جلسة 16 من مايو سنة 1991
برئاسة السيد المستشار/ عبد المنصف أحمد هاشم نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين/ محمد عبد المنعم حافظ، د. رفعت عبد المجيد، محمد خيري الجندي نواب رئيس المحكمة ومحمد شهاوي.
----------------
(176)
الطعنان رقما 2469، 2517 لسنة 57 القضائية
(1) محكمة الموضوع "تقدير الأدلة".
قاضي الموضوع. سلطته في بحث الدلائل والمستندات المقدمة والموازنة بينهما.
(2) حكم "تسبيبه". إثبات "شهادة الشهود". محكمة الموضوع "تقدير الأدلة".
قاضي الموضوع. سلطته في تقدير أقوال الشهود واستخلاص الواقع منها سواء وردت في تحقيق قضائي أو إداري أو لدى الخبير. طالما لم يخرج بها عن مدلولها.
(3) حكم "تسبيبه".
عدم إيراد الحكم أقوال الشهود بنصوصها. لا يعيبه. حسبه أن يورد مضمونها.
(4) التزام "تنفيذ الالتزام". محكمة الموضوع. تعويض.
التنفيذ العيني هو الأصل. المادتان 203/ 1، 215 مدني. التنفيذ بمقابل. شرطه. استحالة الوفاء عيناً. تقدير تحقق هذه الاستحالة مما تستقل به محكمة الموضوع متى كان سائغاً.
(5) خبرة. محكمة الموضوع "تقدير الدليل". بطلان.
رأي الخبير عنصر من عناصر الإثبات. خضوعه لتقدير محكمة الموضوع دون معقب بطلان تقرير الخبير. مناطه. أن يكون قد شاب إجراءاته عيب جوهري ترتب عليه ضرر للخصم.
(6) نقض "أثر نقض الحكم". استئناف "أثر نقض الحكم والإحالة".
نقض الحكم. أثره. لمحكمة الإحالة أن تقيم قضاءها على فهم جديد لواقع الدعوى وأسس قانونية أخرى لا تخالف قاعدة قانونية قررها الحكم الناقض.
(7) دعوى "الطلبات الختامية في الدعوى".
العبرة بالطلبات الختامية في الدعوى.
2 - من المقرر أن لقاضي الموضوع تقدير أقوال الشهود التي وردت شهادتهم في أي تحقيق قضائي أو إداري أو لدى الخبير المنتدب في الدعوى دون حلف يمين لاستخلاص الواقع منها، ما دام لم يخرج بتلك الأقوال إلى غير ما يؤدي إليه مدلولها.
3 - لا يعيب تسبيب الحكم عدم إيراد أقوال الشهود بنصوصها، وحسبه أن يورد مضمون تلك الأقوال.
4 - من المقرر أن الأصل وفقاً لما تقضي به المادتان 203/ 1، 215 من القانون المدني هو تنفيذ الالتزام تنفيذاً عينياً ولا يصار إلى عوضه أو التنفيذ بطريق التعويض إلا إذا استحال التنفيذ العيني، وأن تقدير تحقق تلك الاستحالة مما يستقل به قاضي الموضوع متى أقام قضاءه على أسباب سائغة.
5 - المقرر في قضاء هذه المحكمة - أن رأي الخبير المنتدب في الدعوى لا يخرج عن كونه عنصراً من عناصر الإثبات لمحكمة الموضوع تقديره دون معقب عليها في ذلك فلها أن تأخذ به كله أو بعض ما جاء به وتطرح بعضه إذ هي لا تقضي إلا على أساس ما تطمئن إليه منه، وبأن مناط بطلان تقرير الخبير هو أن يكون قد شاب إجراءاته عيب جوهري ترتب عليه ضرر للخصم.
6 - المقرر في قضاء هذه المحكمة - أن نقض الحكم نقضاً كلياً من شأنه أن يكون لمحكمة الإحالة أن تقيم قضاءها على فهم جديد لواقع الدعوى الذي تحصله مما يقدم إليها من دفاع أو على أسس قانونية أخرى غير التي جاءت بالحكم المطعون فيه واستوجبت نقضه متى كانت لا تخالف قاعدة قانونية قررتها محكمة النقض في حكمها الناقض.
7 - العبرة بالطلبات الختامية في الدعوى لا بالطلبات السابقة.
المحكمة
بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر.. والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الطعنين استوفيا أوضاعهما الشكلية.
وحيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر الأوراق تتحصل في أن المطعون ضدها في الطعن رقم 2469 سنة 57 قضائية (الطاعنة في الطعن الآخر) تقدمت بطلب إلى الرئيس بمحكمة الجيزة الابتدائية ليأمر بإلزام الطاعن بأن يؤدي إليها مبلغ 15078 جنيهاً مع تثبيت الحجز التحفظي الموقع منها على المنقولات نفاذاً لأمر الحجز رقم 220/ 10 لسنة 1981 الجيزة، وذلك على سند من أن هذا المبلغ يمثل قيمة منقولات الزوجية المملوكة لها والتي امتنع الطاعن عن تسليمها لها بعد طلاقها منه. وإذ رفض الطلب المذكور فقد قيد دعوى برقم 6182 لسنة 1981 مدني الجيزة الابتدائية انتهت فيه المطعون ضدها إلى طلب الحكم بالتسليم العيني لتلك المنقولات وبقيمة ما لم يوجد منها. أقام الطاعن الدعوى رقم 6000 لسنة 1981 مدني الجيزة الابتدائية بطلب إلغاء أمر الحجز التحفظي آنف البيان واعتباره كأن لم يكن وبعد أن أمرت المحكمة بضم الدعوى الأخيرة إلى الأولى وندبت خبيراً فيها وأودع تقريره قضت بتاريخ 23 فبراير سنة 1984 بإلزام الطاعن بأن يؤدي إلى المطعون ضدها مبلغ 15078 جنيهاً وتثبيت الحجز التحفظي وبرفض الدعوى الأخرى. استأنف الطاعن هذا الحكم لدى محكمة استئناف القاهرة بالاستئناف رقم 2954 لسنة 101 قضائية وفي 27 فبراير سنة 1985 حكمت المحكمة بتأييد الحكم المستأنف. طعن الطاعن في هذا الحكم بطريق النقض بالطعن 984 لسنة 55 قضائية، وبتاريخ 24 إبريل سنة 1986 قضت المحكمة بنقض الحكم المطعون فيه. وبعد أن عجل الطاعن نظر الاستئناف للفصل فيه مجدداً حكمت المحكمة في 14 مايو سنة 1987 بتعديل الحكم المستأنف وبإلزام الطاعن بأن يؤدي إلى المطعون ضدها مبلغ 10378 جنيهاً. طعن الطاعن في هذا الحكم للمرة الثانية بطريق النقض بالطعن رقم 2469 لسنة 57 قضائية كما طعنت المطعون ضدها فيه أيضاً بالطعن رقم 2517 لسنة 57 قضائية وأودعت النيابة العامة مذكرتين أبدت الرأي في أحدهما برفض الطعن الأول وفي الثانية بنقض الحكم المطعون فيه في الطعن الآخر. عرض الطعنان على هذه المحكمة في غرفة مشورة فرأت أنهما جديران بالنظر وبالجلسة المحددة لنظرهما قررت المحكمة ضم الطعن الأخير إلى الأول ليصدر فيهما حكم واحد وفيها التزمت النيابة رأيها.
أولاً: - الطعن رقم 2469 لسنة 57 قضائية:
حيث إن الطعن أقيم على عشرة أسباب ينعى الطاعن بالأسباب الثلاثة الأول وبالخامس والسابع والثامن منها على الحكم المطعون فيه مخالفة القانون والخطأ في تطبيقه والقصور في التسبيب وفي بيان ذلك يقول إن الحكم قضى بإلزامه بأداء مبلغ 10387 جنيهاً للمطعون ضدها باعتبار أنه يمثل قيمة المنقولات المملوكة لها استناداً إلى أقوال شهود لم يورد نصوص شهادتهم ودون أن يتحقق من ملكيتها لها أو يعني ببحث ما تقدم به من مستندات تقطع بملكية بعضاً منها أو يستنزل من تلك القيمة ما أنكر التاجر...... بيعه لها من منقولات، هذا إلى أنه قضى بالمقابل النقدي دون التسليم العيني رغم عدم ثبوت تعذره أو أن يستبعد منه قيمة المنقولات التي ما زالت طرفه وهو ما يعيب الحكم ويستوجب نقضه.
وحيث إن هذا النعي في غير محله ذلك بأن المقرر في قضاء هذه المحكمة - أن لقاضي الموضوع السلطة التامة في بحث الدلائل والمستندات المقدمة تقديماً صحيحاً وفي موازنة بعضها بالبعض الآخر وترجيح ما يطمئن وجدانه إلى ترجيحه منها وله أيضاً تقدير أقوال الشهود التي وردت شهادتهم في أي تحقيق قضائي أو إداري أو لدى الخبير المنتدب في الدعوى دون حلف يمين لاستخلاص الواقع منها، ما دام لم يخرج بتلك الأقوال إلى غير ما يؤدي إليه مدلولها، ولا يعيب تسبيبه للحكم عدم إيراده نصوص أقوالهم وحسبه أن يورد مضمون تلك الأقوال، ومن المقرر أن الأصل وفقاً لما تقضي به المادتان 203/ 1، 215 من القانون المدني هو تنفيذ الالتزام تنفيذاً عينياً ولا يصار إلى عوضه أو التنفيذ بطريق التعويض إلا إذا استحال التنفيذ العيني، وأن تقدير تحقق تلك الاستحالة مما يستقل به قاضي الموضوع متى أقام قضاءه على أسباب سائغة، لما كان ذلك، وكان الحكم المطعون فيه بعد أن عرض للأدلة والمستندات المقدمة من طرفي الدعوى ركن في ثبوت تملك المطعون ضدها للمنقولات وأنها ابتاعتها من مالها الخاص، وإلى أقوال شهودها أمام محكمة أول درجة، وإلى شهادة بائعي هذه المنقولات أمام الخبير المنتدب في الدعوى بعد مواجهتهم بفواتير الشراء الصادرة منهم لها، وإلى أنها هي التي تم الحجز عليها بموجب أمر الحجز المقضي من المحكمة بتثبيته بعد أن عرض إلى عدم اطمئنانه إلى ما قدمه الطاعن من مستندات واستبعد من قيمة المنقولات المقضي بها ما لم يثبت من الفواتير المقدمة منها شراؤها لها، منها المنقولات المدعي بشرائها من.....، كما ركن في مجال تقديره لاستحالة التنفيذ العيني إلى أن إنكار الطاعن وجود المنقولات المحجوز عليها لديه في جميع مراحل نظر الدعوى يعد هلاكاً لها يستتبع جعل محل الالتزام قيمة هذه المنقولات وهو ما يتفق وطلبات المطعون ضدها، وكانت هذه الأسباب كافية لحمل قضاء الحكم المطعون فيه فيما انتهى إليه فإن النعي عليه بهذه الأسباب لا يعدو أن يكون جدلاً في تقدير المحكمة للأدلة وترجيح بينة على أخرى مما لا يجوز التحدي به أمام محكمة النقض ومن ثم غير مقبول.
وحيث إن الطاعن ينعى بالسببين الرابع والسادس على الحكم المطعون فيه البطلان والتناقض في التسبيب وفي بيان ذلك يقول إن تقرير الخبير المنتدب في الدعوى الذي ركن إليه الحكم المطعون فيه في قضائه قد شابه البطلان ذلك أن المنقولات المدعي بها والمحجوز عليها ما زالت موجودة طرفه، فضلاً عما صدر منه من تجاوزات اعتبرها الحكم الصادر من محكمة الاستئناف بتاريخ 19/ 2/ 1987 تستوجب مساءلته تأديبياً وهي في جملتها أمور تعيب الحكم وتستوجب نقضه.
وحيث إن هذا النعي في غير محله ذلك بأن المقرر في قضاء هذه المحكمة - أن رأي الخبير المنتدب في الدعوى لا يخرج عن كونه عنصراً من عناصر الإثبات لمحكمة الموضوع تقديره دون معقب عليها في ذلك فلها أن تأخذ به كله أو بعض ما جاء به وتطرح بعضه إذ هي لا تقضي إلا على أساس ما تطمئن إليه منه، وبأن مناط بطلان تقرير الخبير هو أن يكون قد شاب إجراءاته عيب جوهري ترتب عليه ضرر للخصم، لما كان ذلك، وكان الطاعن لم يدع أمام محكمة الموضوع أن ضرراً أصابه من جراء عيب شاب إجراءات مباشرة الخبير المأمورية المسندة إليه بعد أن عرض لكافة أوجه دفاعه ومستنداته وكان الحكم المطعون فيه لم يركن فيما انتهى إليه من تملك المطعون ضدها للمنقولات المقضي بقيمتها إلى ما جاء بالنتيجة التي أوردها الخبير وإنما إلى جملة أدلة وقرائن - وعلى نحو ما ورد بالرد على أسباب الطعن السابقة - منها شهادة بائعي المنقولات الواردة بهذا التقرير التي لا يماري الطاعن في صحة إجراءاتها بل وتمسك في أسباب طعنه بما ورد بها فإن النعي بهذين السببين يكون على غير أساس.
وحيث إن حاصل السببين التاسع والعاشر أن الحكم المطعون فيه خالف القانون وأخطأ قي تطبيقه إذ قضى بتثبيت الحجز التحفظي الموقع على المنقولات محل أمر الحجز رقم 220/ 10 لسنة 1981 الجيزة مع أن المنقولات المحجوز عليها ليست ضمن ما تمتلكه المطعون ضدها، كما أنه حكم لها أيضاً بالمقابل النقدي الأمر الذي يستتبع أن يكون لها أن تستأدي قيمة المنقولات مضافاً إليها استلام المنقولات المحجوز عليها وهو ما يعيب الحكم بما يستوجب نقضه.
وحيث إن النعي غير صحيح ذلك بأن أسباب الحكم المطعون فيه المرتبطة بمنطوقه قد حددت التزام الطاعن على وجه قاطع بالمبلغ المقضي به دون سواه الذي يمثل قيمة المنقولات المملوكة للمطعون ضدها دون تلك المحجوز عليها ومن ثم فإن النعي بهذين السببين يكون وارداً على غير محل من قضاء الحكم المطعون فيه.
ثانياً: - الطعن رقم 2517 لسنة 57 قضائية: -
حيث إن الطعن أقيم على سبب واحد تنعى به الطاعنة على الحكم المطعون فيه مخالفة الثابت في الأوراق وفي بيان ذلك تقول إن الحكم استبعد من قيمة المنقولات المملوكة لها مبلغ 4700 جنيه الفواتير الصادرة من محل.... ومحل.... التي لم يستطع الخبير التحقق من صحتها والتي كانت محلاً لنقض الحكم الأول الصادر من محكمة الاستئناف بتاريخ 27/ 2/ 1985 في حين أن القيمة الواردة بهذه الفواتير تبلغ 1700 جنيه فقط وإذ خالف الحكم المطعون فيه ما ثبت بهذه الفواتير فإنه يكون معيباً بما يستوجب نقضه.
وحيث إن هذا النعي غير سديد ذلك بأن المقرر في قضاء هذه المحكمة - أن نقض الحكم نقضاً كلياً من شأنه أن يكون لمحكمة الإحالة أن تقيم قضاءها على فهم جديد لواقع الدعوى الذي تحصله مما يقدم إليها من دفاع أو على أسس قانونية أخرى غير التي جاءت بالحكم المطعون فيه واستوجبت نقضه متى كانت لا تخالف قاعدة قانونية قررتها محكمة النقض في حكمها الناقض، وكانت العبرة بالطلبات الختامية في الدعوى لا بالطلبات السابقة عليها لما كان ذلك، وكان الثابت من الحكم الناقض الصادر في الطعن رقم 984 لسنة 55 قضائية أنه قضى بنقض الحكم نقضاً كلياً لما ثبت لديه من قصور ومخالفته الثابت بالأوراق بقضائه للطاعنة بقيمة فاتورتين لم يستطع الخبير الذي أحاله إليه في أسبابه التحقق من صحتها فإن لمحكمة الإحالة من بعد أن تقيم قضاءها على فهم جديد لواقع الدعوى الذي تحصله مما يقدم إليها من دفاع، وكانت الطاعنة قد عدلت في مذكرتها المقدمة منها لجلسة 14/ 5/ 1987 طلباتها إلى طلب استبعاد المبلغ الذي اعتد به الحكم المطعون فيه واستبعده درأ لإطالة أمد النزاع وإلى انقلابه إلى مخبئه وفقاً لما ذهبت إليه في تلك المذكرة الختامية باعتبار أنه يمثل قيمة المنقولات التي لم يثبت ملكيتها لها حسبما جاء بأسبابه فإن النعي بهذا السبب يكون في غير محله.
ولما تقدم يتعين رفض الطعنين.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق