جلسة 15 من مايو سنة 1980
برئاسة السيد المستشار/ حافظ رفقي نائب رئيس المحكمة؛ وعضوية السادة المستشارين: يوسف أبو زيد، مصطفى صالح سليم، درويش عبد المجيد وعزت حنورة.
----------------
(262)
الطعن رقم 1212 لسنة 47 القضائية
استئناف. اختصاص. بطلان. تنفيذ.
رفع الاستئناف إلى محكمة غير مختصة. لا بطلان. قضاء المحكمة الابتدائية بهيئة استئنافية بعدم اختصاصها بنظر الاستئناف في منازعة متعلقة بالتنفيذ وبإحالته إلى محكمة الاستئناف. التزام المحكمة المحال عليها بالإحالة. لا خطأ.
المحكمة
بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر، والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر أوراق الطعن - تتحصل في أن المطعون ضدها الأولى أقامت الدعوى رقم 1119 لسنة 1973 مدني مركز الزقازيق ضد الطاعنين وباقي المطعون ضدهم بطلب الحكم باستحقاقها لقدر شائع في المنزلين محل التداعي وبطلان إجراءات التنفيذ العقاري المتخذة من الطاعنين على هذا القدر بالقضية رقم 1099 سنة 1970 بيوع مركز الزقازيق، وذلك تأسيساً على أنها اشترت ذلك القدر بعقدي بيع غير مسجلين من أخوة المدين - المطعون ضدهم من الثالث إلى الأخير - واكتسب ملكيته بالتقادم المكسب الطويل، وإذ دفع الطاعنان هذه الدعوى بصورية عقدي شراء المطعون ضدها الأولى صورية مطلقة وبأن زوجها المدين - المطعون ضده الثاني - هو المالك لكامل العقارين بأن ورث قدراً فيهما واشترى الباقي من أخوته المذكورين واقترن ذلك بوضع يده المكسب للملكية المكتمل المدة من قبل تنبيه نزع الملكية، أحالت المحكمة الدعوى إلى التحقيق ليثبت الطاعنان صورية عقدي شراء المطعون ضدها الأولى وتملك المطعون ضده الثاني، وبعد أن سمعت الشهود قضت بتاريخ 12/ 2/ 1975 في مادة تنفيذ برفض الدعوى، استأنفت المطعون ضدها الأولى هذا الحكم لدى محكمة الزقازيق الابتدائية بطلب إلغاء الحكم المستأنف والقضاء لها بطلباتها آنفة البيان، وبتاريخ 7/ 3/ 1977 قضت المحكمة بعدم اختصاصها قيمياً بنظر الاستئناف وأحالته إلى محكمة استئناف المنصورة مأمورية الزقازيق فقيد بها برقم 170 سنة 70 ق، وبتاريخ 15/ 5/ 1977 قضت محكمة الاستئناف بإلغاء الحكم المستأنف وبأحقية المطعون ضدها الأولى لمساحة 177 متراً مربعاً و 68 س في منزلي التداعي وببطلان إجراءات التنفيذ بالنسبة لهذا القدر. طعن الطاعنان في هذا الحكم بطريق النقض وقدمت النيابة العامة مذكرة أبدت فيها الرأي برفض الطعن؛ وعرض الطعن على هذه المحكمة في غرفة مشورة فحددت جلسة لنظره وفيها التزمت النيابة رأيها.
وحيث إن الطعن أقيم على ثلاثة أسباب، ينعى الطاعنان بالسبب الأول منها على الحكم المطعون فيه البطلان ومخالفة القانون، وفي بيان ذلك يقولان إن الاستئناف يقع باطلاً متى رفع أمام محكمة غير مختصة بنظره اختصاصاً متعلقاً بالنظام العام، وإذ قضى الحكم المطعون فيه بقبول الاستئناف شكلاً بعد أن قضت محكمة الزقازيق بعدم اختصاصها قيمياً بنظره يكون قد خالف القانون وبني على إجراءات باطلة بما يستوجب نقضه.
وحيث إن هذا النعي غير سديد، ذلك أن المشرع لم يرتب البطلان جزاء على رفع الاستئناف إلى محكمة غير مختصة، بل إنه لم يعرض لهذه المسألة بنص خاص، ومن ثم تنطبق عليها القواعد المقررة بشأنها أمام محكمة الدرجة الأولى عملاً بالمادة 240 من قانون المرافعات، ولما كان مفاد المادة 110 من هذا القانون أنه إذا قضت المحكمة بعدم اختصاصها بنظر الدعوى وجب عليها إحالتها إلى المحكمة المختصة، وتلتزم المحكمة المحال عليها الدعوى بالإحالة سواء كانت من طبقة المحكمة التي قضت بها أو من طبقة أعلى أو أدنى منها، وإذ كان يبين من الحكم المطعون فيه أن الاستئناف رفع ابتداء إلى المحكمة الابتدائية بهيئة استئنافية في الموعد القانوني، فقضت تلك المحكمة بعدم اختصاصها بنظره وبإحالته إلى محكمة الاستئناف - المختصة - فإن الحكم المطعون فيه إذ التزام حكم الإحالة وقضى في الاستئناف المحال إليه شكلاً وموضوعاً فإنه لا يكون قد خالف القانون ويكون النعي عليه بهذا السبب على غير أساس.
وحيث إن الطاعنين ينعيان السبب الثالث على الحكم المطعون فيه مخالفة الثابت في الأوراق والفساد في الاستدلال والخطأ في تطبيق القانون، وفي بيان ذلك يقولان أن الحكم المطعون فيه أورد في مدوناته أن الثابت من تقرير الخبير - الذي أخذ به ذلك الحكم - أن المدين - المطعون ضده الثاني - لا يمتلك في عقار التداعي سوى حصته الميراثية وأنه لم يضع يده إلا على هذه الحصة الشائعة وفي حدودها، في حين أنه بالاطلاع على تقرير الخبير تبين خلوه من هذا القول، وإذ بني الحكم عليه يكون مخالفاً للثابت بالأوراق وفاسداً في الاستدلال، كما أن الخبير جعل للزوجة حيازة مستقلة عن حيازة زوجها رغم أنها تعيش معه في ذات المنزل بما يجعل الحيازة تنصرف له وحده، فيكون الحكم المطعون فيه بأخذه بنتيجة تقرير الخبير مع ما فيه من خطأ معيباً بالخطأ في تطبيق القانون بما يستوجب نقضه.
وحيث إن هذا النعي بشقيه مردود، ذلك أنه من المقرر في قضاء هذه المحكمة أن لمحكمة الموضوع السلطة التامة في استخلاص مدلول عناصر الإثبات المطروحة عليها - بما في ذلك تقارير الخبراء - دون معقب من محكمة النقض متى كان استخلاصها سائغاً، وأن محكمة الموضوع - في حدود سلطتها التقديرية - الأخذ بتقرير الخبير متى اقتنعت بصحة أسبابه، وأن الجدل الموضوعي في تقدير الدليل الذي اقتنعت به المحكمة ومدى كفايته لا تجوز إثارته أمام محكمة النقض، ولما كان تقرير الخبير الذي أخذ به الحكم المطعون فيه - والمقدمة صورته الرسمية - قد أورد في مدوناته أن المستفاد من سماع أقوال شهود وطرفي الخصومة وشيخ الناحية أن منزلي النزاع كانا في وضع يد ورثة المرحوم........ منذ تاريخ وفاته في 11/ 1/ 1936 إلى أن اشترته المطعون ضدها بالعقدين المؤرخين 3/ 9/ 1961 و 18/ 4/ 1965 فحلت محل البائعين لها فيما كانوا يحوزونه وهو 177 متراً مربعاً و68 س بينما ظل المطعون ضده الثاني يضع اليد على نصيبه الميراثي وقدره 54 متراً مربعاً و92 س، فإن الحكم المطعون فيه إذ استخلص من ذلك أن المطعون ضده الثاني لا يمتلك في عقار التداعي سوى حصته الميراثية وأنه لم يضع يده إلا على هذه الحصة الشائعة وفي حدودها، يكون استخلاصه سائغاً وله أصله في تقرير الخبير ويكون النعي عليه بمخالفة الثابت في الأوراق وبالفساد في الاستدلال على غير أساس، ويكون النعي بعد ذلك في مدى دلالة حيازة المطعون ضدها الأولى مجرد جدل موضوعي في تقدير الدليل ومدى كفايته مما لا تجوز إثارته أمام محكمة النقض.
وحيث إن الطاعنين ينعيان بالسبب الثاني على الحكم المطعون فيه الخطأ في تطبيق القانون والتناقض، في بيان ذلك يقولان إنهما دفعا بصورية عقدي شراء المطعون ضدها الأولى من أخوة زوجها المدين، وأخذ الحكم الابتدائي بهذا الدفع ولكن الحكم المطعون فيه خالف هذا النظر على سند من أن الطاعنين ليسا دائنين ولا خلفاً للمتعاقدين في العقدين المدفوع بصورتيهما كما أنهما لا مصلحة لهما في هذا الدفع لأن العقدين على فرض صورتيهما غير منتجين في الدعوى، وإذ كان الغير الذي يحق له إثبات صورية العقد ليس هو فقط الدائن أو الخلف الخاص لأي من المتعاقدين وإنما هو أيضاً كل ذي مصلحة من غير المتعاقدين وورثتهما، وكان الحكم المطعون فيه بعد أن قرر أن العقدين غير منتجين في الدعوى اعتمد عليهما في ضم مدة حيازة البائعين إلى حيازة المطعون ضدها الأولى، فإنه يكون معيباً بالخطأ في تطبيق القانون وبالتناقض بما يستوجب نقضه.
وحيث إن هذا النعي في شقيه مردود، فهو في شقه الأول غير مقبول، ذلك أنه من المقرر في قضاء هذه المحكمة أنه متى كان الحكم قد انتهى إلى نتيجة صحيحة، فإن النعي عليه بالخطأ في تقريراته القانونية غير منتج، ولما كان الحكم المطعون فيه قد التفت عن الدفع بالصورية المبدى من الطاعنين تأسيساً على انعدام مصلحتهما فيه لما ثبت من عدم ملكية مدينهما المطعون ضده الثاني للمقدار المبيع بالعقدين محل الدفع بالصورية لأن ثبوت الصورية - بفرض نجاح الطاعنين في إثباتها - لا يفيد الطاعنين طالما أن القدر محل العقدين ليس مملوكاً لمدينهما وبالتالي لا يستطيع الطاعنان التنفيذ على هذا القدر، وكان هذا الذي انتهى إليه الحكم المطعون فيه صحيحاً ومستنداً إلى أساس سائغ كاف لحمله، فإن النعي عليه بعد ذلك فيما قرره من تحديد للغير الذي يحق له الطعن بالصورية، يكون غير منتج، والنعي في شقه الثاني الخاص بالتناقض غير صحيح، ذلك أن الحكم المطعون فيه لم يضمن أسبابه قولاً بأن عقدي البيع المطعون بصوريتهما غير منتجين في الدعوى، وإنما أورد في مدوناته بصدد بيان انعدام مصلحة الطاعنين في الدفع بالصورية أنه "سواء كان هذا البيع قد تم أو لم يتم فإن المستأنف عليهما الأولى والثانية - الطاعنين - لا يستطيعان التنفيذ على ما هو مملوك للمستأنف عليهم من الرابع للأخير - البائعين - وإنما يستطيعان فقط التنفيذ على ما هو مملوك لمدينهما"، ومن ثم يكون النعي على غير أساس.
ولما تقدم يتعين رفض الطعن.
(1) نقض 29/ 3/ 1976 مجموعة الكتب الفني السنة 27 ص 779.