وزارة الصحة والسكان
الوزير
بسم الله الرحمن الرحيم
مشروع قانون الصحة النفسية
المذكرة الإيضاحية
في عام ١٩٤٤ صدر القانون رقم 141 لسنة
1944 بشأن حجز المصابين بأمراض عقلية، وفي ذلك الوقت لم تكن سبل العلاج الناجحة قد
اكتشفت بعد والتي أصبحت متاحة خلال العقود الأربعة الأخيرة ومن ثم كان في حسبان المشرع
أن يمضي هؤلاء المرضى في المستشفيات النفسية مُددا طويلة وغير مُحددة .
- وقد تصدى القانون المذكور في معظم مواده
لحالات المرضى الذين تم احتجازهم رغم إرادتهم داخل المستشفيات المرخص لها بذلك
واقتصر نطاق تطبيق هذا القانون على المستشفيات التي تسمح لهذا النوع من الاحتجاز الإلزامي
تاركاً الأغلبية الأعم من المستشفيات النفسية دون إخضاع لأحكامه . وبذلك لم يتصدى
القانون بصورة مرضية لحالات الدخول الإرادي والتي تشكل معظم حالات الدخول في
المستشفيات النفسية مما ترتب عليه عدم إخضاع المرضى لأحكام الحجز الإجباري التي نص
عليها هذا القانون وذلك تفادياً للأعباء والالتزامات المقررة في تلك الحالة مما أعطى
الفرصة لإجبار المرضى أو ذويهم على
التوقيع على طلب الدخول الطوعي للعلاج بالمستشفى دون ما تحرير النماذج اللازمة لإدخاله
لا إراديا .
- وقد مال المشرع إلى تغليب مصلحة
المجتمع على مصلحة المريض المحجوز إذ لم يحدد مددا ومواقيت محددة لحجز هؤلاء
المرضى ولم يضع آليات لمراجعة قرارات الحجز في مواقيت منتظمة . كما أعطى هذا
القانون لولي الأمر من الأهل سلطة مبالغ فيها لاتخاذ القرارات نيابة عن المريض بما
فيها إدخاله إلى المستشفى وإخراجه منها ، الأمر الذي أدى إلى نشوء أوضاع يتم فيها
استغلال المرضى من قبل ذويهم .
- ويلاحظ أن القانون المذكور قد انشأ
مجلساً مركزيا وحيداً لمراقبة حجز المرضى المصابين بأمراض عقلية في كل أنحاء القطر
المصري الأمر الذي القى أعباء جسيمة على هذا المجلس خصوصاً مع التزايد المضطرد في أعداد
المرضى بالمستشفيات النفسية .
- وقد ترتب على ما سبق أن
عانى المرضى النفسيون من طول فترة احتجازهم بالمستشفيات بسبب تردد ذويهم في قبولهم
بالمجتمع مرة أخرى كما استعمل هذا القانون مصطلحات تجاوزها الزمن في التعامل مع
المرضى النفسيين مثل ( القبض – الإفراج ) كما لم ينظم هذا القانون أحكاما تكفل
حماية حقوق المرضى ، ولم يتصدى لمواجهة حالة المتهمين المصابين بأمراض نفسية
بالنسبة لتحديد مسئوليتهم الجنائية عن التهم المنسوبة اليهم تاركاً الأمر للقوانين
الجنائية التي لم تتطرق للجوانب الفنية لمثل هذه الحالات .
- وغني عن الذكر أن العقود الأخيرة قد
شهدت تطوراً كبيراً في مفهوم حقوق الإنسان بوجه عام وحقوق المرضى النفسيين بوجه
خاص الأمر الذي دعا الجمعية العمومية للأمم المتحدة أن تصدر القرار رقم 46 / 119
بتاريخ 17 / 12 / 1991 مؤكداً على رعاية حقوق المريض النفسي وواضعاً الأسس والمفاهيم
التي ترسخ مثل هذه الحقوق وقد صدر هذا القرار بإجماع الدول الأعضاء بما فيها
جمهورية مصر العربية .
- كما شهد الطب النفسي تطوراً كبيراً إذ
توافرت وسائل علاجية متعددة تسمح بعلاج هؤلاء المرضى وشفائهم في مدد قصيرة، كما تفير
مفهوم العلاج النفسي ليصبح هدفه الأساسي علاج المريض وإعادته إلى المجتمع ليعيش حياة
منتجة، وليس إقصائه وعزله عن المجتمع وإيداعه بالمستشفيات لمدد طويلة كما هو الشأن
في ظل القانون رقم ١٤١ لسنه ١٩٤٤ المشار إليه وبذلك نشأت الحاجة لتعديل القانون المذكور
ليواكب روح العصر والتطور العلمي وأهمية مفهوم حقوق الإنسان.
- ويهدف هذا القانون إلى تعزيز
وحماية كافة الحقوق والحريات الإنسانية للأفراد المصابين باضطراب نفسي والتي
كفلتها المواثيق والمعايير الدولية والى مكافحة التمييز ضدهم ، كما يهدف إلى كفالة
حق الأفراد في الرعاية الصحية والنفسية وذلك عن طريق توفير افضل ما تتيحه الموارد
من خدمات الرعاية الصحية النفسية والمعالجة والتأهيل وجعلها متاحة للجميع بشكل
عادل ، على ان يتم تقديم خدمات الصحة النفسية باقل قدر ممكن من القيود من اجل ضمان
إعادة دمج الأفراد في المجتمع ، والسعي إلى تقليص حالات الإدخال القسري والمعالجة الإجبارية
ولاسيما الاحتجاز لفترات طويلة في
المؤسسات النفسية .
وقد راعى مشروع القانون المعروض أن
يكون شاملا للصحة النفسية بصورة عامة وليس حجز المصابين بآفة عقلية فحسب ، كما
تضمن مشروع القانون مد نطاق تطبيقه إلى جميع المستشفيات النفسية وشمل جميع المرضى
الذين يتلقون العلاج بهذه المستشفيات سواء كان دخولهم إليها إراديا أو لا إرادياً
.
ومما تجدر الإشارة إليه أن مشروع
القانون استحدث إنشاء مجلس قومي للصحة النفسية يتبعه مجالس إقليمية في المحافظات
التي يوجد بها مستشفيات للصحة النفسية وذلك ضماناً لحقوق المرضى النفسيين ، كما شدد مشروع القانون
في شأن وضع إجراءات دقيقة لإدخال المرضى وعلاجهم على غير إرادتهم واستحدث مشروع
القانون نظم التقييم النفسي المستقل في جميع حالات الإدخال الإلزامي ضمانا لحقوق
المرضى كما حدد مشروع القانون مددا معينة لبقاء هؤلاء المرضى تحت تلك الإجراءات المقيدة
للحرية واشترط إعادة تلك الإجراءات بصفة دورية في حالة انتهاء المدد المنصوص عليها
في مشروع القانون ، كما ميز هذا القانون بين الإدخال الإلزامي والعلاج الإلزامي وجعل
لكل منهما إجراءاته الخاصة به .
كذلك استحدث مشروع القانون نظاما جديدا
يسمى الأوامر العلاجية والتي تعني فرض العلاج على المرضى الذين سبق إخضاعهم لإجراءات
الإدخال والعلاج الإلزامي بهدف علاج المرضى بالمجتمع وسط عائلاتهم وفي ظروف تسهم
في سرعة شفائهم واندماجهم في المجتمع ، مما يخفف من العبء الملقى على عانق المستشفيات
النفسية المزدحمة بالمرضى الذين مر على وجودهم ما يربو على عقدين أو ثلاثة .
أيضا استحدث مشروع القانون النص على إنشاء
صندوق للصحة النفسية للمساهمة في تطوير ودعم علاج المرضى النفسيين ولتوفير
الاستقلال المالي لمجالس الصحة النفسية الموكل إليها رعاية حقوق المرضى النفسيين
ويتم تمويل هذا الصندوق من مصادر متعددة على النجو المبين بمشروع القانون .
كما استحدث مشروع القانون تنظيماً
خاصاً لحقوق المرضى النفسيين بما يتفق مع قرارات الأمم المتحدة التي وقعتها مصر
ووضع عقوبات جنائية لانتهاك هذه الحقوق وقد تصدى مشروع القانون بصفة خاصة لحق
المريض في المشاركة في علاجه وإعطائه حق الاختيار بين الوسائل المتعددة لعلاجه .
طالما سمحت حالته المرضية بذلك كما أعطى مشروع القانون أهمية خاصة لحق المريض في
سرية ملفه الطبي وكفل بعض الضمانات فيما يخص أنواع معينة من العلاجات مثل العلاج
الكهربي ووضع ضوابط محددة يلتزم بها الفريق العلاجي في حالة لجوئه لتقييد المرضى بدنياً
أو عزلهم في غرف خاصة بما يتمشى مع المعايير العلمية المعترف بها .
ويضم هذا القانون سبعة أبواب :
الباب الأول : ويتعلق بنطاق تطبيق أحكام هذا القانون الذي يتسع ليشمل
جميع المستشفيات النفسية كما يضم هذا الباب مجموعة من التعريفات التي يتكرر
استعمالها بمواد ونصوص مشروع القانون بهدف الإيضاح والتيسير .
الباب الثاني : ويتكون من فصلين : الفصل الأول : وهو خاص بإنشاء المجلس
القومي للصحة النفسية وتحديد اختصاصاته ونطاق صلاحياته والفصل الثاني : ويتعلق بإنشاء
المجالس الإقليمية للصحة النفسية واختصاصاتها ونطاق صلاحياتها .
الباب الثالث : وينقسم إلى ثلاثة فصول : الفصل الأول : ويتناول حالات
الدخول الإرادي ، الفصل الثاني : ويتناول حالات الدخول الإلزامي ، الفصل الثالث :
ويتناول حالات الإيداع بقرارات أو أحكام قضائية .
الباب الرابع : ويتعلق بعلاج المرضى سواء كان إرادياً أو الزاميا كما
يتضمن المعايير والاشتراطات الخاصة بتطبيق الخطط والأوامر العلاجية .
الباب الخامس : ويشمل حقوق المرضى النفسيين بما فيها سبل الشكوى
وتقديم الالتماسات من قبل المرضى أو ذويهم أو وكلائهم
الباب السادس : ويتناول إنشاء صندوق للصحة النفسية ومصادر تمويله
وكيفية الصرف منه .
الباب السابع : ويحتوي على العقوبات التي تطبق على مخالفة أحكام
القانون .
ويتشرف وزير الصحة والسكان بعرض مشروع القانون المرافق على مجلس الشعب
للنظر في إقراره .
في 10 / 2008
وزير الصحة والسكان
د / حاتم الجبلي
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق