الصفحات

تحميل وطباعة هذه الصفحة

Print Friendly and PDF

بحث هذه المدونة الإلكترونية

الثلاثاء، 2 مايو 2023

الطعن 47 لسنة 11 ق جلسة 18 / 5 / 1944 مج عمر المدنية ج 4 ق 137 ص 372

جلسة 18 مايو سنة 1944

برياسة سعادة أمين أنيس باشا رئيس المحكمة وبحضور حضرات: نجيب مرقس بك وأحمد نشأت بك ومحمد المفتي الجزايرلي بك ومحمود فؤاد بك المستشارين.

---------------

(137)
القضية رقم 47 سنة 11 القضائية

تعهدات. 

اتفاق قبائل من العرب على الاحتكام إلى قومسيون تحكيم في نزاع بينهم نشأ بسبب حوادث قتل بعض أفراد هذه القبائل واتهام قبيلة منها في القتل. إصدار المجلس حكمه بثبوت القتل على هذه القبيلة وبإلزام الموقعين على اتفاق التحكيم بدية مقدرة لكل قتيل تدفع بعد حلف أولياء كل قتيل أيماناً معدودة بأن القتل حصل من القبيلة المتهمة. هذا الحكم يرتب على أفراد الموقعين عليه من تلك القبيلة تعهداً قانونياً صحيحاً بدفع مبالغ الدية معلقاً على شرط حلف الأيمان المنصوص عليها في الحكم. تعليق تنفيذ التعهد على شرط الحلف. ليس مخالفاً للقانون. أصله القسامة في مسائل الدية في الشريعة الإسلامية.

------------------
إذا كانت واقعة الدعوى هي أنه، حسماً للنزاع القائم بين فريق قبيلتي السناقرة والقطعان وبين فريق الجبيهات بسبب حادثة قتل أحد أفراد السناقرة وآخر من القطعان واتهام قبيلة الجبيهات فيهما، اتفق بعض أفراد الفريقين، بمقتضى كتابة موقع عليها منهم، على أن يحكموا في هذا النزاع قومسيون تحكيم مؤلفاً من حكمدار مديرية البحيرة رئيساً، وثمانية أعضاء محكمين اختار كل فريق أربعة منهم، وقرر الجميع أنهم قابلون للحكم الذي يصدر من هذا القومسيون مهما كان، وأنهم مستعدون لتنفيذه بكل الطرق، وأن قومسيون التحكيم المذكور أصدر حكمه بثبوت حصول القتل من قبيلة الجبيهات وبإلزام الموقعين عليه من أفراد هذه القبيلة بأن يدفعوا إلى الموقعين عليه من أفراد قبيلتي السناقرة والقطعان مبلغ أربعمائة جنيه دية عن كل واحد من القتيلين بمجرد إتمام حلف أولياء دم كل قتيل خمسة وخمسين يميناً بأن القتل حصل من قبيلة الجبيهات، ووقع على هذا الحكم بعض أفراد هذه القبائل، فإن هذا الحكم يرتب على الموقعين عليه من أفراد قبيلة الجبيهات تعهداً بدفع مبلغ ثمانمائة جنيه للموقعين عليه من قبيلتي السناقرة والقطعان معلقاً على شرط حلف عدد معلوم من الأيمان؛ وهذا الشرط الذي قبل الطرفان تعليق تنفيذ التعهد على تحققه ليس مخالفاً للقانون بل له أصله في القسامة في مسائل الدية في الشريعة الإسلامية، فهو إذن تعهد مستوف كل العناصر القانونية الواجب توافرها في التعهدات، وسببه، وهو حصول المتعهدين على الصلح بينهم هم وباقي أفراد قبيلتهم وبين المتعهد لهم وباقي أفراد القبيلتين الأخريين بخصوص حادثة القتل، هو سبب صحيح جائز قانوناً، فالحكم الذي لا يعتبر هذا تعهداً ملزماً يكون مخالفاً للقانون.


الوقائع

تتحصل وقائع هذا الطعن في أنه في سنة 1927 قتل عبد السيد عبد الله أبو قليلة وحميدة خميس، واتهم في قتلهما سالم شعيب راجيل وعائلته. والفريقان من عرب البادية، فالقتيل الأول من قبيلة السناقرة والثاني من قبيلة القطعان، والمتهم بالقتل من قبيلة الجبيهات، وهذه القبائل الثلاث تتفرع أصلاً من قبيلة أولاد علي. ولم يسفر التحقيق الذي قامت به نيابة أبي حمص عن إثبات التهمة، فحفظت القضية لعدم كفاية الأدلة. غير أن آل القتيلين ظلوا يلاحقون المتهم وذوي قرابته يطالبونهم بدية قتيليهم اعتماداً على العرف السائد بين القبائل العربية، وتقدموا إلى مديرية البحيرة بطلب عقد قومسيون مصالحات العربان للنظر في هذه المسألة بين رؤساء قبيلتي السناقرة والقطعان المدعيتين ورؤساء قبيلة الجبيهات المدعى عليها. فعقد قومسيون لهذا الغرض برياسة مأمور مركز أبو حمص يوم 30 من يونيه سنة 1933 وقد أثبت في محضره أن الفريقين حضرا أمامه وأنه تبين بعد سماع أقوالهما والمناقشة في الموضوع وجود "لوث شرعي" في التهمة يوجب تحليف فريق المدعين يمين القسامة، وبعد حلف اليمين يدفع سالم شعيب وعائلته دية القتيلين وقدرها مائتا جنيه لكل منهما. وقد وقع على هذا المحضر من فريق المدعين أي قبيلتي السناقرة والقطعان كل من سعداوي كريم وموسى صالح وعبد الله محمد وهاشم خميس ومحمد عوض جبريل وامتنع عن التوقيع فريق قبيلة الجبيهات المدعى عليها. لكن هذا القرار لم ينفذ إذ مضى الفريق المدعى عليه في رفضه والاعتراض عليه، ولم تفد شيئاً المكاتبات المتبادلة في هذا الشأن بين مركز أبي حمص ومأمور قسم مطروح ومحافظة الصحراء الغربية التي كان من رأيها في كتابها المؤرخ 12 من يوليو سنة 1934 تنفيذ حكم القومسيون، لأن عدم توقيع فريق المدعى عليهم على المحضر وامتناعهم عن انتخاب من يحلفون اليمين ليس إلا هروباً من المسئولية فلا يؤثر على صحة الحكم، إذ أنهم حضروا الجلسة وأبدوا دفاعهم، وأن توجيه اليمين للمدعين صحيح لأنهم قدموا أدلة ضد المدعى عليهم، وتوجيههاً هو لتوكيد هذه الأدلة، فإنه من العوائد الثابتة عند العرب أن يلزم المدعي في مثل هذه الحالة باليمين، وفي كتابها المؤرخ 2 أغسطس سنة 1934 تقول إن سالم شعيب المتهم بالقتل والأشخاص الموجودين معه بالبحيرة لا يعتبرون مسئولين وحدهم عن دفع الدية لأن طريقة الدفع عند العربان في مسائل الدية هي التعاون فتتولى عائلة القبيلة دفع الدية.
وفي 21 من أغسطس سنة 1934 قدم عيسى نوح المطعون ضده الأول، إلى محافظة الصحراء شكوى يتظلم فيها من التعرض لأغنامه بناءً على أمر قسم مرسى مطروح تنفيذاً لحكم القومسيون المذكور، ويقول إنه يطلب إعادة النظر في الدعوى كما طلب ذلك غيره من عاقلة قبيلة الجبيهات وهما صابر معيوف (المطعون ضده الثاني) وبحيري مسعود، وإنه في حالة عدم قبول هذا الطلب واعتماد الحكم فإن الدية توزع على جميع العائلات العمار (القادرة على الدفع) وهو مستعد لدفع ما يخص عائلته. وبتاريخ 17 ديسمبر سنة 1934 تقدمت إلى مأمور قسم مطروح شكوى أخرى من المطعون ضدهما الأول والثاني ومن بحيري مسعود يطعنون فيها على صحة تشكيل القومسيون مدعين أنهم لم يشتركوا في انتخاب أعضائه، ويطلبون عدم تنفيذ الحكم الصادر منه عليهم، أما إن تقرر تنفيذه فإن العوائد الجارية تقضي بالابتداء بالتنفيذ على المتهم سالم شعيب وقرابته ثم عليهم بعد ذلك، وهم بوصفهم دفاعه لا يعارضون في دفع ما يخصهم. وبناءً على ذلك تقرر إعادة النظر في الدعوى أمام قومسيون مصالحات آخر، وعين لعقده بمديرية البحيرة يوم 5 من أغسطس سنة 1935، وأخذ على المطعون ضدهما الأول والثاني وعلى ميكائيل نوح بوصفهم عواقل قبيلة الجبيهات إقرار مؤرخ في 15 من يوليو سنة 1935 بعلمهم بذلك وبتعهدهم بالحضور إلى ديوان المديرية لاختيار المحكمين. وفي 5 من أغسطس سنة 1935 عقد بمديرية البحيرة اجتماع برياسة الحكمدار وعضوية عمد قبائل العربان ثبت بمحضره حضور الفريقين، الفريق المدعي أي قبيلتي السناقرة والقطعان والفريق المدعى عليه أي قبيلة الجبيهات، وأن كلاً من الفريقين اختار محكمين أربعة، وقرر الحاضرون من الفريقين بأنهم يقبلون الحكم الذي يصدر من لجنة التحكيم المشكلة من الحكمدار رئيساً والمحكمين الثمانية أعضاء مهما كان، وأنهم مستعدون لتنفيذه بكل الطرق، وعين لانعقاد اللجنة يوم أول سبتمبر سنة 1935. ووقع على هذا المحضر من كان حاضراً من هؤلاء المحكمين، كما وقع عليه من الفريق الأول المدعي كل من سعداوي كريم وموسى صالح وعبد الله محمد شنيبات وهاشم خميس، ومن الفريق الثاني المدعى عليه سالم شعيب وعيسى نوح وصابر معيوف، وتعهد الفريقان بإحضار شهودهما في هذا اليوم، ومنه تأجل الاجتماع إلى اليوم التالي لغياب أحد المحكمين، وتم الاجتماع فعلاً في 2 سبتمبر سنة 1935 وسمع المجلس أقوال الفريقين وشهادات الشهود، ثم أصدر حكمه بأن جميع القرائن والأدلة التي ظهرت له من التحقيق تثبت حصول القتل من قبيلة الجبيهات. ولذلك حكم: أولاً - بأن يحلف أولياء الدم خمسة وخمسين يميناً عن كل قتيل في مقام سيدي عبد الرحمن بالضبعة. وثانياً - بأن يدفع المتهمون أربعمائة جنيه دية عن كل قتيل بمجرد إتمام الحلف الذي يتم بحضور مأمور قسم الضبعة في خلال شهر. ووقع على هذا الحكم من الفريق المدعي سعداوي كريم وموسى صالح وتميم خير الله وعبد الله محمد شنيبات وهاشم خميس، ومن الفريق المدعى عليه سالم شعيب راجيل وعيسى نوح وبحيري مسعود وصابر معيوف، كما وقع عليه الحكمدار بصفته رئيساً للقومسيون ووقع معه الأعضاء المحكمون الثمانية. وأثبت الرئيس في ذيل المحضر أن الفريقين اتفقا على أن يقدم فريق قبيلة الجبيهات كشفاً بأسماء من يدعونهم لحلف اليمين، ثم يعرض هذا الكشف على أولياء الدم، ومتى أقروه يكتب إلى مأمور الضبعة لإجراء الحلف بحضوره وحضور اثنين من المحلفين عن كل فريق، وتحدد لتقديم الكشف والاطلاع عليه يوم 22 سبتمبر سنة 1935، لكن هذا الميعاد مضى دون أن تقدم قبيلة الجبيهات الكشف المذكور، فكتبت مديرية البحيرة إلى مصلحة الحدود تطلب منها تنفيذ الحكم، فأجابتها المصلحة بتاريخ 8 من أكتوبر سنة 1935 بأنها مستعدة لتنفيذه بجميع الوسائل القانونية المقررة بقانون الصحراء إذا ذيلته المديرية بأمر تنفيذ، فردت المديرية بتاريخ 14 من ذلك الشهر بأن مجالس الصلح بالمديرية هي هيئات عرفية ليس لها صفة رسمية ولا تملك المديرية سلطة تذييل أحكامها بالصيغة التنفيذية، وهذه الأحكام تنفذ عادة بالتراضي وفي حالة امتناع المحكوم عليه عن تنفيذ مقتضاها يكون للفريق الآخر أن يتخذها أساساً لرفع دعوى أمام المحاكم العادية. ولما كان هذا النزاع بين عربان ينتسبون إلى قبائل داخلة في اختصاص مصلحة الحدود وفصل فيه محكمون منهم طبقاً لعوائدهم فقد أرسلت المديرية الأوراق للمصلحة لاتخاذ الإجراءات اللازمة لتنفيذ الحكم إن كانت القواعد المرعية في الصحراء تسمح بهذا التنفيذ، أما إذا كان يشترط للتنفيذ أن يكون الحكم صادراً من مجلس صلح في الجهة فيمكن طرح الموضوع من جديد على مجلس آخر وتقدم هذه الأوراق إليه للاسترشاد بها. وبعد أخذ ورد كتبت محافظة الحدود إلى المديرية بتاريخ 22 من نوفمبر سنة 1936 بأن محامي المدعين ما زال متمسكاً بقرار قومسيون مديرية البحيرة الصادر بتاريخ 2 سبتمبر سنة 1935 ولا يقبل بأية حال إعادة النظر في القضية بمحاكم البدو في محافظة الصحراء الغربية الخاضعة لقانون الصحراء، وبما أن هذا القرار صادر من هيئة عرفية ليس لها صفة رسمية ولا تسمح القواعد المرعية في الصحراء بتنفيذه، إلا برضاء الفريق المحكوم عليه، وبما أن هذا الفريق وهو قبيلة الجبيهات غير راض به فلا سبيل إلى التنفيذ بالطرق الجبرية.
وبناءً على ذلك رفع الطاعنون الأربعة الأولون ومورث الطاعنة الأخيرة الدعوى رقم 473 سنة 1938 بمحكمة الإسكندرية الابتدائية على المطعون ضدهما الأول والثاني وسالم شعيب راجيل وبحيري مسعود أشاروا في صحيفتها إلى الوقائع سالفة الذكر وطلبوا إلزام المدعى عليهم متضامنين بأن يدفعوا إليهم مبلغ الثمانمائة جنيه قيمة الدية التي صدر بها حكم القومسيون بتاريخ 2 سبتمبر سنة 1935. وقد عرضوا عليهم في عريضة الدعوى استعدادهم لحلف اليمين على ما جاء بهذا الحكم وكلفوهم بأن يقدموا إلى حكمدار مديرية البحيرة في خلال خمسة عشر يوماً من إعلانهم بعريضة الدعوى كشفاً بأسماء مائة فرد وعشرة من قبيلتي المدعين السناقرة والقطعان وأن يخطروا المدعين بذلك تلغرافياً في محلهم المختار لمراجعة هذا الكشف وتحديد يوم لحلف اليمين في المكان المعين بالحكم المذكور، فإن تأخروا عن ذلك سقط حقهم في اليمين وتعين الحكم عليهم بهذا المبلغ. وقد أدخل المدعون مصلحة الحدود في الدعوى لتسمع الحكم عليها بما يوجهونه إليها من الطلبات بالجلسة ولتقدم الأوراق التي تطلب منها.
وبتاريخ 30 من نوفمبر سنة 1939 قضت المحكمة بإلزام المطعون ضدهما الأولين وسالم شعيب راجيل وبحيري مسعود متضامنين بأن يدفعوا للمدعين (الطاعنين) مبلغ 800 ج مع المصاريف و500 قرش مقابل أتعاب المحاماة.
استأنف المطعون ضدهما الأول والثاني وسالم شعيب راجيل وبحيري مسعود هذا الحكم أمام محكمة استئناف مصر. وفي 10 من فبراير سنة 1941 قضت المحكمة المذكورة: أولاً - بإبطال المرافعة بالنسبة إلى كل من سالم شعيب راجيل وبحيري مسعود وإلزامهما بمصاريف الاستئناف الخاصة بهما، وثانياً - بقبول الاستئناف شكلاً وفي الموضوع بإلغاء الحكم المستأنف ورفض دعوى المستأنف عليهم الخمسة الأولين (الطاعنين الأربعة الأول ومورث الطاعنة الأخيرة) قبل باقي المستأنفين (المطعون ضدهما الأولين) وبإلزامهم بالمصاريف عن الدرجتين ومبلغ ألف قرش مقابل أتعاب المحاماة عنهما.
وقد أعلن هذا الحكم للطاعنين في 5 من يوليو سنة 1941 فقرر وكيلهم الطعن فيه بطريق النقض.
وعين لنظر هذا الطعن جلسة يوم الخميس 12 من مارس سنة 1942 وفيها نظرت الدعوى على الوجه المبين بمحضر الجلسة ثم قررت المحكمة استمرار المرافعة إلى جلسة 28 من مايو سنة 1942 وعلى الطاعنين تقديم مذكرات تكميلية في المسائل التي أثيرت بالجلسة، وبعد تقديم المذكرات التكميلية سمعت المرافعة وعين للنطق بالحكم يوم 11 يونيه سنة 1942 ثم يوم 25 من ذلك الشهر وفيه قررت المحكمة فتح باب المرافعة لاستيضاح الطاعنين بعض أمور متعلقة بأوجه الطعن، وعينت لذلك جلسة 12 من نوفمبر سنة 1942. وبتاريخ 4 نوفمبر سنة 1942 كتب الأستاذ عبد الفتاح كرشاه المحامي إلى هذه المحكمة بأن الطاعنين كانوا أعلنوه بتقرير الطعن بوصفه وكيلاً عن المطعون ضدهم فرفض قبول الإعلان فسلم الإعلان إلى المحافظة. ويقول إنه لما كان هذا الإعلان باطلاً وليس في مقدوره إخطار المطعون ضدهم به لوقوعهم أسرى حرب بسبب استيلاء الألمان على مرسى مطروح فإنه يعرض الأمر على المحكمة لتقرير إيقاف السير في إجراءات الطعن. وبجلسة 12 من نوفمبر سنة 1942 أبدى وكيل الطاعنين والنيابة ملاحظاتهما بشأن هذا الكتاب، وللأسباب المدونة في محضر الجلسة قررت المحكمة تأجيل الدعوى إلى جلسة 22 من إبريل سنة 1943 وكلفت الطاعنين بإعلان المطعون ضدهما الأولين بالطريق القانوني، وفي الجلسة المذكورة أبدى وكيل الطاعنين أن المطعون ضدهما مقيمان في منطقة عسكرية ولم يرد أصل الإعلان منها بعد، فقررت المحكمة التأجيل إلى جلسة 28 من أكتوبر سنة 1943 ليتيسر للطاعنين إعلان المطعون ضدهما الأول والثاني بتقرير الطعن، ومنها إلى جلسة 27 من يناير سنة 1944 لتنفيذ القرار السابق، وفيها قدم وكيل الطاعنين صورتي التقريرين المعلنتين إلى المطعون ضدهما بتاريخ 25 ديسمبر سنة 1943 و4 من يناير سنة 1944 وطلب التأجيل للاستعداد للمرافعة فأجلت المحكمة الدعوى إلى جلسة 9 من مارس سنة 1944 وفيها سمعت المرافعة إلخ إلخ.


المحكمة

وحيث إن مما ينعاه الطاعنون على الحكم المطعون فيه أنه إذ أقيم على أن الحكم الصادر من قومسيون التحكيم بتاريخ 2 سبتمبر سنة 1935 لا يرتب أي التزام على المطعون ضدهما الأول والثاني يكون مخطئاً. ذلك لأنهما قد وقعا عليه كما كانا قد وقعا على مشارطة التحكيم المؤرخة في 5 من أغسطس سنة 1935 التي انعقد القومسيون وأصدر حكمه بموجبها، ولا معنى لتوقيعهما على الحكم بعد صدوره إلا أنهما راضيان به وقابلان له، وغير سائغ قول المحكمة بأنه قبول لمجرد الإجراءات التي حصلت أمام القومسيون مما يتنافى مع البند الثاني من مشارطة التحكيم الذي تقرر فيه قبول الجميع لحكم القومسيون مهما كان واستعدادهم لتنفيذه بكل الطرق، كما يتنافى مع مسلكهما الثابت بالإقرار المؤرخ في 15 من يوليو سنة 1935 الذي أعقبته المشارطة، ولذلك يكون استخلاص المحكمة مستحيلاً عقلاً، ولا محل لما عابته المحكمة على حكم القومسيون من أنه لم يحقق صفات الطرفين من ناحية تمثيلهم لقبائلهم، لأن شيئاً من هذا الذي أثارته هي من تلقاء نفسها لم يكن محل خلاف أمامها بين طرفي الخصومة عملاً بالعادات والتقاليد المقررة ضدهم. ولا محل كذلك لقولها بأن المطعون ضده الثاني لم يوقع على مشارطة التحكيم فإن له توقيعاً عليها لكن المحكمة غفلت عنه، ولا لقولها بأنه توقيعه على الحكم هو لإثبات أن حضوره أمام القومسيون كان لمجرد المساعدة في الدفاع عن قبيلته دون أن يكون مسئولاً عما يحكم به فإن ذلك مناقض لمشارطة التحكيم التي وقع عليها ومناقض لإقراره بمسئوليته بوصفه من العاقلة في العريضتين المقدمتين منه بالطعن على حكم قومسيون أبي حمص المؤرختين في 13 من أغسطس سنة 1934 و17 من ديسمبر سنة 1944. ولا محل أخيراً لقول المحكمة بأن حكم القومسيون مبهم لخلوه من تعيين المحكوم لهم والمحكوم عليهم لأن الحكم حاو للبيان الكافي بأن المحكوم لهم هم الخمسة المدعون والمحكوم عليهم هم الأربعة المدعى عليهم.
وحيث إنه يبين من الحكم المطعون فيه أن الطاعنين أقاموا الدعوى على أساس مستندين: مشارطة التحكيم المؤرخة في 5 من أغسطس سنة 1935 والحكم الصادر في 2 من سبتمبر سنة 1935 من قومسيون التحكيم الذي انعقد بناءً على هذه المشارطة، وطلبوا من المحكمة الحكم بموجب هذين المستندين.
وحيث إنه من الاطلاع على المستند الأول يبين أن عيسى نوح المطعون ضده الأول وقع عليه بخاتمه، وأن صابر معيوف المطعون ضده الثاني وقع عليه بإمضائه. وبذلك يكون الحكم المطعون فيه قد أخطأ في قوله إنه لم يوقع على محضر التحكيم ولم يشترك فيه. ويبين من الاطلاع على المستند الآخر أنه بعد صدور منطوق حكم القومسيون وقع عليه عيسى نوح ببصمة إبهامه وصابر معيوف بإمضائه. وهذه التوقيعات وتلك لا يمكن أن يكون لها من معنى إلا قبول أصحابها لموجب المستندين المذكورين المبني أحدهما على الآخر. وباطل بالبداهة ما قاله الحكم المطعون فيه خلافاً لذلك من أن الغرض من التوقيعات كان مجرد إقرار الإجراءات التي تمت أمام القومسيون دون حكمه الذي ذيل بها، إذ لا مفهوم لما يسمى إقرار الإجراءات أمام القومسيون ولا نتيجة له تستدعي توقيعاً، ثم إن هذا القول لا يجوز على مشارطة التحكيم، وهي تكفي وحدها في إلزام الموقعين عليها بحكم القومسيون الذي صدر بناءً عليها بلا حاجة إلى توقيع آخر منهم. فإذا ما صدر هذا الحكم ووقع عليه أيضاً فلا يسوغ في العقل أن ينصب التوقيع إلا على قبوله.
وحيث إن المستند الأول يفيد بجلاء أنه - حسماً للنزاع القائم بين فريق قبيلتي السناقرة والقطعان وبين فريق قبيلة الجبيهات بسبب حادثة قتل عبد السيد عبد الله من السناقرة وحميدة خميس من القطعان واتهام قبيلة الجبيهات فيهما - اتفق الموقعون عليه من أفراد الفريقين على أن يحكموا في هذا النزاع قومسيون تحكيم مؤلفاً من حكمدار مديرية البحيرة رئيساً وثمانية أعضاء محكمين اختار كل فريق أربعة منهم، وقرر الجميع أنهم قابلون للحكم الذي يصدر من هذا القومسيون مهما كان وأنهم مستعدون لتنفيذه بكل الطرق. والمستند الآخر يفيد بجلاء كذلك أن قومسيون التحكيم المذكور أصدر حكمه بثبوت حصول القتل من قبيلة الجبيهات وبإلزام الموقعين عليه من أفراد هذه القبيلة بأن يدفعوا إلى الموقعين عليه من أفراد قبيلتي السناقرة والقطعان مبلغ أربعمائة جنيه دية عن كل واحد من القتيلين بمجرد إتمام حلف أولياء دم كل قتيل خمسة وخمسين يميناً بأن القتل حصل من قبيلة الجبيهات. وبعد صدور هذا الحكم وقع عليه سالم شعيب وعيسى نوح مسعود وصابر معيوف من قبيلة الجبيهات ثم وقع عليه سعداوي كريم وموسى صالح ونعيم خير الله وعبد الله محمد شنيبات وهاشم خميس من قبيلتي السناقرة والقطعان. وهذا المستند الثابت به حكم قومسيون التحكيم ثم توقيعات الفريقين قد رتب على الموقعين عليه من أفراد قبيلة الجبيهات، ومنهم المطعون ضدهما الأولان، تعهدا بدفع مبلغ ثمانمائة جنيه للموقعين عليه من قبيلتي السناقرة والقطعان، وهم الطاعنون، معلقاً على شرط حلف عدد معين من الأيمان. وهذا الشرط الذي قبل الطرفان تعليق تنفيذ التعهد على تحققه ليس مخالفاً للقانون، بل له أصل في يمين القسامة المقرر في مسائل الدية في الشريعة الإسلامية، فهذا التعهد قد استوفى كل العناصر القانونية الواجب توافرها في التعهدات المدنية الصحيحة، وسببه حصول المتعهدين على الصلح بينهم هم وباقي أفراد قبيلتهم وبين المتعهد لهم وباقي أفراد القبيلتين الأخريين بخصوص حادثة القتل المذكورة آنفاً وهو سبب جائز قانوناً.
وحيث إنه لما كان ذلك كذلك فإن الحكم المطعون فيه إذ أقيم على أساس أن المستندين المذكورين اللذين بنيت عليهما الدعوى لا يرتبان لمصلحة الطاعنين أي التزام على المطعون ضدهما الأولين يكون قد خالف القانون ويتعين نقضه بلا حاجة إلى البحث في أوجه الطعن الأخرى.

الطعن 120 لسنة 13 ق جلسة 11 / 5 / 1944 مج عمر المدنية ج 4 ق 136 ص 367

جلسة 11 مايو سنة 1944

برياسة سعادة أمين أنيس باشا رئيس المحكمة وبحضور حضرات: أحمد نشأت بك ومحمد المفتي الجزايرلي بك ومحمود فؤاد بك وأحمد علي علوبة بك المستشارين.

---------------

(136)
القضية رقم 120 سنة 13 القضائية

أ - مصروفات الدعوى. 

إقرار صادر من مورث المدعى عليهم بالدين المطلوب بالدعوى. أخذ المحكمة بوجهة نظر المدعى عليهم في تكييف هذا الإقرار بأنه يخفي وصية وإلزامهم بدفع الدين من ثلث التركة. إلزامهم مع ذلك بمصروفات الدعوى. لا مخالفة فيه لحكم المادة 113 مرافعات.
ب - وصية. 

تطبيق أحكام الشريعة الإسلامية. لا يكون إلا فيما يتعلق بأهلية الموصي وبصيغة الوصية. المبلغ الموصى به. الحكم به من اختصاص المحاكم الأهلية. المطالبة بفوائد التأخير عنه. جائزة. 

(المواد 54 و55 و124 مدني)

----------------
1 - إذا كان الثابت في الحكم أن النزاع بين طرفي الدعوى لم يقف عند حد الخلاف على تكييف الإقرار الصادر من مورث المدعى عليهم بالدين المطلوب بالدعوى وما إذا كان يخفي وصية، بل إن المدعى عليهم قد طلبوا الحكم بعدم اختصاص المحاكم الأهلية استناداً إلى المادة 16 من لائحة ترتيب المحاكم الأهلية، ثم طلبوا احتياطياً وقف الدعوى حتى يفصل في النزاع القائم على صحة الإقرار باعتباره وصية وحتى يفصل أيضاً في نزاع خاص بملكية المورث للأموال المطلوب الحكم باستيفاء قيمة الإقرار منها - إذا كان ذلك، وكانت المحكمة مع أخذها بوجهة نظر المدعى عليهم في الإقرار من أنه وصية قد ألزمتهم بدفع المطلوب من ثلث تركة مورثهم، وحكمت بإلزامهم بمصاريف الدعوى بناءً على أنهم، في جميع أدوار التقاضي، قد نازعوا المدعي في المبلغ الذي يطالب به، فإنها لا تكون في إلزامهم بالمصاريف قد خالفت حكم المادة 113 من قانون المرافعات.
2 - إنه بالرجوع إلى نص المادتين 54 و55 من القانون المدني يبين أن أحكام الشريعة الإسلامية لا تراعى إلا فيما يتعلق بأهلية الموصي وبصيغة الوصية فقط. أما الحكم بالمبلغ الموصى به فإنه يدخل في نطاق المسائل المتعلقة بالمعاملات التي تفصل فيها المحاكم وفقاً للقانون المدني. فمتى صحت الوصية وأصبح المال الموصى به حقاً على التركة، فإن أحكام المادة 124 من القانون المدني هي التي تجرى عليه. فتجوز المطالبة بفوائد التأخير عن المبلغ الموصى به من يوم المطالبة الرسمية.


الوقائع

تتحصل وقائع هذه الدعوى في أن المطعون ضده رفع دعوى على الطاعنين لدى محكمة المنصورة الابتدائية قيدت برقم 151 سنة 1941 قال في صحيفتها: إنه وأخاه جميل المشمول بوصايته دائنان للمرحوم فؤاد خوري بمبلغ عشرة آلاف جنيه بمقتضى إقرار تاريخه 14 مارس سنة 1938 وثابت التاريخ في 30 من ذلك الشهر. وقد توفي المدين في 14 نوفمبر سنة 1941 وآلت تركته للطاعنين عدا الثاني نديم خليل عطا الله خوري، فأخذوا يماطلونه في الوفاء. ولذلك طلب الحكم أولاً - بتعيين حارس على الأعيان والأطيان والمنقولات والنقود والمحل التجاري المخلفة عن المرحوم فؤاد خوري وما آل إليه عن ابنه المرحوم ميخائيل خوري للمحافظة عليها وإدارة شئونها إلى أن يفصل في هذا النزاع، وذلك بصفة مستعجلة ومع النفاذ بنسخة الحكم الأصلية. ثانياً - بصفة مستعجلة وبحكم مشمول بالنفاذ المؤقت وبنسخة الحكم الأصلية بإلزام المدعى عليهم الثلاثة الأول (الطاعنين عدا الثاني) في مواجهة الرابع (الطاعن الثاني) بأن يدفعوا هم أو الحارس القضائي الذي ستعينه المحكمة مبلغ خمسين جنيهاً إلى المدعي في أول كل شهر بصفة نفقة حتى يتسلم حقوقه بصفته. ثالثاً - إلزام المدعى عليهم الثلاثة الأولين في مواجهة الرابع بأن يدفعوا للمدعي عن نفسه وبصفته من تركة مورثهم فؤاد خوري مبلغ عشرة آلاف جنيه وفائدته من يوم المطالبة الرسمية حتى الوفاء بواقع 7% سنوياً. رابعاً - إلزام المدعى عليهم بالمصاريف وأتعاب المحاماة مع النفاذ بلا كفالة. دفع المدعى عليهم الدعوى بعدم اختصاص المحكمة الأهلية بنظر الدعوى ارتكاناً على المادة 16 من لائحة ترتيب المحاكم الأهلية قولاً منهم إن السند الذي يستند إليه المدعي في دعواه هو في الواقع وصية متنازع في صحتها وطلبوا احتياطياً الحكم بوقف الدعوى إلى أن تحكم جهة الأحوال الشخصية المختصة في النزاع القائم على صحة الوصية. كما طلبوا الحكم بعدم قبول الدعوى بالنسبة للطلبين الخاصين بالحراسة والنفقة. لم تأخذ المحكمة بدفاع المدعى عليهم من أن السند المقدم من المدعي وصية. وحكمت بتاريخ 14 يونيه سنة 1941 أولاً - برفض الدفع بعدم اختصاص المحاكم الأهلية بنظر الدعوى وباختصاص المحكمة بنظرها. ثانياً - بإلزام المدعى عليهم الثلاثة الأول وفي مواجهة المدعى عليه الرابع (الطاعن الثاني) بأن يدفعوا للمدعي عن نفسه وبصفته وصياً على أخيه القاصر جميل من تركة مورثهم فؤاد أفندي خوري مبلغ عشرة آلاف جنيه وفائدته بواقع 5% سنوياً من تاريخ المطالبة الرسمية الحاصلة في 26 فبراير سنة 1941 حتى الوفاء والمصاريف المناسبة و500 قرش أتعاب محاماة، ورفضت ما عدا ذلك من الطلبات. استأنف الطاعنون هذا الحكم لدى محكمة استئناف مصر طالبين الحكم بقبول الاستئناف شكلاً وفي الموضوع بإلغاء الحكم المستأنف وبقبول الدفع الفرعي بعدم اختصاص المحاكم الأهلية استناداً إلى المادة 16 من لائحة ترتيب المحاكم الأهلية واحتياطياً إيقاف الفصل في الدعوى إلى أن تحكم الجهة الشرعية المختصة في النزاع القائم بشأن الوصية وإلى أن يفصل في النزاع الخاص بتركة فؤاد ميخائيل خوري وما ورثه عن أبيه وإلزام المستأنف ضده بالمصاريف وأتعاب المحاماة عن الدرجتين. وبتاريخ 10 مارس سنة 1943 حكمت المحكمة بقبول الاستئناف شكلاً وفي الموضوع بتعديل الحكم المستأنف إلى إلزام المستأنفين الثلاثة الأولين (الطاعنين عدا الثاني) في مواجهة المستأنف الرابع (الطاعن الثاني) بأن يدفعوا للمستأنف ضده عن نفسه وبصفته وصياً على أخيه القاصر جميل من ثلث تركة مورثهم فؤاد ميخائيل خوري مبلغ عشرة آلاف جنيه وفائدته بواقع 5% سنوياً من تاريخ المطالبة الرسمية الحاصلة في 26 فبراير سنة 1941 لحين الوفاء والمصاريف عن الدرجتين والمقاصة في أتعاب المحاماة عنهما، ورفضت ما عدا ذلك من الطلبات.
أعلن هذا الحكم إلى الطاعنين في 3 أغسطس سنة 1943 فطعنوا فيه بطريق النقض إلخ إلخ.


المحكمة

وحيث إن مؤدى الوجه الأول من وجهي الطعن أن الحكم المطعون فيه أخطأ في تطبيق القانون حين قضى بإلزام الطاعنين عدا الثاني بمصاريف الدعوى. ذلك لأن المطعون ضده طلب اعتبار الإقرار المؤرخ 14 مارس سنة 1938 الذي استند إليه في دعواه سند دين مؤجل إلى تاريخ وفاة فؤاد ميخائيل خوري، ونازعه الطاعنون في ذلك طالبين اعتباره وصية. وقد أخذ الحكم المطعون فيه بوجهة نظرهم وقضى للمطعون ضده بقيمة الإقرار من ثلث تركة الموصي، وعلى الرغم من أن الحكم اعتبر الطاعنين على حق في تكييف الإقرار ألزمهم بمصاريف الدعوى مخالفاً بذلك نص المادة 113 من قانون المرافعات.
وحيث إنه ظاهر من الحكم المطعون فيه أن الطاعنين نازعوا المطعون ضده في دعواه بأن طلبوا الحكم بعدم اختصاص المحاكم الأهلية بنظر الدعوى استناداً إلى المادة 16 من لائحة ترتيب المحاكم الأهلية ثم طلبوا احتياطياً وقف الدعوى حتى يفصل في النزاع القائم على صحة الوصية ووقفها أيضاً حتى يفصل في نزاع خاص بملكية المورث لأملاكه مما تبين منه أن النزاع بين الطرفين لم يقف عند حد الخلاف على تكييف الإقرار، كما يقول الطاعنون. وقد ذكر الحكم في تسبيب قضائه بالمصاريف ما يأتي: "وحيث إنه عن المصاريف فيتعين إلزام الثلاثة المستأنفين الأولين (أي الطاعنين عدا الثاني) بها من تركة مورثهم فؤاد ميخائيل خوري لأنهم نازعوا، بغير حق، المستأنف ضده بصفته في المبلغ المطالب به في جميع أدوار التقاضي". وفي هذا ما يدل على أن الحكم المطعون فيه لم يخطئ في تطبيق المادة 113 من قانون المرافعات فيما قضى به من إلزام الطاعنين عدا الثاني بمصاريف الدعوى.
وحيث إن مؤدى الوجه الثاني أن الحكم المطعون فيه أخطأ في تطبيق القانون فيما قضى به من الفوائد. وذلك لأن محكمة الموضوع طبقت أحكام الشريعة تطبيقاً سليماً بالنسبة لمبلغ العشرة آلاف جنيه حين ألزمت الطاعنين بأدائه من ثلث مال المورث، ولكنها خالفت القانون في قضائها بفائدتها لأن أحكام الشريعة لا تجيز الفوائد عن المبالغ الواجب أداؤها شرعاً ومنها المبالغ الموصى بها.
وحيث إنه إذا رجعنا إلى المادتين 54 و55 من القانون المدني وجدنا أن أحكام الشريعة لا تراعى إلا فيما يتعلق بأهلية الموصي وبصيغة الوصية، وأما الحكم بالمبلغ الموصى به فلا يتصل بهذين الأمرين بل هو يدخل في نطاق المسائل المتعلقة بالمعاملات التي تفصل فيها المحاكم وفقاً للقانون المدني. فمتى صحت الوصية وأصبح المال الموصى به حقاً على التركة تجرى عليه أحكام المادة 124 من القانون المدني. ومن ثم يكون ما ينعاه الطاعنون في هذا الوجه على غير أساس.
وحيث إن الطاعنين تمسكوا في مذكرتهم الشارحة بوجهين آخرين: أحدهما قصور في تسبيب الحكم المطعون فيه، ومؤدى الآخر أنه لا يجوز الحكم بالفوائد إلا إذا كان الدين حالاً ومعيناً مقداره، وهما أمران غير متوافرين بالنسبة لمبلغ العشرة آلاف جنيه المقضى بها بسبب عدم جرد التركة، ومعرفة ما إذا كان هذا المبلغ خرج من ثلثها أم لا.
وحيث إنه لا يجوز للطاعنين التمسك بهذين الوجهين لأنه لم يرد لهما ذكر في تقرير الطعن وهما غير متعلقين بالنظام العام ولذلك فلا يلتفت إليهما.

الطعن 552 لسنة 45 ق جلسة 4 / 5 / 1978 مكتب فني 29 ج 1 ق 230 ص 1171

جلسة 4 من مايو سنة 1978

برئاسة السيد المستشار نائب رئيس المحكمة عبد العال السيد وعضوية السادة المستشارين أحمد صلاح الدين زغو، والدكتور عبد الرحمن عياد، ومحمد فاروق راتب، وعماد الدين بركات.

-------------

(230)
الطعن رقم 552 لسنة 45 القضائية

(1) ملكية. إثبات.
المفاضلة بين سندي ملكية خصمين متى كانا متعادلين وصادرين من شخصين مختلفين. مناطه.
(2) حراسة. وكالة. حيازة. تقادم "التقادم المكسب".
الحارس القضائي وكيل عن أصحاب الشأن. جواز استنادهم إلى حيازته كسبب لكسب الملكية بالتقادم.

--------------
1 - المفاضلة بين مستندات الملكية التي يعتمد عليها أحد طرفي الخصومة وبين مستندات ملكية الطرف الآخر والتي صدرت لإثبات تصرفات قانونية هي من المسائل القانونية يتعين على المحكمة أن تقول كلمتها فيها، ومن القواعد المقررة في هذا الخصوص أنه إذا كان سنداً طرفي النزاع متعادلين وصادرين من شخصين مختلفين والحيازة لأحدهما محققة ومستوفية لشرائطها فإنه يفضل خصمه بهذه الحيازة إلا إذا أثبت الطرف الآخر أن سلفه الذي تلقى منه السند كان يفوز على السلف الذي تلقى منه الحائز سنده لو أن دعوى الاستحقاق أقامها أحدهما على الآخر ففي هذه الحالة يفضل هذا الطرف خصمه الحائز.
2 - آثار حيازة الحارس القضائي باعتباره وكيلاً عن أصحاب الشأن في دعوى الحراسة تنصرف إليهم بحيث يكون لهم دون غيرهم الاستناد إليها كسبب من أسباب كسب الملكية.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر الأوراق - تتحصل في أن المرحوم...... بصفته حارساً قضائياً على الأرض المقام عليها مدينة البنا أقام الدعوى رقم 301 - سنة 1964 مدني كلي الإسكندرية ضد المطعون عليها الأولى للحكم بإخلاء قطعة الأرض المبينة بصحيفة الدعوى وإزالة المباني والمنشآت المقامة عليها وتسليمها له خالية تأسيساً على أنها اغتصبتها وأقامت عليها المباني الموضحة بالصحيفة ولزوال صفة المرحوم....... قضت المحكمة بتاريخ 5/ 5/ 1964 بانقطاع سير الخصومة وقامت الشركة الطاعنة بتعجيل الدعوى باعتبارها المالكة للأرض محل النزاع ضمن مساحة أكبر بموجب عقد بيع مؤرخ 20/ 9/ 1964 صادر لها من الحراسة العامة على أملاك المرحوم....... الذي كان مالكاً لها على الشيوع بعقود مسجلة وبوضع اليد المدة الطويلة المكسبة للملكية. طلبت المطعون عليها الثانية قبولها خصماً منضماً للمطعون عليها الأولى في طلب رفض الدعوى استناداً إلى أنها كانت تملك أرض النزاع على الشيوع ضمن مساحة أكبر بعقد مسجل وأنها باعتها للمطعون عليها الأولى بعقد ابتدائي مؤرخ 25/ 3/ 1961 وبتاريخ 28/ 11/ 1966 قضت المحكمة بقبول تدخل المطعون عليها الثانية وبندب خبير لتطبيق مستندات الطرفين على الطبيعة وتحقيق وضع اليد ومدته وسببه لبيان المالك الحقيقي لعين النزاع وبعد أن أودع الخبير تقريره قضت بتاريخ 27/ 5/ 1968 برفض الدعوى استأنفت الشركة الطاعنة هذا الحكم لدى محكمة استئناف الإسكندرية طالبة إلغاءه والقضاء لها بطلباتها وقيد الاستئناف برقم 702 سنة 24 ق وبتاريخ 20/ 1/ 1970 قضت المحكمة بندب خبير لتطبيق مستندات الطرفين على أرض النزاع وتحقيق وضع اليد عليها ومدته وسببه وفحص اعتراضات الشركة الطاعنة على تقرير الخبير المنتدب من محكمة أول درجة وذلك لبيان المالك الحقيقي لهذه الأرض، وبعد أن أودع الخبير تقريره قضت بتاريخ 22/ 5/ 1975 بتأييد الحكم المستأنف. طعنت الشركة في هذا الحكم بطريق النقض وقدمت النيابة العامة مذكرة أبدت فيها الرأي بنقض الحكم.
وحيث إن مما تنعاه الشركة الطاعنة على الحكم المطعون فيه بالسبب الثالث والخامس والسادس مخالفة القانون والقصور في التسبيب والفساد في الاستدلال وفي بيان ذلك تقول إنها أقامت دفاعها على أن ملكية سلفها المرحوم....... لأرض النزاع ثابتة بعقود مسجلة وبوضع اليد المدة الطويلة المكسبة للملكية والتي من مظاهرها فرض الحراسة القضائية عليها منذ عام سنة 1936 إلى أن باعتها لها الحراسة العامة على أموال الخاضعين للأمر رقم 138 سنة 1961 الأمر الثابت بما قدمته من مستندات رسمية. وقد أثبت الخبير الذي ندبته محكمة الاستئناف في تقريره أن الشركة الطاعنة ومن سبقها من الملاك يضعون اليد على أرض النزاع وأن المطعون عليهما ومن باع للمطعون عليها الثانية لم يسبق لهم وضع اليد على هذه الأرض. وتحقيقاً لدفاعها طلبت التصريح لها بإدخال باقي الملاك المشتاعين لتطبيق عقودهم على الطبيعة وإحالة الدعوى إلى التحقيق ومع ذلك - ورغم أن الحارس يمثل الملاك لأنه ينوب عنهم في الإدارة وحفظ الشيء لحسابهم فتكون لهم السيطرة المادية على الشيء - فضل الحكم المطعون فيه عقد البيع الابتدائي الصادر للمطعون عليها الأولى من غير مالك على عقدها استناداً إلى عدم تسجيله مع أنه صادر من الحراسة العامة الممثلة للمرحوم....... "المالك بعقود مسجلة وبوضع اليد المدة الطويلة المكسبة للملكية" دون أن يرد على ما تمسكت به في دفاعها من أفضلية سند سلفها على سند المطعون عليها الثانية أو يناقش مستنداتها وما أورده الخبير الذي ندبته محكمة الاستئناف من أنها وسلفها يضعان اليد على الأرض محل النزاع دون المطعون عليهما وسلفهما مع أنه دفاع جوهري من شأنه لو صح أن يتغير به وجه الرأي في الدعوى.
وحيث إن هذا النعي في محله ذلك أن الحكم المطعون فيه أقام قضاءه بتأييد الحكم الابتدائي الصادر برفض الدعوى على قوله "وحيث إن الحكم المستأنف في محله للأسباب التي أقيم عليها والتي تقره عليها هذه المحكمة وتجعل منها دعامة لقضائها لأنه خلص سليماً إلى انتفاء ملكية الشركة المستأنفة لأرض النزاع طالما أن العقد الذي تركن إليه في هذا المقام وهو عقد البيع المؤرخ 20/ 9/ 1964 هو عقد عرفي لم تتخذ إجراءات تسجيله ومن ثم فهو قاصر عن نقل الملكية إليها ولا عبرة بالعقود الثمانية المسجلة المقدمة من جانبها وذلك لأن هذه العقود تثبت الملكية للمرحوم.... الذي وضعت أمواله تحت الحراسة طبقاً للأمر رقم 138 سنة 1961 وهي الحراسة التي أبرمت مع الشركة المستأنفة العقد العرفي آنف الذكر ببيع مصنع كبريت البنا والذي لو صح أنه يشمل أرض النزاع فإن تسلسل الملكية ينقطع به لعدم تسجيله ويقف بها عند المرحوم........ فلا تتعداه إلى الشركة المستأنفة... وإذ كان الثابت فوق ما تقدم من تقريري الخبرة أن وضع يد المستأنف عليها الأولى ثابت منذ سنة 1964، تاريخ إقامتها البناء عليها وهو تاريخ معاصر لواقعة شراء الشركة المستأنفة لأرض النزاع بالعقد العرفي المؤرخ سنة 1964 فإن ما تدعيه الشركة من وضع يدها على أرض النزاع يكون منافياً لظروف الحال بما ترى معه المحكمة إطراحه"، وكان الحكم الابتدائي الذي أحال إليه الحكم المطعون فيه قد أقام قضاءه باستبعاد وضع يد سلف الشركة الطاعنة على أرض النزاع على قوله "أن وضع اليد كسبب للتمليك إنما يقوم على السيطرة المادية على العقار وهذه السيطرة واقعة مادية يجوز الإثبات فيها بكافة الطرق، وقد أثبت الخبير في تقريره أن أياً من الطرفين لم يقدم ما يفيد وضع يده قبل سنة 1964، ومن ثم لا يجدي الشركة التمسك بأحكام الحراسة كدليل على وضع اليد، لأن العبرة بالحيازة الفعلية المدة الطويلة المكسبة للملكية وهو ما لم يثبت لأي من الطرفين"، لما كان ذلك وكان الثابت من أوراق الدعوى أن عقدي بيع أرض النزاع الصادرين للشركة الطاعنة وللمطعون عليها الأولى غير مسجلين وأن عقود سلفيها مسجله وقام دفاع الشركة الطاعنة على أن سلفها المرحوم......." يملك هذه الأرض بوضع اليد المدة الطويلة المكسبة للملكية منذ سنة 1936 وبذلك يفضل سلفها سلف المطعون عليها الأولى والتي لم يكن لها وضع يد على تلك الأرض واستدلت على ذلك بالحكمين الصادرين في الدعويين سنة 1936، 4739 سنة 1958 مستعجل الإسكندرية الذي قضى أولهما بوضع أرض النزاع تحت الحراسة وتعيين حارس عليها وقضى الثاني بتعيين المرحوم...... حارساً عليها بدل الحارس المتوفى وكذلك بالحكم الصادر في دعوى القسمة بين الملاك المشتاعين رقم 94 سنة 1947 جزئي الرمل، وبما أثبته الخبير الذي ندبته محكمة الاستئناف من أن تلك الأرض كانت في وضع يد الحراس القضائيين منذ سنة 1936 ثم انتقلت بعد القسمة إلى المرحوم...... الذي اختص بها، وكانت المفاضلة بين مستندات الملكية التي يعتمد عليها أحد طرفي الخصومة وبين مستندات ملكية الطرف الآخر والتي صدرت لإثبات تصرفات قانونية هي من المسائل القانونية الذي يتعين على المحكمة أن تقول كلمتها فيها - ومن القواعد المقررة في هذا الخصوص أنه إذا كان سنداً طرفي النزاع متعادلين وصادرين من شخصين مختلفين والحيازة لأحدهما محققة ومستوفية لشرائطها فإنه يفضل خصمه بهذه الحيازة إلا إذا أثبت الطرف الآخر أن سلفه الذي تلقى منه السند كان يفوز على السلف الذي تلقى منه الحائز سنده لو أن دعوى الاستحقاق أقامها أحدهما على الآخر ففي هذه الحالة يفضل هذا الطرف خصمه الحائز، وكانت آثار حيازة الحارس القضائي باعتباره وكيلاً عن أصحاب الشأن في دعوى الحراسة تنصرف إليهم بحيث يكون لهم دون غيرهم الاستناد إليها كسبب من أسباب كسب الملكية فإن المحكمة إذ استبعدت وضع يد سلف الشركة الطاعنة على أرض النزاع - قولاً منها بعدم جدوى التمسك بوضع اليد بناء على أحكام الحراسة القضائية - تكون قد خالفت القانون وقد أدى بها هذا الخطأ إلى حجب نفسها عن أن تقول كلمتها في دفاع الشركة الطاعنة من أن سلفها تملك أرض النزاع بوضع اليد المدة الطويلة المكسبة للملكية وفيما ورد في تقرير الخبير الذي ندبته محكمة الاستئناف بشأن هذا الدفاع مما يعيب حكمها بالقصور في التسبيب ويتعين لذلك نقضه بغير حاجة لبحث باقي أسباب الطعن.

الطعن 517 لسنة 44 ق جلسة 3 / 5 / 1978 مكتب فني 29 ج 1 ق 229 ص 1168

جلسة 3 من مايو سنة 1978

برئاسة السيد المستشار محمد أسعد محمود نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين الدكتور إبراهيم صالح، محمد الباجوري، صلاح نصار ومحمود رمضان.

-------------

(229)
الطعن رقم 517 لسنة 44 ق

إيجار "إيجار الأماكن".
تقدير القيمة الإيجارية. وجوب الاعتداد بقيمة الأرض وفقاً لثمن المثل وقت البناء. لا عبرة بثمن شراء الأرض. تقدير قيمة المباني بسعر السوق وقت البناء.

---------------
مفاد المادتين 10، 11 من القانون رقم 52 لسنة 1969 أن تقدير قيمة الأرض وفقاً لثمن المثل وقت البناء وأنه لا عبرة بالثمن الذي اشتريت به الأرض كما تقدر قيمة المباني وفقاً لسعر السوق في ذلك الوقت، وقرر المشرع للمؤجر 5% من قيمة المباني يضاف إليها 3% مقابل مصروفات الإصلاح والصيانة والإدارة وتشمل تكاليف الأساسات والأسوار والتوصيلات الخاصة بالمرافق.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الوقائع - حسبما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر أوراق الطعن - تتحصل في أن لجنة تقدير الإيجارات بمحافظة القاهرة قامت بتقدير الأجرة الشهرية للوحدات السكنية بالعمارة رقم...... بقسم المعادي بالقاهرة بواقع 13 جنيه و600 مليم للشقة المكونة من ثلاث غرف ومبلغ 10 جنيهات و200 مليم للشقة المشتملة على غرفتين، فأقام الطاعن الدعوى رقم...... سنة 1971 مدني أمام محكمة جنوب القاهرة الابتدائية، طالباً إلغاءه ومراعاة القيمة الحقيقة للأرض والبناء كما أقام المطعون عليهما السادس والسابع الدعوى رقم....... والمطعون عليه الثالث الدعوى رقم...... أمام ذات المحكمة طالبين تعديله - وبتاريخ 20/ 6/ 1971 حكمت المحكمة بعد ضم الطعون الثلاثة بندب أحد الخبراء لمعاينة الوحدات السكنية موضوع النزاع وتقدير قيمة المباني وفقاً لسعر السوق وقت إنشائها وتحديد الأجرة القانونية وفقاً للقانون، وبعد أن قدم الخبير تقريره عادت فحكمت في 29/ 10/ 1972، بإعادة المأمورية للخبير لفحص الاعتراضات المبداة من الطاعن والمطعون عليهم، وبعد تقديم التقرير التكميلي، حكمت في 18/ 3/ 1973 بتعديل القيمة الإيجارية للشقة المؤجرة للمطعون عليهم الثانية والرابع والسابع إلى مبلغ 11 جنيه و950 مليماً والمؤجرة للمطعون عليهم الثالث والخامس والسادس والثامن إلى مبلغ 8 جنيهات و900 مليم، استأنف الطاعن هذا الحكم بالاستئناف رقم 3384 سنة 90 ق القاهرة، وبتاريخ 18/ 3/ 1974 حكمت محكمة الاستئناف بتأييد الحكم المستأنف. طعن الطاعن على هذا الحكم بطريق النقض. دفع المطعون عليه الأول - محافظ القاهرة - بعدم قبول الطعن بالنسبة له لأنه لا يعتبر خصماً حقيقياً. وقدمت النيابة العامة مذكرة أبدت فيها الرأي بقبول الدفع وفي الموضوع برفض الطعن. عرض الطعن على هذه المحكمة في غرفة مشورة فرأته جديراً بالنظر، وبالجلسة المحددة التزمت النيابة رأيها.
وحيث إن الدفع المبدى من المطعون عليه الأول في محله، ذلك أنه لما كان لا يكفي فيمن يختصم في الطعن أن يكون خصماً للطاعن في الدعوى التي صدر فيها الحكم المطعون فيه، بل يجب أن تكون له مصلحة في الدفاع عن الحكم حين صدوره وكان الثابت أن الطاعن قد اختصم المطعون عليه الأول ليصدر الحكم في مواجهته، وأنه وقف من الخصومة موقفاً سلبياً ولم يبد أي دفاع فيها، كما لم يحكم بشيء ضده، وكان الطاعن قد أسس طعنه على أسباب لا تعلق لها بالمطعون عليه الأول فلا يقبل منه اختصامه في الطعن، ويكون الدفع في محله.
وحيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية بالنسبة للمطعون عليهم عدا الأول.
وحيث إن حاصل ما ينعاه الطاعن بسببي الطعن على الحكم المطعون فيه مخالفة القانون والإخلال بحق الدفاع. وفي بيان ذلك يقول أن الحكم أخذ بتقرير الخبير المنتدب رغم اعتراضه عليه ورغم تقديمه تقارير استشارية مخالفة للنتيجة التي خلص إليها، مما كان يتعين معه الاستجابة لطلبه ندب مكتب الخبراء للترجيح بين الرأيين هذا إلى أن الحكم قد التفت عن المطاعن التي وجهها إلى التقرير والتي أهدر فيها القواعد التي رسمها القانون عند تقدير قيمة البناء ذلك أنه لم يراع اختلاف صقع أرض العقار منذ شرائها سنة 1964 وحتى تاريخ إقامة البناء سنة 1970، وإلى أن تلك الأرض ذات طبيعة طفلية وضعيفة مما اقتضاه عمل أساسات أعمق وأقوى كبدته تكاليف خاصة، فضلاً عن إهداره احتساب النفقات التي ارتفعت بالعقار إلى مرتبه المباني الممتازة، وهو ما يعيب الحكم بمخالفة القانون والإخلال بحق الدفاع.
وحيث إن النعي مردود بأنه - وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة - متى رأت محكمة الموضوع في حدود سلطتها التقديرية الأخذ بتقدير الخبير المعين في الدعوى لاقتناعها بصحة أسبابه، فلا يعيب حكمها ألا ترد بأسباب خاصة على ما ورد في التقرير الاستشاري، كما أن ندب خبيراً آخر جوازي متروك لمطلق تقديرها، فلا تثريب عليها إن هي لم تر استعمال هذه الرخصة الممنوحة لها. ولما كان مفاد المادتين 10، 11 من القانون رقم 52 لسنة 1969 أن تقدير قيمة الأرض وفقاً لثمن المثل وقت البناء، وأنه لا عبرة بالثمن الذي اشتريت به الأرض، كما تقدر قيمة المباني وفقاً لسعر السوق في ذلك الوقت، وقرر المشرع للمؤجر 5% من قيمة المباني يضاف إليها 3% مقابل مصروفات الإصلاح والصيانة والإدارة وتشمل تكاليف الأساسات والأسوار والتوصيلات الخاصة بالمرافق، وكان البين من مدونات الحكم المطعون فيه أنه انتهى إلى الأخذ بتقرير الخبير المنتدب بعد أن أعيدت المأمورية إليه لفحص الاعتراضات التي ساقها الطاعن عليه، وأنه توخى في تقريره التزام حكم القانون على النحو السالف البيان، وكان الطاعن لم يقدم دليلاً على تجافي الخبير لحكم القانون، وكانت الأسباب التي أوردها الخبير في تقريره والتي تبناها الحكم سائغة ومقبولة، فإن النعي بمخالفة القانون لا يعدو وأن يكون مجادلة موضوعية غير جائزة، ويكون النعي على غير أساس.
ولما تقدم يتعين رفض الطعن.

الطعن 107 لسنة 13 ق جلسة 11 / 5/ 1944 مج عمر المدنية ج 4 ق 135 ص 363

جلسة 11 مايو سنة 1944

برياسة سعادة أمين أنيس باشا رئيس المحكمة وبحضور حضرات: أحمد نشأت بك ومحمد المفتي الجزايرلي بك ومحمود فؤاد بك وأحمد علي علوبة بك المستشارين.

--------------

(135)
القضية رقم 107 سنة 13 القضائية

تحكيم. 

وترية العدد. لا تجب إلا إذا كان المحكمون مفوضين بالصلح وأنهوا النزاع بالصلح. تفويض المحكمين بالحكم والصلح معاً. الفصل في النزاع حكماً. لا يتحتم أن يكون العدد وتراً.
(المادة 705 مرافعات)

--------------
إذا كان الظاهر من حكم المحكمين أنهما بحثا جميع أوجه النزاع التي عرضها الخصوم عليهما ومحصا المستندات المقدمة لهما وسمعا أقوالهم، وبعد هذا كله أصدرا حكمهما، فإنهما لا يكونان قد أنهيا النزاع بطريق الصلح. ومتى كان الأمر كذلك فإن حكمهما يكون صحيحاً، لأن وترية العدد المنصوص عليها بالمادة 705 مرافعات لا تجب إلا إذا كان المحكمون مفوضين بالصلح وأنهوا النزاع بالصلح. أما إذا كانوا مفوضين بالحكم وبالصلح معاً، وفصلوا فيه بالحكم، فليس من المحتم أن يكون عددهم وتراً. وإذن فالحكم الذي يقضي ببطلان حكم هذين المحكمين لعدم وترية العدد يكون مخطئاً.


الوقائع

تتلخص وقائع الدعوى في أنه كانت هناك شركة تجارية بين الطاعن والمطعون ضدهما باسم زلعوم وعبد ربه وشركائهما، ولنزاع قام بين الفريقين لجأ الطاعن إلى حضرة قاضي الأمور المستعجلة بدعوى تقيدت برقم 1487 سنة 1938 مستعجل مصر انتهت بتصديق المحكمة على مشارطة تحكيم بين الخصوم بالنص الآتي: - "اتفق الطرفان على تعيين الأستاذ إبراهيم رياض والأستاذ جورج توتونجى محكمين لفض النزاع القائم بينهما والناشئ من عقد الشركة وجميع ملاحقها وتصفية العلاقات القانونية والمالية بينهم تصفية نهائية على أن يكون للمحكمين الحق في اختيار مرجح، وإن اختلفا بشأنه يكون للمحكمة الحق في تعيينه، على أن يكون المحكمان مفوضين بالحكم والصلح، على أن يعفيا من إجراءات القانون المدني والمرافعات، وأن يؤديا المأمورية في ظرف شهرين". وقد أصدر المحكمان حكمهما في 27 من يناير سنة 1940 واستصدر عبد الوهاب أفندي عبد ربه أمراً من حضرة رئيس محكمة مصر الأهلية بتاريخ 7 من مارس سنة 1940 بوضع الصيغة التنفيذية على هذا الحكم، وعلى إثر ذلك رفع المطعون ضدهما الدعوى رقم 783 سنة 1940 كلي مصر على الطاعن والأستاذين إبراهيم أفندي رياض وجورج توتونجى وطلبا بعريضتها المعلنة بتاريخ 18 من مارس سنة 1940 الحكم بقبول المعارضة شكلاً في أمر التنفيذ الصادر من حضرة صاحب العزة رئيس محكمة مصر الابتدائية الأهلية بتاريخ 7 من مارس سنة 1940 وفي الموضوع بإلغاء الأمر المذكور واعتباره كأن لم يكن والحكم ببطلان حكم التحكيم الصادر من المحكمين بتاريخ 27 من يناير سنة 1940 لمخالفته للقانون وإلغائه مع إلزام الطاعن بالمصاريف والأتعاب وشمول الحكم بالنفاذ المعجل وبلا كفالة. وقد دفع الطاعن بعدم قبول المعارضة شكلاً لأن الحكم المعارض فيه قابل للاستئناف وقد رفع عنه استئناف فعلاً. وبتاريخ 30 من سبتمبر سنة 1940 حكمت المحكمة حضورياً بعدم قبول المعارضة شكلاً وألزمت المعارضين بالمصاريف وبمبلغ مائتي قرش مقابل أتعاب المحاماة للمعارض ضده الأول (وهو الطاعن). رفع المطعون ضدهما استئنافاً عن هذا الحكم أمام محكمة استئناف مصر طلبا في صحيفته المعلنة بتاريخ 17 من ديسمبر سنة 1940 ولما ورد بها من أسباب الحكم بقبول الاستئناف شكلاً وفي الموضوع بإلغاء الحكم المستأنف والحكم بقبول المعارضة في أمر التنفيذ الصادر من حضرة رئيس محكمة مصر الابتدائية الأهلية بتاريخ 7 من مارس سنة 1940 في قضية التحكيم رقم 1 سنة 1940 تحكيم وبإلغاء الأمر المذكور واعتباره كأن لم يكن والحكم ببطلان حكم التحكيم الصادر من حضرتي المحكمين الأستاذين إبراهيم رياض أفندي وجورج توتونجى بتاريخ 27 من يناير سنة 1940 مع إلزام الطاعن بالمصاريف والأتعاب عن الدرجتين. وبتاريخ 6 من إبريل سنة 1941 حكمت المحكمة حضورياً بقبول الاستئناف شكلاً وفي موضوعه بإلغاء الحكم المستأنف وبقبول المعارضة شكلاً وبإعادتها إلى محكمة أول درجة للفصل في موضوعها وألزمت المستأنف عليه الأول (الطاعن) بمصاريف الدرجتين وبمبلغ 500 قرش أتعاب محاماة للمستأنفين. ومحكمة أول درجة حكمت في هذه المعارضة بتاريخ 9 من فبراير سنة 1942 بقبول المعارضة شكلاً وفي الموضوع بإلغاء أمر التنفيذ فيما يختص بأتعاب المحكمين المحكوم بها وبرفض المعارضة فيما عدا ذلك، وألزمت المعارضين والمعارض ضده الأول مناصفة بمصاريف المعارضة وقد أمرت بالمقاصة في أتعاب المحاماة.
استأنف المطعون ضدهما هذا الحكم أمام محكمة استئناف مصر وطلبا الحكم بقبول الاستئناف شكلاً وفي الموضوع بإلغاء الحكم المستأنف والحكم بإلغاء أمر التنفيذ الصادر من حضرة رئيس محكمة مصر الأهلية في 7 من مارس سنة 1940 واعتباره كأن لم يكن، والحكم ببطلان التحكيم الصادر من حضرتي المحكمين الأستاذين إبراهيم أفندي رياض وجورج توتونجى بتاريخ 27 من يناير سنة 1940 وإلغائه، واحتياطياً رفض دعوى الطاعن مع إلزامه بالمصاريف والأتعاب عن الدرجتين. ومحكمة الاستئناف قضت بتاريخ 28 من مارس سنة 1943 ببطلان حكم التحكيم الصادر من حضرتي المحكمين الأستاذين إبراهيم رياض وجورج توتونجى بتاريخ 27 من يناير سنة 1940 وبإلغائه وإلغاء أمر التنفيذ الصادر من حضرة رئيس محكمة مصر الابتدائية الأهلية في 7 من مارس سنة 1940 واعتباره كأن لم يكن وبإلزام المستأنف عليه (الطاعن) بالمصاريف عن الدرجتين و1000 قرش مقابل أتعاب محاماة عنهما.
أعلن هذا الحكم للطاعن في 5 من يوليو سنة 1943 فقرر وكيله الطعن فيه بطريق النقض إلخ إلخ.


المحكمة

وحيث إن مما ينعاه الطاعن على الحكم المطعون فيه أنه أخطأ في تطبيق القانون إذ قال إن مشارطة التحكيم موضوع النزاع هي مشارطة بالصلح ولم يعين فيها إلا محكمان اثنان ولم يعين معهما ثالث بالاسم فتكون باطلة طبقاً لنص المادة 705 مرافعات التي تشترط أن يكون عدد المحكمين في الصلح وتراً. ولا يغير من هذه الحقيقة كون المشارطة أباحت للمحكمين الحكم في النزاع فهذا لا ينفي إباحتها لهم الصلح، ولا يغير من البطلان كون المحكمين سارا في إجراءات الحكم دون الصلح. وهذا خطأ في تطبيق المادة 705 سالفة الذكر لأنها لا تستلزم وترية عدد المحكمين إلا إذا فوضوا بالصلح وحكموا به. فإذا كان عدد المحكمين شفعاً وقضوا في النزاع حكماً لا صلحاً فلا يلحق عملهم أي بطلان.
وحيث إنه تبين من الاطلاع على حكم المحكمين الصادر في 25 من يناير سنة 1940 أنهما (أي المحكمين) بحثا جميع أوجه النزاع التي عرضها الخصوم عليهما ومحصا المستندات المقدمة لهما وسمعا أقوالهم، وبعد هذا كله أصدرا حكمهما المذكور. أي أنهما لم ينهيا النزاع بطريق الصلح، ومتى كان الأمر كذلك فإن حكمهما يكون صحيحاً، لأن وترية العدد المنصوص عليها بالمادة 705 مرافعات لا يجب توافرها إلا إذا كان المحكمون مفوضين بالصلح وأنهوا النزاع صلحاً بالفعل أما إذا فوضوا بالحكم وبالصلح معاً وفصلوا فيه حكماً فليس من المحتم أن يكون عددهم وتراً.
وحيث إنه متى تبين هذا يكون الحكم المطعون فيه قد أخطأ إذ قضى ببطلان حكم التحكيم المشار إليه لعدم وترية المحكمين، ويتعين نقضه، ولا حاجة لبحث الوجه الآخر من وجهي النقض.
وحيث إنه عن الموضوع فإن الدعوى صالحة للحكم فيه وترى هذه المحكمة أن الحكم الابتدائي المستأنف الصادر بتاريخ 9 من فبراير سنة 1942 في محله ويتعين تأييده.

الطعن 104 لسنة 13 ق جلسة 11 / 5 / 1944 مج عمر المدنية ج 4 ق 134 ص 362

جلسة 11 مايو سنة 1944

برياسة سعادة أمين أنيس باشا رئيس المحكمة وبحضور حضرات: أحمد نشأت بك ومحمد المفتي الجزايرلي بك ومحمود فؤاد بك وأحمد علي علوبة بك المستشارين.

-----------

(134)
القضية رقم 104 سنة 13 القضائية

قوة الشيء المحكوم فيه. 

صدور حكم في دعوى بتصفية الحساب بين طرفيها (راهن ومرتهن) على أساس تقدير ريع الأطيان المرتهنة بناءً على أجر المثل لأن عقود إيجارها المقدمة من الدائن صورية. إجراء حساب استهلاك دين الراهن على أساس الأجرة الواردة في تلك العقود. إهدار لحجية الشيء المحكوم فيه.

-----------

إذا طلب المرتهن رهن الحيازة أصل دينه، ودفع الراهن باستهلاك الدين من ريع الأطيان المرهونة، وقضت المحكمة في الدعوى بندب خبير لمعاينة الأطيان وتقدير ريعها على أساس أجر المثل ثم إجراء عملية الاستهلاك، وصرحت في أسباب حكمها بأن عقود الإيجار التي تمسك بها الدائن المرتهن في تقدير الريع هي عقود صورية، فإن هذا القضاء القطعي في صورية هذه العقود وفي عدم الاعتداد بها يحوز قوة الشيء المحكوم فيه لوروده في أسباب الحكم المرتبطة بمنطوقه. وعلى ذلك فإذا أخذت المحكمة عند تصفية الحساب فيما بعد بالأجرة الواردة في عقود الإيجار كان حكمها مخالفاً للقضاء السابق متعيناً نقضه.

الطعن 218 لسنة 43 ق جلسة 3 / 5 / 1978 مكتب فني 29 ج 1 ق 228 ص 1162

جلسة 3 من مايو سنة 1978

برئاسة السيد/ المستشار نائب رئيس المحكمة مصطفى كمال سليم وعضوية السادة المستشارين: محمد عبد الخالق البغدادي، سليم عبد الله سليم، محمد عبد العزيز الجندي وأمين طه أبو العلا.

---------------

(228)
الطعن رقم 218 لسنة 43 القضائية

(1) تنفيذ عقاري. حكم. قوة الأمر المقضي. بطلان.
فصل المحكمة في الاعتراضات على قائمة شروط البيع المؤسسة على أوجه بطلان موضوعية. أثره. اكتساب قضائها متى صار نهائياً قوة الأمر المقضي. عدم جواز العودة إلى إثارة ذات النزاع في دعوى لاحقة. المواد 642، 647، 648 مرافعات سابق.
(2) إرث. تنفيذ عقاري.
انتصاب الوارث خصماً عن باقي الورثة. شرطه. اعتراض أحد الورثة على قائمة شروط البيع استناداً إلى ملكيته هو وأخوته للأرض المنفذ عليها. عدم الإشارة إلى تمثيله للتركة أو استغراقهم لها. أثره. عدم انتصابه خصماً عن باقي الورثة.
(3) إرث. تنفيذ عقاري. قوة الأمر المقضي. حكم.
اعتراض أحد الورثة على قائمة شروط البيع. الحكم الصادر برفضه. اكتسابه قوة الأمر المقضي قبل المعترض وحده ودون باقي الورثة.
(4) تنفيذ عقاري. دعوى نظام عام.
إخبار المشتري من المدين بإيداع قائمة شروط البيع باعتباره حائزاً. منازعته في التنفيذ على أساس أن العين ليست مملوكة للمدين. وجوب رفعها بطريق الاعتراض على القائمة وليس بدعوى مبتدأه. م 642 مرافعات سابق. تعلق ذلك بالنظام العام.

--------------
1 - من المقرر في قضاء هذه المحكمة وفقاً لنصوص المواد 642، 647 من قانون المرافعات السابق وهو الواجب تطبيقه أنه إذا كانت الاعتراضات على قائمة شروط البيع مؤسسة على أوجه بطلان موضوعية رخص للمحكمة في أن تحيلها إلى المحكمة المختصة مع الاستمرار في التنفيذ أو أن تفصل في موضوعها وترتب على فصلها ما تأمر به من الاستمرار في التنفيذ أو وقفه مما مؤداه إن هي فصلت قطعت واكتسب فصلها - متى صار نهائياً - قوة الأمر المقضي بما يمنع من العودة إلى مسألة الفصل بين الخصوم أنفسهم في دعوى لاحقة.
2 - من المقرر أن القاعدة الشرعية التي تقضي بأن الوارث ينتصب خصماً عن باقي الورثة فيستفيدون مما يبديه من دفاع مؤثر في الحق المدعى به قد تكون صحيحة ويمكن الأخذ بها لو أن الوارث كان قد خاصم أو خوصم طالباً الحكم للتركة نفسها بكل حقها أو مطلوباً في مواجهته الحكم على التركة نفسها بكل ما عليها وإذ كان أحد الطاعنين قد اعترض في حينه على قائمة شروط البيع بأوجه بطلان موضوعية منها ملكيته وأخوته بطريق الميراث للأرض المنفذ عليها ولم يشر في اعتراضه إلى صفته في تمثيل التركة أو إلى استغراقه وأخوته كل ورثاها مما لا يسعف في القول بنيابته في الاعتراض عن التركة كلها فلا ينتصب بالتالي خصماً عن باقي الورثة في إبدائه.
3 - الحكم الصادر في الاعتراض على قائمة شروط البيع - المؤسس على أوجه بطلان موضوعية - بالرفض وأياً كان وجه الرأي في تمثيل المعترض للورثة لا يتعدي إليهم وإنما أمره - وهو قضاء في الموضوع قاطع - أن يحوز قبل المعترض وحده قوة الأمر المقضي فلا يملك أن يعود إلى الملكية التي فصل فيها فيؤسس عليها الدعوى المنظورة وهي دعوى الاستحقاق، وإذ اعتد الحكم المطعون فيه بحجية حكم الاعتراض لا على المعترض وحده بل على غيره من الطاعنين أيضاً فإنه يكون قد خالف القانون.
4 - إذ كان الواقع في الدعوى إنذار الطاعنين كحائزين للأرض التي تلقوا عن المدين ملكيتها وأخبارهم بإيداع قائمة شروط البيع مما يسلكهم طرفاً في إجراءات التنفيذ وإذ يقوم نزاعهم على تخلف شرط من شروط صحة التنفيذ وهو كون العقار مملوكاً للمدين أو مثقلاً بحق امتياز يسري عليهم مما يعتبر من أوجه البطلان التي توجب المادة 642 من قانون المرافعات السابق إبداءها بطريق الاعتراض على قائمة شروط البيع وترتب على عدم اتباع هذا الطريق سقوط الحق في التمسك بالبطلان سواء كان أساسه عيباً في الشكل أو في الموضوع وكان المشرع بذلك قد أوجد طريقاً خاصاً لرفع منازعات التنفيذ على العقار وهو أمر وفقاً لما جرى به قضاء هذه المحكمة متعلق بنظام الإجراءات الأساسية في التقاضي فإن الخروج وطرح هذه المنازعات على القضاء بدعوى مبتدأه يمس قاعدة النظام العام التي لم تكون خافية عناصرها فيما طالع محكمة الموضوع من طبيعة الدعوى - وهي دعوى استحقاق فرعية - ومن صفات الطاعنين وهم أطراف في التنفيذ حائزون مما يقوم به السبب المبطل للحكم إذ قضى في دعوى لا يجوز نظرها ولا يقبل رفعها ولمحكمة النقض أن تثير هذا من تلقاء نفسها وإن لم يثره الخصوم وأن يحكم بما يقتضيه قيامه.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة.
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر الأوراق - تتحصل في أن الطاعنين أقاموا الدعوى 149 سنة 1961 مدني كلي الفيوم وفي بيانها يقولون أن مورثهم اشترى من المرحوم..... ما مساحته 34 فدان و4 قراريط و3 أسهم أرضاً زراعية بموجب عقد مسجل في 3 من يناير سنة 1944 وقد وضعوا يدهم ومورثهم على ما اشتروه بيد أن البائع للبائع المرحوم....... اتخذ على ما بيع إجراءات التنفيذ العقاري استيفاء لما بقى له من ثمن مضمون بحق امتياز محفوظ بعقد البيع الصادر منه إلى البائع لهم والمسجل في 30 من إبريل سنة 1931 حال أن هذا الامتياز لا ينفذ فيهم لعدم قيده في الميعاد مما يبرر طلب الحكم بتثبيت ملكيتهم إلى الأرض وبإلغاء ما أجراه طالب التنفيذ عليها من تسجيلات نزع الملكية، وكانت قائمة شروط البيع قد تضمنت ما يفيد إنذار الطاعنين كحاجزين للأرض المثقلة بالامتياز والتي تلقوا ملكيتها بطريق الشراء من المدين المنفذ عليه وقد اعترض أحدهم وهو...... "على القائمة وساق لبطلان التنفيذ عن الأوجه ما قضى برفضه والاستمرار في التنفيذ فأعقب الطاعنون بالدعوى الراهنة واستصدروا من قاضي البيوع حكماً بوقف التنفيذ حتى يفصل فيها، حكمت محكمة أول درجة برفض الدعوى فاستأنف الطاعنون حكمها بالاستئناف 90 سنة 53 بني سويف وفيه صدر الحكم بالرفض. طعن الطاعنون بطريق النقض فنقص الحكم لمخالفة القانون إذا اعتبر حق الامتياز بالعقد المسجل في سنة 1931 قائماً في مواجهة الطاعنين حال كونهم من الغير فلا ينفذ في حقهم إلا بالقيد طبقاً لما توجبه المادة 58 من القانون رقم 114 سنة 1946 بتنظيم الشهر العقاري. وإذ أحيل إلى محكمة الاستئناف نظر الموضوع حكمت يوم 3 من يناير سنة 1973 برفض الاستئناف وبتأييد الحكم المستأنف. فطعن الطاعنون على هذا الحكم بطريق النقض وأودعت النيابة العامة مذكرة أبدت فيها الرأي بنقض الحكم وعرض الطعن على المحكمة في غرفة المشورة فحددت لنظره جلسة التزمت فيها النيابة رأيها،
وحيث إن الطاعنين ينعون على الحكم المطعون فيه إذ اعتد في الدعوى الماثلة بحجية الحكم الصادر في الاعتراض المؤسس على ملكيتهم للأرض المنفذ عليها خطأه من وجوه: أولها اختلاف الموضوع في كل فالطلب في الاعتراض على القائمة هو وقف التنفيذ والطلب في هذه الدعوى هو تثبيت الملكية وثانيها وجوب قصر حجية الحكم الصادر في الاعتراض بفرض توافرها على المعترض وحده وهو......" فلا تتعداه إلى من لم يعترض من الطاعنين وثالثها عدم اتساع الاعتراض على القائمة لبحث الملكية التي يجوز العود إلى طلبها بدعوى مبتدأه فرعية كانت أو أصلية ورابعها نقض الحكم السابق لعدم قيام حق الامتياز بالنسبة إلى الطاعنين دليله ألا حجية لحكم الاعتراض على الدعوى الماثلة.
وحيث إنه لما كان من المقرر في قضاء هذه المحكمة وفقاً لنصوص المواد 642/ 647/ 648 من القانون المرافعات السابق وهو الواجب تطبيقه أنه إذا كانت الاعتراضات على قائمة شروط البيع مؤسسة على أوجه بطلان موضوعية رخص للمحكمة في أن تحيلها إلى المحكمة المختصة مع الاستمرار في التنفيذ أو أن تفصل في موضوعها وترتب على فصلها ما تأمر به من الاستمرار في التنفيذ أو وقفه مما مؤداه إن هي فصلت قطعت واكتسب فصلها متى صار نهائياً قوة الأمر المقضي بما يمنع من العودة إلى مسألة الفصل بين الخصوم أنفسهم في دعوى لاحقة وكان من المقرر أيضاً أن القاعدة الشرعية التي تقضي بأن الوارث ينتصب خصماً على باقي الورثة فيستفيدون مما يبديه من دفاع مؤثر في الحق المدعى به قد تكون صحيحة ويمكن الأخذ بها لو أن الوارث كان قد خاصم أو خوصم طالباً الحكم للتركة نفسها بكل حقها أو مطلوباً في مواجهة الحكم على التركة نفسها بكل ما عليها، ولما كان أحد الطاعنين وهو "......." قد اعترض في حينه على قائمة شروط البيع بأوجه بطلان موضوعية منها ملكيته وأخوته بطريق الميراث للأرض المنفذ عليها ولم يشر في اعتراضه إلى صفته في تمثيل التركة أو إلى استغراقه وأخوته ورثاها مما لا يسعف في القول بنيابته في الاعتراض عن التركة كلها فلا ينتصب بالتالي خصماً عن باقي الورثة في إبدائه فضلاً عن أن الحكم الصادر فيه بالرفض وأياً كان وجه الرأي في تمثيل المعترض للورثة لا يتعدي إليهم وإنما أمره وهو قضاء في الموضوع قاطع أن يحوز قبل المعترض وحده قوة الأمر المقضي فلا يملك أن يعود إلى الملكية التي فصل فيها فيؤسس عليها الدعوى المنظورة وهي دعوى الاستحقاق الفرعية، وإذ اعتد الحكم المطعون فيه بحجية حكم الاعتراض لا على المعترض وحده بل على غيره من الطاعنين أيضاً فإنه يكون قد خالف القانون بما يوجب نقضه بالنسبة إليهم. على أنه ومن ناحية أخرى لما كان الواقع في الدعوى إنذار الطاعنين كحاجزين للأرض التي تلقوا المدين ملكيتها وإخبارهم بإيداع قائمة شروط البيع مما يسلكهم طرفاً في إجراءات التنفيذ وإذ يقوم نزاعهم على تخلف شرط من شروط صحة التنفيذ وهو كون العقار مملوكاً للمدين أو مثقلاً بحق امتياز يسري عليهم مما يعتبر من أوجه البطلان التي توجب المادة 642 من قانون المرافعات السابق إبداءها بطريق الاعتراض على قائمة شروط البيع وترتب على عدم اتباع هذا الطريق سقوط الحق في التمسك بالبطلان سواء كان أساسه عيباً في الشكل أو في الموضوع وكان المشرع بذلك قد أوجد طريقاً خاصاً لرفع منازعات التنفيذ على العقار وهو أمر وفقاً لما جرى به قضاء هذه المحكمة متعلق بنظام الإجراءات الأساسية في التقاضي فإن الخروج عليه وطرح هذه المنازعات على القضاء بدعوى مبتدأه يمس قاعدة للنظام العام التي لم تكن خافية عناصرها فيما طالع محكمة الموضوع من طبيعة الدعوى - وهي دعوى استحقاق فرعية - ومن صفات الطاعنين وهم أطراف في التنفيذ حائزون مما يقوم به السبب المبطل للحكم إذ قضى في دعوى لا يجوز نظرها ولا يقبل رفعها ولمحكمة النقض أن تثير هذا من تلقاء نفسها وإن لم يثره الخصوم وأن تحكم بما يقتضيه قيامه. لما كان ذلك وكان الطعن للمرة الثانية ولما تقدم.

الطعن 109 لسنة 13 ق جلسة 4 / 5 / 1944 مج عمر المدنية ج 4 ق 132 ص 361

جلسة 4 مايو سنة 1944

برياسة سعادة أمين أنيس باشا رئيس المحكمة، وبحضور حضرات: نجيب مرقس بك وأحمد نشأت بك ومحمد المفتي الجزايرلي بك ومحمود فؤاد بك المستشارين.

---------------

(132)
القضية رقم 109 سنة 13 القضائية

دعوى منع التعرض. 

رفعها من الشريك على شريكه في الشيوع. جوازه. وضع اليد يقع على الحصة الشائعة. لا يمنع من ذلك كون الحيازة المادية حاصلة لشريك دون شريك أو لممثل مشترك كوكيل أو مستأجر.

-------------
إن القانون قد جعل لكل ذي يد على عقار أن يحمي يده بدعاوى وضع اليد. ولما كان وضع اليد بمعناه القانوني كما يقع على العقار المفروز يقع على الحصة الشائعة، لا يمنع من ذلك أن تكون الحيازة المادية حاصلة لبعض الشركاء دون البعض الآخر أو لممثل مشترك لهم كوكيل أو مستأجر، ولما كان لا يوجد في القانون أية تفرقة في الحماية بين وضع اليد على الشيوع ووضع اليد الخالص لعدم وجود أي مقتض - لما كان ذلك كذلك فإنه يكون لكل واضع يد، خالصة أو على الشيوع، أن يستعين بدعاوى وضع اليد في حماية يده. فيقبل رفع هذه الدعاوى من الشريك في الملك المشاع لدفع التعرض الواقع له، أياً كان المتعرض، فإن وقع من بعض الشركاء في العقار المشاع فعل يراد به استئثار مرتكبه وحرمان غيره من الشركاء فإنه يجوز لهؤلاء أن يستعينوا بدعوى منع التعرض.
وإذن فإذا كان الحكم قد رفض دعوى منع التعرض بمقولة إنه لا يجوز في القانون رفعها من الشريك على شريكه في الشيوع فإنه يكون مخالفاً للقانون (1).


(1) سبق تقرير هذه القاعدة في الحكم الصادر في 11 من مارس سنة 1937 المنشورة قاعدته في الجزء الثاني من هذه المجموعة رقم 41 ص 106.

الطعن 941 لسنة 44 ق جلسة 2 / 5 / 1978 مكتب فني 29 ج 1 ق 227 ص 1155

جلسة 2 من مايو سنة 1978

برئاسة السيد المستشار أحمد حسن هيكل رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين زكي الصاوي صالح، جمال الدين عبد اللطيف، عبد الحميد المرصفاوي ومحمد طه سنجر.

----------------

(227)
الطعن رقم 941 لسنة 44 القضائية

(1) نقض "الطلبات في الطعن".
الطلب الأساسي في الطعن بالنقض هو نقض الحكم المطعون فيه. طلب الطاعن أيضاً تعديل التعويض المقضى به، لا أثر له.
(2، 3، 4، 5) استئناف "أثر الاستئناف". دعوى "دعوى الضمان".
(2) جواز استئناف الضامن للحكم الصادر في الخصومة الأصلية. شرطه. قيام ارتباط وثيق بينها وبين دعوى الضمان الفرعية وأن يكون الضامن قد دافع في الدعويين معاً.
(3) استئناف الضامن للحكم في الدعوى الأصلية. أثره. استفادة طالب الضمان منه إذا اتحد دفاعهما فيها. م 218 مرافعات.
(4) استئناف شركة التأمين - الضامن - للحكم الصادر في الدعوى الأصلية بإلزام التابع والمتبوع - طالب الضمان - بالتعويض. أثره. استفادة طالب الضمان من هذا الاستئناف.
(5) استئناف الضامن للحكم الصادر في الدعوى الأصلية. أثره. طرح دعوى الضمان مع الدعوى الأصلية على محكمة الاستئناف. القضاء بتعديل المبلغ المقضى به في الدعوى الفرعية. لا خطأ.

---------------
1- الطلب الأساسي الذي يتقدم به الطاعن لمحكمة النقض هو نقض الحكم المطعون فيه أما ما يصحب ذلك من طلب الفصل في موضوع الدعوى فإنه ليس من شأنه أن تتقيد به محكمة النقض، ذلك أن هذه المحكمة إنما تنظر أولاً في وجوه الطعن فتقضي فيها إما بالرفض أو بالقبول ونقض الحكم، ثم إذا كانت الدعوى صالحة لأن تفصل هي فيها فإنها تحكم في موضوعها إعمالاً لحكم الفقرة الأخيرة من المادة 269 من قانون المرافعات غير مقيدة في ذلك بما قدم لها من طلبات، لما كان ذلك وكانت الطاعنة قد طلبت في صحفية الطعن نقض الحكم المطعون فيه، فإن الدفع المبدى بعدم جواز الطعن استناداً إلى أنها طلبت بعد ذلك تعديل مبلغ التعويض المقضى به يكون على غير أساس.
2- من المقرر في قضاء هذه المحكمة أن الضامن بدخوله في الدعوى يصبح طرفاً في الخصومة الأصلية ويكون له أن يستأنف الحكم الصادر في هذه الخصومة وذلك إذا كان بينها وبين دعوى الضمان الفرعية ارتباط وثيق يقتضي أن يتناول الاستئناف المرفوع من الضامن بحث أصل الخصومة وأن يكون الضامن قد دافع في الدعويين معاً.
3 - الفقرة الأخيرة من المادة 218 من قانون المرافعات صريحة في أن طالب الضمان يستفيد من استئناف الضامن للحكم الصادر في الدعوى الأصلية إذا اتحد دفاعهما فيها.
4- إذا كان المطعون عليهم الأربعة الأول قد أقاموا الدعوى ضد سائق سيارة الأوتوبيس - المطعون عليه الخامس - وهيئة النقل العام بالقاهرة مالكة السيارة - الطاعنة - طالبين الحكم بإلزامهما متضامنين بأن يدفعا لهم مبلغ عشرة آلاف جنيه تعويضاً لهم عن الأضرار التي أصابتهم نتيجة موت مورثهم، وكانت الطاعنة قد أقامت ضد المطعون عليه الخامس وشركة مصر للتأمين - المطعون عليها السادسة - دعوى ضمان فرعية طلبت فيها الحكم بإلزامهما بما عسى أن يحكم به عليها في الدعوى الأصلية، ويبين من الحكم الابتدائي أن دفاع الطاعنة والمطعون عليها السادسة في الدعوى الأصلية كان متحداً، فإن المطعون عليها السادسة أصبحت بذلك طرفاً في الخصومة الأصلية ويكون لها أن تستأنف الحكم الصادر فيها وتفيد الطاعنة من هذا الاستئناف. وإذ خالف الحكم المطعون فيه هذا النظر وقضى بعدم جواز الاستئناف المرفوع من المطعون عليها السادسة بالنسبة للمطعون عليهم الأربعة الأول وهم المدعون في الدعوى الأصلية تأسيساً على أنها لم تكون طرفاً في الخصومة الأصلية وحجب بذلك الحكم نفسه عن مناقشة أسباب هذا الاستئناف مما يترتب عليه عدم استفادة الطاعنة من الاستئناف المذكور، لما كان ما تقدم فإن الحكم المطعون فيه يكون قد أخطأ في تطبيق القانون.
5- الاستئناف المرفوع من الضامن عن الحكم الصادر لصالح المدعي في الدعوى الأصلية يطرح على محكمة الاستئناف الدعويين معاً الأصلية والفرعية للارتباط الوثيق بينهما، وإذ كانت المطعون عليها السادسة قد استأنفت الحكم الابتدائي فإن هذا الاستئناف يطرح على المحكمة الدعويين الأصلية والفرعية وإذ التزم الحكم المطعون فيه هذا النظر وعدل المبلغ المقضى به في الدعوى الفرعية فإنه لا يكون قد أخطأ في تطبيق القانون.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر أوراق الطعن - تتحصل في أن المطعون عليهم الأربعة الأول أقاموا الدعوى رقم 5985 سنة 1972 مدني شمال القاهرة الابتدائية ضد المطعون عليه الخامس وهيئة النقل العام لمدينة القاهرة - الطاعنة - وطلبوا الحكم بإلزامهما متضامنين بأن يدفعا لهم عشرة آلاف جنيه، وقالوا بياناً للدعوى إن المطعون عليه الخامس تسبب بخطئه في موت مورثهم المرحوم...... بأن صدمه بسيارة أتوبيس كان يقودها مملوكة للطاعنة وأحدث به الإصابات التي أودت بحياته، وضبطت عن هذه الواقعة قضية الجنحة رقم 7567 سنة 1970 السيدة زينب التي ادعوا فيها مدنياً ضده وضد الطاعنة بمبلغ 51 جنيه على سبيل التعويض المؤقت، وبعد أن قضى ابتدائياً بالبراءة ورفض الدعوى المدنية قضت محكمة الجنح المستأنفة بإلغاء هذا الحكم وبإدانة المطعون عليه المذكور وبطلباتهم في الدعوى المدنية، وإذ أصابتهم بوفاة مورثهم أضرار مادية وأدبية يقدرون التعويض الجابر لها عشرة آلاف جنيه فقد أقاموا دعواهم للحكم لهم بطلباتهم سالفة البيان وأثناء سير الدعوى وجهت الطاعنة إلى المطعون عليهما الخامس وشركة مصر للتأمين المطعون عليها السادسة - دعوى ضمان فرعية طلبت فيها الحكم على كل منهما بما عسى أن يحكم به ضدها تأسيساً على أن أولهما تابع لها ومن حقها الرجوع عليه طبقاً للمادة 175 من القانون المدني وأن الثانية مؤمن لديها من حوادث سيارات الطاعنة، وبتاريخ 10/ 4/ 1973 حكمت المحكمة بإلزام الطاعنة والمطعون عليه الخامس متضامنين بأن يدفعا للمطعون عليها الأولى عن نفسها وبصفتها وصية على بناتها القاصرات مبلغ 4500 جنيه ولكل من المطعون عليهم الثاني والثالث والرابعة مبلغ خمسمائة جنيه وحكمت في دعوى الضمان بطلبات الطاعنة. استأنفت المطعون عليها السادسة هذا الحكم بالاستئناف رقم 3988 سنة 90 ق مدني القاهرة طالبة إلغاءه فيما زاد على مبلغ ثلاثة آلاف جنيه بالنسبة للمطعون عليها الأولى عن نفسها وبصفتها وفيها زاد على مبلغ 300 جنيه بالنسبة للمطعون عليهم من الثاني للرابع. وبتاريخ 17/ 6/ 1964 حكمت المحكمة بعدم جواز الاستئناف بالنسبة للمطعون عليهم الأربعة الأول وبتعديل الحكم المستأنف إلى إلزام المطعون عليهما الخامس والسادسة بأن يدفعا للطاعنة مبلغ 4800 جنيهاً في حالة سدادها للمبلغ المحكوم به في الدعوى الأصلية. طعنت الطاعنة في هذا الحكم بطريق النقض، ودفع المطعون عليهم الأربعة الأول بعدم جواز الطعن، وقدمت النيابة العامة مذكرة أبدت فيها الرأي برفض الدفع وفي الموضوع بنقض الحكم المطعون فيه في خصوص السبب الأول. وعرض الطعن على هذه الدائرة في غرفة مشورة فرأت أنه جدير بالنظر وحددت جلسة لنظره وفيها التزمت النيابة رأيها.
وحيث إن مبنى الدفع بعدم جواز الطعن أن الطاعنة طلبت في صحيفته تعديل مبلغ التعويض المقضى به في الدعوى الأصلية إلى مبلغ 4800 جنيه، وهو طلب موضوعي لا يجوز عرضه على محكمة النقض.
وحيث إن هذا الدفع غير سديد، ذلك أن الطلب الأساسي الذي يتقدم به الطاعن لمحكمة النقض هو نقض الحكم المطعون فيه، أما ما يصحب ذلك من طلب الفصل في موضوع الدعوى، فإنه ليس من شأنه أن تتقيد به محكمة النقض، ذلك أن هذه المحكمة إنما تنظر أولاً في وجوه الطعن فتقضي فيها إما بالرفض أو بالقبول ونقض الحكم، ثم إذا كانت الدعوى صالحة لأن تفصل هي فيها فإنها تحكم في موضوعه إعمالاً لحكم الفقرة الأخيرة من المادة 269 من قانون المرافعات، غير مقيدة في ذلك بما قدم لها من طلبات، لما كان ذلك وكانت الطاعنة قد طلبت في صحفية الطعن نقض الحكم المطعون فيه فإن الدفع المبدى بعدم جواز الطعن استناداً إلى أنها طلبت بعد ذلك تعديل مبلغ التعويض المقضى به، يكون على غير أساس.
وحيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الطعن أقيم على سببين تنعى الطاعنة بأولهما على الحكم المطعون فيه الخطأ في تطبيق القانون، وفي بيان ذلك تقول إن الحكم أقام قضاءه تأسيساً على أن شركة مصر للتأمين - المطعون عليها السادسة وهي الضامن لا تعتبر خصماً في الدعوى الأصلية فيكون الاستئناف الذي رفعته عن الحكم الصادر فيها غير جائز وأن هيئة النقل العام - الطاعنة - وهي طالبة الضمان لا تفيد من الاستئناف المرفوع من الضامن رغم اتحاد دفاعهما فيه، في حين أن الضامن يعتبر خصماً للمدعي الأصلي وله أن يستأنف الحكم الصادر في الدعوى الأصلية وبالتالي يستفيد طالب الضمان من هذا الاستئناف ما دام دفاعهما واحداً في تلك الدعوى.
وحيث إن هذا النعي صحيح، ذلك أنه لما كان من المقرر في قضاء هذه المحكمة أن الضامن بدخوله في الدعوى يصبح طرفاً في الخصومة الأصلية ويكون له أن يستأنف الحكم الصادر في هذه الخصومة وذلك إذا كان بينها وبين دعوى الضمان الفرعية ارتباط وثيق يقتضي أن يتناول الاستئناف المرفوع من الضامن بحث أصل الخصومة وأن يكون الضامن قد دافع في الدعويين معاً، وكانت الفقرة الأخيرة من المادة 218 من قانون المرافعات صريحة في أن طالب الضمان يستفيد من استئناف الضامن للحكم الصادر في الدعوى الأصلية إذا اتحد دفاعهما فيها، لما كان ذلك وكان المطعون عليهم الأربعة الأول قد أقاموا الدعوى ضد سائق سيارة الأوتوبيس - المطعون عليه الخامس - وهيئة النقل العام بالقاهرة مالكة السيارة - الطاعنة - طالبين الحكم بإلزامهما متضامنين بأن يدفعا لهم مبلغ عشرة آلاف جنيه تعويضاً لهم عن الأضرار التي أصابتهم نتيجة موت مورثهم، وكانت الطاعنة قد أقامت ضد المطعون عليه الخامس وشركة مصر للتأمين المطعون عليها السادسة - دعوى ضمان فرعية طلبت فيها الحكم بإلزامهما بما عسى أن يحكم به عليها في الدعوى الأصلية، ويبين من الحكم الابتدائي أن دفاع الطاعنة والمطعون عليها السادسة في الدعوى الأصلية كان متحداً فإن المطعون عليها السادسة أصبحت بذلك طرفاً في الخصومة الأصلية ويكون لها أن تستأنف الحكم الصادر فيها وتفيد الطاعنة من هذا الاستئناف، وإذ خالف الحكم المطعون فيه هذا النظر وقضى بعدم جواز الاستئناف المرفوع من المطعون عليها السادسة بالنسبة للمطعون عليهم الأربعة الأول وهم المدعون في الدعوى الأصلية تأسيساً على أنها لم تكن طرفاً في الخصومة الأصلية وحجب بذلك الحكم نفسه عن مناقشة أسباب هذا الاستئناف مما يترتب عليه عدم استفادة الطاعنة من الاستئناف المذكور، لما كان ما تقدم فإن الحكم المطعون فيه يكون قد أخطأ في تطبيق القانون بما يستوجب نقضه لهذا السبب.
وحيث إن حاصل النعي بالسبب الثاني أن الحكم المطعون فيه أخطأ في تطبيق القانون، ذلك أن المطعون عليها السادسة لم توجه في استئنافها أية طلبات إلى الطاعنة واقتصرت على طلب تخفيض مبلغ التعويض المقضى به في الدعوى الأصلية، غير أن الحكم المطعون فيه قضى في دعوى الضمان الفرعية بتعديل المبلغ المقضى به فيها دون طلب من المستأنفة فيكون قد قضى بما لم يطلبه الخصوم وهو ما يعيبه بالخطأ في تطبيق القانون.
وحيث إن هذا النعي غير سديد، ذلك أنه لما كان الاستئناف المرفوع من الضامن عن الحكم الصادر لصالح المدعي في الدعوى الأصلية يطرح على محكمة الاستئناف الدعويين معاً الأصلية والفرعية الوثيق بينهما، وكانت المطعون عليها السادسة قد استأنفت المحاكم الابتدائي فإن هذا الاستئناف يطرح على المحكمة الدعويين الأصلية والفرعية، وإذ التزم الحكم المطعون فيه هذا النظر وعدل المبلغ المقضى به في الدعوى الفرعية فإنه لا يكون قد أخطأ في تطبيق القانون، ويكون النعي عليه بهذا السبب في غير محله.
وحيث إنه لما تقدم يتعين نقص الحكم المطعون فيه في خصوص السبب الأول.
وحيث إن الموضوع صالح للفصل فيه.
وحيث إن استئناف المطعون عليها السادسة للحكم الابتدائي الصادر في الدعوى الأصلية استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الطاعنة طلبت تعديل مبلغ التعويض المقضى به إلى مبلغ 4800 جنيهاً (أربعة آلاف وثمانمائة جنيه)، وترى المحكمة أن هذا المبلغ يكفي لجبر الأضرار التي أصابت المطعون عليهم الأربعة الأول نتيجة خطأ المطعون عليه الخامس، منه مبلغ 4500 جنيهاً ( أربعة آلاف وخمسمائة جنيه) للمطعون عليها الأولى عن نفسها وبصفتها وصية على بناتها القاصرات والباقي وقدره 300 جنيه (ثلاثمائة جنيه) المطعون عليهم الثاني والثالث والرابعة يقسم بالتساوي بينهم ومن ثم يتعين تعديل الحكم المستأنف على هذا الأساس.

الطعن 87 لسنة 46 ق جلسة 29 / 4 / 1978 مكتب فني 29 ج 1 ق 226 ص 1151

جلسة 29 من إبريل سنة 1978

برئاسة السيد المستشار نائب رئيس المحكمة محمد فاضل المرجوشي وعضوية السادة المستشارين شرف الدين خيري، أحمد شيبة الحمد، ألفي بقطر حبشي وأحمد شوقي المليجي.

-------------

(226)
الطعن 87 لسنة 46 القضائية

عمل. عقد.
إغلاق المنشأة إغلاقاً نهائياً. أثره. إنهاء عقود العاملين بها. التحاقهم بمنشأة أخرى. اعتباره تعاقداً جديداً منبت الصلة بعقود العمل السابقة.

-------------
مفاد نص المادة 85 من قانون العمل الصادر بالقانون رقم 91 لسنة 1959 إن إغلاق المنشأة إغلاقاً نهائياً يستتبع إنهاء عقود العاملين بها، وبموجب أحكام القانون رقم 213 لسنة 1960 ألغى الترخيص الصادر إلى شركة الطباعة والتعبئة الصناعية التي كان يعمل لديها المطعون ضده، وامتنع عليها مباشرة نشاطها وصار إغلاقها نهائياً مع ما يترتب على ذلك من إنهاء عقد عمل المطعون ضده لديها عملاً بمقتضى نص المادة 55 سالفة الذكر، وبالتالي فإن التحاق هذا الأخير من بعد بالعمل لدى الطاعنة يكون بمثابة تعاقد جديد تخضع لأحكامه وحدة العلاقة فيما بين طرفيه دون عقد عمله السابق الذي انتهى بإغلاق منشأة شركة الطباعة والتعبئة الصناعية نهائياً بموجب القانون الصادر في هذا الشأن ومن ثم فلا أساس لاعتبار الطاعنة - شركة الإسكندرية للمجمعات الاستهلاكية - خلفاً لها حتى يصح القول بالتزامها بأحكام العقد المشار إليه، وإذ كان الحكم المطعون فيه قد جرى في قضائه على اعتبار الطاعنة خلفاً لشركة الطباعة والتعبئة الصناعية وإلزامها بقيمة فروق الأجر المطالب بها في الدعوى بالاستناد إلى أحكام عقد عمل المطعون ضده مع تلك الشركة والذي لا قيام له، فيما يقرره له من مبلغ أجر يزيد على الأجر المتفق عليه مع الشركة الطاعنة، فإنه يكون قد أخطأ في تطبيق القانون.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر أوراق الطعن - تتحصل في أن المطعون ضده أقام دعواه أمام محكمة شئون العمال الجزئية بالإسكندرية على الطاعنة - شركة الإسكندرية للمجمعات الاستهلاكية - بطلب الحكم بإلزامها بأن تدفع له مبلغ 1200 جنيهاً قيمة فروق الأجر المستحقة له عن المدة من 1/ 8/ 1960 حتى 31/ 7/ 1965 - وقال بياناً لها إنه في 1/ 1/ 1947 التحق بالعمل لدى شركة الطباعة والتعبئة الصناعية مقابل أجر قدره 40 جنيهاً شهرياً وإنه في 17/ 7/ 1960 صدر القرار الجمهوري بالقانون رقم 213 لسنة 1960 الذي أنهى نشاط تلك الشركة فانتقل للعمل لدى الشركة الطاعنة التي خفضت أجره إلى 20 جنيهاً و125 مليم شهرياً مما اضطره إلى إقامة دعواه بطلبه المتقدم وبتاريخ 21/ 12/ 1960 قضت المحكمة بندب مكتب الخبراء لأداء المهمة المبينة بمنطوق الحكم، وبعد أن أودع الخبير تقريره حكمت بعدم اختصاصها بنظر الدعوى وإحالتها إلى محكمة الإسكندرية الابتدائية فقيدت بجدولها برقم 2540 لسنة 1969 عمال كلي، وبتاريخ 23/ 12/ 1969 قضت المحكمة برفض الدعوى استأنف المطعون ضده هذا الحكم لدى محكمة استئناف الإسكندرية وقيد استئنافه برقم 148 لسنة 26 ق، وبتاريخ 13/ 12/ 1972 قضت بإعادة المأمورية إلى الخبير السابق ندبه للقيام بالمأمورية الموضحة بالحكم وبعد أن قدم الخبير تقريره حكمت في 23/ 11/ 1975 بإلغاء الحكم المستأنف وإلزام الشركة الطاعنة بأن تدفع للمطعون ضده مبلغ 1192 جنيهاً و500 مليم - طعن الطاعن في هذا الحكم بطريق النقض، وقدمت النيابة العامة مذكرة رأت فيها نقض الحكم، وعرض الطعن على غرفة مشورة فحددت لنظره جلسة 18/ 3/ 1978 وفيها التزمت النيابة رأيها.
وحيث إن مما تنعاه الطاعنة على الحكم المطعون فيه الخطأ في تطبيق القانون، وفي بيان ذلك تقول إن الحكم انتهى إلى اعتبار الطاعنة خلفاً لشركة الطباعة والتعبئة الصناعية التي كان يعمل بها المطعون ضده قبل التحاقه بالعمل لديها ورتب على ذلك التزامها بأن تدفع له ذات الأجر الذي كان يتقاضاه من المنشأة السابقة على اعتبار أن عقد استخدامه ظل قائماً بعد أن تم إغلاقها، ولما كان من مقتضى القرار الجمهوري الصادر في 17/ 7/ 1960 بالقانون رقم 213 لسنة 1960 في شأن تنظيم تعبئة وتجارة الشاي إغلاق تلك المنشأة نهائياً بما يحمله ذلك من إنهاء عقد استخدام المطعون ضده لديها، وكان لا أساس لاعتبار الطاعنة خلفاً لها فإن التحاق المطعون ضده من بعد بالعمل لدى الطاعنة يعتبر تعاقداً جديداً تحكم نصوصه العلاقة فيما بين طرفيه دون عقد العمل الذي صار إنهاؤه، وإذ قضى الحكم المطعون فيه بإلزام الطاعنة بدفع فروق الأجر المطالب بها بالاستناد إلى عقد غير قائم فإنه يكون قد أخطأ تطبيق القانون.
وحيث إن هذا النعي صحيح، ذلك أنه لما كانت المادة 85 من قانون العمل الصادر بالقانون رقم 91 لسنة 1959 تنص على أنه "لا يمنع من الوفاء بجميع الالتزامات حل المنشأة أو تصفيتها أو إغلاقها أو إفلاسها أو إدماجها في غيرها أو انتقالها بالإرث أو الوصية أو الهبة أو البيع أو غير ذلك من التصرفات وفيما عدا حالات التصفية والإفلاس والإغلاق النهائي المرخص به يبقى عقد استخدام المنشأة قائماً، ويكون الخلف مسئولاً بالتضامن مع أصحاب الأعمال السابقين عن تنفيذ جميع الالتزامات المذكورة" بما مفاده أن إغلاق المنشأة إغلاقاً نهائياً يستتبع إنهاء عقود العاملين بها، وإذ كان قد صدر في 17/ 7/ 1960 القرار الجمهوري بالقانون رقم 213 لسنة 1960 ونص في مادته الأولى على أنه "لا يجوز إعطاء تراخيص بفتح مصانع لتعبئة الشاي سواء كانت آلية أو يدوية، إلا للشركات التابعة للمؤسسة الاقتصادية التي يدخل في نشاطها تعبئة الشاي وتجارته، أو للجمعيات التعاونية التي يختارها وزير التموين ويكون من أغراضها مباشرة النشاط المذكور - وتلغى بحكم القانون جميع التراخيص الصادرة على خلاف أحكام الفقرة السابقة" وبموجب أحكام هذا القانون ألغى الترخيص الصادر إلى شركة الطباعة والتعبئة الصناعية التي كان يعمل لديها المطعون ضده، وامتنع عليها مباشرة نشاطها وصار إغلاقها نهائياً مع ما يترتب على ذلك من إنهاء عقد عمل المطعون ضده لديها عملاً بمقتضى نص المادة 85 من القرار الجمهوري بالقانون رقم 91 لسنة 1959 بإصدار قانون العمل، وبالتالي فإن التحاق هذا الأخير من بعد بالعمل لدى الطاعنة يكون بمثابة تعاقد جديد تخضع لأحكامه وحدة العلاقة فيما بين طرفيه دون عقد عمله السابق الذي أنهى بإغلاق منشأة شركة الطباعة والتعبئة للصناعة نهائياً بموجب القانون الصادر في هذا الشأن ومن ثم فلا أساس لاعتبار الطاعنة خلفاً لها حتى يصح القول بالتزامها بأحكام العقد المشار إليه، لما كان ذلك وكان الحكم المطعون فيه قد جرى في قضائه على اعتبار الطاعنة خلفاً لشركة الطباعة والتعبئة الصناعية وألزمها بقيمة فروق الأجر المطالب بها في الدعوى بالاستناد إلى أحكام عقد عمل المطعون ضده مع تلك الشركة والذي لا قيام له، فيما يقرره له من مبلغ أجر يزيد على الأجر المتفق عليه مع الشركة الطاعنة فإنه يكون قد أخطأ في تطبيق القانون بما يستوجب نقضه.
وحيث إن الموضوع صالح للفصل فيه ولما تقدم يتعين الحكم بإلغاء الحكم المستأنف وبرفض دعوى المطعون ضده.

الاثنين، 1 مايو 2023

الطعن 108 لسنة 13 ق جلسة 4 / 5 / 1944 مج عمر المدنية ج 4 ق 131 ص 356

جلسة 4 مايو سنة 1944

برياسة سعادة أمين أنيس باشا رئيس المحكمة، وبحضور حضرات: نجيب مرقس بك وأحمد نشأت بك ومحمد المفتي الجزايرلي بك ومحمود فؤاد بك المستشارين.

---------------

(131)
القضية رقم 108 سنة 13 القضائية

دعوى استرداد الحيازة. 

عناصرها. حيازة واقعية هادئة. سلبها بالقوة والإكراه. دعوى رفعت على أنها دعوى منع تعرض. استظهار المحكمة من وقائعها قيام تلك العناصر. الحكم فيها على اعتبار أنها دعوى استرداد حيازة. لا خطأ.

--------------
يكفي في دعوى استرداد الحيازة أن تكون للمدعي حيازة واقعية هادئة ظاهرة، وأن يقع سلب تلك الحيازة بالقوة والإكراه، فإذا استظهرت المحكمة قيام هذه العناصر في الدعوى المرفوعة على أنها دعوى منع تعرض فاعتبرتها دعوى استرداد حيازة وحكمت فيها على هذا الاعتبار فإنها لا تكون قد أخطأت (1).


الوقائع

تتحصل وقائع هذا الطعن في أن محمد أحمد عثمان المطعون ضده الأول رفع دعوى على الطاعن والمطعون ضدهم الآخرين لدى محكمة دمياط الجزئية قيدت برقم 2099 سنة 1942 قال في صحيفتها المعلنة في 13 يونيه سنة 1942 للطاعن وفي 15 من الشهر المذكور إلى باقي المدعى عليهم إنه يمتلك 8 س و12 ط و2 ف تروى من مسقى آخذة من ساقية مشتركة بينه وبين إخوته وآخرين، ونظراً لوجود مصرف فاصل بين أطيانه وأطيان آخرين يعترض وصول المسقى إلى أرضه فقد أنشأ المالكون الأصليون صاروداً من الخشب فوق المصرف لتوصيل مياه الري إلى أرضه من غير أن تختلط بماء المصرف، وفي أول يونيه سنة 1942 أتلف المدعى عليهم الصارود الخشبي وكسروه بالعنف والقوة ليمنعوه من الانتفاع من الساقية، ولذلك طلب الحكم بصفة مستعجلة بمنع تعرض المدعى عليهم له في الصارود الخشبي المتقدم ذكره وإعادته لأصله في ظرف أربع وعشرين ساعة بمصاريف على حسابهم وإلا يقوم هو بإعادته بمصاريف يرجع بها عليهم، ويكف منازعتهم له في إدارة الساقية مع إلزامهم بالمصاريف وأتعاب المحاماة والنفاذ بنسخة الحكم الأصلية. وبتاريخ 17 يونيه سنة 1942 حكمت المحكمة بإحالة الدعوى إلى التحقيق ليثبت المدعي وضع يده على الصارود والساقية المتنازع عليهما وللمدعى عليهما النفي.
وبعد أن تم التحقيق حكمت المحكمة في الدعوى حضورياً بتاريخ 18 من أغسطس سنة 1942 برفضها. استأنف المطعون ضده الأول هذا الحكم لدى محكمة المنصورة الابتدائية طالباً الحكم بقبول الاستئناف شكلاً وفي الموضوع بإلغاء الحكم المستأنف والحكم له بطلباته المقدمة لمحكمة أول درجة.
وبتاريخ 20 مايو سنة 1943 حكمت المحكمة بقبول الاستئناف شكلاً وفي الموضوع بإلغاء الحكم المستأنف ومنع تعرض المستأنف ضدهم للمستأنف في الصارود الخشبي الواقع في المصرف غربي أطيان المستأنف بحوض الدبقاوى 115 قطعة نمرة 2 والمار تحت المسقى الآخذة من الساقية شركة المستأنف والمستأنف عليهم وورثة العباسي وآخرين الكائنة بغيط نعناعة من الجهة الغربية البحرية وإعادة الصارود لأصله في ظرف شهر من تاريخ الحكم بمصاريف على حساب المستأنف ضدهم وإلا يقوم المستأنف بإعادته بمصاريف يرجع بها عليهم ومنع تعرضهم له في الساقية المذكورة إلخ.
أعلن هذا الحكم إلى الطاعن في 4 يوليو سنة 1943 فطعن فيه بطريق النقض إلخ إلخ.


المحكمة

وحيث إن وجه الطعن يتحصل في أن الحكم المطعون فيه قد خالف القانون وأخطأ في تطبيقه وتأويله. ذلك لأنه أخرج الدعوى عن الوضع الذي وضعها فيه المطعون ضده الأول إذ أنه رفعها باعتبار أنها دعوى منع تعرض ولكن الحكم اعتبرها دعوى استرداد حيازة وفصل فيها على هذا الأساس دون أن يبين سنده القانوني في ذلك ولا الشرائط القانونية التي يجب توافرها في هذه الدعوى، مع أن التحقيق الذي أجرته محكمة أول درجة أثبت أن المدعى لم يكن حائزاً مطلقاً وأن وضع يده كان على سبيل التسامح. ثم أخذت الطاعن يستعرض شهادة الشهود توصلاً إلى القول بأن ما استخلصته المحكمة منها لا يتفق مع مدلولها، كما نعى عليها أنها لم تحقق دفاعه الذي تقدم به إليها من أن الساقية موضوع النزاع هي غير الساقية التي يملك فيها المطعون ضده الأول جزءاً.
وحيث إن الحكم المطعون فيه أثبت في صدد ما يثيره الطاعن خاصاً بوصف الدعوى وشرائطها ما يأتي: "وحيث إن محكمة أول درجة قد أصدرت حكماً تمهيدياً ليثبت المستأنف وضع يده على الصارود والساقية وينفي المستأنف ضدهم ذلك، وقد بان من شهادة الأستاذ يوسف عبد السيد المحامي الحارس على أطيان مجاورة لأرض النزع أن المستأنف واضع يده على الصارود من خمس سنوات وينتفع كذلك بمياه الساقية من ذلك الحين أيضاً وقد ثبت زيادة على ذلك أن الأرض التي تنتفع من الصارود المذكور ومياه الساقية لا يمكن ريها من جهة أخرى وذلك يقطع أيضاً باستمرار الانتفاع بمياه الساقية والصارود في طول تلك المدة، وقد شهد أحمد مصطفى الجمال بأن لا طريق للري لتلك الأطيان إلا من الساقية والمسقى، ولم ينف المستأنف ضدهم هذا القول، مما يدل على أن الأطيان ملك المستأنف ظلت طول تلك المدة كما سبق القول تنتفع بالساقية والصارود المذكور، وبذلك يتبين بطريقة لا تدع مجالاً للشك أن المستأنف حائز للساقية والصارود المذكورين إلى أن منع من الانتفاع بفعل المستأنف ضدهم. وحيث إنه لا يشترط لدعوى استرداد الحيازة ما يشترط لباقي دعاوى وضع اليد من الشروط، وإنه بحسب الرأي المعول عليه أخيراً والذي سارت عليه المحاكم المصرية على العموم وهو رأي محكمة النقض والإبرام الفرنسية أنه يكفي فقط وضع اليد العادي Detention Materielle". وقد أصاب الحكم في قضائه هذا. إذ يكفي في دعوى استرداد الحيازة أن تكون للمدعي حيازة واقعية هادئة ظاهرة، وأن يقع سلب تلك الحيازة بالقوة أو الإكراه، وهو ما استظهره الحكم كما هو واضح من أسبابه التي تقدم إيرادها.
وحيث إنه فيما يختص بما ينعاه الطاعن على المحكمة من أنها أخرجت الدعوى عن وضعها واعتبرتها دعوى استرداد حيازة في حين أنها رفعت على أساس أنها دعوى منع تعرض فهو غير سديد، لأن المحكمة إذ فعلت ذلك لم تخطئ في تطبيق القانون لأنها استبانت عناصر دعوى استرداد الحيازة من الوقائع التي كانت مطروحة لديها.
وحيث إن ما يثيره الطاعن خاصاً بما استخلصته المحكمة من شهادة الشهود وبعدم الرد على دفاعه لا محل للاعتداد به، لأن هذه الأسباب غير مقبولة طبقاً للمادة العاشرة من قانون محكمة النقض والإبرام التي نصت على عدم قبول الطعن في قضايا وضع اليد إلا إذا كان مبنياً على مخالفة للقانون أو خطأ في تطبيقه أو في تأويله.


(1) من المسلم أن العبرة في تكييف الدعوى هي بحقيقة المقصود من الطلبات المقدمة فيها، لا بالألفاظ التي صيغت هذه الطلبات بها، وأنه لذلك يجوز أن تعتبر الدعوى من دعاوى استرداد الحيازة ولو كان المطلوب لفظاً هو منع التعرض، والعكس صحيح.
وقد جرى القضاء بأنه يجوز للمدعي أن يجمع في دعواه طلب استرداد الحيازة ومنع التعرض بانياً كلاً منهما على ما يسوغه، وبأنه يجوز للمدعي أن يغير وصف دعواه وأساسها أثناء الخصومة فيعدل عن طلب منع التعرض إلى طلب استرداد الحيازة (بازينيه - دعاوى وضع اليد رقم 264).
وعلى ذلك فإنه إذا جاز للمحكمة أن تقضي للمدعي باسترداد حيازته بالرغم من أنه طلب منع التعرض، فإنما يصح ذلك على أساس تأويل الألفاظ بالمعنى المقصود منها، أو على أساس أن المدعي قد جمع بين الطلبين، أو أنه عدل عن طلب منع التعرض إلى طلب استرداد الحيازة.
والثابت في الحكم الذي نحن بصدده أن المدعي قال في صحيفة دعواه إنه يمتلك أطياناً تروى من مسقى آخذة من ساقية مشتركة بينه وبين إخوته وآخرين، وإنه نظراً إلى وجود مصرف فاصل بين أطيانه وأطيان آخرين يعترض وصول المسقى إلى أرضه فقد أنشأ المالكون الأصليون صاروداً من الخشب فوق المصرف لتوصيل مياه الري إلى أرضه، وإن هذا الصارود قد أتلفه المدعى عليهم وكسروه بالعنف والقوة ليمنعوه من الانتفاع من الساقية، ولذلك فهو يطلب الحكم عليهم بمنع تعرضهم له في الصارود الخشبي وإعادته إلى أصله وكف منازعتهم له في إدارة الساقية وقد حكمت محكمة الدرجة الأولى بإحالة الدعوى إلى التحقيق ليثبت المدعي وضع يده على الصارود والساقية المتنازع عليهما، ثم قضت في موضوع الدعوى برفضها. والمحكمة الاستئنافية قضت بإلغاء الحكم المستأنف ومنع تعرض المستأنف عليهم للمستأنف في الصارود وإعادته إلى أصله ومنع تعرضهم له في الساقية.
وقد أبرمت محكمة النقض هذا الحكم. وعندنا أن المسألة محل نظر. فإنه متى كان سبب الدعوى هو التعدي على الصارود ومنع الانتفاع بمياه الساقية، وكلاهما خارج عن حدود أطيان المدعي، فلا يكون له على الصارود ولا على الساقية إلا وضع اليد القانوني إذا توافرت شرائطه. أما الحيازة الفعلية المادية فلا يمكن أن تكون له فيما ادعى التعدي عليه. ومن المشكوك فيه كثيراً قبول دعوى استرداد الحيازة بالنسبة إلى ما لا يكون في حيازة المدعي الفعلية، كالمنشآت القائمة خارج عقاره ولو كان يستعملها في الانتفاع بحق من حقوق الارتفاق (بازينيه رقم 94 ولاكور دعاوى وضع اليد واسترداد الحيازة ص 192 وما يليها، وبلانيول وريبير وبيكار جزء 3 ص 207 و208).
وقد سبق لمحكمة النقض أن أخذت بهذا النظر في حكمها الصادر في 22 أكتوبر سنة 1936 (الجزء الأول من هذه المجموعة رقم 380 ص 1167) الذي قررت فيه أن "دعوى استرداد الحيازة تستلزم بطبيعتها وقوع أعمال عنف وقوة مادية تكون قد سلبت حيازة مادية كذلك، وهي بهذه المثابة لا يمكن أن يكون موضوعها إعادة مسقى أو مصرف هدمها المدعى عليه ويدعي المدعي أن له حق ارتفاق عليهما إذا كان هذا المسقى أو المصرف اللذان هما محل حق الارتفاق مقطوعاً بأنهما في يد المدعى عليه". وكذلك أخذت به في حكمها الصادر في 3 من فبراير سنة 1938 (الجزء الثاني من هذه المجموعة رقم 88 ص 246 وما يليها) الذي قرر أن دعوى استرداد الحيازة لا تقبل "إذا كان العمل المادي المدعى به قد قام به المدعى عليه في ملكه الواقع في حيازته".
من كل هذا يظهر أن اعتبار المدعي حائزاً للساقية والصارود بناءً على مجرد أنه كان ينتفع بمياه الساقية من طريق الصارود، وتكييف الدعوى على هذا الأساس بأنها دعوى استرداد حيازة، والحكم بقبولها على هذا الاعتبار، وإبرام هذا الحكم - ذلك محل نظر كبير.

الطعن 101 لسنة 13 ق جلسة 4 / 5 / 1944 مج عمر المدنية ج 4 ق 130 ص 356

جلسة 4 مايو سنة 1944

برياسة سعادة أمين أنيس باشا رئيس المحكمة، وبحضور حضرات: نجيب مرقس بك وأحمد نشأت بك ومحمد المفتي الجزايرلي بك ومحمود فؤاد بك المستشارين.

-------------

(130)
القضية رقم 101 سنة 13 القضائية

تعويض. 

طلب تعويض عن ضرر يدعي الطالب لحوقه به من جراء تنفيذ مشروع ري. رفضه بناءً على أن الضرر الذي لحقه كان مؤقتاً وأن الفائدة التي يصيبها من المشروع تعوضه منه ثم تبقى له. لا خطأ في ذلك.

--------------
إذا كان الثابت في الحكم المطعون فيه أن الضرر الذي يشكو منه طالب التعويض ويدعي لحوقه به من جراء تنفيذ مشروع للري (مشروع الري الصيفي لأطيان مركز إدفو) كان مؤقتاً ثم زال سببه، وأن المدعي سيفيد من المشروع المذكور في المستقبل فائدة عظمى تعوض عليه الضرر حتماً في زمن وجيز ثم تبقى له على ممر الزمن، وبناءً على ما استخلصته المحكمة من ذلك قضت بأنه ليس هناك محل للتعويض، فإنها لا تكون قد أخطأت.

الطعن 92 لسنة 13 ق جلسة 4 / 5 / 1944 مج عمر المدنية ج 4 ق 129 ص 352

جلسة 4 مايو سنة 1944

برياسة سعادة أمين أنيس باشا رئيس المحكمة، وبحضور حضرات: نجيب مرقس بك وأحمد نشأت بك ومحمد المفتي الجزايرلي بك ومحمود فؤاد بك المستشارين.

------------

(129)
القضية رقم 92 سنة 13 القضائية

تنفيذ بفوائد تأخير الأقساط المستحقة من ثمن البيع بناءً على محضر صلح. القضاء بصحة التنفيذ. الاستناد في ذلك إلى أن محضر الصلح صريح في احتفاظ البائع بجميع حقوقه المقررة في عقد البيع. عقد البيع منصوص فيه على سريان فوائد عن التأخير. هذه الفوائد تكون كأنها منصوص عليها في عقد الصلح. 

(المادتان 381 و384 مرافعات)

----------------
إذا كانت المحكمة قد أسست قضاءها بصحة التنفيذ بفوائد تأخير الأقساط المستحقة من ثمن البيع على أن محضر الصلح المطلوب التنفيذ به صريح في احتفاظ البائع بجميع حقوقه المقررة بعقد البيع، وعلى أن عقد البيع هذا ينص على سريان الفوائد عن التأخير، فذلك منها سديد. إذ أن عقد البيع يكون في هذه الحالة متمماً لعقد الصلح. ومن ثم فإن الفوائد المنصوص عليها فيه تكون كأنها منصوص عليها في عقد الصلح (1).


الوقائع

تتحصل وقائع هذا الطعن في أنه بموجب عقد بيع مؤرخ في 13 إبريل سنة 1929 ومسجل في 15 من نفس الشهر بمحكمة المنصورة المختلطة باعت المطعون ضدها إلى أخيها المرحوم أنطون بك شديد مورث الطاعنين 8 س و16 ط و49 ف في ناحية طاروط مركز الزقازيق مقابل ثمن قدره 83 م و7452 ج باعتبار سعر الفدان الواحد 150 جنيهاً واتفق على دفعه على أقساط، وقد تأخر المشتري في القسط الثالث وقدره 552 م و1624 ج المستحق في نوفمبر سنة 1931 فقبلت المطعون ضدها تأجيل الدفع إلى ديسمبر سنة 1933، ولما تأخر أيضاً في القسط الرابع وقدره 488 م و1557 ج رفعت عليه المطعون ضدها دعوى قيدت بمحكمة مصر الابتدائية تحت رقم 1193 سنة 1933 تطالبه بقيمة القسط الرابع والفوائد، ثم تصالح الطرفان على ضم القسطين الثالث والرابع وفوائدهما بواقع 7% وبلغ مجموع ذلك كله 360 م و3274 ج دفع منه المرحوم أنطون بك شديد مبلغ 360 م و674 ج وبقى عليه مبلغ 2600 ج اتفق على أدائه على أربعة أقساط سنوية متساوية كل قسط منها 650 جنيهاً بخلاف الفائدة 7% من أول نوفمبر سنة 1933 حتى الوفاء بحيث يكون القسط الأول 500 م و695 ج والقسط الثاني 741 ج والقسط الثالث 500 م و786 ج والقسط الرابع 832 جنيهاً، وقد تصدق على محضر الصلح من محكمة مصر الابتدائية في 23 أكتوبر سنة 1933، ودفع المرحوم أنطون بك شديد القسط الأول في ميعاده ومبلغ 341 جنيهاً من القسط الثاني في أكتوبر سنة 1935 وباقيه في أكتوبر سنة 1936 ثم تأخر في القسطين الثالث والرابع ثم دفع منهما مبالغ على دفعات وأصبح الباقي عليه مع الفوائد 72 م و1324 ج وهو قيمة ما طلبته المطعون ضدها في تنبيه نزع الملكية المعلن في 19 ديسمبر سنة 1940، ثم دفع المشتري مبالغ أخرى فأصبح الباقي عليه أخيراً بعد إضافة حساب الفوائد 906 م و1031 ج، فرفع مورث الطاعنين الدعوى رقم 93 سنة 1941 كلي مصر بالمعارضة في تنبيه نزع الملكية وطلب احتياطياً تعديله إلى مبلغ 42 م و516 ج بلا فوائد، وفي أول مايو سنة 1941 أوقفت الدعوى لوفاته ثم أدخل ورثته (الطاعنون) وقد بنيت المعارضة في تنبيه نزع الملكية على أنه لا محل لاحتساب فوائد تأخير على الأقساط التي لم تدفع قولاً بأن محضر الصلح الذي عمل بين الطرفين وصدقت عليه المحكمة لم ينص على فوائد تأخير وأنه قد حصل استبدال في الدين، ثم قضت محكمة الزقازيق بتاريخ 12 مارس سنة 1942 بتعديل المبلغ المبين بتنبيه نزع الملكية وجعله مقصوراً على مبلغ 75 م و682 ج. وبتاريخ 25 مارس سنة 1942 رفعت المطعون ضدها استئنافاً عن هذا الحكم أمام محكمة استئناف مصر وطلبت فيه إلغاء الحكم المستأنف ورفض المعارضة في تنبيه نزع الملكية واعتبار أساس المبلغ المبين في التنبيه 906 م و1031 ج قيمة المطلوب لغاية 30 نوفمبر سنة 1940 بخلاف ما يستجد من الفوائد عن هذا المبلغ بواقع 7% سنوياً ابتداءً من أول ديسمبر سنة 1940 حتى الوفاء. وقد قضت محكمة الاستئناف بتاريخ 16 ديسمبر سنة 1940 بقبول طلبات المطعون ضدها وبإلغاء الحكم المستأنف وجعل قيمة الدين المطلوب بتنبيه نزع الملكية 906 م و1031 ج وفوائده بواقع 7%.
وقد أعلن هذا الحكم إلى الطاعنين في 24 يونيو سنة 1943 فطعن فيه وكيلهم بطريق النقض في 11 يوليه سنة 1943 إلخ إلخ.


المحكمة

وحيث إن الطعن يتحصل في أن المحكمة خالفت القانون إذ جعلت موضوع دعوى المعارضة في تنبيه نزع الملكية المرفوعة من الطاعنين يشمل الفصل في استحقاق مبالغ غير واردة في السند المطلوب التنفيذ به بينما أن موضوع هذه الدعوى هو بطلان التنفيذ على النحو الوارد في التنبيه، والواجب على المحكمة والحالة هذه أن تقصر مجال بحثها فيها على مسألة صلاحية السند - الذي بني عليه التنبيه - للتنفيذ بما هو مطلوب في التنبيه، والحكم المطعون فيه إذ قضى بصحة المبالغ المطلوبة بالتنبيه بنزع الملكية قال إن الطاعنين ملزمون بفوائد التأخير، ولكنه لم يقم ذلك على أن هذه الفوائد منصوص عليها في محضر الصلح الذي هو السند المنفذ به بل استدل بأمور أخرى غير هذا السند وهي صور إيصالات المبالغ المدفوعة من مورث الطاعنين وعقد البيع الأصلي في حين أنه لا شيء من ذلك يصلح لأن يكون سنداً يمكن التنفيذ به، بل إنه لا يجوز تقديم عقد البيع للتنفيذ لأنه هو العقد الذي بشأنه حصل الصلح، والصلح عقد جديد تنازل كل من المتعاقدين فيه عن بعض حقه. ولما كان التنفيذ لا يجوز إلا للأشياء المعينة الخالية من النزاع طبقاً للمادة 384 من قانون المرافعات فيكون الحكم المطعون فيه قد خالف القانون.
وحيث إن ما يثيره الطاعنون مردود بأن المحكمة أسست قضاءها بصحة التنفيذ بالفوائد على أن البند السادس من محضر الصلح المطلوب التنفيذ به صريح في احتفاظ المطعون ضدها بجميع حقوقها المقررة بعقد البيع وعلى أن عقد البيع ينص على سريان الفوائد عن التأخير، وهذا الذي رأته المحكمة سديد، فإن عقد البيع يكون والحالة هذه جزءاً من عقد الصلح، ومن ثم فإن الفوائد المنصوص عليها فيه تكون في حكم المنصوص عليها في عقد الصلح. أما صور الإيصالات التي يشير إليها الطاعنون فإن المحكمة لم تذكرها إلا على سبيل الاستشهاد على صحة التنفيذ بفوائد التأخير إذ قالت إن تلك الصور كلها ناطقة بأن المشتري (مورث الطاعنين) قبل احتساب فوائد التأخير.


(1) يراجع "تنفيذ الأحكام والسندات الرسمية" للأستاذ الدكتور محمد حامد فهمي، الطبعة الثانية ص 78.

الطعن 211 لسنة 45 ق جلسة 27 / 4 / 1978 مكتب فني 29 ج 1 ق 225 ص 1145

جلسة 27 من إبريل سنة 1978

برئاسة السيد المستشار نائب رئيس المحكمة عبد العال السيد وعضوية السادة المستشارين أحمد صلاح الدين زغو، والدكتور عبد الرحمن عياد، إبراهيم فودة وعماد الدين بركات.

------------

(225)
الطعن رقم 211 لسنة 45 القضائية

(1) بيع. دعوى. حيازة.
وقوع تعرض من الغير للمشتري دون رفع دعوى. إقامة المشتري دعوى الضمان على البائع مباشرة. لا محل لإخطاره في هذه الحالة.
(2) دعوى. تقادم "التقادم المسقط".
دعوى ضمان الاستحقاق. تقادمها بخمس عشرة سنة.
(3) دفوع. تقادم "التقادم المسقط". نقض "السبب الجديد".
الدفع بالتقادم المسقط. عدم جواز التحدي به لأول مرة أمام محكمة النقض.
(4، 5) بيع.
(4) التعرض للمشتري في المبيع. ماهيته. لا عبرة بجهل البائع بسبب الاستحقاق وقت البيع.
(5) استحقاق المبيع كله. أثره. للمشتري مطالبة البائع بقيمة المبيع وقت الاستحقاق. عدم التقيد عند تحديد هذه القيمة بالثمن الوارد بالعقد.
(6) بيع. محكمة الموضوع.
تقدير قيمة المبيع وقت الاستحقاق. مما تستقل به محكمة الموضوع. شرط ذلك.

-------------
1 - التعرض القانوني الصادر من الغير قد يتحقق في صورة رفع دعوى وعندئذ يتعين على المشتري إخطار البائع في وقت ملائم عملاً بالمادة 44 من القانون المدني، أما إذا وقع التعرض من الغير دون رفع دعوى وأقام المشتري دعواه مباشرة على البائع بالضمان فلا يكون هناك محل للإخطار.
2 - المادة 452 من القانون المدني خاصة بضمان العيوب الخفية أما دعوى ضمان الاستحقاق فإنها لا تتقادم إلا بخمس عشرة سنة.
3 - الدفع بالتقادم من الدفوع المتعلقة بموضوع الدعوى، وإذ كان الطاعن لم يتمسك بهذا الدفع أمام محكمة الموضوع، فإنه يعتبر سبباً جديداً لا يجوز إثارته لأول مرة أمام محكمة النقض.
4 - يقضي قانون الجمارك رقم 16 لسنة 1963 والقرارات المنفذة له بمصادرة السيارة في حالة بيعها بدون إذن استيراد فضلاً عن تحملها بدين الضريبة المستحقة وهو دين ممتاز عملاً بالمادة 1139 من القانون المدني، وإذ كان الثابت من الأوراق أنه ترتب على المخالفة المشار إليها ضبط السيارة بناء على طلب مصلحة الجمارك مما نجم عنه حرمان المشتري (المطعون عليه) من الانتفاع بها فإن هذا الضبط يعتبر تعرضاً مبنياً على سبب قانوني يضمنه البائع (الطاعن) - ذلك أنه يكفي لنشوئه أن يحرم المشتري فعلاً من المبيع لأي سبب سابق على البيع لم يكن له يد فيه وليس في مقدوره دفعه ولا يتوقف وجوده على صدور حكم قضائي بنزع ملكية المبيع المشتري بل يقصد به أي تعرض له من شأنه أن يؤدي إلى نزع الشيء المبيع، حتى ولو كان البائع حسن النية لا يعلم بسبب الاستحقاق وقت البيع.
5 - تقضي المادة 443 من القانون المدني بأنه إذا استحق كل المبيع كان للمشتري أن يطلب من البائع قيمة المبيع وقت الاستحقاق، وهي قيمة لا تأثير لمقدار الثمن عليها فقد تقل عنه وقد تزيد.
6 - تقدير قيمة المبيع وقت الاستحقاق هو مما يستقل به قاضي الموضوع، إلا أنه إذا قدم له دليل مقبول - وهو هبوط قيمة المبيع عادة باستعماله فترة من الزمن - فإن عليه إذا رأى إطراح هذا الدليل وتقدير القيمة على خلافه أن يبين سبب عدم أخذه به.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر الأوراق - تتحصل في أن المطعون عليه أقام ضد الطاعن وآخر الدعوى رقم 5359 لسنة 1966 مدني القاهرة الابتدائية للحكم بإلزامهما متضامنين بأن يدفعا له مبلغ 6000 جنيه والفوائد القانونية من تاريخ الاستيلاء على السيارة المبينة بالصحيفة في 14/ 5/ 1966 حتى السداد. وقال بياناً للدعوى أنه بموجب عقد مؤرخ 23/ 6/ 1964 اشترى منهما السيارة رقم 5890 ملاكي الجيزة - والتي رخصت بعد ذلك برقم 29 ملاكي كفر الشيخ - بثمن قدره 3750 جنيهاً دفع جميعه وقت التوقيع على العقد الذي نص في بنده الأول على ملكية البائعين للسيارة وأنه غير مقيد عليها أية ديون وغير مستحق عليها رسوم جمركية وغير محجوز عليها وليس هناك ما يمس صحة العقد، وإذ تبين بعد ذلك أن هذه السيارة دخلت البلاد بإذن مزور فقد قامت الشرطة في 14/ 5/ 1966 بضبطها وتحرر عن ذلك المحضر رقم 375 لسنة 1966 حضر نيابة الأموال العامة ولما كان البائعان يضمنان عدم التعرض للمطعون عليه في حيازته للمبيع عملاً بالمادة 439 من القانون المدني، فقد أقام الدعوى للحكم بطلباته. وفي 9/ 2/ 1969 حكمت المحكمة بإلزام الطاعن والمدعى عليه الآخر بأن يدفعا للمطعون عليه مبلغ 3750 جنيهاً وفوائده القانونية بواقع 4% سنوياً من 14/ 5/ 1966 حتى السداد. استأنف المدعى عليهما هذا الحكم لدى محكمة استئناف القاهرة طالبين إلغاءه ورفض الدعوى وقيد الاستئناف برقم 633 لسنة 86 ق. وبتاريخ 31/ 12/ 1974 حكمت المحكمة بتأييد الحكم المستأنف. طعن الطاعن في هذا الحكم بطريق النقض. وقدمت النيابة العامة مذكرة أبدت فيها الرأي برفض الطعن.
وحيث إن الطعن أقيم على ثلاثة أسباب ينعى الطاعن بالسبب الأول منها على الحكم المطعون فيه مخالفة القانون من وجهين: الأول أن المطعون عليه لم يخطره بتعرض السلطة العامة له في حيازة السيارة فيكون قد فقد حقه في الرجوع عليه بدعوى الضمان عملاً بالمادة 440 من القانون المدني وقد خالف الحكم المطعون فيه هذا النص قولاً منه بأنه ليس لدى الطاعن مستندات قاطعة تحميه من التعرض والاستحقاق والثاني أن المطعون عليه رفع دعوى الضمان في 10/ 10/ 1969 بعد انقضاء أكثر من سنتين على استلام السيارة في 7/ 7/ 1966 فتكون دعواه قد سقطت بالتقادم لعدم رفعها في خلال سنة عملاً بالمادة 452 من القانون المدني.
وحيث إن النعي في وجهه الأول مردود بأن التعرض القانوني الصادر من الغير قد يتحقق في صورة رفع دعوى وعندئذ يتعين على المشتري إخطار البائع في وقت ملائم عملاً بالمادة 44 من القانون المدني، أما إذا وقع التعرض من الغير دون رفع دعوى وأقام المشتري دعواه مباشرة على البائع بالضمان فلا يكون هناك محل للإخطار. إذ كان ذلك وكان الحكم المطعون فيه سليماً في نتيجته التي انتهى إليها فلا يبطله ما ذهب إليه خطأ من أن إخطار البائع بالتعرض لا يكون إلا في حالة ما إذا كان لديه من المستندات ما يدرأ به التعرض والاستحقاق إذ لمحكمة النقض تصحيح هذه الأسباب بغير أن تنقضه. والنعي في وجهه الثاني في غير محله ذلك أن المادة 452 من القانون المدني خاصة بضمان العيوب الخفية، أما دعوى ضمان الاستحقاق فإنها لا تتقادم إلا بخمس عشرة سنة، فضلاً عن أن الدفع بالتقادم من الدفوع المتعلقة بموضوع الدعوى، والثابت أن الطاعن لم يتمسك بهذا الدفع أمام محكمة الموضوع فإنه يعتبر معه سبباً جديداً لا يجوز التحدي به لأول مرة أمام محكمة النقض.
وحيث إن الطاعن ينعى بالأوجه الأول والثاني والرابع والشق الثاني من الوجه الثالث من السبب الثاني وبالسبب الثالث على الحكم المطعون فيه الخطأ في تطبيق القانون، وفي بيان ذلك يقول أن الحكم أسس قضاءه على أن استحقاق السيارة يرجع إلى سبب قانوني هو ارتكاب جريمة جمركية، واعتبر ضبط السلطات الإدارية للسيارة سبباً قانونياً يستوجب مسئولية الطاعن عن ضمان التعرض، مع أن هذا الضبط إنما تختص به النيابة العامة أو السلطات الجمركية، ولا يرقى إلى مرتبة الادعاء من جانب السلطات الإدارية بوجود حق على السيارة المبيعة، كما وأن المطعون عليه كان يستطيع أن يدرأ المخالفة بسداد الضريبة الجمركية المستحقة أو أن يخطر الطاعن لسدادها، والطاعن كان حسن النية عندما تعاقد بشأن هذه السيارة سواء عندما اشتراها فاكتسب ملكيتها خالية من التكاليف والقيود العينية التي تثقلها أو عندما باعها إلى المطعون عليه، وقد كان يتعين على الحكم المطعون فيه وقد استند في قضائه بمسئولية الطاعن عن ضمان التعرض إلى أن إيصال سداد الرسوم الجمركية الخاص بالسيارة موضوع الدعوى مزور أن يوقف الدعوى عملاً بالمادة 129 من قانون المرافعات حتى يفصل في واقعة التزوير.
وحيث إن هذا النعي مردود، ذلك أن الثابت من الأوراق ومن الحكم المطعون فيه أن السيارة موضوع الدعوى دخلت البلاد في 27/ 6/ 1962 بدفتر مرور دولي وأنه لا يجوز التصرف فيها بالبيع بدون إذن استيراد قبل مضي أربع سنوات على دخولها، فإن مضت هذه المدة جاز بيعها دون إذن استيراد بشرط سداد الضريبة الجمركية، وقد بيعت السيارة قبل مضي هذه المدة إلى الطاعن وشريكه سنة 1964 بعد تقديم إيصال مزور يحمل تاريخ 5/ 2/ 1964 ويتضمن سداد الضريبة الجمركية على السيارة كما يتضمن إعفاءه من الإذن بالاستيراد. لما كان ذلك وكان قانون الجمارك رقم 16 لسنة 1963 والقرارات المنفذة له تقضي بمصادرة السيارة في حالة بيعها بدون إذن استيراد فضلاً عن تحملها بدين الضريبة المستحقة وهو دين ممتاز عملاً بالمادة 1139 من القانون المدني، وكان الثابت أيضاً من الأوراق أنه ترتب على المخالفة المشار إليها ضبط السيارة بناء على طلب مصلحة الجمارك بما نجم عنه حرمان المشتري (المطعون عليه) من الانتفاع بها، فإن هذا الضبط يعتبر تعرضاً مبنياً على سبب قانوني يضمنه البائع (الطاعن)، ذلك أنه يكفي لنشوئه أن يحرم المشتري فعلاً من البيع لأي سبب سابق على البيع لم يكن له يد فيه أو ليس في مقدوره دفعه ولا يتوقف وجوده على صدور حكم قضائي بنزع ملكية المبيع المشتري بل يقصد به أي تعرض له من شأنه أن يؤدي إلى نزع الشيء المبيع، حتى ولو كان البائع حسن النية لا يعلم بسبب الاستحقاق وقت البيع. لما كان ذلك وكان ما قال به الطاعن من أنه كان في مكنة المطعون عليه أن يسدد الضريبة الجمركية المستحقة على السيارة أو أن يخطر الطاعن لسدادها، فأنه فضلاً عن أن الثابت بالأوراق على ما سلف ذكره أن السيارة ضبطت لبيعها قبل مضي أربع سنوات بدون إذن استيراد، فإن هذا الشق من النعي يعتبر سبباً جديداً لا تجوز إثارته لأول مرة أمام محكمة النقض لعدم سبق طرحه على محكمة الموضوع، ويكون النعي برمته على غير أساس.
وحيث إن مما ينعاه الطاعن بالشق الأول من الوجه الثالث من السبب الثاني على الحكم المطعون فيه الخطأ في تطبيق القانون، وفي بيان ذلك يقول أن الحكم ألزمه وشريكه بمبلغ 3750 جنيهاً على أنه قيمة السيارة وقت الاستحقاق، مع أن المطعون عليه اشتراها بنفس المبلغ في 7/ 7/ 1964 وظل يستعملها قرابة العامين حتى تم ضبطها، وقد كان يتعين على الحكم عند تقدير قيمتها وقت الاستحقاق أن يخصم مقابل انتفاع المطعون عليه بها خلال هذه المدة ومقابل ما لحقها من تلفيات واستهلاك.
وحيث إن هذا النعي صحيح، ذلك أنه وعلى ما نصت عليه المادة 443 من القانون المدني إذا استحق كل المبيع كان للمشتري أن يطلب من البائع قيمة المبيع وقت الاستحقاق، وهي قيمة لا تأثير لمقدار الثمن عليها فقد تقل عنه وقد تزيد، إلا أن الحكم الابتدائي الذي أحال إليه الحكم المطعون فيه أورد بالنسبة لذلك قوله لما كانت الأوراق خالية مما يفيد أن قيمة السيارة وقت الاستحقاق قد جاوزت ثمن البيع وقدره 3750 جنيهاً ولم يقدم المدعي (المطعون عليه) دليلاً على أن قيمتها كانت وقت الاستحقاق 6000 جنيه فيتعين لذلك الحكم بإلزام المدعى عليهما بأن يؤديا للمدعي مبلغ 3750 جنيهاً وهي عبارات تشير إلى أن الحكم قد غفل عن أن قيمة المبيع وقت الاستحقاق قد تقل عن الثمن. كما وأن الطاعن أورد في أسباب الاستئناف - على ما جاء بمدونات الحكم المطعون فيه - نعيه على قضاء محكمة أول درجة بأنها لم تعن بتحقيق قيمة السيارة وقت الاستحقاق بمبلغ 3750 جنيهاً في حين أن سعرها قد هبط بالاستعمال وطبقاً لأسعار السوق، وقد أغفل الحكم المطعون فيه الرد على هذا الدفاع الجوهري، ذلك أنه وإن كان تقدير قيمة المبيع وقت الاستحقاق هو مما يستقل به قاضي الموضوع، إلا أنه إذا قدم له دليل مقبول وهو هبوط قيمة المبيع عادة باستعماله فترة من الزمن - فإن عليه إذا رأى إطراح هذا الدليل وتقدير القيمة على خلافه أن يبين سبب عدم أخذه به، ومن ثم فإن الحكم المطعون فيه يكون قد أخطأ في تطبيق القانون وقد جزه هذا الخطأ إلى قصور في التسبيب، الأمر الذي يستوجب نقضه في خصوص الشق الأول من الوجه الثالث من السبب الثاني.

الطعن 91 لسنة 13 ق جلسة 4 / 5 / 1944 مج عمر المدنية ج 4 ق 128 ص 352

جلسة 4 مايو سنة 1944

برياسة سعادة أمين أنيس باشا رئيس المحكمة، وبحضور حضرات: نجيب مرقس بك وأحمد نشأت بك ومحمد المفتي الجزايرلي بك ومحمود فؤاد بك المستشارين.

-------------

(128)
القضية رقم 91 سنة 13 القضائية

حجر. 

تعويض عن عمل تدليسي. بيع. تقدير الأفعال التي وقعت من العاقد من جهة كونها تكوّن طرقاً احتيالية أولاً. موضوعي. تظاهر البائع بأنه تام الأهلية مع كونه عديم الأهلية. مجرد كذب لا يستوجب مساءلته شخصياً.

-------------
إذا رفع المشتري دعوى على البائع يطالبه فيها بتعويض عما لحقه من الضرر بسبب عدم إتمام الصفقة التي تعاقد معه عليها ودفع له جزءاً من ثمنها، مدعياً أن البائع دلس عليه بأن أوهمه بأنه تام الأهلية في حين أنه كان محجوراً عليه، فرفضت المحكمة الدعوى على أساس ما استبانته من ظروفها ووقائعها من أن كل ما وقع من البائع هو أنه تظاهر للمشتري بأنه كامل الأهلية وهذا لا يعدو أن يكون مجرد كذب لا يستوجب مساءلة مقترفه شخصياً، فلا شأن لمحكمة النقض معها في ذلك ما دامت الوقائع الثابتة في الدعوى مؤدية عقلاً إليه.