القضية رقم 70 لسنة 35 قضائية "دستورية " جلسة 25 /
7 / 2015
باسم الشعب
المحكمة الدستورية
العليا
بالجلسة
العلنية المنعقدة يوم السبت الخامس والعشرين من يوليو سنة 2015م، الموافق التاسع
من شوال سنة 1436 هـ .
برئاسة
السيد المستشار / عدلي محمود منصور
رئيس المحكمة
وعضوية
السادة المستشارين : أنور رشاد العاصي والدكتور حنفي على جبالي ومحمد خيرى طه
والدكتور عادل عمر شريف ورجب عبد الحكيم سليم وبولس فهمى
إسكندر
نواب رئيس المحكمة
وحضور
السيد المستشار / محمود محمد
غنيم رئيس هيئة المفوضين
وحضور
السيد / محمد ناجى عبد
السميع أمين السر
أصدرت الحكم الآتي
فى
القضية المقيدة بجدول المحكمة الدستورية العليا برقم 70 لسنة 35 قضائية
"دستورية " ، بعد أن أحالت المحكمة الإدارية بالإسكندرية الدعوى رقم
2812 لسنة 59 قضائية .
المقامة
من
السيد
/ خالد شحاتة محمود جبريل
ضد
1
- السيد رئيس مجلس إدارة الهيئة القومية لسكك حديد مصر
2
- السيد مدير منطقة غرب الدلتا بالإسكندرية
الإجراءات
بتاريخ
30 إبريل سنة 2013، ورد إلى قلم كتاب المحكمة ملف الدعوى رقم 2812 لسنة 59 قضائية
، بعد أن قضت الدائرة الأولى بالمحكمة الإدارية بالإسكندرية بجلسة 20/1/2013 بوقف
الدعوى وإحالتها إلى المحكمة الدستورية العليا للفصل في دستورية نص المادة (123)
من قانون الضريبة على الدخل الصادر بالقانون رقم 91 لسنة 2005 .
وقدمت
هيئة قضايا الدولة مذكرة ، طلبت فيها الحكم برفض الدعوى .
وبعد
تحضير الدعوى ، أودعت هيئة المفوضين تقريرًا برأيها.
ونُظرت
الدعوى على النحو المبين بمحضر الجلسة ، وقررت المحكمة إصدار الحكم فيها بجلسة
اليوم .
المحكمة
بعد
الاطلاع على الأوراق، والمداولة .
حيث
إن الوقائع – على ما يتبين من حكم الإحالة وسائر الأوراق – تتحصل في أن السيد /
خالد شحاتة محمود جبريل كان قد أقام بتاريخ 18/3/2012 الدعوى رقم 2812 لسنة 59
قضائية ، أمام الدائرة الأولى بالمحكمة الإدارية بالإسكندرية ضد السيد رئيس مجلس
إدارة الهيئة القومية لسكك حديد مصر ومدير منطقة غرب الدلتا بالإسكندرية ، بطلب
الحكم بعدم أحقية الهيئة في احتساب ضريبة كسب العمل ( وحقيقتها – كما عرفها حكم
الإحالة – ضريبة الدخل المقررة بقانون الضريبة على الدخل الصادر بالقانون رقم 91
لسنة 2005) على ما يقابل العلاوات الخاصة المضمومة للمرتب الأساسي المقررة
بالقانون رقم 29 لسنة 1992 بتقرير علاوة خاصة للعاملين بالدولة وضم العلاوات
الإضافية إلى الأجور الأساسية ، وما تلاه من قوانين بنسبة 20% من الأجر الأساسي ،
وكذا الأجور المتغيرة والحوافز والمكافآت، من يوم خضوعها لهذه الضريبة ، وإلزامها
برد ما تم خصمه وما يترتب على ذلك من آثار، تأسيسًا على عدم خضوع المبالغ المشار
إليها لأية ضريبة أو رسوم بصريح نص المادة الرابعة من القانون رقم 29 لسنة 1992
المشار إليه، وبجلسة 20/1/2013 قضت المحكمة بوقف الدعوى وإحالتها إلى المحكمة
الدستورية العليا للفصل في دستورية نص المادة (123) من قانون الضريبة على الدخل
الصادر بالقانون رقم 91 لسنة 2005، وذلك لما ارتأته من أن النص المطعون فيه وقد
منح الاختصاص بالفصل في المنازعات التي تثور بين مصلحة الضرائب العامة والممولين
للمحكمة الابتدائية ، والتي يطعن على أحكامها الصادرة في هذا الشأن بطريق
الاستئناف، بالرغم من طبيعتها الإدارية البحتة ، فإنه يقع بالمخالفة لنصوص المواد
(74، 75، 168، 174) من الدستور الصادر فى 25/12/2012، الذى منح مجلس الدولة دون
غيره الاختصاص بالفصل فى كافة المنازعات الإدارية ، والتي يندرج فيها منازعات
الضرائب .
وحيث إن
المادة (122) من قانون الضريبة على الدخل الصادر بالقانون رقم 91 لسنة 2005 تنص
على أن : " تكون جلسات لجان الطعن سرية وتصدر قراراتها مسببة بأغلبية أصوات
الحاضرين وفى حالة تساوى الأصوات يرجح الجانب الذى منه الرئيس ويوقع القرارات كل
من الرئيس وأمين السر خلال خمسة عشر يومًا على الأكثر من تاريخ صدورها .
وتلتزم
اللجنة بمراعاة الأصول والمبادئ العامة لإجراءات التقاضي ويعلن كل من الممول
والمصلحة بالقرار الذى تصدره اللجنة بكتاب موصى عليه مصحوب بعلم الوصول وتكون
الضريبة واجبة الأداء من واقع الربط على أساس قرار لجنة الطعن، ولا يمنع الطعن في
قرار اللجنة أمام المحكمة الابتدائية من تحصيل الضريبة " .
وتنص
المادة (123) من هذا القانون على أن : " لكل من المصلحة والممول الطعن فى
قرار اللجنة أمام المحكمة الابتدائية من عقدة بهيئة تجارية خلال ثلاثين يومًا من
تاريخ الإعلان بالقرار .
وتُرفع
الدعوى للمحكمة التي يقع في دائرة اختصاصها المركز الرئيسي للممول أو محل إقامته
المعتاد أو مقر المنشأة وذلك طبقًا لأحكام قانون المرافعات المدنية والتجارية .
ويكون
الطعن فى الحكم الصادر من هذه المحكمة بطريق الاستئناف أيًّا كانت قيمة النزاع
" .
وحيث
إن المصلحة – وهى شرط لقبول الدعوى الدستورية – مناطها أن يكون الفصل في المسألة
الدستورية لازمًا للفصل في مسألة كلية أو فرعية تدور حولها الخصومة بأكملها أو شق
منها فى الدعوى الموضوعية . وكان نص المادة (123) من قانون الضريبة على الدخل
المطعون فيه قد عقد الاختصاص للمحكمة الابتدائية منعقدة بهيئة تجارية بالفصل فى
الطعون التي تقام من مصلحة الضرائب العامة والممولين طعنًا على قرارات لجان الطعن
الضريبي ، وأجازت الفقرة الأخيرة منها الطعن في الحكم الصادر من هذه المحكمة أمام
محكمة الاستئناف أيًّا كانت قيمة النزاع، وحدد هذا النص القواعد والإجراءات الواجب
اتباعها فى هذا الشأن، متى كان ذلك، وكان الفصل في اختصاص محكمة الموضوع بنظر
النزاع المعروض عليها هو من الأمور المتعلقة بالنظام العام، بحكم اتصاله بولاية
هذه المحكمة فى نظرها والفصل فيها، ومن أجل ذلك كان التصدي له سابقًا بالضرورة على
البحث فى موضوعها، وكانت المسألة المثارة أمام محكمة الموضوع تتصل بتحديد المحكمة
المختصة بالفصل فى النزاع الموضوعي الذى يدور حول مدى خضوع العلاوات الخاصة
والأجور المتغيرة والحوافز والمكافآت لضريبة الدخل المقررة بقانون الضريبة على
الدخل الصادر بالقانون رقم 91 لسنة 2005، وإلزام الهيئة القومية لسكك حديد مصر برد
ما تم خصمه، وإذ كان النص المطعون فيه يتضمن التنظيم القانوني الحاكم لتلك المسألة
، ومن ثم فإن المصلحة فى الطعن على هذا النص تكون متحققة ، بحسبان أن القضاء فى
دستوريته سيكون له أثره وانعكاسه على الدعوى الموضوعية والطلبات المطروحة بها، وولاية
محكمة الموضوع بالفصل فيها .
وحيث
إن حكم الإحالة ينعى على النص المطعون فيه مخالفته لنصوص المواد (74، 75، 168،
174) من الدستور الصادر في 25/12/2012، على سند من أن هذا النص وقد منح المحكمة
الابتدائية الاختصاص بالفصل في المنازعات التي تثور بين الممولين ومصلحة الضرائب
العامة ، وأجاز الطعن فى أحكامها الصادرة فى هذا الخصوص بطريق الاستئناف، فإنه
يكون قد وقع بالمخالفة لأحكام الدستور المشار إليها، والتي عهدت إلى مجلس الدولة
دون غيره الاختصاص بالفصل في كافة المنازعات الإدارية ، والتي تدخل ضمنها منازعات
الضرائب .
وحيث
إنه من المقرر أن الرقابة على دستورية القوانين واللوائح من حيث مطابقتها للقواعد
الموضوعية التى تضمنها الدستور، إنما تخضع لأحكام الدستور القائم دون غيره، إذ إن
هذه الرقابة إنما تستهدف أصلاً صون الدستور المعمول به وحمايته من الخروج على
أحكامه، وأن نصوص هذا الدستور تمثل دائمًا القواعد والأصول التى يقوم عليها نظام
الحكم، ولها مقام الصدارة بين قواعد النظام العام، التى يتعين التزامها ومراعاتها
وإهدار ما يخالفها من التشريعات، باعتبارها أسمى القواعد الآمرة ، وعلى ذلك فإن
هذه المحكمة تباشر رقابتها على النص المطعون فيه، وذلك من خلال أحكام الدستور
الصادر بتاريخ 18/1/2014، باعتباره الوثيقة الدستورية الحاكمة للنزاع الراهن .
وحيث
إن قضاء هذه المحكمة قد جرى على أن المشرع الدستوري ، بدءًا من دستور سنة 1971 قد
حرص على دعم مجلس الدولة ، الذى أصبح منذ استحداثه نص المادة (172) منه جهة قضاء
قائمة بذاتها، محصنة ضد أي عدوان عليها أو على اختصاصها المقرر دستوريًّا عن طريق
المشرع العادي ، وهو ما أكده الإعلان الدستوري الصادر بتاريخ 30/3/2011 الذى أورد
الحكم ذاته فى المادة (48) منه، والمادة (174) من الدستور الصادر بتاريخ 25/12/2012،
والمادة (190) من الدستور الحالي التي تنص على أن " مجلس الدولة جهة قضائية
مستقلة ، يختص دون غيره بالفصل في المنازعات الإدارية ..... "، ولم يقف دعم
المشرع الدستوري لمجلس الدولة عند هذا الحد، بل جاوزه إلى إلغاء القيود التي كانت
تقف حائلاً بينه وبين ممارسته لاختصاصاته، فاستحدث بالمادة (68) من دستور سنة 1971
نصًّا يقضى بأن التقاضي حق مكفول للناس كافة ، وأن لكل مواطن حق الالتجاء إلى
قاضيه الطبيعي ، وتكفل الدولة تقريب جهات القضاء من المتقاضين وسرعة الفصل في
القضايا، ويحظر النص على تحصين أي عمل أو قرار إداري من رقابة القضاء، وهو ما
انتهجه نص المادة (21) من الإعلان الدستوري الصادر فى 30/3/2011، ونص المادة (75)
من الدستور الصادر فى 25/12/2012، وقد سار الدستور الحالي على النهج ذاته في
المادة (97) منه، وبذلك سقطت جميع النصوص القانونية التي كانت تحظر الطعن في القرارات
الإدارية ، وأزيلت جميع العوائق التى كانت تحول بين المواطنين والالتجاء إلى مجلس
الدولة بوصفه القاضي الطبيعي للمنازعات الإدارية . وإذ كان المشرع الدستوري بنصه في
عجز المادة (97) من الدستور الحالي على أن " ولا يحاكم شخص إلا أمام قاضيه الطبيعي
"، فقد دل على أن هذا الحق في أصل شرعته هو حق للناس كافة تتكافأ فيه مراكزهم
القانونية في سعيهم لرد العدوان على حقوقهم والدفاع عن مصالحهم الذاتية ، وأن
الناس جميعًا لا يتمايزون فيما بينهم فى مجال حقهم فى النفاذ إلى قاضيهم الطبيعي ،
ولا في نطاق القواعد الإجرائية أو الموضوعية التى تحكم الخصومة القضائية ، ولا في
مجال التداعي بشأن الحقوق المدعى بها وفق مقاييس موحدة عند توافر شروطها، إذ ينبغي
دائمًا أن يكون للخصومة الواحدة قواعد موحدة سواء فى مجال اقتضائها أو الدفاع عنها
أو الطعن في الأحكام التي تصدر فيها، وكان مجلس الدولة قد غدا فى ضوء الأحكام
المتقدمة قاضى القانون العام، وصاحب الولاية العامة دون غيره من جهات القضاء فى
الفصل فى كافة المنازعات الإدارية ، عدا ما استثناه الدستور ذاته بنصوص صريحة
ضمنها وثيقته .
وحيث إنه
من المقرر فى قضاء هذه المحكمة أن الأصل في الضريبة أنها فريضة مالية تقتضيها
الدولة جبرًا بما لها من ولاية على إقليمها لتنمية مواردها، باعتبار أن حصيلتها
تعد إيرادًا عامًّا يؤول إلى الخزانة العامة ليندمج مع غيره من الموارد التى يتم
تدبيرها لتشكل جميعها نهرًا واحدًا لإيراداتها الكلية ، وأن نص القانون هو الذى
ينظم رابطتها محيطًا بها، مبينًا حدود العلاقة بين الملتزم بها من ناحية وبين
الدولة التي تفرضها من ناحية أخرى ، سواء في مجال تحديد الأشخاص الخاضعين لها، أو
الأموال التي تسرى عليها، وشروط سريانها وسعر الضريبة ، وكيفية تحديد وعائها
وقواعد تحصيلها، وأحوال الإعفاء منها، والجزاء على مخالفة أحكامها، وكان قانون
الضريبة إذ يصدر على هذا النحو فإنه ينظم رابطتها تنظيمًا شاملاً يدخل فى مجال
القانون العام، ويبرز ما للخزانة العامة من حقوق قِبل الممول وامتيازاتها عند
مباشرتها، وبوجه خاص في مجال توكيده حق الإدارة المالية فى المبادأة بتنفيذ دين
الضريبة على الممول، وتأثيم محاولة التخلص منه . وإذ كان حق الخزانة العامة فى
جباية الضريبة يقابله حق الممول في فرضها وتحصيلها على أسس عادلة ، إلا أن المحقَق
أن الالتزام بالضريبة ليس التزامًا تعاقديًّا ناشئًا عن التعبير المتبادل عن
إرادتين متطابقتين، بل مرد هذا الالتزام إلى نص القانون وحده فهو مصدره المباشر،
وإذ تتدخل الدولة لتقرير الضريبة وتحصيلها، فليس باعتبارها طرفًا فى رابطة تعاقدية
أيًّا كان مضمونها، ولكنها تفرض – فى إطار من قواعد القانون العام – الأسس الكاملة
لعلاقة قانونية ضريبية لا يجوز التبديل أو التعديل فيها أو الاتفاق على خلافها .
وحيث
إن المشرع قد أقر بالطبيعة الإدارية للطعون في القرارات النهائية الصادرة من
الجهات الإدارية في منازعات الضرائب والرسوم، بدءًا من القانون رقم 165 لسنة 1955
فى شأن تنظيم مجلس الدولة ، الذى أسند بنص البند سابعًا من المادة (8) منه لمجلس
الدولة بهيئة قضاء إداري الاختصاص بالفصل فى تلك المنازعات، وأوضحت المذكرة
الإيضاحية لهذا القانون أن الاختصاص بنظر هذه الطعون تقرر لمجلس الدولة باعتبار
أنها ذات طبيعة إدارية بحتة ، وقد جرى قرار رئيس الجمهورية بالقانون رقم 55 لسنة
1959 فى شأن تنظيم مجلس الدولة على النهج ذاته فنص في البند سابعًا من المادة رقم
(8) منه على الحكم ذاته، وأكدت هذا الاختصاص المادة (10) من قرار رئيس الجمهورية
بالقانون رقم 47 لسنة 1972 بشأن مجلس الدولة ، التي عقدت فى البند السادس منها
الاختصاص لمحاكم مجلس الدولة دون غيرها بالفصل في الطعون فى القرارات النهائية
الصادرة من الجهات الإدارية فى منازعات الضرائب والرسوم، وفقًا للقانون الذى ينظم
كيفية نظر هذه المنازعات أمام تلك المحاكم .
وحيث
إنه متى كان ذلك، وكان المرجع في تحديد بنيان الضريبة وعناصرها ومقوماتها وأوضاعها
وأحكامها المختلفة ، بما في ذلك وعاؤها، والمكلفون بها والملتزمون بعبئها وقيمة
الضريبة المستحقة ومدى الخضوع لها والإعفاء منها إلى قانون هذه الضريبة ، وإلى
القرار الصادر من الجهة الإدارية المختصة تنفيذًا لأحكامه، وكان قانون الضريبة على
الدخل المشار إليه قد تضمن التنظيم القانوني للضريبة على المرتبات والأجور، وأجازت
المادة (118) منه للممول الخاضع لتلك الضريبة الاعتراض على ما تم خصمه من ضرائب
بطلب يقدم إلى الجهة التي قامت بالخصم، وأوجبت على تلك الجهة إحالة طلبه مشفوعًا
بردها إلى مأمورية الضرائب المختصة ، وتتولى المأمورية فحص الطلب، وفى حالة عدم
اقتناعها بصحته، فيتعين عليها إحالته إلى لجنة الطعن التي تتولى الفصل في أوجه
الخلاف بين مصلحة الضرائب العامة والممولين ، وقد حددت المادة (120) من هذا
القانون تشكيل لجان الطعن فنصت على أن " تشكل لجان الطعن بقرار من الوزير من
رئيس من غير العاملين بالمصلحة وعضوية اثنين من موظفي المصلحة يختارهما الوزير،
واثنين من ذوى الخبرة يختارهما الاتحاد العام للغرف التجارية بالاشتراك مع اتحاد
الصناعات المصرية من بين المحاسبين المقيدين فى جدول المحاسبين والمراجعين لشركات
الأموال بالسجل العام لمزاولي المهنة الحرة للمحاسبة والمراجعة . .....، وتكون هذه
اللجان دائمة وتابعة مباشرة للوزير، ويصدر قرار منه بتحديدها وبيان مقارها
واختصاصها المكاني ومكافآت أعضائها"، وقد عين نص المادتين (121، 122) من ذلك
القانون قواعد وإجراءات مباشرة تلك اللجان لمهامها، على نحو يبين منه أن هذه
اللجان – على ما جرى به قضاء هذه المحكمة – لا تعدو أن تكون هيئات إدارية خولها
القانون مهمة الفصل في المنازعات التي تتردد بين مصلحة الضرائب العامة والممولين،
باعتبار أن اللجوء إليها يمثل مرحلة أولية ، قبل أن يتجه الطرفان صوب القضاء، ودون
أن تضفى النصوص المتقدمة على تلك اللجان الصبغة القضائية ، بل تظل مجرد هيئات
إدارية تنأى عن مظلة السلطة القضائية ، ليظل ما يصدر عنها قرارًا إداريًّا متعلقًا
بهذه الضريبة وأوجه الخلاف حولها بين الممول ومصلحة الضرائب، والتي تعد منازعة
إدارية بحسب طبيعتها، تندرج ضمنا لاختصاص المحدد لمحاكم مجلس الدولة طبقًا لنص
المادة (190) من الدستور الحالي . وإذ أسند النص المطعون فيه الاختصاص بالفصل في
تلك المنازعات - طبقًا للقواعد والإجراءات التى حددها - إلى المحكمة الابتدائية
التابعة لجهة القضاء العادي ، وأجاز الطعن في أحكامها بطريق الاستئناف، أمام محاكم
الاستئناف التابعة لتلك الجهة ، فإن مسلك المشرع على هذا النحو يكون مصادمًا
لأحكام الدستور الذى أضحى بمقتضاه مجلس الدولة ، دون غيره هو صاحب الولاية العامة في
الفصل في المنازعات الإدارية وقاضيها الطبيعي ، والتي تدخل ضمنها الطعون في
القرارات النهائية الصادرة من الجهات الإدارية في منازعات الضرائب . ولا وجه
للاحتجاج في هذا الشأن بأن البند السادس من المادة (10) من القانون الحالي لمجلس
الدولة رقم 47 لسنة 1972، جعل مباشرة المجلس لهذا الاختصاص رهنًا بصدور القانون
المنظم لكيفية نظر منازعات الضرائب أمام محاكمه، إذ جرى قضاء هذه المحكمة على أن
المشرع الدستوري لم يخص – سواء في ظل دستور سنة 1971 أو الدساتير اللاحقة عليه
وانتهاءً بالدستور القائم – نظر تلك المنازعات والفصل فيها بقواعد إجرائية استلزم
صدور قانون بها، استثناءً من القواعد التي تخضع لها سائر المنازعات الإدارية
الأخرى ، التي عهد لمجلس الدولة بالفصل فيها، كما أن التراخي في سن القانون المنظم
لكيفية نظر هذه المنازعات أمامه إعمالاً للنص المذكور – والذى طال إهماله من تاريخ
العمل بالقرار بقانون رقم 47 لسنة 1972 المشار إليه في 5/10/1972 – أو في تضمين
قانون الضريبة تلك القواعد، لا يعد مبررًا أو مسوغًا لإهدار الاختصاص الذى احتفظ
به الدستور لمجلس الدولة ، بل يناقضه ما انتهجه المشرع ذاته في بعض القوانين
المنظمة لبعض أنواع الضرائب، كما يتصادم مع الالتزام الدستوري الذى يفرضه نص
المادة (97) من الدستور الحالي بكفالة الحق لكل شخص في الالتجاء إلى قاضيه الطبيعي
، والذى يقتضى أن يوفر لكل فرد نفاذًا ميسرًا إليه، وإزالة العوائق خاصة الإجرائية
منها، التي تحول دون حصوله على الترضية القضائية التي يطلبها لمواجهة الإخلال
بالحقوق التي يدعيها، والقول بغير ذلك مؤداه ولازمه استتار المشرع وراء سلطته في
هذا الشأن ليصرفها في غير وجهها، فلا يكون عملها إلا انحرافًا عنها .
وحيث إنه
لما كان ذلك، وكان النص المطعون فيه يمثل إخلالاً باستقلال السلطة القضائية ،
وينتقص من اختصاص مجلس الدولة ، باعتباره صاحب الولاية العامة دون غيره بالفصل في
كافة المنازعات الإدارية وقاضيها الطبيعي ، بالمخالفة لنصوص المواد ( 94، 97، 184،
190 ) من الدستور الحالي ، مما يتعين معه القضاء بعدم دستوريته برمته، وبسقوط
عبارة " أمام المحكمة الابتدائية " الواردة بعجز الفقرة الثانية من
المادة (122) من قانون الضريبة على الدخل المشار إليه الذى ينص على أن : " ......
ولا يمنع الطعن فى قرار اللجنة أمام المحكمة الابتدائية من تحصيل الضريبة "،
لارتباطها بالنص المطعون فيه ارتباطًا لا يقبل الفصل أو التجزئة .
فلهذه الأسباب
حكمت
المحكمة :
أولاً
: بعدم دستورية نص المادة (123) من قانون الضريبة على الدخل الصادر بالقانون رقم
91 لسنة 2005 .
ثانيًا
: سقوط عبارة " أمام المحكمة الابتدائية " الواردة بعجز الفقرة الثانية
من المادة (122) من القانون ذاته .
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق