الصفحات

تحميل وطباعة هذه الصفحة

Print Friendly and PDF

بحث هذه المدونة الإلكترونية

الأحد، 31 ديسمبر 2017

لزم إعمال الأثر الرجعي لأحكام الدستورية (في الرسوم) طالما لم تحدد تاريخا لإعمال أثرها

الطعن 12 لسنة 39 ق " منازعة تنفيذ " المحكمة الدستورية العليا جلسة 4 / 11 /2017
منشور في الجريدة الرسمية العدد 45 مكرر هـ في 15/ 11/ 2017 ص 143
باسم الشعب 
المحكمة الدستورية العليا 
بالجلسة العلنية المنعقدة يوم السبت الرابع من نوفمبر سنة 2017م، الموافق الخامس عشر من صفر سنة 1439هـ
برئاسة السيد المستشار/ عبد الوهاب عبد الرازق رئيس المحكمة 
وعضوية السادة المستشارين: الدكتور حنفي علي جبالي ومحمد خيري طه النجار والدكتور عادل عمر شريف وحاتم حمد بجاتو والدكتور محمد عماد النجار والدكتور عبد العزيز محمد سالمان نواب رئيس المحكمة 
وحضور السيد المستشار/ طارق عبد العليم أبو العطا رئيس هيئة المفوضين 
وحضور السيد/ محمد ناجي عبد السميع أمين السر 
أصدرت الحكم الآتي 
في القضية المقيدة بجدول المحكمة الدستورية العليا برقم 12 لسنة 39 قضائية "منازعة تنفيذ".

------------
الوقائع
حيث إن الوقائع تتحصل - حسبما يتبين من صحيفة الدعوى وسائر الأوراق - في أن المدعية كانت قد أقامت بتاريخ 13/ 5/ 2006، الدعوى رقم 25783 لسنة 60 قضائية أمام محكمة القضاء الإداري بالقاهرة، ضد المدعى عليهما، طلبا للحكم بإلزامهما برد المبالغ التي سبق تحصيلها منها كرسوم خدمات عن مشمول الشهادات الجمركية وقدرها 190144 جنيها، والفوائد القانونية بواقع 5%، من تاريخ تقديم الطلب في 10/ 3/ 2006، وحتى تمام السداد، تأسيسا على أن المدعية قامت في الفترة من 31/ 1/ 1996، وحتى 11/ 12/ 2004، باستيراد رسائل من الخارج، وقامت مصلحة الجمارك بتحصيل رسوم خدمات عن أعمال الكشف والحصر والتصنيف والتثمين لهذه الرسائل بالمبلغ المطالب به، استنادا لنص المادة (111) من قانون الجمارك الصادر بقرار رئيس الجمهورية بالقانون رقم 66 لسنة 1963 والقرارات المنفذة له، وبجلسة 25/ 12/ 2007 قضت المحكمة بإلزام الجهة الإدارية بالمبلغ المطالب به، ورفض ما عدا ذلك من طلبات، فطعن المدعى عليهما على هذا الحكم أمام المحكمة الإدارية العليا بالطعن رقم 8946 لسنة 54 قضائية "عليا"، وبجلسة 28/ 6/ 2014 قضت تلك المحكمة بتعديل الحكم المطعون فيه، وبإلزام الجهة الإدارية بأن تؤدي إلى المدعية المبلغ المحصل منها تحت حساب رسوم الخدمات عن مشمول الشهادات الجمركية محل النزاع اعتبارا من 7/ 3/ 2001، وسقوط حق المدعية في المطالبة باسترداد الرسوم المسددة قبل هذا التاريخ بالتقادم الخمسي. وإذ ارتأت المدعية أن حكم المحكمة الإدارية العليا المنازع في تنفيذه يشكل عقبة في تنفيذ حكم المحكمة الدستورية العليا الصادر في القضية رقم 175 لسنة 22 قضائية "دستورية"، أقامت دعواها المعروضة
بتاريخ الثالث والعشرين من مارس سنة 2017، أودعت المدعية صحيفة هذه الدعوى قلم كتاب المحكمة الدستورية العليا، بطلب الحكم: بصفة مستعجلة بوقف تنفيذ الحكم الصادر من المحكمة الإدارية العليا، في الطعن رقم 8946 لسنة 54 قضائية "عليا"، وفي الموضوع بعدم الاعتداد به، وبالاستمرار في تنفيذ حكم المحكمة الدستورية العليا الصادر في القضية رقم 175 لسنة 22 قضائية "دستورية". 
وقدمت هيئة قضايا الدولة مذكرة، طلبت فيها الحكم بعدم قبول الدعوى
وبعد تحضير الدعوى، أودعت هيئة المفوضين تقريرا برأيها
ونظرت الدعوى على النحو المبين بمحضر الجلسة، وقررت المحكمة إصدار الحكم فيها بجلسة اليوم.

-------------
المحكمة
بعد الاطلاع على الأوراق، والمداولة
وحيث إن قضاء هذه المحكمة قد جرى على أن قوام منازعة التنفيذ أن يكون تنفيذ الحكم القضائي لم يتم وفقا لطبيعته، وعلى ضوء الأصل فيه، بل اعترضته عوائق تحول قانونا - بمضمونها أو بأبعادها – دون اكتمال مداه، وتعطل تبعا لذلك؛ أو تقيد اتصال حلقاته وتضمامها بما يعرقل جريان آثاره كاملة دون نقصان. ومن ثم تكون عوائق التنفيذ القانونية هي ذاتها موضوع منازعة التنفيذ، تلك الخصومة التي تتوخى في غايتها النهائية إنهاء الآثار القانونية المصاحبة لتلك العوائق، أو الناشئة عنها، أو المترتبة عليها، ولا يكون ذلك إلا بإسقاط مسبباتها وإعدام وجودها لضمان العودة بالتنفيذ إلى حالته السابقة على نشوئها
وكلما كان التنفيذ متعلقا بحكم صدر عن المحكمة الدستورية العليا فإن حقيقة مضمونه، ونطاق القواعد القانونية التي يضمها، والآثار المتولدة عنها في سياقها، وعلى ضوء الصلة الحتمية التي تقوم بينها، هي التي تحدد جميعها شكل التنفيذ وصورته الإجمالية، وما يكون لازما لضمان فعاليته. بيد أن تدخل المحكمة الدستورية العليا لهدم عوائق التنفيذ التي تعترض أحكامها، وتنال من جريان آثارها في مواجهة الأشخاص الطبيعيين والاعتباريين جميعهم ودون تمييز، يفترض أمرين: (أولهما) أن تكون هذه العوائق – سواء بطبيعتها أو بالنظر إلى نتائجها – حائلة دون تنفيذ أحكامها أو مقيدة لنطاقها. (ثانيهما) أن يكون إسنادها إلى تلك الأحكام وربطها منطقيا بها، ممكنا. فإذا لم تكن لها بها من صلة، فإن خصومة التنفيذ لا تقوم بتلك العوائق، بل تعتبر غريبة عنها، منافية لحقيقتها وموضوعها
وحيث إن هيئة قضايا الدولة دفعت بعدم قبول الدعوى المعروضة، استنادا إلى أن الحكم الصادر من المحكمة الدستورية العليا بجلسة 5/ 9/ 2004 في القضية رقم 175 لسنة 22 قضائية "دستورية"، يختلف في موضوعه عن الحكم الصادر من المحكمة الإدارية العليا في الطعن رقم 8946 لسنة 54 قضائية "عليا"، بجلسة 28/ 6/ 2014، ذلك أن الحكم الأول قضى بعدم دستورية الفقرتين الأولى والأخيرة من المادة (111) من قانون الجمارك الصادر بقرار رئيس الجمهورية بالقانون رقم 66 لسنة 1963، وسقوط الفقرة الثانية من المادة (111) من قانون الجمارك المذكور، وسقوط قرار وزير الخزانة رقم 58 لسنة 1963 والقرارين المعدلين له رقمي 100 لسنة 1965، 255 لسنة 1993، وكذا قرار وزير المالية رقم 123 لسنة 1994، والقرارين المعدلين له رقمي 1208 لسنة 1996، 752 لسنة 1997، حال أن الحكم الثاني قضى بسقوط حق المدعية في استرداد الرسوم التي قضى بعدم دستورية سند تحصليها، والمسددة قبل 7/ 3/ 2001 بالتقادم الخمسي
وحيث إن الفقرة الثالثة من المادة (49) من قانون المحكمة الدستورية العليا الصادر بالقانون رقم 48 لسنة 1979 والمستبدلة بقرار رئيس الجمهورية بالقانون رقم 168 لسنة 1998 تنص على أن: "ويترتب على الحكم بعدم دستورية نص في قانون أو لائحة، عدم جواز تطبيقه من اليوم التالي لنشر الحكم، ما لم يحدد الحكم لذلك تاريخا آخر، على أن الحكم بعدم دستورية نص ضريبي، لا يكون له في جميع الأحوال، إلا أثر مباشر، وذلك دون إخلال باستفادة المدعي من الحكم الصادر بعدم دستورية هذا النص". 
وحيث إن مفاد ما تقدم أن المشرع أكد على الأثر الرجعي للحكم بعدم الدستورية، بمفهومه الصحيح الذي سبق أن استقر عليه قضاء المحكمة الدستورية العليا، باعتباره الأصل في تحديد أثر الحكم الصادر بعدم دستورية نص في قانون أو لائحة، غير أنه استحدث بهذا التعديل أمرين، كلاهما يعتبر استثناء من الأثر الرجعي، أولهما: تخويل المحكمة الدستورية العليا رخصة تحديد تاريخ آخر لبدء إعمال أثر حكمها، وثانيهما: أن الأحكام الصادرة بعدم دستورية نصوص ضريبية لا يكون لها في جميع الأحوال إلا أثر مباشر. متى كان ذلك وكانت النصوص الضريبية هي تلك التي تتعلق بالضريبة باعتبارها فريضة مالية تقتضيها الدولة جبرا وبصفة نهائية من المكلفين بها، لا يملكون التنصل من أدائها، ولا تقابلها تبعا لذلك خدمة بذاتها أدتها مباشرة لأحدهم، وذلك على نقيض الرسوم التي لا تقتضيها من أيهم إلا بمناسبة عمل أو أعمال محددة بذاتها أدتها بعد طلبها منها، فلا يكون حصولها على مقابل يناسبها إلا جزاء عادلا عنها
وحيث إن المحكمة الدستورية العليا قضت بجلسة 5/ 9/ 2004 في القضية رقم 175 لسنة 22 قضائية "دستورية" بعدم دستورية نصوص غير ضريبية تتعلق برسوم تجبيها الدولة من شخص معين مقابل خدمة تؤديها، ولم تحدد تاريخا آخر لإعمال أثر حكمها، ومن ثم لزم إعمال الأثر الرجعي لهذا الحكم، وما يستوجبه ذلك من ارتداد أثره إلى تاريخ صدور النص التشريعي المقرر لهذه الرسوم، ما لم تكن الحقوق والمراكز القانونية التي ترتبط به قد استقر أمرها بناء على حكم قضائي بات، أو بانقضاء مدة التقادم، وصدور حكم بذلك، وفقا لنص المادة (387/ 1) من القانون المدني - متي كان ذلك، وكان بحث اكتمال مدة التقادم وبيان مدى توافر شرائطه يعد مسألة موضوعية تستقل بها محاكم الموضوع، إلا أن إعمال قيد التقادم الذي يحد من الأثر الرجعي لأحكام المحكمة الدستورية العليا يعد أمرا يتعلق بإعمال آثار أحكامها التي تلتزم بها محاكم الموضوع، ومن ثم فإن قيام تلك المحاكم بتطبيق هذا القيد على نحو يعوق المضي في تنفيذ أحكام المحكمة الدستورية العليا تنفيذا صحيحا ومكتملا، يخول هذه المحكمة التدخل للقضاء بالمضي في تنفيذ أحكامها، وعدم الاعتداد بالعائق الذي أعاق سريانها
وحيث إن التطبيق السليم لقيد التقادم - سالف الذكر – الذي يحد من الأثر الرجعي لأحكام المحكمة الدستورية العليا في غير النصوص الضريبية، يقتضي أن يكون سداد الرسوم قد تم إعمالا لنص قانوني نافذ، ثم قضى بعدم دستورية ذلك النص، مما يعني زوال سبب الالتزام بالسداد، وصيرورة المبلغ الذي تم سداده دينا عاديا يخضع للتقادم المنصوص عليه بالمادة (374) من القانون المدني، ذلك أن أثر الحكم بعدم الدستورية لا يسري على الوقائع المستقبلية فحسب، وإنما ينسحب إلى الوقائع والعلاقات السابقة على صدور الحكم
وحيث إنه ترتيبا على ما تقدم، فإن حكم المحكمة الإدارية العليا الصادر بجلسة 28/ 6/ 2014، في الطعن رقم 8946 لسنة 54 قضائية "عليا" والذي قضى بسقوط حق المدعية في المطالبة باسترداد قيمة بعض الرسوم بالتقادم الخمسي، يكون قد خالف مقتضى الحكم الصادر من المحكمة الدستورية العليا بجلسة 5/ 9/ 2004 في القضية رقم 175 لسنة 22 قضائية دستورية، ومن ثم فإنه يعد عقبة في تنفيذ هذا الحكم، مما يتعين معه رفض الدفع بعدم قبول الدعوى المبدى من هيئة قضايا الدولة، والقضاء بإزالة هذه العقبة، والمضي في تنفيذ حكمها الآنف البيان
وحيث إن طلب المدعية وقف تنفيذ الحكم الصادر من المحكمة الإدارية العليا في الطعن رقم 8946 لسنة 54 قضائية "عليا"، بجلسة 28/ 6/ 2014، يعد فرعا من أصل النزاع حول منازعة التنفيذ المعروضة، وإذ قضت هذه المحكمة في موضوع النزاع على النحو الآنف بيانه، فإن توليها اختصاص البت في طلب وقف تنفيذ ذلك الحكم قد بات غير ذي موضوع
فلهذه الأسباب 
حكمت المحكمة بالاستمرار في تنفيذ الحكم الصادر من المحكمة الدستورية العليا بجلسة 5/ 9/ 2004 في القضية رقم 175 لسنة 22 قضائية "دستورية"، وعدم الاعتداد بالحكم الصادر من المحكمة الإدارية العليا بجلسة 28/ 6/ 2014 في الطعن رقم 8946 لسنة 54 قضائية "عليا"، وألزمت الحكومة المصروفات ومبلغ مائتي جنيه مقابل أتعاب المحاماة.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق