جلسة 27 نوفمبر سنة 2008
برئاسة
السيد المستشار/ حسام
عبد الرحيم نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين /علي فرجاني ، حمدي
ياسين ، محمد الخطيب وعصام إبراهيم نواب رئيس المحكمة .
----------
(97)
الطعن 18555 لسنة 73 ق
(1) جريمة " أركانها ". حكم "
تسبيبه . تسبيب غير معيب " . ضرب " أفضى إلى موت " . قصد جنائي .
نقض " أسباب الطعن . مالا يقبل منها ".
القصد الجنائي
في جريمة الضرب المفضي إلى الموت . قصد عام . تحققه بعلم الجاني بمساس الفعل
بسلامة جسم المجنى عليه . عدم التزام المحكمة ببيانه على استقلال .
(2) أسباب الإباحة وموانع العقاب " حق التأديب " .
حكم " تسبيبه . تسبيب غير معيب ". دفاع " الإخلال بحق الدفاع . ما
لا يوفره ". ضرب " أفضى إلى الموت ". نقض " أسباب الطعن .
مالا يقبل منها " .
حق الزوج في
تأديب زوجته . حده : ألا يحدث أثر بجسم الزوجة . الضرب الذي يحدث إيذاء خفيف .
معاقب عليه .
مثال لتسبيب
سائغ للتدليل على تجاوز الزوج حق التأديب المخول له شرعاً وقانوناً في جريمة ضرب
أفضى إلى موت .
(3) حكم " تسبيبه . تسبيب غير معيب " . قصد جنائي
. محكمة الموضوع " سلطتها في استخلاص الصورة الصحيحة لواقعة الدعوى " . نقض "
أسباب الطعن . ما لا يقبل منها " .
لمحكمة الموضوع
استخلاص الصورة الصحيحة لواقعة الدعوى أخذاً بأدلة الثبوت التي اطمأنت إليها .
النعي عليها في شأن التكييف القانوني للواقعة . غير جائز .
لا يشترط
لتحقق جريمة الضرب قصد جنائي خاص . كفاية تعمد الضرب لتوافرها .
(4) حكم " تسبيبه . تسبيب غير معيب " . سبق إصرار
. ظروف مشددة .
ظرف سبق
الإصرار . استخلاص توافره . موضوعي . حد ذلك ؟
مثال .
(5) سبق إصرار . عقوبة " العقوبة المبررة " .
محكمة الموضوع " سلطتها في تقدير توافر سبق الإصرار " . نقض "
المصلحة في الطعن " .
لا مصلحة
للطاعن في النعي على الحكم فساده في الاستدلال على توافر ظرف سبق الإصرار . مادامت
العقوبة تدخل في الحدود المقررة لجناية الضرب المفضي إلى موت مجرد من أي ظروف
مشددة .
(6) حكم " تسبيبه . تسبيب غير معيب ". رابطة
السببية . نقض " أسباب الطعن . ما لا يقبل منها".
علاقة السببية
في المواد الجنائية . علاقة مادية تبدأ بالفعل الذي قارفه الجاني وترتبط من
الناحية المعنوية بما يجب أن يتوقعه من النتائج المألوفة لفعله إذا ما أتاه عمداً
. تقدير توافرها . موضوعي . مادام سائغاً.
تداخل عوامل أخرى في إحداث الوفاة . لا يقطع رابطة السببية . علة وحد ذلك ؟
(7) قانون " القانون الأصلح "
. محكمة النقض " سلطتها ".
لمحكمة النقض استبدال عقوبتي السجن
المؤبد والمشدد بعقوبتي الأشغال الشاقة المؤبدة والمؤقتة . أساس ذلك ؟
________________
1- لما كانت
جرائم الجروح عمداً والتي ينشأ عنها عاهة مستديمة وجرائم الضرب المفضي إلى الوفاة
لا تتطلب غير القصد الجنائي العام وهو يتوافر كلما ارتكب الجاني الفعل عن إرادة
وعن علم بأن هذا الفعل يترتب عليه المساس بسلامة جسم المجنى عليه أو صحته ولما
كانت المحكمة لا تلتزم بأن تتحدث استقلالاً عن القصد الجنائي في هذه الجرائم بل
يكفى أن يكون هذا القصد مستفاداً من وقائع الدعوى كما أوردها الحكم وهو ما تحقق في
واقعة الدعوى فإن ما يثيره الطاعن في هذا الصدد لا يعدو أن يكون جدلاً موضوعياً لا
يقبل منه أمام محكمة النقض .
2-
من المقرر أن التأديب حق للزوج ولكن لا يجوز أن يتعدى الإيذاء الخفيف فإذا تجاوز
الزوج هذا الحد فأحدث أذى بجسم زوجته كان معاقباً عليه قانوناً ، وكان الثابت من
مدونات الحكم المطعون فيه أن الطاعن قد اعتدى بالضرب على زوجته وأحدث بها الإصابات
الموصوفة بتقرير الصفة التشريحية ، وكان البين من هذا التقرير أن بالمجنى عليها
آثاراً إصابية حيوة ذات طبيعة رضيه احتكاكية وأثار متكدمة بمقدمة الرأس ونزيف
معظمه دموي متجلط واقع
تحت الأم الجافية وضاغط على سطح المخ نتيجة إصابتها بالرأس والوجه والتي انتهت
بالوفاة من النزيف الضاغط على المراكز الحيوية بالمخ ، فإن هذا كاف لاعتبار ما وقع
منه خارجاً عن حدود حقه المقرر بمقتضى الشريعة ومستوجباً للعقاب عملاً بالفقرتين
الأولى والثانية من المادة 236 من قانون العقوبات ، فإن ما ينعاه الطاعن في هذا
الخصوص لا يكون مقبولاً.
3- لما كان ما
يثيره الطاعن من منازعة في شأن التكييف القانوني للواقعة وأنها - بفرض صحتها -
جنحة تندرج تحت المادة 238 / 1 من قانون العقوبات فإن ذلك مردود بأنه لا محل له
لأنه لا يعدو أن يكون نعياً وارداً على سلطه محكمة الموضوع في استخلاص الصورة
الحقيقية لواقعة الدعوى أخذاً بأدلة الثبوت التي وثقت بها واطمأنت إليها مما تستقل
به بغير معقب ما دام قضاؤها في ذلك سليم كما هو الحال في الدعوى الراهنة . لما كان
ذلك وكانت جرائم الضرب لا تحتاج إلى قصد جنائي خاص وكان تعمد الضرب كافياً لتوافر
القصد الجنائي فيها دون حاجه إلى التحدث عنه استقلالاً ، فان ما يثيره الطاعن في هذا
الصدد لا يكون له أساس .
4 - لما كان الحكم المطعون فيه قد عرض لظرف سبق
الإصرار وكشف عن توافره في قوله " وحيث إنه بالنسبة لما أثاره دفاع المتهم من
انتفاء ظرف سبق الإصرار لديه فمردود بأن سبق الإصرار حالة ذهنية تقوم بنفس الجاني
فلا يستطيع أحد أن يشهد بها مباشرة ، وإنما هي تستفاد من وقائع خارجية تستخلص منها
المحكمة مدى توافره ما دام موجب هذه الوقائع والظروف لا يتنافر عقلاً مع هذا
الاستنتاج ويشترط لتوافر سبق الإصرار في حق الجاني أن يكون قد تسنى له التفكير في عمله
والتصميم عليه في هدوء وروية ، ولما كان الثابت من اعتراف المتهم بتحقيقات النيابة
العامة بأنه كان دائم الاعتداء عليها بالضرب منذ أن تزوجها وأنه في الأيام السابقة
على وقوع الحادث كان يعتدى عليها بالضرب لحثها على الاعتراف بعلاقاتها غير
المشروعة وفى يوم وقوع الحادث بعد أن أحضر لها علب الجعة بناء على طلبها واحتستها
وعاشرها معاشرة الأزواج طلب منها إخباره عن تلك العلاقات والأشخاص التي كانت ترتبط
معهم بتلك العلاقات فإن ذلك يدل على أن المتهم فكر وصمم وتروى قبل اعتدائه على
المجنى عليها بما يتوافر معه سبق الإصرار في حقه " وكان من المقرر أن البحث
في توافر ظرف سبق الإصرار من إطلاقات قاضي الموضوع يستنتجه من ظروف الدعوى
وعناصرها ما دام موجب تلك الظروف وهذه العناصر لا يتنافر عقلا مع ذلك الاستنتاج ،
فإن ما أورده الحكم - فيما سلف - يتحقق به ظرف سبق الإصرار على النحو المعرف به
قانوناً ، ويكون النعي على الحكم في هذا الشأن غير سديد .
5 - لما كانت
العقوبة المقضي بها على الطاعن تدخل في الحدود المقررة لجناية الضرب المفضي إلى
الموت مجرد من أي ظروف مشددة فإنه لا يكون للطاعن مصلحة فيما يثيره من فساد الحكم
في استظهار ظرف سبق الإصرار .
6 - من المقرر
أن علاقة السببية في المواد الجنائية علاقة مادية تبدأ بالفعل الضار الذي قارفه
الجاني وترتبط من الناحية المعنوية بما يجب أن يتوقعه من النتائج المألوفة إذا ما
أتاه عمداً ، وثبوت قيام هذه العلاقة من المسائل الموضوعية التي ينفرد قاضى
الموضوع بتقديرها ، ومتى فصل في شأنها إثباتاً ونفياً فلا رقابة لمحكمة النقض عليه
ما دام قد أقام قضاءه في ذلك على أسباب تؤدى إلى ما انتهى إليه ، وكان الحكم
المطعون فيه اعتماداً على الأدلة السائغة التي أوردها والتي لا يماري الطاعن أن
لها معينها الصحيح من الأوراق قد خلص إلى إحداث الطاعن الإصابات التي أثبتها تقرير
الطب الشرعي برأس وجسد المجنى عليها بضربه لها بيده وبحزام ، وكان الحكم قد عرض
لدفاع الطاعن وفنده بأسباب سائغة التزم فيها بالتطبيق القانوني الصحيح ، فإن
الطاعن يكون مسئولاً عن جناية الضرب المفضي إلى الموت التي أثبت الحكم مقارفته
إياها ، ولا يجدى الطاعن ما يثيره من احتمال تدخل عوامل أخرى في إحداث الوفاة لأنه
فضلاً عن أنه القول المرسل الذي سيق بغير دليل - فإنه بفرض صحته - لا يقطع رابطة
السببية لأن المتهم في جريمة الضرب يكون مسئولاً عن جميع النتائج المحتمل حصولها
من الإصابة ولو كانت عن طريق غير مباشر ما لم يثبت أنها كانت متعمدة لتجسيم
المسئولية وهو ما لم يقل به الطاعن ولا سند له من الأوراق ومن ثم فإن النعي على
الحكم في هذا الصدد يضحى ولا محل له .
7 - من المقرر
أن استبدال عقوبة السجن المشدد بعقوبة الأشغال الشاقة المؤقتة المقضي بها يكون
عملاً بالفقرة الأولى من المادة الثانية من القانون رقم 95 لسنة 2003 بإلغاء
القانون رقم 105 لسنة 1980 بإنشاء محاكم أمن الدولة وبتعديل بعض أحكام قانوني
العقوبات والإجراءات الجنائية .
________________
الوقائـع
اتهمت النيابة
العامة الطاعن بأنه : ضرب ..... عمداً مع سبق الإصرار بأن عقد العزم وبيت النية
على ضربها وأعد لذلك أداة " حزام بطرف معدني " وانهال به على جسد المجنى
عليها سالفة الذكر فأحدث بها الإصابات الموصوفة بتقرير الصفة التشريحية ولم يقصد
من ذلك قتلاً ولكن الضرب أفضى إلى موتها .
وأحالته إلى محكمة جنايات ... لمعاقبته طبقاً للقيد والوصف
الواردين بأمر الإحالة .
والمحكمة
المذكورة قضت حضورياً عملاً بالمادة 236 /1 ، 2 من قانون العقوبات بمعاقبته
بالأشغال الشاقة لمدة سبع سنوات عما أسند إليه .
فطعن المحكوم عليه في هذا الحكم بطريق النقض.....إلخ .
________________
المحكمـة
وحيث إن
الطاعن ينعى على الحكم المطعون فيه إنه إذ دانه بجريمة الضرب المفضي إلى الموت مع
سبق الإصرار قد انطوى على خطأ في تطبيق القانون وشابه قصور وتناقص في التسبيب
وفساد في الاستدلال ، ذلك بأن المحكمة ردت على دفاعه بشقيه القائم على انتفاء قصد
العمد لديه حين ضرب المجنى عليها وإباحة ما أتاه من فعل وفقا للمادة 60 من قانون
العقوبات إذ كان يستعمل حقه في تأديب زوجته المقرر له بالشريعة الإسلامية بما لا
يسوغ ، كما أن الواقعة - بفرض صحتها - لا تعدو أن تكون جنحة تندرج تحت المادة 238
/ 1 من قانون العقوبات لانتفاء القصد الجنائي لديه ، ودلل الحكم على توافر ظرف سبق
الإصرار بما لا يؤدي إليه هذا إلى أن تقرير الصفة التشريحية أثبت حدوث الوفاة
نتيجة المصادمة والاحتكاك بجسم أو أجسام راضة بعضها خشن الملمس وهو ما لا يحدثه الحزام
المستخدم لكونه ناعم الملمس مما مؤداه تدخل عوامل أخرى في إحداث الوفاة ، مما يعيب
الحكم بما يستوجب نقضه .
وحيث إن الحكم
المطعون فيه بيَّن واقعة الدعوى بما تتوافر به كافه العناصر القانونية لجريمة
الضرب المفضي إلى الموت التي دان الطاعن بها ، وأورد على ثبوتها في حقه أدلة لها
معينها الصحيح من الأوراق ، ومن شأنها أن تؤدى إلى ما رتبه الحكم عليها مستمدة من ج أقوال شاهدي
الإثبات واعتراف الطاعن وتقرير الصفة التشريحية . لما كان ذلك وكانت جرائم الجروح
عمداً والتي ينشأ عنها عاهة مستديمة وجرائم الضرب المفضي إلى الوفاة لا تتطلب غير
القصد الجنائي العام وهو يتوافر كلما ارتكب الجاني الفعل عن إرادة وعن علم بأن هذا
الفعل يترتب عليه المساس بسلامة جسم المجني عليه أو صحته ولما كانت المحكمة لا
تلتزم بأن تتحدث استقلالاً عن القصد الجنائي في هذه الجرائم بل يكفى أن يكون هذا
القصد مستفاداً من وقائع الدعوى كما أوردها الحكم وهو ما تحقق في واقعة الدعوى فإن
ما يثيره الطاعن في هذا الصدد لا يعدو أن يكون جدلاً موضوعياً لا يقبل منه أمام
محكمة النقض . لما كان ذلك ، وكان من المقرر أن التأديب حق للزوج ولكن لا يجوز أن
يتعدى الإيذاء الخفيف فإذا تجاوز الزوج هذا الحد فأحدث أذى بجسم زوجته كان معاقباً
عليه قانوناً ، وكان الثابت من مدونات الحكم المطعون فيه أن الطاعن قد اعتدى
بالضرب على زوجته وأحدث بها الإصابات الموصوفة بتقرير الصفة التشريحية ، وكان
البين من هذا التقرير أن بالمجني عليها آثاراً إصابية حيوية ذات طبيعة رضية
احتكاكية وأثار متكدمة بمقدمة الرأس ونزيف معظمه دموي متجلط واقع تحت الأم الجافية
وضاغط على سطح المخ نتيجة إصابتها بالرأس والوجه والتى انتهت بالوفاة من النزيف
الضاغط على المراكز الحيوية بالمخ ، فإن هذا كاف لاعتبار ما وقع منه خارجاً عن
حدود حقه المقرر بمقتضى الشريعة ومستوجباً للعقاب عملاً بالفقرتين الأولى والثانية
من المادة 236 من قانون العقوبات ، فإن ما ينعاه الطاعن في هذا الخصوص لا يكون
مقبولاً . لما كان ذلك ، وكان ما يثيره الطاعن من منازعة في شأن التكييف القانوني
للواقعة وأنها - بفرض صحتها - جنحة تندرج تحت المادة 238 / 1 من قانون العقوبات
فإن ذلك مردود بأنه لا محل له لأنه لا يعدو أن يكون نعياً وارداً على سلطه محكمة
الموضوع في استخلاص الصورة الحقيقية لواقعة الدعوى أخذاً بأدلة الثبوت التي وثقت
بها واطمأنت إليها مما تستقل به بغير معقب ما دام قضاؤها في ذلك سليم كما هو الحال
في الدعوى الراهنة . لما كان ذلك ، وكانت جرائم الضرب لا تحتاج إلى قصد جنائي خاص
وكان تعمد الضرب كافياً لتوافر القصد الجنائي فيها دون حاجة إلى التحدث عنه
استقلالاً ، فان ما يثيره الطاعن في هذا الصدد لا يكون له أساس . لما كان ذلك ،
وكان الحكم المطعون فيه قد عرض لظرف سبق الإصرار وكشف عن توافره في قوله "
وحيث إنه بالنسبة لما أثاره دفاع المتهم من انتفاء ظرف سبق الإصرار لديه فمردود
بأن سبق الإصرار حالة ذهنية تقوم بنفس الجاني فلا يستطيع أحد أن يشهد بها مباشرة ،
وإنما هي تستفاد من وقائع خارجية تستخلص منها المحكمة مدى توافره ما دام موجب هذه
الوقائع والظروف لا يتنافر عقلاً مع هذا الاستنتاج ويشترط لتوافر سبق الإصرار في حق
الجاني أن يكون قد تسنى له التفكير في عمله والتصميم عليه في هدوء وروية ، ولما
كان الثابت من اعتراف المتهم بتحقيقات النيابة العامة بأنه كان دائم الاعتداء
عليها بالضرب منذ أن تزوجها وأنه في الأيام السابقة على وقوع الحادث كان يعتدى
عليها بالضرب لحثها على الاعتراف بعلاقاتها غير المشروعة وفى يوم وقوع الحادث بعد
أن أحضر لها علب الجعة بناء على طلبها واحتستها وعاشرها معاشرة الأزواج طلب منها
إخباره عن تلك العلاقات والأشخاص التي كانت ترتبط معهم بتلك العلاقات فإن ذلك يدل
على أن المتهم فكر وصمم وتروى قبل اعتدائه على المجنى عليها بما يتوافر معه سبق
الإصرار في حقه " وكان من المقرر أن البحث في توافر ظرف سبق الإصرار من
إطلاقات قاضى الموضوع يستنتجه من ظروف الدعوى وعناصرها ما دام موجب تلك الظروف
وهذه العناصر لا يتنافر عقلاً مع ذلك الاستنتاج ، فإن ما أوردة الحكم - فيما سلف -
يتحقق به ظرف سبق الإصرار على النحو المعرف به قانوناً ، ويكون النعي على الحكم في
هذا الشأن غير سديد . هذا فضلاً عن أن العقوبة المقضي بها على الطاعن تدخل في الحدود
المقررة لجناية الضرب المفضي إلى الموت مجرد من أي ظروف مشددة فإنه لا يكون للطاعن
مصلحة فيما يثيره من فساد الحكم في استظهار ظرف سبق الإصرار . لما كان ذلك ، وكان
من المقرر أن علاقة السببية في المواد الجنائية علاقة مادية تبدأ بالفعل الضار
الذي قارفه الجاني وترتبط من الناحية المعنوية بما يجب أن يتوقعه من النتائج
المألوفة إذا ما أتاه عمداً ، وثبوت قيام هذه العلاقة من المسائل الموضوعية التي ينفرد
قاضي الموضوع بتقديرها ، ومتى فصل في شأنها إثباتاً ونفياً فلا رقابة لمحكمة النقض
عليه ما دام قد أقام قضاءه في ذلك على أسباب تؤدى إلى ما انتهى إليه، وكان الحكم
المطعون فيه اعتماداً على الأدلة السائغة التي أوردها والتي لا يماري الطاعن أن
لها معينها الصحيح من الأوراق قد خلص إلى إحداث الطاعن الإصابات التي أثبتها تقرير
الطب الشرعي برأس وجسد المجنى عليها بضربه لها بيده وبحزام ، وكان الحكم قد عرض
لدفاع الطاعن وفنده بأسباب سائغة التزم فيها بالتطبيق القانوني الصحيح ، فإن
الطاعن يكون مسئولاً عن جناية الضرب المفضي إلى الموت التي أثبت الحكم مقارفته
إياها ، ولا يجدى الطاعن ما يثيره من احتمال تدخل عوامل أخرى في إحداث الوفاة لأنه
فضلاً عن أنه القول المرسل الذي سيق بغير دليل - فإنه بفرض صحته - لا يقطع رابطة
السببية لأن المتهم في جريمة الضرب يكون مسئولاً عن جميع النتائج المحتمل حصولها
من الإصابة ولو كانت عن طريق غير مباشر ما
لم يثبت أنها كانت متعمده لتجسيم المسئولية وهو ما لم يقل به الطاعن ولا سند له من
الأوراق ومن ثم فإن النعي على الحكم في هذا الصدد يضحى لا محل له . لما كان ما
تقدم فإن الطعن برمته يكون على غير أساس متعيناً رفضه موضوعاً مع استبدال عقوبة
السجن المشدد بعقوبة الأشغال الشاقة المؤقتة المقضي بها عملاً بالفقرة الأولى من
المادة الثانية من القانون رقم 95 لسنة 2003 بإلغاء القانون رقم 105 لسنة 1980
بإنشاء محاكم أمن الدولة وبتعديل بعض أحكام قانوني العقوبات والإجراءات الجنائية .
________________
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق