كانت المواد من 501 إلى 513 من قانون المرافعات المدنية والتجارية
الصادر بالقانون رقم 13 لسنة 1968، قبل إلغائها بالقانون رقم 27 لسنة 1994، تنظم
أحكام وإجراءات الفصل في المنازعات المدنية والتجارية عن طريق التحكيم، وفي ظل
العمل بتلك المواد اختلف الرأي في القضاء والإفتاء حول مدى جواز التحكيم في
منازعات العقود الإدارية، حيث صدرت أحكام من القضاء الإداري بعضها يقر صحة الاتفاق
على التحكيم في تلك المنازعات، بينما رفضت أحكام أخرى مثل هذا الاتفاق، وعلى صعيد
الإفتاء أقرت الجمعية العمومية لقسمي الفتوى والتشريع بمجلس الدولة في أكثر من رأي
لها جواز الاتفاق على اللجوء إلى التحكيم في العقود الإدارية.
- وعندما صدر قانون التحكيم في المواد المدنية والتجارية الصادر
بالقانون رقم 27 لسنة 1994، نص في مادته الأولى على أنه "مع عدم الإخلال
بأحكام الاتفاقيات الدولية المعمول بها في جمهورية مصر العربية تسري أحكام هذا
القانون على كل تحكيم بين أطراف من أشخاص القانون العام أو القانون الخاص"
أيا كانت طبيعة العلاقة القانونية التي يدور حولها النزاع ...." وكان المأمول
من هذه العبارة الأخيرة أن تشكل سندا لا يختلف عليه حول سريان أحكام هذا القانون
على منازعات العقود الإدارية، بحيث يكون جائزا قانون الاتفاق على حسم هذه
المنازعات بطريق التحكيم، خاصة وأن الأعمال التحضيرية لذلك القانون تكشف عن هذا
المعنى وتشهد عليه.
بيد أن الخلاف في هذا الشأن ظل قائما، وما انفك كذلك بعد العمل
بالقانون المشار إليه، حيث ارتأى إفتاء حديث أن هذا القانون لا يتيح الاتفاق على
التحكيم في العقود الإدارية، بينما صدر قضاء عن محكمة استئناف بغير ذلك وعلى خلافه.
- ورغبة في حسم هذا الخلاف بنص فاصل لا تتوزع الآراء معه وتلتقي عنده
وتستقر كل الاجتهادات، وبالنظر إلى أن العلاقات القانونية ذات الطابع الاقتصادي قد
اتسعت وتشعبت مع مراحل النمو والإصلاح التي تخطوها البلاد، وتتعاظم مسيرتها حينا
بعد حين، وتشارك الدول وغيرها من الأشخاص الاعتبارية العامة في قيام تلك العلاقات
بالقدر اللازم لتشجيع الاستثمار ودفع عجلة التنمية وتحقيق أهدافها، بما في ذلك
إبرام عقود إدارية وثيقة الصلة بالمرافق العامة مع أطراف محلية وأجنبية.
- وإذا كان الالتجاء إلى التحكيم اتفاقا، لتسوية منازعات هذه العقود،
مما يندب إليه فيها، وتستمسك به تلك الأطراف في حالات عديدة، كسبا لمزايا هذا
الأسلوب في التسوية وخاصة لحل قضايا ومنازعات التجارة والاستثمار على الصعيدين
الوطني والدولي.
- لهذا رؤى إدخال تعديل بالإضافة على المادة (1) من قانون التحكيم رقم
27 لسنة 1994 سالف الذكر يقرر صراحة جواز الاتفاق على التحكيم في منازعات العقود
الإدارية، ويحدد السلطة الإدارية التي يرخص لها بإجازة مثل هذا الاتفاق واعتماده،
ضبطا لاستعمالها وضمانا لوفاء اتفاق التحكيم عندئذ باعتبارات الصالح العام، وبحيث
يكون المرد في هذا الشأن للوزير المختص أو من يمارس اختصاصاته في الأشخاص
الاعتبارية العامة، وبحيث لا يجوز لأي منهما التفويض في هذا الخصوص.
ويتشرف وزير العدل بعرض مشروع القانون على السيد رئيس الجمهورية
للتفضل – في حالة الموافقة – بتوقيعه وإحالته إلى مجلس الشعب.
مع عظيم احترامي،،،
وزير العدل
(المستشار فاروق سيف النصر)
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق