى
التصرف في تلك العين إلا لغرض السكنى وحده ؛ لما كان ذلك ، وكان الحكم الابتدائي
المؤيد بالحكم المطعون فيه ، قد قضى باعتبار البند الحادي عشر من العقد موضوع
الدعوى عديم الأثر ، دون تخصيص لما تضمنه من التأجير ، أو تغيير الغرض من
الاستعمال بصفة عامة ، فإنه يكون قد أخطأ في تطبيق القانون .
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
المحكمة
بعد الاطلاع على الأوراق
وسماع التقرير الذى تلاه السيد القاضي المقرر والمرافعة وبعد المداولة .
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه
الشكلية .
وحيث إن
الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر الأوراق - تتحصل في أن المطعون
ضده أقام على الطاعنين بصفتيهما الدعوى رقم ... لسنة 2003 مدنى كلى سوهاج ، بطلب
الحكم ببطلان الشرط المانع من تغيير استعمال الوحدة السكنية الواردة بالبند الحادي
عشر من عقد التمليك ، وقال بياناً لذلك : إنه يمتلك الوحدة السكنية المبينة
بالصحيفة ، بموجب عقد التمليك المؤرخ 16/7/1980 ، بينه وبين الطاعن الأول بصفته ،
وسدد ثمنها بالكامل ، فيجوز له التصرف فيها ، إلا أن هذا العقد تضمن البند سالف
الذكر ، الذى يمنعه من ذلك ، ومن تغييـر الغرض منها لغير السكن ، وإلا كان
العقد مفسوخاً ، رغم أن القانون المدني يمنع من صحة هذا الشرط ، ومن ثم أقام
الدعوى ، وبتاريخ 21/12/2003 حكمت المحكمة باعتبار الشرط المانع من التصرف الوارد
بالبند الحادي عشر من عقد التمليك المذكور عديم الأثر ، اعتباراً من 16/7/1995 ،
استأنف الطاعنان هذا الحكم بالاستئناف رقم .. لسنة 79 ق أسيوط " مأمورية سوهاج
" ، وبتاريخ 11/4/2004 قضت المحكمة بتأييد الحكم المستأنف ، طعن الطاعنان في هذا
الحكـم بطريق النقض ، وقدمت النيابة مذكرة أبدت فيهـــــا الرأي برفض
الطعن ، وإذ عُرض الطعن على هذه المحكمة - في غرفة مشورة - حددت جلسة لنظره ،
وفيها التزمت النيابة رأيها .
وحيث إن
الطاعنين بصفتيهما ، ينعيان بسبب الطعن على الحكم المطعون فيه ، مخالفة القانون ،
والخطأ في تطبيقه ، وفى بيان ذلك ، يقولان : إن الحكم الابتدائي المؤيد بالحكم
المطعون فيه ، قد أقام قضاءه باعتبار الشرط المانع الوارد بالبند الحادي عشر من
العقد موضوع الدعوى عديم الأثر ، على سند من أن هذا الشرط يجب أن يكون مؤقتاً بمدة
معقولة ، وهى خمس عشرة سنة من تاريخ التعاقد في 16/7/1980 ، والتي انقضت ابتداء من
16/7/1995 ، دون مراعاة لطبيعة العقد ، الوارد على إحدى وحدات الإسكان الاقتصادي ،
التي يشترط للتعاقد عليها شروطاً تنظيمية ، تحقق الغرض من إنشائها ، ومنها منع
التصرف فيها إلا بموافقة الجهة الإدارية ، وإذ خالف الحكم المطعون فيه هذا النظر ،
فإنه يكون معيباً ، بما يستوجب نقضه .
وحيث إن هذا
النعي في محله ، ذلك بأن من المقـرر - في قضاء هذه المحكمة - أنه ولئن
كان مفاد المادة 802 من القانون المدني ، أن لمالك الشيء حق استعماله واستغلاله
والتصرف فيه ، إلا أنه لما كان النص في المادة 823 من القانون المدني ، على أنه
" إذا تضمن العقد أو الوصية شرطاً يقضى بمنع التصرف في مال ، فلا يصح هذا
الشرط ، ما لم يكن مبنياً على باعث مشروع ومقصوراً على مدة معقولة ، ويكون الباعث
مشروعاً متى كان المراد بالمنع من التصرف حماية مصلحة مشروعة للمتصرف أو المتصرف
إليه أو الغير " ، والنص في المادة 806 من القانون المدني على أنه " على
المالك أن يراعى في استعمال حقه ، ما تقضى به القوانين والمراسيم واللوائح ،
المتعلقة بالمصلحة العامة أو المصلحة الخاصة ... " ، يدل - وعلى ما أفصح عنه
المشرع في الأعمال التحضيرية للقانون المدني - على أن الملكية ليست حقاً مطلقاً لا
حد له ، بل هي وظيفة اجتماعية ، يطلب إلى المالك القيام بها ، ويحميه القانون ، مادام يعمل في الحدود المرسومة لمباشرة هذه
الوظيفة ، أما إذ خرج على هذه الحدود ، فلا يعتبره القانون مستحقاً لحمايته ،
ويترتب على ذلك ، أنه حيث يتعارض حق الملكية مع مصلحة عامة ، فإن هذه المصلحة هي
التي تقدم ؛ لما كان ذلك ، وكان الثابت من عقد التمليك المؤرخ 16/7/1980 موضوع
الدعوى ، أن الهدف من إبرامه - كما ورد بالتمهيد السابق على بنوده - هو
التيسير على المواطنين لتمليك المساكن الملائمة ، وجاء النص في البند الثاني من
هذا العقد ، على أن الطرف الثاني - وهو المطعون ضده - يقر بأنه ليس له مسكن آخر في
المدينة الواقع بها السكن المطروح للتمليك ، وإذا ظهر شيء من ذلك ، يعد العقد
مفسوخاً من تلقاء ذاته ، وتضمن البند السادس من العقد ، أن المشترى يتملك الأجزاء
الخاصة بالوحدة المبيعة ، وهى تشمل ما أعد لاستعماله وحده وبالذات ، على أن تبقى
الأرض المقام عليها البناء مملوكة للجهة الإدارية البائعة ، ولا يكون للمشترى سوى
حق الانتفاع بها ، طوال بقاء الوحدة السكنية ، فإذا زالت زال معها حق الانتفاع بأي
جزء من الأرض ، ومؤدى ذلك ، أن الجهة الإدارية المالكة أقدمت على إبرام العقد محل
الدعوى ، في إطار ما استهدفته الدولة من السعي لإيجاد حلول مناسبة ، لمحاصرة الأزمة
السكانية ، التي يعانى من ويلاتها الغالبية العظمى من المواطنين ، وذلك بتوفير
المسكن الملائم لحياتهم ، ومن ثم فإن الغرض من تمليك العين المباعة ، لا يخرج عن
هذا الهدف ، بل يحققه ، عن طريق الانتفاع بها ، كمسكن يصلح لإقامة المشترى وأسرته
، وهو غرض مشروع ، يبتغى مصلحة عامة لها اعتبارها ؛ وإذ كان ذلك ، وكان النص في البند
الحادي عشر من عقد التمليك المذكور ، على أنه : يتعهد الطرف الثاني - المطعون ضده -
بعدم القيام بتأجير العين مفروشة للغير أو غير مفروشة ، أو أن يغير استعمالها بغير
غرض السكن ، وفى حالة المخالفة يعد العقد مفسوخاً ، مفاده أنه إذا استعمل المشترى
العين المباعة في ذات الغرض سالف الذكر ، وهو السكنى ، سواء لنفسه أو لغيره ، وســواء
كان ذلك بطريق التأجير خالياً أو مفروشاً ، فلا يسرى عليه المنع الوارد في البند
المذكور ، أما إذا تجاوز المشترى هذا الغرض ، وقام بتغيير استعمال هذه العين إلى غير
السكنى ، أياً كان نوع هذا التغيير ، فإن هذا المنع يظل سارياً في حقه ، ومن ثم لا
يجوز لهذا المشترى التصرف في تلك العين إلا لغرض السكنى وحده ؛ لما كان ذلك ، وكان
الحكم الابتدائي المؤيد بالحكم المطعون فيه ، قد قضى باعتبار البند الحادي عشر من
العقد موضوع الدعوى عديم الأثر ، دون تخصيص لما تضمنه من التأجير ، أو تغيير الغرض
من الاستعمال بصفة عامة ، فإنه يكون قد أخطأ في تطبيق القانون ، بما يوجب نقضه .
وحيث إن الموضوع
صالح للفصل فيه ، ولما تقدم ، يتعين الحكم في موضوع الاستئناف بتعديل الحكم
المستأنف ، باعتبار البند الحادي عشر من عقد التمليك موضوع الدعوى عديم الأثر ،
فيما يخص استغلال المطعون ضده العين المباعة في غرض السكنى ، وإعمال أثره فيما يخص
تغييره هذا الغرض لغير السكنى .
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق