الصفحات

بحث هذه المدونة الإلكترونية

السبت، 23 ديسمبر 2017

الطعن 48319 لسنة 59 ق جلسة 9 / 4 / 1996 مكتب فني 47 ق 68 ص 487

جلسة 9 من إبريل سنة 1996

برئاسة السيد المستشار/ محمد نبيل رياض نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين/ جابر عبد التواب وأمين عبد العليم نائبي رئيس المحكمة ويوسف عبد السلام ورشاد قذافي.

----------------

(68)
الطعن رقم 48319 لسنة 59 القضائية

 (1)شيك بدون رصيد. جريمة "أركانها". قصد جنائي. باعث.
جريمة إعطاء شيك بدون رصيد. مناط تحققها؟
القصد الجنائي في جريمة إعطاء شيك بدون رصيد. قصد عام. توافره. بعلم الساحب بعدم وجود رصيد قائم وقابل للسحب أو بإصدار أمر إلى المسحوب عليه بعدم الدفع وإن كان لسبب مشروع. علة ذلك؟

(2)
شيك بدون رصيد. جريمة "أركانها". قصد جنائي.
سوء النية في جريمة إصدار شيك بدون رصيد. مفترض. على الساحب متابعة حركات رصيده.
 (3)
شيك بدون رصيد. أسباب الإباحة وموانع العقاب "موانع العقاب" قانون "تفسيره". مسئولية جنائية.
عدم جواز استرداد الساحب قيمة الشيك أو العمل على تأخير الوفاء لصاحبه.
جواز المعارضة في دفع قيمة الكمبيالة في حالة الضياع أو إفلاس الحامل لها. علة ذلك؟
السرقة والحصول على الشيك بطريق التهديد أو النصب تأخذ جميعاً حكم الضياع من حيث المعارضة في الوفاء بقيمة الشيك.
وجود عيب في صفقة حرر بثمنها شيك. لا يبيح إصدار أمر بعدم صرف هذا الشيك. أساس ذلك؟

 (4)
شيك بدون رصيد. باعث. مسئولية جنائية. نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها".
تمسك الطاعن بأن الشيك هو ثمن بضاعة تبين عدم مطابقتها للمواصفات لا ينفي مسئوليته الجنائية. علة ذلك؟

-----------------
1 - من المقرر أن الأصل الذي جرى عليه قضاء محكمة النقض أن جريمة إعطاء شيك بدون رصيد تتحقق متى أعطى الساحب شيكاً لا يقابله رصيد أو أعطى شيكاً له مقابل ثم أمر بعدم السحب أو سحب الرصيد أو سحب من الرصيد مبلغاً بحيث يصبح الباقي غير كاف لسداد قيمة الشيك إذ أنه بمجرد إعطاء شيك على وضع يدل مظهره وصيغته على أنه مستحق الأداء بمجرد الاطلاع وأنه أداة وفاء لا أداة ائتمان يتم طرحه في التداول فتنعطف عليه الحماية القانونية التي أسبغها الشارع على الشيك بالعقاب على هذه الجريمة باعتباره أداة وفاء تجرى مجرى النقود في المعاملات. والقصد الجنائي في هذه الجريمة هو القصد الجنائي العام والذي يكفي فيه علم من أصدره بأنه إنما يعطل الوفاء بقيمة الشيك الذي أصدره من قبل - فلا يستلزم فيها قصد جنائي خاص. ويتوافر هذا القصد الجنائي بإعطاء الشيك مع علمه بعدم وجود رصيد قائم له وقابل للسحب أو بإصدار أمر إلى المسحوب عليه بعدم الدفع ولو كان هناك سبب مشروع إذ أن مراد الشارع من العقاب هو حماية الشيك في التداول وقبوله في المعاملات على اعتبار أن الوفاء به كالنقود سواء ولا عبرة بعد ذلك بالأسباب التي دعت ساحب الشيك إلى إصداره إذ أنها لا أثر لها على طبيعته وتعد من قبيل البواعث التي لا تأثير لها في قيام المسئولية الجنائية التي لم يستلزم الشارع لتوافرها نية خاصة.
2 - من المقرر أن سوء النية في جريمة إصدار شيك بدون رصيد يتوافر بمجرد علم مصدره بعدم وجود مقابل وفاء له في تاريخ إصداره وهو علم مفترض في حق الساحب وعليه متابعة حركات رصيده لدى المسحوب عليه للاستيثاق من قدرته على الوفاء حتى يتم صرفه.
3 - من المقرر أن الأصل أن سحب الشيك وتسليمه للمسحوب له يعتبر وفاء كالوفاء الحاصل بالنقود بحيث لا يجوز للساحب أن يسترد قيمته أو يعمل على تأخير الوفاء به لصاحبه إلا أن ثمة قيداً يرد على هذا الأصل هو المستفاد من الجمع بين حكمي المادتين 60 من قانون العقوبات و148 من قانون التجارة التي جرى نصها بأنه "لا تقبل المعارضة في دفع الكمبيالة إلا في حالتي ضياعها أو تفليس حاملها" فيباح للساحب أن يتخذ من جانبه إجراء يصون به ماله بغير توقف على حكم القضاء تقديراً من الشارع بعلو حق الساحب في تلك الحال على حق المستفيد وهو ما لا يصدق على الحقوق الأخرى التي لا بد لحمايتها من دعوى ولا تصلح مجردة سبباً للإباحة. كما أنه من المسلم به أنه يدخل في حكم الضياع السرقة والحصول على الورقة بطريق التهديد وحالتي تبديد الشيك والحصول عليه بطريق النصب من حيث حق المعارضة في الوفاء بقيمته فهي أشبه على تقدير أنها جميعاً من جرائم سلب المال وأن الورقة فيها متحصله من جريمة، وهذا القيد لا يمس الأصل الذي جرى عليه قضاء هذه المحكمة في تطبيق أحكام المادة 337 من قانون العقوبات وإنما يضع استثناء يقوم على سبب الإحالة فمجال الأخذ بهذا الاستثناء أن يكون الشيك قد وجه في التداول عن طريق جريمة من جرائم سلب المال سالفة الذكر. ومن ثم فلا قيام له في حالة إصدار الشيك مقابل صفقة حقيقية مهما وجد بها من عيوب تجارية لأن الأمر لا يرقى إلى جريمة نصب بل هو لا يعدو إخلالاً من المستفيد بالالتزام الذي سحب الشيك بناء عليه.
4 - لما كان الطاعن لا ينازع في أنه أصدر أمراً بوقف صرف الشيك موضوع الدعوى ومن ثم فإن ما انتهى إليه الحكم المطعون فيه من إدانة الطاعن يكون صحيحاً ولا يجدي الطعن ما يتذرع به في صدد نفي مسئوليته الجنائية أن الشيك موضوع الدعوى هو ثمن لبضاعة اشتراها من المدعي بالحقوق المدنية ثم تبين بعد ذلك عدم مطابقة تلك البضاعة للمواصفات ذلك أن ما يثيره في هذا الشأن ليس إلا إخلالاً من المستفيد بالتزامه العقدي لا يندرج ضمن حالات الاستثناء الواردة تحت مفهوم حالة ضياع الشيك وهي الحالات التي يتحصل فيها الشيك عن طريق إحدى جرائم سلب المال كما سلف القول، ومن ثم فإن ما يثيره الطاعن بأسباب طعنه يكون في غير محله.


الوقائع

أقام المدعي بالحقوق المدنية دعواه بطريق الادعاء المباشر أمام محكمة جنح السيدة زينب ضد الطاعن بوصف أنه أعطى له شيكاً لا يقابله رصيد قائم وقابل للسحب مع علمه بذلك. وطلب عقابه بالمادتين 336، 337 من قانون العقوبات وإلزامه بدفع مبلغ واحد وخمسين جنيهاً على سبيل التعويض المؤقت. والمحكمة المذكورة قضت حضورياً عملاً بمادتي الاتهام بحبس المتهم شهراً مع الشغل وكفالة عشرين جنيهاً لإيقاف التنفيذ وإلزامه بأن يؤدي للمدعي بالحقوق المدنية مبلغ واحد وخمسين جنيهاً على سبيل التعويض المؤقت. استأنف ومحكمة جنوب القاهرة الابتدائية (بهيئة استئنافية) قضت حضورياً بقبول الاستئناف شكلاً ورفضه موضوعاً وتأييد الحكم المستأنف.
فطعن الأستاذ/........ المحامي نيابة عن المحكوم عليه في هذا الحكم بطريق النقض...... إلخ.


المحكمة

حيث إن الأصل الذي جرى عليه قضاء محكمة النقض أن جريمة إعطاء شيك بدون رصيد تتحقق متى أعطى الساحب شيكاً لا يقابله رصيد أو أعطى شيكاً له مقابل ثم أمر بعدم السحب أو سحب الرصيد أو سحب من الرصيد مبلغاً بحيث يصبح الباقي غير كاف لسداد قيمة الشيك إذ أنه بمجرد إعطاء شيك على وضع يد ل مظهره وصيغته على أنه مستحق الأداء بمجرد الاطلاع وأنه أداة وفاء لا أداة ائتمان يتم طرحه في التداول فتنعطف عليه الحماية القانونية التي أسبغها الشارع على الشيك بالعقاب على هذه الجريمة باعتباره أداة وفاء تجرى مجرى النقود في المعاملات - والقصد الجنائي في هذه الجريمة هو القصد الجنائي العام والذي يكفي فيه علم من أصدره بأنه إنما يعطل الوفاء بقيمة الشيك الذي أصدره من قبل - فلا يستلزم فيها قصداً جنائياً خاصاً، ويتوافر هذا القصد الجنائي بإعطاء الشيك مع علمه بعدم وجود رصيد قائم له وقابل للسحب أو بإصدار أمر إلى المسحوب عليه بعدم الدفع ولو كان هناك سبب مشروع إذ أن مراد الشارع من العقاب هو حماية الشيك في التداول وقبوله في المعاملات على اعتبار أن الوفاء به كالنقود سواء ولا عبرة بعد ذلك بالأسباب التي دعت ساحب الشيك إلى إصداره إذ أنها لا أثر لها على طبيعته وتعد من قبيل البواعث التي لا تأثير لها في قيام المسئولية الجنائية التي لم يستلزم الشارع لتوافرها نية خاصة وسوء النية في جريمة إصدار شيك بدون رصيد يتوافر بمجرد علم مصدره بعدم وجود مقابل وفاء له في تاريخ إصداره وهو علم مفترض في حق الساحب وعليه متابعة حركات رصيده لدى المسحوب عليه للاستيثاق من قدرته على الوفاء حتى يتم صرفه، كما أن الأصل أن سحب الشيك وتسليمه للمسحوب له يعتبر وفاء كالوفاء الحاصل بالنقود بحيث لا يجوز للساحب أن يسترد قيمته أو يعمل على تأخير الوفاء به للمستفيد إلا أن ثمة قيداً يرد على هذا الأصل هو المستفاد من الجمع بين حكمي المادتين 60 من قانون العقوبات و148 من قانون التجارة التي جرى نصها بأنه. "لا تقبل المعارضة في دفع الكمبيالة إلا في حالتي ضياعها أو تفليس حاملها" فيباح للساحب أن يتخذ من جانبه إجراء يصون به ماله بغير توقف على الحكم القضاء تقديراً من الشارع بعلو حق الساحب في تلك الحال على حق المستفيد وهو ما لا يصدق على الحقوق الأخرى التي لا بد لحمايتها من دعوى ولا تصلح مجردة سبباً للإباحة. كما أنه من المسلم به أنه يدخل في حكم الضياع السرقة والحصول على الورقة بطريق التهديد وحالتي تبديد الشيك والحصول عليه بطريق النصب من حيث حق المعارضة في الوفاء بقيمته فهي أشبه على تقدير أنها جميعاً من جرائم سلب المال وأن الورقة فيها متحصلة من جريمة، وهذا القيد لا يمس الأصل الذي جرى عليه قضاء هذه المحكمة في تطبيق أحكام المادة 337 من قانون العقوبات وإنما يضع استثناء يقوم على سبب الإباحة فمجال الأخذ بهذا الاستثناء أن يكون الشيك قد وجه في التداول عن طريق جريمة من جرائم سلب المال سالفة الذكر، ومن ثم فلا قيام له في حالة إصدار الشيك مقابل صفقة حقيقية مهما وجد بها من عيوب تجارية لأن الأمر لا يرقى إلى جريمة نصب بل هو لا يعدو إخلالاً من المستفيد بالالتزام الذي سحب الشيك بناء عليه. لما كان ذلك، وكان الحكم الابتدائي المؤيد لأسبابه والمكمل بالحكم المطعون فيه قد بين واقعة الدعوى بما تتوافر به كافة العناصر القانونية للجريمة التي دان الطاعن بها وأورد على ثبوتها في حقه أدلة من شأنها أن تؤدي إلى ما رتبه عليها. وكان البين من مدونات الحكم المطعون فيه أنه عرض لدفاع الطاعن الذي أورده بأسباب طعنه ورد عليه بقوله "إن الثابت من الأوراق أن البنك المسحوب عليه كان مختصماً في الدعوى المستعجلة رقم...... لسنة........ واستئنافها رقم....... لسنة 1986 ومن ثم فقد زال لديه المانع من صرف قيمة الشيك من تاريخ صدور الحكم الاستئنافي. لما كان ذلك، وكان الثابت أن المدعي بالحق المدني قد تقدم بتاريخ..... لصرف قيمة الشيك وكان سبب عدم الصرف في التاريخ الأخير وفقاً لما يبين من كتاب البنك المؤرخ في..... يرجع إلى أمر من مصدر الشيك بوقف صرفه". لما كان ذلك، وكان الطاعن لا ينازع في أنه أصدر أمراً بوقف صرف الشيك موضوع الدعوى ومن ثم فإن ما انتهى إليه الحكم المطعون فيه من إدانة الطاعن يكون صحيحاً ولا يجدي الطعن ما يتذرع به في صدد نفي مسئوليته الجنائية أن الشيك موضوع الدعوى هو ثمن لبضاعة اشتراها من المدعي بالحق المدني ثم تبين بعد ذلك عدم مطابقة تلك البضاعة للمواصفات ذلك أن ما يثيره في هذا الشأن ليس إلا إخلالاً من المستفيد بالتزامه العقدي كما سلف البيان لا يندرج ضمن حالات الاستثناء الواردة تحت مفهوم حالة ضياع الشيك وهي الحالات التي يتحصل فيها الشيك عن طريق إحدى جرائم سلب المال كما سلف القول، ومن ثم فإن ما يثيره الطاعن بأسباب طعنه يكون في غير محله ويتعين التقرير بعدم قبول الطعن موضوعاً.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق