جلسة 4 من مايو سنة 1978
برئاسة السيد المستشار نائب رئيس المحكمة عبد العال السيد وعضوية السادة المستشارين أحمد صلاح الدين زغو، والدكتور عبد الرحمن عياد، ومحمد فاروق راتب، وعماد الدين بركات.
-------------
(230)
الطعن رقم 552 لسنة 45 القضائية
(1) ملكية. إثبات.
المفاضلة بين سندي ملكية خصمين متى كانا متعادلين وصادرين من شخصين مختلفين. مناطه.
(2) حراسة. وكالة. حيازة. تقادم "التقادم المكسب".
الحارس القضائي وكيل عن أصحاب الشأن. جواز استنادهم إلى حيازته كسبب لكسب الملكية بالتقادم.
المحكمة
بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر الأوراق - تتحصل في أن المرحوم...... بصفته حارساً قضائياً على الأرض المقام عليها مدينة البنا أقام الدعوى رقم 301 - سنة 1964 مدني كلي الإسكندرية ضد المطعون عليها الأولى للحكم بإخلاء قطعة الأرض المبينة بصحيفة الدعوى وإزالة المباني والمنشآت المقامة عليها وتسليمها له خالية تأسيساً على أنها اغتصبتها وأقامت عليها المباني الموضحة بالصحيفة ولزوال صفة المرحوم....... قضت المحكمة بتاريخ 5/ 5/ 1964 بانقطاع سير الخصومة وقامت الشركة الطاعنة بتعجيل الدعوى باعتبارها المالكة للأرض محل النزاع ضمن مساحة أكبر بموجب عقد بيع مؤرخ 20/ 9/ 1964 صادر لها من الحراسة العامة على أملاك المرحوم....... الذي كان مالكاً لها على الشيوع بعقود مسجلة وبوضع اليد المدة الطويلة المكسبة للملكية. طلبت المطعون عليها الثانية قبولها خصماً منضماً للمطعون عليها الأولى في طلب رفض الدعوى استناداً إلى أنها كانت تملك أرض النزاع على الشيوع ضمن مساحة أكبر بعقد مسجل وأنها باعتها للمطعون عليها الأولى بعقد ابتدائي مؤرخ 25/ 3/ 1961 وبتاريخ 28/ 11/ 1966 قضت المحكمة بقبول تدخل المطعون عليها الثانية وبندب خبير لتطبيق مستندات الطرفين على الطبيعة وتحقيق وضع اليد ومدته وسببه لبيان المالك الحقيقي لعين النزاع وبعد أن أودع الخبير تقريره قضت بتاريخ 27/ 5/ 1968 برفض الدعوى استأنفت الشركة الطاعنة هذا الحكم لدى محكمة استئناف الإسكندرية طالبة إلغاءه والقضاء لها بطلباتها وقيد الاستئناف برقم 702 سنة 24 ق وبتاريخ 20/ 1/ 1970 قضت المحكمة بندب خبير لتطبيق مستندات الطرفين على أرض النزاع وتحقيق وضع اليد عليها ومدته وسببه وفحص اعتراضات الشركة الطاعنة على تقرير الخبير المنتدب من محكمة أول درجة وذلك لبيان المالك الحقيقي لهذه الأرض، وبعد أن أودع الخبير تقريره قضت بتاريخ 22/ 5/ 1975 بتأييد الحكم المستأنف. طعنت الشركة في هذا الحكم بطريق النقض وقدمت النيابة العامة مذكرة أبدت فيها الرأي بنقض الحكم.
وحيث إن مما تنعاه الشركة الطاعنة على الحكم المطعون فيه بالسبب الثالث والخامس والسادس مخالفة القانون والقصور في التسبيب والفساد في الاستدلال وفي بيان ذلك تقول إنها أقامت دفاعها على أن ملكية سلفها المرحوم....... لأرض النزاع ثابتة بعقود مسجلة وبوضع اليد المدة الطويلة المكسبة للملكية والتي من مظاهرها فرض الحراسة القضائية عليها منذ عام سنة 1936 إلى أن باعتها لها الحراسة العامة على أموال الخاضعين للأمر رقم 138 سنة 1961 الأمر الثابت بما قدمته من مستندات رسمية. وقد أثبت الخبير الذي ندبته محكمة الاستئناف في تقريره أن الشركة الطاعنة ومن سبقها من الملاك يضعون اليد على أرض النزاع وأن المطعون عليهما ومن باع للمطعون عليها الثانية لم يسبق لهم وضع اليد على هذه الأرض. وتحقيقاً لدفاعها طلبت التصريح لها بإدخال باقي الملاك المشتاعين لتطبيق عقودهم على الطبيعة وإحالة الدعوى إلى التحقيق ومع ذلك - ورغم أن الحارس يمثل الملاك لأنه ينوب عنهم في الإدارة وحفظ الشيء لحسابهم فتكون لهم السيطرة المادية على الشيء - فضل الحكم المطعون فيه عقد البيع الابتدائي الصادر للمطعون عليها الأولى من غير مالك على عقدها استناداً إلى عدم تسجيله مع أنه صادر من الحراسة العامة الممثلة للمرحوم....... "المالك بعقود مسجلة وبوضع اليد المدة الطويلة المكسبة للملكية" دون أن يرد على ما تمسكت به في دفاعها من أفضلية سند سلفها على سند المطعون عليها الثانية أو يناقش مستنداتها وما أورده الخبير الذي ندبته محكمة الاستئناف من أنها وسلفها يضعان اليد على الأرض محل النزاع دون المطعون عليهما وسلفهما مع أنه دفاع جوهري من شأنه لو صح أن يتغير به وجه الرأي في الدعوى.
وحيث إن هذا النعي في محله ذلك أن الحكم المطعون فيه أقام قضاءه بتأييد الحكم الابتدائي الصادر برفض الدعوى على قوله "وحيث إن الحكم المستأنف في محله للأسباب التي أقيم عليها والتي تقره عليها هذه المحكمة وتجعل منها دعامة لقضائها لأنه خلص سليماً إلى انتفاء ملكية الشركة المستأنفة لأرض النزاع طالما أن العقد الذي تركن إليه في هذا المقام وهو عقد البيع المؤرخ 20/ 9/ 1964 هو عقد عرفي لم تتخذ إجراءات تسجيله ومن ثم فهو قاصر عن نقل الملكية إليها ولا عبرة بالعقود الثمانية المسجلة المقدمة من جانبها وذلك لأن هذه العقود تثبت الملكية للمرحوم.... الذي وضعت أمواله تحت الحراسة طبقاً للأمر رقم 138 سنة 1961 وهي الحراسة التي أبرمت مع الشركة المستأنفة العقد العرفي آنف الذكر ببيع مصنع كبريت البنا والذي لو صح أنه يشمل أرض النزاع فإن تسلسل الملكية ينقطع به لعدم تسجيله ويقف بها عند المرحوم........ فلا تتعداه إلى الشركة المستأنفة... وإذ كان الثابت فوق ما تقدم من تقريري الخبرة أن وضع يد المستأنف عليها الأولى ثابت منذ سنة 1964، تاريخ إقامتها البناء عليها وهو تاريخ معاصر لواقعة شراء الشركة المستأنفة لأرض النزاع بالعقد العرفي المؤرخ سنة 1964 فإن ما تدعيه الشركة من وضع يدها على أرض النزاع يكون منافياً لظروف الحال بما ترى معه المحكمة إطراحه"، وكان الحكم الابتدائي الذي أحال إليه الحكم المطعون فيه قد أقام قضاءه باستبعاد وضع يد سلف الشركة الطاعنة على أرض النزاع على قوله "أن وضع اليد كسبب للتمليك إنما يقوم على السيطرة المادية على العقار وهذه السيطرة واقعة مادية يجوز الإثبات فيها بكافة الطرق، وقد أثبت الخبير في تقريره أن أياً من الطرفين لم يقدم ما يفيد وضع يده قبل سنة 1964، ومن ثم لا يجدي الشركة التمسك بأحكام الحراسة كدليل على وضع اليد، لأن العبرة بالحيازة الفعلية المدة الطويلة المكسبة للملكية وهو ما لم يثبت لأي من الطرفين"، لما كان ذلك وكان الثابت من أوراق الدعوى أن عقدي بيع أرض النزاع الصادرين للشركة الطاعنة وللمطعون عليها الأولى غير مسجلين وأن عقود سلفيها مسجله وقام دفاع الشركة الطاعنة على أن سلفها المرحوم......." يملك هذه الأرض بوضع اليد المدة الطويلة المكسبة للملكية منذ سنة 1936 وبذلك يفضل سلفها سلف المطعون عليها الأولى والتي لم يكن لها وضع يد على تلك الأرض واستدلت على ذلك بالحكمين الصادرين في الدعويين سنة 1936، 4739 سنة 1958 مستعجل الإسكندرية الذي قضى أولهما بوضع أرض النزاع تحت الحراسة وتعيين حارس عليها وقضى الثاني بتعيين المرحوم...... حارساً عليها بدل الحارس المتوفى وكذلك بالحكم الصادر في دعوى القسمة بين الملاك المشتاعين رقم 94 سنة 1947 جزئي الرمل، وبما أثبته الخبير الذي ندبته محكمة الاستئناف من أن تلك الأرض كانت في وضع يد الحراس القضائيين منذ سنة 1936 ثم انتقلت بعد القسمة إلى المرحوم...... الذي اختص بها، وكانت المفاضلة بين مستندات الملكية التي يعتمد عليها أحد طرفي الخصومة وبين مستندات ملكية الطرف الآخر والتي صدرت لإثبات تصرفات قانونية هي من المسائل القانونية الذي يتعين على المحكمة أن تقول كلمتها فيها - ومن القواعد المقررة في هذا الخصوص أنه إذا كان سنداً طرفي النزاع متعادلين وصادرين من شخصين مختلفين والحيازة لأحدهما محققة ومستوفية لشرائطها فإنه يفضل خصمه بهذه الحيازة إلا إذا أثبت الطرف الآخر أن سلفه الذي تلقى منه السند كان يفوز على السلف الذي تلقى منه الحائز سنده لو أن دعوى الاستحقاق أقامها أحدهما على الآخر ففي هذه الحالة يفضل هذا الطرف خصمه الحائز، وكانت آثار حيازة الحارس القضائي باعتباره وكيلاً عن أصحاب الشأن في دعوى الحراسة تنصرف إليهم بحيث يكون لهم دون غيرهم الاستناد إليها كسبب من أسباب كسب الملكية فإن المحكمة إذ استبعدت وضع يد سلف الشركة الطاعنة على أرض النزاع - قولاً منها بعدم جدوى التمسك بوضع اليد بناء على أحكام الحراسة القضائية - تكون قد خالفت القانون وقد أدى بها هذا الخطأ إلى حجب نفسها عن أن تقول كلمتها في دفاع الشركة الطاعنة من أن سلفها تملك أرض النزاع بوضع اليد المدة الطويلة المكسبة للملكية وفيما ورد في تقرير الخبير الذي ندبته محكمة الاستئناف بشأن هذا الدفاع مما يعيب حكمها بالقصور في التسبيب ويتعين لذلك نقضه بغير حاجة لبحث باقي أسباب الطعن.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق