الطعن 65 لسنة 30 ق " دستورية " المحكمة الدستورية العليا
جلسة 4 / 11 /2017
منشور في الجريدة الرسمية العدد 45 مكرر هـ في 15/ 11/ 2017 ص 3
باسم الشعب
المحكمة الدستورية العليا
بالجلسة العلنية المنعقدة يوم السبت الرابع من نوفمبر سنة 2017م،
الموافق الخامس عشر من صفر سنة 1439هـ.
برئاسة السيد المستشار/ عبد الوهاب عبد الرازق رئيس المحكمة
وعضوية السادة المستشارين: الدكتور حنفي علي جبالي ومحمد خيري طه
النجار والدكتور عادل عمر شريف ومحمود محمد غنيم والدكتور محمد عماد النجار
والدكتور عبد العزيز محمد سالمان نواب رئيس المحكمة
وحضور السيد المستشار/ طارق عبد العليم أبو العطا رئيس هيئة المفوضين
وحضور السيد/ محمد ناجي عبد السميع أمين السر
أصدرت الحكم الآتي
في القضية المقيدة بجدول المحكمة الدستورية العليا برقم 65 لسنة 30
قضائية "دستورية".
--------------
الوقائع
حيث إن الوقائع تتحصل - على ما يتبين من صحيفة الدعوى وسائر الأوراق -
في أن المدعين كانوا قد أقاموا الدعوى رقم 1797 لسنة 2002 مدني كلي، أمام محكمة
بور سعيد الابتدائية، ضد المدعى عليه الأول وآخرين، بطلب الحكم بأحقية كل منهم في
تسوية معاش الأجر الأساسي، والأجر المتغير دون خفض منذ تاريخ إحالة كل منهم إلى
المعاش المبكر، وذلك على سند من أنهم كانوا من العاملين بشركة ...... للغزل
والنسيج، وانتهت خدمتهم معاشا مبكرا اختياريا، وعند تسوية معاش كل منهم، فقد تم
خفض مستحقاتهم التأمينية عن مدد اشتراكاتهم التي يستحقون عنها معاش الأجر الأساسي
بنسب تتراوح بين (15% لمن تقل سنه عن خمسة وأربعين عاما، و10% لمن هم فوق 45 عاما
ودون الخمسين عاما، و5% لمن بلغ 50 عاما وأقل من 60 عاما) تبعا لسن كل منهم وقت
التسوية، وبالنسبة لمعاش الأجر المتغير فقد جرى خفض معاش كل منهم بنسبة 5% عن كل
سنة، استنادا إلى نص الفقرتين الأولى والثانية من المادة (23) من قانون التأمين
الاجتماعي المشار إليه، الأمر الذي دعاهم للدفع بعدم دستورية هذا النص، وهو الدفع
الذي قدرت محكمة الموضوع جديته، وصرحت للمدعين بإقامة الدعوى الدستورية، فأقاموا
الدعوى المعروضة.
بتاريخ السادس عشر من فبراير سنة 2008، أودع المدعون صحيفة هذه الدعوى
قلم كتاب المحكمة الدستورية العليا، بطلب الحكم بعدم دستورية نص المادة (23) من
قانون التأمين الاجتماعي الصادر بالقانون رقم 79 لسنة 1975.
وقدمت هيئة قضايا الدولة مذكرة، طلبت فيها الحكم برفض الدعوى.
وبعد تحضير الدعوى، أودعت هيئة المفوضين تقريرا برأيها.
ونظرت الدعوى على النحو المبين بمحضر جلسة 14/ 10/ 2017، وفيها مثل
محامي عن الهيئة القومية للتأمين الاجتماعي، وقدم مذكرة، طلب فيها الحكم أصليا
برفض الدعوى، واحتياطيا - في حالة القضاء بعدم الدستورية - إعمال أثر هذا الحكم من
تاريخ نشره في الجريدة الرسمية، وبالجلسة ذاتها قررت المحكمة إصدار الحكم فيها
بجلسة اليوم.
---------------
المحكمة
بعد الاطلاع على الأوراق، والمداولة.
وحيث إن المادة (23) من قانون التأمين الاجتماعي الصادر بالقانون رقم
79 لسنة 1975، بعد استبدالها بالقانون رقم 107 لسنة 1987، وقبل إلغائها بالقانون
رقم 130 لسنة 2009، كانت تنص على أن:
"يخفض المعاش المستحق عن الأجر الأساسي لتوافر الحالة المنصوص عليها في
البند (5) من المادة (18) بنسبة تقدر تبعا لسن المؤمن عليه في تاريخ استحقاق الصرف
وفقا للجدول رقم (8) المرافق.
ويخفض المعاش المستحق عن الأجر المتغير بنسبة (5%) عن كل سنة من
السنوات المتبقية من تاريخ استحقاق الصرف وحتى تاريخ بلوغ المؤمن عليه سن الستين،
مع مراعاة جبر كسر السنة في هذه المدة إلى سنة كاملة".
وقد ورد بالجدول المشار إليه نسب خفض المعاش تبعا لسن المؤمن عليه في
تاريخ استحقاق الصرف، لتكون 15% لمن هم أقل من 45 سنة، و10% لمن هم بين 45 سنة
وأقل من 50 سنة، و5% لمن هم بين 50 سنة وأقل من 60 سنة.
وحيث إنه في خصوص نص الفقرة الثانية من المادة (23) من قانون التأمين
والمعاشات الصادر بالقانون رقم 79 لسنة 1975، فقد سبق لهذه المحكمة أن حسمت
المسألة الدستورية المتعلقة به، وذلك بحكمها الصادر بجلسة الرابع من مايو 2008 في
القضية الدستورية رقم 310 لسنة 24 قضائية، والذي قضى بعدم دستورية نص الفقرة
الثانية من المادة (23) من قانون التأمين الاجتماعي الصادر بالقانون رقم 79 لسنة
1975، فيما تضمنته من قصر إضافة الزيادة في معاش الأجر المتغير على حالات استحقاق
المعاش لبلوغ سن الشيخوخة أو العجز أو الوفاة المنصوص عليها في المادة (18) من
قانون التأمين الاجتماعي الصادر بالقانون رقم 79 لسنة 1975، دون حالة استحقاق
المعاش بسبب انتهاء خدمة المؤمن عليه بالاستقالة، وقد نشر هذا الحكم بالجريدة
الرسمية بالعدد رقم 20 (مكرر) بتاريخ 19 مايو 2008. وكان مقتضى نص المادة (195) من
الدستور، والمادتين (48، 49) من قانون المحكمة الدستورية العليا الصادر بالقانون
رقم 48 لسنة 1979، أن يكون للأحكام والقرارات الصادرة من هذه المحكمة حجية مطلقة في
مواجهة الكافة، وبالنسبة إلى الدولة بسلطاتها المختلفة، باعتبارها قولا فصلا في
المسألة المقضي فيها لا يقبل تأويلا ولا تعقيبا، وهي حجية تحول بذاتها دون
المجادلة فيه أو إعادة طرحه عليها من جديد لمراجعته، مما يتعين معه اعتبار الخصومة
منتهية بالنسبة لهذا النص.
وحيث إن المصلحة الشخصية المباشرة، وهي شرط لقبول الدعوى الدستورية،
مناطها - وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة - أن يكون ثمة ارتباط بينها وبين
المصلحة في الدعوى الموضوعية، وذلك بأن يكون الحكم في المسألة الدستورية لازما
للفصل في الطلبات المرتبطة بها المطروحة على محكمة الموضوع. متى كان ذلك، وكان
النزاع الموضوعي، في خصوص طلب إعادة تسوية معاش المدعين عن الأجر الأساسي، دون
استقطاع نسبة منه نظير خروجهم إلى المعاش المبكر بالاستقالة قبل بلوغ 45 سنة في
تاريخ استحقاق المعاش، ووفقا لقواعد الخفض المنصوص عليها في الفقرة الأولى من
المادة (23) من قانون التأمين الاجتماعي الصادر بالقانون رقم 79 لسنة 1975، بعد
استبدالها بالقانون رقم 107 لسنة 1987، وفقا لما هو مبين بالجدول رقم (8) المرافق
للقانون المشار إليه، فإن الفصل في مدى دستورية نص الفقرة الأولى من المادة (23)
المشار إليه يرتب انعكاسا أكيدا ومباشرا على الطلبات في الدعوى الموضوعية، وتتوافر
للمدعين تبعا لذلك مصلحة شخصية مباشرة في الطعن عليها. ولا يغير من ذلك أن نص
المادة (23) من قانون التأمين الاجتماعي المشار إليه، بعد استبداله بالقانون رقم
107 لسنة 1987، قد جرى إلغاؤه بالقانون رقم 130 لسنة 2009، ذلك أن قضاء هذه
المحكمة قد جرى على أن استبدال المشرع لقاعدة قانونية بغيرها، أو إلغاءها، لا يحول
دون الطعن عليها بعدم الدستورية من قبل من طبقت عليه خلال فترة نفاذها، وترتبت
بمقتضاها آثار قانونية بالنسبة إليه، تتحقق بإبطالها مصلحته الشخصية المباشرة، ذلك
أن الأصل في تطبيق القاعدة القانونية، هو سريانها على الوقائع التي تتم في ظلها
حتى إلغائها، فإذا ألغيت هذه القاعدة، أو حلت محلها قاعدة قانونية أخرى، فإن
القاعدة الجديدة تسري من الوقت المحدد لنفاذها، ويقف سريان القاعدة القانونية
القديمة من تاريخ إلغائها، وبذلك يتحدد النطاق الزمني لسريان كل من القاعدتين، فما
نشأ مكتملا في ظل القاعدة القانونية القديمة من المراكز القانونية، وجرت آثارها
خلال فترة نفاذها، يظل خاضعا لحكمها وحدها. متى كان ذلك، فإن إلغاء النص المطعون
فيه بموجب المادة الثالثة من القانون رقم 130 لسنة 2009، لا يمنع هذه المحكمة من
إعمال رقابتها الدستورية عليه، باعتباره قد طبق على المدعين خلال فترة نفاذه،
وترتبت بمقتضاه آثار قانونية بالنسبة لهم.
وحيث إن المدعين ينعون على النص المطعون فيه تقويضه نظام التأمين
الاجتماعي، ومخالفته مبدأ المساواة، بتمييزه في الحقوق التأمينية بين من انتهت
خدمته بالمعاش المبكر، ومن انتهت خدمته ببلوغ السن القانونية للإحالة إلى المعاش،
رغم وفاء كل من أفراد الطائفتين بالتزاماته التأمينية، وتساويهم بالتالي في المركز
القانوني، الأمر الذي يشكل إخلالا بأحكام المواد (7، 17، 34 و40) من دستور سنة
1971.
وحيث إنه من المقرر في قضاء المحكمة الدستورية العليا أن حماية هذه
المحكمة للدستور إنما تنصرف إلى الدستور القائم، إلا أنه إذا كان هذا الدستور ليس
ذا أثر رجعي، فإنه يتعين إعمال أحكام الدستور السابق الذي صدر القانون المطعون
عليه في ظل العمل بأحكامه، طالما أن هذا القانون قد عمل بمقتضاه إلى أن تم إلغاؤه
أو استبدال نص آخر به خلال مدة سريان أحكامه. متى كان ذلك، وكان نص المادة (23) من
قانون التأمين الاجتماعي الصادر بالقانون 79 لسنة 1975 قد تم استبداله بالقانون
رقم 107 لسنة 1987، ثم إلغاؤه بالقانون رقم 130 لسنة 2009، وذلك قبل العمل بأحكام
الدستور القائم الصادر بتاريخ 18/ 1/ 2014، ومن ثم فإنه يتعين الاحتكام في شأن
دستورية النص المطعون فيه إلى ما ورد في دستور سنة 1971، الذي صدر القانون المشتمل
على هذا النص، وعمل بمقتضاه إلى أن تم إلغاؤه في ظل العمل بأحكامه.
وحيث إن ما نعاه المدعون على النص المطعون فيه سديد في مجمله، ذلك أن
دستور سنة 1971 قد حرص في المادة (17) منه على دعم التأمين الاجتماعي حين ناط
بالدولة مد خدماتها في هذا المجال إلى المواطنين بجميع فئاتهم في الحدود التي
يبينها القانون، من خلال تقرير ما يعينهم على مواجهة بطالتهم أو عجزهم عن العمل أو
شيخوختهم، ذلك أن مظلة التأمين الاجتماعي التي يحدد المشرع نطاقها، هي التي تفرض
بمداها واقعا أفضل يؤمن المواطن في غده، وينهض بموجبات التضامن الاجتماعي التي
يقوم عليها المجتمع وفقا لنص المادة (7) من ذلك الدستور، بما يؤكد أن الرعاية
التأمينية ضرورة اجتماعية بقدر ما هي ضرورة اقتصادية، وأن غايتها أن تؤمن
المشمولين بها في مستقبل أيامهم عند تقاعدهم أو عجزهم أو مرضهم، وأن تكفل الحقوق
المتفرعة عنها لأسرهم بعد وفاتهم، بما مؤداه أن التنظيم التشريعي للحقوق التي كفلها
المشرع في هذا النطاق يكون مجافيا أحكام الدستور منافيا لمقاصده إذا تناول هذه
الحقوق بما يهدرها.
وحيث إن الأصل في المعاش متى توافر أصل استحقاقه وفقا للقانون، فإنه
ينهض التزاما على الجهة التي تقرر عليها مترتبا في ذمتها بقوة القانون، بحيث إذا
توافرت في المؤمن عليه الشروط التي تطلبها القانون لاستحقاق المعاش، استقر مركزه
القانوني بالنسبة إلى هذا المعاش بصفة نهائية، ولا يجوز من بعد التعديل في العناصر
التي قام عليها أو الانتقاص منه.
وحيث إن المشرع قد استهدف من قانون التأمين الاجتماعي الصادر بالقانون
رقم 79 لسنة 1975، التأمين ضد مخاطر بذاتها تندرج تحتها الشيخوخة والعجز والوفاة،
وغيرها من أسباب انتهاء الخدمة التي عددتها المادة (18) من القانون المشار إليه،
ومن بينها حالات انتهاء الخدمة لغير الأسباب التي عددتها البنود (1، 2، 3) من هذه
المادة، والتي يدخل فيها المعاش المبكر، متى كانت مدة الاشتراك في التأمين لا تقل
عن 240 شهرا، ليفيد المؤمن عليه الذي يخضع لأحكام هذا النص، وتوافرت له شروط
استحقاق المعاش عن الأجر الأساسي، من المزايا التأمينية المقررة به عند تحقق الخطر
المؤمن منه، فإذا ما تقرر له معاش عن مدة اشتراكه في التأمين عن هذا الأجر، واستقر
مركزه القانوني بالنسبة لهذا المعاش، بات حقه فيه، والوفاء به كاملا دون نقصان أو
تعديل، التزاما قانونيا في ذمة الجهة المختصة لا تستطيع منه فكاكا، وهو ما لم
يلتزمه النص المطعون فيه، الذي انتقص من هذه المزايا، والمتعلقة بالمعاش المستحق
عن الأجر الأساسي، بتخفيضه بنسبة تقدر تبعا لسن المؤمن عليه في تاريخ استحقاق صرف
المعاش، وفقا للجدول رقم (8) المرافق لهذا القانون، والذي ورد به مقدار هذا الخفض
بنسب تتراوح بين 5% و15%، بما مؤداه انتقاص قيمة المعاش المستحق عن هذا الأجر،
والذي توافر أصل استحقاقه وفقا للقانون، الأمر الذي يتعارض مع كفالة الدولة لخدمات
التأمين الاجتماعي الواجبة وفقا للمادة (17) من دستور سنة 1971.
وحيث إن من المقرر في قضاء هذه المحكمة أن صور التمييز المجافية
للدستور وإن تعذر حصرها، إلا أن قوامها كل تفرقة أو تقييد أو تفضيل أو استبعاد
ينال بصورة تحكمية من الحقوق أو الحريات التي كفلها الدستور أو القانون، وذلك
بإنكار أصل وجودها أو تعطيل أو انتقاص آثارها بما يحول دون مباشرتها على قدم
المساواة بين المؤهلين للانتفاع بها. كما أن مبدأ مساواة المواطنين أمام القانون،
المنصوص عليه في المادة (40) من دستور سنة 1971، والذي رددته الدساتير المصرية
المتعاقبة جميعها، بحسبانه ركيزة أساسية للحقوق والحريات على اختلافها، وأساسا
للعدل والسلام الاجتماعي، غايته صون الحقوق والحريات في مواجهة صور التمييز التي
تنال منها أو تقيد ممارستها، باعتباره وسيلة لتبرير الحماية القانونية المتكافئة
التي لا تمييز فيها بين المراكز القانونية المتماثلة، وقيدا على السلطة التقديرية
التي يملكها المشرع في مجال تنظيم الحقوق، والتي لا يجوز بحال أن تؤول إلى التمييز
بين المراكز القانونية التي تتحدد وفق شروط موضوعية يتكافأ المواطنون من خلالها
أمام القانون، فإن خرج المشرع على ذلك، سقط في حمأة المخالفة الدستورية.
وحيث كان ما تقدم، فإن ما قرره النص المطعون فيه من تخفيض المعاش
المستحق عن الأجر الأساسي على النحو السالف بيانه، لمن تنتهي خدمتهم بالاستقالة
(المعاش المبكر) يكون منطويا على تمييز تحكمي بين هذه الفئة وبين غيرهم من المؤمن
عليهم، الذين تنتهي خدمتهم ببلوغ السن القانونية أو العجز أو الوفاة، رغم تكافؤ
مراكزهم القانونية، لكونهم جميعا مؤمنا عليهم، أوجب نص المادة (17) من ذلك الدستور
على الدولة كفالة حقهم في المعاش. وكان هذا التمييز غير مستند إلى أسس موضوعية
يقوم عليها، ذلك أن الخطر المؤمن ضده متوافر في شأن أفراد الفئتين، وجميعهم قاموا
بسداد اشتراكات التأمين عن الأجر الأساسي، وخلال المدد المقررة، بما يتوافر معه
أصل استحقاق المعاش لكل منهم، ومن ثم يكون النص المطعون فيه معارضا لمبدأ المساواة
الذي كفلته المادة (40) من دستور سنة 1971.
وحيث إن قضاء المحكمة الدستورية العليا جرى على أن الحماية التي أظل
بها الدستور الملكية الخاصة، لضمان صونها من العدوان عليها وفقا لنص المادة (34)
من دستور سنة 1971، تمتد إلى الأموال جميعها دون تمييز بينها، باعتبار أن المال هو
الحق ذو القيمة المالية، سواء كان هذا الحق شخصيا أم عينيا، أم كان من حقوق
الملكية الأدبية أو الفنية أو الصناعية. لما كان ذلك، وكان الحق في صرف معاش الأجر
الأساسي إذا توافرت شروط استحقاقه ينهض التزاما على الجهة التي تقرر عليها، وعنصرا
إيجابيا من عناصر ذمة صاحب المعاش أو المستحقين عنه، تتحدد قيمته وفقا لأحكام
قانون التأمين الاجتماعي، بما لا يتعارض مع أحكام الدستور، فإن النص المطعون فيه
وقد ترتب عليه انتقاص المعاش المستحق عن هذا الأجر لمن انتهت خدمتهم بالاستقالة
(المعاش المبكر)، رغم توافر شروط استحقاقهم وفقا لمدة اشتراكهم، وقيمة أقساط
التأمين المقررة عن هذه المدة، فإنه يشكل بذلك عدوانا على حق الملكية الخاصة الذي
كفل دستور سنة 1971 حمايتها وصونها في المادتين (29، 34) منه.
وحيث إنه في ضوء ما تقدم يكون النص المطعون فيه مخالفا لأحكام المواد
(7، 17، 29، 34، 40) من دستور سنة 1971، بما يتعين معه القضاء بعدم دستوريته، ومما
يترتب على ذلك من سقوط الجدول رقم (8) المرافق لذلك القانون في مجال إعماله على
النص المحكوم بعدم دستوريته، لارتباطه بهذا النص ارتباطا لا يقبل الفصل أو التجزئة.
وحيث إن هذه المحكمة، تقديرا منها للآثار المالية التي ستترتب على
الأثر الرجعي للقضاء بعدم دستورية النص المطعون فيه، فإنها تعمل الرخصة المخولة
لها بنص المادة (49) من قانونها الصادر بالقانون رقم 48 لسنة 1979، وتحدد اليوم
التالي لنشر هذا الحكم في الجريدة الرسمية تاريخا لسريان آثاره، وذلك دون إخلال
باستفادة المدعين من الحكم الصادر بعدم دستورية النص المطعون فيه.
فلهذه الأسباب
حكمت المحكمة:
أولا: بعدم دستورية نص الفقرة الأولى من المادة (23) من قانون التأمين
الاجتماعي الصادر بالقانون رقم 79 لسنة 1975، بعد استبدالها بالقانون رقم 107 لسنة
1987، وسقوط الجدول رقم (8) المرافق للقانون المشار إليه، في مجال إعماله على هذا
النص.
ثانيا: بتحديد اليوم التالي لنشر هذا الحكم في الجريدة الرسمية تاريخا
لإعمال آثاره.
ثالثا: بإلزام الحكومة المصروفات، ومبلغ مائتي جنيه مقابل أتعاب
المحاماة.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق