جلسة 2 من أكتوبر سنة 1996
برئاسة السيد المستشار/ ناجي إسحق نقديموس نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين/ إبراهيم عبد المطلب وأحمد عبد الباري سليمان وحسين الجيزاوي وهاني خليل نواب رئيس المحكمة.
-----------------
(133)
الطعن رقم 44389 لسنة 59 القضائية
(1) شيك بدون رصيد. جريمة "أركانها". إثبات "بوجه عام". حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب". نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها".
كفاية أن يكون الشيك موقعاً من الساحب ولو لم يحرر بياناته.
توقيع الساحب الشيك على بياض. لا ينال من سلامته. ما دام استوفى بيان القيمة تاريخ التحرير قبل تقديمه للمسحوب عليه.
إعطاء الشيك بدون إثبات القيمة أو التاريخ. مفاده؟
المنازعة في سلامة ما استخلصته المحكمة على نحو سائغ من أوراق الدعوى أمام النقض. غير جائزة.
(2) شيك بدون رصيد. جريمة "أركانها". باعث. مسئولية جنائية.
جريمة إعطاء شيك بدون رصيد. تحققها بمجرد إعطاء الشيك إلى المستفيد مع علمه بأنه ليس له مقابل وفاء قابل للسحب. علة ذلك؟
الأسباب التي دعت لإصدار الشيك. ليست محل اعتبار. لأنها من قبيل البواعث التي لا تأثير لها في قيام المسئولية الجنائية. ما دام الشارع لم يستلزم نية خاصة في هذه الجريمة.
(3) أسباب الإباحة وموانع العقاب "موانع العقاب". مسئولية جنائية. شيك بدون رصيد. حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب".
حالة ضياع الشيك وما يدخل في حكمها أو الحصول عليه بطريق التهديد. تجيز للساحب أن يتخذ ما يصون به ماله بغير توقف على حكم القضاء. علة ذلك؟
الادعاء بخيانة أمانة التوقيع على الشيك وملء بياناته على خلاف الواقع لا ينفي المسئولية عن إصداره ولا يصلح مجرداً سبباً لإباحة هذا الفعل. علة ذلك؟
(4) جريمة "أركانها". قصد جنائي. مسئولية جنائية. دفاع "الإخلال بحق الدفاع. ما لا يوفره". حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب".
سوء النية في جريمة إعطاء شيك بدون رصيد. توافره: بمجرد علم مصدر الشيك بعدم وجود مقابل وفاء له قابل للسحب في تاريخ الاستحقاق.
دفاع الطاعن بأنه لم يكن مديناً بكل المبلغ المثبت بالشيك. لا أثر له على توافر القصد الجنائي والمسئولية الجنائية. إغفال الرد عليه. لا بطلان.
(5) إثبات "شهود". محكمة الموضوع "سلطتها في تقدير الدليل". حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب". نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها".
سكوت المحكمة عن الإشارة إلى أقوال شاهدي الطاعن أمامها وتأييدها للحكم المستأنف. مفاده؟
2 - من المقرر أن جريمة إعطاء شيك بدون رصيد تتحقق بمجرد إعطاء الشيك إلى المستفيد مع علمه بأنه ليس له مقابل وفاء قابل للسحب إذ يتم بذلك طرح الشيك في التداول فتنعطف عليه الحماية القانونية التي أسبغها الشارع بالعقاب على هذه الجريمة باعتباره أداة وفاء تجرى مجرى النقود في المعاملات ولا عبرة بعد ذلك بالأسباب التي دفعت لإعطائه للمستفيد لأنها من قبيل البواعث التي لا تأثير لها في قيام المسئولية الجنائية ما دام الشارع لم يستلزم نية خاصة لقيام هذه الجريمة.
3 - من المقرر أنه لا يجدي الطاعن ما يتذرع به لنفي مسئوليته الجنائية بقوله "إن المدعي بالحقوق المدنية قد خان أمانة التوقيع وملأ بيانات الشيك على خلاف الواقع"، ذلك أن هذه الحالة لا تدخل في حالات الاستثناء التي تندرج تحت مفهوم حالة ضياع الشيك وهي الحالات التي يتحصل فيها على الشيك عن طريق جرائم سلب المال والسرقة البسيطة والسرقة بظروف والنصب والتبديد وأيضاً الحصول عليه بطريق التهديد فحالة الضياع وما يدخل في حكمها هي التي أبيح فيها للساحب أن يتخذ من جانبه ما يصون به ماله بغير توقف على حكم القضاء وتقديراً من الشارع بعلو حق الساحب في تلك الحال على حق المستفيد استناداً إلى سبب من أسباب الإباحة وهو ما لا يصدق على الحقوق الأخرى التي لا بد منها لحمايتها من دعوى ولا تصلح مجردة سبباً للإباحة. لما كان ذلك، وكان الحكم المطعون فيه قد التزم هذا النظر فإنه يكون بريئاً من قالة الخطأ في تطبيق القانون.
4 - من المقرر أن سوء النية في جريمة إعطاء شيك بدون رصيد يتوافر بمجرد علم مصدر الشيك بعدم وجود مقابل وفاء له قابل للسحب في تاريخ الاستحقاق، فإن الأسباب التي ساقها الطاعن للتدليل على حسن نيته عند توقيعه على الشيك بقالة وجود معاملات بينه وبين المدعي المدني اقتضته إصداره ضماناً لوفائه بالتزاماته وأنه وقت إصداره لم يكن مديناً بكل المبلغ الذي أثبته المدعي فيه. لا تنفي عنه توافر القصد الجنائي لديه ولا تؤثر في مسئوليته الجنائية، ولا على المحكمة إن هي التفتت عن الرد على مناحي دفاعه في هذا الشأن لكونها ظاهرة البطلان.
5 - سكوت المحكمة الاستئنافية عن الإشارة إلى أقوال شاهدين أدلياً بشهادتهما أمامها بناء على طلب الطاعن وقضائها بتأييد الحكم المستأنف يفيد أنها لم تر في شهادتهما ما يغير من اقتناعها بما قضت به محكمة أول درجة، ومن ثم فإن النعي على الحكم في هذا الصدد لا يكون له محل.
الوقائع
أقام المدعي بالحقوق المدنية دعواه بطريق الادعاء المباشر أمام محكمة جنح....... ضد الطاعن بوصف أنه أعطاه بسوء نية شيكاً بدون رصيد قائم وقابل للسحب. وطلب عقابه بالمادتين 336، 337 من قانون العقوبات وإلزامه بأن يؤدي له مبلغ واحد وخمسين جنيهاً على سبيل التعويض المؤقت. ومحكمة جنح...... قضت حضورياً عملاً بمادتي الاتهام بحبس الطاعن سنة مع الشغل وكفالة ثلاثمائة جنيه لإيقاف التنفيذ وإلزامه بأن يؤدي للمدعي بالحقوق المدنية مبلغ واحد وخمسين جنيهاً على سبيل التعويض المؤقت. استأنف ومحكمة أسوان الابتدائية - بهيئة استئنافية - قضت حضورياً بقبول الاستئناف شكلاً وفي الموضوع برفضه وتأييد الحكم المستأنف ووقف تنفيذ عقوبة الحبس.
فطعن المحكوم عليه في هذا الحكم بطريق النقض.. إلخ.
المحكمة
من حيث إن الحكم المطعون فيه بين واقعة الدعوى بما تتوافر به كافة العناصر القانونية لجريمة إعطاء شيك بدون رصيد، وأقام عليها في حقه أدلة من شأنها أن تؤدي إلى ما رتبه عليها. لما كان ذلك، وكان لا يوجد في القانون ما يلزم أن تكون بيانات الشيك محررة بخط الساحب، وفقط يتعين أن يحمل توقيعه لأن خلوه من هذا التوقيع يجعله ورقة لا قيمة لها ولا يؤبه بها في التعامل، وكان توقيع الساحب على الشيك على بياض دون أن يدرج القيمة التي يحق للمستفيد تسلمها من المسحوب عليه أو دون إثبات تاريخ به لا يؤثر على صحة الشيك ما دام قد استوفى تلك البيانات قبل تقديمه للمسحوب عليه، إذ أن إعطاء الشيك للصادر لمصلحته بغير إثبات القيمة أو التاريخ يفيد أن مصدره قد فوض المستفيد في وضع هذين البيانين قبل تقديمه للمسحوب عليه، وينحسر عنه بالضرورة عبء إثبات وجود هذا التفويض وطبيعته ومداه وينقل هذا العبء إلى من يدعي خلاف هذا الظاهر، ولما كان الطاعن لا ينازع في صحة توقيعه على الشيك موضوع التداعي ولا يجادل في واقعة قيامه بتسليمه للمدعي تسليماً صحيحاً، فإن ما يثيره الطاعن في هذا الشأن لا يعدو أن يكون منازعة في سلامة ما استخلصته المحكمة من واقع أوراق الدعوى وهو ما لا يجوز إثارته أمام محكمة النقض، كما لا يجديه ما يثيره من جدل حول الأسباب والظروف التي أحاطت بإعطاء الشيك وقوله إنه ما سلمه إلى المدعي موقعاً عليه على بياض إلا ليكون تأميناً لحساب جار بينهما، ذلك أنه من المقرر أن جريمة إعطاء شيك بدون رصيد تتحقق بمجرد إعطاء الشيك إلى المستفيد مع علمه بأنه ليس له مقابل وفاء قابل للسحب إذ يتم بذلك طرح الشيك في التداول فتنعطف عليه الحماية القانونية التي أسبغها الشارع بالعقاب على هذه الجريمة باعتباره أداة وفاء تجرى مجرى النقود في المعاملات ولا عبرة بعد ذلك بالأسباب التي دفعت لإعطائه للمستفيد لأنها من قبيل البواعث التي لا تأثير لها في قيام المسئولية الجنائية ما دام الشارع لم يستلزم نية خاصة لقيام هذه الجريمة. كما لا يجدي الطاعن ما يتذرع به لنفي مسئوليته الجنائية بقوله "أن المدعي بالحقوق المدنية قد خان أمانة التوقيع وملأ بيانات الشيك على خلاف الواقع"، ذلك أن هذه الحالة لا تدخل في حالات الاستثناء التي تندرج تحت مفهوم حالة ضياع الشيك وهي الحالات التي يتحصل فيها على الشيك عن طريق جرائم سلب المال كالسرقة البسيطة والسرقة بظروف والنصب والتبديد وأيضاً الحصول عليه بطريق التهديد، فحالة الضياع وما يدخل في حكمها هي التي أبيح فيها للساحب أن يتخذ من جانبه ما يصون به ماله بغير توقف على حكم القضاء وتقديراً من الشارع بعلو حق الساحب في تلك الحال على حق المستفيد استناداً إلى سبب من أسباب الإباحة وهو ما لا يصدق على الحقوق الأخرى التي لا بد منها لحمايتها من دعوى ولا تصلح مجردة سبباً للإباحة. لما كان ذلك، وكان الحكم المطعون فيه قد التزم هذا النظر فإنه يكون بريئاً من قالة الخط في تطبيق القانون. لما كان ذلك، وكان سوء النية في جريمة إعطاء شيك بدون رصيد يتوافر بمجرد علم مصدر الشيك بعدم وجود مقابل وفاء له قابل للسحب في تاريخ الاستحقاق، فإن الأسباب التي ساقها الطاعن للتدليل على حسن نيته عند توقيعه على الشيك بقالة وجود معاملات وبينه وبين المدعي المدني اقتضته إصداره ضماناً لوفائه بالتزاماته وأنه وقت إصداره لم يكن مديناً بكل المبلغ الذي أثبته المدعي فيه، لا تنفي عنه توافر القصد الجنائي لديه ولا تؤثر في مسئوليته الجنائية، ولا على المحكمة إن هي التفتت عن الرد على مناحي دفاعه في هذا الشأن لكونها ظاهرة البطلان. لما كان ذلك، وكان في سكوت المحكمة الاستئنافية عن الإشارة إلى أقوال شاهدين أدلياً بشهادتيهما أمامها بناء على طلب الطاعن وقضائها بتأييد الحكم المستأنف ما يفيد أنها لم تر في شهادتهما ما يغير من اقتناعها بما قضت به محكمة أول درجة، فإن النعي على الحكم في هذا الصدد لا يكون له محل. لما كان ما تقدم، فإن الطعن برمته يكون على غير أساس متعيناً التقرير بعدم قبوله وإلزام الطاعن المصاريف المدنية.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق