جلسة 27 من إبريل سنة 1978
برئاسة السيد المستشار نائب رئيس المحكمة عبد العال السيد وعضوية السادة المستشارين أحمد صلاح الدين زغو، والدكتور عبد الرحمن عياد، إبراهيم فودة وعماد الدين بركات.
------------
(225)
الطعن رقم 211 لسنة 45 القضائية
(1) بيع. دعوى. حيازة.
وقوع تعرض من الغير للمشتري دون رفع دعوى. إقامة المشتري دعوى الضمان على البائع مباشرة. لا محل لإخطاره في هذه الحالة.
(2) دعوى. تقادم "التقادم المسقط".
دعوى ضمان الاستحقاق. تقادمها بخمس عشرة سنة.
(3) دفوع. تقادم "التقادم المسقط". نقض "السبب الجديد".
الدفع بالتقادم المسقط. عدم جواز التحدي به لأول مرة أمام محكمة النقض.
(4، 5) بيع.
(4) التعرض للمشتري في المبيع. ماهيته. لا عبرة بجهل البائع بسبب الاستحقاق وقت البيع.
(5) استحقاق المبيع كله. أثره. للمشتري مطالبة البائع بقيمة المبيع وقت الاستحقاق. عدم التقيد عند تحديد هذه القيمة بالثمن الوارد بالعقد.
(6) بيع. محكمة الموضوع.
تقدير قيمة المبيع وقت الاستحقاق. مما تستقل به محكمة الموضوع. شرط ذلك.
المحكمة
بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر الأوراق - تتحصل في أن المطعون عليه أقام ضد الطاعن وآخر الدعوى رقم 5359 لسنة 1966 مدني القاهرة الابتدائية للحكم بإلزامهما متضامنين بأن يدفعا له مبلغ 6000 جنيه والفوائد القانونية من تاريخ الاستيلاء على السيارة المبينة بالصحيفة في 14/ 5/ 1966 حتى السداد. وقال بياناً للدعوى أنه بموجب عقد مؤرخ 23/ 6/ 1964 اشترى منهما السيارة رقم 5890 ملاكي الجيزة - والتي رخصت بعد ذلك برقم 29 ملاكي كفر الشيخ - بثمن قدره 3750 جنيهاً دفع جميعه وقت التوقيع على العقد الذي نص في بنده الأول على ملكية البائعين للسيارة وأنه غير مقيد عليها أية ديون وغير مستحق عليها رسوم جمركية وغير محجوز عليها وليس هناك ما يمس صحة العقد، وإذ تبين بعد ذلك أن هذه السيارة دخلت البلاد بإذن مزور فقد قامت الشرطة في 14/ 5/ 1966 بضبطها وتحرر عن ذلك المحضر رقم 375 لسنة 1966 حضر نيابة الأموال العامة ولما كان البائعان يضمنان عدم التعرض للمطعون عليه في حيازته للمبيع عملاً بالمادة 439 من القانون المدني، فقد أقام الدعوى للحكم بطلباته. وفي 9/ 2/ 1969 حكمت المحكمة بإلزام الطاعن والمدعى عليه الآخر بأن يدفعا للمطعون عليه مبلغ 3750 جنيهاً وفوائده القانونية بواقع 4% سنوياً من 14/ 5/ 1966 حتى السداد. استأنف المدعى عليهما هذا الحكم لدى محكمة استئناف القاهرة طالبين إلغاءه ورفض الدعوى وقيد الاستئناف برقم 633 لسنة 86 ق. وبتاريخ 31/ 12/ 1974 حكمت المحكمة بتأييد الحكم المستأنف. طعن الطاعن في هذا الحكم بطريق النقض. وقدمت النيابة العامة مذكرة أبدت فيها الرأي برفض الطعن.
وحيث إن الطعن أقيم على ثلاثة أسباب ينعى الطاعن بالسبب الأول منها على الحكم المطعون فيه مخالفة القانون من وجهين: الأول أن المطعون عليه لم يخطره بتعرض السلطة العامة له في حيازة السيارة فيكون قد فقد حقه في الرجوع عليه بدعوى الضمان عملاً بالمادة 440 من القانون المدني وقد خالف الحكم المطعون فيه هذا النص قولاً منه بأنه ليس لدى الطاعن مستندات قاطعة تحميه من التعرض والاستحقاق والثاني أن المطعون عليه رفع دعوى الضمان في 10/ 10/ 1969 بعد انقضاء أكثر من سنتين على استلام السيارة في 7/ 7/ 1966 فتكون دعواه قد سقطت بالتقادم لعدم رفعها في خلال سنة عملاً بالمادة 452 من القانون المدني.
وحيث إن النعي في وجهه الأول مردود بأن التعرض القانوني الصادر من الغير قد يتحقق في صورة رفع دعوى وعندئذ يتعين على المشتري إخطار البائع في وقت ملائم عملاً بالمادة 44 من القانون المدني، أما إذا وقع التعرض من الغير دون رفع دعوى وأقام المشتري دعواه مباشرة على البائع بالضمان فلا يكون هناك محل للإخطار. إذ كان ذلك وكان الحكم المطعون فيه سليماً في نتيجته التي انتهى إليها فلا يبطله ما ذهب إليه خطأ من أن إخطار البائع بالتعرض لا يكون إلا في حالة ما إذا كان لديه من المستندات ما يدرأ به التعرض والاستحقاق إذ لمحكمة النقض تصحيح هذه الأسباب بغير أن تنقضه. والنعي في وجهه الثاني في غير محله ذلك أن المادة 452 من القانون المدني خاصة بضمان العيوب الخفية، أما دعوى ضمان الاستحقاق فإنها لا تتقادم إلا بخمس عشرة سنة، فضلاً عن أن الدفع بالتقادم من الدفوع المتعلقة بموضوع الدعوى، والثابت أن الطاعن لم يتمسك بهذا الدفع أمام محكمة الموضوع فإنه يعتبر معه سبباً جديداً لا يجوز التحدي به لأول مرة أمام محكمة النقض.
وحيث إن الطاعن ينعى بالأوجه الأول والثاني والرابع والشق الثاني من الوجه الثالث من السبب الثاني وبالسبب الثالث على الحكم المطعون فيه الخطأ في تطبيق القانون، وفي بيان ذلك يقول أن الحكم أسس قضاءه على أن استحقاق السيارة يرجع إلى سبب قانوني هو ارتكاب جريمة جمركية، واعتبر ضبط السلطات الإدارية للسيارة سبباً قانونياً يستوجب مسئولية الطاعن عن ضمان التعرض، مع أن هذا الضبط إنما تختص به النيابة العامة أو السلطات الجمركية، ولا يرقى إلى مرتبة الادعاء من جانب السلطات الإدارية بوجود حق على السيارة المبيعة، كما وأن المطعون عليه كان يستطيع أن يدرأ المخالفة بسداد الضريبة الجمركية المستحقة أو أن يخطر الطاعن لسدادها، والطاعن كان حسن النية عندما تعاقد بشأن هذه السيارة سواء عندما اشتراها فاكتسب ملكيتها خالية من التكاليف والقيود العينية التي تثقلها أو عندما باعها إلى المطعون عليه، وقد كان يتعين على الحكم المطعون فيه وقد استند في قضائه بمسئولية الطاعن عن ضمان التعرض إلى أن إيصال سداد الرسوم الجمركية الخاص بالسيارة موضوع الدعوى مزور أن يوقف الدعوى عملاً بالمادة 129 من قانون المرافعات حتى يفصل في واقعة التزوير.
وحيث إن هذا النعي مردود، ذلك أن الثابت من الأوراق ومن الحكم المطعون فيه أن السيارة موضوع الدعوى دخلت البلاد في 27/ 6/ 1962 بدفتر مرور دولي وأنه لا يجوز التصرف فيها بالبيع بدون إذن استيراد قبل مضي أربع سنوات على دخولها، فإن مضت هذه المدة جاز بيعها دون إذن استيراد بشرط سداد الضريبة الجمركية، وقد بيعت السيارة قبل مضي هذه المدة إلى الطاعن وشريكه سنة 1964 بعد تقديم إيصال مزور يحمل تاريخ 5/ 2/ 1964 ويتضمن سداد الضريبة الجمركية على السيارة كما يتضمن إعفاءه من الإذن بالاستيراد. لما كان ذلك وكان قانون الجمارك رقم 16 لسنة 1963 والقرارات المنفذة له تقضي بمصادرة السيارة في حالة بيعها بدون إذن استيراد فضلاً عن تحملها بدين الضريبة المستحقة وهو دين ممتاز عملاً بالمادة 1139 من القانون المدني، وكان الثابت أيضاً من الأوراق أنه ترتب على المخالفة المشار إليها ضبط السيارة بناء على طلب مصلحة الجمارك بما نجم عنه حرمان المشتري (المطعون عليه) من الانتفاع بها، فإن هذا الضبط يعتبر تعرضاً مبنياً على سبب قانوني يضمنه البائع (الطاعن)، ذلك أنه يكفي لنشوئه أن يحرم المشتري فعلاً من البيع لأي سبب سابق على البيع لم يكن له يد فيه أو ليس في مقدوره دفعه ولا يتوقف وجوده على صدور حكم قضائي بنزع ملكية المبيع المشتري بل يقصد به أي تعرض له من شأنه أن يؤدي إلى نزع الشيء المبيع، حتى ولو كان البائع حسن النية لا يعلم بسبب الاستحقاق وقت البيع. لما كان ذلك وكان ما قال به الطاعن من أنه كان في مكنة المطعون عليه أن يسدد الضريبة الجمركية المستحقة على السيارة أو أن يخطر الطاعن لسدادها، فأنه فضلاً عن أن الثابت بالأوراق على ما سلف ذكره أن السيارة ضبطت لبيعها قبل مضي أربع سنوات بدون إذن استيراد، فإن هذا الشق من النعي يعتبر سبباً جديداً لا تجوز إثارته لأول مرة أمام محكمة النقض لعدم سبق طرحه على محكمة الموضوع، ويكون النعي برمته على غير أساس.
وحيث إن مما ينعاه الطاعن بالشق الأول من الوجه الثالث من السبب الثاني على الحكم المطعون فيه الخطأ في تطبيق القانون، وفي بيان ذلك يقول أن الحكم ألزمه وشريكه بمبلغ 3750 جنيهاً على أنه قيمة السيارة وقت الاستحقاق، مع أن المطعون عليه اشتراها بنفس المبلغ في 7/ 7/ 1964 وظل يستعملها قرابة العامين حتى تم ضبطها، وقد كان يتعين على الحكم عند تقدير قيمتها وقت الاستحقاق أن يخصم مقابل انتفاع المطعون عليه بها خلال هذه المدة ومقابل ما لحقها من تلفيات واستهلاك.
وحيث إن هذا النعي صحيح، ذلك أنه وعلى ما نصت عليه المادة 443 من القانون المدني إذا استحق كل المبيع كان للمشتري أن يطلب من البائع قيمة المبيع وقت الاستحقاق، وهي قيمة لا تأثير لمقدار الثمن عليها فقد تقل عنه وقد تزيد، إلا أن الحكم الابتدائي الذي أحال إليه الحكم المطعون فيه أورد بالنسبة لذلك قوله لما كانت الأوراق خالية مما يفيد أن قيمة السيارة وقت الاستحقاق قد جاوزت ثمن البيع وقدره 3750 جنيهاً ولم يقدم المدعي (المطعون عليه) دليلاً على أن قيمتها كانت وقت الاستحقاق 6000 جنيه فيتعين لذلك الحكم بإلزام المدعى عليهما بأن يؤديا للمدعي مبلغ 3750 جنيهاً وهي عبارات تشير إلى أن الحكم قد غفل عن أن قيمة المبيع وقت الاستحقاق قد تقل عن الثمن. كما وأن الطاعن أورد في أسباب الاستئناف - على ما جاء بمدونات الحكم المطعون فيه - نعيه على قضاء محكمة أول درجة بأنها لم تعن بتحقيق قيمة السيارة وقت الاستحقاق بمبلغ 3750 جنيهاً في حين أن سعرها قد هبط بالاستعمال وطبقاً لأسعار السوق، وقد أغفل الحكم المطعون فيه الرد على هذا الدفاع الجوهري، ذلك أنه وإن كان تقدير قيمة المبيع وقت الاستحقاق هو مما يستقل به قاضي الموضوع، إلا أنه إذا قدم له دليل مقبول وهو هبوط قيمة المبيع عادة باستعماله فترة من الزمن - فإن عليه إذا رأى إطراح هذا الدليل وتقدير القيمة على خلافه أن يبين سبب عدم أخذه به، ومن ثم فإن الحكم المطعون فيه يكون قد أخطأ في تطبيق القانون وقد جزه هذا الخطأ إلى قصور في التسبيب، الأمر الذي يستوجب نقضه في خصوص الشق الأول من الوجه الثالث من السبب الثاني.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق