جلسة 24 من يناير سنة 2011
برئاسة
السيد القاضي/ مصطفى كامل نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة القضاة / جاب
الله محمد ، هاني حنا وحازم
بدوي نواب
رئيس المحكمة وإبراهيم فؤاد .
------------
(9)
الطعن 45353 لسنة 73 ق
(1) دستور . قبض
. نيابة عامة .
لا يضير العدالة إفلات مجرم من العقاب . يضيرها الافتئات
على حريات الناس والقبض عليهم بدون وجه حق .
الحرية الشخصية . حق كفله الدستور . مؤدى ذلك ؟
التحقيق الذي لا تملك النيابة العامة إجراءه . ماهيته ؟
(2) دفاع
" الإخلال بحق الدفاع . ما يوفره " . دفوع " الدفع ببطلان القبض "
. قانون " تطبيقه " . قبض . مأمورو الضبط القضائي " اختصاصاتهم " .
نقض " أثر الطعن " أسباب الطعن . ما يقبل منها" .
الغاية من الأمر بالقبض على المتهم وإحضاره .
تمكين المحقق من استجوابه ومواجهته بغيره من المتهمين والشهود . أساس ذلك ؟
إحالة المتهم للمحاكمة . أثره : زوال سلطة
التحقيق وسقوط الأمر الصادر بضبطه وإحضاره الذي لم ينفذ.
تنفيذ مأمور الضبط أمر القبض رغم سقوطه . يبطل القبض
والدليل المستمد منه وشهادة من أجراه . لا يصححه حسن نيته واعتقاده بأن الأمر لازال
قائما . مخالفة الحكم هذا النظر وخلو الأوراق من دليل آخر . يوجب النقض
والبراءة . أساس وعلة ذلك ؟
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1ــــ من المقرر أنه لا يضير العدالة إفلات مجرم من
العقاب بقدر ما يضيرها الافتئات على حريات الناس والقبض عليهم بغير وجه حق ، وكان
مؤدى نص المادة 41 /1 من الدستور أن أى قيد يرد على الحرية الشخصية بوصفها من
الحقوق الطبيعية المقدسة للإنسان من حيث كونه كذلك ، يستوى أن يكون القيد قبضًا أم
تفتيشًا أم حبسًا أم منعًا من التنقل أم كان غير ذلك من القيود الشخصية ، لا يجوز
إجراؤه إلا في حالة من حالات التلبس كما هي معرفة به قانونًا ، أو بإذن من جهة
قضائية مختصة ، وكان الدستور هو القانون الوضعى الأسمى صاحب الصدارة على ما دونه
من تشريعات يجب أن تنزل على أحكامه، فإذا تعارضت هذه مع تلك وجب التزام أحكام
الدستور وإهدار ما سواها يستوى في ذلك أن يكون التعارض سابقًا أم لاحقًا على العمل
بالدستور، وكان التحقيق الذى لا تملك النيابة إجراءه هو الذى يكون متعلقًا بذات
المتهم الذى قدمته للمحاكمة وعن الواقعة نفسها لأنه بإحالة الدعوى من سلطة التحقيق
على قضاة الحكم تكون ولاية سلطة التحقيق قد زالت وفرغ اختصاصها .
2 - لما كان
مفاد ما نصت عليه المواد 40 ، 126 ، 131 من قانون الإجراءات الجنائية هو أن
المستهدف من الأمر بالقبض على المتهم وإحضاره هو تمكين المحقق من إجراء استجوابه
أو مواجهته بغيره من المتهمين أو الشهود ، وذلك الاستجواب وتلك المواجهة يمتنع على
المحقق إجراؤهما مع ذات المتهم الذى قدمه للمحاكمة وعن الواقعة نفسها لأن بإحالة
الدعوى للمحاكمة تكون ولاية سلطة التحقيق قد زالت وفرغ اختصاصها، ومفاد ذلك ولازمه
أن إحالة المتهم للمحاكمة يسقط الأمر السابق بالقبض عليه وإحضاره والذى لم يتم
تنفيذه لاستنفاد غايته، فإذا نفذ مأمور الضبط القضائي أمر القبض رغم سقوطه كان
القبض باطلاً ، وبطل الدليل المستمد منه وشهادة من أجراه ، ولا يصحح هذا البطلان
أن يكون مأمور الضبط القضائي حسن النية في اعتقاده بأن الأمر بالقبض السابق صدوره
لازال قائماً ، ذلك أن المادة 63 من قانون العقوبات وإن نفت عن الموظف العام
المسئولية إذا حسنت نيته وارتكب فعلًا تنفيذًا لما أمرت به القوانين أو اعتقد أن
إجراءه من اختصاصه بعد تثبته وتحريه، إلا أن ذلك لا يصحح الإجراء الباطل ولا يسبغ
الشرعية عليه بعد أن انحسرت عنه ، كما أنه لا يكفى لسلامة الحكم أن يكون الدليل
صادقًا متى كان وليد إجراء غير مشروع ، وإذ لم يلتزم الحكم المطعون فيه هذا النظر
وسوغ تنفيذ الأمر بالقبض رغم سقوطه مما يبطله ومن بعده التفتيش الذى جاء بمناسبته
والذى أسفر عن ضبط المخدر كما تبطل شهادة من أجراه، وكانت مدونات الحكم قد أفصحت
عن عدم وجود دليل آخر في أوراق الدعوى يمكن التعويل عليه في الإدانة ، فإنه يتعين
نقض الحكم المطعون فيه وبراءة الطاعن عملًا بالمادة 39 من قانون حالات وإجراءات
الطعن أمام محكمة النقض الصادر بالقانون رقم 57 لسنة 1959 ومصادرة المخدر المضبوط
عملًا بنص المادة 42/ 1 من القرار بقانون رقم 182 لسنة 1960 في شأن مكافحة المخدرات
وتنظيم استعمالها والاتجار فيها المستبدلة بالقانون رقم 122 لسنة 1989
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
الوقائع
اتهمت
النيابة العامة الطاعن بأنه : أحرز بقصد الاتجار نبات الحشيش المخدر في غير
الأحوال المصرح بها قانونًا . وأحالته إلى محكمة جنايات ... لمحاكمته طبقًا للقيد
والوصف الواردين بأمر الإحالة. والمحكمة المذكورة قضت حضورياً عملاً بالمواد 29 ،
38/1 ، 42/1 من القانون رقم 182 لسنة 1960 المعدل بالقانون رقم 122 لسنة 1989
والبند رقم " 1 " من الجدول رقم "5" الملحق بالقانون الأول
وقرار وزير الصحة رقم 46 لسنة 1997 بمعاقبته بالأشغال الشاقة لمدة ثلاث سنوات
وبتغريمه مبلغ خمسين ألف جنيه وبمصادرة المخدر المضبوط، باعتبار أن الإحراز مجرد
من القصود . فطعن المحكوم عليه في هذا
الحكم بطريق النقض
.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
المحكمة
وحيث إن الطاعن ينعى
على الحكم المطعون فيه أنه إذ دانه بجريمة إحراز نبات الحشيش المخدر بغير قصد من
القصود الخاصة قد شابه الخطأ في تطبيق القانون ذلك بأنه أقام قضاءه على ما أسفر
عنه تنفيذ ضابط الواقعة لأمر النيابة العامة بالقبض على الطاعن في جنحة أخرى رغم
إحالة الطاعن للمحاكمة في تلك الجنحة وصدور حكم فيها قبله قبل تنفيذ الضابط لأمر
القبض، مما يعيب الحكم ويستوجب نقضه .
ومن حيث
إن الحكم المطعون فيه بيّن واقعة الدعوى في قوله " وحيث تخلص واقعة الدعوى حسبما استقتها المحكمة من مطالعة سائر أوراقها
والتحقيقات التي تمت فيها وما دار بشأنها
بجلسة المحاكمة في أنه وفى حوالى الساعة الثانية عشرة والنصف من صباح يوم
... وأثناء مرور النقيب ... معاون مباحث قسم ... بدائرة القسم ومعه قوة من رجال
الشرطة السريين لتفقد حالة الأمن العام أبصر المتهم ... وشهرته ... والمعلوم لديه
لنشاطه الإجرامي والصادر بشأنه أمر الضبط والإحضار من النيابة العامة في الجنحة
رقم ... بتاريخ ... واقفًا بناحية ... فتوجه إليه وتمكن من ضبطه وبتفتيشه عثر بين
طيات ملابسه على حقيبة من البلاستيك بداخلها لفافة ورقية كبيرة الحجم بفضها تبين
بداخلها كمية من أجزاء نباتية خضراء جافة تشبه نبات الحشيش المخدر كما عثر بداخل
جيب بنطاله الخلفي على سلاح أبيض مطواة وبمواجهته
بما أسفر عنه الضبط والتفتيش أقر بإحرازه للمخدر المضبوط " . واستند
الحكم في ثبوت الواقعة إلى أدلة استقاها مما شهد به ضابط الواقعة التي أوردها بما
لا يخرج عن مؤدى تحصيله لواقعة الدعوى ومما ثبت من تقرير المعمل الكيماوي بمصلحة
الطب الشرعي وما ثبت من اطلاع النيابة العامة على أوراق القضية رقم ... من أنها
مقيدة ضد المتهم ... بتهمة ضرب المجنى عليه ... وقد صدر قرار من النيابة العامة
بتاريخ ... بضبط المتهم والسلاح المستخدم في الواقعة وقضى فيها غيابيًا بجلسة ...
بحبس المتهم ستة أشهر مع الشغل وكفالة مائة جنيه والمصاريف . ثم اطرح الحكم الدفع
ببطلان القبض والتفتيش بقوله " وحيث إنه عن الدفع المبدى ببطلان القبض على
المتهم وتفتيشه بقالة عدم نفاذ أمر الضبط في شأنه فإنه لا يصادف صحيح القانون ذلك
أن الثابت في الأوراق أن ضابط الواقعة قد أجرى القبض على المتهم نفاذًا لأمر الضبط
والإحضار الصادر في الدعوى رقم والذى استوفى كافة شرائطه القانونية ومازال نافذًا
في حقه قانونًا وإذ قام ضابط الواقعة بتفتيش المتهم وعثر معه على المخدر المضبوط
وذلك إثر القبض عليه قانونًا ومن ثم يكون إجراء القبض على المتهم وتفتيشه قد صدر
صحيحاً في حكم القانون وهذا الأمر الذى يتعين معه رفض هذا الدفع " . لما كان
ذلك ، وكان من المقرر أنه لا يضير العدالة إفلات مجرم من العقاب بقدر ما يضيرها الافتئات
على حريات الناس والقبض عليهم بغير وجه حق، وكان مؤدى نص المادة 41/1 من الدستور
أن أي قيد يرد على الحرية الشخصية بوصفها من الحقوق الطبيعية المقدسة للإنسان من
حيث كونه كذلك ، يستوى أن يكون القيد قبضاً أم تفتيشاً أم حبساً أم منعاً من
التنقل أم كان غير ذلك من القيود الشخصية ، لا
يجوز إجراؤه إلا في حالة من حالات التلبس كما هى معرفة به قانونًا ، أو بإذن من
جهة قضائية مختصة ، وكان الدستور هو القانون الوضعى الاسمى صاحب
الصدارة على ما دونه من تشريعات يجب أن تنزل على أحكامه ، فإذا تعارضت هذه مع تلك
وجب التزام أحكام الدستور وإهدار ما سواها يستوى في ذلك أن يكون التعارض سابقاً أم
لاحقاً على العمل بالدستور، وكان التحقيق الذى لا تملك النيابة إجراءه هو الذى
يكون متعلقاً بذات المتهم الذى قدمته للمحاكمة وعن الواقعة نفسها لأنه بإحالة
الدعوى من سلطة التحقيق على قضاة الحكم تكون ولاية سلطة التحقيق قد زالت وفرغ
اختصاصها ، وكان مفاد ما نصت عليه المواد 40 ، 126 ، 131 من قانون الإجراءات
الجنائية هو أن المستهدف من الأمر بالقبض على المتهم وإحضاره هو تمكين المحقق من
إجراء استجوابه أو مواجهته بغيره من المتهمين أو الشهود، وذلك الاستجواب وتلك
المواجهة يمتنع على المحقق إجراؤهما مع ذات المتهم الذى قدمه للمحاكمة وعن الواقعة
نفسها لأن بإحالة الدعوى للمحاكمة تكون ولاية سلطة التحقيق قد زالت وفرغ اختصاصها ،
ومفاد ذلك ولازمه أن إحالة المتهم للمحاكمة يسقط الأمر السابق بالقبض عليه وإحضاره
والذى لم يتم تنفيذه لاستنفاد غايته ، فإذا نفذ مأمور الضبط القضائي أمر القبض رغم
سقوطه كان القبض باطلاً ، وبطل الدليل المستمد منه وشهادة من أجراه ، ولا يصحح هذا
البطلان أن يكون مأمور الضبط القضائي حسن النية في اعتقاده بأن الأمر بالقبض
السابق صدوره لازال قائماً ، ذلك أن المادة 63 من قانون العقوبات وإن نفت عن
الموظف العام المسئولية إذا حسنت نيته وارتكب فعلاً تنفيذاً لما أمرت به القوانين
أو اعتقد أن إجراءه من اختصاصه بعد تثبته وتحريه ، إلا أن ذلك لا يصحح الإجراء
الباطل ولا يسبغ الشرعية عليه بعد أن انحسرت عنه ، كما أنه لا يكفى لسلامة الحكم
أن يكون الدليل صادقاً متى كان وليد إجراء غير مشروع ، وإذ لم يلتزم الحكم المطعون
فيه هذا النظر وسوغ تنفيذ الأمر بالقبض رغم سقوطه مما يبطله ومن بعده التفتيش الذى
جاء بمناسبته والذى أسفر عن ضبط المخدر كما تبطل شهادة من أجراه ، وكانت مدونات
الحكم قد أفصحت عن عدم وجود دليل آخر في أوراق الدعوى يمكن التعويل عليه في الإدانة
، فإنه يتعين نقض الحكم المطعون فيه وبراءة
الطاعن عملاً بالمادة 39 من قانون حالات وإجراءات الطعن أمام محكمة النقض
الصادر بالقانون رقم 57 لسنة 1959 ومصادرة المخدر المضبوط عملاً بنص المادة 42/1
من القرار بقانون رقم 182 لسنة 1960 في شأن مكافحة
المخدرات وتنظيم استعمالها والاتجار فيها المستبدلة بالقانون رقم 122 لسنة 1989
.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــ
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق