جلسة 9 من يناير سنة 1991
برئاسة السيد المستشار: نائب رئيس المحكمة/ وليم رزق بدوي وعضوية السادة المستشارين: طه الشريف، أحمد أبو الحجاج نائبي رئيس المحكمة، عبد الصمد عبد العزيز وعبد الرحمن فكري.
-----------------
(26)
الطعن رقم 693 لسنة 56 القضائية
(1) أموال "أموال عامة" ملكية.
أراضي البرك والمستنقعات. أيلولة ملكيتها إلى الدولة. مناطه.
قيام الحكومة بردمها أو تجفيفها ما لم يطلب أصحابها استرداد ملكيتهم لها خلال سنة من تاريخ نشر القرار الوزاري بتحديد موقعها وحدودها في الجريدة الرسمية ودفع تكاليف الردم. المقصود من ذلك. م 1 ق 77 لسنة 1960.
(2) نزع الملكية للمنفعة العامة.
تقرير المنفعة العامة للعقارات المراد نزع ملكيتها. إجراءاته.
(3) تقادم "تقادم مسقط" وقف التقادم.
وقف سريان التقادم عند وجود مانع للمطالبة بالحق ولو كان أدبياً. م 282/ 1 مدني. عدم ورود هذه الموانع على سبيل الحصر.
المحكمة
بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر الأوراق - تتحصل في أن الطاعنين بصفتهما أقاما الدعوى رقم 280 لسنة 1983 مدني كلي الفيوم ضد المطعون ضدهم طلباً فيها - وفق طلباتهما الختامية - الحكم بتثبيت ملكيتهما بصفتهما للأرض المبينة بالصحيفة ومساحتها 16 س 4 ط 2 ف.. وقالا بياناً لها أن هذه الأرض كانت من أراضي البرك والمستنقعات التي قامت الحكومة بردمها. وإذا لم يقم ملاكها بسداد تكاليف الردم في خلال المدة القانونية فقد آلت ملكيتها إلى الدولة وفقاً للقانون رقم 177 لسنة 1960 المعدل بالقانون رقم 97 لسنة 1964 في شأن البرك والمستنقعات وخصصت لإقامة مشروعات بقرية العدوة بموجب قرار محافظ الفيوم رقم 343 لسنة 1975. فقد أقاموا الدعوى بطلباتهما ندبت المحكمة خبيراً وبعد أن أودع تقريره قضت برفض الدعوى. استأنف الطاعنون بصفتهما هذا الحكم بالاستئناف رقم 209 لسنة 19 ق بني سويف "مأمورية الفيوم". ندبت المحكمة ثلاثة خبراء وبعد أن أودعوا تقريرهم حكمت بتاريخ 6/ 1/ 1986 بتثبيت ملكية الطاعنين بصفتهما إلى مساحة 183.405 م2 وبرفض الدعوى فيما عدا ذلك. طعن الطاعنان في هذا الحكم بطريق النقض، وقدمت النيابة مذكرة أبدت فيها الرأي برفض الطعن. وإذ عرض الطعن على المحكمة في غرفة مشورة حددت جلسة لنظره وفيها التزمت النيابة رأيها.
وحيث إن الطعن أقيم على سببين ينعى الطاعنان بصفتهما بالوجه الأول من السبب الأول على الحكم المطعون فيه مخالفة القانون والخطأ في تطبيقه وفي بيان ذلك يقولان أن مؤدى نص المادة الأولى من القانون رقم 177 لسنة 1960. المعدل بالقانون رقم 97 لسنة 1964 في شأن البرك والمستنقعات أن ملكية أراضي البرك تؤول إلى الدولة بمجرد قيام الحكومة بردمها أو تجفيفها دون توقف على أي إجراء آخر ولا يكون لملاكها إلا الحق في قيمتها طبقاً للقانون، غير أن الحكم المطعون فيه خالف هذا النظر وأقام قضاءه برفض الدعوى فيما زاد على مساحة 183.504 م2 على أساس أن ملكية الدولة لأراضي البرك التي قامت بردمها أو تجفيفها مقيدة بحق ملاكها في طلب استردادها في خلال سنة من تاريخ نشر القرار الوزاري بتحديد موقعها وحدودها في الجريدة الرسمية وأن هذا القرار لم يصدر بعد، وهو ما يعيبه بمخالفة القانون والخطأ في تطبيقه بما يستوجب نقضه.
وحيث إن هذا النعي غير سديد ذلك أن النص في الفقرة الأولى من المادة الأولى من القانون رقم 177 لسنة 1960 في شأن البرك والمستنقعات - الذي ينطبق على واقعة النزاع - على أن تؤول إلى الدولة أراضي البرك والمستنقعات التي ردمتها أو جففتها الحكومة بعد العمل بالقانون رقم 76 لسنة 1946 وقبل أن تتم إجراءات نزع ملكيتها... والنص في الفقرة الثالثة على أنه ويصدر قرار من وزير الشئون البلدية والقرية.. بتحديد مواقع وحدود الأراضي المشار إليها في الفقرتين السابقتين والنص في الفقرة الأخيرة على أنه ويجوز لملاك هذه الأراضي استرداد ملكيتهم لها خلال سنة من تاريخ نشر القرار الوزاري الصادر بتحديد مواقعها وحدودها في الجريدة الرسمية يدل على أن ملكية أراضي البرك والمستنقعات تؤول إلى الدولة بمجرد قيام الحكومة بردمها وتجفيفها ما لم يطلب أصحابها استرداد ملكيتهم لها في خلال سنة من تاريخ نشر القرار الوزاري بتحديد موقعها وحدودها في الجريدة الرسمية ودفع تكاليف الردم، وقد قصد المشرع من ذلك - وعلى ما أفصحت عنه المذكرة الإيضاحية للقانون رقم 177 لسنة 1960 لضمان حصول الدولة على المبالغ الطائلة التي أنفقتها في ردم هذه الأراضي أو تجفيفها وأن أصحابها كانوا ينتفعون بها دون أن يدفعوا تكاليف الردم مما كان يعرضها للضياع أو السقوط. لما كان ذلك، وكان الثابت أن الحكم المطعون فيه إذ انتهى إلى رفض الدعوى بحالتها بالنسبة لباقي أرض البركة محل النزاع استناداً إلى عدم صدور القرار الوزاري بتحديد مواقعها وحدودها - الذي يبدأ من تاريخ نشره في الجريدة الرسمية حق أصحابها في طلب استرداد ملكيتهم لها ودفع تكاليف ردمها فإنه يكون قد أصاب صحيح القانون ويضحى النعي عليه بهذا الوجه على غير أساس.
وحيث إن الطاعنين ينعيان بالوجه الثاني من السبب الأول
على الحكم المطعون فيه مخالفة القانون والخطأ في تطبيقه وفي بيان ذلك يقولان أنه لما كانت أرض النزاع قد خصصت للمنفعة العامة بمقتضى قرار وزير الشئون البلدية والقرية رقم 809 لسنة 1960 وقرار محافظ الفيوم 343 لسنة 1975 وأصبحت من أموال الدولة العامة فإنه لا يشترط بعد ذلك عدم تخصيصها بالفعل للمنفعة العامة ولكن الحكم المطعون فيه قد خالف هذا النظر ورفض الدعوى فيما جاوز المساحة المقام عليها نادي الشباب التي اعتبر بناء الحكومة عليها يعد تخصيصاً لها للمنفعة العامة بالفعل ويداخلها في ملكية الدولة دون حاجة إلى إجراء آخر فإنه يكون قد خالف القانون وأخطأ في تطبيقه بما يستوجب نقضه.
وحيث إن هذا النعي مردود ذلك أنه لما كان المقرر في قضاء هذه المحكمة أن أحكام القانون رقم 577 لسنة 1954 معدلة بالقانون رقم 252 لسنة 1960 تقضي بأن تقدير المنفعة العامة للعقارات المراد نزع ملكيتها يكون بقرار من رئيس الجمهورية ينشر في الجريدة الرسمية وكان الثابت أن تقرير المنفعة العامة لباقي أرض النزاع قد تم بموجب القرار الوزاري رقم 809 لسنة 1960 وقرار محافظ الفيوم رقم 343 وأن الثابت من تقرير الخبير المندوب في الدعوى أن هذه الأرض لم تخصص بالفعل للمنفعة العامة وإذ انتهى الحكم المطعون فيه إلى عدم اعتبارها من الأموال العامة المملوكة للدولة فإنه يكون قد انتهى إلى النتيجة الصحيحة ولا يعيبه أو يفسده القصور في بعض أسبابه القانونية إذ لمحكمة النقض أن تستوفى هذا القصور دون أن تنقضه ويضحى النعي عليه بهذا الوجه على غير أساس.
وحيث إن الطاعنين ينعيان بالسبب الثاني على الحكم المطعون فيه القصور في التسبيب وفي بيان ذلك يقولان أنهما تمسكا أمام محكمة الاستئناف بأن باقي أرض البركة محل النزاع في وضع يد الحكومة منذ أن قامت بردمها سنة 1960 ولم ينازعها أحد في ملكيتها إلا سنة 1980 فتكون قد تملكتها بالتقادم الطويل، غير أن الحكم المطعون فيه التفت عن هذا الدفاع الجوهري وهو ما يشوبه بالقصور ويستوجب نقضه.
وحيث إن هذا النعي في غير محله ذلك أن المقرر في قضاء هذه المحكمة أن النص في الفقرة الأولى من المادة 382 من القانون المدني على أنه لا يسري التقادم كلما وجد مانع يتعذر معه على الدائن أن يطالب بحقه ولو كان أدبياً.. مفاده - وعلى ما ورد بالأعمال التحضيرية للقانون المدني أن المشرع نص بصفة عامة على وقف سريان التقادم إذا كان ثمة مانع يستحيل معه على الدائن أن يطالب بحقه في الوقت المناسب ولو كان المانع أدبياً ولم ير المشرع إيراد الموانع على سبيل الحصر بل عمم الحكم لتمشيه مع ما يقضي به العقل. لما كان ذلك، وكان عدم صدور القرار الوزاري بتحديد موقع باقي أرض النزاع الذي يبدأ بنشره في الجريدة الرسمية ميعاد السنة الذي حددته الفقرة الأخيرة من المادة الأولى من القانون رقم 177 لسنة 1960 لملاك أراضي البرك التي ردمتها الحكومة لطلب استردادها - يعتبر مانعاً بوقف سريان التقادم المكسب للملكية فإن ما تمسك به الطاعنان من دفاع لا يكون مستنداً إلى أساس قانوني صحيح ولا عليه إن هو أغفل الرد عليه ويضحى النعي عليه بهذا السبب على غير أساس.
ولما تقدم يتعين رفض الطعن.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق