برئاسة السيـد القاضي / د . سعيد فهيم خليـل نائـب
رئيـس المحكمـة وعضوية السادة القضاة/ حامد زكي، صـلاح الجبالي نـائبي
رئيس المحكمة ، بــدوي إدريس وكمال عبــد الله .
------------
( 1 ،
2 ) دعوى " شروط قبول الدعـوى : الصفة : الصفة الإجرائية : صاحـب
الصفة في تمثيل وزارة التربية والتعليم " .
(1) الوزير يمثل وزارته فيما ترفعه المصالح والإدارات التابعة لها أو يرفع
عليها من دعاوى وطعون . الاستثناء . منح القانون الشخصية الاعتبارية لجهة إدارية
منها وإسناد صفة النيابة عنها للغير في الحدود التي يعينها القانون .
(2) وزير التربية والتعليم . ممثل الدولة في الشئون
المتعلقة بوزارته . وكيل الوزارة ومدير الإدارة التعليمية . عدم جواز تمثيلهما
للوزارة أمام القضاء . أثره . عدم قبول الطعن منهما .
(3 ، 4) دعوى " شروط
قبول الدعوى : اللجوء للجان التوفيق في بعض المنازعات ق 7 لسنة 2000 " .
(3) الالتزام
باللجوء إلى لجان التوفيق الذى تطلبه القانون 7 لسنة 2000 بإنشاء لجان التوفيق في بعض
المنازعات التي تكون الوزارة والأشخاص الاعتبارية العامة طرفاً فيها . عدم مساسه
بحق التقاضي الذى كفله الدستور . المواد 1 ، 2 ، 11 من القانون المشار إليه ، 68
من الدستور . مؤداه . رفع الدعوى أمام القضاء بطلبات سبق اللجوء بشأنها إلى لجنة التوفيق المختصة وانتهاء الخصومة فيها
بحكم لم يفصل في موضوع النزاع أو الحق الموضوعي المدعى به فيها . أثره . عدم جدوى
اللجوء مرة أخرى لتلك اللجنة عند معاودة ذوى الشأن رفعها بإجراءات جديدة في القانون
. علة ذلك .
(4) إقامة المطعون ضدهم دعوى ضد
الطاعن بصفته وآخر بطلب الحكم بانتهاء عقد الإيجار سند الدعوى لانقضاء مدته وإلزامهما
بتسليم العين المؤجرة تأسيساً على شغلهما لها بدون سند من القانون بعد لجوئهم إلى
لجنة التوفيق المختصة . قضاء المحكمة برفضها لعدم التنبيه عليهما بالإخلاء في الميعاد
. لا وجه للتحدي بعدم قبول دعواهم الحالية المقامة على الطاعن بصفته وآخرين بذات
الطلبات لعدم اللجوء إلى لجنة التوفيق مرة أخرى قبل رفعها . علـة ذلك . التزام
الحكم الابتدائى المؤيد بالحكم المطعون فيه هذا النظر . صحيح .
(5 ، 6) قوة الأمر
المقضي " أثر اكتساب قوة الأمر المقضي " .
(5) القضاء النهائي في مسألة أساسية . مانع للخصوم أنفسهم من التنازع فيهـا
بأية دعوى تالية أو دفع تكون هي بذاتها الأساس فيما يدعيه أي منهم قبل الآخر من
حقوق أخرى مترتبة عليها . م 101 إثبات .
(6) القضاء النهائي برفض الدفع المبدى من الطاعن وآخر ببطلان
عقد الإيجار سند الدعوى المقامة عليهما من المطعون ضدهم بطلب الحكم بانتهائه
لانقضاء مدته وإلزامهما بتسليم العين المؤجرة لوضع يدهما عليها بدون سند لانعدام
صفة من وقعه ولوجود عقد سابق عليه عن ذات العين وحيازته لقوة الأمر المقضي بعدم
استئنافه . مؤداه . فصله في مسألة أساسية تردد فيها النزاع بين ذات الخصوم في الدعوى
الماثلة حول صحة ذلك العقد . التزام الحكم المطعون فيه حجية هذا الحكم السابق
وقضاءه بتأييد الحكم الابتدائي برفض ذات الدفع . صحيح .
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1 – المقرر - في قضاء محكمة النقض - أن الوزير هو الذى يمثل وزارته فيما
ترفعه الوزارة والمصالح والإدارات التابعة لها او يرفع عليها من دعاوى وطعون إلا
إذا منح القانون الشخصية الاعتبارية لجهة إدارية معينة منها وأسند صفة النيابة
عنها إلى غير الوزير فتكون له عندئذ هذه الصفة في الحدود التي يعينها القانون .
2 - وزير التربية والتعليم هو الذى يمثل الدولة في الشئون المتعلقة بوزارته
، وكان الطاعنان الثاني والثالث بصفتيهما (وكيل وزارة التربية والتعليم ... ومدير إدارة .... التعليمية)
تابعين لوزارة التربية والتعليم فلا يجوز لهما تمثيل الوزارة أمام القضاء ويكون
الطعن منهما غير مقبول .
3 – إن مفاد نصوص المواد الأولى والثانية والحادية عشر من القانون رقم 7
لسنة 2000 بإنشاء لجان التوفيق في بعض المنازعات التي تكون الوزارات والأشخاص الاعتبارية
العامة طرفاً فيها يدل على أنه ولئن كان اللجوء إلى التوفيق الذى تطلبه هذا
القانون في بعض المنازعات ليس طقساً في حد ذاته ، ولم يفرضه المشرع عبثاً ، وإنما
أوجبه - وعلى ما جاء بالمذكرة الإيضاحية لهذا القانون - لرغبة قصدها وغاية أرادها
، تتمثل في تحقيق عدالة ناجزة ، تصل بها الحقوق إلى أصحابها ، من خلال أداة سهلة ،
وبإجراءات مبسطة لا تحفل بالشكل ولا تلوذ به إلا صوناً لضمانات الدفاع ومبادئه
الأساسية توفيراً للوقت والجهد على أطراف المنازعات التي تخضع لأحكامه تخفيضاً
للعبء على القضاء ، إلا أن الإلزام بولوج طريق التوفيق أمام هذه اللجان لا يمس بحق
التقاضي الذى يكفله الدستور في المادة 68 منه ولا ينال منه ، ذلك أن اشتراط تقديم
طلب التوفيق إلى هذه اللجان وفوات الميعاد المقرر لإصدار التوصية أو الميعاد
المقرر لعرضها دون قبول قبل الالتجاء إلى القضاء في هذه المنازعات يمثل مرحلة
أولية مستقلة عن درجات التقاضي باستنفادها ينفتح الطريق أمام ذوي الشأن لعرض
النزاع على القضاء للحصول على الحماية القانونية للحق المدعى به ، وبالتالي فمتى
كانت الدعوى قد رفعت أمام القضاء ابتداء بطلبات سبق لذوى الشأن اللجوء بشأنها إلى
لجنة التوفيق المختصة وانتهت إجراءات الخصومة فيهـا بحكم لم يفصل في موضوع النزاع أو
في الحق الموضوعي المدعى به فيها ـ وهـو قضاء لا يحوز قوة الأمر المقضي بالنسبة
لموضوع الدعوى ـ ، فلا يكون ثمة جدوى من اللجوء مرة أخرى إلى تلك اللجنة عند
معاودة ذوى الشأن رفع الدعوى أمام القضاء مجدداً بإجراءات جديدة في القانون .
4 - إذ كان البين من الأوراق أن المطعون ضدهم سبق أن تقدموا إلى لجنة
التوفيق المختصة بالطلب رقم .... لسنة ..... قبل إقامتهم للدعوى .... لسنة ....
مدنى جزئي .... المرفوعة على الطاعن بصفته - ووكيل وزارة التربية والتعليم ... بصفته
- بطلب الحكم بانتهاء عقد الإيجار المؤرخ ../ ../ .... لانقضاء مدته وبإلزامهما
بتسليم العين المؤجرة -ـ المدرسة ..... بمدينة .... - ، تأسيساً على أنهما يشغلانها
بدون سند من القانون ، إلا أن المحكمة انتهت إلى القضاء برفضها لعدم استباقها
بالتنبيه عليهما بالإخلاء في الميعاد ، فعاد المطعون ضدهم وأقاموا دعواهم الحالية
على الطاعن بصفته وعلى كل من وكيل وزارة التربية والتعليم .... بصفته ومدير إدارة
.... التعليمية بصفته - التابعين له - وهى بحسب مرماها وطلبات المطعون ضدهم فيها
تستهدف القضاء بانتهاء ذات عقد الإيجار لذات السبب ، وتسليم ذات العين المؤجرة
لشغلها دون سند . وبالتالي فإنها لا تعدو أن تكون امتداداً لخصومة الدعوى السابقة
التي تردد فيها النزاع بين الخصوم أنفسهم وتعلق بذات المحل والسبب بإجراءات جديدة
في القانون ومن ثم فلا وجه للتحدي بعدم قبولها لعدم اللجوء إلى لجنة التوفيق ـ قبل
رفعها ـ مرة أخرى وإذ التزم الحكم الابتدائي المؤيد بالحكم المطعون فيه هذا النظر
في نتيجته فإنه لا يكون قد خالف القانـون .
5 – إن مفاد نص المادة 101 من قانون الإثبات يدل - وعلى ما جرى به قضاء محكمة
النقض - على أن المسألة الواحدة بعينها متى كانت أساسية وكان ثبوتها أو عدم ثبوتها
هو الذى يترتب عليه القضاء بثبوت الحق المطلوب في الدعوى أو انتفائه فإن هذا
القضاء يحوز قوة الشيء المحكوم به في تلك المسألة الأساسيـة بين الخصـوم أنفسهم
ويمنعهم من التنازع بطريق الدعوى أو الدفع في شأن أي حق آخر يتوقف ثبوته أو
انتفاؤه على ثبوت تلك المسألة السابق الفصل فيها بين هؤلاء الخصوم أنفسهـم أو على
انتفائها .
6 - إذ كان البين من الحكم الصادر في الدعوى .... لسنة .... مدنى محكمة
.... الجزئية أن المطعون ضدهم في الدعوى الماثلة كانوا قد أقاموا تلك الدعوى على
الطاعن بصفته ـ ووكيل وزارة التربية والتعليم .... بصفته ـ بطلب الحكم بانتهاء عقد
الإيجار المؤرخ ../ ../ .... لانقضاء مدته مع إلزامهما بتسليم العين المؤجرة
تأسيساً على أن يدهما عليها أصبحت بدون سند فدفع الطاعن بصفته - والخصم الآخر -
ببطلان ذلك العقد لانعدام صفة من وقعه ولوجـود عقد إيجار سابق عليه عن ذات
العين المؤجرة ، فرفضت المحكمة هذا الدفع وأقامت قضاءها علـى أن الثابت مـن عقـد
الإيجار المؤرخ ../ ../ .... أنه أبرم بين المطعون ضدهم وإدارة .... التعليمية كشخص
معنوي له الحق في مباشرة جميع التصرفات القانونية ومنها ذلك العقد والذى نفذ طوال
مدته والتزمت الإدارة بسداد الأجرة بموجبه للمطعون ضدهم دون اعتراض من الطاعن
بصفته وأن العقد السابق عليه قد أصبح بذلك مفسوخاً ولا يصح التمسك به ، ومن ثم فإن
هذا الحكم قد صار نهائياً بعدم استئنافه وحائزاً لقوة الأمر المقضي يكون قد فصل في
مسألة أساسية تردد فيها النزاع بين ذات الخصوم حول صحة عقد إيجار العين محل النزاع
الصادر من المطعون ضدهم إلى إدارة ..... التعليمية بتاريخ ../ ../ .... وصفة
الأخيرة في إبرام العقد كمستأجر ، وإذ التزم الحكم المطعون فيه حجية هذا الحكم
السابق وقضى بتأييد الحكم الابتدائي برفض الدفع ببطلان عقد الإيجار المؤرخ ../ ../
.... فإنه لا يكون قد خالف القانون .
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
المحكمة
بعد الاطلاع على الأوراق
وسماع التقرير الذى تلاه السيد القاضي المقرر والمرافعة وبعد المداولة .
حيث إن الوقائع
- على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر الأوراق - تتحصل في أن المطعون ضدهم
أقاموا على الطاعنين بصفاتهم الدعوى ... لسنة 2004 مدنى محكمة قويسنا الجزئية بطلب
الحكم بانتهاء عقد الإيجار المؤرخ ../ ../1997 لانقضاء مدته وإلزامهم بتسليم العين
المؤجرة لهم خالية وقالوا بياناً لذلك أنه بموجب عقد إيجار يخضع للامتداد طبقاً
لقوانين إيجار الأماكن كانت وزارة التربية والتعليم تستأجر منهم المبنى الذى تشغله
المدرسة .... بمدينة قويسنا وبتاريخ 1/4/1997 أصدر مجلس الوزراء قرراً بتسليم
الوحدات المؤجرة من المواطنين للملاك وتطبيق القانون 76 لسنة 1997 على الوحدات
التي يتعذر إخلائها في حينه ، وإذ تعذر إخلاء عين النزاع آنذاك فقد تحرر عنها عقد
إيجار لمدة خمس سنوات تبدأ من 1/4/1997 حتى 20/8/2004 ولعدم رغبتهم في تجديده بعد
انتهاء مدته فقد أنذروا الطاعنين وأقاموا الدعوى بالطلبات السالفة البيان حكمت
المحكمة بالطلبات ، استأنف الطاعنون هذا الحكم لدى محكمة شبين الكوم الابتدائية -
منعقدة بهيئة استئنافية - بالاستئناف .... لسنة 2007 وبتاريخ 12/5/2009 حكمت
بإلغاء الحكم المستأنف وبعدم اختصاصها قيمياً بنظر الدعوى وإحالتها لمحكمة شبين
الكوم الابتدائية وقيدت بجدولها برقم ... لسنة 2008 ، وبتاريخ 26/7/2008 حكمت
المحكمة بالطلبات ، استأنف الطاعنون بصفاتهم هذا الحكم بالاستئناف ... سنة 41 . ق
طنطا " مأمورية شبين الكوم " وبتاريخ 12/5/2009 قضت المحكمة بالتأييد ،
طعن الطاعنون بصفاتهم في هذا الحكم بطريق النقض وأودعت النيابة مذكرة دفعت فيها
بعدم قبول الطعن بالنسبة للطاعنين الثاني والثالث بصفتيهما وأبدت الرأي في الموضوع
بنقض الحكم المطعون فيه . عرض الطعن على المحكمة في غرفة مشورة فحددت جلسة لنظره
وفيها ألتزمت النيابة رأيها .
وحيث إن مبنى
الدفع المبدى من النيابة بعدم قبول الطعن من الطاعنين الثاني والثالث بصفتيهما -
وكيل وزارة التربية والتعليم ... ومدير إدارة قويسنا التعليمية - أنهما تابعان
لوزارة التربية والتعليم التي يمثلها قانوناً الطاعن الأول بصفته فيكون الطعن المقام
منهما غير مقبول .
وحيث إن هذا
الدفع في محله ، ذلك أنه من المقرر- في قضاء هذه المحكمة - أن الوزير هو الذى يمثل
وزارته فيما ترفعه الوزارة والمصالح والإدارات التابعة لها أو يرفع عليها من دعاوى
وطعون إلا إذا منح القانون الشخصية الاعتبارية لجهة إدارية معينة منها وأسند صفة
النيابة عنها إلى غير الوزير فتكون له عندئذ هذه الصفة في الحدود التي يعينها
القانون ، ولما كان وزير التربية والتعليم هو الذى يمثل الدولة في الشئون المتعلقة
بوزارته ، وكان الطاعنان الثاني والثالث بصفتيهما تابعين لوزارة التربية والتعليم
فلا يجوز لهما تمثيل الوزارة أمام القضاء ويكون الطعن منهما غير مقبول .
وحيث إن الطعن
فيما عدا ما تقدم استوفى أوضاعه الشكلية .
وحيث إن الطعن
أقيم على سببين ينعى الطاعن بصفته بالسبب الثاني منهما على الحكم المطعون فيه
مخالفة القانون والخطأ في تطبيقه وفى بيان ذلك يقول إن الدعوى الماثلة من الدعاوى
الخاضعة لأحكام القانون رقم 7 لسنة 2000 بإنشاء لجان التوفيق ، وكان متعيناً على
المطعون ضدهم اللجوء إلى هذه اللجان قبل إقامتها ، ولا يقدح في ذلك سبق لجوئهم
إليها لدى إقامتهم للدعوى ... لسنة 2004 مدنى جزئي قويسنا بطلب انتهاء ذات عقد
إيجار عين النزاع لانقضاء مدته التي قضى برفضها ، وإذ لم تقض محكمة أول درجة بعدم
قبول الدعوى رغم تعلق تلك المسألة بالنظام العام ، وسايرها في ذلك الحكم المطعون
فيه فإنه يكون معيباً ومستوجباً نقضه .
وحيث إن هذا
النعي غير سديد ، ذلك أن النص في المادة الأولى من القانون رقم 7 لسنة 2000 بإنشاء
لجان التوفيق في بعض المنازعات التي تكون الوزارات والأشخاص الاعتبارية العامة
طرفاً فيها على أن " ينشأ في كل وزارة أو محافظة أو هيئة عامة وغيرها من
الأشخاص الاعتبارية العامة لجنة أو أكثر للتوفيق في المنازعات المدنية والتجارية
والإدارية التي تنشأ بين هذه الجهات وبين العاملين بها أو بينها وبين الأفراد
والأشخاص الاعتبارية الخاصة " وفى المادة الثانية على أنه " تشكل اللجنة
بقرار من وزير العدل برئاسة أحد رجال القضاء أو أعضاء الهيئات القضائية السابقين
من درجة مستشار على الأقل ، ممن لا يشغلون وظيفة أو يمارسون مهنة ، ومن ممثل للجهة
الإدارة بدرجة مدير عام على الأقل أو ما يعادلها تختاره السلطة المختصة ، وينضم
إلى عضوية اللجنة الطرف الآخر في النزاع أو من ينوب عنه فإذ تعدد أشخاص هذا الطرف
وجب عليهم اختيار نائب واحد عنهم فإذا تعارضت مصالحهم كان لكل منهم ممثل في اللجنة
، ويجوز عند الضرورة أن تكون رئاسة اللجنة لأحد رجال القضاء أو أعضاء الهيئات
القضائية الحاليين من درجة مستشار على الأقل " ، وفى المادة الحادية عشرة منه
على أنه " لا تقبل الدعوى التي ترفع ابتداءً إلى المحاكم بشأن المنازعات
الخاضعة لأحكام هذا القانون إلا بعد تقديم طلب التوفيق إلى اللجنة المختصة وفوات
الميعاد المقرر لإصدار التوصية أو الميعاد المقرر لعرضها دون قبول ... " يدل
على أنه ولئن كان اللجوء إلى التوفيق الذى تطلبه هذا القانون في بعض المنازعات ليس
طقساً في حد ذاته ، ولم يفرضه المشرع عبثاً ، وإنما أوجبه - وعلى ما جاء بالمذكرة
الإيضاحية لهذا القانون - لرغبة قصدها وغاية أرادها ، تتمثل في تحقيق عدالة ناجزة
، تصل بها الحقوق إلى أصحابها ، من خلال أداة سهلة ، وبإجراءات مبسطة لا تحفل بالشكل ولا
تلوذ به إلا صوناً لضمانات الدفاع ومبادئه الأساسية توفيراً للوقت والجهد على
أطراف المنازعات التي تخضع لأحكامه تخفيضاً للعبء على القضاء ، إلا أن الإلزام
بولوج طريق التوفيق أمام هذه اللجان لا يمس بحق التقاضي الذى يكفله الدستور في المادة
68 منه ولا ينال منه ، ذلك أن اشتراط تقديم طلب التوفيق إلى هذه اللجان وفوات
الميعاد المقرر لإصدار التوصية أو الميعاد المقرر لعرضها دون قبول قبل الالتجاء
إلى القضاء في هذه المنازعات يمثل مرحلة أولية مستقلة عن درجات التقاضي باستنفادها
ينفتح الطريق أمام ذوى الشأن لعرض النزاع على القضاء للحصول على الحماية القانونية
للحق المدعى به ، وبالتالي فمتى كانت الدعوى قد رفعت أمام القضاء ابتداء بطلبات سبق
لذوى الشأن اللجوء بشأنها إلى لجنة التوفيق المختصة وانتهت إجراءات الخصومة فيها
بحكم لم يفصل في موضوع النزاع أو في الحق الموضوعي المدعى به فيها - وهو قضاء لا
يحوز قوة الأمر المقضي بالنسبة لموضوع الدعوى - ، فلا يكون ثمة جدوى من اللجوء مرة
أخرى إلى تلك اللجنة عند معاودة ذوى الشأن رفع الدعوى أمام القضاء مجدداً بإجراءات
جديدة في القانون . لما كان ذلك ، وكان البين من الأوراق أن المطعون ضدهم سبق أن
تقدموا إلى لجنة التوفيق المختصة بالطلب رقم ... لسنة 2003 قبل إقامتهم للدعوى ...
لسنة 2004 مدنى جزئي قويسنا المرفوعة على الطاعـــــن بصفته - ووكيل وزارة
التربية والتعليم .... بصفته - بطلب الحكم بانتهاء عقد الإيجار المؤرخ 1/4/1997
لانقضاء مدتـــه وبإلزامهما بتسليم العين المؤجرة - المدرسة ..... بمدينة
قويسنا - تأسيساً على أنهما يشغلانها بدون سند من القانون ، إلاَّ أن المحكمة
انتهت إلى القضاء برفضها لعدم استباقها بالتنبيه عليهما بالإخلاء في الميعاد ،
فعاد المطعون ضدهم وأقاموا دعواهم الحالية على الطاعن بصفته وعلى كل من وكيل وزارة
التربية والتعليم .... بصفته ومدير إدارة قويسنا التعليمية بصفته - التابعين له -
وهي بحسب مرماها وطلبات المطعون ضدهم فيهـا تستهدف القضاء بانتهاء ذات عقد الإيجار
لذات السبب ، وتسليم ذات العين المؤجرة لشغلها دون سند . وبالتالي فإنها لا تعدو
أن تكون امتداداً لخصومة الدعوى السابقة التي تردد فيها النزاع بين الخصوم أنفسهم
وتعلق بذات المحل والسبب بإجراءات جديدة في القانون ومن ثم فلا وجه للتحدي بعدم
قبولها لعدم اللجوء إلى لجنة التوفيق - قبل رفعها - مرة أخرى وإذ التزم الحكم
الابتدائي المؤيد بالحكم المطعون فيه هذا النظر في نتيجته فإنه لا يكون قد خالف
القانون ويكون النعي عليه بهذا السبب على غير أساس .
وحيث إن حاصل
النعي بالسبب الأول على الحكم المطعون فيه القصور في التسبيب وفى بيان ذلك يقول
الطاعن بصفته أنه تمسك أمام محكمة الاستئناف ببطلان عقد الإيجار المؤرخ 1/4/1997
لانعدام صفة مدير إدارة قويسنا التعليمية في إبرامه ولوجود عقد سابق عليه مؤرخ
15/1/1960 ما زال سارياً ومعمولاً به وأن محكمة أول درجة أخطأت إذ قضت برفض هذا
الدفع وبصحة ذلك العقد استناداً لحجية الحكم الصادر في الدعوى رقم .... لسنة 2004
مدنى محكمة قويسنا الجزئية لأن مدير إدارة قويسنا التعليمية بصفته لم يكن ممثلاً
في تلك الدعوى ولا يحاج بالحكم الصادر فيها عليه فضلاً عن أنه ليس له صفة في التوقيع
على ذلك العقد لأنه غير مفوض بذلك من الطاعن وإذ التفت الحكم المطعون فيه عن هذا
الدفاع رغم جوهريته فإنه يكون معيباً بما يستوجب نقضه .
وحيث إن هذا
النعي مردود ذلك بأنه لما كان النص في المادة 101 من قانون الإثبات على أن "
الأحكام التي حازت قوة الأمر المقضي تكون حجة فيما فصلت فيه من الحقوق ولا يجوز
قبول دليل ينقض هذه الحجية ولكن لا تكون لتلك الأحكام هذه الحجية إلا في نزاع قام
بين الخصوم أنفسهم دون أن تتغير صفاتهم وتتعلق بذات الحق محلاً وسبباً وتقضى
المحكمة بهذه الحجية من تلقاء نفسها " يدل - وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة
- على أن المسألة الواحدة بعينها متى كانت أساسية وكان ثبوتها أو عدم ثبوتها هو
الذى يترتب عليه القضاء بثبوت الحق المطلوب في الدعوى أو انتفائه فإن هذا القضاء
يحوز قوة الشيء المحكوم به في تلك المسألة الأساسية بين الخصـوم أنفسهم ويمنعهم من
التنازع بطريق الدعوى أو الدفع في شأن أى حق آخر يتوقف ثبوته أو انتفاؤه على ثبوت
تلك المسألة السابق الفصل فيها بين هؤلاء الخصوم أنفسهم أو على انتفائها . لما كان
ذلك ، وكان البين من الحكم الصادر في الدعوى .... لسنة 2004 مدنى محكمة قويسنا
الجزئية أن المطعون ضدهم في الدعوى الماثلة كانوا قد أقاموا تلك الدعوى على
الطاعن بصفته - ووكيل وزارة التربية والتعليم بالمنوفية بصفته - بطلب الحكم
بانتهاء عقد الإيجار المؤرخ 1/4/1997 لانقضاء مدته مع إلزامهما بتسليم العين
المؤجرة تأسيساً على أن يدهما عليها أصبحت بدون سند فدفع الطاعن بصفته - والخصم
الآخر - ببطلان ذلك العقد لانعدام صفة من وقعه ولوجود عقد إيجار سابق عليه عن ذات
العين المؤجرة ، فرفضت المحكمة هذا الدفع وأقامت قضاءها على أن الثابت من عقد
الإيجار المؤرخ 1/4/1997 أنه أبرم بين المطعون ضدهم وإدارة قويسنا التعليمية كشخص
معنوي له الحق في مباشرة جميع التصرفات القانونية ومنها ذلك العقد والذى نفذ طوال
مدته والتزمت الإدارة بسداد الأجرة بموجبه للمطعون ضدهم دون اعتراض من الطاعن
بصفته وأن العقد السابق عليه قد أصبح بذلك مفسوخاً ولا يصح التمسك به ، ومن ثم فإن
هذا الحكم قد صار نهائياً بعدم استئنافه وحائزاً لقوة الأمر المقضي يكون قد فصل في
مسألة أساسية تردد فيها النزاع بين ذات الخصوم حول صحة عقد إيجار العين محل النزاع
الصادر من المطعون ضدهم إلى إدارة قويسنا التعليمية بتاريخ 1/4/1997 وصفة الأخيرة
في إبرام العقد كمستأجر ، وإذ التزم الحكم المطعون فيه حجية هذا الحكم السابق وقضى
بتأييد الحكم الابتدائي برفض الدفع ببطلان عقد الإيجار المؤرخ 1/4/1997 فإنه لا
يكون قد خالف القانون ويكون النعي عليه بهذا السبب على غير أساس .
ولما تقدم ، يتعين
رفض الطعن .
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق