الدعوى رقم 53 لسنة 34 ق "دستورية" جلسة 1 / 2 / 2020
باسم الشعب
المحكمة الدستورية العليا
بالجلسة العلنية المنعقدة يوم السبت الأول من فبراير سنة 2020م،
الموافق السابع من جمادى الآخرة سنة 1441 هـ.
برئاسة السيد المستشار سعيد مرعى عمرو رئيس المحكمة
وعضوية السادة المستشارين: محمد خيرى طه النجار ورجب عبد الحكيم سليم
والدكتور حمدان حسن فهمى والدكتور محمد عماد النجار والدكتور عبدالعزيز محمد
سالمان والدكتور طارق عبد الجواد شبل نواب رئيس المحكمة
وحضور السيد المستشار الدكتور/ عماد طارق البشرى رئيس
هيئة المفوضين
وحضور السيد / محمـد ناجى عبد السميع أمين السر
أصدرت الحكم الآتى
في الدعوى
المقيدة بجدول المحكمة الدستورية العليا برقم 53 لسنة 34 قضائية
"دستورية"، بعد أن أحالت محكمة القضاء الإدارى بحكمها الصادر بجلسة
19/6/2011، ملف الدعوى رقم 16617 لسنة 62 قضائية.
المقامة من
1- سعاد زايــد رزق علــى
2- محمد إبراهيم حجـاج إبراهيم
2- زينب إبراهيم حجاج إبراهيم
ضــــد
1- وزيـر الدفـاع والإنتــــاج الحربـــى
2- مدير إدارة التأمين والمعاشات بالقوات المسلحة
الإجـراءات
بتاريخ الثامن عشر من أبريل سنة 2012، ورد إلى قلم كتاب المحكمة
الدستورية العليا، ملف الدعوى رقم 16617 لسنة 62 قضائية، بعد أن قضت
محكمة القضاء الإدارى – الدائرة التاسعة تعويضات – بجلستها المنعقدة في التاسع عشر
من يونيه سنة 2011 بوقف الدعوى، وإحالة أوراقها إلى المحكمة الدستورية
العليــا للفصل في دستورية الفقرة الأولى من المادة (52) من
قانون التقاعــد والتأمين والمعاشات للقوات المسلحة الصادر بالقانون رقم 90 لسنة
1975.
وقدمت هيئة قضايا الدولة مذكرة، طلبت فيها الحكم برفض الدعوى.
وبعد تحضير الدعوى، أودعت هيئة المفوضين تقريرًا برأيها.
ونُظرت الدعوى على النحو المبين بمحضر الجلسة، وقررت المحكمة إصدار
الحكم فيها بجلسة اليوم.
المحكمــــة
بعد الاطلاع على الأوراق، والمداولة.
حيث إن الوقائع تتحصل – على ما يتبين
من حكــــم الإحالة وسائر الأوراق – في أن المدعين في الدعوى الموضوعية، كانوا قد
أقاموا الدعوى رقم 16617 لسنة 62 قضائية، أمام محكمة القضاء الإداري – الدائرة
التاسعة تعويضات -، بطلب الحكم بتعويض الوفاة والتأمين الإضافي المستحق عن وفاة
المرحوم/ مصطفى إبراهيم حجاج إبراهيم، وصرف معاش شهري دائم للمدعية الأولى عن وفاة
نجلها من تاريخ الوفاة، جبرًا للأضرار المادية والأدبية التي لحقت بهم من جراء
موتـه أثناء الخدمة العسكرية، وبسببها. وذلك على سند من القول بأن نجل المدعية
الأولى، وشقيق الثاني والثالثة، المرحوم/ مصطفى إبراهيم حجاج إبراهيم، كان قد تم
تجنيده بالقوات المسلحة بتاريخ 8/1/2007، حيث أُلحق بسلاح الحرس الجمهوري، إلا أنه
توفى إلى رحمة الله تعالى أثناء خدمته، وهو يقوم بصيانة حمام السباحة الخاص بنادي
الحرس الجمهوري، بسبب صعقه بالتيار الكهربائي، وقد انتهى التحقيق الذى أجرته شعبة
التنظيم والإدارة بقيادة المنطقة المركزية العسكرية، إلى أن وفاة المذكور حدثت
أثناء الخدمة وبسببها، الأمر الذى ارتأت معه إدارة التأمين والمعاشات للقوات
المسلحة صرف التأمين والتأمين الإضافي ومكافأة الخدمــة الإلزاميــة لورثتــه (
المدعيــن الثلاثــة)، إلا أنها رفضت صرف المعاش لهم جميعًا، وقد استندت في عدم
استحقاق المدعية الأولى (الأم) لمعاش عن نجلها المذكور، لحصولها على معاش أكبر عن
زوجها. وقد تراءى لمحكمة القضاء الإداري، بعد استعراضها للمادة (52) من قانون
التقاعد والتأمين والمعاشات للقوات المسلحة الصادر بالقانون رقم 90 لسنة 1975
والمستبدلة بالقانون رقم 51 لسنة 1984، والمادة (64) منه، أن نص الفقرة الأولى من
المادة (52) التي استندت إليها الجهة الإدارية في حرمان الأم من المعاش تخالف
المواد (17، 34، 122) من دستور سنة 1971، التي نصت على كفالة الدولة لخدمات
التأمين الاجتماعي والمعاشات؛ وحماية الملكية الخاصة، وأن يعين القانون قواعد منح
المرتبات والمعاشات والتعويضات وينظم حالات الاستثناء منها، (المقابلة للمواد 17،
35، 128 من الدستور الحالي)، كما تخالف المادة (6) من الإعلان الدستوري الصادر
بتاريخ 30 مارس سنة 2011، المتعلقة بحماية الملكية الخاصة (المقابلة للمادة 35 من
الدستور الحالي)، ومن ثم فقد قضت بجلستها المعقودة بتاريخ 19/6/2011، بوقف الدعوى
وإحالتها إلى هذه المحكمة للفصل في دستورية النص المشار إليه.
وحيث إن
المادة (52) من قانون التقاعد والتأمين والمعاشات للقوات المسلحة الصادر بالقانون
رقم 90 لسنة 1975 والمستبدلة بالقانون رقم 51 لسنة 1984 تنص على أنه " إذا
توافرت في أحد المستحقين شروط الاستحقاق لأكثر من معاش طبقًا لأحكام هذا القانون
أو قانون التأمين الاجتماعي أو الخزانة العامة فلا يستحق منها إلا معاشًا واحدًا،
وتكون أولوية الاستحقاق وفقًا للترتيب الآتي:
1- المعاش المستحق عن نفسه.
2- المعاش المستحق عن الزوج أو الزوجة.
3- المعاش المستحق عن الوالدين.
4- المعاش المستحق عن الأولاد.
5- المعاش المستحق عن الإخوة والأخوات.
وإذا كانت المعاشات مستحقة من المنتفعين أو أصحاب المعاشات من فئة
واحدة فيستحق المعاش الأسبق في الاستحقاق.
وإذا نقص المعاش المستحق وفقًا لما
تقدم عن المعاش الآخر أدى إليه الفرق من هذا المعاش".
وتنص المادة (53) من القانون ذاته على
أنه " استثناء من أحكام حظر الجمع المنصوص عليها في المادتين (51، 52)، يجمع
المستحق بين الدخل من العمل والمهنة والمعاش أو بين المعاشات في الحدود الآتية:
أ - ..... ب – يجمع المستحق بين المعاشات بما لا يجاوز مائة جنيه
شهريًّا ويكمل المعاش إلى هذا القدر بالترتيب الوارد بالمادة (52) من هذا القانون.
ج - .... د - ..... هـ - ..... و - ......".
وتنص المادة (59) من ذلك القانون على
أنه " يمنح المستحقون عمن يتوفى أو يفقد من المجندين بسبب الخدمة معاشًا
شهريًّا مقداره عشـرة جنيهات، ما لم يكن المتوفى أو المفقود من المحتفظ لهم
بوظائفهم المدنية فيمنح المستحقون عنه معاشًا شهريًّا يعادل خمسة أسداس أجره المدني".
وحيث إن
المقرر أن المصلحة في الدعوى الدستورية، وهى شرط لقبولها، مناطها -
على ما جرى عليه قضاء هذه المحكمة – أن يكون ثمة ارتباط بينها وبين
المصلحة القائمة في الدعوى الموضوعية، وذلك بأن يؤثر الحكم في المسألة
الدستورية على الطلبات المرتبطة بها والمطروحة على محكمة الموضوع.
متى كان ذلك ، وكان ما نصت عليه الفقرة الأولى من المادة (52) من قانون التقاعد
والتأمين والمعاشات للقوات المسلحة الصادر بالقانون رقم 90 لسنة 1975 المستبدلة
بالقانون رقم 51 لسنة 1984، من أنه " إذا توافرت في أحد المستحقين شروط
الاستحقاق لأكثر من معاش ، طبقًا لأحكام هذا القانون أو قانون التأمين الاجتماعي
أو الخزانة العامة ، فلا يستحق منها إلا معاشًا واحدًا ....."، قد أدى
تطبيقها في شأن المدعية الأولى إلى حرمانها من استحقاق معاش عن نجلها الذى توفى
أثناء خدمته العسكرية وبسببها، لحصولها على معاش أكبر عن زوجها، وهو ما يدور حوله
النزاع في الدعوى الموضوعية، وثارت بشأنه لدى محكمة الموضوع شبهة مخالفته للدستور.
ومن ثم، فإن المصلحة في الدعوى المعروضة تضحى متوافرة، ويتحدد نطاق الدعوى فيما
تضمنته الفقرة الأولى من المادة (52) من القانون المشار إليه، من حظر جمع الأم بين
المعاش المستحق لها عن وفاة ابنها بسبب الخدمة العسكرية، والمعاش المستحق لها عن
زوجها، ولا يمتد إلى غير ذلك من أحكام وردت بهذا النص.
وحيث إن الرقابة على دستورية القوانين
واللوائح، من حيث مطابقتها للقواعد الموضوعية، التى تضمنها الدستور، إنما تخضع
لأحكام الدستور القائم، دون غيره، إذ إن هذه الرقابة، إنما تستهدف، أصلاً – على ما
جرى عليه قضاء هذه المحكمة - صون هذا الدستور، وحمايته من الخروج على أحكامه، لكون
نصوصه تمثل دائمًا القواعد والأصول التى يقوم عليها نظام الحكم، ولها مقام الصدارة
بين قواعد النظام العام، التى يتعين التزامها، ومراعاتها، وإهدار ما يخالفها من
التشريعات، باعتبارها أسمى القواعد الآمرة. متى كان ذلك، وكانت المناعي التي
ارتأتها محكمة الموضوع في النص التشريعى المحال للفصل في دستوريته، تندرج تحت
المطاعن الموضوعية، التي تقوم في مبناها على مخالفة نص تشريعي لقاعدة في الدستور
من حيث محتواها الموضوعي، ومن ثم فإن المحكمة تباشر رقابتها القضائية على النص التشريعي
المحال، الذي مازال معمولاً به، في ضوء أحكام الدستور الصادر بتاريخ 18/1/2014،
باعتباره الوثيقة الدستورية السارية.
وحيث إن
الدستور عهد بنص المادة (128) منه إلى المشرع ببيان القواعد القانونية التي تتقرر
بموجبها على خزانة الدولة، مرتبات المواطنين ومعاشاتهم وتعويضاتهم وإعاناتهم
ومكافآتهم، على أن يحدد أحوال الاستثناء منها، والجهات التي تتولى تطبيقها، وذلك لتهيئة
الظروف التي تفي باحتياجاتهم الضرورية، وتكفل مقوماتها الأساسية التي يتحررون بها
من العوز، وينهضون معها بمسئولية حماية أسرهم والارتقاء بمعاشها. بما مؤداه أن
التنظيم التشريعي للحقوق التي كفلها المشرع في هذا النطاق، يكون مجافيًا أحكام
الدستور، منافيًا لمقاصده، إذا تناول هذه الحقوق بما يهدرها أو يفرغها من مضمونها.
وحيث إن من
المقـــرر في قضاء هذه المحكمة أن الحق في المعـاش، إذا توافر أصل استحقاقه وفقًا
للقانون، إنما ينهض التزامًا على الجهة التي تقرر عليها، وهو ما تؤكده قوانين
التأمين الاجتماعي، على تعاقبها، إذ يتبين منها أن المعاش الذى تتوافر بالتطبيق
لأحكامها شروط اقتضائه عند انتهاء خدمة المؤمن عليه وفقًا للنظم المعمول بها،
يعتبر التزامًا مترتبًا بنص القانون في ذمة الجهة المدينة. وإذا كان الدستور قد
خطا بمادته السابعة عشرة، خطوة أبعد في اتجاه دعم التأمين الاجتماعي، حين ناط
بالدولة، أن تكفل لمواطنيها خدمات التأمين الاجتماعي، بما في ذلك تقرير معاش
لمواجهة بطالتهم أو عجزهم عن العمل أو شيخوختهم في الحدود التي يبينها القانون،
وأضفى حماية خاصة لأموال التأمينات والمعاشات، بحسبانها، وعوائدها، حقًا
للمستفيدين منها، فذلك لأن مظلة التأمين الاجتماعي، التي يمتد نطاقها إلى الأشخاص
المشمولين بها، هي التي تكفل لكل مواطن الحد الأدنى لمعيشة كريمة لا تُمتهن فيها
آدميته، والتي توفر لحريته الشخصية مناخها الملائم، ولضمانة الحق في الحياة أهم
روافدها، وللحقوق التي يمليها التضامن بين أفــراد الجماعة التي يعيش في محيطهـا،
مقوماتهـا، بما يؤكد انتماءه إليها. وتلك هي الأسس الجوهرية التي لا يقوم المجتمع
بدونها، والتي تعتبر المادة (8) من الدستور مدخلاً إليها.
وحيث إنه وإن كان الأصل في سلطة
المشرع في مجال تنظيم الحقوق - على ما جرى به قضاء هذه المحكمة – هو إطلاقها، ما
لم يقيدها الدستور بقيود معينة تبين تخوم الدائرة التي لا يجوز أن يتداخل المشرع
فيها هادمًا لتلك الحقوق أو مؤثرًا في محتواها بما ينال منها، فلا يكون تنظيم
المشرع لحق ما سليمًا من زاوية دستورية إلا فيما وراء هذه الحدود، فإن اقتحمها
بدعوى تنظيمها انحل ذلك عدوانًا عليها.
وحيث إن المشرع تقديرًا منه لمن يتوفى
أثناء أدائه الواجب الوطني في الخدمة العسكرية، باعتباره شرفًا وواجبًا مقدسًا
وفقًا لنص المادة (86) من الدستور، منح المستحقين عنه معاشًا عسكريًّا، تقرر صرفه
طبقًا لأحكام قانون التقاعد والتأمين والمعاشات للقوات المسلحة، إلا أنه حظر بالنص
التشريعي المحال – في النطاق المحدد سلفًا – على الأم الجمع بين المعاش المستحق
لها عن ابنها المتوفى بسبب الخدمة العسكرية، رغم أن مصدره القانون، وأي معاش آخر،
ومن ذلك المعاش المستحق لها عن زوجها، حال كونه يرتد إلى نظام تأميني مغاير، وأساس
مختلف، الأمر الذى يُعد انتهاكًا لحقها في خدمات التأمين الاجتماعي، التي تضمن لها
حياة كريمة، وذلك بالمخالفة لأحكام المواد (8، 17، 128) من الدستور.
وحيث إن قضاء هذه المحكمة قد اطرد على
أن الحماية التي أظل بها الدستور الملكية الخاصة لضمان صونها من العدوان عليها
وفقًا لنص المادة (35) من الدستور الحالي، والتي جاءت متوافقة مع نص المادة (34)
من الدستور الصادر عام 1971، تمتد إلى الأموال جميعها دون تمييز بينها، باعتبار أن
المال هو الحق ذو القيمة المالية، سواء كان هذا الحق شخصيًّا أو عينيًّا أم كان من
حقوق الملكية الأدبية أو الفنية أو الصناعية. وكان الحق في صرف المعاش – بالضوابط
والمعايير التشريعية الصحيحة – إذا توافرت شروط اقتضائه، ينهض التزامًا على الجهة التي
تقرر عليها، وعنصرًا إيجابيًّا من عناصر ذمة صاحب المعاش أو المستحقين عنه، تتحدد
قيمته وفقًا لأحكام قانون التأمين الاجتماعي، بما لا يتعارض مع أحكام الدستور. متى
كان ذلك ، وكان النص التشريعي المحال، إذ حظر الجمع بين أكثر من معاش ، يستحق صرفه
وفقًا لأحكام القانون رقم 90 لسنة 1975 المشار إليه ، أو قانون التأمين الاجتماعي
، أو الخزانة العامة ، فقد أدى تطبيقه على المدعية الأولى إلى
حرمانها من الحصول على معاش عن ابنها الذى توفى أثناء وبسبب الخدمة العسكرية ،
وذلك لمجرد حصولها على معاش عن زوجها ، حال أن ذلك المعاش الأخير يستند صرفه إلى
نظام تأميني مغاير ، وأساس مختلف ، ومن ثم ، يمثل ذلك انتقاصًا من الجانب الإيجابي
لذمتها المالية ، وينحل النص المطعون فيه – والحالة هذه – عدوانًا على حق الملكية
الخاصة ، بالمخالفة لنص المادة (35) من الدستور.
وحيث إن الدستور الحالي قد أورد حكمًا
جديدًا ، خلت منه الدساتير المصرية السابقة ، بمــا نص عليه في الفقرة الأولى من
المــادة (16) مـن أنه " تلتزم الدولة بتكريم شهداء الوطن، ورعاية مصابي
الثورة، والمحاربين القدماء، والمصابين، وأسر المفقودين في الحرب وما في حكمها، ومصابي
العمليات الأمنية، وأزواجهم وأولادهم ووالديهم، وتعمل على توفير فرص العمل لهم،
وذلك على النحو الذى ينظمه القانون.....". ومؤدى ذلك النص، أن الدستور قد
ألزم الدولة بتكريم فئات من الشعب، يأتى على رأسهم شهداء الوطن ، الذين جادوا
بأرواحهم من أجله ، كما ألزم الدولة برعاية من يصاب منهم ، والأولى بهذه الرعاية
أسر من لقى حتفه أثناء أو بسبب الخدمة العسكرية ، ليكون في حكم الشهداء والمفقودين
في الحرب، ومن ثم يكون النص المحال وقد حظر جمع الأم بين المعاش المستحق لها عن
ابنها المتوفى بسبب الخدمة العسكرية والمعاش المستحق لها عن زوجها، مخالفًا لهذا
الالتزام الدستوري الوارد بالمادة (16) من الدستور .
وحيث إنه في ضوء
ما تقدم يكون النص المحال – في النطاق المحدد سلفًا – مخالفًا لأحكام المواد (8،
16، 17، 35، 128) من الدستور، بما يتعين معه القضاء بعدم دستوريته، وسقوط أحكام
البندين (2، 4) من المادة (52) والبند (ب) من المادة (53) من القانون ذاته في مجال
إعمال النص المقضي بعدم دستوريته.
وحيث إن
إعمال أثر هذا الحكم بأثر رجعى يؤدى إلى تحميل خزانة الدولة بأعباء مالية إضافية
في ظل ظروف اقتصادية تستلزم تجنيبها حمل هذا العبء، لذا فإن المحكمة، ودون إخلال
بحق المدعية الأولى من الاستفادة من هذا الحكم، تُعمل الرخصة المقررة لها في الفقرة
الثالثة من المادة (49) من قانونها الصادر بالقانون رقم 48لسنة 1979، وتُحدد اليوم
التالي لنشر هذا الحكم بالجريدة الرسمية تاريخًا لإعمال أثره.
فلهذه الأسباب
حكمت المحكمة :
أولاً: بعدم دستورية الفقرة الأولى من المادة (52) من قانون التقاعد
والتأمين والمعاشات للقوات المسلحة الصادر بالقانون رقم 90 لسنة 1975 والمستبدلة
بالقانون رقم 51 لسنة 1984 فيما تضمنته من حظر جمع الأم بين المعاش المستحق لها عن
وفاة ابنها بسبب الخدمة العسكرية والمعاش المستحق لها عن زوجها.
ثانيًّا: بسقوط أحكام البندين (2، 4) من المادة (52)، والبند (ب) من
المادة (53) من القانون ذاته في مجال إعمال النص المقضي بعدم دستوريته.
ثالثًا: بتحديد اليوم التالي لنشر هذا الحكم في الجريدة الرسمية
تاريخًا لإعمال آثاره.