جلسة 26 من يونيه سنة 1986
برئاسة السيد المستشار/
عزت حنورة نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين: محمود نبيل البناوي، أحمد
نصر الجندي، د. محمد بهاء الدين باشات ومحمد خيري الجندي.
-------------
(157)
الطعن رقم 37 لسنة 51
القضائية
(1)وقف
"تدخل النيابة". دعوى. نيابة عامة.
- المنازعة في ملكية جهة
وقف لعقار معين. ليست من المسائل المتعلقة بأصل الوقف. مؤداه. عدم لزوم تدخل
النيابة العامة في الدعوى.
(2) وقف. إثبات "عبء الإثبات".
- الوقف المندثر. ماهيته.
عدم إمكان التعرف على جهة الاستحقاق فيه. أثره. اعتباره وقفاً على جهة بر. على
ناظره إثبات ما يدعيه من تبعية عين متنازع عليها لهذا الوقف.
(3)محكمة الموضوع "سلطتها في تقدير الأدلة".
محكمة الموضوع. سلطتها
التامة في الموازنة بين حجج الخصوم والأخذ بما تطمئن إليه منها وطرح ما عداه - عدم
التزامها بالرد على كل منها على استقلال. حسبها أن تقيم قضاءها على أسباب سائغة
تكفي لحمله.
------------
1 - المقرر في قضاء هذه
المحكمة - أن مجرد المنازعة في ملكية جهة وقف لعقار معين ليس من المسائل المتعلقة
بأصل الوقف التي كانت من اختصاص المحاكم الشرعية قبل إلغائها بل كانت المحاكم
المدنية هي المختصة بالفصل فيها وبالتالي لا تندرج ضمن الدعاوى التي يلزم تدخل
النيابة العامة فيها طبقاً للمادة الأولى من القانون رقم 628 لسنة 1955.
2 - الوقف المندثر هو ذلك
الذي تتأكد له صفة الوقف أصلاً وإنما لم تعد جهة الاستحقاق فيه معروفة لا من كتاب
وقف ولا من عمل النظار السابقين ولذا يحمل على أنه وقف على جهة بر عملاً بالقاعدة
الشرعية من أن كل وقف لا يعرف له مصرف فهو صدقة. ومن ثم فأن اندثار الوقف لا يعفي
ناظره من إثبات ما يدعيه من تبعية عين متنازع عليها لهذا الوقف.
3 - المقرر في قضاء هذه
المحكمة - أن لمحكمة الموضوع السلطة التامة في الموازنة بين حجج الخصوم والأخذ بما
تطمئن إليه منها وطرح ما عداه دون حاجة إلى تتبع هذه الحجج والرد على كل منها على
استقلال وحسبها أن تقيم قضاءها على أسباب سائغة تكفي لحمله.
المحكمة
بعد الاطلاع على الأوراق
وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر... والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الطعن استوفى
أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع - على ما
يبين من الحكم المطعون فيه وسائر الأوراق - تتحصل في أن المطعون ضدهم أقاموا
الدعوى رقم 15 لسنة 76 مدني أدكو على الطاعنين طالبين الحكم بثبوت ملكيتهم للأرض
المبينة بالصحيفة، وقالوا بياناً لها أن هذه الأرض مملوكة لمورثهم ولهم من بعده
بوضع اليد المدة الطويلة المكسبة للملكية وأن الطاعنين ينازعانهم في الملكية
فأقاموا الدعوى ليحكم لهم بطلباتهم. ندبت المحكمة خبيراً وبعد أن أودع تقريره قضت
بتاريخ 21/ 3/ 1979 بعدم اختصاصها قيمياً بنظر الدعوى وبإحالتها إلى محكمة دمنهور
الابتدائية حيث قيدت بها برقم 1138 سنة 79 مدني كلي. بتاريخ 25/ 6/ 1979 قضت
المحكمة للمطعون ضدهم بطلباتهم. استأنف الطاعنان هذا الحكم لدى محكمة استئناف
إسكندرية "مأمورية دمنهور" بالاستئناف رقم 706 سنة 35 ق طالبين إلغائه
والحكم برفض الدعوى. بتاريخ 8/ 11/ 1980 قضت المحكمة بالتأييد. طعن الطاعنان في
هذا الحكم بطريق النقض. وأودعت النيابة مذكرة أبدت فيها سبباً لنقض الحكم المطعون
فيه، عرض الطعن على هذه المحكمة في غرفة مشورة فحددت جلسة لنظره وفيها التزمت
النيابة رأيها.
وحيث إن النيابة تنعى على
الحكم المطعون فيه البطلان، وفي بيان ذلك تقول إن الطاعنين جحدا ملكية المطعون
ضدهم أمام محكمة الموضوع على سند من أن الأرض محل النزاع موقوفة وقفاً خيرياً
وأنها مؤجرة لهما خلفاً لمورثهما وهو نزاع يتعلق بأصل الوقف مما كانت تختص بنظره
المحاكم الشرعية قبل إلغائها الأمر الذي يتعين معه تدخل النيابة العامة في الدعوى
لإبداء رأيها فيها وإلا بطل الحكم الصادر فيها عملاً بالمادة الأولى من القانون
رقم 628 لسنة 1955، ولما كانت - النيابة لم تتدخل في الدعوى لإبداء الرأي فيها حتى
صدور الحكم المطعون فيه فإنه يكون باطلاً.
وحيث إن هذا النعي غير
سديد، ذلك أنه لما كان من المقرر في قضاء هذه المحكمة أن مجرد المنازعة في ملكية
جهة وقف لعقار معين ليس من المسائل المتعلقة بأصل الوقف التي كانت من اختصاص
المحاكم الشرعية قبل إلغائها بل كانت المحاكم المدنية هي المخلصة بالفصل فيها
وبالتالي لا تندرج ضمن الدعاوى التي يلزم تدخل النيابة العامة فيها طبقاً للمادة
الأولى من القانون رقم 628 لسنة 1955 فإن النعي بهذا السبب يكون على غير أساس.
وحيث إن الطعن أقيم على
سببين ينعى الطاعنان بهما على الحكم المطعون فيه القصور والخطأ في تطبيق القانون
ومخالفة الثابت بالأوراق، وفي بيان ذلك يقولان أن دفاعهما أمام محكمة الموضوع
بدرجتيها قام على أن الأرض محل النزاع من أعيان وقف الجبرتي الخيري وأن حيازة مورث
المطعون ضدهم لها كانت بوصفه مستأجراً لها من جهة الوقف، وأن عدم تقديمهما حجة
الوقف لا يمنع من ثبوت تبعية تلك العين لذلك الوقف باعتباره وقفاً مندثراً طال
عليه العهد فضلاً عن أنهما قدما لخبير الدعوى دليل استئجار مورث المطعون ضدهم تلك
الأرض وهو الشكوى المقدمة منه إلى رئيس مجلس مدينة أدكو بسبب زيادة الأجرة. وإذ
عول الحكم المطعون فيه على تقرير الخبير الذي خلص إلى أن الطاعنين لم يقدما ما يعد
سنداً على ملكية الوقف للعين محل النزاع أو دليلاً على قيام علاقة إيجارية عنها بين
الأوقاف وبين ذلك المورث، وأقام على ذلك قضاءه بثبوت ملكية المطعون ضدهم لتلك
الأرض بالتقادم المكسب يكون فضلاً عن قصوره ومخالفة الثابت بالأوراق قد أخطأ في
تطبيق القانون بما يستوجب نقضه.
وحيث إن هذا النعي مردود،
ذلك أنه لما كان الوقف المندثر هو ذلك الذي تتأكد له صفة الوقف أصلاً وإنما لم تعد
جهة الاستحقاق فيه معروفة لا من كتاب وقف ولا من عمل النظار السابقين ولذا يحمل
على أنه وقف على جهة بر عملاً بالقاعدة الشرعية من أن كل وقف لا يعرف له مصرف فهو
صدقة. ومن ثم فإن اندثار الوقف لا يعفي ناظره من إثبات ما يدعيه من تبعية عين
متنازع عليها لهذا الوقف، وكان المقرر في قضاء هذه المحكمة أن لمحكمة الموضوع
السلطة التامة في الموازنة بين حجج الخصوم والأخذ بما تطمئن إليه منها وطرح ما
عداه دون حاجة إلى تتبع هذه الحجج والرد على كل منها على استقلال وحسبها أن تقيم
قضاءها على أسباب سائغة تكفي لحمله، لما كان ذلك وكان الطاعنان لم يقدما لمحكمة
الموضوع ثمة دليل على ملكية الوقف للأرض محل النزاع أما الشكوى المنسوبة لمورث
المطعون ضدهم إلى رئيس مجلس مدينة أدكو فلم تتضمن ما يفيد أنها تخص تلك الأرض إذ
خلت من بيان الموقع والمساحة والحدود ومن ثم لا يعتبر دليلاً بما لا يعيب الحكم
إغفال الرد عليه، فإن الحكم المطعون فيه إذ أعتد بما انتهى إليه تقرير الخبير من
عدم قيام الدليل على تبعية محل النزاع للوقف واستئجار مورث المطعون ضدهم لها يكون
قد التزم صحيح القانون، وإذا خلص الحكم المطعون فيه صحيحاً - على ما سلف بيانه -
إلى رفض ما ادعاه الطاعنان من أن الأرض محل النزاع كانت موقوفة أو مؤجرة منهما بما
مؤداه انتفاء قيام أي حق لهما يتعلق بها، فمن ثم لا يقبل منهما النعي عليه بما
جاوز ذلك من سببي الطعن.
ولما تقدم يتعين رفض
الطعن.