جلسة 21 من نوفمبر سنة 2011
برئاسة السيد
القاضي / أحمد عبد الباري سليمان نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة القضاة
/ مصطفى صادق ، هاني خليل ، عصام جمعة وإبراهيم عبد الله نواب رئيس المحكمة .
-----------
(68)
الطعن 4539 لسنة 81 ق
(1) نقض " التقرير بالطعن وإيداع الأسباب . ميعاده " .
التقرير بالطعن هو مناط اتصال المحكمة به .
تقديم الأسباب التي بنى عليها في الميعاد شرط لقبوله .
التقرير بالطعن وتقديم
أسبابه يكونان معا وحدة إجرائية لا يغني أحدهما عن الآخر .
وجوب إيداع أسباب الطعن
في نفس الميعاد المقرر للطعن.
عدم إيداع
أسباب الطعن. أثره : عدم قبول الطعن شكلاً.
(2) حكم
" بيانات التسبيب " " تسبيبه . تسبيب غير معيب " .
بيان الحكم واقعة الدعوى بما تتوافر به كافة
العناصر القانونية للجريمة التي دان الطاعن بها وإيراده على ثبوتها في حقه أدلة سائغة
تؤدى لما انتهى إليه . لا قصور.
(3) إجراءات " إجراءات المحاكمة " . محضر الجلسة .
دفاع " الإخلال بحق الدفاع . ما لا يوفره " . نقض " أسباب الطعن .
ما لا يقبل منها " . بطلان .
عدم جواز
النعي على المحكمة قعودها عن إجراء لم يطلب منها .
عدم إثارة
النعي بعدم فض المحكمة المظروف المحتوى على المحررات المزورة وتمكين الدفاع من
الاطلاع عليه . عدم جواز إثارته لأول مرة أمام محكمة النقض .
الأصل في الإجراءات أنها روعيت .
(4) حكم "بيانات
التسبيب".
عدم
رسم القانون شكلاً خاصاً لصياغة الحكم . كفاية أن يكون مجموع ما أورده كافيًا في تفهم
الواقعة بأركانها وظروفها .
(5) إثبات " بوجه عام
" . محكمة الجنايات " نظرها الدعوى والفصل فيها " . حكم " تسبيبه
. تسبيب غير معيب " .
حق
محكمة الجنايات أن تورد في حكمها أدلة
الثبوت كما تضمنتها قائمة الإثبات المقدمة من النيابة العامة . مادامت
تصلح في ذاتها لإقامة قضائها بالإدانة .
(6) تسهيل
استيلاء على أموال أميرية . قصد جنائي . حكم " تسبيبه . تسبيب غير معيب "
.
تحدث الحكم استقلالاً عن القصد الجنائي في
جريمة تسهيل استيلاء. غير لازم. كفاية إيراد ما يدل على قيامه من وقائع الدعوى
وظروفها .
(7) تزوير " أوراق رسمية " . قصد جنائي. جريمة
" أركانها " . محكمة الموضوع " سلطتها في تقدير الدليل " .
نقض " أسباب الطعن . ما لا يقبل منها ".
القصد
الجنائي في جرائم التزوير. موضوعي .
تحدث الحكم
عنه صراحة واستقلالاً . غير لازم . ما دام قد أورد ما يدل عليه . الجدل الموضوعي
في سلطة محكمة الموضوع في وزن عناصر الدعوى واستنباط معتقدها. غير جائز أمام محكمة
النقض .
(8) محكمة الموضوع " سلطتها
في استخلاص الصورة الصحيحة لواقعة الدعوى " . دفاع " الإخلال بحق الدفاع
. مالا يوفره " . حكم " تسبيبه . تسبيب غير معيب " . نقض " أسباب
الطعن ما لا يقبل منها " .
استخلاص الصورة الصحيحة لواقعة الدعوى من كافة
عناصرها . موضوعي . ما دام سائغًا .
النعي بأن الواقعة تحكمها قواعد المسئولية التأديبية ولا تشكل الجرائم.
منازعة في الصورة التي اعتنقتها المحكمة للواقعة . جدل موضوعي في سلطة محكمة
الموضوع في استخلاص الصورة الصحيحة لواقعة الدعوى .
عدم التزام
المحكمة بتعقب المتهم في مناحي دفاعه الموضوعي . استفادة الرد عليه من أدلة الثبوت
التي أوردها الحكم .
(9) إثبات " خبرة "
. حكم " ما لا يعيبه في نطاق التدليل " .
عدم إيراد نص
تقرير الخبير بكامل أجزائه . لا ينال من سلامة الحكم .
(10) إثبات اعتراف " . دفاع
" الإخلال بحق الدفاع . ما لا يوفره " . حكم " ما لا يعيبه في نطاق
التدليل " . محكمة الموضوع " سلطتها في تقدير الدليل " .
خطأ المحكمة
في تسمية الإقرار اعترافا . لا تأثير له على سلامة الحكم . طالما أنه تضمن من
الدلائل ما يعزز أدلة الدعوى الأخرى . وما دامت المحكمة لم ترتب عليه وحده الأثر
القانوني للاعتراف .
لمحكمة
الموضوع أن تستمد اقتناعها من أي دليل تطمئن إليه . طالما له مأخذه الصحيح من
الأوراق .
(11) إثبات " شهود "
. حكم " تسبيبه . تسبيب غير معيب " . محكمة الموضوع " سلطتها في تقدير
الدليل " . نقض " أسباب الطعن . ما لا يقبل منها " .
إيراد النص الكامل لأقوال الشاهد التي اعتمد عليها
الحكم . غير لازم . كفاية إيراد مضمونه .
النعي على
المحكمة إسقاطها بعض أقوال الشاهد. غير مقبول . أساس وشرط ذلك ؟
(12) إثبات " أوراق
رسمية " . إجراءات " إجراءات المحاكمة " . دفاع " الإخلال بحق
الدفاع ما لا يوفره " . محكمة الموضوع " سلطتها في تقدير الدليل " . نقض " أسباب
الطعن . ما لا يقبل منها "
للمحكمة أن
تلتفت عن دليل النفي ولو حملته أوراق رسمية . ما دام يصح في العقل أن يكون غير
ملتئم مع الحقيقة التي اطمأنت إليها .
عدم بيان
الطاعن مضمون المستندات التي ينعى على الحكم إغفاله لها . أثره : عدم قبول النعي.
(13) إثبات
" شهود " . محكمة الموضوع " سلطتها في تقدير الدليل " . نقض
" أسباب الطعن ما لا يقبل منها " .
لمحكمة
الموضوع الإعراض عن قالة شهود النفي دون أن تكون ملزمة بالإشارة إليها صراحة .
قضاؤها بالإدانة . دلالته ؟
(14) إثبات " شهود " . إجراءات " إجراءات المحاكمة
" . دفاع " الإخلال بحق الدفاع . ما لا يوفره
حق المحكمة
في الاستغناء عن سماع شهود الإثبات بقبول المتهم أو المدافع عنه. صراحة أو ضمناً.
عدم حيلولة ذلك من الاعتماد على أقوالهم بالتحقيقات . ما دامت مطروحة على بساط
البحث .
النعي على
المحكمة قعودها عن إجراء لم يطلب منها. غير مقبول.
(15) إجراءات
" إجراءات المحاكمة " . استجواب. دفاع " الإخلال بحق الدفاع . ما لا يوفره " .
الاستجواب المحظور قانوناً في طور المحاكمة
قصد به مصلحة المتهم وحده . حقه في التنازل عن هذا الحق صراحة أو ضمنًا .
الاستجواب المحظور. المادة رقم 274/1 إجراءات
. هو مناقشة المتهم تفصيلاً في أدلة الدعوي إثباتاً ونفياً . متى يجوز؟
استفسار المحكمة من الطاعن عن التهمة المسندة
إليه. لا يمس حق الدفاع . للمتهم أو المدافع عنه النزول عنه صراحة أو ضمناً . أساس
ذلك؟
(16) أسباب
الإباحة وموانع العقاب " الإعفاء من العقاب " . تزوير " أوراق
رسمية " . عقوبة " الإعفاء منها " . قانون " تطبيقه " . مسئولية
جنائية .
الإعفاء
من العقوبة المنصوص عليه في المادة رقم 210 عقوبات . مناط تحققه ؟
تفسير النصوص
المتعلقة بالإعفاء وأسباب الإباحة على سبيل الحصر . التوسع في تفسيرها . غير جائز .
أساس وعلة ذلك ؟
التزوير
في محرر رسمي واستعماله المنصوص عليهما في المواد أرقام 211 ، 213 ، 214 عقوبات لا
يندرجان تحت حالات الإعفاء المشار إليها في المادة رقم 210 عقوبات .
(17) محكمة
الموضوع " سلطتها في تقدير الدليل " . دفاع " الإخلال بحق الدفاع .
ما لا يوفره " نقض " أسباب الطعن . ما لا يقبل منها ".
أوجه الدفاع
الموضوعية . استفادة الرد عليها من أدلة الثبوت التي أوردها الحكم .
الجدل الموضوعي في سلطة محكمة الموضوع في تقدير أدلة
الدعوى . غير جائز أمام النقض .
مثال .
(18) محكمة الموضوع " سلطتها في تقدير الدليل " . دفوع " الدفع
بنفي التهمة " . دفاع " الإخلال بحق الدفاع . ما لا يوفره " . حكم " تسبيبه . تسبيب غير
معيب " .
الدفع بنفي
التهمة . موضوعي . لا يستوجب ردًا صريحًا . استفادة الرد من أدلة الثبوت التي أوردها
الحكم .
ـــــــــــــــــــ
1- لما كان المحكوم عليه ... وإن قرر بالطعن في الميعاد إلا
أنه لم يقدم أسبابًا لطعنه ومن ثم يكون الطعن المقدم منه غير مقبول شكلًا لما هو
مقرر من أن التقرير بالنقض هو مناط اتصال المحكمة به وأن تقديم الأسباب التي بنى عليها الطعن في الميعاد الذى حدده القانون هو شرط لقبوله ، وأن التقرير بالطعن وتقديم أسبابه
يكونان معاً وحدة إجرائية لا يقوم فيها أحدهما مقام الآخر ولا يغني عنه .
2- لما كان الحكم المطعون فيه بين واقعة الدعوى بما
تتوافر به كافة العناصر القانونية للجرائم التي دان الطاعنين بها وأورد على ثبوتها
في حقهم أدلة سائغة من شأنها أن تؤدى إلى ما رتبه الحكم عليها .
3- لما كان الثابت من مدونات
الحكم المطعون فيه أن الطاعنين الثاني والثالث أقرا بأنهما وقعا على محضر لجنة فحص
الفاتورة رقم ... دون معاينة كامل مشمول أدوية تلك الفاتورة كما أقر الطاعن الرابع
بأنه لم يتسلم أيً من أصناف الفاتورتين رقمي ... ، ... فضلاً عن أنه أضافها لعهدته
بإذني إضافة ، ولا يبين من محاضر جلسات المحاكمة أنهم طلبوا من المحكمة أن تطلعهم
على محضر لجنة الفحص وأذون الإضافة ، فليس لهم أن ينعوا على الحكم بعدم اطلاع
المحكمة عليها وعرضها عليهم أو سلوك طريق معين في إثبات الجريمة ، فإن ما يثيره
الطاعنان الثاني والرابع في هذا الصدد يكون غير سديد فضلاً عن أن الطاعنين لا
يدعون أن الأوراق المزورة كانت في حرز مغلق لم يفض لدى نظر الدعوى أمام المحكمة،
فلا يقبل منهم الادعاء بعدم اطلاع المحكمة عليها أو أنها لم تكن معروضة على بساط
البحث والمناقشة لأن الأصل في الإجراءات أنها روعيت .
4- من
المقرر أن القانون لم يرسم شكلاً خاصاً يصوغ فيه الحكم بيان الواقعة المستوجبة
للعقوبة والظروف التي وقعت فيها ، فمتى كان ما أورده الحكم - كما هو الحال في
الدعوى المطروحة - كافياً في تفهم الواقعة بأركانها وظروفها حسبما استخلصتها
المحكمة كان ذلك محققًا لحكم القانون لارتكاب الطاعنين الثاني والثالث لجناية
تسهيل الاستيلاء بغير حق على مال مما نص عليه في المادة 113 من قانون العقوبات
فضلاً عن باقي الجرائم التي دان بها الطاعنين مما يضحى منعاهم في هذا الشأن غير
سديد .
5- لما كان لا يوجد في القانون
ما يمنع محكمة الجنايات أن تورد في حكمها أدلة الثبوت كما تضمنتها قائمة الإثبات
المقدمة من النيابة العامة مادامت تصلح في ذاتها لإقامة قضائها بالإدانة - وهو
الحال في الدعوى المطروحة - فإن النعي على حكمها في هذا الصدد - بفرض صحته
- يكون على غير سند .
6- لما كان لا يلزم أن يتحدث الحكم استقلالاً عن
توافر القصد الجنائي في جريمة تسهيل الاستيلاء بغير حق على مال عام والإضرار
العمدى بل يكفي أن أن يكون فيما أورده من وقائع وظروف ما يدل على قيامه كما هو
الحال في الدعوى المطروحة فإن ما يثيره الطاعنين على الحكم في هذا الصدد يكون في
غير محله .
7ــــ من المقرر أن القصد الجنائي في جريمة التزوير من
المسائل المتعلقة بوقائع الدعوى التي تفصل فيها محكمة الموضوع في ضوء الظروف
المطروحة عليها ، وليس بلازم أن يتحدث الحكم عنه صراحة وعلى استقلال ، مادام الحكم
قد أورد في الوقائع ما يدل عليه ، وكان ما أثبته الحكم المطعون فيه في مقام
التدليل على توافر جريمة التزوير في المحررات الرسمية في حق الطاعنين وما استدل به
على علمهم بالتزوير، تتحقق به كافة العناصر القانونية لتلك الجريمة التي دافعهم
بها ، فإن ما يثيره الطاعنين من عدم تربحهم من الواقعة وأن توقيعاتهم تمت دون
علمهم بالواقعة ومن أن الطاعن الثالث كان مأمورًا من المتهم الثاني بالتوقيع على
تضمنه محضر لجنة الفحص في بيانات ، لا يعدو أن يكون جدلًا موضوعيًا في تقدير
المحكمة لأدلة الدعوى وفي سلطتها في وزن عناصرها واستنباط معتقدها مما لا تجوز
إثارته أمام محكمة النقض .
8- من المقرر أن لمحكمة
الموضوع أن تستخلص من أقوال الشهود وسائر العناصر المطروحة على بساط البحث الصورة
الصحيحة لواقعة الدعوى حسبما يؤدى إليه اقتناعها وأن تطرح ما يخالفها من صور أخرى
مادام استخلاصها سائغاً مستنداً إلى أدلة مقبولة في العقل والمنطق ولها أصلها في
الأوراق ، فإن النعي بأن الواقعة لا تعدو أن تكون مجرد إهمال منه كعضو بلجنة الفحص تحكمها قواعد المسئولية التأديبية ولا تشكل
الجرائم التي دين الطاعنان الثاني والثالث بها ، فذلك لا يعدو أن يكون منازعة في الصورة التي اعتنقتها المحكمة للواقعة ،
وجدلاً موضوعياً في سلطة محكمة الموضوع في استخلاص صورة الواقعة كما ارتسمت في
وجدانها مما تستقل بالفصل فيه بغير معقب كما أن محكمة الموضوع غير ملزمة بتعقب
المتهم في مناحي دفاعه الموضوعي والرد على كل شبهة يثيرها على استقلال إذ في
قضائها بالإدانة استناداً إلى أدلة الثبوت التي أوردتها ما يفيد ضمنًا أنها
أطرحتها ولم تعول عليها .
9- من المقرر أنه لا ينال من
سلامة الحكم عدم إيراد نص تقرير الخبير بكامل أجزائه .
10- من المقرر أن خطأ المحكمة في تسمية الإقرار
اعترافاً لا يقدح في سلامة حكمها طالما أن الإقرار قد تضمن من الأدلة ما يعزز أدلة
الدعوى الأخرى ، ومادامت المحكمة لم ترتب عليه وحده الأثر القانوني للاعتراف ،
وكان لمحكمة الموضوع أن تستمد اقتناعها من أي دليل تطمئن إليه طالما إن هذا الدليل
له مأخذه الصحيح من الأوراق وكان الطاعن الثاني لا يماري فيما نسبه الحكم إليه من
أقوال أدلى بها بالتحقيقات فإنه لا تثريب على الحكم إن هو استمد من تلك الأقوال ما
يدعم الأدلة الأخرى التي أقام عليها قضاءه بإدانته فإن ما يثيره الطاعن الثاني في
هذا الشأن لا يكون مقبولاً .
11- من المقرر أنه لا يلزم قانونًا
إيراد النص الكامل لأقوال الشاهد التي اعتمد عليها الحكم بل يكفي أن يورد مضمونها
ولا يقبل النعي على المحكمة إسقاطها بعض أقوال الشاهد لأن فيما أوردته منها وعولت
عليه ما يعنى أنها أطرحت ما لم تشر إليه منها لما للمحكمة من حرية في تجزئة الدليل
والأخذ منه بما ترتاح إليه والالتفات عما لا ترى الأخذ به مادام أنها قد أحاطت
بأقوال الشاهد ومارست سلطتها في تجزئتها بغير بتر لفحواها ، أو مسخ لها بما يحيلها
عن معناها أو يحرفها عن مواضعها - كما هو الحال في الدعوى المطروحة - ومن
ثم فإن ما ينعاه الطاعنون على الحكم من إغفاله بعض أقوال عضو الرقابة الإدارية ...
والمحكوم عليه الأول على النحو الذى يردده بأسباب طعنه لا يكون له محل .
12- لما كان من حق المحكمة
أن تلتفت عن دليل النفي ولو حملته أوراق رسمية مادام يصح في العقل أن يكون غير
ملتئم مع الحقيقة التي اطمأنت إليها من باقي الأدلة القائمة في الدعوى ولما كان
الطاعن الثاني قد أرسل القول دون أن يبين مضمون المستندات التي عاب على الحكم عدم
التعرض لها حتى يتضح مدى أهميتها في الدعوى المطروحة وهل تحوى دفاعًا جوهريًا على
المحكمة أن تعرض له وترد عليه أم لا ، فإن ما يثيره الطاعن الثاني بشأن التفات
الحكم عن المستندات رغم جوهريتها لا يكون مقبولاً .
13- لما كان للمحكمة أن تعرض
عن قالة شهود النفي دون أن تكون ملزمة بالإشارة إلى أقوالهم أو الرد عليها رداً
صريحاً وقضاؤها بالإدانة استنادًا إلى أدلة الثبوت التي بينتها يفيد دلالة أنها
أطرحت شهادتهم ولم تر الأخذ بها ، فإن ما يثيره الطاعن الثاني بصدد ذلك لا يصادف
محلًا من الحكم المطعون فيه .
14- من المقرر أن للمحكمة أن تستغنى عن سماع شهود
الإثبات إذا ما قبل المتهم أو المدافع عنه صراحة أو ضمنًا دون أن يحول عدم سماعهم
من أن تعتمد في حكمها على أقوالهم التي أدلوا بها في التحقيقات مادامت هذه الأقوال
مطروحة على بساط البحث وكان الثابت من محضر جلسة المحاكمة الأخيرة أن النيابة
العامة والدفاع اكتفيا بتلاوة أقوال الشهود الواردة بالتحقيقات والمحكمة أمرت
بتلاوتها ولم يثبت أن الطاعن الثاني قد اعترض على ذلك فليس له من بعد أن ينعى على
المحكمة قعودها عن سماعهم ويكون منعاه في هذا الشأن في غير محله .
15- لما كان ما ينعاه الطاعن
الثاني على الحكم من بطلان في الإجراءات بدعوى استجوابه بغير موافقته مردودًا بأن
الاستجواب المحظور قانوناً في طور المحاكمة طبقاً لنص الفقرة الأولى من المادة 274
من قانون الإجراءات الجنائية هو مناقشة المتهم على وجه مفصل في الأدلة القائمة في
الدعوى إثباتاً ونفياً في أثناء نظرها سواءً كان ذلك من المحكمة أم من الخصوم أو
من المدافعين عنهم لما له من خطورة ظاهرة وهو لا يصح إلا بناء على طلب من المتهم
نفسه يبديه في الجلسة بعد تقديره لموقفه وما تقتضيه مصلحته - وكان البين من
محضر جلسة المحاكمة الأخيرة أن مناقشة المحكمة للطاعن اقتصرت على سؤاله عن التهمة المسندة إليه فقرر أنه شاهد عينات
من الأدوية وأنه يعمل طبيباً بشرياً - فليس فيه أي خروج على محارم القانون ولا مساس فيه بحق الدفاع ومع ذلك فإن
هذا الحظر إنما قصد به مصلحة المتهم وحده فله أن ينزل عن هذا الحق صراحة أو ضمناً
بعدم اعتراضه هو أو المدافع عنه على الاستجواب وبالإجابة على الأسئلة التي توجه
إليها . ولما كان لا يبين من محاضر جلسات المحاكمة أن أياً منهما قد اعترض على هذا
الإجراء ، فإن ذلك يدل على أن مصلحة الطاعن في تقديره لم تضار بهذا الذى أسماه
استجواباً ولا يجوز له بعدئذ أن يدعى البطلان في الإجراءات ومن ثم فإن منعى الطاعن
الثاني في هذا الصدد لا يكون له محل .
16- لما كانت المادة 210 من قانون العقوبات والتي وردت ضمن مواد الباب السادس عشر
" التزوير" من الكتاب الثاني من هذا القانون نصت على أنه " الأشخاص
المرتكبون لجنايات التزوير المذكورة بالمواد السابقة يعفون من العقوبة إذا أخبروا
الحكومة بهذه الجنايات قبل تمامها وقبل الشروع في البحث عنهم وعرفوها بفاعليها
الآخرين أو سهلوا القبض عليهم ولو بعد الشروع في البحث المذكور" ومفاد هذا
النص في صريح لفظه وواضح دلالته أن الإعفاء من العقوبة المار بيانه لا يجد سنده التشريعي
إلا في جنايات التزوير المنصوص عليها في المادتين 206 ، 206 مكرراً في القانون المذكور
على سبيل الحصر ، وكانت النصوص المتعلقة بالإعفاء تفسر على سبيل الحصر فلا يصح
التوسع في تفسيرها ولا كذلك أسباب الإباحة التي ترتد كلها إلى مبدأ جامع هو ممارسة
الحق أو القيام بالواجب ، وعلى ذلك فلا يجوز للقاضي أن يعفي من العقوبة إلا إذا
انطبقت شروط الإعفاء في النص التشريعي على الواقعة المؤثمة انطباقاً تاماً سواء من
ناحية كنهها أو ظروفها أو الحكمة التي تغياها المشرع من تقرير الإعفاء وكان
التزوير في محرر رسمي واستعماله المنصوص عليهما في المواد 211 ، 213 ، 214 من
قانون العقوبات لا يندرجان تحت حالات الإعفاء المشار إليها على سبيل الحصر ، ومن
ثم فإن منعى الطاعن الرابع في هذا الشأن يكون في غير محله .
17- لما كان كافة ما يثيره
الطاعنون من أن توقيعاتهم تمت بناء على إكراه معنوي وغش وتدليس من المحكوم عليهما
الأول والثاني ، وأن أذون الصرف تم التوقيع عليها على بياض لحين تسويتها كل ذلك من
أوجه الدفاع الموضوعية التي لا تستوجب رداً صريحاً من المحكمة بل يكفي أن يكون
الرد عليها مستفاداً من استنادها إلى أدلة الثبوت التي اقتنعت بها . لما كان ذلك ،
فإن ما يثار في هذا الشأن ينحل في حقيقته إلى جدل في كفاية أدلة الإثبات وفي تقديرها
وهو ما يدخل في سلطة محكمة الموضوع ولا تقبل إثارته أمام هذه المحكمة .
18- لما كان ما يثيره الطاعنون في اطراح الحكم لإنكارهم
الاتهام المسند إليهم مردوداً بأن نفي التهمة من أوجه الدفاع الموضوعية التي لا
تستأهل رداً طالما كان الرد عليها مستفاداً من أدلة الثبوت التي أوردها الحكم ،
وإذ كان الحكم قد أقام قضاءه على ما استقر في عقيدة المحكمة من ارتكاب الطاعنين
للجرائم التي دانهم عنها تأسيساً على أدلة سائغة لها أصلها في الأوراق وتتفق
والاقتضاء العقلي ، فإن ما ينعاه الطاعنون في هذا الشأن يكون غير سديد .
ـــــــــــــــــــ
الوقائع
اتهمت
النيابة العامة الطاعنين بأنهم: أولاً: المتهمون من الثالث حتى الخامس: في الفترة من ... حتى ... بصفتهم موظفين عموميين
" طبيب وصيدليين " بمديرية الصحة والسكان ... سهلوا للمتهمين الأول
والثاني الاستيلاء على مبلغ 645650.00 " ستمائة وخمسة وأربعين ألفاً وستمائة
وخمسين جنيهًا " قيمة أدوية الفاتورتين رقمي ... ، ... على النحو المبين
بالتحقيقات . وقد ارتبطت هذه الجريمة بجريمة تزوير في محرر رسمي هي أنهم في ذات
الزمان والمكان سالفي الذكر وبصفتهم السالفة ارتكبوا أثناء تأدية وظيفتهم تزويراً
في محررات هي محضرا لجنتي الفحص المؤرخين ... بأن أثبتوا على خلاف الحقيقة ورود
تلك الأدوية من الشركة الموردة ومعاينتها ووقعوا بذلك . ثانياً: المتهمون من
السادس حتى الأخير: أــــ بصفتهم موظفين عموميين " طبيب ، فنى أشعة ،
صيدلي " بمديرية الصحة والسكان ... ارتكبوا أثناء تأدية وظيفتهم تزويراً في محررات
رسمية هي طلبات وأذون الصرف والإضافة أرقام ... ، ... بتاريخ ... للمركز ... ، ...
بتاريخ ... لمستشفى ... ، ... بتاريخ ... ورقم ... بتاريخ ... لمستشفى ... بأن
أثبتوا على خلاف الحقيقة استلامهم لبعض أصناف أدوية الفاتورتين رقمي ... ، ...
وأضافتها لعهدتهم مع علمهم بتزويرها على النحو المبين بالتحقيقات بـ استعملا
المحررات المزورة سالفة الذكر فيما وردت من أجله بأن قدموها لجهة عملهم سالفة
الذكر للاعتداد بها على النحو المبين بالتحقيقات . ثالثاً : المتهمون جميعاً: بصفتهم
السالفة أضروا عمداً بأموال ومصالح جهة عملهم " مديرية الصحة والسكان ...
" على النحو المبين بالتحقيقات وأحالتهم إلى محكمة جنايات ... لمعاقبتهم طبقا
للقيد والوصف الواردين بأمر الإحالة . والمحكمة المذكورة قضت حضورياً عملاً بالمواد 112 /1 ــ 2/ أ ــ ب ، 113 فقرة 1 ـ 3 ، 115 ، 116مكرر ، 118 ، 118 مكرر ،
119 مكرر ، 119/ ب ، 119 مكرر/أ ، 211 ، 213 ، 214 من قانون العقوبات مع إعمال
المواد 17 ، 30 ، 32 من ذات القانون بمعاقبة المتهمين بالحبس مع الشغل لمدة سنة
واحدة لكل منهم وبمصادرة الأوراق والمستندات المزورة المضبوطة . فطعن المحكوم
عليهم في هذا الحكم بطريق النقض.
ـــــــــــــــــــ
المحكمة
من حيث إن
المحكوم عليه... وإن قرر بالطعن في الميعاد إلا أنه لم يقدم أسبابًا لطعنه ومن ثم
يكون الطعن المقدم منه غير مقبول شكلًا لما هو مقرر من أن التقرير بالنقض هو مناط
اتصال المحكمة به وأن تقديم الأسباب التي بنى عليها الطعن في الميعاد الذى حدده
القانون هو شرط لقبوله ، وأن التقرير بالطعن وتقديم أسبابه يكونان معاً وحدة
إجرائية لا يقوم فيها أحدهما مقام الآخر ولا يغنى عنه .
ومن حيث إن الطاعنين ينعون على الحكم المطعون فيه أنه إذ
دان الثاني والثالث بجريمة تسهيل الاستيلاء بغير حق على مال عام المرتبط بجريمتي
التزوير في محررات رسمية والإضرار العمدى ، كما دان الرابع بجرائم تزوير في محررات
رسمية واستعمالها والإضرار العمدى قد ران عليه
البطلان وقصور في التسبيب ، وفساد في الاستدلال وإخلال بحق الدفاع ، ذلك أن
المحكمة لم تطلع على المحررات المدعى بتزويرها في مواجهة الطاعنين والمدافعين عنهم
، ولم يبين الحكم واقعة الدعوى بما تتحقق به أركان الجرائم التي دان الطاعنين بها
والأفعال التي قارفها الطاعن الثاني مكتفيًا في ذلك بإيراد قائمة الثبوت المقدمة
من النيابة العامة ، ولم يستظهر توافر القصد الذاتي للجرائم التي دان الطاعنين بها
رغم منازعتهم في توافرها لشواهد عدة منها إقرار المحكوم عليهما الأول والثاني بعدم
تربح الطاعنين من الواقعة وما جاء بتقرير لجنة الخبراء من أن توقيعاتهم تمت دون
علمهم بالواقعة ويضيف الطاعنان الثاني والثالث أنهما كانا مأمورين من المتهم
الثاني بالتوقيع على ما تضمنه محضر لجنة الفحص من بيانات وأن ما قاما به لا يعدو
أن يكون مجرد إهمال منهما بتوقيعهما على محضر اللجنة دون فحص وحصر الأدوية وأنها
لا ترقى إلى درجة التأثيم الذى يشكل الجرائم موضوع الدعوى وإنما تحكمها قواعد
المسئولية التأديبية عملًا بالقانون 9 لسنة 1983 ، ولم يعنى الحكم بإيراد مضمون
تقرير الخبراء بصورة وافية والأدلة التي استخلص منها نتيجته ، وعول في قضائه
بإدانة الطاعن الثاني على إقراره بالتوقيع على محضر لجنة فحص الفاتورة رقم ... دون
معاينة كامل شمول أدوية تلك الفاتورة وحمله على معنى الاعتراف بارتكاب الواقعة .
وأغفل تحصيل بعض أقوال الشاهد ... عضو الرقابة الإدارية من أن الطاعن الثاني وقع
دون حصوله على منفعة وما أقر به المحكوم عليه الأول من أن توقيع الطاعنين تم بناء
على غش وتدليس وقع من المحكوم عليه الثاني مما أدى إلى مسخ شهادتهما وتحريفها عن
معناها ، والتفت عما قدمه الطاعن الثاني من مستندات إيرادًا لها وردًا عليها ، كما
أغفل الحكم الإشارة إلى أقوال شاهدي النفي ، ولم تجب المحكمة لطلب الطاعن الثاني
مناقشة شهود الإثبات كما قامت باستجوابه دون موافقته ، ولم تعمل في حق الطاعن
الرابع الإعفاء المقرر بالمادة 210 من قانون العقوبات رغم توافر موجبه وذلك
بإبلاغه عن وقائع التزوير ، والتفت الحكم عن دفاع الطاعنين بأن توقيعاتهم تمت بناء
على إكراه وغش وتدليس من قبل المحكوم عليهما الأول والثاني وأن أذون الصرف تم
التوقيع عليها على بياض لحين تسويتها ، وأخيرًا أطرح الحكم إنكار الطاعنين للاتهام
المسند إليهم دون أن يبرر سبب إطراحه له كل ذلك مما يعيبه ويستوجب نقضه .
ومن حيث إن
الحكم المطعون فيه بين واقعة الدعوى بما تتوافر به كافة العناصر القانونية للجرائم
التي دان الطاعنين بها وأورد على ثبوتها في حقهم أدلة سائغة من شأنها أن تؤدى إلى
ما رتبه الحكم عليها . لما كان ذلك ، وكان الثابت من مدونات الحكم المطعون فيه أن
الطاعنين الثاني والثالث أقرا بأنهما وقعا على محضر لجنة فحص الفاتورة رقم .....
دون معاينة كامل مشمول أدوية تلك الفاتورة كما أقر الطاعن الرابع بأنه لم يتسلم
أيًا من أصناف الفاتورتين رقمي ... ، .... فضلاً عن أنه أضافها لعهدته بإذني إضافة
، ولا يبين من محاضر جلسات المحاكمة أنهم طلبوا من المحكمة أن تطلعهم على محضر
لجنة الفحص وأذون الإضافة فليس لهم أن ينعوا على الحكم بعدم اطلاع المحكمة عليها
وعرضها عليهم أو سلوك طريق معين في إثبات الجريمة ، فإن ما يثيره الطاعنان الثاني
والرابع في هذا الصدد يكون غير سديد فضلاً عن أن الطاعنين لا يدعون أن الأوراق
المزورة كانت في حرز مغلق لم يفض لدى نظر الدعوى أمام المحكمة ، فلا يقبل منهم الادعاء
بعدم اطلاع المحكمة عليها أو أنها لم تكن معروضة على بساط البحث والمناقشة لأن
الأصل في الإجراءات أنها روعيت. لما كان ذلك ، وكان من المقرر أن القانون لم يرسم
شكلًا خاصًا يصوغ فيه الحكم بيان الواقعة المستوجبة للعقوبة والظروف التي وقعت
فيها ، فمتى كان ما أورده الحكم ــــ كما هو الحال في الدعوى المطروحةــــ كافيًا
في تفهم الواقعة بأركانها وظروفها حسبما استخلصتها المحكمة كان ذلك محققًا لحكم
القانون لارتكاب الطاعنين الثاني والثالث لجناية تسهيل الاستيلاء بغير حق على مال
مما نص عليه في المادة 113 من قانون العقوبات فضلًا عن باقي الجرائم التي دان بها
الطاعنين مما يضحى منعاهم في هذا الشأن غير سديد. لما كان ذلك ، وكان لا يوجد في
القانون ما يمنع محكمة الجنايات أن تورد في حكمها أدلة الثبوت كما تضمنتها قائمة
الإثبات المقدمة من النيابة العامة مادامت تصلح في ذاتها لإقامة قضائها بالإدانة
وهو الحال في الدعوى المطروحة ــــ فإن النعي على حكمها في هذا الصدد بفرض صحته
يكون على غير سند . لما كان ذلك ، وكان لا يلزم أن يتحدث الحكم استقلالاً عن توافر
القصد الجنائي في جريمة تسهيل الاستيلاء بغير حق على مال عام والإضرار العمدى بل
يكفي أن أن يكون فيما أورده من وقائع وظروف ما يدل على قيامه كما هو الحال في
الدعوى المطروحة فإن ما يثيره الطاعنون على الحكم في هذا الصدد يكون في غير محله .
لما كان ذلك ، وكان من المقرر أن القصد الجنائي في جريمة التزوير من المسائل
المتعلقة بوقائع الدعوى التي تفصل فيها محكمة الموضوع في ضوء الظروف المطروحة
عليها ، وليس بلازم أن يتحدث الحكم عنه صراحة وعلى استقلال ، مادام الحكم قد أورد
في الوقائع ما يدل عليه ، وكان ما أثبته الحكم المطعون فيه في مقام التدليل على
توافر جريمة التزوير في المحررات الرسمية في حق الطاعنين وما استدل به على علمهم
بالتزوير، تتحقق به كافة العناصر القانونية لتلك الجريمة التي دافعهم بها ، فإن ما
يثيره الطاعنون من عدم تربحهم من الواقعة وأن توقيعاتهم تمت دون علمهم بالواقعة
ومن أن الطاعن الثالث كان مأمورًا من المتهم الثاني بالتوقيع على ما تضمنه محضر
لجنة الفحص في بيانات ، لا يعدو أن يكون جدلًا موضوعيًا في تقدير المحكمة لأدلة
الدعوى وفي سلطتها في وزن عناصرها واستنباط معتقدها مما لا تجوز إثارته أمام محكمة
النقض . لما كان ذلك ، وكان من المقرر أن لمحكمة الموضوع أن تستخلص من أقوال
الشهود وسائر العناصر المطروحة على بساط البحث الصورة الصحيحة لواقعة الدعوى حسبما
يؤدى إليه اقتناعها وأن تطرح ما يخالفها من صور أخرى مادام استخلاصها سائغًا
مستندًا إلى أدلة مقبولة في العقل والمنطق ولها أصلها في الأوراق ، فإن النعي بأن
الواقعة لا تعدو أن تكون مجرد إهمال منه كعضو بلجنة الفحص تحكمها قواعد المسئولية
التأديبية ولا تشكل الجرائم التي دين الطاعنان الثاني والثالث بها ، فذلك لا يعدو
أن يكون منازعة في الصورة التي اعتنقتها المحكمة للواقعة ، وجدلًا موضوعيًا في
سلطة محكمة الموضوع في استخلاص صورة الواقعة كما ارتسمت في وجدانها مما تستقل
بالفصل فيه بغير معقب كما أن محكمة الموضوع غير ملزمة بتعقب المتهم في مناحي دفاعه
الموضوعي والرد على كل شبهة يثيرها على استقلال إذ في قضائها بالإدانة استنادًا
إلى أدلة الثبوت التي أوردتها ما يفيد ضمنًا أنها أطرحتها ولم تعول عليها. لما كان
ذلك ، وكان الحكم قد أورد مؤدى تقرير لجنة الخبراء وأبرز ما جاء به أن المتهمين
الرابع والخامس الطاعنين الثاني والثالث وقعاًّ على محضر لجنة الفحص المؤرخ ...
الخاص بالفاتورة ... مما يفيد قيامهما والمتهم الثاني بصفته رئيس لجنة الفحص بفحص
الأدوية الموجودة بالفاتورة بنسبة 100 ./. وذلك يخالف الواقع كما أن المتهم الثامن
ــــ الطاعن الرابع ــــ قد أثبت على خلاف الحقيقة استلامه لبعض أصناف أدوية
الفاتورتين ... ، ... وإضافتها لعهدتهم بموجب أذون الصرف والإضافة ووقع بما يفيد
الاستلام ..." فإن ما ينعاه الطاعنان بعدم إيراد مضمون تقرير لجنة الخبراء
كاملًا لا يكون له محل لما هو مقرر أنه لا ينال من سلامة الحكم عدم إيراد نص تقرير
الخبير بكامل أجزائه . لما كان ذلك ، وكان من المقرر أن خطأ المحكمة في تسمية
الإقرار اعترافًا لا يقدح في سلامة حكمها طالما أن الإقرار قد تضمن من الأدلة ما
يعزز أدلة الدعوى الأخرى ، ومادامت المحكمة لم ترتب عليه وحده الأثر القانوني
للاعتراف ، وكان لمحكمة الموضوع أن تستمد اقتناعها من أي دليل تطمئن إليه طالما أن
هذا الدليل له مأخذه الصحيح من الأوراق وكان الطاعن الثاني لا يماري فيما نسبه
الحكم إليه من أقوال أدلى بها بالتحقيقات فإنه لا تثريب على الحكم إن هو استمد من
تلك الأقوال ما يدعم الأدلة الأخرى التي أقام عليها قضاءه بإدانته فإن ما يثيره
الطاعن الثاني في هذا الشأن لا يكون مقبولًا. لما كان ذلك ، وكان من المقرر أنه لا
يلزم قانونًا إيراد النص الكامل لأقوال الشاهد التي اعتمد عليها الحكم بل يكفي أن
يورد مضمونها ولا يقبل النعي على المحكمة إسقاطها بعض أقوال الشاهد لأن فيما
أوردته منها وعولت عليه ما يعنى أنها أطرحت ما لم تشر إليه منها لما للمحكمة من
حرية في تجزئة الدليل والأخذ منه بما ترتاح إليه والالتفات عما لا ترى الأخذ به
مادام أنها قد أحاطت بأقوال الشاهد ومارست سلطتها في تجزئتها بغير بتر لفحواها، أو
مسخ لها بما يحيلها عن معناها أو يحرفها عن مواضعها كما هو الحال في الدعوى
المطروحة ومن ثم فإن ما ينعاه الطاعنون على الحكم من إغفاله بعض أقوال عضو الرقابة
الإدارية ... والمحكوم عليه الأول على النحو الذى يردده بأسباب طعنه لا يكون له
محل . لما كان ذلك ، وكان من حق المحكمة أن تلتفت عن دليل النفي ولو حملته أوراق
رسمية مادام يصح في العقل أن يكون غير ملتئم مع الحقيقة التي اطمأنت إليها من باقى
الأدلة القائمة في الدعوى ولما كان الطاعن الثاني قد أرسل القول دون أن يبين مضمون
المستندات التي عاب على الحكم عدم التعرض لها حتى يتضح مدى أهميتها في الدعوى
المطروحة وهل تحوى دفاعًا جوهريًا على المحكمة أن تعرض له وترد عليه أم لا ، فإن
ما يثيره الطاعن الثاني بشأن التفات الحكم عن المستندات رغم جوهريتها لا يكون
مقبولاً . لما كان ذلك وكان للمحكمة أن تعرض عن قالة شهود النفي دون أن تكون ملزمة
بالإشارة إلى أقوالهم أو الرد عليها رداً صريحاً وقضاؤها بالإدانة استناداً إلى
أدلة الثبوت التي بينتها يفيد دلالة أنها أطرحت شهادتهم ولم تر الأخذ بها ، فإن ما
يثيره الطاعن الثاني بصدد ذلك لا يصادف محلًا من الحكم المطعون فيه . لما كان ذلك
، وكان من المقرر أن للمحكمة أن تستغنى عن سماع شهود الإثبات إذا ما قبل المتهم أو
المدافع عنه صراحة أو ضمنًا دون أن يحول عدم سماعهم من أن تعتمد في حكمها على
أقوالهم التي أدلوا بها في التحقيقات مادامت هذه الأقوال مطروحة على بساط البحث
وكان الثابت من محضر جلسة المحاكمة الأخيرة أن النيابة العامة والدفاع اكتفيا
بتلاوة أقوال الشهود الواردة بالتحقيقات والمحكمة أمرت بتلاوتها ولم يثبت أن
الطاعن الثاني قد اعترض على ذلك فليس له من بعد أن ينعى على المحكمة قعودها عن سماعهم
ويكون منعاه في هذا الشأن في غير محله. لما كان ذلك ، وكان ما ينعاه الطاعن الثاني
على الحكم من بطلان في الإجراءات بدعوى استجوابه بغير موافقته مردوداً بأن
الاستجواب المحظور قانوناً في طور المحاكمة طبقاً لنص الفقرة الأولى من المادة 274
من قانون الإجراءات الجنائية هو مناقشة المتهم على وجه مفصل في الأدلة القائمة في
الدعوى إثباتاً ونفياً في أثناء نظرها سواءً كان ذلك من المحكمة أم من الخصوم أو
من المدافعين عنهم لما له من خطورة ظاهرة وهو لا يصح إلا بناء على طلب من المتهم
نفسه يبديه في الجلسة بعد تقديره لموقفه وما تقتضيه مصلحته وكان البين من محضر
جلسة المحاكمة الأخيرة أن مناقشة المحكمة للطاعن اقتصرت على سؤاله عن التهمة
المسندة إليه فقرر أنه شاهد عينات من الأدوية وأنه يعمل طبيباً بشرياً فليس فيه أي
خروج على محارم القانون ولا مساس فيه بحق الدفاع ومع ذلك فإن هذا الحظر إنما قصد
به مصلحة المتهم وحده فله أن ينزل عن هذا الحق صراحة أو ضمناً بعدم اعتراضه هو أو
المدافع عنه على الاستجواب وبالإجابة على الأسئلة التي توجه إليها . ولما كان لا
يبين من محاضر جلسات المحاكمة أن أياً منهما قد اعترض على هذا الإجراء ، فإن ذلك
يدل على أن مصلحة الطاعن في تقديره لم تضار بهذا الذى أسماه استجواباً ولا يجوز له
بعدئذ أن يدعى البطلان في الإجراءات ومن ثم فإن منعى الطاعن الثاني في هذا الصدد
لا يكون له محل . لما كان ذلك ، وكانت المادة 210 من قانون العقوبات والتي وردت
ضمن مواد الباب السادس عشر " التزوير" من الكتاب الثاني من هذا القانون
نصت على أنه " الأشخاص المرتكبون لجنايات التزوير المذكورة بالمواد السابقة
يعفون من العقوبة إذا أخبروا الحكومة بهذه الجنايات قبل تمامها وقبل الشروع في
البحث عنهم وعرفوها بفاعليها الآخرين أو سهلوا القبض عليهم ولو بعد الشروع في
البحث المذكور " ومفاد هذا النص في صريح لفظه وواضح دلالته أن الإعفاء من
العقوبة المار بيانه لا يجد سنده التشريعي إلا في جنايات التزوير المنصوص عليها في
المادتين 206 ، 206 مكرراً في القانون المذكور على سبيل الحصر ، وكانت النصوص
المتعلقة بالإعفاء تفسر على سبيل الحصر فلا يصح التوسع في تفسيرها ولا كذلك أسباب
الإباحة التي ترتد كلها إلى مبدأ جامع هو ممارسة الحق أو القيام بالواجب ، وعلى
ذلك فلا يجوز للقاضي أن يعفي من العقوبة إلا إذا انطبقت شروط الإعفاء في النص
التشريعي على الواقعة المؤثمة انطباقاً تاماً سواء من ناحية كنهها أو ظروفها أو الحكمة التي تغياها المشرع من تقرير
الإعفاء وكان التزوير في محرر رسمي واستعماله المنصوص عليهما في المواد 211 ، 213
، 214 من قانون العقوبات لا يندرجان تحت حالات الإعفاء المشار إليها على سبيل
الحصر ، ومن ثم فإن منعى الطاعن الرابع في هذا الشأن يكون في غير محله . لما كان
ذلك ، وكان كافة ما يثيره الطاعنون من أن توقيعاتهم تمت بناء على إكراه معنوي وغش
وتدليس من المحكوم عليها الأول والثاني ، وأن أذون الصرف تم التوقيع عليها على
بياض لحين تسويتها كل ذلك من أوجه الدفاع الموضوعية التي لا تستوجب رداً صريحاً من
المحكمة بل يكفي أن يكون الرد عليها مستفاداً من استنادها إلى أدلة الثبوت التي
اقتنعت بها . لما كان ذلك ، فإن ما يثار في هذا الشأن ينحل في حقيقته إلى جدل في
كفاية أدلة الإثبات وفي تقديرها وهو ما يدخل في سلطة محكمة الموضوع ولا تقبل
إثارته أمام هذه المحكمة . لما كان ذلك ، وكان ما يثيره الطاعنون في اطراح الحكم لإنكارهم
الاتهام المسند إليهم مردوداً بأن نفي التهمة من أوجه الدفاع الموضوعية التي لا
تستأهل رداً طالما كان الرد عليها مستفاداً من أدلة الثبوت التي أوردها الحكم ،
وإذ كان الحكم قد أقام قضاءه على ما استقر في عقيدة المحكمة من ارتكاب الطاعنين
للجرائم التي دانهم عنها تأسيساً على أدلة سائغة لها أصلها في الأوراق وتتفق
والاقتضاء العقلي ، فإن ما ينعاه الطاعنون في هذا الشأن يكون غير سديد . لما كان
ما تقدم ، فإن الطعن برمته يكون على غير أساس متعينًا رفضه موضوعاً .
ـــــــــــــــــــ
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق