جلسة 21 من فبراير سنة 2011
برئاسة السيد القاضي / أحمد عبد الباري سليمان نائب رئيس
المحكمة وعضوية السادة القضاة / مصطفى صادق، هاني خليل، خالد مقلد وهاني صبحي نواب رئيس المحكمة.
-------------
(13)
الطعن 2354 لسنة 79 ق
(1) حكم " بيانات التسبيب " "
تسبيبه . تسبيب غير معيب".
بيان الحكم واقعة
الدعوى بما تتوافر به كافة العناصر القانونية للجريمة التي دان الطاعن بها وإيراده
أدلة سائغة على ثبوتها في حقه . لا قصور.
(2) هتك عرض . وصف التهمة . محكمة الموضوع
" سلطتها في تعديل وصف التهمة " . دفاع " الإخلال بحق الدفاع . ما لا يوفره " .
حق محكمة الموضوع في رد الواقعة بعد تمحيصها إلى الوصف القانوني
دون لفت نظر الدفاع . مادامت الواقعة المبينة
بأمر الإحالة . هي بذاتها التي اتخذت أساساً للوصف الجديد .
مثال .
(3) إثبات " شهود "
. محكمة الموضوع " سلطتها في تقدير الدليل " . نقض " أسباب الطعن .
ما لا يقبل منها " .
حق المحكمة
تجزئة أقوال الشهود وأخذ ما تطمئن إليه واطراح ما عداه . المنازعة في ذلك جدل موضوعي . إثارته أمام محكمه النقض
. غير جائزة.
(4) إثبات " شهود
" " خبرة " . حكم " تسبيبه . تسبيب غير معيب " .
تطابق أقوال الشهود ومضمون الدليل الفني .
غير لازم . كفاية عدم تناقض الدليل القولي مع الدليل الفني . تناقضًا يستعصى على
الملاءمة والتوفيق . عدم التزام المحكمة بتتبع المتهم في مناحي دفاعه . استفادة
الرد عليه من أدلة الثبوت التي أوردها الحكم .
(5) حكم " ما لا يعيبه في نطاق التدليل " . دفاع " الإخلال بحق الدفاع . ما
لا يوفره " .
إغفال بعض إصابات الطاعن . لا يقدح في سلامة الحكم .
المحكمة غير ملزمة بالتحدث في حكمها إلا عن الأدلة ذات الأثر في تكوين عقيدتها . إغفالها بعض الوقائع. مفاده : اطراحها.
(6) إجراءات " إجراءات
المحاكمة " " إجراءات التحقيق " . دفاع " الإخلال بحق الدفاع .
ما لا يوفره " نقض " أسباب الطعن . ما لا يقبل منها " .
تعييب الإجراءات السابقة على المحاكمة دون
طلب اتخاذ إجراء معين في شأنها لا يصح أن يكون سبباً للطعن .
عدم جواز النعي على المحكمة
قعودها عن إجراء لم يطلب منها .
(7) إجراءات " إجراءات المحاكمة " . إثبات "
بوجه عام " " شهود "
. استدلالات .محكمة الموضوع " سلطتها في تقدير الدليل " . نقض "أسباب
الطعن .ما لا يقبل منها".
جواز
سماع الشهود الذين لم يبلغ سنهم أربع عشرة سنة بدون حلف يمين على سبيل الاستدلال للقاضي
الأخذ بأقوالهم على سبيل الاستدلال إذا آنس فيها الصدق .
العبرة
في المحاكمات الجنائية باقتناع القاضي . عدم جواز مطالبته بالأخذ بدليل معين إلا
إذا قيده القانون . مؤدى ذلك ؟
الجدل الموضوعي في سلطة محكمة الموضوع في تقدير أدلة
الدعوى واستنباط معتقدها . غير جائز أمام محكمه النقض .
(8) إثبات " شهود
" . محكمة الموضوع "سلطتها في تقدير الدليل".
تناقض أقوال
الشهود . لا يعيب الحكم . ما دام استخلص الإدانة منها استخلاصاً سائغاً لا تناقض
فيه .
(9) إثبات " خبرة " . محكمة الموضوع " سلطتها
في تقدير الدليل " . نقض " أسباب الطعن . ما لا يقبل منها "
.
لمحكمة
الموضوع الجزم بما لم يجزم به الخبير في تقريره . متى كانت وقائع الدعوى قد أيدت
ذلك عندها وأكدته لديها .
(10) حكم " بيانات التسبيب " .
عدم رسم القانون شكلاً خاصًاً لصياغة الحكم .
كفاية أن يكون مجموع ما أورده مؤديًا إلى تفهم الواقعة بأركانها وظروفها .
(11) ارتباط . حكم " تسبيبه
. تسبيب غير معيب " . عقوبة " العقوبة المبررة " . نقض " المصلحة
في الطعن " . هتك عرض . تهديد .
لا مصلحة للطاعن من النعي في شأن جريمة هتك
العرض . مادام الحكم قد أوقع عليه عقوبة واحدة عن التهمتين التي دانه بهما تدخل في
حدود العقوبة المقررة لجريمة التهديد بإفشاء أمور مخدشة بالشرف باعتبارها العقوبة
الأشد .
(12) إثبات
" شهود " . استدلالات . محكمة الموضوع " سلطتها في تقدير الدليل "
.
حق
المحكمة تجزئة التحريات وأقوال الشهود وأخذ ما تطمئن إليه واطراح ما عداه .
(13) دفوع " الدفع
بتلفيق الاتهام " . دفاع " الإخلال بحق الدفاع . ما لا يوفره " . حكم
" تسبيبه . تسبيب غير معيب " .
الدفع
بتلفيق الاتهام وعدم معقولية تصوير الواقعة . موضوعي . لا يستوجب رداً صريحًا .
استفادة الرد ضمنًا من القضاء بالإدانة استناداً إلى أدلة الثبوت التي أوردها
الحكم .
(14) دفاع " الإخلال بحق الدفاع . ما لا يوفره " . حكم " تسبيبه .
تسبيب غير معيب " .
إيراد الحكم
الأدلة المنتجة التي صحت لديه . كفايته كيما يتم تدليله ويستقيم قضاؤه على وقوع
الجريمة من المتهم ولا عليه أن يتعقبه في كل جزئية من جزئيات دفاعه .
تقدير آراء
الخبراء وما يوجه إلى تقاريرهم من مطاعن . موضوعي . المجادلة في ذلك . غير جائزة
أمام محكمه النقض .
(16) محكمة الموضوع " سلطتها
في تقدير الدليل " . حكم " تسبيبه . تسبيب غير معيب " .
تشكك المحكمة
في صحة إسناد التهمة . كفايته للقضاء بالبراءة . ما دامت قد محصت الدعوى وأحاطت
بكافة عناصرها عن بصر وبصيرة.
(17) حكم "ما لا يعيبه في نطاق التدليل
" .
الخطأ في الإسناد
في وصف
مكان الحادث . لا يعيب الحكم . مادام لم يكن بذي أثر
في منطقه ولا الأدلة المؤثرة في عقيدته .
(18) إثبات "شهود"
. محكمة الموضوع "سلطتها في تقدير الدليل".
حق محكمة الموضوع تجزئة الدليل
وأقوال الشهود وأخذ
ما تطمئن إليه واطراح ما عداه .
(19) محكمة
الموضوع " سلطتها في تقدير الدليل " . حكم " تسبيبه . تسبيب غير
معيب " . نقض " أسباب الطعن. ما لا يقبل منها " . نيابة
عامة .
عدم جواز النعي على المحكمة قضاءها بالبراءة
بناء على احتمال ترجح لديها بدعوى قيام احتمالات أخرى قد تصح لدى غيرها . الجدل الموضوعي
. إثارته أمام محكمه النقض . غير جائز .
(20) نيابة عامة . نقض " التقرير بالطعن وإيداع الأسباب
" " أثر الطعن " .
تقرير الطعن. هو المرجع في تحديد الجزء
المطعون فيه من الحكم.
قصر النيابة العامة طعنها على قضاء الحكم
المطعون فيه ببراءة المطعون ضدهما دون ما قضي به من إدانتهما عن جرائم أخرى . أثره
: عدم قبول الطعن بالنسبة للأخيرة . لا يغير من ذلك نعي النيابة في أسباب طعنها
على هذا القضاء . مادامت لم تقرر بالطعن فيه .
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1- لما كان الحكم المطعون فيه بين واقعة
الدعوى بما تتوافر به كافة العناصر القانونية للجرائم التي دان الطاعن بها وأورد
على ثبوتها في حقه أدلة مستمدة من أقوال شاهدي الإثبات ومما ثبت بالهاتف الجوال
الخاص بالطاعن الأول ومما ورد بتقرير الطب الشرعي وهى أدلة سائغة ومن شأنها أن
تؤدى إلى ما رتبه عليها .
2- لما كان الثابت من مدونات
الحكم المطعون فيه أن الدعوى الجنائية رفعت على الطاعن - بالنسبة للتهمة
الثالثة - بوصف هتك عرض صبى بالقوة والتهديد فعدلت المحكمة هذا الوصف إلى هتك
عرض المجنى عليه بغير قوة أو تهديد ، وكان الأصل أن المحكمة لا تتقيد بالوصف القانوني
الذى ترفع به الدعوى الجنائية قبل المتهم، لأن هذا الوصف ليس نهائيا بطبيعته وليس
من شأنه أن يمنع المحكمة من تعديله متى رأت أن ترد الواقعة بعد تمحيصها إلى الوصف القانوني
الصحيح الذى ترى انطباقه على الواقعة ، وإذ كانت الواقعة المبينة بأمر الإحالة
والتي كانت مطروحة بالجلسة هي بذاتها الواقعة التي اتخذها الحكم المطعون فيه
أساساً للوصف الجديد الذى دان الطاعن على أساسه ، وكان مرد هذا التعديل - على
ما يبين من مدونات الحكم المطعون فيه - هو عدم قيام الدليل على عنصري القوة أو
التهديد وإنما وقعت الجريمة برضا من المجنى عليه، ولم يتضمن التعديل إسناد واقعة
مادية أو إضافة عناصر تختلف عن الواقعة الأولى فإن المحكمة لا تلتزم في مثل هذه الحالة بتنبيه المتهم أو
المدافع عنه إلى ما أجرته من تعديل في الوصف اقتصر على استبعاد أحد عناصر الجريمة التي رفعت
بها الدعوى ، ومن ثم فإنه تنحسر دعوى الخطأ في تطبيق القانون التي يثيرها الطاعن
في هذا الشأن .
3- من المقرر أن من حق محكمة
الموضوع أن تجزئ شهادة الشاهد فتأخذ منها ما تطمئن إليه وتطرح ما عداه لتعلق ذلك
بسلطتها في تقدير أدلة الدعوى، فإن ما يثيره الطاعن في صدد أخذ الحكم بأقوال شاهدي
الإثبات بالنسبة لثبوت التهم التي دانه بها واطراحه لأقوالهما بالنسبة للتهم
الأخرى التي قضى ببراءته منها لا يخرج عن كونه جدلاً موضوعياً في تقدير الدليل وفى
سلطة محكمة الموضوع في وزن عناصر الدعوى واستنباط معتقدها ، وهو ما لا يجوز إثارته
أو الخوض فيه أمام محكمة النقض .
4- من المقرر أنه لا يلزم
لصحة الحكم بالإدانة أن تطابق أقوال الشهود مضمون الدليل الفني في كل جزئية منه بل
يكفي - كما هو الحال في الدعوى الماثلة - أن يكون جماع الدليل القولي غير
متناقض مع جوهر الدليل الفني تناقضاً يستعصي على الملاءمة والتوفيق ، وإذ كان ما
حصله الحكم من أقوال المجنى عليه لا يتناقض وما نقله من تقرير الطب الشرعي، فإن
قالة التناقض بين الدليلين لا يكون لها محل ، وكان ليس بلازم أن يورد الحكم ما
أثارة الدفاع عن الطاعن من وجود تناقض بين الدليلين القولي والفني ما دام ما أورده
في مدوناته يتضمن الرد على ذلك الدفاع إذ المحكمة لا تلتزم بمتابعة المتهم في مناحي
دفاعه المختلفة والرد عليها على استقلال طالما أن الرد يستفاد من أدلة الثبوت التي
أوردها الحكم
5- من المقرر في أصول الاستدلالات أن
المحكمة غير ملزمة بالتحدث في حكمها إلا عن الأدلة ذات الأثر في تكوين عقيدتها وفى
إغفالها لبعض الوقائع ما يفيد ضمناً اطراحها لها واطمئناناً إلى ما أثبتته من
الوقائع والأدلة التي اعتمدت عليها في حكمها ، ومن ثم فلا محل لما ينعاه الطاعن
على الحكم لإغفاله الوقائع التي أشار إليها بأسباب طعنه، وهى تعد وقائع ثانوية
يريد الطاعن لها معنى لم تسايره فيه المحكمة فاطرحتها .
6- لما كان يبين من محاضر جلسات المحاكمة أن من بين ما أبداه الدفاع عن
الطاعن وجود قصور في تحقيقات النيابة العامة لدى قيامها بتفريغ مقاطع الفيديو عن
طريق المختص فنياً بذلك، بيد أن هذا الدفاع لم يطلب إلى المحكمة اتخاذ إجراء معين
في هذا الخصوص ، ومن ثم فإن ما أثارة مما سلف لا يعدو أن يكون تعييباً للتحقيق
الذى جرى في المرحلة السابقة على المحاكمة مما لا يصح أن يكون سبباً للطعن على
الحكم بالنقض ولا يعيب الحكم إن أغفل الرد عليه ، ومن ثم يضحى ما يثيره الطاعن في هذا
الشأن على غير أساس .
7- لما كان القانون قد أجاز
سماع الشهود الذين لم يبلغ سنهم أربع عشرة سنة بدون حلف يمين على سبيل الاستدلال
ولم يحرم الشارع على القاضي الأخذ بتلك الأقوال التي يدلى بها على سبيل الاستدلال إذا
أنس فيها الصدق فهي عنصر من عناصر الإثبات يقدره القاضي حسب اقتناعه فإنه لا يقبل
من الطاعن النعي على الحكم أخذه بأقوال المجني عليه بحجة صغر سنه ما دامت المحكمة
قد اطمأنت إلى صحة ما أدلى به وركنت
إلى أقواله على اعتبار أنه يدرك ما يقوله ويعيه ، وإذ كان الطاعن لا يدعى بأن
الطفل المجنى عليه لا يستطيع التمييز أصلاً ولم يطلب إلى المحكمة تحقيق مدى توافر
التمييز لديه، بل اقتصر على تعييب الحكم بدعوى أنه ما كان يصح الاعتماد على أقوال
المجنى عليه بصفة أصلية لعدم استطاعته التمييز بسبب صغر سنه ، وكانت العبرة في المحاكمات
الجنائية هي باقتناع القاضي من كافه عناصر الدعوى المطروحة أمامه فلا يصح مطالبته
بالأخذ بدليل دون آخر فإن ما يثيره الطاعن في هذا الشأن لا يعدو أن يكون جدلاً
موضوعياً في تقدير الدليل وفى سلطة المحكمة في استنباط معتقدها مما لا يجوز إثارته
أمام محكمة النقض .
8 ــــ لما كان التناقض في أقوال
الشاهد ــــ بفرض وجوده ــــ لا يعيب الحكم ما دام أنه استخلص الإدانة من أقواله
استخلاصاً سائغاً لا تناقض فيه ــــ كما هو الحال في الدعوى المطروحة، وكان
اطمئنان المحكمة إلى أقوال المجنى عليه يفيد أنها اطرحت جميع الاعتبارات التي ساقها
الدفاع لحملها على عدم الأخذ بها ، فإن ما يثيره الطاعن في هذا الشأن يكون في غير
محله .
9ــــ لما كان
ما يثيره الطاعن من أن تقرير الطب الشرعي لم يجزم بارتكابه للواقعة فإنه ــــ بفرض
صحته فهو مردود بأن الأصل أن لمحكمة الموضوع أن تجزم بما لم يجزم به الخبير في تقريره
متى كانت وقائع الدعوى قد أيدت ذلك عندها وأكدته لديها ــــ كما هو الحال في الدعوى
المطروحة ــــ ومن ثم فإن النعي على الحكم في هذا الخصوص لا يكون سديداً.
10ــــ لما كان الحكم المطعون فيه بين واقعة
قيام الطاعن والمحكوم عليه بهتك عرض المجنى عليه بغير قوة أو تهديد وأثبت عليه
مقارفتها من واقع أقوال شاهدي الإثبات ومما ثبت من الهاتف الجوال الخاص بالمحكوم
عليه الآخر وتقرير الطب الشرعي، وقد أورد الحكم مؤدى هذه الأدلة في هذا الصدد ،
وكان القانون لم يرسم شكلاً خاصاً يصوغ فيه الحكم بيان الواقعة المستوجبة للعقوبة
والظروف التي وقعت فيها وإذ كانت الأدلة التي عول عليها الحكم المطعون فيه من
شأنها أن تؤدى إلى ما رتبه الحكم عليها من ارتكاب الطاعن لجريمة هتك العرض، فإن
النعى عليه في هذا الصدد يكون غير سديد .
11ــــ لما كان الثابت من مدونات الحكم
المطعون فيه أنه اعتبر الجرائم المسندة إلى الطاعن جريمة واحدة وعاقبه بالعقوبة
المقررة لأشدها فإنه لا مصلحة له فيما يثيره بشأن جريمة هتك العرض ما دامت المحكمة
قد دانته بجريمة تهديد المجنى عليه بإفشاء أمور مخدشة بالشرف وأوقعت عليه عقوبتها
عملاً بالمادة 32 من قانون العقوبات بوصفها الجريمة الأشد، ومن ثم يكون نعيه في هذا
الصدد في غير محله .
12ــــ من
المقرر أن لمحكمة الموضوع تجزئه الدليل المقدم لها وأن تأخذ بما تطمئن إليه من
أقوال الشهود وتطرح ما لا تثق فيه من تلك الأقوال، كما أن لها أن تجزئ تحريات
الشرطة فتأخذ منها ما تطمئن إليه مما تراه مطابقاً للحقيقة وتطرح ما عداه ، إذ
مرجع الأمر في هذا الشأن إلى اقتناعها هي وحدها، ومن ثم فلا تثريب على الحكم
المطعون فيه إن كان قد عول على شق من أقوال شاهدي الإثبات وتحريات الشرطة وهو ما
يتعلق بمقارفة الطاعن والمحكوم عليه للجرائم التي دانه بها ولم يعبأ بقالتهم في الشق
الآخر الخاص بباقى الجرائم التي قضى ببراءته منها، ومن ثم يضحى النعى على الحكم في
هذا الصدد غير سديد .
13ــــ من المقرر أن الدفع بتلفيق الاتهام
وعدم معقولية تصوير الواقعة وتناقض أقوال المجنى عليه من أوجه الدفاع الموضوعية
التي لا تستوجب في الأصل من المحكمة رداً صريحاً ما دام الرد يستفاد ضمناً من
القضاء بالإدانة استناداً إلى أدلة الثبوت التي أوردها الحكم ، ومن ثم فإن ما يثيره الطاعن في هذا
الشأن ينحل إلى جدل موضوعي حول حق محكمة الموضوع في تقدير أدلة الدعوى مما لا يجوز
إثارته أمام محكمة النقض .
14ــــ من المقرر أنه بحسب الحكم
كيما يتم تدليله ويستقيم قضاؤه أن يورد الأدلة المنتجة التي صحت لديه على ما
استخلصه من مقارفة المتهم للجريمة المسندة إليه ولا عليه أن يتعقبه في كل جزئية من
جزئيات دفاعه لأن مفاد التفاته عنها أنه اطرحها، ومن ثم فإن ما ورد بوجه النعي من
التفات الحكم عن رده على الدفع بعدم جدية التحريات لا يكون مقبولاً .
15ــــ من المقرر أن تقدير أراء
الخبراء والفصل فيما يوجه إلى تقاريرهم من مطاعن مرجعه إلى محكمة الموضوع التي لها
كامل الحرية في تقدير القوة التدليلية لتقرير الخبير شأنه في هذا الشأن سائر
الأدلة فلها مطلق الحرية في الأخذ بما تطمئن إليه منها والالتفات عما عداه ولا
تقبل مصادرة المحكمة في هذا التقدير ، وإذ كان البين من الحكم المطعون فيه أن
المحكمة استندت في قضائها على التقرير الطبي الشرعي المقدم في الدعوى واطمأنت في حدود
سلطتها التقديرية إلى ما ورد بهذا التقرير من أن الإصابة التي لحقت بفتحة شرج
المجنى عليه لا يتأتى حصولها إلا عن لواط بإيلاج في وقت قد يتفق وتاريخ الحادث ،
فإنه لا يجوز مجادلة المحكمة في ذلك أمام محكمة النقض .
16ــــ من
المقرر أنه يكفى في المحاكمة الجنائية أن يتشكك القاضي في إسناد التهمة إلى المتهم
لكى يقضى بالبراءة إذ مرجع الأمر في ذلك إلى ما يطمئن إليه في تقدير الدليل ما دام
الظاهر من الحكم أنه أحاط بالدعوى عن بصر وبصيرة ، وكان من المقرر أن من حق محكمة
الموضوع أن تستخلص من أقوال الشهود وسائر العناصر المطروحة أمامها على بساط البحث
الصورة الصحيحة لواقعة الدعوى حسبما يؤدى إليها اقتناعها وأن تطرح ما يخالفها من
صور أخرى ما دام استخلاصها سائغاً مستنداً إلى أدلة مقبولة في العقل والمنطق .
17ــــ من المقرر أن الخطأ في الإسناد في خصوص
وصف مكان الحادث ــــ بفرض حصوله ــــ لا يعيب الحكم في شئ ما دام وصف ذلك المكان
لم يكن بذى أثر في منطق الحكم ولم يتناول من الأدلة ما يؤثر في عقيدة المحكمة .
18ــــ من المقرر أن لمحكمة الموضوع تجزئة
الدليل المقدم لها وأن تأخذ بما تطمئن إليه من أقوال الشهود وتطرح ما لا تثق فيه
من تلك الأقوال إذ مرجع الأمر في هذا الشأن إلى اقتناعها هي وحدها، ومن ثم فلا
تثريب على الحكم المطعون فيه إن كان قد عول على شق من أقوال شاهدي الإثبات وهو ما
يتعلق بمقارفة المطعون ضدهما إلى الجرائم التي دانهما بها، ولم يعبأ بقالتهما في الشق
الآخر الخاص بالجرائم التي قضى ببراءتهما منها .
19ــــ لما كان لا يصح النعي على المحكمة
أنها قضت بالبراءة بناء على احتمال ترجح لديها بدعوى قيام احتمالات أخرى قد تصح
لدى غيرها لأن ملاك الأمر كله يرجع إلى وجدان قاضيها وما يطمئن إليه، ما دام قد
أقام قضاءه على أسباب تحمله ، فإن ما تثيره النيابة العامة في هذا الخصوص لا يكون
له محل وينحل إلى جدل موضوعي لا تجوز إثارته أمام محكمة النقض.
20ــــ
لما كان تقرير الطعن هو المرجع في تحديد الجزء المطعون فيه من الحكم، وكان يبين من
تقرير الطعن أن النيابة العامة قد اقتصرت في طعنها على ما قضى به الحكم المطعون
فيه من براءة المطعون ضدهما دون ما قضى به من إدانتهما على الجرائم التي أثبت
مقارفتهما لها، ومن ثم فإنها إذ لم تقرر بالطعن في قضاء الحكم بالإدانة فإن طعنها
ضد المطعون ضده الثاني بشأن خطأ الحكم في العقوبة المقضي بها يكون على غير أساس ،
ولا يغير من ذلك أن تكون النيابة العامة قد نعت في أسباب طعنها على هذا القضاء ما
دامت لم تقرر بالطعن فيه
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
الوقائع
اتهمت
النيابة العامة الطاعنين بأنهما : 1ــــ خطفا
بالإكراه الطفل الذكر ... الذى لم يبلغ من العمر ست عشرة سنة كاملة بأن باغتاه حال
سيره والمجنى عليه الثاني وأمسك به المتهم الأول وكمم فاه وحمله عنوة وتمكنا من شل
مقاومته حال تواجد المتهم الثاني على مسرح الجريمة يشد من أزره . 2ــــ شرعا في خطف
الطفل الذكر ... الذى لم يبلغ سنه ست عشرة سنة كاملة بأن باغتاه حال سيره والمجنى
عليه سالف الذكر وقام المتهم الثاني بالإمساك به وحمله حال تواجد المتهم الأول على
مسرح الجريمة يشد من أزره قاصدين من ذلك خطفه إلا أنه أوقف أثر الجريمة لسبب لا
دخل لإرادتهما فيه وهو تمكن المجنى عليه من الهرب . 3ــــ هتكا عرض المجنى عليه
... بالقوة والتهديد بأن طرحاه أرضاً وشل مقاومته بتوثيق يديه من الخلف وتهديده
باستخدام سلاح أبيض " مطواة قرن غزال " وتبادلا هتك عرضه بأن أولج كل
منهما قضيبه في دبره حال كونه لم يبلغ السادسة عشرة من عمره . 4ــــ هددا المجنى
عليه سالف الذكر بإفشاء أمر هتك عرضه بتصويره آنذاك واحتفظا بمقاطع التصوير وذلك
لإجباره على عدم الإبلاغ عن الواقعة . 5ــــ أحرزا بقصد العرض مقاطع فيديو موضوع
التهمة الثالثة على النحو المبين بالتحقيقات . 6ــــ أحرزا سلاحاً أبيض "
مطواة قرن غزال " دون مسوغ من الضرورة الشخصية أو الحرفية . وأحالتهما إلى
محكمة جنايات ... لمعاقبتهما طبقاً للقيد والوصف الواردين بأمر الإحالة. وادعى
والدا المجنى عليهما قبل المتهمين بأن يؤديا لهما مبلغ خمسين ألف جنيه على سبيل
التعويض المدني المؤقت . والمحكمة المذكورة قضت حضورياً عملاً بالمواد 178،
269 /1، 327 /1 من قانون العقوبات ، والمواد 9، 112 ، 122 /1 من القانون رقم 12 لسنة
1996 مع إعمال المادة 32 من قانون العقوبات بمعاقبة الأول بالسجن المشدد لمدة ثلاث
سنوات عن التهمة الثالثة والرابعة والخامسة ، وبمعاقبة المتهم الثاني بالحبس لمدة
سنة عن التهمة الثالثة والرابعة والخامسة ، وببراءة المتهمين سالفي الذكر عن التهم
الأولى والثانية والسادسة ومصادرة الهاتف المضبوط، وبإحالة الدعوى المدنية إلى
المحكمة المدنية المختصة . فطعن كل من المحكوم عليهما والنيابة العامة في هذا
الحكم بطريق النقض .
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
المحكمة
من حيث إن الطاعن الأول ينعى على الحكم
المطعون فيه أنه إذ دانه بجرائم تهديد المجنى عليه بإفشاء أمور مخدشة بالشرف وهتك
عرض صبى لم يبلغ ثماني عشرة سنة كاملة بغير قوة أو تهديد وحاز بقصد العرض مقاطع
فيديو منافية للآداب العامة قد شابه خطأ في تطبيق القانون وقصور وتناقض في التسبيب
وإخلال بحق الدفاع وفساد في الاستدلال، ذلك أن المحكمة عدلت القيد والوصف دون لفت
نظر الدفاع وبعد أن اطمأنت المحكمة إلى أدلة الثبوت عادت وأطرحتها وقضت ببراءته من
باقي التهم ولم يعرض الحكم لدفاعه بتناقض الدليلين القولي والفني وأغفل في مدوناته
ما ورد بتقرير المعمل الكيماوي من أنـه لم يعثر بقميص المجني عليه على
حيوانات منوية ولم تحدد مقاطع الفيديو شخصيته ولم تقم النيابة العامة بتفريغ مقاطع
الفيديو عن طريق المختص فنياً وعول في قضائه بالإدانة على أقوال المجنى عليه رغم
صغر سنه وجاءت أقواله متناقضة في شأن لون الهاتف الجوال ومدة التصوير كما استند
الحكم إلى تقرير الطب الشرعي رغم أنه لم يجزم حدوث الواقعة مما يعيبه ويستوجب نقضه
.
ومن حيث إن الحكم المطعون فيه بين واقعة
الدعوى بما تتوافر به كافة العناصر القانونية للجرائم التي دان الطاعن بها وأورد
على ثبوتها في حقه أدلة مستمدة من أقوال شاهدي الإثبات ومما ثبت بالهاتف الجوال
الخاص بالطاعن الأول ومما ورد بتقرير الطب الشرعي وهي أدلة سائغة ومن شأنها أن
تؤدي إلى ما رتبه عليها . لما كان ذلك ، وكان الثابت من مدونات الحكم المطعون فيه
أن الدعوى الجنائية رفعت على الطاعن - بالنسبة للتهمة الثالثة - بوصف هتك
عرض صبي بالقوة والتهديد فعدلت المحكمة هذا الوصف إلى هتك عرض المجني عليه بغير قوة
أو تهديد، وكان الأصل أن المحكمة لا تتقيد بالوصف القانوني الذى ترفع به الدعوى
الجنائية قبل المتهم ، لأن هذا الوصف ليس نهائيا بطبيعته وليس من شأنه أن يمنع
المحكمة من تعديله متى رأت أن ترد الواقعة بعد تمحيصها إلى الوصف القانوني الصحيح
الذى ترى انطباقه على الواقعة، وإذ كانت الواقعة المبينة بأمر الإحالة والتي كانت
مطروحة بالجلسة هي بذاتها الواقعة التي اتخذها الحكم المطعون فيه أساساً للوصف
الجديد الذى دان الطاعن على أساسه ، وكان مرد هذا التعديل على
ما يبين من مدونات الحكم المطعون فيه هو عدم قيام الدليل على عنصري
القوة أو التهديد وإنما وقعت الجريمة برضا من المجنى عليه، ولم يتضمن التعديل
إسناد واقعة مادية أو إضافة عناصر تختلف عن الواقعة الأولى فإن المحكمة لا تلتزم
في مثل هذه الحالة بتنبيه المتهم أو المدافع عنه إلى ما أجرته من تعديل في الوصف
اقتصر على استبعاد أحد عناصر الجريمة التي رفعت بها الدعوى ، ومن ثم فإنه تنحسر
دعوى الخطأ في تطبيق القانون التي يثيرها الطاعن في هذا الشأن . لما كان ذلك ،
وكان من المقرر أن من حق محكمة الموضوع أن تجزئ شهادة الشاهد فتأخذ منها ما تطمئن
إليه وتطرح ما عداه لتعلق ذلك بسلطتها في تقدير أدلة الدعوى، فإن ما يثيره الطاعن
في صدد أخذ الحكم بأقوال شاهدي الإثبات بالنسبة لثبوت التهم التي دانه بها واطراحه
لأقوالهما بالنسبة للتهم الأخرى التي قضى ببراءته منها لا يخرج عن كونه جدلاً
موضوعياً في تقدير الدليل وفى سلطة محكمة الموضوع في وزن عناصر الدعوى واستنباط
معتقدها، وهو ما لا يجوز إثارته أو الخوض فيه أمام محكمة النقض . لما كان ذلك،
وكان الحكم المطعون فيه قد أورد من أقوال المجنى عليه أن الطاعنين قد قاما
باصطحابه إلى محطة كهرباء ... وهناك قاما بهتك عرضه بأن طرحاه أرضاً وقام كل منهما
بإيلاج قضيبه في دبره بغير تهديد أو قوة، ونقل
عن تقرير الطب الشرعي أنه بفحص المجنى عليه موضوعياً من دبره تبين وجود جرح حديث
نوعاً بفتحة الشرج وهو جائز الحدوث من استعمال المذكور لواطاً بإيلاج من دبره في تاريخ
معاصر وتاريخ الواقعة . لما كان ذلك، وكان من المقرر أنه لا يلزم لصحة الحكم
بالإدانة أن تطابق أقوال الشهود مضمون الدليل الفنى في كل جزئية منه بل يكفى كما
هو الحال في الدعوى الماثلة أن يكون جماع الدليل القولي غير متناقض مع جوهر الدليل
الفني تناقضاً يستعصى على الملاءمة والتوفيق، وإذ كان ما حصله الحكم من أقوال
المجني عليه لا يتناقض وما نقله من تقرير الطب الشرعي فإن قاله التناقض بين
الدليلين لا يكون لها محل ، وكان ليس بلازم أن يورد الحكم ما أثاره الدفاع عن
الطاعن من وجود تناقض بين الدليلين القولي والفني ما دام ما أورده في مدوناته
يتضمن الرد على ذلك الدفاع إذ المحكمة لا تلتزم بمتابعة المتهم في مناحي دفاعه
المختلفة والرد عليها على استقلال طالما أن الرد يستفاد من أدلة الثبوت التي أوردها
الحكم . لما كان ذلك، وكان من المقرر في أصول الاستدلالات أن المحكمة غير ملزمة
بالتحدث في حكمها إلا عن الأدلة ذات الأثر في تكوين عقيدتها وفى إغفالها لبعض
الوقائع ما يفيد ضمناً اطراحها لها واطمئناناً إلى ما أثبتته من
الوقائع والأدلة التي اعتمدت عليها في حكمها ،
ومن ثم فلا محل لما ينعاه الطاعن على الحكم لإغفاله الوقائع التي أشار إليها
بأسباب طعنه ، وهى تعد وقائع ثانوية يريد الطاعن لها معنى لم تسايره فيه المحكمة فأطرحتها
. لما كان ذلك ، وكان يبين من محاضر جلسات المحاكمة أن من بين ما أبداه الدفاع عن
الطاعن وجود قصور في تحقيقات النيابة العامة لدى قيامها بتفريغ مقاطع الفيديو عن
طريق المختص فنياً بذلك ، بيد أن هذا الدفاع لم يطلب إلى المحكمة اتخاذ إجراء معين في هذا الخصوص ، ومن ثم فإن ما أثاره مما سلف لا
يعدو أن يكون تعييباً للتحقيق الذى جرى في المرحلة السابقة على المحاكمة مما لا
يصح أن يكون سبباً للطعن على الحكم بالنقض ولا يعيب الحكم إن أغفل الرد عليه، ومن
ثم يضحى ما يثيره الطاعن في هذا الشأن على غير أساس . لما كان ذلك، وكان القانون
قد أجاز سماع الشهود الذين لم يبلغ سنهم أربع عشرة سنة بدون حلف يمين على سبيل
الاستدلال ولم يحرم الشارع على القاضي الأخذ بتلك الأقوال التي يدلي بها على سبيل
الاستدلال إذا أنس فيها الصدق فهي عنصر من عناصـر الإثبات بقدرة القاضي حسب
اقتناعه فإنه لا يقبل من الطاعن النعي على الحكم أخذه بأقوال المجني عليه بحجة صغر
سنه ما دامت المحكمة قد اطمأنت إلى صحة ما أدلى به وركنت إلى أقواله على اعتبار
أنه يدرك ما يقوله ويعيه ، وإذ كان الطاعن لا يدعى بأن الطفل المجني عليه لا
يستطيع التمييز أصلاً ولم يطلب إلى المحكمة تحقيق مدى توافر التمييز لديه ، بل
اقتصر على تعييب الحكم بدعوى أنه ما كان يصح الاعتماد على أقوال المجنى عليه بصفة
أصلية لعدم استطاعته التمييز بسبب صغر سنه ، وكانت العبرة في المحاكمات الجنائية
هي باقتناع القاضي من كافه عناصر الدعوى
المطروحة أمامه فلا يصح مطالبته بالأخذ بدليل دون آخر فإن ما يثيره الطاعن في هذا
الشأن لا يعدو أن يكون جدلاً موضوعياً في تقدير الدليل وفي سلطة المحكمة في استنباط
معتقدها مما لا يجوز إثارته أمام محكمة النقض . لما كان ذلك، وكان التناقض في أقوال
الشاهد بفرض وجوده لا يعيب الحكم ما دام أنه استخلص الإدانة من أقواله استخلاصاً
سائغاً لا تناقض فيه - كما هو الحال في الدعوى المطروحة، وكان اطمئنان المحكمة
إلى أقوال المجنى عليه يفيد أنها اطرحت جميع الاعتبارات التي ساقها الدفاع لحملها
على عدم الأخذ بها ، فإن ما يثيره الطاعن في هذا الشأن يكون في غير محله. لما كان
ذلك ، وكان ما يثيره الطاعن من أن تقرير الطب الشرعي لم يجزم بارتكابه للواقعة
فإنه - بفرض صحته - فهو مردود بأن الأصل أن لمحكمة الموضوع أن تجزم بما لم يجزم به الخبير في تقريره متى
كانت وقائع الدعوى قد أيدت ذلك عندها وأكدته لديها - كما هو الحال في الدعوى
المطروحة - ومن ثم فإن النعي على الحكم في هذا الخصوص لا يكون سديداً . لما كان
ما تقدم ، فإن هذا الطعن برمته يكون على غير أساس متعيناً رفضه موضوعاً . ومن
حيث إن الطاعن الثاني ينعى على الحكم المطعون فيه أنه إذ دانه بجرائم تهديد المجني
عليه بإفشاء أمور مخدشة للشرف وهتك عرض صبى بغير قوة أو تهديد وحيازة بقصد العرض
مقاطع فيديو منافية للآداب العامة قد شابه قصور وتناقض في التسبيب وإخلال بحق
الدفاع وفساد في الاستدلال ذلك أنه لم يبين أركان جريمة هتك العرض ولم يورد مؤدى
أدلة الثبوت وبعد أن أورد في مدوناته اطمئنانه إلى أدلة الثبوت عاد واطرحها في شأن
باقي التهم وقضى ببراءته منها ولم يعرض لدفاعه القائم على تناقض أقوال المجنى عليه
وعدم معقولية تصويره للواقعة وتلفيق الاتهام وبطلان التحريات لعدم جديتها وعول على
تقرير الطب الشرعي رغم أنه لم يجزم بحدوث الواقعة مما يعيبه ويستوجب نقضه . ومن
حيث أن الحكم المطعون فيه بين واقعة قيام الطاعن والمحكوم عليه بهتك عرض المجني
عليه بغير قوة أو تهديد وأثبت عليه مقارفتها من واقع أقوال شاهدي الإثبات ومما ثبت
من الهاتف الجوال الخاص بالمحكوم عليه الآخر وتقرير الطب الشرعي ، وقد أورد الحكم
مؤدى هذه الأدلة في هذا الصدد ، وكان القانون لم يرسم شكلاً خاصاً يصوغ فيه الحكم
بيان الواقعة المستوجبة للعقوبة والظروف التي وقعت فيها وإذ كانت الأدلة التي عول
عليها الحكم المطعون فيه من شأنها أن تؤدى إلى ما رتبه الحكم عليها من ارتكاب
الطاعن لجريمة هتك العرض ، فإن النعي عليه في هذا الصدد يكون غير سديد ، كما أنه
لما كان الثابت من مدونات الحكم المطعون فيه أنه اعتبر الجرائم المسندة إلى الطاعن
جريمة واحدة وعاقبه بالعقوبة المقررة لأشدها فإنه لا مصلحة له فيما يثيره بشأن
جريمة هتك العرض ما دامت المحكمة قد دانته بجريمة تهديد المجني عليه بإفشاء أمور
مخدشة بالشرف وأوقعت عليه عقوبتها عملاً بالمادة 32 من قانون العقوبات بوصفها الجريمة
الأشد ، ومن ثم يكون نعيه في هذا الصدد في غير محله . لما كان ذلك ، وكان من
المقرر أن لمحكمة الموضوع تجزئه الدليل المقدم لها وأن تأخذ بما تطمئن إليه من
أقوال الشهود وتطرح ما لا تثق فيه من تلك الأقوال ، كما أن لها أن تجزئ تحريات
الشرطة فتأخذ منها ما تطمئن إليه مما تراه مطابقاً للحقيقة وتطرح ما عداه ، إذ مرجع
الأمر في هذا الشأن إلى اقتناعها هي وحدها، ومن ثم فلا تثريب على الحكم المطعون
فيه إن كان قد عول على شق من أقوال شاهدي الإثبات وتحريات الشرطة وهو ما يتعلق بمقارفة
الطاعن والمحكوم عليه للجرائم التي دانه بها ولم يعبأ بقالتهم في الشق الآخر الخاص
بباقي الجرائم التي قضى ببراءته منها ، ومن ثم يضحى النعي على الحكم في هذا الصدد
غير سديد . لما كان ذلك ، وكان من المقرر أن الدفع بتلفيق الاتهام وعدم معقولية
تصوير الواقعة وتناقض أقوال المجنى عليه من أوجه الدفاع الموضوعية التي لا تستوجب
في الأصل من المحكمة رداً صريحاً ما دام الرد يستفاد ضمناً من القضاء بالإدانة
استناداً إلى أدلة الثبوت التي أوردها الحكم ، ومن ثم فإن ما يثيره الطاعن في هذا
الشأن ينحل إلى جدل موضوعي حول حق محكمة الموضوع في تقدير أدلة الدعوى مما لا يجوز
إثارته أمام محكمة النقض . لما كان ذلك، وكان من المقرر أنه بحسب الحكم كيما يتم
تدليله ويستقيم قضاؤه أن يورد الأدلة المنتجة التي صحت لديه على ما استخلصه من
مقارفة المتهم للجريمة المسندة إليه ولا عليه أن يتعقبه في كل جزئية من جزئيات
دفاعه لأن مفاد التفاته عنها أنه اطرحها ، ومن ثم فإن ما
ورد بـوجـه النعي مـن التفات الحكم عن رده
على الدفع بعدم جدية التحريات لا يكون
مقبولاً . لما
كان ذلك ، وكان من المقرر أن تقدير أراء الخبراء والفصل فيما يوجه إلى تقاريرهم من
مطاعن مرجعه إلى محكمة الموضوع التي لها كامل الحرية في تقدير القوة التدليلية
لتقرير الخبير شأنه في هذا الشأن سائر الأدلة فلها مطلق الحرية في الأخذ بما تطمئن
إليه منها والالتفات عما عداه ولا تقبل مصادرة المحكمة في هذا التقدير ، وإذ كان
البين من الحكم المطعون فيه أن المحكمة استندت في قضائها على التقرير الطبي الشرعي
المقدم في الدعوى واطمأنت في حدود سلطتها التقديرية إلى ما ورد بهذا التقرير من أن
الإصابة التي لحقت بفتحة شرج المجنى عليه لا يتأتى حصولها إلا عن لواط بإيلاج في وقت
قد يتفق وتاريخ الحادث ، فإنه لا يجوز مجادلة المحكمة في ذلك أمام محكمة النقض .
لما كان ما تقدم، فإن هذا الطعن برمته يكون على غير أساس متعيناً رفضه موضوعاً . ومن
حيث إن الطاعنة - النيابة العامة - تنعى على الحكم المطعون فيه أنه إذ قضى
ببراءة المطعون ضدهما من جرائم الخطف بالإكراه والشروع فيه وإحراز سلاح أبيض بدون
مسوغ لذلك قد شابه قصور في التسبيب وفساد في الاستدلال وخطأ في تطبيق القانون ذلك
أنه نفى حصول الإكراه بما لا يسوغه رغم ما ثبت من أدلة الدعوى على انعدام رضا
المجنى عليه واعتنق صورة لمكان الواقعة بأنه ملئ بالسكان رغم ما ثبت من معاينة
النيابة العامة من أنه غير مأهول بالسكان كما استند الحكم إلى عدم ضبط أسلحة بيضاء
مع المطعون ضدهما رغم أن ضبطهما كان بعد الواقعة بفترة تسمح لهما التخلص منها
وأخيراً فقد
قضى الحكم بعقوبة على المطعون ضده الثاني تقل عن الحد الأدنى المقرر
للجرائم التي دانه بها مما يعيبه ويستوجب نقضه . ومن حيث إن البين من الحكم
المطعون فيه - في خصوص ما قضى به من براءة المطعون ضدهما - أنه بعد أن حصل
واقعة الدعوى وأدلة الاتهام بها أجمل الأسباب التي عول ليها في قضائه بالبراءة في قوله
" وحيث إن المحكمة قد أحاطت بالدعوى وملابساتها وألمت بأدلة الثبوت فيها عن
بصر وبصيرة فإنها لا تطمئن ولا ترتاح لأقوال شهود الإثبات في هذا الصدد والتي جاءت
محاطة بإطار كثيف من الشك والريب آية ذلك 1- أن صورة الواقعة قد أصابها القلق
والاضطراب منذ بدايتها وحتى نهايتها إذ قرر المجنى عليه ... بمحضر جمع الاستدلالات
أن المتهم قام بتوثيقه وحمله إلى مكان الواقعة والمتهم الثاني حاول الإمساك
بالمجنى عليه الآخر لكنه هرب في حين قرر بالتحقيقات أن المتهم الثاني أمسك بالمجنى
عليه الآخر وحمله إلى مكان الواقعة إلا أنه تمكن من الهرب . 2- أن الواقعة حدثت
في وضح النهار في مكان ملئ بالسكان فكان بمكنة المجنى عليهما الاستغاثة بالمارة
لإنقاذهما من براثن المتهمين حتى أن المجنى عليه الآخر لم يبلغ أهليته بواقعة
الخطف المزعومة حتى مثوله أمام النيابة العامة . 3- لم يتم ضبط أية أسلحة مع
المتهمين وقت ارتكاب الواقعة والمجنى عليه ... بالتحقيقات أن المتهمين لم يكن
معهما أسلحة خلافاً لما ردده المجنى عليه الأول " . لما كان ذلك ، وكان يكفى
في المحاكمة الجنائية أن يتشكك القاضي في إسناد التهمة إلى المتهم لكى يقضى
بالبراءة إذ مرجع الأمر في ذلك إلى ما يطمئن إليه في تقدير الدليل ما دام الظاهر
من الحكم أنه أحاط بالدعوى عن بصر وبصيرة، وكان من المقرر أن من حق محكمة الموضوع
أن تستخلص من أقوال الشهود وسائر العناصر المطروحة أمامها على بساط البحث الصورة
الصحيحة لواقعة الدعوى حسبما يؤدى إليها اقتناعها وأن تطرح ما يخالفها من صور أخرى
ما دام استخلاصها سائغاً مستنداً إلى أدلة مقبولة في العقل والمنطق ، كما أن الخطأ
في الإسناد في خصوص وصف مكان الحادث ــــ بفرض حصوله ــــ لا يعيب الحكم في شيء ما
دام وصف ذلك المكان لم يكن بذي أثر في منطق الحكم ولم يتناول من الأدلة ما يؤثر في
عقيدة المحكمة، كما أنه من المقرر أن لمحكمة الموضوع تجزئة الدليل المقدم لها وأن
تأخذ بما تطمئن إليه من أقوال الشهود وتطرح ما لا تثق فيه من تلك الأقوال إذ مرجع
الأمر في هذا الشأن إلى اقتناعها هي وحدها ، ومن ثم فلا تثريب على الحكم المطعون
فيه إن كان قد عول على شق من أقوال شاهدي الإثبات وهو ما يتعلق بمقارفة المطعون
ضدهما إلى الجرائم التي دانهما بها ، ولم يعبأ بقالتهما في الشق الآخر الخاص
بالجرائم التي قضى ببراءتهما منها . لما كان ذلك ، وكانت مدونات
الحكم المطعون فيه تكشف عن أن المحكمة قد ألمت بظروف الدعوى ومحصت أدلة الثبوت
التي قام الاتهام عليها على نحو ينبئ على أنها فطنت إليها وقامت بما ينبغي عليها
من تدقيق البحث ثم أفصحت - من بعد - عن عدم اطمئنانها إليها بالنسبة للتهم
التي قضت ببراءة المطعون ضدهما منها، فإن هذا حسبها ليستقيم قضاؤها ، وكان لا يصح النعي
على المحكمة أنها قضت بالبراءة بناء على احتمال ترجح لديها بدعوى قيام احتمالات
أخرى قد تصح لدى غيرها لأن ملاك الأمر كله يرجع إلى وجدان قاضيها وما يطمئن إليه ،
ما دام قد أقام قضاءه على أسباب تحمله، فإن ما تثيره النيابة العامة في هذا الخصوص
لا يكون له محل وينحل إلى جدل موضوعي لا تجوز إثارته أمام محكمة النقض . لما كان
ذلك ، وكان تقرير الطعن هو المرجع في تحديد الجزء المطعون فيه من الحكم ، وكان
يبين من تقرير الطعن أن النيابة العامة قد اقتصرت في طعنها على ما قضى به الحكم
المطعون فيه من براءة المطعون ضدهما دون ما قضى به من إدانتهما على الجرائم التي أثبت
مقارفتهما لها ، ومن ثم فإنها إذ لم تقرر بالطعن في قضاء الحكم بالإدانة فإن طعنها
ضد المطعون ضده الثاني بشأن خطأ الحكم في العقوبة المقضي بها يكون على غير أساس ،
ولا يغير من ذلك أن تكون النيابة العامة قد نعت في أسباب طعنها على هذا القضاء ما
دامت لم تقرر بالطعن فيه، لما كان ما تقدم، فإن الطعن برمته يكون على غير أساس
متعيناً رفضه موضوعاً .
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق