جلسة 7 من ديسمبر سنة 2011
برئاسة السيد القاضي / مجدي أبو العلا نائب رئيس المحكمة وعضوية
السادة القضاة / عبد الفتاح حبيب ، حسن الغزيري ، حازم عبد الرؤوف نواب رئيس
المحكمة وكمال صقر .
----------
(72)
الطعن 13368 لسنة 80 ق
(1) اختلاس . موظفون عموميون . قانون " تطبيقه " . جريمة
" أركانها " . قصد جنائي
تطبيق
نص المادة رقم 112 عقوبات . حده ؟
(2) إثبات " بوجه عام " . اختلاس .
موظفون عموميون . قانون " تفسيره " . جريمة " أركانها " . قصد
جنائي .
ما
يلزم لتجريم الاختلاس في حكم المادة رقم 112 عقوبات ؟
يعتبر
التسليم منتجاً لأثره في اختصاص الموظف العام متى كان مأموراً به من رؤسائه ولو لم
يكن في الأصل من طبيعة عمله .
مثال
.
(3) اختلاس . إضرار عمدى . عقوبة " العقوبة المبررة "
" تطبيقها " . ارتباط . نقض " المصلحة في الطعن " .
النعي
على الحكم بشأن إدانة الطاعن بجريمة الإضرار العمدي . غير مجد . متى دانه بجريمة
الاختلاس وعاقب بعقوبتها وهي الجريمة الأشد إعمالاً للمادة رقم 32 عقوبات للارتباط
.
(4) دفاع " الإخلال بحق الدفاع . ما لا
يوفره " . نقض " أسباب الطعن . ما لا يقبل منها ".
عدم
جواز النعي على المحكمة قعودها عن الرد على دفاع لم يثر أمامها . إثارة هذا الدفاع
أمام محكمه النقض لأول مرة . غير جائز .
(5) دفاع " الإخلال بحق الدفاع . ما لا يوفره " . نقض " المصلحة
في الطعن " . حكم " تسبيبه . تسبيب غير معيب "
نعي الطاعن على
الحكم لعدم مساءلة الرئيس التنفيذي للشركة التي يعمل بها جنائياً . غير مجد ما دام
لم يكن ليحول دون مساءلته عن الجرائم التي دانه الحكم بها .
(6)
إثبات " بوجه عام " محكمة الموضوع " سلطتها
في تقدير الدليل " . دفاع " الإخلال بحق الدفاع . ما لا يوفره " .
حكم " ما لا يعيبه في نطاق التدليل " . نقض " أسباب الطعن . مالا
يقبل منها ".
بحسب الحكم كيما يتم
تدليله ويستقيم قضاؤه أن يورد الأدلة التي صحت لديه . تعقب المتهم في كل جزئية من
جزئيات دفاعه . غير لازم . التفاته عنها . مفاده : اطراحها .
الجدل الموضوعي في تقدير
الدليل وفى سلطة محكمة الموضوع في وزن عناصر الدعوى واستنباط معتقدها . غير جائز
أمام محكمه النقض.
(7)
إثبات " خبرة " . دفاع " الإخلال بحق
الدفاع . ما لا يوفره " . حكم " تسبيبه . تسبيب غير معيب " . نقض
" أسباب الطعن . مالا يقبل منها " .
حضور الخصوم أثناء
تأدية الخبير لمهمته . غير لازم . أساس ذلك ؟
عدم إثارة الطاعن أو
المدافع عنه شيئاً عن عدم حضوره أمام الخبير عند مباشرته المأمورية . مفاده ؟
عدم جواز النعي على
الحكم لإشارته في مدوناته لتقرير الخبير . مادام لم يعول عليه .
(8) إثبات " بوجه
عام " . محكمة الموضوع " سلطتها في تقدير الدليل " . نقض " أسباب
الطعن ما لا يقبل منها " .
تساند الأدلة في المواد
الجنائية . مؤداه ؟
الجدل الموضوعي في تقدير
الدليل . غير جائز أمام محكمه النقض .
(9) إثبات " شهود" . إجراءات " إجراءات
المحاكمة" . دفاع " الإخلال بحق الدفاع . ما لا يوفره " .
للمحكمة الاستغناء
عن سماع الشهود إذا ما قبل المتهم أو المدافع عنه ذلك صراحة أو ضمناً أساس ذلك ؟
النعي على المحكمة قعودها عن سماع شاهد
الإثبات . غير جائز . حد ذلك ؟
ـــــــــــــــــــ
1-
لما كان قضاء محكمة النقض قد جرى على أن مجال تطبيق المادة 112 من قانون العقوبات
المعدلة بالقانون رقم 69 لسنة 1953 يشمل كل موظف أو مستخدم عمومي ومن في حكمه ممن
نصت عليهم المادة 111 من قانون العقوبات يختلس ما لا تحت يده متى كان المال
المختلس قد سلم إليه بسبب وظيفته وتم الاختلاس في هذه الصورة متى انصرفت نية
الجاني إلى التصرف فيما يحوزه بصفة قانونية من مال مسلم إليه أو وجد في عهدته بسبب
وظيفته .
2-
من المقرر أنه لا يلزم لتجريم الاختلاس في حكم المادة 112 من قانون العقوبات سوى
وجود المال تحت يد أي من الموظفين العموميين أو من في حكمهم يستوي في ذلك أن يكون
قد سلم إليه تسليماً مادياً أو أن يوجد بين يديه بسبب وظيفته . ويعتبر التسليم
منتجا لأثره في اختصاص الموظف متى كان مأموراً به من رؤسائه ولو لم يكن في الأصل
من طبيعة عمله في حدود الاختصاص المقرر لوظيفته . وكان الحكم المطعون فيه قد أثبت
في حق الطاعن أنه بصفته موظفاً عمومياً مدير الشئون الإدارية لشركة ... إحدى
الشركات التابعة للشركة القومية ... بقطاع الأعمال العام كان مفوضاً من الشركة
المذكورة في متابعة الدورة المستندية بشأن سداد أقساط شركة ... والتي قام صيارفة
الشركة المذكورة بخصمها من مرتبات العاملين بالشركة خلال الفترة من ... وجملتها
مبلغ 253844,20 إلا أن المتهم " الطاعن " قام باختلاسها لنفسه بنية
التملك وأن هذا المبلغ كانت شركة ... تطالب به الشركة التي كان الطاعن يعمل بها
وبالتالي أصبحت الشركة الأخيرة مدينة بهذا المبلغ ، فإن ما أورده الحكم فيما تقدم
كاف وسائغ في استظهار انطباق أحكام المادة 112 من قانون العقوبات وصفة الطاعن في إدانته
بها .
3-
لما كان ما ينعاه الطاعن على الحكم المطعون فيه بشأن إدانته بجريمة الإضرار العمد
لا جدوى من إثارته ما دام أن الحكم قد دانه بجريمة الاختلاس وقضى بمعاقبته بعقوبة
الجريمة الأشد وهى جريمة الاختلاس ، وذلك إعمالاً لنص المادة 32 من قانون العقوبات
لجامع الارتباط بينهما
4- لما كان البيِّن من الاطلاع على محضر جلسه المحاكمة
أن الطاعن أو المدافع لم يثر شيئا مما ورد بوجه نعيه ، ومن ثم فليس له النعي على
المحكمة قعودها عن الرد على دفاع لم يثره أمامها كما لا يجوز له إثارته لأول مرة
أمام محكمة النقض.
5-
من المقرر أنه لا يجدى الطاعن النعي بعدم مساءلة الرئيس التنفيذي للشركة التي يعمل
بها جنائياً ما دام ذلك لم يكن ليحول دون مساءلته عن الجريمتين اللتين دلل الحكم
على مقارفته لهما تدليلاً سائغاً ومقبولاً .
6-
لما كان بحسب الحكم كيما يتم تدليله ويستقيم قضاؤه أن يورد الأدلة المنتجة التي صحت
لديه على ما استخلصه من وقوع الجرائم المسندة إلى المتهم ، ولا عليه أن يتعقبه في كل
جزئية من جزئيات دفاعه ، لأن مفاد التفاته عنها أنه اطرحها ، ومن ثم فإن ما ينعاه
الطاعن من التفات الحكم عن ما أثاره بشأن بطلان العقد المبرم بين جهة عمله والشركة
المشار إليها يكون لا محل له فضلاً عن أنه لا أثر له في توافر أركان الجريمتين
اللتين دين بهما ولا يعدو أن يكون جدلاً موضوعياً في تقدير الدليل وفى سلطة محكمة
الموضوع في وزن عناصر الدعوى واستنباط معتقدها وهو ما لا يجوز إثارته أو الخوض فيه
أمام محكمة النقض .
7-
من المقرر أن المشرع لم يستلزم في المادة 85 من قانون الإجراءات الجنائية ضرورة حضور
الخصوم أثناء تأدية الخبير لمهمته ، هذا فضلاً عن أن الثابت بمحضر جلسة المحاكمة
أن الطاعن أو المدافع عنه لم يثر أياً منهما شيئاً بخصوص عدم حضوره أمام الخبير
عند مباشرته المأمورية ، ومن ثم فلا يحل له من بعد إثارة شيء من ذلك لأول مرة أمام
محكمة النقض كما وأن الحكم وإن أشار في مدوناته الى تقرير الخبير ونتيجته النهائية
إلا أنه لم يعول على ذلك التقرير ، ومن ثم فلا محل لما ينعاه الطاعن على الحكم
المطعون في هذا الخصوص .
8ــــ
من المقرر أن الأدلة في المواد الجنائية متساندة يكمل بعضها بعضاً ومنها مجتمعة
تتكون عقيدة القاضي فلا ينظر الى دليل بعينه لمناقشته على حدة دون باقي الأدلة بل
يكفى أن تكون الأدلة في مجموعها كوحدة مؤدية إلى ما قصده الحكم منها ومنتجة في اكتمال
اقتناع المحكمة واطمئنانها إلى ما انتهت إليه . وكان الحكم المطعون فيه قد خلص في منطق
سائغ وتدليل مقبول من جماع الأدلة التي ساقها إلى ثبوت الواقعة المسندة إلى الطاعن
، فإن ما يثيره الأخير في هذا الصدد لا يعدو أن يكون جدلاً موضوعياً في تقدير
محكمة الموضوع للأدلة القائمة في الدعوى مما لا يجوز إثارته أمام محكمة النقض.
9- لما كان الثابت من الاطلاع على محاضر جلسات المحاكمة أن المدافع عن الطاعن اكتفى
بتلاوة أقوال الشهود فأمرت المحكمة بتلاوتها وكان من المقرر أن للمحكمة وعلى ما
نصت عليه المادة389 من قانون الإجراءات الجنائية الاستغناء عن سماع الشهود إذا قبل
المتهم أو المدافع عنه ذلك دون أن يحول عدم سماعهم من أن تعتمد في حكمها على
أقوالهم التي أدلوا بها في التحقيقات ما دامت هذه الأقوال مطروحة على بساط البحث،
فليس للطاعن من بعد أن ينعى على المحكمة قعودها عن سماع الشهود .
ـــــــــــــــــــ
الوقائع
اتهمت
النيابة العامة كلاً من : 1ــــ ... " طاعن " 2ــــ ... بأنهما: أولاً :
بصفتهما موظفين عموميين ومن الأمناء على الودائع الأول مدير الشئون الإدارية بشركة
... إحدى الشركات التابعة للشركة القومية ... بقطاع الأعمال عام والثاني محاسب
بذات الشركة اختلسا مبلغ 253844,20 جنيهاً " مائتين وثلاثة وخمسين ألفاً
وثمانمائة وأربعة وأربعين جنيهاً وعشرين قرشاً " المملوك لجهة عملهما سالفة
الذكر والمسلم إليهما بسبب وظيفتهما وصفتهما آنفتي البيان لسدادها إلى شركة ...
سداداً للمديونية المستحقة على جهة عملهما على النحو المبين بالتحقيقات ثانياً : بصفتهما
آنفة الذكر أضرا عمداً بأموال ومصالح جهة عملهما بأن ارتكبا جناية الاختلاس محل
الوصف أولاً مما ألحق بأموال مصالح تلك الجهة ضرراً مادياً جسيماً بمبلغ 253844,20
جنيهاً " مائتين وثلاثة وخمسين ألفاً وثمانمائة وأربعة وأربعين جنيهاً وعشرين
قرشاً " على النحو المبين بالتحقيقات . وأحالتهما إلى محكمة جنايات ...
لمعاقبتهما طبقاً للقيد والوصف الواردين بأمر الإحالة . والمحكمة المذكورة قضت
حضورياً عملاً بالمواد 112 /1 , 2/أ , 116/ مكرراً/1 , 118 , 118 مكرراً , 119/ ب ,
119 مكرراً/هـ من قانون العقوبات , 2 , 12/ 1 , 52 من قانون قطاع الأعمال العام رقم
203 لسنة 1991 المعدل مع إعمال أحكام المادة رقم 32 /2 من قانون العقوبات , 304/1
إجراءات جنائية أولاً: بمعاقبة ... بالسجن المشدد لمدة ثلاث سنوات وإلزامه برد
مبلغ 253844,20 جنيهاً " مائتين وثلاثة وخمسين ألفاً وثمانمائة وأربعة
وأربعين جنيهاً وعشرين قرشاً " وتغريمه مبلغاً مساوياً وعزله من وظيفته وفى
الدعوى المدنية بإحالتهما للمحكمة المدنية المختصة . ثانياً : ببراءة ... فطعن المحكوم عليه الأول في هذا الحكم بطريق النقض .....
.
ـــــــــــــــــــ
المحكمة
حيث ينعى الطاعن على الحكم المطعون فيه أنه إذ دانه بجريمتي
الاختلاس بصفته من الأمناء على الودائع والإضرار العمدى بأموال جهة عمله قد اعتوره
الخطأ في القانون وشابه القصور في التسبيب والفساد في الاستدلال والإخلال بحق
الدفاع ، ذلك بأن دانه بصفته من الأمناء على الودائع وأنه اختلس مبلغ
253844,20 " مائتين وثلاثة وخمسين ألفاً وثمانمائة وأربعة وأربعين جنيهاً وعشرين قرشاً " حال أنه
ليس أميناً على هذا المال ولم يسلم إليه بحكم وظيفته ، والتفت عن دفاعه بانتفاء
الضرر بأموال الجهة التي يعمل بها ، كما لم يحفل الحكم بدفاعه القائم على بطلان
العقد المبرم بين جهة عمله وشركة ... لتمام التعاقد من الرئيس التنفيذي دون رئيس مجلس الإدارة بالمخالفة لأحكام القانون وهو ما ثبت
بالبلاغ المقدم ضده من الشركة بيد أن الدعوى الجنائية لم ترفع قبله ، وعول الحكم
على تقرير الخبير رغم أن الطاعن لم يحضر أمامه ويقدم دفاعه المؤيد بالمستندات ،
وقد أعرض عن طلب إعادة المأمورية للخبير كى يتمكن من الحضور ، واستخلص الحكم من
تحرير الطاعن لشيك لصالح شركة ... دليلاً على مقارفة الجريمة مع أن ذلك بذاته لا
يكفى ولا يؤدى إلى ما رتب عليه ، هذا إلى أن المحكمة لم تستمع إلى أقوال شهود
الإثبات رغم تعويلها عليها ، مما يعيب الحكم ويستوجب نقضه .
وحيث إن الحكم المطعون فيه بيَّن واقعة
الدعوى بما تتوافر به كافة العناصر القانونية لجريمتي الاختلاس والإضرار العمدى
اللتين دان الطاعن بهما وأورد على ثبوتهما في حقه أدلة سائغة من شأنها أن تؤدى إلى ما رتبه الحكم عليها . لما كان ذلك ، وكان قضاء
محكمة النقض قد جرى على أن مجال تطبيق المادة 112 من قانون العقوبات المعدلة
بالقانون رقم 69 لسنة 1953 يشمل كل موظف أو مستخدم عمومى ومن في حكمه ممن نصت عليهم المادة
111 من قانون العقوبات يختلس ما لا تحت يده متى كان المال المختلس قد سلم إليه بسبب وظيفته وتم الاختلاس في هذه الصورة متى انصرفت نية الجاني إلى التصرف فيما يحوزه بصفة قانونية من مال مسلم إليه أو وجد في عهدته بسبب وظيفته . كما أنه
من المقرر أنه لا يلزم لتجريم الاختلاس في حكم المادة 112 من قانون العقوبات سوى
وجود المال تحت يد أى من الموظفين العموميين أو من في حكمهم يستوى في ذلك أن يكون قد سلم إليه تسليماً مادياً أو أن يوجد بين يديه بسبب وظيفته . ويعتبر التسليم منتجا لأثره في اختصاص
الموظف متى كان مأموراً به من رؤسائه ولو لم يكن في الأصل من طبيعة عمله في حدود الاختصاص المقرر لوظيفته . وكان الحكم المطعون فيه قد أثبت في حق الطاعن أنه
بصفته موظفاً عمومياً مدير الشئون الإدارية لشركة مصر لأعمال ... إحدى الشركات التابعة للشركة ... بقطاع الأعمال العام كان مفوضاً من الشركة المذكورة في متابعة الدورة المستندية بشأن سداد أقساط شركة ... والتي قام صيارفة الشركة المذكورة
بخصمها من مرتبات العاملين بالشركة خلال الفترة من ... وجملتها مبلغ 253844,20 إلا أن
المتهم " الطاعن " قام باختلاسها لنفسه بنية التملك وأن هذا المبلغ كانت شركة ... تطالب به الشركة التي كان الطاعن يعمل بها
وبالتالي أصبحت الشركة الأخيرة مدينة بهذا المبلغ ، فإن ما أورده الحكم
فيما تقدم كاف وسائغ في استظهار انطباق أحكام المادة 112 من قانون العقوبات وصفة
الطاعن في إدانته بها . لما كان ذلك ، وكان ما ينعاه الطاعن على الحكم المطعون فيه
بشأن
إدانته بجريمة الإضرار العمد لا جدوى من إثارته ما دام أن الحكم قد دانه بجريمة
الاختلاس وقضى بمعاقبته بعقوبة الجريمة الأشد وهى جريمة الاختلاس ، وذلك إعمالاً
لنص المادة 32 من قانون العقوبات لجامع الارتباط بينهما . كما أن البيِّن من الاطلاع
على محضر جلسه المحاكمة أن الطاعن أو المدافع لم يثر شيئا مما ورد بوجه نعيه ومن
ثم فليس له النعي على المحكمة قعودها عن الرد على دفاع لم يثره أمامها كما لا يجوز
له إثارته لأول مرة أمام محكمة النقض . لما كان ذلك ، وكان لا يجدى الطاعن النعي
بعدم مساءلة الرئيس التنفيذي للشركة التي يعمل بها جنائياً ما دام ذلك لم يكن
ليحول دون مساءلته عن الجريمتين اللتين دلل الحكم على مقارفته لهما تدليلاً سائغاً
ومقبولاً . لما كان ذلك , وكان بحسب الحكم كيما يتم تدليله ويستقيم قضاؤه أن يورد
الأدلة المنتجة التي صحت لديه على ما استخلصه من وقوع الجرائم المسندة إلى المتهم
، ولا عليه أن يتعقبه في كل جزئية من جزئيات دفاعه ، لأن مفاد التفاته عنها أنه
اطرحها ، ومن ثم فإن ما ينعاه الطاعن من التفات الحكم عن ما أثاره بشأن بطلان
العقد المبرم بين جهة عمله والشركة المشار إليها يكون لا محل له ، فضلاً عن أنه لا
أثر له في توافر أركان الجريمتين اللتين دين بهما ولا يعدو أن يكون جدلاً موضوعياً
في تقدير الدليل وفي سلطة محكمة الموضوع في وزن عناصر الدعوى واستنباط معتقدها وهو
ما لا يجوز إثارته أو الخوض فيه أمام محكمة النقض . لما كان ذلك ، وكان من المقرر أن
المشرع لم يستلزم في المادة 85 من قانون الإجراءات الجنائية ضرورة حضور الخصوم
أثناء تأدية الخبير لمهمته ، هذا فضلاً عن أن الثابت بمحضر جلسة المحاكمة أن
الطاعن أو المدافع عنه لم يثر أياً منهما شيئاً بخصوص عدم حضوره أمام الخبير عند
مباشرته المأمورية ، ومن ثم فلا يحل له من بعد إثارة شيء من ذلك لأول مرة أمام
محكمة النقض ، كما وأن الحكم وإن أشار في مدوناته الى تقرير الخبير ونتيجته
النهائية إلا أنه لم يعول على ذلك التقرير ، ومن ثم فلا محل لما ينعاه الطاعن على
الحكم المطعون في هذا الخصوص . لما كان ذلك ، وكان من المقرر أن الأدلة في المواد
الجنائية متساندة يكمل بعضها بعضاً ومنها مجتمعة تتكون عقيدة القاضي فلا ينظر الى
دليل بعينه لمناقشته على حدة دون باقي الأدلة بل يكفى أن تكون الأدلة في مجموعها
كوحدة مؤدية إلى ما قصده الحكم منها ومنتجة في اكتمال اقتناع المحكمة واطمئنانها
إلى ما انتهت إليه . وكان الحكم المطعون فيه قد خلص في منطق سائغ وتدليل مقبول من
جماع الأدلة التي ساقها إلى ثبوت الواقعة المسندة إلى الطاعن ، فإن ما يثيره
الأخير في هذا الصدد لا يعدو أن يكون جدلاً موضوعياً في تقدير محكمة الموضوع
للأدلة القائمة
في الدعوى مما لا يجوز إثارته أمام محكمة النقض . لما كان ذلك ، وكان الثابت من
الاطلاع على محاضر جلسات المحاكمة أن المدافع عن الطاعن اكتفى بتلاوة أقوال الشهود
فأمرت المحكمة بتلاوتها. وكان من المقرر أن للمحكمة وعلى ما نصت عليه المادة 389
من قانون الإجراءات الجنائية الاستغناء عن سماع الشهود إذا قبل المتهم أو المدافع
عنه ذلك دون أن يحول عدم سماعهم من أن تعتمد في حكمها على أقوالهم التي أدلوا بها
في التحقيقات ما دامت هذه الأقوال مطروحة على بساط البحث ، فليس للطاعن من بعد أن
ينعى على المحكمة قعودها عن سماع الشهود . لما كان ما تقدم ، فإن الطعن برمته يكون
على غير أساس متعيناً رفضه موضوعاً .
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــ
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق