الصفحات

تحميل وطباعة هذه الصفحة

Print Friendly and PDF

بحث هذه المدونة الإلكترونية

الثلاثاء، 3 أكتوبر 2017

الطعن 7054 لسنة 78 ق جلسة 3 / 12 / 2008 مكتب فني 59 ق 98 ص 547

جلسة 3 من ديسمبر سنة 2008
برئاسة السيد المستشار/ محمود عبدالباري نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين / إبراهيم الهنيدي ، عبدالفتاح حبيب ، مصطفى محمد أحمد نواب رئيس المحكمة وخالد الجندي .
-----------
(98)
الطعن 7054 لسنة 78 ق 
(1) استدلالات . تفتيش " إذن التفتيش . إصداره ". محكمة الموضوع " سلطتها في تقدير جدية التحريات ". مواد مخدرة . نيابة عامة .
تقدير جدية التحريات وكفايتها لإصدار الأمر بالتفتيش . موضوعي .
مثال .
(2) تفتيش " التفتيش بغير إذن ". مواد مخدرة . نيابة عامة .
إيجاب إذن النيابة في تفتيش الأماكن مقصور على المساكن وما يتبعها من ملحقات .
 تفتيش المزارع بدون إذن . صحيح . حد ذلك ؟
(3) دفاع " الإخلال بحق الدفاع . ما لا يوفره " . دفوع " الدفع بتلفيق التهمة " .
الدفع بانتفاء صلة المتهم بالأرض محل الضبط . موضوعي . لا يستوجب رداً مستقلاً. استفادة الرد عليه من أدلة الثبوت التي أوردها الحكم .
(4) إثبات " بوجه عام "" أوراق رسمية " . نقض " أسباب الطعن . ما لا يقبل منها ".
الأدلة في المواد الجنائية إقناعية . للمحكمة الالتفات عن دليل النفي ولو حملته أوراق رسمية . شرط ذلك ؟
(5) حكم " تسبيبه . تسبيب غير معيب ". قصد جنائي . مواد مخدرة .
  القصد الجنائي في جريمة زراعة نبات من النباتات الممنوع زراعتها . قوامه : علم الزارع بأن النبات الذي يزرعه من النباتات الممنوع زراعتها . التحدث عنه استقلالاً . غير لازم . متى كان ما أورده الحكم كافياً في الدلالة عليه .
مثال .
(6) نقض " أسباب الطعن . تحديدها " .
وجه الطعن . وجوب أن يكون واضحاً ومحدداً .
مثال لنعي غير واضح ومحدد في جريمة إحراز مخدر .
(7) إثبات " شهود ". حكم " ما لا يعيبه في نطاق التدليل ".
إحالة الحكم في بيان شهادة الشهود إلى ما أورده من أقوال شاهد آخر . لا يعيبه . ما دامت أقوالهم متفقة مع ما استند إليه الحكم منها .
اختلاف الشهود في بعض التفصيلات التي لم يوردها الحكم لا يؤثر في سلامته . علة ذلك؟
(8) مواد مخدرة . نقض " أسباب الطعن . ما لا يقبل منها " .
جريمة زراعة النباتات المخدرة المدرجة بالجدول رقم (5) الملحق بالقانون 182 لسنة1960 . تمامها بمجرد إتيان فعل الزراعة . سواء تحقق للجانى حصاد محصوله أم لا .
زارعة النباتات المخدرة المدرجة بالجدول رقم (5) الملحق بالقانون 182 لسنة 1960 . مؤثمة في أي طور من أطوار نموها . أثر ذلك ؟
(9) إثبات " خبرة ". محكمة الموضوع " سلطتها في تقدير الدليل ".
 تقدير آراء الخبراء والفصل فيما يوجه إلى تقاريرهم من مطاعن . موضوعي.
(10) إثبات " بوجه عام ". نقض " أسباب الطعن . ما لا يقبل منها ".
   تشكيك الطاعن في إقراره للضباط . جدل موضوعي في تقدير الدليل . غير جائز أمام النقض .
(11) حكم " تسبيبه . تسبيب غير معيب ". دفاع " الإخلال بحق الدفاع . ما لا يوفره ". دفوع " الدفع بعدم جواز نظر الدعوى لسبق الفصل فيها ".
الدفع بعدم جواز نظر الدعوى لسبق الفصل فيها . شرط إثارته لأول مرة أمام محكمة النقض؟
لا يعيب الحكم خلو محضر الجلسة من إثبات دفاع الخصم كاملاً . علة ذلك ؟
   الدفع الذي تلتزم المحكمة بمواجهته والرد عليه في حكمها ؟
مثال لعبارة مرسلة مجهلة لا تفيد الدفع بعدم جواز نظر الدعوى لسابقة الفصل فيها .
(12) قوة الأمر المقضي . حكم " تسبيبه . تسبيب غير معيب "" حجية الحكم ".
مناط حجية الأحكام ؟
________________
   1- لما كان الحكم قد عرض للدفع ببطلان إذن النيابة العامة لعدم جدية التحريات واطرحه في قوله " وحيث إنه عن الدفع ببطلان إذن النيابة العامة لابتنائه على تحريات غير جدية فإنه لما كان تقدير جدية التحريات وكفايتها مسوغاً لإصدار الإذن هو مما تستقل به سلطة التحقيق تحت إشراف محكمة الموضوع فإنه لما كانت المحكمة تطمئن إلى أن التحريات التي أجريت بمعرفة ضباط الواقعة وترتاح لها وتصدقها لاحتوائها على بيانات كافية لإصدار الإذن إذ أنها حددت شخص المتهم ومحل إقامته وعمله بما يوصل إليه دون غيره ومن ثم تصدق المحكمة من أجراها وتقتنع بها وأنها أجريت فعلاً بمعرفتهم وتضمنت بلاغاً بارتكاب جريمة زراعة نباتات مخدرة ومن ثم تكون تضمنت شأناً كافياً لإصدار الإذن ومن ثم يكون الدفع على غير سند متعين الالتفات عنه ". لما كان ذلك ، وكان تقدير جدية التحريات وكفايتها لإصدار الأمر بالتفتيش هو من المسائل الموضوعية التي يوكل الأمر فيها إلى سلطة التحقيق تحت إشراف محكمة الموضوع ، ومتى كانت المحكمة قد اقتنعت - وعلى ما سلف بيانه - بتوافر مسوغات إصدار هذا الأمر فلا تجوز المجادلة في ذلك أمام محكمة النقض، هذا إلى أنه من المقرر أن إيجاب إذن النيابة في تفتيش الأماكن مقصور على حالة تفتيش المساكن وما يتبعها من الملحقات لأن القانون إنما أراد حماية المسكن فقط ، ومن ثم فتفتيش المزارع بدون إذن لا غبار عليه إذا كانت غير متصلة بالمسكن وإذ كان الثابت من الحكم المطعون فيه أن شجيرات الحشيش بحقل زراعة غير ملحق بمسكن الطاعن ، فإن ضبطها لم يكن بحاجة لاستصدار إذن من النيابة العامة بذلك .
  2- من المقرر أن إيجاب إذن النيابة في تفتيش الأماكن مقصور على حالة تفتيش المساكن وما يتبعها من الملحقات لأن القانون إنما أراد حماية المسكن فقط ومن ثم فتفتيش المزارع بدون إذن لا غبار عليه إذا كانت غير متصلة بالمسكن ، وإذ كان الثابت من الحكم المطعون فيه أن شجيرات الحشيش بحقل زراعة غير ملحق بمسكن الطاعن ، فإن ضبطها لم يكن بحاجة لاستصدار إذن من النيابة العامة بذلك .
  3– لما كان الدفع بانتفاء صلة المتهم بالأرض محل الضبط والمضبوطات دفعاً موضوعياً لا يستوجب رداً مستقلاً ما دام الرد يستفاد ضمناً من أدلة الثبوت التي أوردها الحكم فإن النعي على الحكم في هذا الخصوص لا يكون مقبولاً، هذا فضلاً عن أن المحكمة قد عرضت لما يثيره الطاعن في هذا الشأن واطرحته في منطق سائغ .
4- لما كانت الأدلة في المواد الجنائية إقناعية وللمحكمة أن تلتفت عن دليل النفى ولو حملته أوراق رسمية ما دام يصح في العقل أن يكون غير ملتئم مع الحقيقة التي اطمأنت إليها من باقي الأدلة في الدعوى .
  5- لما كان القصد الجنائي في جريمة زراعة نبات من النباتات الممنوع زراعتها هو علم الزارع بأن النبات الذي يزرعه هو من النباتات الممنوع زراعتها ، وكانت المحكمة غير مكلفة في الأصل بالتحدث استقلالاً عن ركن العلم بحقيقة النبات المضبوط إذا كان ما أوردته في حكمها كافياً في الدلالة على أن المتهم كان يعلم بأن ما يزرعه ممنوع زراعته . لما كان ذلك وكان الحكم المطعون فيه قد عرض لما دفع به الطاعن من نفي علمه بكنه النبات المضبوط ورد عليه بقوله :" وحيث عن الدفع بانتفاء ركن العلم بالمزروعات فلما كان تقدير أقوال الشهود هو مما تستقل به محكمة الموضوع وكانت المحكمة تطمئن إلى شهادة ضباط الواقعة بتحقيقات النيابة العامة من أن المتهم هو القائم بزراعة ومتابعة الأشجار المخدرة المضبوطة وذلك لمصلحة آخرين وأن المحكمة تطمئن إلى أقوالهما من ذلك وعالمة بحقيقة تلك الزراعات وأن قول الدفاع لم يقم عليه دليل ومن ثم يكون منعى الدفاع غير سديد متعين الالتفات عنه " وإذ كان ما أورده الحكم رداً على دفاع الطاعن يسوغ به اطراحه ويكفى في الدلالة على علم الطاعن بكنه النباتات المضبوطة ، فإن منعى الطاعن في هذا الخصوص يكون غير سديد .
  6- من المقرر في قضاء هذه المحكمة أنه يجب لقبول وجه الطعن أن يكون واضحاً محدداً ، وكان النعي على الحكم بدعوى عدم إيراد أقوال الشاهدين الثاني والثالث والإحالة بالنسبة لأقوالهما إلى أقوال الشاهد الأول رغم تناقض أقوالهم قد جاء خلواً من تحديد مواطن هذا الاختلاف ، فإن النعي بهذا يكون غير مقبول .
  7- من المقرر أنه لا يعيب الحكم أن يحيل في بيان شهادة الشهود إلى ما أورده من أقوال شاهد آخر ما دامت أقوالهم متفقة مع ما استند إليه الحكم منها ، ولا يؤثر في هذا النظر اختلاف الشهود في بعض التفصيلات التي لم يوردها الحكم ذلك أن لمحكمة الموضوع في سبيل تكوين عقيدتها أن تعتمد على ما تطمئن إليه من أقوال الشاهد وأن تطرح ما عداها ، وفى عدم إيراد المحكمة لهذه التفصيلات ما يفيد اطراحها لها .
   8- لما كان الحكم قد أورد مضمون تقرير المعمل الكيماوي في قوله :" وحيث ثبت من تقرير المعمل الكيماوي أن الأشجار النباتية المضبوطة هي لنبات الحشيش القنب الهندي المخدر ". وكان ما أورده الحكم يكفى لبيان مؤدى تقرير معمل التحليل والنتيجة التي انتهى إليها ، ومن ثم ينحسر عنه قالة القصور في بيان مؤدى هذا الدليل من أدلة الإثبات ، إضافة إلى أن المشرع حظر في المادة 28 من قانون المخدرات رقم 182 لسنة 1960 زراعة النباتات التي أدرجها بالجدول رقم 5 الذي ألحقه بالقانون والتي اعتبرها من النباتات المخدرة ومنها النباتات محل الضبط ومعاقب عليها في حالة زراعتها بغير قصد الاتجار أو التعاطي أو الاستعمال الشخصي بمقتضى نص الفقرة الأولى من المادة 38 من القانون المذكور والمعدل بالقانون رقم 122 لسنة 1989 ، وزراعة النباتات المخدرة تعد جريمة تامة بمجرد إتيان فعل الزراعة أياً كانت النتيجة المترتبة على ذلك وسواء تحقق للجاني حصاد محصوله من النبات المخدر أم لا فزراعة تلك النباتات مؤثمة في أي طور من أطوار نموها ، ومن ثم فلا محل للبحث في مدى احتواء النبات المخدر على مادته الفعالة ووروده باسم آخر .
 9- من المقرر أن تقدير آراء الخبراء والفصل فيما يوجه إلى تقاريرهم من مطاعن مرجعه إلى محكمة الموضوع التي لها كامل الحرية في تقدير القوة التدليلية لتقرير الخبير شأنه في ذلك شأن سائر الأدلة.
10- لما كان البين من مدونات الحكم المطعون فيه أنه لم ينسب إلى الطاعن صدور اعتراف مستقل عنه وإنما عول في قضائه على أقوال الضباط الثلاثة الذين قاموا بالضبط بما تضمنته من إقرار الطاعن لهم بزراعة الحشيش القنب الهندى المخدر المضبوط بالأرض الزراعية بغير قصد من القصود لحساب المحكوم عليهم لقاء أجر مقابل زراعتها ورعايتها ويقوم بالخدمة فيها ومن ثم فإن ما ينعاه الطاعن في هذا الصدد يكون غير سديد ولا يعدو ما يثيره في هذا الشأن أن يكون محاولة للتشكيك في صحة إقراره للضباط الثلاثة بما ينحل ذلك إلى جدل موضوعي في تقدير الدليل لا تجوز إثارته أمام محكمة النقض .
   11- من المقرر أن الدفع بعدم جواز نظر الدعوى لسبق الفصل فيها وإن كان متعلقاً بالنظام العام إلا أن إثارته لأول مرة أمام محكمة النقض مشروط بأن تحمل مدونات الحكم مقومات صحته ، وكان من المقرر أنه لا يعيب الحكم خلو محضر الجلسة من إثبات دفاع الخصم كاملاً إذ عليه إن كان يهمه تدوينه أن يطلب صراحة إثباته بالمحضر ، وأن الدفع الذي تلتزم المحكمة بمواجهته والرد عليه في حكمها هو الذي يبدى في عبارة صريحة تشتمل على المراد منه . لما كان ذلك ، وكان البين من محضر جلسة.... أن المدافع عن الطاعن اقتصر على القول " بالدفع بالحكم الذي قضى به ببراءة باقي المتهمين السابق محاكمتهم " وهي عبارة مرسلة مجهلة لا تفيد بعدم جواز نظر الدعوى لسبق الفصل فيها وكانت باقي محاضر الجلسات قد خلت من تمسك الطاعن بهذا الدفع ، كما أن مدونات الحكم لا ترشح لقيامه .
  12- من المقرر أن مناط حجية الأحكام هو وحدة الخصوم والموضوع والسبب ، فلا يكفى سبق صدور حكم جنائي نهائي من محكمة معينة بل يتعين أن يكون بين هذه المحكمة والمحكمة التالية اتحاد في الموضوع وفى السبب وفى أشخاص المتهمين ، وكان الطاعن يذهب في محضر الجلسة إلى أن الحكم السابق صدوره لم يتناول الطاعن وإنما صدر ببراءة باقى المتهمين ، فإن كل ما يثيره في شأن الإخلال بحق الدفاع في إغفال الرد على الدفع في هذا الخصوص يكون غير سديد .
 ________________
الوقائع
 اتهمت النيابة العامة الطاعن بأنه : زرع وآخرين سبق محاكمتهم بقصد الاتجار نباتاً ممنوعاً زراعته " نبات القنب الهندي " في غير الأحوال المصرح بها قانوناً .
   وأحالته إلى محكمة جنايات .... لمحاكمته طبقاً للقيد والوصف الوارديـن بأمر الإحالة .
والمحكمــة المذكورة قضت حضورياً عملاً بالمواد 28 ، 38/1 ، 42/1 من القانون رقم 182 لسنة 1960 المعدل بالقانونين رقمي 61 لسنة 1977 ، 122 لسنة 1989 والبند رقم 1 من الجدول رقم 5 الملحق بالقانون الأول المعدل بمعاقبة المتهم بالسجن المشدد ثلاث سنوات وتغريمه خمسين ألف جنيه ومصادرة المخدر المضبوط باعتبار أن الزراعة كانت مجردة من القصود .
فطعن المحكوم عليه في هذا الحكم بطريق النقض......إلخ .
________________
المحكمة
وحيث ينعى الطاعن على الحكم المطعون فيه أنه إذ دانه بجريمة زراعة نبات الحشيش "القنب الهندى" المخدر بغير قصد من القصود قد شابه القصور والتناقض في التسبيب ومخالفة الثابت بالأوراق والإخلال بحق الدفاع ذلك بأن المدافع عن الطاعن دفع ببطلان إذن التفتيش الصادر من النيابة العامة لابتنائه على تحريات غير جدية بدلالة الخطأ في مهنة ومحل إقامة الطاعن وبانتفاء صلته بالأرض والمضبوطات بدلالة ما أثبتته النيابة العامة بالمعاينة من خلو الأرض من تواجد المتهم فيها وخلو عقد الإيجار الموثق من اسمه وبانتفاء ركن العلم بالمضبوطات بيد أن الحكم اطرح هذه الدفوع برد قاصر غير سائغ واكتفى ببيان أقوال الشاهد الأول وأحال أقوال بقية الشهود إليها رغم تناقضها واستند الحكم على تقرير المعمل الكيماوى على الرغم من خلوه من بيان علاقة المتهم بالمخدر الذي أجرى تحليله وما إذا كان ينطوى على المادة الفعالة من عدمه فقد ورد باسم آخر كما أغفل الرد على دفعيه ببطلان الإقرار الشفوى للطاعن بمحضر الضبط وبقوة الشيء المقضى ببراءة باقى المتهمين السابق محاكمتهم مما يعيب الحكم ويستوجب نقضه.
وحيث إن الحكم المطعون فيه بيَّن واقعة الدعوى بما تتوافر به كافة العناصر القانونية لجريمة زراعة نبات الحشيش المخدر بغير قصد الاتجار أو التعاطي أو الاستعمال الشخصي وفى غير الأحوال المصرح بها قانوناً التي دان الطاعن بها ، وأقام على ثبوتها في حقه أدلة مستمدة من أقوال الضباط الشهود ومن تقرير معمل التحليل الكيماوي ، وهى أدلة سائغة تؤدى إلى ما رتبه الحكم عليها . لما كان ذلك ، وكان الحكم قد عرض للدفع ببطلان إذن النيابة العامة لعدم جدية التحريات واطرحه في قوله " وحيث عن الدفع ببطلان إذن النيابة العامة لابتنائه على تحريات غير جدية فإنه لما كان تقدير جدية التحريات وكفايتها مسوغاً لإصدار الإذن هو مما تستقل به سلطة التحقيق تحت إشراف محكمة الموضوع فإنه لما كانت المحكمة تطمئن إلى أن التحريات التي أجريت بمعرفة ضباط الواقعة وترتاح لها وتصدقها لاحتوائها على بيانات كافية لإصدار الإذن إذ أنها حددت شخص المتهم ومحل إقامته وعمله بما يوصل إليه دون غيره ومن ثم تصدق المحكمة من أجراها وتقتنع بها وأنها أجريت فعلاً بمعرفتهم وتضمنت بلاغاً بارتكاب جريمة زراعة نباتات مخدرة ومن ثم تكون تضمنت شأناً كافياً لإصدار الإذن ومن ثم يكون الدفع على غير سند متعين الالتفات عنه ". لما كان ذلك ، وكان تقدير جدية التحريات وكفايتها لإصدار الأمر بالتفتيش هو من المسائل الموضوعية التي يوكل الأمر فيها إلى سلطة التحقيق تحت إشراف محكمة الموضوع ، ومتى كانت المحكمة قد اقتنعت - وعلى ما سلف بيانه - بتوافر مسوغات إصدار هذا الأمر فلا تجوز المجادلة في ذلك أمام محكمة النقض ، هذا إلى أنه من المقرر أن إيجاب إذن النيابة في تفتيش الأماكن مقصور على حالة تفتيش المساكن وما يتبعها من الملحقات لأن القانون إنما أراد حماية المسكن فقط ومن ثم فتفتيش المزارع بدون إذن لا غبار عليه إذا كانت غير متصلة بالمسكن وإذ كان الثابت من الحكم المطعون فيه أن شجيرات الحشيش بحقل زراعة غير ملحق بمسكن الطاعن فإن ضبطها لم يكن بحاجة لاستصدار إذن من النيابة العامة بذلك . لما كان ذلك ، وكان الدفع بانتفاء صلة المتهم بالأرض محل الضبط والمضبوطات دفعاً موضوعياً لا يستوجب رداً مستقلاً ما دام الرد يستفاد ضمناً من أدلة الثبوت التي أوردها الحكم فإن النعى على الحكم في هذا الخصوص لا يكون مقبولاً ، هذا فضلاً عن أن المحكمة قد عرضت لما يثيره الطاعن في هذا الشأن واطرحته في منطق سائغ . لما كان ذلك ، وكانت الأدلة في المواد الجنائية إقناعية وللمحكمة أن تلتفت عن دليل النفى ولو حملته أوراق رسمية ما دام يصح في العقل أن يكون غير ملتئم مع الحقيقة التي اطمأنت إليها من باقى الأدلة في الدعوى . لما كان ذلك ، وكان القصد الجنائى في جريمة زراعة نبات من النباتات الممنوع زراعتها هو علم الزارع بأن النبات الذي يزرعه هو من النباتات الممنوع زراعتها ، وكانت المحكمة غير مكلفة في الأصل بالتحدث استقلالاً عن ركن العلم بحقيقة النبات المضبوط إذا كان ما أوردته في حكمها كافياً في الدلالة على أن المتهم كان يعلم بأن ما يزرعه ممنوع زراعته . لما كان ذلك ، وكان الحكم المطعون فيه قد عرض لما دفع به الطاعن من نفى علمه بكنه النبات المضبوط ورد عليه بقوله ": وحيث عن الدفع بانتفاء ركن العلم بالمزروعات فلما كان تقدير أقوال الشهود هو مما تستقل به محكمة الموضوع وكانت المحكمة تطمئن إلى شهادة ضباط الواقعة بتحقيقات النيابة العامة من أن المتهم هو القائم بزراعة ومتابعة الأشجار المخدرة المضبوطة وذلك لمصلحة آخرين وأن المحكمة تطمئن إلى أقوالهما من ذلك وعالمة بحقيقة تلك الزراعات وأن قول الدفاع لم يقم عليه دليل ومن ثم يكون منعى الدفاع غير سديد متعين الالتفات عنه " وإذ كان ما أورده الحكم رداً على دفاع الطاعن يسوغ به اطراحه ويكفى في الدلالة على علم الطاعن بكنه النباتات المضبوطة ، فإن منعى الطاعن في هذا الخصوص يكون غير سديد . لما كان ذلك ، وكان من المقرر في قضاء هذه المحكمة أنه يجب لقبول وجه الطعن أن يكون واضحاً محدداً ، وكان النعى على الحكم بدعوى عدم إيراد أقوال الشاهدين الثانى والثالث والإحالة بالنسبة لأقوالهما إلى أقوال الشاهد الأول رغم تناقض أقوالهم قد جاء خلواً من تحديد مواطن هذا الاختلاف ، فإن النعى بهذا يكون غير مقبول ، هذا فضلاً عن أنه من المقرر أنه لا يعيب الحكم أن يحيل في بيان شهادة الشهود إلى ما أورده من أقوال شاهد آخر ما دامت أقوالهم متفقة مع ما استند إليه الحكم منها ، ولا يؤثر في هذا النظر اختلاف الشهود في بعض التفصيلات التي لم يورها الحكم ذلك أن لمحكمة الموضوع في سبيل تكوين عقيدتها أن تعتمد على ما تطمئن إليه من أقوال الشاهد وأن تطرح ما عداها ، وفى عدم إيراد المحكمة لهذه لتفصيلات ما يفيد اطراحها لها . لما كان ذلك ، وكان الحكم قد أورد مضمون تقرير المعمل الكيماوى في قوله " وحيث ثبت من تقرير المعمل الكيماوى أن الأشجار النباتية المضبوطة هي لنبات الحشيش القنب الهندى المخدر " وكان ما أورده الحكم يكفى لبيان مؤدى تقرير معمل التحليل والنتيجة التي انتهى إليها ، ومن ثم ينحسر عنه قالة القصور في بيان مؤدى هذا الدليل من أدلة الإثبات ، إضافة إلى أن المشرع حظر في المادة 28 من قانون المخدرات رقم 182 لسنة 1960 زراعة النباتات التي أدرجها بالجدول رقم 5 الذي ألحقه بالقانون والتى اعتبرها من النباتات المخدرة ومنها النباتات محل الضبط ومعاقب عليها في حالة زراعتها بغير قصد الاتجار أو التعاطى أو الاستعمال الشخصى بمقتضى نص الفقرة الأولى من المادة 38 من القانون المذكور والمعدل بالقانون رقم 122 لسنة 1989 ، وزراعة النباتات المخدرة تعد جريمة تامة بمجرد إتيان فعل الزراعة أياً كانت النتيجة المترتبة على ذلك وسواء تحقق للجانى حصاد محصوله من النبات المخدر أم لا فزراعة تلك النباتات مؤثمة في أى طور من أطوار نموها ، ومن ثم فلا محل للبحث في مدى احتواء النبات المخدر على مادته الفعالة ووروده باسم آخر هذا فضلاً عن أنه من المقرر أن تقدير آراء الخبراء والفصل فيما يوجه إلى تقاريرهم من مطاعن مرجعه إلى محكمة الموضوع التي لها كامل الحرية في تقدير القوة التدليلية لتقرير الخبير شأنه في ذلك شأن سائر الأدلة . لما كان ذلك ، وكان البين من مدونات الحكم المطعون فيه أنه لم ينسب إلى الطاعن صدور اعتراف مستقل عنه وإنما عول في قضائه على أقوال الضباط الثلاثة الذين قاموا بالضبط بما تضمنته من إقرار الطاعن لهم بزراعة الحشيش القنب الهندى المخدر المضبوط بالأرض الزراعية بغير قصد من القصود لحساب المحكوم عليهم لقاء أجر مقابل زراعتها ورعايتها ويقوم بالخدمة فيها ومن ثم فإن ما ينعاه الطاعن في هذا الصدد يكون غير سديد ولا يعدو ما يثيره في هذا الشأن أن يكون محاولة للتشكيك في صحة إقراره للضباط الثلاثة بما ينحل ذلك إلى جدل موضوعى في تقدير الدليل لا تجوز إثارته أمام محكمة النقض. لما كان ذلك ، وكان الدفع بعدم جواز نظر الدعوى لسبق الفصل فيها وإن كان متعلقاً بالنظام العام إلا أن إثارته لأول مرة أمام محكمة النقض مشروط بأن تحمل مدونات الحكم مقومات صحته ، وكان من المقرر أنه لا يعيب الحكم خلو محضر الجلسة من إثبات دفاع الخصم كاملاً إذ عليه إن كان يهمه تدوينه أن يطلب صراحة إثباته بالمحضر ، وأن الدفع الذي تلتزم المحكمة بمواجهته والرد عليه في حكمها هو الذي يبدى في عبارة صريحة تشتمل على المراد منه . لما كان ذلك ، وكان البين من محضر جلسة ... أن المدافع عن الطاعن اقتصر على القول " بالدفع بالحكم الذي قضى به ببراءة باقي المتهمين السابق محاكمتهم " وهى عبارة مرسلة مجهلة لا تفيد بعدم جواز نظر الدعوى لسبق الفصل فيها وكانت باقى محاضر الجلسات قد خلت من تمسك الطاعن بهذا الدفع ، كما أن مدونات الحكم لا ترشح لقيامه . لما كان ذلك ، وكان من المقرر أن مناط حجية الأحكام هو وحدة الخصوم والموضوع والسبب ، فلا يكفي سبق صدور حكم جنائى نهائي من محكمة معينة بل يتعين أن يكون بين هذه المحكمة والمحكمة التالية اتحاد في الموضوع وفى السبب وفي أشخاص المتهمين ، وكان الطاعن يذهب في محضر الجلسة إلى أن الحكم السابق صدوره لم يتناول الطاعن وإنما صدر ببراءة باقي المتهمين ، فإن كل ما يثيره في شأن الإخلال بحق الدفاع في إغفال الرد على الدفع في هذا الخصوص يكون غير سديد . لما كان ما تقدم ، فإن الطعن برمته يكون على غير أساس متعيناً رفضه .
________________

الاثنين، 2 أكتوبر 2017

الطعن 18555 لسنة 73 ق جلسة 27 / 11 / 2008 مكتب فني 59 ق 97 ص 539

جلسة 27 نوفمبر سنة 2008
برئاسة السيد المستشار/ حسام عبد الرحيم نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين /علي فرجاني ، حمدي ياسين ، محمد الخطيب وعصام إبراهيم نواب رئيس المحكمة .
----------
(97)
الطعن 18555 لسنة 73 ق
(1) جريمة " أركانها ". حكم " تسبيبه . تسبيب غير معيب " . ضرب " أفضى إلى موت " . قصد جنائي . نقض " أسباب الطعن . مالا يقبل منها ".
القصد الجنائي في جريمة الضرب المفضي إلى الموت . قصد عام . تحققه بعلم الجاني بمساس الفعل بسلامة جسم المجنى عليه . عدم التزام المحكمة ببيانه على استقلال .
(2) أسباب الإباحة وموانع العقاب " حق التأديب " . حكم " تسبيبه . تسبيب غير معيب ". دفاع " الإخلال بحق الدفاع . ما لا يوفره ". ضرب " أفضى إلى الموت ". نقض " أسباب الطعن . مالا يقبل منها " .
حق الزوج في تأديب زوجته . حده : ألا يحدث أثر بجسم الزوجة . الضرب الذي يحدث إيذاء خفيف . معاقب عليه .
مثال لتسبيب سائغ للتدليل على تجاوز الزوج حق التأديب المخول له شرعاً وقانوناً في جريمة ضرب أفضى إلى موت .
(3) حكم " تسبيبه . تسبيب غير معيب " . قصد جنائي . محكمة الموضوع " سلطتها في استخلاص الصورة الصحيحة لواقعة الدعوى " . نقض " أسباب الطعن . ما لا يقبل منها " .
لمحكمة الموضوع استخلاص الصورة الصحيحة لواقعة الدعوى أخذاً بأدلة الثبوت التي اطمأنت إليها . النعي عليها في شأن التكييف القانوني للواقعة . غير جائز .
لا يشترط لتحقق جريمة الضرب قصد جنائي خاص . كفاية تعمد الضرب لتوافرها .
(4) حكم " تسبيبه . تسبيب غير معيب " . سبق إصرار . ظروف مشددة .
ظرف سبق الإصرار . استخلاص توافره . موضوعي . حد ذلك ؟
مثال .
(5) سبق إصرار . عقوبة " العقوبة المبررة " . محكمة الموضوع " سلطتها في تقدير توافر سبق الإصرار " . نقض " المصلحة في الطعن " .
لا مصلحة للطاعن في النعي على الحكم فساده في الاستدلال على توافر ظرف سبق الإصرار . مادامت العقوبة تدخل في الحدود المقررة لجناية الضرب المفضي إلى موت مجرد من أي ظروف مشددة .
(6) حكم " تسبيبه . تسبيب غير معيب ". رابطة السببية . نقض " أسباب الطعن . ما لا يقبل منها".
علاقة السببية في المواد الجنائية . علاقة مادية تبدأ بالفعل الذي قارفه الجاني وترتبط من الناحية المعنوية بما يجب أن يتوقعه من النتائج المألوفة لفعله إذا ما أتاه عمداً . تقدير توافرها . موضوعي . مادام سائغاً.
تداخل عوامل أخرى في إحداث الوفاة . لا يقطع رابطة السببية . علة وحد ذلك ؟
(7) قانون " القانون الأصلح " . محكمة النقض " سلطتها ".
لمحكمة النقض استبدال عقوبتي السجن المؤبد والمشدد بعقوبتي الأشغال الشاقة المؤبدة والمؤقتة . أساس ذلك ؟
________________
  1- لما كانت جرائم الجروح عمداً والتي ينشأ عنها عاهة مستديمة وجرائم الضرب المفضي إلى الوفاة لا تتطلب غير القصد الجنائي العام وهو يتوافر كلما ارتكب الجاني الفعل عن إرادة وعن علم بأن هذا الفعل يترتب عليه المساس بسلامة جسم المجنى عليه أو صحته ولما كانت المحكمة لا تلتزم بأن تتحدث استقلالاً عن القصد الجنائي في هذه الجرائم بل يكفى أن يكون هذا القصد مستفاداً من وقائع الدعوى كما أوردها الحكم وهو ما تحقق في واقعة الدعوى فإن ما يثيره الطاعن في هذا الصدد لا يعدو أن يكون جدلاً موضوعياً لا يقبل منه أمام محكمة النقض .
 2- من المقرر أن التأديب حق للزوج ولكن لا يجوز أن يتعدى الإيذاء الخفيف فإذا تجاوز الزوج هذا الحد فأحدث أذى بجسم زوجته كان معاقباً عليه قانوناً ، وكان الثابت من مدونات الحكم المطعون فيه أن الطاعن قد اعتدى بالضرب على زوجته وأحدث بها الإصابات الموصوفة بتقرير الصفة التشريحية ، وكان البين من هذا التقرير أن بالمجنى عليها آثاراً إصابية حيوة ذات طبيعة رضيه احتكاكية وأثار متكدمة بمقدمة الرأس ونزيف معظمه دموي متجلط واقع تحت الأم الجافية وضاغط على سطح المخ نتيجة إصابتها بالرأس والوجه والتي انتهت بالوفاة من النزيف الضاغط على المراكز الحيوية بالمخ ، فإن هذا كاف لاعتبار ما وقع منه خارجاً عن حدود حقه المقرر بمقتضى الشريعة ومستوجباً للعقاب عملاً بالفقرتين الأولى والثانية من المادة 236 من قانون العقوبات ، فإن ما ينعاه الطاعن في هذا الخصوص لا يكون مقبولاً.
 3- لما كان ما يثيره الطاعن من منازعة في شأن التكييف القانوني للواقعة وأنها - بفرض صحتها - جنحة تندرج تحت المادة 238 / 1 من قانون العقوبات فإن ذلك مردود بأنه لا محل له لأنه لا يعدو أن يكون نعياً وارداً على سلطه محكمة الموضوع في استخلاص الصورة الحقيقية لواقعة الدعوى أخذاً بأدلة الثبوت التي وثقت بها واطمأنت إليها مما تستقل به بغير معقب ما دام قضاؤها في ذلك سليم كما هو الحال في الدعوى الراهنة . لما كان ذلك وكانت جرائم الضرب لا تحتاج إلى قصد جنائي خاص وكان تعمد الضرب كافياً لتوافر القصد الجنائي فيها دون حاجه إلى التحدث عنه استقلالاً ، فان ما يثيره الطاعن في هذا الصدد لا يكون له أساس .
 4 - لما كان الحكم المطعون فيه قد عرض لظرف سبق الإصرار وكشف عن توافره في قوله " وحيث إنه بالنسبة لما أثاره دفاع المتهم من انتفاء ظرف سبق الإصرار لديه فمردود بأن سبق الإصرار حالة ذهنية تقوم بنفس الجاني فلا يستطيع أحد أن يشهد بها مباشرة ، وإنما هي تستفاد من وقائع خارجية تستخلص منها المحكمة مدى توافره ما دام موجب هذه الوقائع والظروف لا يتنافر عقلاً مع هذا الاستنتاج ويشترط لتوافر سبق الإصرار في حق الجاني أن يكون قد تسنى له التفكير في عمله والتصميم عليه في هدوء وروية ، ولما كان الثابت من اعتراف المتهم بتحقيقات النيابة العامة بأنه كان دائم الاعتداء عليها بالضرب منذ أن تزوجها وأنه في الأيام السابقة على وقوع الحادث كان يعتدى عليها بالضرب لحثها على الاعتراف بعلاقاتها غير المشروعة وفى يوم وقوع الحادث بعد أن أحضر لها علب الجعة بناء على طلبها واحتستها وعاشرها معاشرة الأزواج طلب منها إخباره عن تلك العلاقات والأشخاص التي كانت ترتبط معهم بتلك العلاقات فإن ذلك يدل على أن المتهم فكر وصمم وتروى قبل اعتدائه على المجنى عليها بما يتوافر معه سبق الإصرار في حقه " وكان من المقرر أن البحث في توافر ظرف سبق الإصرار من إطلاقات قاضي الموضوع يستنتجه من ظروف الدعوى وعناصرها ما دام موجب تلك الظروف وهذه العناصر لا يتنافر عقلا مع ذلك الاستنتاج ، فإن ما أورده الحكم - فيما سلف - يتحقق به ظرف سبق الإصرار على النحو المعرف به قانوناً ، ويكون النعي على الحكم في هذا الشأن غير سديد .
 5 - لما كانت العقوبة المقضي بها على الطاعن تدخل في الحدود المقررة لجناية الضرب المفضي إلى الموت مجرد من أي ظروف مشددة فإنه لا يكون للطاعن مصلحة فيما يثيره من فساد الحكم في استظهار ظرف سبق الإصرار .
 6 - من المقرر أن علاقة السببية في المواد الجنائية علاقة مادية تبدأ بالفعل الضار الذي قارفه الجاني وترتبط من الناحية المعنوية بما يجب أن يتوقعه من النتائج المألوفة إذا ما أتاه عمداً ، وثبوت قيام هذه العلاقة من المسائل الموضوعية التي ينفرد قاضى الموضوع بتقديرها ، ومتى فصل في شأنها إثباتاً ونفياً فلا رقابة لمحكمة النقض عليه ما دام قد أقام قضاءه في ذلك على أسباب تؤدى إلى ما انتهى إليه ، وكان الحكم المطعون فيه اعتماداً على الأدلة السائغة التي أوردها والتي لا يماري الطاعن أن لها معينها الصحيح من الأوراق قد خلص إلى إحداث الطاعن الإصابات التي أثبتها تقرير الطب الشرعي برأس وجسد المجنى عليها بضربه لها بيده وبحزام ، وكان الحكم قد عرض لدفاع الطاعن وفنده بأسباب سائغة التزم فيها بالتطبيق القانوني الصحيح ، فإن الطاعن يكون مسئولاً عن جناية الضرب المفضي إلى الموت التي أثبت الحكم مقارفته إياها ، ولا يجدى الطاعن ما يثيره من احتمال تدخل عوامل أخرى في إحداث الوفاة لأنه فضلاً عن أنه القول المرسل الذي سيق بغير دليل - فإنه بفرض صحته - لا يقطع رابطة السببية لأن المتهم في جريمة الضرب يكون مسئولاً عن جميع النتائج المحتمل حصولها من الإصابة ولو كانت عن طريق غير مباشر ما لم يثبت أنها كانت متعمدة لتجسيم المسئولية وهو ما لم يقل به الطاعن ولا سند له من الأوراق ومن ثم فإن النعي على الحكم في هذا الصدد يضحى ولا محل له .
 7 - من المقرر أن استبدال عقوبة السجن المشدد بعقوبة الأشغال الشاقة المؤقتة المقضي بها يكون عملاً بالفقرة الأولى من المادة الثانية من القانون رقم 95 لسنة 2003 بإلغاء القانون رقم 105 لسنة 1980 بإنشاء محاكم أمن الدولة وبتعديل بعض أحكام قانوني العقوبات والإجراءات الجنائية .
________________
الوقائـع
اتهمت النيابة العامة الطاعن بأنه : ضرب ..... عمداً مع سبق الإصرار بأن عقد العزم وبيت النية على ضربها وأعد لذلك أداة " حزام بطرف معدني " وانهال به على جسد المجنى عليها سالفة الذكر فأحدث بها الإصابات الموصوفة بتقرير الصفة التشريحية ولم يقصد من ذلك قتلاً ولكن الضرب أفضى إلى موتها .
وأحالته إلى محكمة جنايات ... لمعاقبته طبقاً للقيد والوصف الواردين بأمر الإحالة .
والمحكمة المذكورة قضت حضورياً عملاً بالمادة 236 /1 ، 2 من قانون العقوبات بمعاقبته بالأشغال الشاقة لمدة سبع سنوات عما أسند إليه .
فطعن المحكوم عليه في هذا الحكم بطريق النقض.....إلخ .
________________
المحكمـة
 وحيث إن الطاعن ينعى على الحكم المطعون فيه إنه إذ دانه بجريمة الضرب المفضي إلى الموت مع سبق الإصرار قد انطوى على خطأ في تطبيق القانون وشابه قصور وتناقص في التسبيب وفساد في الاستدلال ، ذلك بأن المحكمة ردت على دفاعه بشقيه القائم على انتفاء قصد العمد لديه حين ضرب المجنى عليها وإباحة ما أتاه من فعل وفقا للمادة 60 من قانون العقوبات إذ كان يستعمل حقه في تأديب زوجته المقرر له بالشريعة الإسلامية بما لا يسوغ ، كما أن الواقعة - بفرض صحتها - لا تعدو أن تكون جنحة تندرج تحت المادة 238 / 1 من قانون العقوبات لانتفاء القصد الجنائي لديه ، ودلل الحكم على توافر ظرف سبق الإصرار بما لا يؤدي إليه هذا إلى أن تقرير الصفة التشريحية أثبت حدوث الوفاة نتيجة المصادمة والاحتكاك بجسم أو أجسام راضة بعضها خشن الملمس وهو ما لا يحدثه الحزام المستخدم لكونه ناعم الملمس مما مؤداه تدخل عوامل أخرى في إحداث الوفاة ، مما يعيب الحكم بما يستوجب نقضه .
 وحيث إن الحكم المطعون فيه بيَّن واقعة الدعوى بما تتوافر به كافه العناصر القانونية لجريمة الضرب المفضي إلى الموت التي دان الطاعن بها ، وأورد على ثبوتها في حقه أدلة لها معينها الصحيح من الأوراق ، ومن شأنها أن تؤدى إلى ما رتبه الحكم عليها مستمدة من ج أقوال شاهدي الإثبات واعتراف الطاعن وتقرير الصفة التشريحية . لما كان ذلك وكانت جرائم الجروح عمداً والتي ينشأ عنها عاهة مستديمة وجرائم الضرب المفضي إلى الوفاة لا تتطلب غير القصد الجنائي العام وهو يتوافر كلما ارتكب الجاني الفعل عن إرادة وعن علم بأن هذا الفعل يترتب عليه المساس بسلامة جسم المجني عليه أو صحته ولما كانت المحكمة لا تلتزم بأن تتحدث استقلالاً عن القصد الجنائي في هذه الجرائم بل يكفى أن يكون هذا القصد مستفاداً من وقائع الدعوى كما أوردها الحكم وهو ما تحقق في واقعة الدعوى فإن ما يثيره الطاعن في هذا الصدد لا يعدو أن يكون جدلاً موضوعياً لا يقبل منه أمام محكمة النقض . لما كان ذلك ، وكان من المقرر أن التأديب حق للزوج ولكن لا يجوز أن يتعدى الإيذاء الخفيف فإذا تجاوز الزوج هذا الحد فأحدث أذى بجسم زوجته كان معاقباً عليه قانوناً ، وكان الثابت من مدونات الحكم المطعون فيه أن الطاعن قد اعتدى بالضرب على زوجته وأحدث بها الإصابات الموصوفة بتقرير الصفة التشريحية ، وكان البين من هذا التقرير أن بالمجني عليها آثاراً إصابية حيوية ذات طبيعة رضية احتكاكية وأثار متكدمة بمقدمة الرأس ونزيف معظمه دموي متجلط واقع تحت الأم الجافية وضاغط على سطح المخ نتيجة إصابتها بالرأس والوجه والتى انتهت بالوفاة من النزيف الضاغط على المراكز الحيوية بالمخ ، فإن هذا كاف لاعتبار ما وقع منه خارجاً عن حدود حقه المقرر بمقتضى الشريعة ومستوجباً للعقاب عملاً بالفقرتين الأولى والثانية من المادة 236 من قانون العقوبات ، فإن ما ينعاه الطاعن في هذا الخصوص لا يكون مقبولاً . لما كان ذلك ، وكان ما يثيره الطاعن من منازعة في شأن التكييف القانوني للواقعة وأنها - بفرض صحتها - جنحة تندرج تحت المادة 238 / 1 من قانون العقوبات فإن ذلك مردود بأنه لا محل له لأنه لا يعدو أن يكون نعياً وارداً على سلطه محكمة الموضوع في استخلاص الصورة الحقيقية لواقعة الدعوى أخذاً بأدلة الثبوت التي وثقت بها واطمأنت إليها مما تستقل به بغير معقب ما دام قضاؤها في ذلك سليم كما هو الحال في الدعوى الراهنة . لما كان ذلك ، وكانت جرائم الضرب لا تحتاج إلى قصد جنائي خاص وكان تعمد الضرب كافياً لتوافر القصد الجنائي فيها دون حاجة إلى التحدث عنه استقلالاً ، فان ما يثيره الطاعن في هذا الصدد لا يكون له أساس . لما كان ذلك ، وكان الحكم المطعون فيه قد عرض لظرف سبق الإصرار وكشف عن توافره في قوله " وحيث إنه بالنسبة لما أثاره دفاع المتهم من انتفاء ظرف سبق الإصرار لديه فمردود بأن سبق الإصرار حالة ذهنية تقوم بنفس الجاني فلا يستطيع أحد أن يشهد بها مباشرة ، وإنما هي تستفاد من وقائع خارجية تستخلص منها المحكمة مدى توافره ما دام موجب هذه الوقائع والظروف لا يتنافر عقلاً مع هذا الاستنتاج ويشترط لتوافر سبق الإصرار في حق الجاني أن يكون قد تسنى له التفكير في عمله والتصميم عليه في هدوء وروية ، ولما كان الثابت من اعتراف المتهم بتحقيقات النيابة العامة بأنه كان دائم الاعتداء عليها بالضرب منذ أن تزوجها وأنه في الأيام السابقة على وقوع الحادث كان يعتدى عليها بالضرب لحثها على الاعتراف بعلاقاتها غير المشروعة وفى يوم وقوع الحادث بعد أن أحضر لها علب الجعة بناء على طلبها واحتستها وعاشرها معاشرة الأزواج طلب منها إخباره عن تلك العلاقات والأشخاص التي كانت ترتبط معهم بتلك العلاقات فإن ذلك يدل على أن المتهم فكر وصمم وتروى قبل اعتدائه على المجنى عليها بما يتوافر معه سبق الإصرار في حقه " وكان من المقرر أن البحث في توافر ظرف سبق الإصرار من إطلاقات قاضى الموضوع يستنتجه من ظروف الدعوى وعناصرها ما دام موجب تلك الظروف وهذه العناصر لا يتنافر عقلاً مع ذلك الاستنتاج ، فإن ما أوردة الحكم - فيما سلف - يتحقق به ظرف سبق الإصرار على النحو المعرف به قانوناً ، ويكون النعي على الحكم في هذا الشأن غير سديد . هذا فضلاً عن أن العقوبة المقضي بها على الطاعن تدخل في الحدود المقررة لجناية الضرب المفضي إلى الموت مجرد من أي ظروف مشددة فإنه لا يكون للطاعن مصلحة فيما يثيره من فساد الحكم في استظهار ظرف سبق الإصرار . لما كان ذلك ، وكان من المقرر أن علاقة السببية في المواد الجنائية علاقة مادية تبدأ بالفعل الضار الذي قارفه الجاني وترتبط من الناحية المعنوية بما يجب أن يتوقعه من النتائج المألوفة إذا ما أتاه عمداً ، وثبوت قيام هذه العلاقة من المسائل الموضوعية التي ينفرد قاضي الموضوع بتقديرها ، ومتى فصل في شأنها إثباتاً ونفياً فلا رقابة لمحكمة النقض عليه ما دام قد أقام قضاءه في ذلك على أسباب تؤدى إلى ما انتهى إليه، وكان الحكم المطعون فيه اعتماداً على الأدلة السائغة التي أوردها والتي لا يماري الطاعن أن لها معينها الصحيح من الأوراق قد خلص إلى إحداث الطاعن الإصابات التي أثبتها تقرير الطب الشرعي برأس وجسد المجنى عليها بضربه لها بيده وبحزام ، وكان الحكم قد عرض لدفاع الطاعن وفنده بأسباب سائغة التزم فيها بالتطبيق القانوني الصحيح ، فإن الطاعن يكون مسئولاً عن جناية الضرب المفضي إلى الموت التي أثبت الحكم مقارفته إياها ، ولا يجدى الطاعن ما يثيره من احتمال تدخل عوامل أخرى في إحداث الوفاة لأنه فضلاً عن أنه القول المرسل الذي سيق بغير دليل - فإنه بفرض صحته - لا يقطع رابطة السببية لأن المتهم في جريمة الضرب يكون مسئولاً عن جميع النتائج المحتمل حصولها من الإصابة ولو كانت عن  طريق غير مباشر ما لم يثبت أنها كانت متعمده لتجسيم المسئولية وهو ما لم يقل به الطاعن ولا سند له من الأوراق ومن ثم فإن النعي على الحكم في هذا الصدد يضحى لا محل له . لما كان ما تقدم فإن الطعن برمته يكون على غير أساس متعيناً رفضه موضوعاً مع استبدال عقوبة السجن المشدد بعقوبة الأشغال الشاقة المؤقتة المقضي بها عملاً بالفقرة الأولى من المادة الثانية من القانون رقم 95 لسنة 2003 بإلغاء القانون رقم 105 لسنة 1980 بإنشاء محاكم أمن الدولة وبتعديل بعض أحكام قانوني العقوبات والإجراءات الجنائية .
________________

الطعن 4605 لسنة 72 ق جلسة 20 / 11 / 2008 مكتب فني 59 ق 96 ص 533

جلسة 20 نوفمبر سنة 2008
برئاسة السيد المستشار/ صلاح البرجي نائب رئيس المحكمـة وعضوية السادة المستشاريـن د/ وفيق الدهشان وبهيج القصبجي وأحمد عبد القوي أحمد نواب رئيس المحكمة وأشرف المغلي .
-----------
(96)
الطعن 4605 لسنة 72 ق
(1) جريمة " أركانها " . سب . قذف . محكمة الموضوع " سلطتها في تقدير الدليل " .
القذف المستوجب للعقاب . ماهيته ؟
استخلاص وقائع القذف من عناصر الدعوى . حق لقاضي الموضوع . لمحكمة النقض مراقبته فيما يرتبه من نتائج قانونية لبحث الواقعة محل القذف . علة ذلك ؟
مثال لتسبيب سائغ لحكم بالإدانة في جريمة قذف وسب .
(2) جريمة " أركانها " . سب . قذف . قصد جنائي.
توافر حسن النية لدى القاذف تبريراً لطعنه في أعمال الموظفين . لا يكفى وحده للإعفاء من العقاب . وجوب اقترانه بإثبات صحة الواقعة المسندة إلى الموظف العمومي .
(3) إثبات " بوجه عام " . محكمة الموضوع " سلطتها في تقدير الدليل " .
حق محكمة الموضوع في القضاء بالبراءة ورفض الدعوى المدنية . متى تشككت في صحه إسناد التهمه إلى المتهم أو عدم كفاية أدلة الثبوت . شرط ذلك ؟
(4) جريمة " أركانها " . حكم " تسبيبه . تسبيب معيب " . سب . قذف .
خلو الحكم من بيان المستندات التي اتخذ منها دليلاً على صحة وقائع القذف . قصور .
مثال .
________________
  1- لما كان الحكم المطعون فيه حصل واقعة الدعوى بما مفاده " أن المدعى فؤجئ خلال شهر ... بحملة صحفية من جريدة ... التي يعمل المدعى عليه رئيساً لها وذلك بالعدد... في يوم...... بأن قام بسبه وقذفه وذلك بكتابة قصة أبو زيد ملك الأراضي المنهوبة وتلاعب في تخصيص ربع مليون فدان بصحراء ..... واغتصب سلطة المحافظ وتقاعس في تحصيل 34 مليون جنيه وأنه خصص الأراضي للمحاسيب وأصحاب النفوذ وأنه لم يحصل الرسوم المطلوبة رغم التأشير على مذكرات إدارة أملاك الدولة بعبارة تم السداد ويشبهه بالإخطبوط وكذا ما جاء بالعدد ..... في يوم...... أن النيابة العامة سوف تبدأ في تحقيق قضية نهب الأراضي وأن جهات حذرت من هروب المدعى بالحق المدني وأن هذه الأقوال لا تمت للحقيقة بصلة وكذا ما جاء بالعدد .... في يوم.... وما جاء به الكتاب الأسود لملك الأراضي المنهوبة وأنه يغتال شعار الأراضي الصحراوية وأن الويل للجادين ويسجل الأراضي بعقود نهائية لغير الجادين وإزالة زراعات الجادين إهداء أراضيهم للمحاسيب" . وانتهى الحكم إلى تبرئة المطعون ضدهما من تهمة القذف والسب ورفض الدعوى المدنية قبلهما مستنداً في ذلك إلى قوله :- وحيث إن المحكمة ترى أن الوقائع التي تضمنتها الجريدة سالفة الذكر إذ أن ما ورد بها من مقالات أو عبارات لا تتضمن سباً أو قذفاً في حق المدعى بالحق المدني ذلك أن الثابت من مطالعة حوافظ المستندات المقدمة بالجلسة أن هناك تقصيراً من قبل مشترى الأراضي الزراعية في سداد المستحقات المتبقية عليهم كما أن هناك تقصيراً في تحصيل هذه المستحقات المالية عن الأراضي المباعة وذلك واضح من التقرير المقدم بحافظة مستندات المدعى عليهما كما أن هناك بعض المخالفات التي ارتكبها المدعى بالحق المدني أثناء تأديته لوظيفته وقد تناولتها التحقيقات وسواء انتهت هذه التحقيقات بالقضاء بالبراءة من عدمه إذ الثابت من مطالعة الأوراق أن هناك تحقيقات أجريت مع المدعى بالحق المدني وآخرين وذلك مقابل تقصيرهم في الأعمال المسندة إليهم وأن ما فعلته الصحيفة لا يعبر عن وجهة نظر المحكمة إلا من وجود هذا القصد فعلاً ولم يقصد منه السب أو القذف في حق المدعى بالحق المدني وبالتالي فإن أركان جريمة السب والقذف تكون غير متوافره قبل المتهمين ومن ثم تقضى المحكمة ببراءة المتهمين مما نسب إليهما . وقد انتهت المحكمة إلى عدم وجود جريمة وبالتالى فإن الدعوى المدنية تكون على غير سند من القانون وتقضى المحكمة برفضها " . لما كان ذلك ، وكان الأصل في القذف الذي يستوجب العقاب قانوناً هو الذي يتضمن إسناد فعل يعد جريمة يقرر لها القانون عقوبة جنائية أو يوجب احتقار المسند إليه عند أهل وطنه ،وأنه وإذ كان من حق قاضى الموضوع أن يستخلص وقائع القذف من عناصر الدعوى ، فإن لمحكمة النقض أن تراقبه فيما يرتبه من النتائج القانونية لبحث الواقعة محل القذف لتبين مناحيها واستظهار مرامى عباراتها لإنزال حكم القانـــون على وجهه الصحيح .
  2- من المقرر أن حسن النية الذي اشترط القانون توافره لدى القاذف تبريراً لطعنه في أعمال الموظفين لا يكفى وحدة للإعفاء من العقاب وانما يجب أن يقترن بإثبات صحة الوقائع المسندة إلى الموظف العمومى فإذا عجز القاذف عن إثبات الواقعة فلا يجديه الاحتجاج بحسن نيته ، ويجب أن يشمل الإثبات كل وقائع القذف المؤثرة في جوهره واقعة واقعة ، فلا يكفى القاذف أن يكون قد تثبت من واقعة ليحتج بحسن نيته فيما عداها من الوقائع التي أسندها للمقذوف في حقه دون دليل .
3- من المقرر أن لمحكمة الموضوع أن تقضى بالبراءة ورفض الدعوى المدنية متى تشككت في صحة إسناد التهمة إلى المتهم أو لعدم كفاية أدلة الثبوت شريطه أن يكون حكمها قد اشتمل على ما يفيد أنها محصت الدعوى وأحاطت بظروفها عن بصر وبصيرة وفطنت إلى أدلة الثبوت التي قام عليها الاتهام ووازنت بينها وبين أدلة النفى فرجحت دفاع المتهم أو داخلتها الريبة والشك في صحة عناصر الاتهام وخلا حكمها من الخطأ في القانون وعيوب التسبيب .
4- لما كان الحكم المطعون فيه قد أورد أن المطعون ضدهما نسبا للمدعى بالحق المدنى أنه :" ملك الأراضى المنهوبة وتلاعبه في تخصيص ربع مليون فدان بوادى النطرون واغتصابه لسلطة المحافظ وتقاعسه عن تحصيل 34 مليون جنيه وتخصيصه الأراضى للمحاسيب وأصحاب النفوذ وعدم تحصيله للرسوم المطلوبة وتشبيهه بالإخطبوط وأن النيابة العامة سوف تبدأ في تحقيق نهب الأراضى وأن جهات حذرت من هروبه وما جاء به الكتاب الأسود لملك الأراضى المنهوبة وأنه يغتال شعار الأراضى الصحراوية وأن الويل للجادين وأنه يسجل الأراضى المنهوبة بعقود نهائية لغير الجادين وإزالة زراعات الجادين وإهداء أراضيهم للمحاسيب " . وكان هذا الذي أورده الحكم يتضمن اسناد المطعون ضدهما للطاعن أفعال تعد جريمة يعاقب عليها القانون وتوجب احتقاره لدى أهل وطنه وتتوافر به جريمة السب والقذف كما هي معرفة به في القانون . وكان الحكم قد خلا من بيان المستندات التي اتخذ منها دليلاً على صحة كل واقعة من وقائع القذف المنشورة ولم يبين مؤادها وكيــــف استخلص منها أنها مؤدية إلى ثبوت تلك الوقائع واقعة واقعة ،ولم يبين مضمون التحقيقات التي أشار إلى أنها أجريت مع الطاعن وما إذا كانت تتعلق بتلك الوقائع . لما كان ما تقدم ، فإن ما ينعاه الطاعن على الحكم المطــعون فيه من الخطأ في تطبيق القانون والقصور في البيان يكون في محله ، مما يتعين معه نقض الحكم المطعون فيه والإعادة فيما قضى به في الدعوى المدنية .
________________
الوقائـع
أقام المدعى بالحقوق المدنية - الطاعن - دعواه قبل المطعون ضدهما بطريق الادعاء المباشر أمام محكمة جنايات ....بأنهما:- قاما بحملة صحفية تضمنت عبارات السب والقذف في حق الطالب (......) كما نشر وقائع غير صحيحة منسوبة إلى الطالب متعلقة بأعمال وظيفته لو صحت لأوجبت احتقاره بين أهله وذويه .
وأحالته إلى محكمة جنايات.......لمعاقبته طبقـاً للقـيد والوصف الواردين بأمر الإحالـة .
   والمحكمة المذكورة قضـت حضورياً ببراءة المتهمين مما نسب إليهما وفى الدعوى المدنية برفضها .
فطعن الأستاذ / ..... بصفته وكيلاً عن المدعى بالحقوق المدنية في هذا الحكم بطريق النقض ... إلخ .
________________
المحكمة
وحيث إن المدعى بالحق المدني ينعى على الحكم المطعون فيه أنه إذ قضى ببراءة المطعون ضدهما من جريمة القذف والسب وبرفض دعواه المدنية قد شابه القصور في التسبيب والفساد في الاستدلال والخطأ في تطبيق القانون ذلك بأن ما أورده الحكم من ألفاظ ووقائع تتوافر به جريمة القذف والسب بأركانها القانونية ، ولم يستظهر الحكم الدليل على صحة كل الوقائع التي نسبها المطعون ضدهما للطاعن ، ولم يبين الوقائع التي أشار إلى أن تحقيقات - مع الطاعن - تناولتها وذلك بياناً لمدى صلتها بالوقائع المنشورة ، وفى ذلك ما يعيب الحكم فيما قضى به في الدعوى المدنية بما يستوجب نقضه .
وحيث إن الحكم المطعون فيه حصل واقعة الدعوى بما مفاده :- " أن المدعى فوجئ خلال شهر .... بحملة صحفية من جريدة ... التي يعمل المدعى عليه رئيساً لها وذلك بالعدد... في يوم... بأن قام بسبه وقذفه وذلك بكتابة قصة أبو زيد ملك الأراضي المنهوبة وتلاعب في تخصيص ربع مليون فدان بصحراء وادى النطرون واغتصب سلطة المحافظ وتقاعس في تحصيل 34 مليون جنيه وأنه خصص الأراضي للمحاسيب وأصحاب النفوذ وأنه لم يحصل الرسوم المطلوبة رغم التأشير على مذكرات إدارة أملاك الدولة بعبارة تم السداد ويشبهه بالإخطبوط وكذا ما جاء بالعدد ....في يوم...... أن النيابة العامة سوف تبدأ في تحقيق قضية نهب الأراضي وأن جهات حذرت من هروب المدعى بالحق المدني وأن هذه الأقوال لا تمت للحقيقة بصلة وكذا ما جاء بالعدد ......في يوم.... . وما جاء به الكتاب الأسود لملك الأراضي المنهوبة وأنه يغتال شعار الأراضي الصحراوية وأن الويل للجادين ويسجل الأراضي بعقود نهائية لغير الجادين وإزالة زراعات الجادين وإهداء أراضيهم للمحاسيب". وانتهى الحكم إلى تبرئة المطعون ضدهما من تهمة القذف والسب ورفض الدعوى المدنية قبلهما مستنداً في ذلك إلى قوله " وحيث إن المحكمة ترى أن الوقائع التي تضمنتها الجريدة سالفة الذكر إذ أن ما ورد بها من مقالات أو عبارات لا تتضمن سباً أو قذفاً في حق المدعى بالحق المدني ذلك أن الثابت من مطالعة حوافظ المستندات المقدمة بالجلسة أن هناك تقصيراً من قبل مشترى الأراضي الزراعية في سداد المستحقات المتبقية عليهم كما أن هناك تقصيراً في تحصيل هذه المستحقات المالية عن الأراضي المباعة وذلك واضح من التقرير المقدم بحافظة مستندات المدعى عليهما كما أن هناك بعض المخالفات التي ارتكبها المدعى بالحق المدني أثناء تأديته لوظيفته وقد تناولتها التحقيقات وسواء انتهت هذه التحقيقات بالقضاء بالبراءة من عدمه إذ الثابت من مطالعة الأوراق أن هناك تحقيقات أجريت مع المدعى بالحق المدني وآخرين وذلك مقابل تقصيرهم في الأعمال المسندة إليهم وأن ما فعلته الصحيفة لا يعبر عن وجهة نظر المحكمة إلا من وجود هذا القصد فعلاً ولم يقصد منه السب أو القذف في حق المدعى بالحق المدني وبالتالي فإن أركان جريمة السب والقذف تكون غير متوافرة قبل المتهمين ومن ثم تقضى المحكمة ببراءة المتهمين مما نسب إليهما . وقد انتهت المحكمة إلى عدم وجود جريمة وبالتالى فإن الدعوى المدنية تكون على غير سند من القانون وتقضى المحكمة برفضها". لما كان ذلك ، وكان الأصل في القذف الذي يستوجب العقاب قانوناً هو الذي يتضمن إسناد فعل يعد جريمة يقرر لها القانون عقوبة جنائية أو يوجب احتقار المسند إليه عند أهل وطنه ،وأنه وإذ كان من حق قاضى الموضوع أن يستخلص وقائع القذف من عناصر الدعوى ، فإن لمحكمة النقض أن تراقبه فيما يرتبه من النتائج القانونية لبحث الواقعة محل القذف لتبين مناحيها واستظهار مرامى عباراتها لإنزال حكم القانون على وجهه الصحيح . وكان حسن النية الذي اشترط القانون توافره لدى القاذف تبريراً لطعنه في أعمال الموظفين لا يكفى وحدة للإعفاء من العقاب وانما يجب أن يقترن بإثبات صحة الوقائع المسندة إلى الموظف العمومى فإذا عجز القاذف عن إثبات الواقعة فلا يجديه الاحتجاج بحسن نيته ، ويجب أن يشمل الإثبات كل وقائع القذف المؤثرة في جوهره واقعة واقعة ، فلا يكفى القاذف أن يكون قد تثبت من واقعة ليحتج بحسن نيته فيما عداها من الوقائع التي أسندها للمقذوف في حقه دون دليل . كما أنه من المقرر أن لمحكمة الموضوع أن تقضى بالبراءة ورفض الدعوى المدنية متى تشككت في صحة إسناد التهمة إلى المتهم أو لعدم كفاية أدلة الثبوت شريطة أن يكون حكمها قد اشتمل على ما يفيد أنها محصت الدعوى وأحاطت بظروفها عن بصر وبصيرة وفطنت إلى أدلة الثبوت التي قام عليها الاتهام ووازنت بينها وبين أدلة النفي فرجحت دفاع المتهم أو داخلتها الريبة والشك في صحة عناصر الاتهام وخلا حكمها من الخطأ في القانون وعيوب التسبيب . لما كان ذلك ، وكان الحكم المطعون فيه قد أورد أن المطعون ضدهما نسبا للمدعى بالحق المدني أنه :" ملك الأراضي المنهوبة وتلاعبه في تخصيص ربع مليون فدان بوادي النطرون واغتصابه لسلطة المحافظ وتقاعسه عن تحصيل 34 مليون جنيه وتخصيصه الأراضي للمحاسيب وأصحاب النفوذ وعدم تحصيله للرسوم المطلوبة وتشبيهه بالأخطبوط وأن النيابة العامة سوف تبدأ في تحقيق نهب الأراضي وأن جهات حذرت من هروبه وما جاء به الكتاب الأسود لملك الأراضي المنهوبة وأنه يغتال شعار الأراضي الصحراوية وأن الويل للجادين وأنه يسجل الأراضي المنهوبة بعقود نهائية لغير الجادين وإزالة زراعات الجادين وإهداء أراضيهم للمحاسيب " . وكان هذا الذي أورده الحكم يتضمن إسناد المطعون ضدهما للطاعن أفعال تعد جريمة يعاقب عليها القانون وتوجب احتقاره لدى أهل وطنه وتتوافر به جريمة السب والقذف كما هي معرفة به في القانون . لما كان ذلك ، وكان الحكم قد خلا من بيان المستندات التي اتخذ منها دليلاً على صحة كل واقعة من وقائع القذف المنشورة ولم يبين مؤداها وكيف استخلص منها أنها مؤدية إلى ثبوت تلك الوقائع واقعة واقعة ،ولم يبين مضمون التحقيقات التي أشار إلى أنها أجريت مع الطاعن وما إذا كانت تتعلق بتلك الوقائع . لما كان ما تقدم ، فإن ما ينعاه الطاعن على الحكم المطعون فيه من الخطأ في تطبيق القانون والقصور في البيان يكون في محله ، مما يتعين معه نقض الحكم المطعون فيه والإعادة فيما قضى به في الدعوى المدنية .
________________

الطعن 19077 لسنة 76 ق جلسة 18 / 11 / 2008 مكتب فني 59 ق 95 ص 516

جلسة 18 من نوفمبر سنة 2008
برئاسة السيد المستشار / صلاح عطية نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشاريـن / طه سيد قاسم ، محمد سامي إبراهيم نائبي رئيس المحكمة، رأفت عباس وأحمد محمد شلتوت .
---------
(95)
الطعن 19077 لسنة 76 ق
(1) نقض " التقرير بالطعن وإيداع الأسباب . ميعاده " .
تقديم أسباب الطعن بالنقض في الميعاد دون التقرير به . أثره : عدم قبول الطعن شكلاً. علة ذلك ؟
(2) إثبات " أوراق رسمية " . نقض " التقرير بالطعن وإيداع الأسباب " .
مخالفة رقم القضية الثابت بورقة التقرير بالطعن لرقم القضية الثابت بورقة الحكم . خطأ مادي لا يؤثر في سلامة التقرير بالطعن . علة ذلك ؟
(3) حكم " بيانات حكم الإدانة "" تسبيبه . تسبيب غير معيب " .
وجوب اشتمال حكم الإدانة على بيان الواقعة المستوجبة للعقوبة والظروف التي وقعت فيها والأدلة التي استخلصت منها المحكمة الإدانة . المادة 310 إجراءات .
بيان واقعة الدعوى بما تتوافر به كافة العناصر القانونية للجريمة وإيراد مؤدى أدلة الثبوت في بيان كاف . لا قصور .
(4) حكم " بيانات التسبيب "" تسبيبه . تسبيب غير معيب " .
عدم رسم القانون شكلاً خاصاً يصوغ فيه الحكم بيان الواقعة . كفاية أن يكون مجموع ما أورده مؤدياً إلى تفهم الواقعة بأركانها وظروفها .
(5) تزوير " أوراق رسمية "" الاشتراك في التزوير " . حكم " تسبيبه . تسبيب غير معيب ". محكمة الموضوع " سلطتها في تقدير الدليل " . نقض " أسباب الطعن . ما لا يقبل منها " .
الاشتراك في التزوير . تمامه دون مظاهر خارجية أو أعمال مادية محسوسة . كفاية اعتقاد المحكمة حصوله من ظروف الدعوى . ما دام سائغاً .
الجدل الموضوعي في تقدير الدليل . غير جائز أمام النقض .
 (6) إثبات " بوجه عام " . تزوير " أوراق رسمية ". محكمة الموضوع " سلطتها في تقدير الدليل " .
الأصل في المحاكمات الجنائية . اقتناع القاضي بناء على الأدلة المطروحة عليه . له تكوين عقيدته من أي دليل أو قرينة يرتاح إليها . حد ذلك ؟
جريمة التزوير . لم يجعل القانون الجنائي لإثباتها طريقاً خاصاً .
تساند الأدلة في المواد الجنائية . مؤداه ؟
(7) تزوير " أوراق رسمية " . جريمة " أركانها " . حكم " تسبيبه . تسبيب غير معيب " . قصد جنائي .
القصد الجنائي في جريمة التزوير أو الاشتراك فيه . موضوعي . تحدث الحكم عنه صراحة وعلى استقلال . غير لازم . ما دام قد أورد من الوقائع ما يدل عليه .
(8) أحوال شخصية . حكم " تسبيبه . تسبيب غير معيب " . دفوع " الدفع بالجهل بالقانون " . قانون " الاعتذار بالجهل بالقانون " . نقض " أسباب الطعن . مالا يقبل منها "
الاعتذار بالجهل بحكم من أحكام قانون آخر غير قانون العقوبات . شرط قبوله . إقامة مدعيه الدليل على أنه تحرى تحرياً كافياً وأن اعتقاده بمشروعية عمله كانت له أسباب معقولة . أساس ذلك ؟
المادتين 60 ،63 من قانون العقوبات . مفادهما ؟
دفاع الطاعن بحسن نيته لا ينهض بمجرده سنداً للاعتذار بعدم العلم بحكم من أحكام قانون الأحوال الشخصية الذي يحرم زواج المسلم من خامسة إلا إذا انقضت عدة الرابعة المطلقة . حد ذلك ؟
(9) أحوال شخصية . حكم "تسبيبه . تسبيب غير معيب" . شريعة إسلامية . قانون "تطبيقه" . نقض "أسباب الطعن . مالا يقبل منها".
الشريعة الاسلامية وقوانين الأحوال الشخصية . وجوب تطبيق المحاكم لها على مسائل الأحوال الشخصية التي تعرض لها والتي لا ترى موجباً لوقف الدعوى للفصل فيها من جهة الأحوال الشخصية المختصة .
التزام المحاكم بالتثبت من النص الواجب التطبيق والأخذ به على وجهه الصحيح حسبما كانت تفعل جهة الأحوال الشخصية المختصة . خضوع أحكامها لرقابة محكمة النقض .
الأحكام في مسائل الأحوال الشخصية تصدر طبقا لقوانينها والوقف المعمول بها .العمل بأرجح الأقوال في مذهب الإمام أبي حنيفة فيما لم يرد بشأنه نص في تلك القوانين . أساس وأثر ذلك ؟
المستفاد من كتب الحنفية في أمر زواج الرجل بخامسة وبعض الأربع أو كلهن في العدة . وفي أقل مدة للعدة بالحيض ؟
مثال .
(10) محكمة الموضوع " سلطتها في تقدير الدليل " . نقض " أسباب الطعن . ما لا يقبل منها " .
تقدير الدليل . موضوعي .
الجدل الموضوعي في تقدير الدليل . غير جائز أمام محكمة النقض.
(11) إجراءات " إجراءات المحاكمة " . أحوال شخصية . دعوى جنائية " نظرها والحكم فيها" " وقفها " .
تقدير جدية النزاع حول مسألة من مسائل الأحوال الشخصية مطروحة أمام المحكمة الجنائية وما إذا كان يستوجب وقف الدعوى الجنائية لاستصدار حكم من محكمة الأحوال الشخصية من عدمه . أمر تستقل به المحكمة الجنائية . أساس ذلك ؟
مثال .
(12) جريمة " أركانها " . حكم " تسبيبه . تسبيب غير معيب " . قصد جنائي . مواقعة أنثى بغير رضاها. نقض " أسباب الطعن . ما لا يقبل منها "
القصد الجنائي في جريمة مواقعة أنثى بغير رضاها . مناط توافره ؟
تحدث الحكم استقلالاً عن القصد الجنائي . غير لازم . كفاية أن يكون ما أورده من وقائع وظروف ما يكفي للدلالة على قيامه .
مثال .
 (13) جريمة " أركانها " . حكم " تسبيبه . تسبيب غير معيب " . غش . مواقعة أنثى بغير رضاها .
استعمال الجاني الإكراه المادي مع المجني عليها في جريمة مواقعة أنثى بغير رضاها. غير لازم . كفاية أن يكون الفعل قد حصل بغير رضاء صحيح منها كأن يكون بناء على غش أو تدليس .
(14) جريمة " أركانها " . حكم " تسبيبه . تسبيب غير معيب " . مواقعة أنثى بغير رضاها
تقدير رضاء المجني عليها أو عدم رضائها في جريمة مواقعة أنثى بغير رضاها .
موضوعي .لا يخضع لرقابة محكمة النقض .
مثال لتوافر ركن القوة في جناية مواقعة أنثى بناء على غش وتدليس .
(15) استدلالات . محكمة الموضوع " سلطتها في تقدير جدية التحريات " .
لمحكمة الموضوع التعويل في تكوين عقيدتها على ما جاء بتحريات الشرطة باعتبارها معززة لما ساقته من أدلة . شرط ذلك ؟
(16) أحوال شخصية . شريعة إسلامية . قانون " تطبيقه " .
الشريعة الإسلامية . القانون العام الواجب التطبيق في مسائل الأحوال الشخصية وفقاً لأرجح الأقوال في مذهب الإمام أبى حنفية فيما عدا الأحوال التي وردت بشأنها قوانين خاصة. أساس ذلك ؟
(17) إثبات "بوجه عام". دفاع "الإخلال بحق الدفاع . ما لا يوفره".
عدم التزام المحكمة بالرد صراحة على كل جزئية من دفاع المتهم الموضوعي . علة ذلك ؟
(18) قانون " القانون الأصلح " " تطبيقه " .
صدور القانون رقم 95 لسنة 2003 بإلغاء القانون رقم 105 لسنة 1980 واستبداله عقوبتي السجن المؤبد والمشدد بعقوبتي الأشغال الشاقة المؤبدة والمؤقتة . أصلح للمتهم . تصحيح محكمة النقض للحكم المطعون فيه وفقاً لذلك القانون . غير مجد . علة ذلك ؟
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1- لما كان التقرير بالطعن بالنقض كما رسمه القانون ، هو الذي يترتب عليه دخول الطعن في حوزة محكمة النقض واتصالها به بناء على إفصاح ذي الشأن عن رغبته فيه ، فإن عدم تقرير المحكوم عليها..... بالطعن لا يجعل للطعن قائمة فلا تتصل به محكمة النقض ولا يغنى عنه تقديم أسباب له ، ومن ثم يكون طعنها غير مقبول شكلاً .
   2- لما كان البين من ورقة التقرير بالطعن بالنقض المقدم من الطاعن.... أنه قد أثبت بها أن رقم القضية التي صدر فيها الحكم المطعون فيه هو.... ، وكان الثابت من ورقة الحكم المطعون فيه أن رقم القضية التي صدر فيها هو.... ، فإن ما ورد بورقة التقرير بالطعن بالنقض لا يعدو كونه مجرد خطأ مادي لا يؤثر في سلامتها لما هو مقرر من أن العبرة هي بحقيقة الواقع ولا عبرة بالخطأ المادي الواضح ، ومن ثم يكون الطعن المقدم من الطاعن المذكور قد استوفى الشكل المقرر في القانون .
3- لما كانت المادة 310 من قانون الإجراءات الجنائية قد أوجبت في كل حكم بالإدانة أن يشتمل على بيان الواقعة المستوجبة للعقوبة بيانٌ تتحقق به أركان الجرائم التي دان الطاعن بها والظروف التي وقعت فيها والأدلة التي استخلصت منها المحكمة ثبوت وقوعها منه، وكان يبين مما سطره الحكم أنه بين واقعة الدعوى بما تتوافر به كافة العناصر القانونية لجرائم الاشتراك في تزوير محررات رسمية ومواقعة أنثيين بغير رضاء كل منهما التي دان الطاعن بها وأورد على ثبوتها في حقه أدلة سائغة من شأنها أن تؤدى إلى ما رتب الحكم عليها وجاء استعراض المحكمة لأدلة الدعوى على نحو يدل على أنها محصتها التمحيص الكافي وألمت بها إلماماً شاملاً يفيد أنها قامت بما ينبغي عليها من تدقيق البحث لتعرف الحقيقة .
4- لما كان من المقرر أن القانون لم يرسم شكلاً أو نمطاً يصوغ فيه الحكم بيان الواقعة المستوجبة للعقوبة والظروف التي وقعت فيها ومتى كان مجموع ما أورده الحكم كافياً في تفهم الواقعة بأركانها وظروفها حسبما استخلصتها المحكمة فإن ذلك يكون محققاً لحكم القانون ، ومن ثم فإن ما يثيره الطاعن في هذا الصدد لا محل له .
  5- لما كان من المقرر أن الاشتراك في جرائم التزوير يتم غالباً دون مظاهر خارجية محسوسة يمكن الاستدلال بها عليه ، ومن ثم يكفي لثبوته أن تكون المحكمة قد اعتقدت حصوله من ظروف الدعوى وملابساتها وأن يكون اعتقادها سائغاً تبرره الوقائع التي بينها الحكم وهو ما لم يخطئ الحكم المطعون فيه في تقديره فإن ما يثيره الطاعن في هذا الشأن ينحل في الواقع إلى جدل موضوعي لا تقبل إثارته أمام محكمة النقض .
6- لما كان الأصل في المحاكمات الجنائية هو اقتناع القاضي بناء على الأدلة المطروحة عليه فله أن يكون عقيدته من أي دليل أو قرينة يرتاح إليها إلا إذا قيده القانون بدليل معين ينص عليه ، وإذ كان القانون الجنائي لم يجعل لإثبات جرائم التزوير طريقاً خاصاً ، وكان لا يشترط أن تكون الأدلة التي اعتمد عليها الحكم بحيث ينبئ كل دليل ويقطع في كل جزئية من جزئيات الدعوى إذ الأدلة في المواد الجنائية متساندة يكمل بعضها بعضاً ومنها مجتمعة تتكون عقيدة المحكمة فلا ينظر إلى دليل بعينه لمناقشته على حدة دون باقي الأدلة بل يكفى أن تكون الأدلة في مجموعها كوحدة مؤدية إلى ما قصده الحكم ومنتجة في اكتمال اقتناع المحكمة واطمئنانها إلى ما انتهت إليه ، وكان جماع ما أورده الحكم المطعون فيه من أدلة وشواهد سائغاً وكافياً للتدليل على ثبوت جرائم الاشتراك في التزوير التي دان الطاعن بها فإن هذا حسبه ليبرأ من قالة القصور في التسبيب والفساد في الاستدلال، ويكون النعي عليه في هذا الخصوص في غير محله .
7- لما كان القصد الجنائي في جريمة التزوير أو الاشتراك فيه هو من المسائل الموضوعية المتعلقة بوقائع الدعوى التي تفصل فيها محكمة الموضوع في ضوء الظروف المطروحة عليها ، وليس بلازم أن يتحدث الحكم عنه صراحة وعلى استقلال مادام قد أورد من الوقائع ما يدل عليه ، وكان ما ساقه الحكم في بيانه واقعة الدعوى وأدلة ثبوتها يتوافر به في حق الطاعن القصد الجنائي في جرائم الاشتراك في التزوير التي دانه بها ، ويستقيم به اطراح ما أثاره في دفاعه أمام المحكمة بانتفاء علمه بالتزوير ، فإن منعى الطاعن على الحكم بالقصور في هذا الشأن لا يكون له محل .
  8- لما كان من المقرر أنه يشترط لقبول الاعتذار بالجهل بحكم من أحكام قانون آخر غير قانون العقوبات أن يقيم من يدعى هذا الجهل الدليل على أنه تحرى تحرياً كافياً وأن اعتقاده بأنه يباشر عملاً مشروعاً له أسباب معقولة ، وهذا هو المعول عليه في القوانين التي أخذ عنها الشارع أسس المسئولية الجنائية وهو المستفاد من مجموع نصوص القانون ، فإنه مع تقرير قاعدة عدم قبول الاعتذار بعدم العلم بالقانون أوردت المادة 63 من قانون العقوبات أنه لا جريمة إذا وقع الفعل من موظف أميري في الأحوال الآتية : أولاً : إذا ارتكب الفعل تنفيذاً لأمر صادر إليه من رئيس وجبت عليه طاعته أو اعتقد أنها واجبة عليه . ثانياً: إذا حسنت نيته وارتكب فعلاً تنفيذاً لما أمرت به القوانين أو اعتقد أن إجراءه من اختصاصه ، وعلى كل حال يجب على الموظف أن يثبت أنه لم يرتكب الفعل إلا بعد التثبت والتحري وأنه يعتقد مشروعيته وأن اعتقاده كان مبنياً على أسباب معقولة ، كما أورد في المادة 60 من قانون العقوبات أن أحكام هذا القانون لا تسرى على كل فعل ارتكب بنية سليمة عملاً بحق مقرر بمقتضى الشريعة، وكان دفاع الطاعن بحسن نيته لا ينهض بمجرده سنداً للتمسك بالاعتذار بعدم العلم بحكم من أحكام قانون الأحوال الشخصية الذي يحرم زواج المسلم من خامسة إلا إذا انقضت عدة الرابعة المطلقة ، مادام لم يقدم الدليل القاطع على أنه تحرى تحرياً كافياً وأن اعتقاده الذي اعتقده بأنه يباشر عملاً مشروعاً كانت له أسباب معقولة تبرر له هذا الاعتقاد - وهو ما لا يجادل فيه الطاعن - إذ أنه لم يقدم إلى محكمة الموضوع الدليل على ذلك ، وكان الحكم المطــعون فيه قد رد على الدفع المار ذكره ، ومن ثم يكون ما ينعاه الطاعن عليه في هذا الخصوص بعيداً عن محجة الصواب .
 9- لما كانت الشريعة الإسلامية وسائر قوانين الأحوال الشخصية تعتبر من القوانين الواجب على المحاكم تطبيقها في مسائل الأحوال الشخصية التي تعرض لها ولا تجد فيها ما يستدعى التقرير بوقف الدعوى حتى تفصل فيها جهة الأحوال الشخصية المختصة بنظرها بصفة أصلية ويكون على المحكمة عندئذ أن تتثبت من النص الواجب تطبيقه في الدعوى وأن تأخذ به على وجهه الصحيح حسبما كانت تفعل جهة الأحوال الشخصية المختصة ويكون حكمها في ذلك خاضعاً لرقابة محكمة النقض . وكان الشارع قد قرر في القانون رقم 1 لسنة 2000 بإصدار قانون تنظيم بعض أوضاع وإجراءات التقاضي في مسائل الأحوال الشخصية أن الأحكام تصدر طبقاً لقوانين الأحوال الشخصية والوقف المعمول بها ، ويعمل فيما لم يرد بشأنه نص في تلك القوانين بأرجح الأقوال في مذهب الإمام أبى حنيفة ، فإن الواجب على المحكمة أن تأخذ الدعوى المطروحة عليها بالقاعدة الشرعية المنطبقة على واقعتها حسبما جاء بالقانون المذكور، ولما كان أمر زواج الرجل بخامسة وبعض الأربع أو كلهن في العدة وأيضاً أقل مدة للعدة بالحيض لم يعرض لهما القانون رقم 1 لسنة 2000 ، فإن أرجح الأقوال من مذهب أبى حنيفة يكون هو القانون الواجب التطبيق ، ولما كان المستفاد من كتب الحنفية أن أرجح الأقوال أنه إذا طلق الزوج إحدى الأربع طلاقاً بائناً أو رجعياً لا يجوز له أن يتزوج من غيرها حتى تنقضي عدتها وأن أقل مدة للعدة بالحيض ستون يوماً. لما كان ذلك ، وكان الحكم المطعون فيه قد أثبت في حق الطاعن - على السياق المتقدم - أنه عند زواجه من كل من....و... كان متزوجاً بأربع منهن واحدة مطلقة لم تنقض عدتها ، وبهذا يتحقق المانع الشرعي لدى الطاعن وفق الراجح من مذهب أبى حنفية ويستقيم به اطراح دفاعه ، بما لا يكون للنعي على الحكم في هذا الشأن محل
10- لما كان تقدير الدليل موكولاً لمحكمة الموضوع ومتى اقتنعت به واطمأنت إليه فلا معقب عليها في ذلك ، وكان الحكم المطعون فيه قد عرض للمستندات المقدمة من الطاعن فأورد أنها لا تؤدي إلى انتفاء المانع الشرعي لديه عند زواجه من كل من المجني عليهما سالفتي الذكر ، فإن ما يثيره الطاعن في هذا الصدد لا يعدو أن يكون جدلاً في واقعة الدعوى وتقدير أدلتها مما تستقل به محكمة الموضوع ولا تجوز إثارته أمام محكمة النقض .
11- لما كانت المادة 223 من قانون الإجراءات الجنائية قد نصت على أنه " إذا كان الحكم في الدعوى الجنائية يتوقف على الفصل في مسألة من مسائل الأحوال الشخصية جاز للمحكمة الجنائية أن توقف الدعوى وتحدد للمتهم أو للمدعى بالحقوق المدنية أو للمجنى عليه حسب الأحوال أجلاً لرفع المسألة المذكورة إلى الجهة ذات الاختصاص " فأجاز الشارع بذلك للمحكمة الجنائية سلطة تقدير جدية النزاع وما إذا كان يستوجب وقف السير في الدعوى الجنائية أو أن الأمر من الوضوح أو عدم الجدية مما لا يقتضى وقف الدعوى واستصدار حكم فيه من المحكمة المختصة . ولما كانت المحكمة المطعون في حكمها لم تر للاعتبارات السائغة التي أوردتها - رداً على دفاع الطاعن في هذا الصدد - أن الأمر يقتضى وقف الدعوى ريثما يتم استصدار حكم من محكمة الأحوال الشخصية في دعوى بطلان عقد زواج الطاعن من المجني عليها .... ، فإن ما يثيره الطاعن في هذا الشأن لا يكون له محل .
12- لما كان كل ما يتطلبه القانون لتوافر القصد الجنائي في جريمة مواقعة الأنثى بغير رضاها هو أن يكون الجاني قد ارتكب الفعل الذي تتكون منه هذه الجريمة وهو عالم أنه يأتي أمراً منكراً ولا عبرة بما يكون قد دفعه إلى ذلك من البواعث والتي لا تقع تحت حصر ، ولا يلزم في القانون أن يتحدث الحكم استقلالاً عن هذا القصد ، بل يكفي أن يكون فيما أورده من وقائع وظروف ما يكفى للدلالة على قيامه . ولما كان الحكم المطعون فيه قد أثبت أن الطاعن عمد بطريق الغش والتدليس إلى مواقعة كل من المجنى عليهما وهو يعلم - على ما سلف بيانه- ببطلان زواجه منها وعدم صحته لإجرائه عليها حال وجود مانع شرعي لديه ، ومن ثم لا يقبل منه القول بانتفاء القصد الجنائي لديه .
13- لما كان القانون لا يشترط لتوافر ركن القوة في جريمة مواقعة الأنثى أن يستعمل الجاني الإكراه المادي مع المجني عليها بل يكفي أن يكون الفعل قد حصل بغير رضاء صحيح ممن وقع عليها كأن يكون بناء على غش أو تدليس .
14- لما كانت مسألة رضاء المجني عليها أو عدم رضائها في جريمة المواقعة مسألة موضوعية تفصل فيها محكمة الموضوع فصلاً نهائياً وليس لمحكمة النقض بعد ذلك حق مراقبتها في هذا الشأن طالما أن الأدلة والاعتبارات التي ذكرتها من شأنها أن تؤدي إلى ما انتهى إليه الحكم ، وإذ كان ما أثبته الحكم المطعون فيه - ورد به على دفاع الطاعن في هذا الشأن - من أن الطاعن إنما توصل إلى مواقعة كل من المجني عليهما بالغش والتدليس بأن أوهمها أنها زوجته بعقد صحيح يتفق وأحكام الشريعة فسلمت نفسها له تحت هذا الاعتقاد الخاطئ وهى في مثل هذه الظروف ، فإن في ذلك ما يكفى لتوافر ركن القوة في جناية المواقعة.
15- لما كان لمحكمة الموضوع أن تعول في تكوين عقيدتها على ما جاء بتحريات الشرطة باعتبارها معززة لما ساقته من أدلة مادامت تلك التحريات قد عرضت على بساط البحث ، وكان الطاعن لم يثر شيئاً بجلسات المحاكمة عن بطلان التحريات فإن النعي بشأنها ينحل إلى جدل موضوعي مما لا يجوز الخوض بشأنه لدى محكمة النقض .
16- من المقرر أن الشريعة الإسلامية هي القانون العام الواجب التطبيق في مسائل الأحوال الشخصية وفقاً لأرجح الأقوال في مذهب الإمام أبى حنفية فيما عدا الأحوال التي وردت بشأنها قوانين خاصة وذلك عملاً بنص المادة 280 من لائحة ترتيب المحاكم الشرعية والمادة السادسة من القانون رقم 462 لسنة 1955 بإلغاء المحاكم الشرعية والمحاكم الملية ، وهو ما جرى عليه - أيضاً - نص المادة الثالثة من مواد إصدار القانون رقم 1 لسنة 2000 بشأن تنظيم بعض أوضاع وإجراءات التقاضي في مسائل الأحوال الشخصية والذي ألغى لائحة ترتيب المحاكم الشرعية الصادرة بالمرسوم بقانون رقم 78 لسنة 1931 والقانون رقم 462 لسنة 1955 بإلغاء المحاكم الشرعية والمحاكم الملية ، فإن النعي على الحكم إعماله أحكام القانون رقم 1 لسنة 2000 المشار إليه على واقعة الدعوى لا يكون مجدياً . لما كان ذلك ، وكان باقي مـا يثيره الطاعن لا يعدو أن يكون من أوجه الدفاع الموضوعية .
17- من المقرر أن المحكمة غير ملزمة بالرد صراحة على كل جزئية من دفاع المتهم الموضوعي لأن الرد عليه مستفاد ضمناً من قضائها بإدانته استناداً إلى أدلة الثبوت ، فإن الطعن برمته يكون على غير أساس متعيناً رفضه موضوعاً .
18- لما كان القانون رقم 95 لسنة 2003 بإلغاء القانون رقم 105 لسنة 1980 بإنشاء محاكم أمن الدولة وبتعديل بعض أحكام قانون العقوبات والإجراءات الجنائية قد استبدل عقوبتي السجن المؤبد والسجن المشدد بعقوبتي الأشغال الشاقة المؤبدة والأشغال الشاقة المؤقتة وهو ما يحمل في ظاهره معنى القانون الأصلح للمتهم بما كان يؤذن لهذه المحكمة أن تصحح الحكم الصادر في الدعوى - موضوع الطعن الماثل - في الحدود الواردة بالقانون الجديد ، إلا أنه إزاء ما ورد بالفقرة الثانية من القانون سالف الذكر من أنه واعتباراً من صدور هذا القانون يكون تنفيذ الأحكام القضائية الصادرة بعقوبة الأشغال الشاقة بنوعيها في السجون المخصصة لذلك على النحو المقرر بمقتضاه لعقوبة السجن المؤبد أو السجن المشدد بحسب الأحوال بما يعنى أنه لم يعد هناك أي أثر لعقوبة الأشغال الشاقة بنوعيها ومن بينها العقوبة المقضي بها ، فإنه لا جدوى من تصحيح الحكم المطعون فيه .
________________
الوقائــع
اتهمت النيابة العامة الطاعنين بأنهما في غضون الفترات من... وحتى....وبتاريخ.....: أولاً :المتهم الأول :1- اشترك مع موظفين عامين حسني النية وهما.... مأذون شرعي ناحية قسم ...و.... مأذون شرعي.... وذلك بطريق الاتفاق والمساعدة في تزوير وثيقتي الزواج رقمي ....و... بأن ساعدهما في إملاء بيانات الزوجية بالوثيقتين سالفتي الذكر فقاما بتحريرهما وأثبت بهما على خلاف الحقيقة خلوه من الموانع الشرعية حال كونه في عصمته أربع زوجات أخريات أغفل ذكرهن وقد وقعت الجريمة بناء على هذه الطريقة من الاشتراك .2- واقع المجني عليها.... بغير رضاها وكان ذلك بطريق التحايل بأن أوهمها بأنه عقد بها زواجاً صحيحاً شرعاً خلافاً للحقيقة وأخفى عنها أنه في عصمته أربع زوجات أخريات أغفل ذكرهن بوثيقة زواجه منها فتمكن من معاشرتها معاشرة الأزواج وهي مخدوعة بزعمه بأنها تسلم نفسها له كزوج شرعي . 3- واقع المجني عليها.... بغير رضاها وذلك على النحو المبين بوصف التهمة السابقة بالبند "2". ثانياً :ـ المتهمان :ـ اشتركا بطريقي الاتفاق والمساعدة فيما بينهما مع موظف عمومي حسن النية هو سكرتير جلسة محكمة.... للأحوال الشخصية للولاية على النفس في ارتكاب تزوير في محرر رسمي هو محضر الجلسة المنعقدة بتاريخ ...... الخاص بالقضية رقم...... أحوال شخصية للولاية على النفس وذلك بجعل واقعة مزورة في صورة واقعة صحيحة مع علمهما بتزويرها بأن مثلا أمام الموظف حسن النية سالف الذكر وأدليا أمامه بخلوهما من الموانع الشرعية حال تحريره المختص بذلك فأثبت البيان في محضره فتمت الجريمة بناء على هذا الاتفاق وتلك المساعدة على النحو المبين بالتحقيقات. وأحالتهما إلى محكمة جنايات ..... لمعاقبتهما طبقاً للقيد والوصف الواردين بأمر الإحالة والمحكمة المذكورة قضت حضورياً عملاً بالمواد 40/ثانياً ، ثالثاً ، 41 ، 211 ، 212، 213، 267/1 من قانون العقوبات مع إعمال المــواد 17، 30/1، 32/1، 55، 56 من ذات القانون أولاً بمعاقبة ....... بالأشغال الشاقة لمدة ست سنوات عما أسند إليه. ثانياً :ـ بمعاقبة .... بالحبس مع الشغل لمدة سنة واحدة وأمرت بوقف تنفيذ عقوبة الحبس لمدة ثلاث سنوات تبدأ من تاريخ صدور الحكم . ثالثاً :- بمصادرة المحررات المزورة .
فطعن المحكوم عليهما في هذا الحكم بطريق النقض .....إلخ .
________________
المحكمة
من حيث إنه لما كان التقرير بالطعن بالنقض كما رسمه القانون ، هو الذي يترتب عليه دخول الطعن في حوزة محكمة النقض واتصالها به بناء على إفصاح ذي الشأن عن رغبته فيه ، فان عدم تقرير المحكوم عليها .... بالطعن لا يجعل للطعن قائمة فلا تتصل به محكمة النقض ولا يغنى عنه تقديم أسباب له ، ومن ثم يكون طعنها غير مقبول شكلاً.
وحيث إنه ولئن كان البين من ورقة التقرير بالطعن بالنقض المقدم من الطاعن ...... أنه قد أثبت بها أن رقم القضية التي صدر فيها الحكم المطعون فيه هو.... ، وكان الثابت من ورقة الحكم المطعون فيه أن رقم القضية التي صدر فيها هو.... ، فإن ما ورد بورقة التقرير بالطعن بالنقض لا يعدو كونه مجرد خطأ مادي لا يؤثر في سلامتها لما هو مقرر من أن العبرة هي بحقيقة الواقع ولا عبرة بالخطأ المادي الواضح ، ومن ثم يكون الطعن المقدم من الطاعن المذكور قد استوفى الشكل المقرر في القانون .
وحيث إن الطاعن ينعى على الحكم المطعون فيه أنه إذ دانه بجرائم الاشتراك في تزوير محررات رسمية ومواقعة أنثيين بغير رضائهما قد شابه القصور في التسبيب والفساد في الاستدلال والإخلال بحق الدفاع والخطأ في تطبيق القانون . ذلك بأنه لم يبين واقعة الدعوى بياناً كافياً تتحقق به أركان الجرائم التي دان الطاعن بها ولم يحط بعناصر الدعوى عن بصر وبصيرة ولم يستظهر عناصر الاشتراك في جرائم التزوير ولم يدلل على توافرها في حقه بأسباب سائغة . كما لم يستظهر القصد الجنائي في تلك الجرائم بما يقيمه في حق الطاعن ، واطرح دفعه بانتفاء ذلك القصد ودفاعه القائم على الجهل بحكم من أحكام قانون الأحوال الشخصية وعدم علمه بوجود المانع الشرعي لديه برد غير سائغ ويخالف صحيح القانون . وانبني دفاع الطاعن على أنه لم يكن لديه مانع شرعي عند زواجه من كل من المجني عليهما مدللاً على ذلك بما قدمه من مستندات عبارة عن صحيفة دعوى مقامه أمام محكمة الأحوال الشخصية ببطلان عقد زواجه من المجني عليها ..... إلا أن الحكم اطرح هذا الدفاع بأسباب غير سائغة استند فيها إلى أرجح الأقوال من مذهب الإمام أبى حنيفة رغم عدم وجوب التقيد به، فضلاً عن مخالفته للمذاهب الفقهية الأخرى والتي من شأن إعمالها جعل الأفعال المسندة إلى الطاعن بمنأى عن التأثيم ، بل تصدى الحكم للفصل في مسألة من مسائل الأحوال الشخصية ، والمقام بها دعوى أمام محكمة الأحوال الشخصية هي بطلان عقد زواجه من المجنى عليها سالفة الذكر التي كانت في عصمة رجل آخر وقت عقد زواجها من الطاعن ، مخالفاً ما نصت عليه المادة 223 من قانون الإجراءات الجنائية من وجوب وقف الدعوى لحين الفصل في هذه المسالة من الجهة المختصة . ورد الحكم بما لا يصلح رداً على دفاع الطاعن بانتفاء القصد الجنائي لديه في جريمة مواقعة أنثى بغير رضاها وأن مواقعة كل من المجني عليهما تمت برضاء منهما ، وسكت دون رد على ما قام عليه دفاع المحكوم عليها الأخرى من بطلان التحريات . وأخيراً فإن الحكم أعمل في حق الطاعن أحكام القانون رقم 1 لسنة 2000 بشأن تنظيم بعض أوضاع وإجراءات التقاضي في مسائل الأحوال الشخصية على الرغم من أن هذا القانون جاءت أحكامه لاحقة على الوقائع المنسوب صدورها إلى الطاعن . كل ذلك مما يعيب الحكم ويستوجب نقضه .
  وحيث إن الحكم المطعون فيه بيَّن واقعة الدعوى بقوله أنها " تتحصل في أنه في غضون الفترات ... حتى .... اشترك المتهم .... مع كل من ... مأذون شرعي ناحية.....و.....مأذون شرعي ناحية (موظفين عموميين ) حسنى النية بطريق الاتفاق والمساعدة في تزوير وثيقتي الزواج رقم ......بأن ساعدهما في إملاء بيانات زواجه بكل من ..... بالوثيقة الأولى و...... بالوثيقة الثانية فقاما بتحريرهما وأثبت لهما على خلاف الحقيقة خلوه من الموانع الشرعية رغم أن في عصمته أربع زوجات أخريات أغفل ذكرهن فوقعت الجريمة بناء على هذا الاشتراك وبذلك أوهم كل من المجني عليهما ...و... أنه عقد بكل منهما زواجاً شرعياً صحيحاً خلافاً للحقيقة مخفياً على كل منهما أن في عصمته زوجات أربع خلاف كل منهما وتمكن من معاشرة كل منهما معاشرة الأزواج وهما مخدوعتان بزعمه فسلمتا نفسيهما له كزوج شرعي كما أن المتهم سالف الذكر والمتهمة .... اشتركا مع موظف عمومي حسن النية هو سكرتير محكمة .... الابتدائية للأحوال الشخصية للولاية على النفس في تزوير محضر جلسة تلك المحكمة المنعقدة يوم.... في القضية.... أحوال شخصية - نفس - بجعل واقعة مزورة في صورة واقعة صحيحة مع علمهما بذلك بأن مثلا أمام ذلك الموظف حسن النية وأدليا أمامه بخلوهما من الموانع الشرعية حال تحريره المختص بذلك رغم أن المتهمة ... كانت قد طلقت من المتهم .... طلقة ثالثة بائنة بينونة كبرى فقام الأخير بتزويجها لأحد تابعيه المدعو (....) كمحلل في....والذي طلقها في... ليتزوجها المتهم ....في.....بعقد زواج عرفي أقر كلا المتهمين بصحته في محضر جلسة القضية سالفة البيان فوقعت الجريمة بناء على ذلك ." وقد دلل الحكم على ثبوت الواقعة لديه على هذه الصورة في حق الطاعن بما ينتجها من وجوه الأدلة التي استقاها من معينها الصحيح من أوراق الدعوى . لما كان ذلك ، وكانت المادة 310 من قانون الإجراءات الجنائية قد أوجبت في كل حكم بالإدانة أن يشتمل على بيان الواقعة المستوجبة للعقوبة بيانٌ تتحقق به أركان الجرائم التي دان الطاعن بها والظروف التي وقعت فيها والأدلة التي استخلصت منها المحكمة ثبوت وقوعها منه ، وكان يبين مما سطره الحكم أنه بين واقعة الدعوى بما تتوافر به كافة العناصر القانونية لجرائم الاشتراك في تزوير محررات رسمية ومواقعة أنثيين بغير رضاء كل منهما التي دان الطاعن بها وأورد على ثبوتها في حقه أدلة سائغة من شأنها أن تؤدى إلى ما رتب الحكم عليها وجاء استعراض المحكمة لأدلة الدعوى على نحو يدل على أنها محصتها التمحيص الكافي وألمت بها إلماماً شاملاً يفيد أنها قامت بما ينبغي عليها من تدقيق البحث لتعرف الحقيقة ، وكان من المقرر أن القانون لم يرسم شكلاً أو نمطاً يصوغ فيه الحكم بيان الواقعة المستوجبة للعقوبة والظروف التي وقعت فيها ومتى كان مجموع ما أورده الحكم كافياً في تفهم الواقعة بأركانها وظروفها حسبما استخلصتها المحكمة فإن ذلك يكون محققاً لحكم القانون ، ومن ثم فإن ما يثيره الطاعن في هذا الصدد لا محل له . لما كان ذلك ، وكان من المقرر أن الاشتراك في جرائم التزوير يتم غالباً دون مظاهر خارجية محسوسة يمكن الاستدلال بها عليه ، ومن ثم يكفي لثبوته أن تكون المحكمة قد اعتقدت حصوله من ظروف الدعوى وملابساتها وأن يكون اعتقادها سائغاً تبرره الوقائع التي بينها الحكم – وهو ما لم يخطئ الحكم المطعون فيه في تقديره – فإن ما يثيره الطاعن في هذا الشأن ينحل في الواقع إلى جدل موضوعي لا تقبل إثارته أمام محكمة النقض . لما كان ذلك ، وكان الأصل في المحاكمات الجنائية هو اقتناع القاضي بناء على الأدلة المطروحة عليه فله أن يكون عقيدته من أي دليل أو قرينة يرتاح إليها إلا إذا قيده القانون بدليل معين ينص عليه ، وإذ كان القانون الجنائي لم يجعل لإثبات جرائم التزوير طريقاً خاصاً ، وكان لا يشترط أن تكون الأدلة التي اعتمد عليها الحكم بحيث ينبئ كل دليل ويقطع في كل جزئية من جزئيات الدعوى إذ الأدلة في المواد الجنائية متساندة يكمل بعضها بعضاً ومنها مجتمعة تتكون عقيدة المحكمة فلا ينظر إلى دليل بعينه لمناقشته على حدة دون باقي الأدلة بل يكفي أن تكون الأدلة في مجموعها كوحدة مؤدية إلى ما قصده الحكم ومنتجة في اكتمال اقتناع المحكمة واطمئنانها إلى ما انتهت إليه ، وكان جماع ما أورده الحكم المطعون فيه من أدلة وشواهد سائغاً وكافياً للتدليل على ثبوت جرائم الاشتراك في التزوير التي دان الطاعن بها فإن هذا حسبه ليبرأ من قالة القصور في التسبيب والفساد في الاستدلال،  ويكون النعي عليه في هذا الخصوص في غير محله . لما كان ذلك ، وكان القصد الجنائي في جريمة التزوير أو الاشتراك فيه هو من المسائل الموضوعية المتعلقة بوقائع الدعوى التي تفصل فيها محكمة الموضوع في ضوء الظروف المطروحة عليها ، وليس بلازم أن يتحدث الحكم عنه صراحة وعلى استقلال مادام قد أورد من الوقائع ما يدل عليه ، وكان ما ساقه الحكم في بيانه واقعة الدعوى وأدلة ثبوتها يتوافر به في حق الطاعن القصد الجنائي في جرائم الاشتراك في التزوير التي دانه بها ، ويستقيم به اطراح ما أثاره في دفاعه أمام المحكمة بانتفاء علمه بالتزوير ، فإن منعى الطاعن على الحكم بالقصور في هذا الشأن لا يكون له محل . لما كان ذلك ، وكان من المقرر أنه يشترط لقبول الاعتذار بالجهل بحكم من أحكام قانون آخر غير قانون العقوبات أن يقيم من يدعى هذا الجهل الدليل على أنه تحرى تحرياً كافياً وأن اعتقاده بأنه يباشر عملاً مشروعاً له أسباب معقولة ، وهذا هو المعول عليه في القوانين التي أخذ عنها الشارع أسس المسئولية الجنائية وهو المستفاد من مجموع نصوص القانون ، فإنه مع تقرير قاعدة عدم قبول الاعتذار بعدم العلم بالقانون أوردت المادة 63 من قانون العقوبات أنه لا جريمة إذا وقع الفعل من موظف أميري في الأحوال الآتية: أولاً: إذا ارتكب الفعل تنفيذاً لأمر صادر إليه من رئيس وجبت عليه طاعته أو اعتقد أنها واجبة عليه . ثانياً: إذا حسنت نيته وارتكب فعلاً تنفيذاً لما أمرت به القوانين أو اعتقد أن إجراءه من اختصاصه ، وعلى كل حال يجب على الموظف أن يثبت أنه لم يرتكب الفعل إلا بعد التثبت والتحري وأنه يعتقد مشروعيته وأن اعتقاده كان مبنياً على أسباب معقولة ، كما أورد في المادة 60 من قانون العقوبات أن أحكام هذا القانون لا تسرى على كل فعل ارتكب بنية سليمة عملاً بحق مقرر بمقتضى الشريعة، وكان دفاع الطاعن بحسن نيته لا ينهض بمجرده سنداً للتمسك بالاعتذار بعدم العلم بحكم من أحكام قانون الأحوال الشخصية الذي يحرم زواج المسلم من خامسة إلا إذا انقضت عدة الرابعة المطلقة ، مادام لم يقدم الدليل القاطع على أنه تحرى تحرياً كافياً وأن اعتقاده الذي اعتقده بأنه يباشر عملاً مشروعاً كانت له أسباب معقولة تبرر له هذا الاعتقاد - وهو ما لا يجادل فيه الطاعن - إذ أنه لم يقدم إلى محكمة الموضوع الدليل على ذلك ، وكان الحكم المطعون فيه قد رد على الدفع المار ذكره ، ومن ثم يكون ما ينعاه الطاعن عليه في هذا الخصوص بعيداً عن محجة الصواب . لما كان ذلك ، وكانت الشريعة الإسلامية وسائر قوانين الأحوال الشخصية تعتبر من القوانين الواجب على المحاكم تطبيقها في مسائل الأحوال الشخصية التي تعرض لها ولا تجد فيها ما يستدعى التقرير بوقف الدعوى حتى تفصل فيها جهة الأحوال الشخصية المختصة بنظرها بصفة أصلية ويكون على المحكمة عندئذ أن تتثبت من النص الواجب تطبيقه في الدعوى وأن تأخذ به على وجهه الصحيح حسبما كانت تفعل جهة الأحوال الشخصية المختصة ويكون حكمها في ذلك خاضعاً لرقابة محكمة النقض وكان الشارع قد قرر في القانون رقم 1 لسنة 2000 بإصدار قانون تنظيم بعض أوضاع وإجراءات التقاضي في مسائل الأحوال الشخصية أن الأحكام تصدر طبقاً لقوانين الأحوال الشخصية والوقف المعمول بها ، ويعمل فيما لم يرد بشأنه نص في تلك القوانين بأرجح الأقوال في مذهب الإمام أبى حنيفة ، فإن الواجب على المحكمة أن تأخذ الدعوى المطروحة عليها بالقاعدة الشرعية المنطبقة على واقعتها حسبما جاء بالقانون المذكور . ولما كان أمر زواج الرجل بخامسة وبعض الأربع أو كلهن في العدة وأيضاً أقل مدة للعدة بالحيض لم يعرض لهما القانون رقم 1 لسنة 2000 ، فإن أرجح الأقوال من مذهب أبى حنيفة يكون هو القانون الواجب التطبيق ، ولما كان المستفاد من كتب الحنفية أن أرجح الأقوال أنه إذا طلق الزوج إحدى الأربع طلاقاً بائناً أو رجعياً لا يجوز له أن يتزوج من غيرها حتى تنقضي عدتها وأن أقل مدة للعدة بالحيض ستون يوماً. لما كان ذلك ، وكان الحكم المطعون فيه قد أثبت في حق الطاعن - على السياق المتقدم - أنه عند زواجه من كل من ...و..... كان متزوجاً بأربعة منهن واحدة مطلقة لم تنقض عدتها ، وبهذا يتحقق المانع الشرعى لدى الطاعن وفق الراجح من مذهب أبى حنفية ويستقيم به اطراح دفاعه ، بما لا يكون للنعي على الحكم في هذا الشأن محل . لما كان ذلك ، وكان تقدير الدليل موكولاً لمحكمة الموضوع ومتى اقتنعت به واطمأنت إليه فلا معقب عليها في ذلك ، وكان الحكم المطعون فيه قد عرض للمستندات المقدمة من الطاعن فأورد أنها لا تؤدى إلى انتفاء المانع الشرعي لديه عند زواجه من كل من المجني عليهما سالفتي الذكر ، فإن ما يثيره الطاعن في هذا الصدد لا يعدو أن يكون جدلاً في واقعة الدعوى وتقدير أدلتها مما تستقل به محكمة الموضوع ولا تجوز إثارته أمام محكمة النقض . لما كان ذلك ، وكانت المادة 223 من قانون الإجراءات الجنائية قد نصت على أنه " إذا كان الحكم في الدعوى الجنائية يتوقف على الفصل في مسألة من مسائل الأحوال الشخصية جاز للمحكمة الجنائية أن توقف الدعوى وتحدد للمتهم أو للمدعى بالحقوق المدنية أو للمجنى عليه حسب الأحوال أجلاً لرفع المسألة المذكورة إلى الجهة ذات الاختصاص " فأجاز الشارع بذلك للمحكمة الجنائية سلطة تقدير جدية النزاع وما إذا كان يستوجب وقف السير في الدعوى الجنائية أو أن الأمر من الوضوح أو عدم الجدية مما لا يقتضى وقف الدعوى واستصدار حكم فيه من المحكمة المختصة . ولما كانت المحكمة المطعون في حكمها لم تر للاعتبارات السائغة التي أوردتها - رداً على دفاع الطاعن في هذا الصدد - أن الأمر يقتضى وقف الدعوى ريثما يتم استصدار حكم من محكمة الأحوال الشخصية في دعوى بطلان عقد زواج الطاعن من المجني عليها...، فإن ما يثيره الطاعن في هذا الشأن لا يكون له محل . لما كان ذلك ، وكان كل ما يتطلبه القانون لتوافر القصد الجنائي في جريمة مواقعة الأنثى بغير رضاها هو أن يكون الجاني قد ارتكب الفعل الذي تتكون منه هذه الجريمة وهو عالم أنه يأتي أمراً منكراً ولا عبرة بما يكون قد دفعه إلى ذلك من البواعث والتي لا تقع تحت حصر ، ولا يلزم في القانون أن يتحدث الحكم استقلالاً عن هذا القصد ، بل يكفي أن يكون فيما أورده من وقائع وظروف ما يكفى للدلالة على قيامه ، ولما كان الحكم المطعون فيه قد أثبت أن الطاعن عمد بطريق الغش والتدليس إلى مواقعة كل من المجني عليهما وهو يعلم - على ما سلف بيانه - ببطلان زواجه منها وعدم صحته لإجرائه عليها حال وجود مانع شرعي لديه ، ومن ثم لا يقبل منه القول بانتفاء القصد الجنائي لديه . لما كان ذلك ، وكان القانون لا يشترط لتوافر ركن القوة في جريمة مواقعة الأنثى أن يستعمل الجاني الإكراه المادي مع المجني عليها بل يكفي أن يكون الفعل قد حصل بغير رضاء صحيح ممن وقع عليها كأن يكون بناء على غش أو تدليس ، وكانت مسألة رضاء المجني عليها أو عدم رضائها في جريمة المواقعة مسألة موضوعية تفصل فيها محكمة الموضوع فصلاً نهائياً وليس لمحكمة النقض بعد ذلك حق مراقبتها في هذا الشأن طالما أن الأدلة والاعتبارات التي ذكرتها من شأنها أن تؤدى إلى ما انتهى إليه الحكم ، وإذ كان ما أثبته الحكم المطعون فيه - ورد به على دفاع الطاعن في هذا الشأن - من أن الطاعن إنما توصل إلى مواقعة كل من المجنى عليهما بالغش والتدليس بأن أوهمها أنها زوجته بعقد صحيح يتفق وأحكام الشريعة فسلمت نفسها له تحت هذا الاعتقاد الخاطئ وهى في مثل هذه الظروف ، فإن في ذلك ما يكفي لتوافر ركن القوة في جناية المواقعة . لما كان ذلك ، وكان لمحكمة الموضوع أن تعول في تكوين عقيدتها على ما جاء بتحريات الشرطة باعتبارها معززة لما ساقته من أدلة مادامت تلك التحريات قد عرضت على بساط البحث ، وكان الطاعن لم يثر شيئاً بجلسات المحاكمة عن بطلان التحريات فإن النعي بشأنها ينحل إلى جدل موضوعي مما لا يجوز الخوض بشأنه لدى محكمة النقض . لما كان ذلك ، وكان من المقرر أن الشريعة الإسلامية هي القانون العام الواجب التطبيق في مسائل الأحوال الشخصية وفقاً لأرجح الأقوال في مذهب الإمام أبى حنفية فيما عدا الأحوال التي وردت بشأنها قوانين خاصة وذلك عملاً بنص المادة 280 من لائحة ترتيب المحاكم الشرعية والمادة السادسة من القانون رقم 462 لسنة 1955 بإلغاء المحاكم الشرعية والمحاكم الملية ، وهو ما جرى عليه - أيضاً – نص المادة الثالثة من مواد إصدار القانون رقم 1 لسنة 2000 بشأن تنظيم بعض أوضاع وإجراءات التقاضي في مسائل الأحوال الشخصية والذى ألغى لائحة ترتيب المحاكم الشرعية الصادرة بالمرسوم بقانون رقم 78 لسنة 1931 والقانون رقم 462 لسنة 1955 بإلغاء المحاكم الشرعية والمحاكم الملية ، فإن النعي على الحكم إعماله أحكام القانون رقم 1 لسنة 2000 المشار إليه على واقعة الدعوى لا يكون مجدياً . لما كان ذلك ، وكان باقي مـا يثيره الطاعن لا يعدو أن يكون من أوجه الدفاع الموضوعية ، وكان من المقرر أن المحكمة غير ملزمة بالرد صراحة على كل جزئية من دفاع المتهم الموضوعي لأن الرد عليه مستفاد ضمناً من قضائها بإدانته استناداً إلى أدلة الثبوت ، فإن الطعن برمته يكون على غير أساس متعيناً رفضه موضوعاً . لما كان ذلك ، وكان القانون رقم 95 لسنة 2003 بإلغاء القانون رقم 105 لسنة 1980 بإنشاء محاكم أمن الدولة وبتعديل بعض أحكام قانون العقوبات والإجراءات الجنائية قد استبدل عقوبتي السجن المؤبد والسجن المشدد بعقوبتي الأشغال الشاقة المؤبدة والأشغال الشاقة المؤقتة وهو ما يحمل في ظاهره معنى القانون الأصلح للمتهم بما كان يؤذن لهذه المحكمة أن تصحح الحكم الصادر في الدعوى - موضوع الطعن الماثل - في الحدود الواردة بالقانون الجديد ، إلا أنه إزاء ما ورد بالفقرة الثانية من القانون سالف الذكر من أنه واعتباراً من صدور هذا القانون يكون تنفيذ الأحكام القضائية الصادرة بعقوبة الأشغال الشاقة بنوعيها في السجون المخصصة لذلك على النحو المقرر بمقتضاه لعقوبة السجن المؤبد أو السجن المشدد بحسب الأحوال بما يعنى أنه لم يعد هناك أى أثر لعقوبة الأشغال الشاقة بنوعيها ومن بينها العقوبة المقضي بها ، فإنه لا جدوى من تصحيح الحكم المطعون فيه .
________________