جلسة 10 من إبريل سنة 1996
برئاسة السيد المستشار/ محمد أحمد حسن نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين/ عبد اللطيف علي أبو النيل وعمار إبراهيم فرج وبهيج حسن القصبجي نواب رئيس المحكمة ومحمد علي رجب.
-------------
(71)
الطعن رقم 9463 لسنة 64 القضائية
(1) إثبات "شهود" "اعتراف". محكمة الموضوع "سلطتها في تقدير الدليل". إكراه.
وزن أقوال الشهود وتقديرها. موضوعي. شرط الأخذ بها: صدورها عنه طواعية واختياراً.
(2) إثبات "شهود". إكراه. دفوع "الدفع ببطلان أقوال الشاهد للإكراه". حكم "تسبيبه. تسبيب معيب".
الدفع ببطلان أقوال الشاهد لصدورها تحت تأثير الإكراه. جوهري. وجوب مناقشة المحكمة له والرد عليه بأسباب سائغة.
(3) إثبات "شهود" إكراه. دفاع "الإخلال بحق الدفاع. ما يوفره". إجراءات "إجراءات التحقيق".
سكوت الشهود عن الإفضاء بواقعة الإكراه في تحقيق النيابة العامة. لا ينفي وقوعه حتماً.
تأخر الطاعن في الإدلاء بدفاعه. لا يدل حتماً على عدم جديته.
استعمال المتهم حقه في الدفاع عن نفسه في مجلس القضاء لا يصح وصفه بأنه جاء متأخراً. أساس ذلك؟
(4) إثبات "شهود". إكراه. دفوع "الدفع ببطلان أقوال الشهود للإكراه". حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب". نقض "أسباب الطعن. ما يقبل منها".
تمسك الطاعن ببطلان أقوال الشهود للإكراه. دفع جوهري. على المحكمة تحقيقه. مخالفة ذلك. قصور.
2 - من المقرر أن الدفع ببطلان أقوال الشاهد لصدورها تحت تأثير الإكراه هو دفع جوهري يتعين على محكمة الموضوع أن تعرض له بالمناقشة للوقوف على وجه الحق فيه فإذا ما أطرحته تعين أن تقيم ذلك على أسباب سائغة.
3 - من المقرر أن سكوت الشهود عن الإفضاء بواقعة الإكراه في تحقيق النيابة العامة ليس من شأنه أن ينفي حتماً وقوع هذا الإكراه كما أن تأخر الطاعن في الإدلاء بالدفاع لا يدل حتماً على عدم جديته ما دام منتجاً ومن شأنه أن تندفع به التهمة أو يتغير به وجه الرأي في الدعوى، كما أن استعمال المتهم حقه المشروع في الدفاع عن نفسه في مجلس القضاء لا يصح أن يوصف بأنه جاء متأخراً لأن المحاكمة هي وقته المناسب الذي كفل فيه القانون لكل متهم حقه في أن يدلي بما يعن له من طلبات التحقيق وأوجه الدفاع وألزم المحكمة النظر فيه وتحقيقه تجلية للحقيقة وهداية للصواب.
4 - لما كان الطاعن قد استمسك ببطلان أقوال الشهود - وهم يمثلون جميع شهود الرؤية في الحادث - بعد أن حدد اثنان منهما أمام المحكمة الإكراه الذي نالهما من رجال الشرطة، فإن دفع الطاعن يعد - في صورة هذه الدعوى - دفعاً جوهرياً إذ يترتب عليه - إن صح - تغير وجه الرأي فيها، فقد كان لزاماً على المحكمة أن تقسطه حقه من التحقيق بلوغاً إلى غاية الأمر فيه ما دامت قد عولت في الإدانة على الدليل المستمد من أقوال هؤلاء الشهود، أما وهي لم تفعل وكانت الأسباب التي أوردتها لتنفيذه لا تؤدي إلى ذلك، فإن الحكم المطعون فيه يكون مشوباً بالقصور في التسبيب أدى به إلى الفساد في الاستدلال بما يعيبه.
الوقائع
اتهمت النيابة العامة الطاعن بأنه قتل...... عمداً بأن طعنه بسكين عدة طعنات قاصداً من ذلك قتله فأحدث به الإصابات الموصوفة بتقرير الصفة التشريحية التي أودت بحياته وقد اقترنت بهذه الجناية جناية أخرى هي أنه في الزمان والمكان سالفي الذكر شرع في سرقة السيارة المبينة بالتحقيقات والمملوكة للمجني عليه حال وجودها بإحدى الطرق العامة (طريق.....) وكان ذلك بالتهديد باستخدام سلاح "سكين" وقد خاب أثر الجريمة لسبب لا دخل لإرادته فيه هو فشله في إدارة محرك السيارة. وأحالته إلى محكمة جنايات الإسكندرية لمحاكمته طبقاً للقيد والوصف الواردين بأمر الإحالة. وادعت...... - زوجة المجني عليه - عن نفسها وبصفتها وصية على أولادها القصر مدنياً قبل الطاعن بمبلغ خمسين ألف جنيه على سبيل التعويض النهائي. والمحكمة المذكورة قضت حضورياً عملاً بالمادة 234/ 1 من قانون العقوبات بمعاقبته بالأشغال الشاقة المؤبدة وإلزامه أن يؤدي للمدعية بالحقوق المدنية عن نفسها وبصفتها مبلغ خمسين ألف جنيه على سبيل التعويض النهائي عن الأضرار التي لحقت بها.
فطعن المحكوم عليه في هذا الحكم بطريق النقض.... إلخ.
المحكمة
من حيث إن مما ينعاه الطاعن على الحكم المطعون فيه أنه إذ دانه بجريمة القتل العمد قد شابه القصور في التسبيب والفساد في الاستدلال وأخل بحقه في الدفاع ذلك أنه دفع بأن أقوال شهود الإثبات الرابع والخامس والسادس بالتحقيقات جاءت وليدة إكراه وقع عليهم من رجال الشرطة، غير أن الحكم أطرح هذا الدفع برد غير سائغ بما يعيبه ويستوجب نقضه.
ومن حيث إنه يبين من محضر جلسة المحاكمة أن الشاهدين.... و....... قررا أنهما لم يشهدا بما قرراه بالتحقيقات من أن الطاعن هو الشخص الذي شاهداه بمكان الحادث إلا رغماً عنهما لأن رجال الشرطة تعدوا عليهما بالضرب وأرغموهما على الإدلاء بتلك الأقوال، وأضاف أولهما تبريراً لعدم إفضائه بواقعة الإكراه لمحقق النيابة العامة بأنه سئل في حضور الضابط فأوجس منه خيفة، وتمسك الدفاع في مرافعته ببطلان أقوال هذين الشاهدين والشاهد الخامس لأنها كانت وليدة إكراه، كما يبين من مدونات الحكم المطعون فيه أنه استند أساساً في قضائه إلى الأقوال التي أدلى بها هؤلاء الشهود في تحقيق النيابة العامة، وأطرح دفع الطاعن في شأنها بقوله "وتلتفت المحكمة عما أثاره الحاضر مع المتهم من دفاع، ذلك أنها اطمأنت إلى ما أسلفته من أدلة الإثبات التي لا ينال منها عدول الشاهدين الرابع والسادس بجلسة المحاكمة عن روايتهما بالتحقيقات وقد جاءت أقوالهما اللاحقة متأخرة أبطأها الأوان بما يقرب من العامين، وهي مدة كان في مكنتهما خلالها أن يسارعا إلى النيابة للإبلاغ بالإكراه الذي زعما وقوعه عليهما، كما أن الدفاع لم يثر هذه المسألة في حينها أمام النيابة....". لما كان ذلك، وكان الأصل أنه وإن كان وزن أقوال الشاهد وتقدير الظروف التي يؤدي فيها شهادته وتعويل القضاء عليها مرجعه إلى محكمة الموضوع تنزله المنزلة التي تراها وتقدره التقدير الذي تطمئن إليه، إلا أنه يشترط في أقوال الشاهد التي يعول عليها أن تكون صادرة عنه اختياراً وهي لا تعتبر كذلك ولو كانت صادقة إذا صدرت إثر الإكراه أياً كان نوعه وكائناً ما كان قدره، كما أنه من المقرر أن الدفع ببطلان أقوال الشاهد لصدورها تحت تأثير الإكراه هو دفع جوهري يتعين على محكمة الموضوع أن تعرض له بالمناقشة للوقوف على وجه الحق فيه فإذا ما أطرحته تعين أن تقيم ذلك على أسباب سائغة، لما كان ذلك، وكان ما أورده الحكم المطعون فيه تبريراً لإطراحه دفع الطاعن بوقوع إكراه على الشهود المذكورين غير سائغ وليس من شأنه أن يؤدي إلى ما رتبه عليه، ذلك أن سكوت الشهود عن الإفضاء بواقعة الإكراه في تحقيق النيابة العامة ليس من شأنه أن ينفي حتماً وقوع هذا الإكراه كما أن تأخر الطاعن في الإدلاء بالدفاع لا يدل حتماً على عدم جديته ما دام منتجاً ومن شأنه أن تندفع به التهمة أو يتغير به وجه الرأي في الدعوى، كما أن استعمال المتهم حقه المشروع في الدفاع عن نفسه في مجلس القضاء لا يصح أن يوصف بأنه جاء متأخراً لأن المحاكمة هي وقته المناسب الذي كفل فيه القانون لكل متهم حقه في أن يدلى بما يعن له من طلبات التحقيق وأوجه الدفاع وألزم المحكمة النظر فيه وتحقيقه تجلية للحقيقة وهداية للصواب. لما كان ذلك، وكان الطاعن قد استمسك ببطلان أقوال الشهود سالفي الذكر - وهم يمثلون جميع شهود الرؤية في الحادث - بعد أن حدد اثنان منهما أمام المحكمة الإكراه الذي نالهما من رجال الشرطة - كما سلف البيان - فإن دفع الطاعن يعد - في صورة هذه الدعوى - دفعاً جوهرياً إذ يترتب عليه - إن صح - تغير وجه الرأي فيها، فقد كان لزاماً على المحكمة أن تقسطه حقه من التحقيق بلوغاً إلى غاية الأمر فيه ما دامت قد عولت في الإدانة على الدليل المستمد من أقوال هؤلاء الشهود، أما وهي لم تفعل وكانت الأسباب التي أوردتها لتنفيذه لا تؤدي إلى ذلك، فإن الحكم المطعون فيه يكون مشوباً بالقصور في التسبيب أدى به إلى الفساد في الاستدلال بما يعيبه ويوجب نقضه والإعادة، وذلك دون حاجة إلى بحث باقي أوجه الطعن، مع إلزام المطعون ضدها المصاريف المدنية.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق