الصفحات

بحث هذه المدونة الإلكترونية

الجمعة، 22 ديسمبر 2017

الطعن 28565 لسنة 86 ق جلسة 6 / 5 / 2017 مكتب فني 68 ق 40 ص 319

جلسة 6 من مايو سنة 2017 
برئاسة السيد القاضي / حمدي أبو الخير نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة القضاة / محمود خضر ، بدر خليفة ، الأسمر نظير وخالد جاد نواب رئيس المحكمة .
------------

(40)

الطعن رقم 28565 لسنة 86 القضائية

(1) قتل عمد . قصد جنائي . حكم " تسبيبه . تسبيب غير معيب " .

مثال لتسبيب سائغ لاطراح الدفع بانتفاء نية القتل .

(2) قتل عمد . سبق إصرار . حكم " تسبيبه . تسبيب غير معيب " . محكمة الموضوع " سلطتها في تقدير توافر سبق الإصرار " .

البحث في توافر ظرف سبق الإصرار . موضوعي . حد ذلك ؟

مثال لتسبيب سائغ في التدليل على توافر ظرف سبق الإصرار في جريمة قتل عمد مع سبق الإصرار والترصد .

(3) ترصد . سبق إصرار . ظروف مشددة . نقض " المصلحة في الطعن " .

تواجد الطاعن بغرفة نوم والده المجني عليه وبجواره في مخدعه . مغاير لفعل الانتظار والمكث والتربص اللازم لقيام ظرف الترصد .

حكم ظرف الترصد في تشديد العقوبة كحكم ظرف سبق الإصرار . إثبات توافر أحدهما يغني عن إثبات توافر الآخر . أثر ذلك ؟

مثال .

(4) إثبات " اعتراف " . إكراه . محكمة الموضوع " سلطتها في تقدير صحة الاعتراف " . حكم " تسبيبه . تسبيب غير معيب " .

تقدير صحة الاعتراف وقيمته في الإثبات وصحة ما يدعيه المتهم من أن الاعتراف المعزو إليه أو إلى غيره قد انتزع منهم بطريق الإكراه . موضوعي .

مثال لتسبيب سائغ لاطراح الدفع ببطلان الاعتراف لكونه وليد إكراه .

(5) إثبات " خبرة " . أسباب الإباحة وموانع العقاب " الجنون والعاهة العقلية " . مسئولية جنائية . محكمة الموضوع " سلطتها في تقدير حالة المتهم العقلية " " سلطتها في تقدير آراء الخبراء " . نقض " أسباب الطعن . ما لا يقبل منها " .

تقدير حالة المتهم العقلية . موضوعي . ما دام سائغاً .

المرض العقلي الذي تنعدم به المسئولية وفقاً لمفهوم نص المادة 62 عقوبات . هو الذي يعدم الشعور أو الإدراك . سائر الأحوال النفسية الأخرى . لا تعد سبباً لانعدام المسئولية .

تقدير آراء الخبراء والفصل فيما يوجه إلى تقاريرهم من اعتراضات . موضوعي . المجادلة في ذلك لأول مرة أمام محكمة النقض . غير جائزة .

مثال .

(6) إثبات " بوجه عام " . إعدام . قتل عمد . محكمة الموضوع " سلطتها في تقدير الدليل " . نقض " أسباب الطعن . ما لا يقبل منها ".

ثبوت جريمة القتل ومعاقبة مرتكبها بالإعدام . لا يشترط وجود شهود رؤية أو قيام أدلة معينة . للمحكمة تكوين اعتقادها بالإدانة من كل ما تطمئن إليه من ظروف الدعوى وقرائنها .

الجدل الموضوعي في تقدير الدليل وفي سلطة محكمة الموضوع في وزن عناصر الدعوى واستنباط معتقدها . غير جائز أمام محكمة النقض .

(7) استدلالات . محكمة الموضوع " سلطتها في تقدير جدية التحريات " .

للمحكمة التعويل على تحريات الشرطة باعتبارها معززة لما ساقته من أدلة أساسية .

(8) قضاة " صلاحيتهم " .

الانتقام والرغبة في الإدانة . مسائل داخلية تقوم في نفس القاضي . تقدير الإدانة . متروك له .

(9) حكم " بيانات التسبيب " .

إشارة الحكم المطعون فيه إلى أن الفصل في الدعوى كان مجدداً بعد نقض الحكم السابق صدوره فيها . غير لازم .

(10) قتل عمد . سرقة . ارتباط . ظروف مشددة . دعوى جنائية " قيود تحريكها " . قانون " تفسيره " . حكم " تسبيبه . تسبيب غير معيب " . نقض " المصلحة في الطعن " .

ظرف الارتباط بين جريمتي القتل العمد مع سبق الإصرار والسرقة . مناط توافره ؟

وقوع القتل بقصد السرقة . يوفر في حق المتهم جريمة القتل العمد المرتبطة ‏بجنحة سرقة .

‏القيد الذي وضعته المادة 312 عقوبات على حق النيابة العامة في تحريك الدعوى الجنائية‏ . مشروط بأن يكون المضرور من الجريمة المسروق ماله باق على قيد الحياة . قتل الابن والده بقصد سرقة ماله . أثره : زوال هذا القيد واسترداد النيابة حقها في تحريك دعواها . أساس وعلة ذلك ؟

إثبات الحكم المطعون فيه جريمة القتل العمد مع سبق الإصرار المرتبطة بجنحة السرقة في حق الطاعن وإيقاعه عليه عقوبة الإعدام المقررة لجريمة القتل العمد مع سبق الإصرار‏ . صحيح . انتفاء مصلحة الطاعن فيما يثيره بشأن عدم جواز عقابه على واقعة السرقة .

مثال .

(11) دعوى مدنية . نقض " ما لا يجوز الطعن فيه من الأحكام " .

    النعي بشأن الدعوى المدنية . غير جائز ولا مصلحة فيه . ما دام الحكم المطعون فيه أحالها للمحكمة المدنية المختصة . علة ذلك ؟

(12) إعدام . نيابة عامة . محكمة النقض " سلطتها " .

إثبات تاريخ تقديم مذكرة النيابة في قضايا الإعدام . غير لازم . اتصال محكمة النقض بالدعوى المحكوم فيها بالإعدام بمجرد عرضها عليها دون التقيد بالرأي الذي ضمنته النيابة مذكرتها .

(13) استجواب . محاماة . دفاع " الإخلال بحق الدفاع . ما لا يوفره".

المادة 124 إجراءات المعدلة بالقانونين 145 لسنة 2006 و74 لسنة 2007 . مفادها ؟

استمرار المحقق في استجواب الطاعن دون حضور محام معه . جائز . ما دام ندبه أصبح أمراً غير ممكن . النعي بخلاف ذلك . غير مقبول . علة ذلك ؟

مثال .

(14) إثبات " خبرة " . حكم " ما لا يعيبه في نطاق التدليل " .

عدم إيراد الحكم نص تقرير الخبير بكامل أجزائه . لا ينال من سلامته .

مثال .

(15) محكمة الموضوع " سلطتها في استخلاص الصورة الصحيحة لواقعة الدعوى " .

المنازعة في شأن التكييف القانوني للواقعة . جدل في سلطة محكمة الموضوع في استخلاص الصورة الحقيقة لواقعة الدعوى . غير جائز .

(16) جريمة " أركانها ".باعث . حكم " ما لا يعيبه في نطاق التدليل".

الباعث على الجريمة . ليس ركناً فيها . الخطأ فيه أو ابتناءه على الظن أو إغفاله . لا يقدح في سلامة الحكم .

(17) نقض " أسباب الطعن . تحديدها " .

نعي الطاعن بالتناقض بين معاينة الشرطة والنيابة دون بيان وجه ذلك التناقض . غير مقبول .

(18) إعدام . حكم " بيانات حكم الإدانة " .

        ما يلزم من تسبيب لإقرار الحكم الصادر بالإعدام ؟

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

1- لما كان الحكم المطعون فيه حصل واقعة الدعوى في قوله : " أنه في فجر يوم .... الموافق .... قام المتهم .... بالتظاهر بالنوم إلى جوار والده المجني عليه ثم تسلل من جواره وأحضر عصا خشبية ( شومة ) كانت موجودة سلفاً بالمنزل ووقف على مسافة متر تقريباً منه وقام بالإجهاز عليه حال استغراقه في النوم بعد أن سدد إليه ثلاث ضربات بذات العصا الخشبية فاستقرت تلك الضربات على رأس المجني عليه وكلتا يديه حال قيام الأخير بمفاداة ذلك مما أودت الضربات بحياته ، وقام المتهم بسرقة مبلغ مالي وساعة يد وبطاقة الائتمان المملوكة للمجني عليه ( والده ) " ، وساق الحكم على ثبوت الواقعة التي استقرت لديه على هذه الصورة في حق الطاعن أدلة مستمدة من اعترافه تفصيلياً بارتكاب الحادث بتحقيقات النيابة العامة ومما شهد به .... ، .... ، .... ، .... والضابطان .... رئيس مباحث قسم شرطة .... ، .... بالإدارة العامة لمباحث .... ، ومما ثبت بتقارير الصفة التشريحية لجثة المجني عليه ، وقسم البحوث البيولوجية والبصمة الوراثية للمعمل الجنائي ، ومعاينة النيابة العامة لمحل الحادث وتمثيل المتهم كيفية ارتكابه للواقعة ، وهي أدلة سائغة لها معينها الثابت بالأوراق ومن شأنها أن تؤدي إلى ما رتبه الحكم عليها ثم حصل الحكم مضمون تلك الأدلة وأورد مؤداها بما لا يخرج عما أورده في بيانه لصورة الواقعة . لما كان ذلك ، وكان الحكم المطعون فيه قد اطرح الدفع بانتفاء نية القتل لدى الطاعن ودلل على توافرها في حقه بقوله : " وحيث إنه عن الدفع بانتفاء نية القتل العمد لدى المتهم فمردود بما هو مقرر من أن قصد القتل أمر خفي لا يدرك بالحس الظاهر وإنما يدرك بالظروف المحيطة بالدعوى والأمارات والمظاهر الخارجية التي يأتيها الجاني وتنم عما يضمره في صدره واستخلاص هذه النية من عناصر الدعوى موكول إلى قاضي الموضوع في حدود سلطته التقديرية ، ولما كانت المحكمة قد اطمأنت إلى صحة حدوث الواقعة على نحو ما صوره المتهم باعترافه بتحقيقات النيابة العامة وأكدته تحريات الشرطة ونظراً لوجود خلافات بين المجني عليه وابنه المتهم وما إن نما إلى علم الأخير باحتفاظ والده المجني عليه بمبلغ مالي حتى بيت النية وعقد العزم على قتله وسرقته ونفاذاً لذلك قام المتهم فجر يوم .... بقتل والده عمداً بأن كمن له في مضجعه حتى غط في نومه وتسلل من جواره وحمل أداة راضة قاتلة تحدث القتل عبارة عن عصا خشبية " شومة " وهى أداة خطرة ومميتة إذا أصابت مقتلاً وانهال على رأسه وهى موضع قاتل مما زاد من خطورة الأداة فأحدث إصابته الموصوفة بتقرير الصفة التشريحية قاصداً من ذلك قتله ولم يتركه إلا بعد أن أيقن موته بما يتوافر معه نية إزهاق الروح لدى المتهم وتقتنع المحكمة وفقاً لما سلف بانصراف إرادة المتهم إلى الفعل الذي توصل به إلى تحقيق الغرض الإجرامي الذي يقصده من ارتكاب جريمته وهو قصد إزهاق الروح إذ إنه أصر وانتوى وعقد العزم على الانتقام من المجني عليه بقتله فأقدم على ذلك الفعل بعد أن تفجرت الخلافات بينهما وأعد له العدة ، ومن ثم توافر لديه ركن العلم بأركان الجريمة واتجاه إرادته إلى عنصري الفعل والنتيجة والتي انتهت بقتل والده على النحو السالف سرده ويكون ما أثاره الدفاع في هذا الصدد غير سديد . " فإن ما أورده الحكم على النحو المتقدم وما جاء بصورة الواقعة التي اقتنعت بها المحكمة وما استخلصته من ظروف الدعوى وملابساتها هو استخلاص سائغ وكاف في التدليل على ثبوت نية القتل لدى الطاعن .

2- لما كان الحكم قد دلل على توافر ظرف سبق الإصرار في حق الطاعن في قوله : " .... إن سبق الإصرار حالة ذهنية تقوم بنفس الجاني قد لا يكون لها في الخارج أثر ملموس يدل عليها مباشرة ويكون قد فكر فيما اعتزمه وتدبر عواقبه وهو هادئ البال ، ولما كان الثابت للمحكمة أن سبق الإصرار متوافر من الظروف السابقة كلها والتي شرحتها المحكمة تفصيلاً ومن حاجة المتهم الملحة إلى المال وجشعه وما آل إليه حاله من ضيق مالي واعتقاده بأن أباه في بسطه من العيش وسعة من الرزق وحصوله أخيراً على مكافأة مالية مما دعاه إلى أن يضيق ذرعاً بحاله وأنه لا خلاص ولا فكاك سوى الإجهاز عليه وأخذ ما لديه من مال ففكر في هدوء وروية ورسم خطته الإجرامية وأعد لذلك أداة عبارة عن عصا خشبية " شومة " ودبر الأمر وفكر فيه بروية بأن ينام بجوار والده حتى يغط في نومه وما إن اطمأن إلى ذلك حتى تسلل في خفه وحمل العصا التي أعدها وفى مطلع الفجر انهال عليه بالعصا على رأسه محدثاً إصابته الموصوفة بتقرير الصفة التشريحية ولم يتركه إلا بعد أن أيقن قتله بما يتعين معه رفض الدفع " . لما كان ذلك ، وكان من المقرر أن البحث في توافر سبق الإصرار من إطلاقات قاضي الموضوع يستنتجه من ظروف الدعوى وعناصرها ، ما دام موجب تلك الظروف وهذه العناصر لا يتنافر عقلاً مع ذلك الاستنتاج وكان ما ساقه الحكم مما سلف سائغاً ويتحقق ظرف سبق الإصرار حسبما هو معرف به في القانون ، فإن الحكم يكون قد أصاب صحيح القانون .

3- لما كان الحكم المطعون فيه قد دلل على توافر ظرف الترصد بقوله : " .... أن الترصد ظرف عيني مشدد للعقوبة كظرف سبق الإصرار وإثبات توافر أيهما يغني عن ضرورة إثبات الآخر ، بيد أنه ومع ذلك وكان يكفي لتحقق ظرف الترصد مجرد تربص الجاني للمجني عليه مدة من الزمن طالت أو قصرت في مكان يتوقع قدومه إليه ليتوصل بذلك إلى مفاجأته بالاعتداء عليه دون أن يؤثر في ذلك أن يكون الترصد بغير استخفاء وكان الثابت أن المتهم قد ادعى النوم بجوار والده في مخدعه الذي يبيت فيه حتى اطمأن إلى أنه قد غط في نومه وكان المجني عليه قد هجع تماماً وما إن ظفر به وهو على هذه الحالة حتى والى الاعتداء عليه ولم يتركه إلا بعد أن أدرك أنه جثة هامدة بما يتعين رفض الدفع " . لما كان ذلك ، وكان ما أورده الحكم تدليلاً على توافر ظرف الترصد غير سائغ ذلك أن الطاعن وقت الحادث كان متواجداً أصلاً بغرفة نوم والده وبجواره في مخدعه وما إن غط الأخير في نومه حتى تسلل المتهم من جواره في خفة واعتدى بعصاه على رأس والده ثلاث ضربات حتى فارق الحياة ، ومن ثم فإن ما بدر منه من أفعال تغاير فعل الانتظار والمكوث والتربص اللازم لقيام ظرف الترصد فإن هذا الظرف - والحال كذلك - يضحى غير متوافر في حق المتهم ، هذا فضلاً عن أن حكم ظرف سبق الإصرار في تشديد العقوبة كحكم ظرف الترصد وإثبات توافر أحدهما يغني عن إثبات توافر الآخر ، ومن ثم فإنه لا يكون للطاعن مصلحة فيما يثيره من فساد استدلال الحكم في استظهار ظرف الترصد .

4- لما كان الحكم قد عرض لما دفع به الطاعن من أن اعترافه جاء باطلاً لأنه وليد إكراه بقوله : " وحيث إنه عن الدفع ببطلان الاعتراف فهو غير سديد إذ ورد بمحضر جلسة المحاكمة بغير بيان أو سند ، فضلاً عن أن الاعتراف في المسائل الجنائية من عناصر الاستدلال التي تملك هذه المحكمة كامل الحرية في تقدير صحتها وقيمتها في الإثبات لها أن تأخذ به متى اطمأنت إلى صدقه ومطابقته للحقيقة والواقع ، كما لها دون غيرها البحث في صحة ما يدعيه المتهم من أن الاعتراف الذي أدلى به قد انتزع منه بطريق الإكراه ، ولما كان الثابت للمحكمة أن الاعتراف الذي أدلى به في تحقيقات النيابة العامة قد جاء مفصلاً وقد عززه ما قام به المتهم من تمثيله لكيفية ارتكابه الجريمة أمام النيابة العامة وكذلك ما شوهد بجثة المجني عليه من إصابات برأسه وما أثبته تقرير الصفة التشريحية من أن وفاته كانت نتيجة الإصابات والكسور ذات الطبيعة الرضية والتي حدثت من المصادمة بجسم صلب مثل عصا الشوم المضبوطة وهى جائزة الحدوث وفق التصوير الوارد باعترافات المتهم وما شدد من أزر تعزيز ذلك الاعتراف ما أثبته تقرير قسم البحوث البيولوجية والبصمة الوراثية للمعمل الجنائي أن التلوثات المعثور عليها بالعصا الخشبية المضبوطة بمعرفة النيابة العامة هي لدماء آدمية تخص المجنى عليه ، فضلاً عن أن المتهم قام بتمثيل كيفية ارتكاب الواقعة أثناء قيام النيابة العامة بإجراء المعاينة التصويرية لمكان الحادث ، ولا ينال من ذلك ما قرره الدفاع بأن المتهم وجد به إصابات مما يفيد تعرضه لإكراه مادي إذ إن وكيل النيابة المحقق قبل أن يبدأ بسؤال المتهم شفاهه عن التهمة المنسوبة إليه قد أحاطه علماً بصفته وأن المتهم لم يذكر شيئاً عن أنه قد تعرض لثمة إكراه مادي أو معنوي أثر في اعترافه وكان أيضاً إن الإصابتين المشاهدتين بالمتهم وقت مثوله بالنيابة العامة بالشفة العليا والجانب الأيسر للأنف تلك الإصابتين الموصوفتين القديمتين قد أرجعهما المتهم في أقواله المحررة بالنيابة العامة إلى إصابة في حادث قديم قبل شهر سابق على التحقيق معه بما ينفي تعرض المتهم لثمة إكراه مادي أو معنوي بما يتعين معه رفض الدفع ببطلان الاعتراف " . لما كان ذلك ، وكان الاعتراف في المسائل الجنائية من العناصر التي تملك محكمة الموضوع كامل الحرية في تقدير صحتها وقيمتها في الإثبات ولها دون غيرها البحث في صحة ما يدعيه المتهم من أن الاعتراف المعزو إليه قد انتزع منه بطريق الإكراه ، ومتى تحققت من أن الاعتراف سليم مما يشوبه واطمأنت إليه كان لها أن تأخذ به بما لا معقب عليها ، وإذ كانت المحكمة مما أوردته – فيما سلف – قد أفصحت عن اطمئنانها إلى أن اعتراف المتهم إنما كان عن طواعية واختيار ولم يكن نتيجة إكراه واقتنعت بصحته ، فإن رد المحكمة على ما دفع به المدافع عن المتهم في هذا الشأن يكون كافياً وسائغاً بما لا شائبه معه تشوب الحكم ، ومن ثم فإن منعى الطاعن في هذا الخصوص يكون في غير محله .

5- من المقرر أن تقدير حالة المتهم العقلية من الأمور الموضوعية التي تستقل محكمة الموضوع بالفصل فيها ما دامت تقيم تقديرها على أسباب سائغة ، وكان المرض العقلي الذي يوصف بأنه جنون أو عاهة عقلية وتنعدم به المسئولية الجنائية قانوناً على ما تقضي به المادة 62 من قانون العقوبات هو ذلك المرض الذي من شأنه أن يعدم الشعور والإدراك أما سائر الأحوال النفسية التي تفقد الشخص شعوره وإدراكه فلا تعد سبباً لانعدام المسئولية إنما هي مجرد أعذار قضائية مخففة يرجع الأمر في تقديرها إلى محكمة الموضوع بغير معقب عليها من محكمة النقض . لما كان ذلك ، وكان الحكم قد عرض لدفاع الطاعن في هذا الشأن واطرحه استناداً إلى ما ورد بتقرير مستشفى الأمراض النفسية والعصبية والذي أفاد بأن المتهم لا يعاني من أي اضطراب نفسي أو عقلي وهو قادر على الإدراك والتميز والحكم على الأمور وسليم الإرادة ويعتبر مسئولاً عما نسب إليه من اتهام ، وكان ما أورده الحكم رداً على دفاع الطاعن بانتفاء مسئوليته كافياً وسائغاً ، هذا فضلاً عن أن تقدير آراء الخبراء والفصل فيما يوجه إلى تقاريرهم من مطاعن مرجعه إلى محكمة الموضوع التي لها كامل الحرية في تقدير القوة التدليلية لتقرير الخبير شأنه في ذلك شأن سائر الأدلة فلها مطلق الحرية في الأخذ بما تطمئن إليه منها والالتفات عما عداه ولا تقبل مصادرة المحكمة في هذا التقدير ، ولما كانت المحكمة قد اطمأنت في حدود سلطتها التقديرية إلى ما ورد بالتقرير الفني لمستشفى الأمراض النفسية والعصبية واستندت إلى رأيه الفني من مسئولية المتهم عن أفعاله فإنه لا يجوز مجادلتها في ذلك أمام محكمة النقض .

6- لما كان القانون لا يشترط لثبوت جريمة القتل والحكم بالإعدام على مرتكبها وجود شهود رؤية أو قيام أدلة معينة بل للمحكمة أن تكون اعتقادها بالإدانة في تلك الجريمة من كل ما تطمئن إليه من ظروف الدعوى وقرائنها ، ومتى رأت الإدانة كان لها أن تقضي بالإعدام على مرتكب الفعل المستوجب للقصاص دون حاجة إلى شهادة شاهدين برؤيته حال وقوع الفعل منه أو ضبطه متلبساً بها ، ومن ثم ما يثيره الطاعن في هذا الشأن ينحل إلى جدل موضوعي في تقدير الدليل وفي سلطة محكمة الموضوع في وزن عناصر الدعوى واستنباط معتقدها مما تستقل به محكمة الموضوع بغير معقب ولا يجوز إثارته أمام محكمة النقض .

7- لما كان للمحكمة أن تعول في تكوين عقيدتها على ما جاء بتحريات الشرطة باعتبارها معززة لما ساقته من أدلة ما دامت تلك التحريات قد عرضت على بساط البحث ، ومن ثم يضحى ما يثيره الطاعن في هذا الخصوص غير سديد .

8- لما كانت حالة الانتقام والرغبة في إدانة المحكوم عليه كلها مسائل داخلية تقوم في نفس القاضي وتتعلق بشخصه وضميره وترك المشرع أمر تقدير الإدانة لتقدير القاضي وما تطمئن إليه نفسه ويرتاح إليه وجدانه ، ومن ثم فإن ما يثيره الطاعن في هذا الصدد لا يصح أن ينبني عليه وجه الطعن .

9- لما كان لا يعيب الحكم المطعون فيه عدم إشارته إلى أن الفصل في الدعوى إنما كان مجدداً بعد نقض الحكم السابق صدوره فيها ، فإنه لا يكون هناك محل لما ينعاه الطاعن في هذا الخصوص .

10- من المقرر أن ظرف الارتباط بين جريمة القتل العمد مع سبق الإصرار وجريمة السرقة يتوافر متى كان قد وقع لأحد المقاصد المبينة بالفقرة الثالثة من المادة 234 من قانون العقوبات وهى التأهب لفعل جنحة أو تسهيل ارتكابها أو ارتكابها بالفعل ، وكان البين من المفردات المضمومة أن المتهم اعترف بتحقيقات النيابة العامة أنه نظراً لعدم إنفاق أبيه عليه اشتد الخلاف معه وما إن علم المتهم باحتفاظ والده بمبلغ مالي حتى فكر في قتله فتظاهر بالنوم بجواره حتى استغرق والده في النوم فتسلل من جواره وأحضر عصا غليظة وضربه فوق رأسه ثلاث ضربات ففارق الحياة في الحال فقام بسرقة المبلغ المالي ، وساعة يد ، وفيزا كارت ، ومن ثم يكون القتل قد وقع بقصد السرقة الأمر الذي يوفر في حق المتهم جريمة القتل العمد المرتبطة بجنحة سرقة فضلاً عن توافر ظرف سبق الإصرار في حقه كظرف مشدد ولا ينال من ذلك ما قد يثار من أن تلك الجنحة غير معاقب عليها بموجب نص المادة 312 من قانون العقوبات لوقوعها بين الأصول والفروع وأن وفاة الأب يكون حائلاً دون تقديم الشكوى ، ومن ثم لا يصح تغليظ العقوبة عليه ، إذ أن ذلك لا يتفق وفلسفة المشرع الجنائي في المادة 312 من قانون العقوبات التي تنص على أنه : " لا تجوز محاكمة من يرتكب سرقة إضراراً بزوجه أو زوجته أو أصوله أو فروعه إلا بناء على طلب المجني عليه ، وللمجني عليه أن يتنازل عن دعواه بذلك في أية حالة كانت عليها . كما له أن يوقف تنفيذ الحكم النهائي على الجاني في أي وقت شاء " ، ومفاد ذلك أن هذه المادة تضع قيداً على حق النيابة العامة في تحريك الدعوى الجنائية بجعله متوقفاً على طلب المجني عليه ، كما تضع حداً لتنفيذها الحكم النهائي على الجاني بتخويل المجني عليه وقف تنفيذ الحكم في أي وقت شاء وذلك رغبة من المشرع في التستر على أسرار العائلات صوناً لسمعتها وحفظاً لكيان الأسرة وهو ما أشير إليه في تقرير لجنة الشئون التشريعية والمذكرة التفسيرية ، الأمر الذي يستفاد منه بحكم اللزوم العقلي والمنطقي أن يكون المضرور من الجريمة – المسروق ماله – باق على قيد الحياة ، كي يكون له الحق في الإقدام على الشكاية أو الإحجام عنها وهو وشأنه في الخيار بين هذا أو ذاك ، أما إذا قتل المجني عليه بقصد سرقة ماله وكان القاتل ابنه – كما هو الحال في الدعوى الراهنة - فيزول هذا القيد لوفاة المضرور من السرقة وتسترد النيابة العامة حقها في تحريك دعواها لأسباب ثلاثة : أولها :- أن الحق في الشكوى قد انقضى لوفاة المجني عليه وأضحى ماله تركه تؤول لورثته يتوارثونها شرعاً ، عدا القاتل لقتله مورثه ، والسرقة التي حدثت تكون واقعة على مال للورثة ومن حق النيابة العامة تحريك دعواها دون توقف على تقديم شكوى من قبلهم . ثانيها :- أن المشرع رهن محاكمة السارق وفقاً لنص المادة 312 المار ذكرها بتقديم شكوى من المجني عليه شريطة أن تكون جريمة السرقة قائمة بذاتها ، أما إذا كانت مرتبطة بجريمة أخرى أو ظرفاً مشدداً لها – كما هو الحال في الدعوى الراهنة – فلا لزوم لتقديمها ، وتضحى النيابة العامة طليقة من هذا القيد . ثالثها :- أن القول بغير ذلك يؤدي إلى نتيجة ينفر منها العقل وتأباها العدالة إذ يجعل من يجهز على أبيه قتلاً لسرقته أوفر حظاً ممن لا يجهز عليه تماماً حال سرقته لأنه في الحالة الثانية يكون في وسع الوالد شكاية ولده بينما يستحيل عليه ذلك في الحالة الأولى لوفاته ، فضلاً عن أن الحكم المطعون فيه قد خلص في منطق سائغ وتدليل صحيح إلى ثبوت جريمة القتل العمد مع سبق الإصرار المرتبطة بجنحة السرقة المؤثمة بالمادة 234/2 عقوبات في حق الطاعن وذلك على النحو آنف البيان وأوقع عليه عقوبة الإعدام وهى ذات العقوبة المقررة لجريمة القتل العمد مع سبق الإصرار ، فإنه يكون قد أصاب صحيح القانون ، ومن ثم فلا مصلحة للنعي بشأن واقعة السرقة .

11- لما كان الحكم لم يفصل في الدعوى المدنية بل تخلى عنها بإحالتها إلى المحكمة المدنية المختصة للفصل فيها عملاً بالمادة 309 من قانون الإجراءات الجنائية فإن منعى الطاعن على الحكم سواء بإغفاله إيراداً ورداً دفعه بعدم قبول الدعوى المدنية المرفوعة من المجني عليه يكون مردوداً بأنه فضلاً عن عدم جوازه لأن ما قضى به غير منه للخصومة في هذه الدعوى فمصلحته فيها منعدمة إذ أن الحكم لم يفصل في تلك الدعوى أصلاً ، ومن ثم فإن ما يثيره الطاعن في هذا الصدد يكون غير سديد .

12- من المقرر أن النيابة العامة وإن كانت قد عرضت القضية الماثلة على هذه المحكمة عملاً بنص المادة 46 من قانون حالات وإجراءات الطعن أمام محكمة النقض الصادر بالقانون رقم 57 لسنة 1959 بمذكرة برأيها انتهت فيها إلى طلب إقرار الحكم الصادر حضورياً بإعدام المحكوم عليه دون إثبات تاريخ تقديمها بحيث يستدل منه على أنه روعي عرض القضية في ميعاد الستين يوماً المبين بالمادة 34 من ذلك القانون المعدلة بالقانون رقم 23 لسنة 1992 ، إلا أنه لما كان تجاوز هذا الميعاد – وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة – لا يترتب عليه عدم قبول عرض النيابة ، بل إن محكمة النقض تتصل بالدعوى بمجرد عرضها عليها لتفصل فيها وتستبين من تلقاء نفسها – دون أن تتقيد بمبنى الرأي الذي تضمنه النيابة مذكرتها – ما عسى أن يكون قد شاب الحكم من عيوب يستوي في ذلك أن يكون عرض النيابة في الميعاد المحدد أو بعد فواته ، ومن ثم يتعين قبول عرض النيابة العامة لهذه القضية .

13- لما كان مفاد نص المادة 124 من قانون الإجراءات الجنائية المعـــدل بالقانونين 145 لسنة 2006 ، 74 لسنة 2007 أن المشرع تطلب ضمانة خاصة لكل متهم في جناية أو جنحة معاقب عليها بالحبس وجوباً هي وجوب دعوة محاميه إن وجد لحضور الاستجواب أو المواجهة فيما عدا حالتي التلبس والسرعة بسبب الخوف من ضياع الأدلة على النحو الذي يثبته المحقق في المحضر وذلك تطميناً للمتهم وصوناً لحرية الدفاع عن نفسه ، ولتحقيق هذه الضمانة العامة يجب على المتهم أن يعلن اسم محاميه بتقرير في قلم كتاب المحكمة أو إلى مأمور السجن أو يخطر به المحقق كما يجوز لمحاميه القيام بهذا الإعلان أو الإخطار ، وإذا لم يكن للمتهم محام أو لم يحضر محاميه بعد دعوته وجب على المحقق من تلقاء نفسه أن يندب له محامياً ، وكان الثابت من مطالعة المفردات أن الطاعن لم يخطر المحقق باسم محاميه ولم يعلنه بتقرير لدى قلم الكتاب أو إلى مأمور السجن وأن المحقق أرسل في طلب أحد الأساتذة المحامين من النقابة الفرعية لحضور استجواب الطاعن إلا أنه عجز عن تنفيذ ذلك بسبب غلق النقابة فصار ندب محام أمراً غير ممكن ، ومن ثم فإنه لا تثريب على المحقق إن هو استمر في استجواب الطاعن ولا يعد ذلك منه خطأ في الإجراءات إذ إنه غير ملزم بانتظار حضور المحامي أو تأجيل الاستجواب لحضوره سيما وأن الجريمة متلبس بها ، والقول بغير ذلك فيه تعطيل للنيابة العامة عن أداء وظيفتها انتظاراً للمحامي الذي يتعذر حضوره أو يتراخى فيه ، كما أن الواقعة بحالتها الراهنة تحمل من الأدلة التي يخشى عليها من الضياع مما يستلزم السير في إجراءاتها على وجه السرعة .

14- لما كان الحكم قد أورد مؤدى تقرير الأدلة الجنائية – قسم البحوث البيولوجية والبصمة الوراثية – وأبرز ما جاء به من أن التلوثات المعثور عليها بالعصا الخشبية المضبوطة بمعرفة النيابة العامة هي لدماء آدمية تخص المجني عليه .... وكان ذلك يكفي لتبرير اقتناعه بالإدانة ويحقق مراد الشارع الذي استوجبه في المادة 310 من قانون الإجراءات الجنائية من دعوى بيان مؤدى الأدلة التي يستند إليها الحكم الصادر بالإدانة ، لما هو مقرر من أنه لا ينال من سلامة الحكم عدم إيراده تقرير الخبير بكامل أجزائه ، فإنه ما شابه من قالة القصور لا محل له .

 15- لما كان ما أثاره المدافع عن المحكوم عليه بمحضر جلسة المحاكمة من منازعته في شأن التكييف القانوني للواقعة وأنها في حقيقتها ضرب أفضى إلى موت ، فإن ذلك مردود بأنه لا محل له لأنه لا يعدو أن يكون نعياً وارداً على سلطة محكمة الموضوع في استخلاص الصورة الحقيقية لواقعة الدعوى أخذاً بأدلة الثبوت التي وثقت بها واطمأنت إليها مما تستقل به بغير معقب ما دام قضاؤها في ذلك سليماً - كما هو الحال في الدعوى المطروحة - .

16- لما كان الباعث على الجريمة ليس ركناً فيها فلا يقدح في سلامة الحكم الخطأ فيه أو ابتناؤه على الظن أو إغفاله ، ومن ثم فإن ما أثاره الدفاع عن المحكوم عليه في هذا الشأن – بصدد جريمة السرقة - لا يكون مقبولاً .

17- لما كان المدافع عن الطاعن لم يبين في دفاعه بمحضر الجلسة وجه التناقض بين معاينة الشرطة والنيابة العامة وجاء بصورة مبهمة وأرسل فيه الدفاع قولاً إرسالاً دون تحديد فإن دفاعه في هذا الشأن لا يكون مقبولاً .

18- لما كان الحكم المعروض قد بين واقعة الدعوى بما تتوافر به كافة العناصر القانونية للجريمة التي دين المحكوم عليه بالإعدام بها وأورد على ثبوتها في حقه أدلة سائغة لها معينها الصحيح من الأوراق ومن شأنها أن تؤدي إلى ما رتبه عليها ، كما وأن إجراءات المحاكمة قد تمت وفقاً للقانون وإعمالاً لما تقضي به الفقرة الثانية من المادة 381 من قانون الإجراءات الجنائية المعدل بالقانون رقم 107 لسنة 1962 من استطلاع رأي مفتي الجمهورية قبل إصدار الحكم وصدوره بإجماع آراء أعضاء المحكمة ، وقد خلا الحكم من عيب مخالفة القانون أو الخطأ في تطبيقه أو في تأويله وصدر الحكم من محكمة مشكلة وفقاً للقانون ولها ولاية الفصل في الدعوى ، ولم يصدر بعد قانون يسرى على واقعة الدعوى يصح أن يستفيد منه المحكوم عليه على نحو ما نصت عليه المادة الخامسة من قانون العقوبات ، ومن ثم يتعين معه قبول عرض النيابة العامة للقضية وإقرار الحكم الصادر بإعدام المحكوم عليه .... .

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

الوقائـع

اتهمت النيابة العامة الطاعن بأنه :

1- قتل عمداً .... " والده " مع سبق الإصرار والترصد بأن بيت النية وعقد العزم المصمم على قتله ونفاذاً لذلك كمن له في مضجعه وما إن غط في نومه حتى تسلل من جواره واستل سلاحاً أبيض " شومة " أعدها سلفاً لذلك الغرض وانهال بها على رأسه قاصداً من ذلك قتله فأحدث به الإصابات الموصوفة بتقرير الصفة التشريحية والتي أودت بحياته على النحو المبين بالتحقيقات وقد ارتبطت تلك الجناية وتلتها بقصد ارتكابها جنحة أخرى وهى أنه في ذات الزمان والمكان سالفي الذكر سرق الأشياء والمبلغ النقدي المبينين وصفاً وقدراً بالأوراق والمملوكين لـــ .... من مسكنه وكان ذلك ليلاً على النحو المبين بالتحقيقات .

2- أحرز سلاحاً أبيض " شومة " بغير مسوغ من الضرورة الشخصية أو الحرفية .

وأحالته إلى محكمة جنايات .... لمعاقبته طبقاً للقيد والوصف الواردين بأمـر الإحالة .

وادعت زوجة المجنى عليه / .... عن نفسها وبصفتها وصية على أولادها القصر مدنياً قبل الطاعن بمبلغ 5001 جنيه على سبيل التعويض المدني المؤقت .

والمحكمة المذكورة قررت بإجماع الآراء بإرسال الأوراق لفضيلة مفتى الجمهورية لإبداء الرأي والنظر في شأن القضية ، والمحكمة المذكورة قضت حضورياً بإجماع الآراء عملاً بالمواد 230 ، 231 ، 232 ، 234/2 من قانون العقوبات ، والمواد 1/1 ، 25 مكرر/1 ، 30 من القانون رقم 394 لسنة 1954 المعدل والبند رقم " 7 " من الجدول رقم " 1 " الملحق بالقانون الأول بمعاقبته بالإعدام وبإحالة الدعوى المدنية للمحكمة المدنية المختصة .

فطعن المحكوم عليه في هذا الحكم بطريق النقض ، ومحكمة النقض قضت بقبول طعن المحكوم عليه وعرض النيابة العامة شكلاً وفي الموضوع بنقض الحكم المطعون فيه والإعادة .

والمحكمة المذكورة " بهيئة مغايرة " قررت بإجماع الآراء بإرسال أوراق القضية إلى فضيلة مفتى جمهورية مصر العربية لإبداء رأيه الشرعي بالنسبة للمتهم وحددت جلسة .... للنطق بالحكم .

وبالجلسة المحددة قضت حضورياً بإجماع الآراء عملاً بالمواد 230 ، 231 ، 232 ، 234/2 من قانون العقوبات ، والمواد 1/1 ، 25 مكرر/1 ، 30 من القانون رقم 394 لسنة 1954 المعدل والبند رقم " 7 " من الجدول رقم " 1 " الملحق ، مع إعمال المادة 32 من قانون العقوبات ، بمعاقبته بالإعدام شنقاً وبإحالة الدعوى المدنية للمحكمة المدنية المختصة والمصادرة .

فطعن المحكوم عليه في هذا الحكم بطريق النقض ( للمرة الثانية ) .... إلخ .

كما عرضت النيابة العامة القضية على محكمة النقض مشفوعة بمذكرة برأيها .

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

المحكمـة

أولاً :- بالنسبة للطعن المقدم من المحكوم عليه :-

وحيث إن الطاعن ينعي على الحكم المطعون فيه أنه إذ دانه بجريمتي القتل العمد مع سبق الإصرار والترصد المرتبط بالسرقة وإحراز سلاح أبيض " شومة " دون مسوغ مهني أو حرفي قد شابه القصور في التسبيب ، والفساد في الاستدلال ، والخطأ في تطبيق القانون ، وران عليه البطلان ؛ ذلك بأنه لم يدلل تدليلاً كافياً وسائغاً على توافر نية القتل في حقه ، وأن ما استدل به الحكم على توافر ظرفي سبق الإصرار والترصد لا ينتجهما ، واطرح – بما لا يسوغ - دفعه ببطلان اعترافه لكونه وليد إكراه مادي ومعنوي بدلالة إصابته بالوجه ، ورد رداً قاصراً على دفعه بأنه كان يعاني من مرض نفسي وقت ارتكاب الحادث ، ولم يعبأ بدفاعه القائم على خلو الأوراق من دليل على اقتراف الطاعن لجريمة قتل والده سيما وأن الواقعة غير مشهودة ، وعول ضمن ما عول عليه على التحريات رغم عدم صلاحيتها كدليل وأنها لا تعدو أن تكون ترديداً لاعتراف المتهم ، كما أن الحكم المطعون فيه أوقع عقوبة الإعدام على الطاعن مما يفصح عن تولد الرغبة في نفوس المحكمة بإدانته ، كما أغفل الحكم الإشارة إلى سبق نقض الحكم المطعون فيه ، كما لم يعرض لأوجه نقضه ، وأخيراً أغفل الحكم الدفع بعدم قبول الدعوى المدنية لرفعها من غير ذي صفة ، مما يعيبه بما يستوجب نقضه .

وحيث إن الحكم المطعون فيه حصل واقعة الدعوى في قوله : " أنه في فجر يوم .... الموافق .... قام المتهم .... بالتظاهر بالنوم إلى جوار والده المجني عليه ثم تسلل من جواره وأحضر عصا خشبية ( شومة ) كانت موجودة سلفاً بالمنزل ووقف على مسافة متر تقريباً منه وقام بالإجهاز عليه حال استغراقه في النوم بعد أن سدد إليه ثلاث ضربات بذات العصا الخشبية فاستقرت تلك الضربات على رأس المجني عليه وكلتا يديه حال قيام الأخير بمفاداة ذلك مما أودت الضربات بحياته ، وقام المتهم بسرقة مبلغ مالي وساعة يد وبطاقة الائتمان المملوكة للمجني عليه ( والده ) " ، وساق الحكم على ثبوت الواقعة التي استقرت لديه على هذه الصورة في حق الطاعن أدلة مستمدة من اعترافه تفصيلياً بارتكاب الحادث بتحقيقات النيابة العامة ومما شهد به .... ، .... ، .... ، .... والضابطان .... رئيس مباحث قسم شرطة .... ، .... بالإدارة العامة لمباحث .... ، ومما ثبت بتقارير الصفة التشريحية لجثة المجني عليه ، وقسم البحوث البيولوجية والبصمة الوراثية للمعمل الجنائي ، ومعاينة النيابة العامة لمحل الحادث وتمثيل المتهم كيفية ارتكابه للواقعة ، وهى أدلة سائغة لها معينها الثابت بالأوراق ومن شأنها أن تؤدي إلى ما رتبه الحكم عليها ثم حصل الحكم مضمون تلك الأدلة وأورد مؤداها بما لا يخرج عما أورده في بيانه لصورة الواقعة . لما كان ذلك ، وكان الحكم المطعون فيه قد اطرح الدفع بانتفاء نية القتل لدى الطاعن ودلل على توافرها في حقه بقوله : " وحيث إنه عن الدفع بانتفاء نية القتل العمد لدى المتهم فمردود بما هو مقرر من أن قصد القتل أمر خفي لا يدرك بالحس الظاهر وإنما يدرك بالظروف المحيطة بالدعوى والأمارات والمظاهر الخارجية التي يأتيها الجاني وتنم عما يضمره في صدره واستخلاص هذه النية من عناصر الدعوى موكول إلى قاضي الموضوع في حدود سلطته التقديرية ، ولما كانت المحكمة قد اطمأنت إلى صحة حدوث الواقعة على نحو ما صوره المتهم باعترافه بتحقيقات النيابة العامة وأكدته تحريات الشرطة ونظراً لوجود خلافات بين المجني عليه وابنه المتهم وما إن نما إلى علم الأخير باحتفاظ والده المجني عليه بمبلغ مالي حتى بيت النية وعقد العزم على قتله وسرقته ونفاذاً لذلك قام المتهم فجر يوم .... بقتل والده عمداً بأن كمن له في مضجعه حتى غط في نومه وتسلل من جواره وحمل أداة راضة قاتلة تحدث القتل عبارة عن عصا خشبية " شومة " وهى أداة خطرة ومميتة إذا أصابت مقتلاً وانهال على رأسه وهى موضع قاتل مما زاد من خطورة الأداة فأحدث إصابته الموصوفة بتقرير الصفة التشريحية قاصداً من ذلك قتله ولم يتركه إلا بعد أن أيقن موته بما يتوافر معه نية إزهاق الروح لدى المتهم وتقتنع المحكمة وفقاً لما سلف بانصراف إرادة المتهم إلى الفعل الذي توصل به إلى تحقيق الغرض الإجرامي الذي يقصده من ارتكاب جريمته وهو قصد إزهاق الروح إذ إنه أصر وانتوى وعقد العزم على الانتقام من المجني عليه بقتله فأقدم على ذلك الفعل بعد أن تفجرت الخلافات بينهما وأعد له العدة ، ومن ثم توافر لديه ركن العلم بأركان الجريمة واتجاه إرادته إلى عنصري الفعل والنتيجة والتي انتهت بقتل والده على النحو السالف سرده ويكون ما أثاره الدفاع في هذا الصدد غير سديد . " فإن ما أورده الحكم على النحو المتقدم وما جاء بصورة الواقعة التي اقتنعت بها المحكمة وما استخلصته من ظروف الدعوى وملابساتها هو استخلاص سائغ وكاف في التدليل على ثبوت نية القتل لدى الطاعن . لما كان ذلك ، وكان الحكم قد دلل على توافر ظرف سبق الإصرار في حق الطاعن في قوله : " .... إن سبق الإصرار حالة ذهنية تقوم بنفس الجاني قد لا يكون لها في الخارج أثر ملموس يدل عليها مباشرة ويكون قد فكر فيما اعتزمه وتدبر عواقبه وهو هادئ البال ، ولما كان الثابت للمحكمة أن سبق الإصرار متوافر من الظروف السابقة كلها والتي شرحتها المحكمة تفصيلاً ومن حاجة المتهم الملحة إلى المال وجشعه وما آل إليه حاله من ضيق مالي واعتقاده بأن أباه في بسطه من العيش وسعة من الرزق وحصوله أخيراً على مكافأة مالية مما دعاه إلى أن يضيق ذرعاً بحاله وأنه لا خلاص ولا فكاك سوى الإجهاز عليه وأخذ ما لديه من مال ففكر في هدوء وروية ورسم خطته الإجرامية وأعد لذلك أداة عبارة عن عصا خشبية " شومة " ودبر الأمر وفكر فيه بروية بأن ينام بجوار والده حتى يغط في نومه وما إن اطمأن إلى ذلك حتى تسلل في خفه وحمل العصا التي أعدها وفى مطلع الفجر انهال عليه بالعصا على رأسه محدثاً إصابته الموصوفة بتقرير الصفة التشريحية ولم يتركه إلا بعد أن أيقن قتله بما يتعين معه رفض الدفع " . لما كان ذلك ، وكان من المقرر أن البحث في توافر سبق الإصرار من إطلاقات قاضي الموضوع يستنتجه من ظروف الدعوى وعناصرها ، ما دام موجب تلك الظروف وهذه العناصر لا يتنافر عقلاً مع ذلك الاستنتاج وكان ما ساقه الحكم مما سلف سائغاً ويتحقق ظرف سبق الإصرار حسبما هو معرف به في القانون ، فإن الحكم يكون قد أصاب صحيح القانون . لما كان ذلك ، وكان الحكم المطعون فيه قد دلل على توافر ظرف الترصد بقوله : " .... أن الترصد ظرف عيني مشدد للعقوبة كظرف سبق الإصرار وإثبات توافر أيهما يغني عن ضرورة إثبات الآخر ، بيد أنه ومع ذلك وكان يكفي لتحقق ظرف الترصد مجرد تربص الجاني للمجني عليه مدة من الزمن طالت أو قصرت في مكان يتوقع قدومه إليه ليتوصل بذلك إلى مفاجأته بالاعتداء عليه دون أن يؤثر في ذلك أن يكون الترصد بغير استخفاء وكان الثابت أن المتهم قد ادعى النوم بجوار والده في مخدعه الذي يبيت فيه حتى اطمأن إلى أنه قد غط في نومه وكان المجني عليه قد هجع تماماً وما إن ظفر به وهو على هذه الحالة حتى والى الاعتداء عليه ولم يتركه إلا بعد أن أدرك أنه جثة هامدة بما يتعين رفض الدفع " . لما كان ذلك ، وكان ما أورده الحكم تدليلاً على توافر ظرف الترصد غير سائغ ذلك أن الطاعن وقت الحادث كان متواجداً أصلاً بغرفة نوم والده وبجواره في مخدعه وما إن غط الأخير في نومه حتى تسلل المتهم من جواره في خفة واعتدى بعصاه على رأس والده ثلاث ضربات حتى فارق الحياة ، ومن ثم فإن ما بدر منه من أفعال تغاير فعل الانتظار والمكوث والتربص اللازم لقيام ظرف الترصد فإن هذا الظرف - والحال كذلك - يضحى غير متوافر في حق المتهم ، هذا فضلاً عن أن حكم ظرف سبق الإصرار في تشديد العقوبة كحكم ظرف الترصد وإثبات توافر أحدهما يغني عن إثبات توافر الآخر ، ومن ثم فإنه لا يكون للطاعن مصلحة فيما يثيره من فساد استدلال الحكم في استظهار ظرف الترصد . لما كان ذلك ، وكان الحكم قد عرض لما دفع به الطاعن من أن اعترافه جاء باطلاً لأنه وليد إكراه بقوله : " وحيث إنه عن الدفع ببطلان الاعتراف فهو غير سديد إذ ورد بمحضر جلسة المحاكمة بغير بيان أو سند ، فضلاً عن أن الاعتراف في المسائل الجنائية من عناصر الاستدلال التي تملك هذه المحكمة كامل الحرية في تقدير صحتها وقيمتها في الإثبات لها أن تأخذ به متى اطمأنت إلى صدقه ومطابقته للحقيقة والواقع ، كما لها دون غيرها البحث في صحة ما يدعيه المتهم من أن الاعتراف الذي أدلى به قد انتزع منه بطريق الإكراه ، ولما كان الثابت للمحكمة أن الاعتراف الذي أدلى به في تحقيقات النيابة العامة قد جاء مفصلاً وقد عززه ما قام به المتهم من تمثيله لكيفية ارتكابه الجريمة أمام النيابة العامة وكذلك ما شوهد بجثة المجني عليه من إصابات برأسه وما أثبته تقرير الصفة التشريحية من أن وفاته كانت نتيجة الإصابات والكسور ذات الطبيعة الرضية والتي حدثت من المصادمة بجسم صلب مثل عصا الشوم المضبوطة وهى جائزة الحدوث وفق التصوير الوارد باعترافات المتهم وما شدد من أزر تعزيز ذلك الاعتراف ما أثبته تقرير قسم البحوث البيولوجية والبصمة الوراثية للمعمل الجنائي أن التلوثات المعثور عليها بالعصا الخشبية المضبوطة بمعرفة النيابة العامة هي لدماء آدمية تخص المجنى عليه ، فضلاً عن أن المتهم قام بتمثيل كيفية ارتكاب الواقعة أثناء قيام النيابة العامة بإجراء المعاينة التصويرية لمكان الحادث ، ولا ينال من ذلك ما قرره الدفاع بأن المتهم وجد به إصابات مما يفيد تعرضه لإكراه مادي إذ إن وكيل النيابة المحقق قبل أن يبدأ بسؤال المتهم شفاهه عن التهمة المنسوبة إليه قد أحاطه علماً بصفته وأن المتهم لم يذكر شيئاً عن أنه قد تعرض لثمة إكراه مادي أو معنوي أثر في اعترافه وكان أيضاً إن الإصابتين المشاهدتين بالمتهم وقت مثوله بالنيابة العامة بالشفة العليا والجانب الأيسر للأنف تلك الإصابتين الموصوفتين القديمتين قد أرجعهما المتهم في أقواله المحررة بالنيابة العامة إلى إصابة في حادث قديم قبل شهر سابق على التحقيق معه بما ينفي تعرض المتهم لثمة إكراه مادي أو معنوي بما يتعين معه رفض الدفع ببطلان الاعتراف " . لما كان ذلك ، وكان الاعتراف في المسائل الجنائية من العناصر التي تملك محكمة الموضوع كامل الحرية في تقدير صحتها وقيمتها في الإثبات ولها دون غيرها البحث في صحة ما يدعيه المتهم من أن الاعتراف المعزو إليه قد انتزع منه بطريق الإكراه ، ومتى تحققت من أن الاعتراف سليم مما يشوبه واطمأنت إليه كان لها أن تأخذ به بما لا معقب عليها ، وإذ كانت المحكمة مما أوردته – فيما سلف – قد أفصحت عن اطمئنانها إلى أن اعتراف المتهم إنما كان عن طواعية واختيار ولم يكن نتيجة إكراه واقتنعت بصحته ، فإن رد المحكمة على ما دفع به المدافع عن المتهم في هذا الشأن يكون كافياً وسائغاً بما لا شائبه معه تشوب الحكم ، ومن ثم فإن منعى الطاعن في هذا الخصوص يكون في غير محله . لما كان ذلك ، وكان من المقرر أن تقدير حالة المتهم العقلية من الأمور الموضوعية التي تستقل محكمة الموضوع بالفصل فيها ما دامت تقيم تقديرها على أسباب سائغة ، وكان المرض العقلي الذي يوصف بأنه جنون أو عاهة عقلية وتنعدم به المسئولية الجنائية قانوناً على ما تقضي به المادة 62 من قانون العقوبات هو ذلك المرض الذي من شأنه أن يعدم الشعور والإدراك أما سائر الأحوال النفسية التي تفقد الشخص شعوره وإدراكه فلا تعد سبباً لانعدام المسئولية إنما هي مجرد أعذار قضائية مخففة يرجع الأمر في تقديرها إلى محكمة الموضوع بغير معقب عليها من محكمة النقض . لما كان ذلك ، وكان الحكم قد عرض لدفاع الطاعن في هذا الشأن واطرحه استناداً إلى ما ورد بتقرير مستشفى الأمراض النفسية والعصبية والذي أفاد بأن المتهم لا يعاني من أي اضطراب نفسي أو عقلي وهو قادر على الإدراك والتميز والحكم على الأمور وسليم الإرادة ويعتبر مسئولاً عما نسب إليه من اتهام ، وكان ما أورده الحكم رداً على دفاع الطاعن بانتفاء مسئوليته كافياً وسائغاً ، هذا فضلاً عن أن تقدير آراء الخبراء والفصل فيما يوجه إلى تقاريرهم من مطاعن مرجعه إلى محكمة الموضوع التي لها كامل الحرية في تقدير القوة التدليلية لتقرير الخبير شأنه في ذلك شأن سائر الأدلة فلها مطلق الحرية في الأخذ بما تطمئن إليه منها والالتفات عما عداه ولا تقبل مصادرة المحكمة في هذا التقدير ، ولما كانت المحكمة قد اطمأنت في حدود سلطتها التقديرية إلى ما ورد بالتقرير الفني لمستشفى الأمراض النفسية والعصبية واستندت إلى رأيه الفني من مسئولية المتهم عن أفعاله فإنه لا يجوز مجادلتها في ذلك أمام محكمة النقض . لما كان ذلك ، وكان القانون لا يشترط لثبوت جريمة القتل والحكم بالإعدام على مرتكبها وجود شهود رؤية أو قيام أدلة معينة بل للمحكمة أن تكون اعتقادها بالإدانة في تلك الجريمة من كل ما تطمئن إليه من ظروف الدعوى وقرائنها ، ومتى رأت الإدانة كان لها أن تقضي بالإعدام على مرتكب الفعل المستوجب للقصاص دون حاجة إلى شهادة شاهدين برؤيته حال وقوع الفعل منه أو ضبطه متلبساً بها ، ومن ثم ما يثيره الطاعن في هذا الشأن ينحل إلى جدل موضوعي في تقدير الدليل وفي سلطة محكمة الموضوع في وزن عناصر الدعوى واستنباط معتقدها مما تستقل به محكمة الموضوع بغير معقب ولا يجوز إثارته أمام محكمة النقض . لما كان ذلك ، وكان للمحكمة أن تعول في تكوين عقيدتها على ما جاء بتحريات الشرطة باعتبارها معززة لما ساقته من أدلة ما دامت تلك التحريات قد عرضت على بساط البحث ، ومن ثم يضحى ما يثيره الطاعن في هذا الخصوص غير سديد . لما كان ذلك ، وكانت حالة الانتقام والرغبة في إدانة المحكوم عليه كلها مسائل داخلية تقوم في نفس القاضي وتتعلق بشخصه وضميره وترك المشرع أمر تقدير الإدانة لتقدير القاضي وما تطمئن إليه نفسه ويرتاح إليه وجدانه ، ومن ثم فإن ما يثيره الطاعن في هذا الصدد لا يصح أن ينبني عليه وجه الطعن . لما كان ذلك ، وكان لا يعيب الحكم المطعون فيه عدم إشارته إلى أن الفصل في الدعوى إنما كان مجدداً بعد نقض الحكم السابق صدوره فيها ، فإنه لا يكون هناك محل لما ينعاه الطاعن في هذا الخصوص . لما كان ذلك ، وكان من المقرر أن ظرف الارتباط بين جريمة القتل العمد مع سبق الإصرار وجريمة السرقة يتوافر متى كان قد وقع لأحد المقاصد المبينة بالفقرة الثالثة من المادة 234 من قانون العقوبات وهى التأهب لفعل جنحة أو تسهيل ارتكابها أو ارتكابها بالفعل ، وكان البين من المفردات المضمومة أن المتهم اعترف بتحقيقات النيابة العامة أنه نظراً لعدم إنفاق أبيه عليه اشتد الخلاف معه وما إن علم المتهم باحتفاظ والده بمبلغ مالي حتى فكر في قتله فتظاهر بالنوم بجواره حتى استغرق والده في النوم فتسلل من جواره وأحضر عصا غليظة وضربه فوق رأسه ثلاث ضربات ففارق الحياة في الحال فقام بسرقة المبلغ المالي ، وساعة يد ، وفيزا كارت ، ومن ثم يكون القتل قد وقع بقصد السرقة الأمر الذي يوفر في حق المتهم جريمة القتل العمد المرتبطة بجنحة سرقة فضلاً عن توافر ظرف سبق الإصرار في حقه كظرف مشدد ولا ينال من ذلك ما قد يثار من أن تلك الجنحة غير معاقب عليها بموجب نص المادة 312 من قانون العقوبات لوقوعها بين الأصول والفروع وأن وفاة الأب يكون حائلاً دون تقديم الشكوى ، ومن ثم لا يصح تغليظ العقوبة عليه ، إذ إن ذلك لا يتفق وفلسفة المشرع الجنائي في المادة 312 من قانون العقوبات التي تنص على أنه : " لا تجوز محاكمة من يرتكب سرقة إضراراً بزوجه أو زوجته أو أصوله أو فروعه إلا بناء على طلب المجني عليه ، وللمجني عليه أن يتنازل عن دعواه بذلك في أية حالة كانت عليها . كما له أن يوقف تنفيذ الحكم النهائي على الجاني في أي وقت شاء " ، ومفاد ذلك أن هذه المادة تضع قيداً على حق النيابة العامة في تحريك الدعوى الجنائية بجعله متوقفاً على طلب المجني عليه ، كما تضع حداً لتنفيذها الحكم النهائي على الجاني بتخويل المجني عليه وقف تنفيذ الحكم في أي وقت شاء وذلك رغبة من المشرع في التستر على أسرار العائلات صوناً لسمعتها وحفظاً لكيان الأسرة وهو ما أشير إليه في تقرير لجنة الشئون التشريعية والمذكرة التفسيرية ، الأمر الذي يستفاد منه بحكم اللزوم العقلي والمنطقي أن يكون المضرور من الجريمة – المسروق ماله – باق على قيد الحياة ، كي يكون له الحق في الإقدام على الشكاية أو الإحجام عنها وهو وشأنه في الخيار بين هذا أو ذاك ، أما إذا قتل المجني عليه بقصد سرقة ماله وكان القاتل ابنه – كما هو الحال في الدعوى الراهنة - فيزول هذا القيد لوفاة المضرور من السرقة وتسترد النيابة العامة حقها في تحريك دعواها لأسباب ثلاثة : أولها :- أن الحق في الشكوى قد انقضى لوفاة المجني عليه وأضحى ماله تركه تؤول لورثته يتوارثونها شرعاً ، عدا القاتل لقتله مورثه ، والسرقة التي حدثت تكون واقعة على مال للورثة ومن حق النيابة العامة تحريك دعواها دون توقف على تقديم شكوى من قبلهم . ثانيها :- أن المشرع رهن محاكمة السارق وفقاً لنص المادة 312 المار ذكرها بتقديم شكوى من المجني عليه شريطة أن تكون جريمة السرقة قائمة بذاتها ، أما إذا كانت مرتبطة بجريمة أخرى أو ظرفاً مشدداً لها – كما هو الحال في الدعوى الراهنة – فلا لزوم لتقديمها ، وتضحى النيابة العامة طليقة من هذا القيد . ثالثها :- أن القول بغير ذلك يؤدي إلى نتيجة ينفر منها العقل وتأباها العدالة إذ يجعل من يجهز على أبيه قتلاً لسرقته أوفر حظاً ممن لا يجهز عليه تماماً حال سرقته لأنه في الحالة الثانية يكون في وسع الوالد شكاية ولده بينما يستحيل عليه ذلك في الحالة الأولى لوفاته ، فضلاً عن أن الحكم المطعون فيه قد خلص في منطق سائغ وتدليل صحيح إلى ثبوت جريمة القتل العمد مع سبق الإصرار المرتبطة بجنحة السرقة المؤثمة بالمادة 234/2 عقوبات في حق الطاعن وذلك على النحو آنف البيان وأوقع عليه عقوبة الإعدام وهى ذات العقوبة المقررة لجريمة القتل العمد مع سبق الإصرار ، فإنه يكون قد أصاب صحيح القانون ، ومن ثم فلا مصلحة للنعي بشأن واقعة السرقة . لما كان ذلك ، وكان الحكم لم يفصل في الدعوى المدنية بل تخلى عنها بإحالتها إلى المحكمة المدنية المختصة للفصل فيها عملاً بالمادة 309 من قانون الإجراءات الجنائية فإن منعى الطاعن على الحكم سواء بإغفاله إيراداً ورداً دفعه بعدم قبول الدعوى المدنية المرفوعة من المجني عليه يكون مردوداً بأنه فضلاً عن عدم جوازه لأن ما قضى به غير منه للخصومة في هذه الدعوى فمصلحته فيها منعدمة إذ إن الحكم لم يفصل في تلك الدعوى أصلاً ، ومن ثم فإن ما يثيره الطاعن في هذا الصدد يكون غير سديد . لما كان ما تقدم ، فإن الطعن برمته يكون على غير أساس متعيناً رفضه موضوعاً .

ثانياً :- بالنسبة لعرض النيابة العامة :-

 ومن حيث إن النيابة العامة وإن كانت قد عرضت القضية الماثلة على هذه المحكمة عملاً بنص المادة 46 من قانون حالات وإجراءات الطعن أمام محكمة النقض الصادر بالقانون رقم 57 لسنة 1959 بمذكرة برأيها انتهت فيها إلى طلب إقرار الحكم الصادر حضورياً بإعدام المحكوم عليه دون إثبات تاريخ تقديمها بحيث يستدل منه على أنه روعي عرض القضية في ميعاد الستين يوماً المبين بالمادة 34 من ذلك القانون المعدلة بالقانون رقم 23 لسنة 1992 ، إلا أنه لما كان تجاوز هذا الميعاد – وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة – لا يترتب عليه عدم قبول عرض النيابة ، بل إن محكمة النقض تتصل بالدعوى بمجرد عرضها عليها لتفصل فيها وتستبين من تلقاء نفسها – دون أن تتقيد بمبنى الرأي الذي تضمنه النيابة مذكرتها – ما عسى أن يكون قد شاب الحكم من عيوب يستوي في ذلك أن يكون عرض النيابة في الميعاد المحدد أو بعد فواته ، ومن ثم يتعين قبول عرض النيابة العامة لهذه القضية . لما كان ذلك ، وكان مفاد نص المادة 124 من قانون الإجراءات الجنائية المعـــدل بالقانونين 145 لسنة 2006 ، 74 لسنة 2007 أن المشرع تطلب ضمانة خاصة لكل متهم في جناية أو جنحة معاقب عليها بالحبس وجوباً هي وجوب دعوة محاميه إن وجد لحضور الاستجواب أو المواجهة فيما عدا حالتي التلبس والسرعة بسبب الخوف من ضياع الأدلة على النحو الذي يثبته المحقق في المحضر وذلك تطميناً للمتهم وصوناً لحرية الدفاع عن نفسه ، ولتحقيق هذه الضمانة العامة يجب على المتهم أن يعلن اسم محاميه بتقرير في قلم كتاب المحكمة أو إلى مأمور السجن أو يخطر به المحقق كما يجوز لمحاميه القيام بهذا الإعلان أو الإخطار ، وإذا لم يكن للمتهم محام أو لم يحضر محاميه بعد دعوته وجب على المحقق من تلقاء نفسه أن يندب له محامياً ، وكان الثابت من مطالعة المفردات أن الطاعن لم يخطر المحقق باسم محاميه ولم يعلنه بتقرير لدى قلم الكتاب أو إلى مأمور السجن وأن المحقق أرسل في طلب أحد الأساتذة المحامين من النقابة الفرعية لحضور استجواب الطاعن إلا أنه عجز عن تنفيذ ذلك بسبب غلق النقابة فصار ندب محام أمراً غير ممكن ، ومن ثم فإنه لا تثريب على المحقق إن هو استمر في استجواب الطاعن ولا يعد ذلك منه خطأ في الإجراءات إذ إنه غير ملزم بانتظار حضور المحامي أو تأجيل الاستجواب لحضوره سيما وأن الجريمة متلبس بها ، والقول بغير ذلك فيه تعطيل للنيابة العامة عن أداء وظيفتها انتظاراً للمحامي الذي يتعذر حضوره أو يتراخى فيه ، كما أن الواقعة بحالتها الراهنة تحمل من الأدلة التي يخشى عليها من الضياع مما يستلزم السير في إجراءاتها على وجه السرعة . لما كان ذلك ، وكان الحكم قد أورد مؤدى تقرير الأدلة الجنائية – قسم البحوث البيولوجية والبصمة الوراثية – وأبرز ما جاء به من أن التلوثات المعثور عليها بالعصا الخشبية المضبوطة بمعرفة النيابة العامة هي لدماء آدمية تخص المجني عليه .... وكان ذلك يكفي لتبرير اقتناعه بالإدانة ويحقق مراد الشارع الذي استوجبه في المادة 310 من قانون الإجراءات الجنائية من دعوى بيان مؤدى الأدلة التي يستند إليها الحكم الصادر بالإدانة ، لما هو مقرر من أنه لا ينال من سلامة الحكم عدم إيراده تقرير الخبير بكامل أجزائه ، فإنه ما شابه من قالة القصور لا محل له . لما كان ذلك ، وكان ما أثاره المدافع عن المحكوم عليه بمحضر جلسة المحاكمة من منازعته في شأن التكييف القانوني للواقعة وأنها في حقيقتها ضرب أفضى إلى موت ، فإن ذلك مردود بأنه لا محل له لأنه لا يعدو أن يكون نعياً وارداً على سلطة محكمة الموضوع في استخلاص الصورة الحقيقية لواقعة الدعوى أخذاً بأدلة الثبوت التي وثقت بها واطمأنت إليها مما تستقل به بغير معقب ما دام قضاؤها في ذلك سليماً - كما هو الحال في الدعوى المطروحة - . لما كان ذلك ، وكان الباعث على الجريمة ليس ركناً فيها فلا يقدح في سلامة الحكم الخطأ فيه أو ابتناؤه على الظن أو إغفاله ، ومن ثم فإن ما أثاره الدفاع عن المحكوم عليه في هذا الشأن – بصدد جريمة السرقة - لا يكون مقبولاً . لما كان ذلك ، وكان المدافع عن الطاعن لم يبين في دفاعه بمحضر الجلسة وجه التناقض بين معاينة الشرطة والنيابة العامة وجاء بصورة مبهمة وأرسل فيه الدفاع قولاً إرسالاً دون تحديد فإن دفاعه في هذا الشأن لا يكون مقبولاً . لما كان ذلك ، وكان الحكم المعروض قد بين واقعة الدعوى بما تتوافر به كافة العناصر القانونية للجريمة التي دين المحكوم عليه بالإعدام بها وأورد على ثبوتها في حقه أدلة سائغة لها معينها الصحيح من الأوراق ومن شأنها أن تؤدي إلى ما رتبه عليها ، كما وأن إجراءات المحاكمة قد تمت وفقاً للقانون وإعمالاً لما تقضي به الفقرة الثانية من المادة 381 من قانون الإجراءات الجنائية المعدل بالقانون رقم 107 لسنة 1962 من استطلاع رأي مفتي الجمهورية قبل إصدار الحكم وصدوره بإجماع آراء أعضاء المحكمة ، وقد خلا الحكم من عيب مخالفة القانون أو الخطأ في تطبيقه أو في تأويله وصدر الحكم من محكمة مشكلة وفقاً للقانون ولها ولاية الفصل في الدعوى ، ولم يصدر بعد قانون يسرى على واقعة الدعوى يصح أن يستفيد منه المحكوم عليه على نحو ما نصت عليه المادة الخامسة من قانون العقوبات ، ومن ثم يتعين معه قبول عرض النيابة العامة للقضية وإقرار الحكم الصادر بإعدام المحكوم عليه .... .

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق