جلسة 3 من ديسمبر سنة 2008
برئاسة
السيد المستشار/ محمود عبدالباري نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين / إبراهيم
الهنيدي ، عبدالفتاح حبيب ، مصطفى محمد أحمد نواب رئيس المحكمة وخالد الجندي .
-----------
(98)
الطعن 7054 لسنة 78 ق
(1) استدلالات . تفتيش " إذن التفتيش . إصداره ". محكمة
الموضوع " سلطتها في تقدير جدية التحريات ". مواد مخدرة . نيابة عامة .
تقدير جدية التحريات
وكفايتها لإصدار الأمر بالتفتيش . موضوعي .
مثال .
(2) تفتيش " التفتيش بغير إذن ". مواد مخدرة
. نيابة عامة .
إيجاب إذن النيابة في
تفتيش الأماكن مقصور على المساكن وما يتبعها من ملحقات .
تفتيش المزارع
بدون إذن . صحيح . حد ذلك ؟
(3) دفاع "
الإخلال بحق الدفاع . ما لا يوفره " . دفوع " الدفع بتلفيق التهمة
" .
الدفع بانتفاء صلة المتهم بالأرض محل الضبط . موضوعي . لا يستوجب رداً
مستقلاً. استفادة الرد عليه من أدلة الثبوت التي أوردها الحكم .
(4) إثبات "
بوجه عام "" أوراق رسمية " . نقض " أسباب الطعن . ما لا يقبل
منها ".
الأدلة في المواد الجنائية إقناعية . للمحكمة الالتفات عن دليل النفي ولو
حملته أوراق رسمية . شرط ذلك ؟
(5) حكم "
تسبيبه . تسبيب غير معيب ". قصد جنائي . مواد مخدرة .
القصد
الجنائي في جريمة زراعة نبات من النباتات الممنوع زراعتها . قوامه : علم الزارع
بأن النبات الذي يزرعه من النباتات الممنوع زراعتها . التحدث عنه استقلالاً . غير لازم . متى كان ما أورده الحكم كافياً في الدلالة
عليه .
مثال .
(6) نقض " أسباب
الطعن . تحديدها " .
وجه الطعن . وجوب أن يكون واضحاً ومحدداً .
مثال لنعي غير واضح ومحدد في جريمة إحراز مخدر .
(7) إثبات "
شهود ". حكم " ما لا يعيبه في نطاق التدليل ".
إحالة الحكم في بيان شهادة الشهود إلى ما أورده من أقوال شاهد آخر . لا
يعيبه . ما دامت أقوالهم متفقة مع ما استند إليه الحكم منها .
اختلاف الشهود في بعض التفصيلات التي لم يوردها الحكم لا يؤثر في سلامته .
علة ذلك؟
(8) مواد مخدرة . نقض
" أسباب الطعن . ما لا يقبل منها " .
جريمة زراعة النباتات المخدرة المدرجة بالجدول رقم (5) الملحق بالقانون 182
لسنة1960 . تمامها بمجرد إتيان فعل الزراعة . سواء تحقق للجانى حصاد محصوله أم لا
.
زارعة النباتات المخدرة المدرجة بالجدول رقم (5) الملحق بالقانون 182 لسنة
1960 . مؤثمة في أي طور من أطوار نموها . أثر ذلك ؟
(9) إثبات "
خبرة ". محكمة الموضوع " سلطتها في تقدير الدليل ".
تقدير آراء الخبراء والفصل فيما يوجه إلى تقاريرهم من مطاعن . موضوعي.
(10) إثبات "
بوجه عام ". نقض " أسباب الطعن . ما لا يقبل منها ".
تشكيك
الطاعن في إقراره للضباط . جدل موضوعي في تقدير الدليل . غير جائز أمام النقض .
(11) حكم "
تسبيبه . تسبيب غير معيب ". دفاع " الإخلال بحق الدفاع . ما لا يوفره
". دفوع " الدفع بعدم جواز نظر الدعوى لسبق الفصل فيها ".
الدفع بعدم جواز نظر الدعوى لسبق الفصل فيها . شرط إثارته لأول مرة أمام
محكمة النقض؟
لا يعيب الحكم خلو محضر الجلسة من إثبات دفاع الخصم كاملاً . علة ذلك ؟
الدفع
الذي تلتزم المحكمة بمواجهته والرد عليه في حكمها ؟
مثال لعبارة مرسلة مجهلة لا تفيد الدفع بعدم جواز نظر الدعوى لسابقة الفصل
فيها .
(12) قوة الأمر
المقضي . حكم " تسبيبه . تسبيب غير معيب "" حجية الحكم ".
مناط حجية الأحكام ؟
________________
1- لما كان الحكم
قد عرض للدفع ببطلان إذن النيابة العامة لعدم جدية التحريات واطرحه في قوله "
وحيث إنه عن الدفع ببطلان إذن النيابة العامة لابتنائه على تحريات غير جدية فإنه
لما كان تقدير جدية التحريات وكفايتها مسوغاً لإصدار الإذن هو مما تستقل به سلطة
التحقيق تحت إشراف محكمة الموضوع فإنه لما كانت المحكمة تطمئن إلى أن التحريات
التي أجريت بمعرفة ضباط الواقعة وترتاح لها وتصدقها لاحتوائها على بيانات كافية
لإصدار الإذن إذ أنها حددت شخص المتهم ومحل إقامته وعمله بما يوصل إليه دون غيره
ومن ثم تصدق المحكمة من أجراها وتقتنع بها وأنها أجريت فعلاً بمعرفتهم وتضمنت
بلاغاً بارتكاب جريمة زراعة نباتات مخدرة ومن ثم تكون تضمنت شأناً كافياً لإصدار
الإذن ومن ثم يكون الدفع على غير سند متعين الالتفات عنه ". لما كان ذلك ،
وكان تقدير جدية التحريات وكفايتها لإصدار الأمر بالتفتيش هو من المسائل الموضوعية
التي يوكل الأمر فيها إلى سلطة التحقيق تحت إشراف محكمة الموضوع ، ومتى كانت
المحكمة قد اقتنعت - وعلى ما سلف بيانه - بتوافر مسوغات إصدار هذا الأمر فلا تجوز
المجادلة في ذلك أمام محكمة النقض، هذا إلى أنه من المقرر أن إيجاب إذن النيابة في
تفتيش الأماكن مقصور على حالة تفتيش المساكن وما يتبعها من الملحقات لأن القانون
إنما أراد حماية المسكن فقط ، ومن ثم فتفتيش المزارع بدون إذن لا غبار عليه إذا
كانت غير متصلة بالمسكن وإذ كان الثابت من الحكم المطعون فيه أن شجيرات الحشيش
بحقل زراعة غير ملحق بمسكن الطاعن ، فإن ضبطها لم يكن بحاجة لاستصدار إذن من
النيابة العامة بذلك .
2-
من المقرر أن إيجاب إذن النيابة في تفتيش
الأماكن مقصور على حالة تفتيش المساكن وما يتبعها من الملحقات لأن القانون إنما
أراد حماية المسكن فقط ومن ثم فتفتيش المزارع بدون إذن لا غبار عليه إذا كانت غير
متصلة بالمسكن ، وإذ كان الثابت من الحكم المطعون فيه أن شجيرات الحشيش بحقل زراعة
غير ملحق بمسكن الطاعن ، فإن ضبطها لم يكن بحاجة لاستصدار إذن من النيابة العامة
بذلك .
3– لما كان الدفع
بانتفاء صلة المتهم بالأرض محل الضبط والمضبوطات دفعاً موضوعياً لا يستوجب رداً
مستقلاً ما دام الرد يستفاد ضمناً من أدلة الثبوت التي أوردها الحكم فإن النعي على
الحكم في هذا الخصوص لا يكون مقبولاً، هذا فضلاً عن أن المحكمة قد عرضت لما يثيره
الطاعن في هذا الشأن واطرحته في منطق سائغ .
4- لما
كانت الأدلة في المواد الجنائية إقناعية وللمحكمة أن تلتفت عن دليل النفى ولو
حملته أوراق رسمية ما دام يصح في العقل أن يكون غير ملتئم مع الحقيقة التي اطمأنت
إليها من باقي الأدلة في الدعوى .
5-
لما كان القصد الجنائي في جريمة زراعة نبات
من النباتات الممنوع زراعتها هو علم الزارع بأن النبات الذي يزرعه هو من النباتات
الممنوع زراعتها ، وكانت المحكمة غير مكلفة في الأصل بالتحدث استقلالاً عن ركن
العلم بحقيقة النبات المضبوط إذا كان ما أوردته في حكمها كافياً في الدلالة على أن
المتهم كان يعلم بأن ما يزرعه ممنوع زراعته . لما كان ذلك وكان الحكم المطعون فيه قد عرض لما دفع به الطاعن من نفي
علمه بكنه النبات المضبوط ورد عليه بقوله :" وحيث عن الدفع بانتفاء ركن العلم
بالمزروعات فلما كان تقدير أقوال الشهود هو مما تستقل به محكمة الموضوع وكانت
المحكمة تطمئن إلى شهادة ضباط الواقعة بتحقيقات النيابة العامة من أن المتهم هو
القائم بزراعة ومتابعة الأشجار المخدرة المضبوطة وذلك لمصلحة آخرين وأن المحكمة
تطمئن إلى أقوالهما من ذلك وعالمة بحقيقة تلك الزراعات وأن قول الدفاع لم يقم عليه
دليل ومن ثم يكون منعى الدفاع غير سديد متعين الالتفات عنه " وإذ كان ما
أورده الحكم رداً على دفاع الطاعن يسوغ به اطراحه ويكفى في الدلالة على علم الطاعن
بكنه النباتات المضبوطة ، فإن منعى الطاعن في هذا الخصوص يكون غير سديد .
6- من المقرر في قضاء هذه المحكمة أنه
يجب لقبول وجه الطعن أن يكون واضحاً محدداً ، وكان النعي على الحكم بدعوى عدم
إيراد أقوال الشاهدين الثاني والثالث والإحالة بالنسبة لأقوالهما إلى أقوال الشاهد
الأول رغم تناقض أقوالهم قد جاء خلواً من تحديد مواطن هذا الاختلاف ، فإن النعي
بهذا يكون غير مقبول .
7- من
المقرر أنه لا يعيب الحكم أن يحيل في بيان شهادة الشهود إلى ما أورده من أقوال
شاهد آخر ما دامت أقوالهم متفقة مع ما استند إليه الحكم منها ، ولا يؤثر في هذا
النظر اختلاف الشهود في بعض التفصيلات التي لم يوردها الحكم ذلك أن لمحكمة الموضوع
في سبيل تكوين عقيدتها أن تعتمد على ما تطمئن إليه من أقوال الشاهد وأن تطرح ما
عداها ، وفى عدم إيراد المحكمة لهذه التفصيلات ما يفيد اطراحها لها .
8- لما
كان الحكم قد أورد مضمون تقرير المعمل
الكيماوي في قوله :" وحيث ثبت من تقرير المعمل الكيماوي أن الأشجار النباتية
المضبوطة هي لنبات الحشيش القنب الهندي المخدر ". وكان ما أورده الحكم يكفى
لبيان مؤدى تقرير معمل التحليل والنتيجة التي انتهى إليها ، ومن ثم ينحسر عنه قالة
القصور في بيان مؤدى هذا الدليل من أدلة الإثبات ، إضافة إلى أن المشرع حظر في المادة
28 من قانون المخدرات رقم 182 لسنة 1960 زراعة النباتات التي أدرجها بالجدول رقم 5
الذي ألحقه بالقانون والتي اعتبرها من النباتات المخدرة ومنها النباتات محل الضبط
ومعاقب عليها في حالة زراعتها بغير قصد الاتجار أو التعاطي أو الاستعمال الشخصي
بمقتضى نص الفقرة الأولى من المادة 38 من القانون المذكور والمعدل بالقانون رقم
122 لسنة 1989 ، وزراعة النباتات المخدرة تعد جريمة تامة بمجرد إتيان فعل الزراعة
أياً كانت النتيجة المترتبة على ذلك وسواء تحقق للجاني حصاد محصوله من النبات
المخدر أم لا فزراعة تلك النباتات مؤثمة في أي طور من أطوار نموها ، ومن ثم فلا
محل للبحث في مدى احتواء النبات المخدر على مادته الفعالة ووروده باسم آخر .
9- من المقرر أن تقدير آراء الخبراء والفصل فيما يوجه إلى تقاريرهم من مطاعن مرجعه
إلى محكمة الموضوع التي لها كامل الحرية في تقدير القوة التدليلية لتقرير الخبير
شأنه في ذلك شأن سائر الأدلة.
10- لما
كان البين من مدونات الحكم المطعون فيه أنه لم ينسب إلى الطاعن صدور اعتراف مستقل
عنه وإنما عول في قضائه على أقوال الضباط الثلاثة الذين قاموا بالضبط بما تضمنته
من إقرار الطاعن لهم بزراعة الحشيش القنب الهندى المخدر المضبوط بالأرض الزراعية
بغير قصد من القصود لحساب المحكوم عليهم لقاء أجر مقابل زراعتها ورعايتها ويقوم
بالخدمة فيها ومن ثم فإن ما ينعاه الطاعن في هذا الصدد يكون غير سديد ولا يعدو ما
يثيره في هذا الشأن أن يكون محاولة للتشكيك في صحة إقراره للضباط الثلاثة بما ينحل
ذلك إلى جدل موضوعي في تقدير الدليل لا تجوز إثارته أمام محكمة النقض .
11-
من المقرر أن الدفع بعدم جواز نظر
الدعوى لسبق الفصل فيها وإن كان متعلقاً بالنظام العام إلا أن إثارته لأول مرة
أمام محكمة النقض مشروط بأن تحمل مدونات الحكم مقومات صحته ، وكان من المقرر أنه
لا يعيب الحكم خلو محضر الجلسة من إثبات دفاع الخصم كاملاً إذ عليه إن كان يهمه
تدوينه أن يطلب صراحة إثباته بالمحضر ، وأن الدفع الذي تلتزم المحكمة بمواجهته
والرد عليه في حكمها هو الذي يبدى في عبارة صريحة تشتمل على المراد منه . لما كان ذلك
، وكان البين من محضر جلسة.... أن المدافع عن الطاعن اقتصر على القول "
بالدفع بالحكم الذي قضى به ببراءة باقي المتهمين السابق محاكمتهم " وهي عبارة
مرسلة مجهلة لا تفيد بعدم جواز نظر الدعوى لسبق الفصل فيها وكانت باقي محاضر
الجلسات قد خلت من تمسك الطاعن بهذا الدفع ، كما أن مدونات الحكم لا ترشح لقيامه .
12- من
المقرر أن مناط حجية الأحكام هو وحدة الخصوم والموضوع والسبب ، فلا يكفى سبق صدور
حكم جنائي نهائي من محكمة معينة بل يتعين أن يكون بين هذه المحكمة والمحكمة
التالية اتحاد في الموضوع وفى السبب وفى أشخاص المتهمين ، وكان الطاعن يذهب في محضر
الجلسة إلى أن الحكم السابق صدوره لم يتناول الطاعن وإنما صدر ببراءة باقى
المتهمين ، فإن كل ما يثيره في شأن الإخلال بحق الدفاع في إغفال الرد على الدفع في
هذا الخصوص يكون غير سديد .
________________
الوقائع
اتهمت النيابة
العامة الطاعن بأنه : زرع وآخرين سبق محاكمتهم بقصد الاتجار نباتاً ممنوعاً زراعته
" نبات القنب الهندي " في غير الأحوال المصرح بها قانوناً .
وأحالته إلى محكمة جنايات .... لمحاكمته طبقاً للقيد
والوصف الوارديـن بأمر الإحالة .
والمحكمــة المذكورة قضت حضورياً عملاً بالمواد 28 ، 38/1 ، 42/1 من القانون رقم 182
لسنة 1960 المعدل بالقانونين رقمي 61 لسنة 1977 ، 122 لسنة 1989 والبند رقم 1 من
الجدول رقم 5 الملحق بالقانون الأول المعدل بمعاقبة المتهم بالسجن المشدد
ثلاث سنوات وتغريمه خمسين ألف جنيه ومصادرة المخدر المضبوط باعتبار أن الزراعة
كانت مجردة من القصود .
فطعن المحكوم عليه في هذا الحكم بطريق النقض......إلخ .
________________
المحكمة
وحيث ينعى
الطاعن على الحكم المطعون فيه أنه إذ دانه بجريمة زراعة نبات الحشيش "القنب
الهندى" المخدر بغير قصد من القصود قد شابه القصور والتناقض في التسبيب
ومخالفة الثابت بالأوراق والإخلال بحق الدفاع ذلك بأن المدافع عن الطاعن دفع
ببطلان إذن التفتيش الصادر من النيابة العامة لابتنائه على تحريات غير جدية بدلالة
الخطأ في مهنة ومحل إقامة الطاعن وبانتفاء صلته بالأرض والمضبوطات بدلالة ما
أثبتته النيابة العامة بالمعاينة من خلو الأرض من تواجد المتهم فيها وخلو عقد
الإيجار الموثق من اسمه وبانتفاء ركن العلم بالمضبوطات بيد أن الحكم اطرح هذه
الدفوع برد قاصر غير سائغ واكتفى ببيان أقوال الشاهد الأول وأحال أقوال بقية
الشهود إليها رغم تناقضها واستند الحكم على تقرير المعمل الكيماوى على الرغم من
خلوه من بيان علاقة المتهم بالمخدر الذي أجرى تحليله وما إذا كان ينطوى على المادة
الفعالة من عدمه فقد ورد باسم آخر كما أغفل الرد على دفعيه ببطلان الإقرار الشفوى
للطاعن بمحضر الضبط وبقوة الشيء المقضى ببراءة باقى المتهمين السابق محاكمتهم مما
يعيب الحكم ويستوجب نقضه.
وحيث إن
الحكم المطعون فيه بيَّن واقعة الدعوى بما تتوافر به كافة العناصر القانونية
لجريمة زراعة نبات الحشيش المخدر بغير قصد الاتجار أو التعاطي أو الاستعمال الشخصي
وفى غير الأحوال المصرح بها قانوناً التي دان الطاعن بها ، وأقام على ثبوتها في حقه
أدلة مستمدة من أقوال الضباط الشهود ومن تقرير معمل التحليل الكيماوي ، وهى أدلة
سائغة تؤدى إلى ما رتبه الحكم عليها . لما كان ذلك ، وكان الحكم قد عرض للدفع
ببطلان إذن النيابة العامة لعدم جدية التحريات واطرحه في قوله " وحيث عن
الدفع ببطلان إذن النيابة العامة لابتنائه على تحريات غير جدية فإنه لما كان تقدير
جدية التحريات وكفايتها مسوغاً لإصدار الإذن هو مما تستقل به سلطة التحقيق تحت
إشراف محكمة الموضوع فإنه لما كانت المحكمة تطمئن إلى أن التحريات التي أجريت
بمعرفة ضباط الواقعة وترتاح لها وتصدقها لاحتوائها على بيانات كافية لإصدار الإذن
إذ أنها حددت شخص المتهم ومحل إقامته وعمله بما يوصل إليه دون غيره ومن ثم تصدق
المحكمة من أجراها وتقتنع بها وأنها أجريت فعلاً بمعرفتهم وتضمنت بلاغاً بارتكاب
جريمة زراعة نباتات مخدرة ومن ثم تكون تضمنت شأناً كافياً لإصدار الإذن ومن ثم
يكون الدفع على غير سند متعين الالتفات عنه ". لما كان ذلك ، وكان تقدير جدية
التحريات وكفايتها لإصدار الأمر بالتفتيش هو من المسائل الموضوعية التي يوكل الأمر
فيها إلى سلطة التحقيق تحت إشراف محكمة الموضوع ، ومتى كانت المحكمة قد اقتنعت -
وعلى ما سلف بيانه - بتوافر مسوغات إصدار هذا الأمر فلا تجوز المجادلة في ذلك أمام
محكمة النقض ، هذا إلى أنه من المقرر أن إيجاب إذن النيابة في تفتيش الأماكن مقصور
على حالة تفتيش المساكن وما يتبعها من الملحقات لأن القانون إنما أراد حماية
المسكن فقط ومن ثم فتفتيش المزارع بدون إذن لا غبار عليه إذا كانت غير متصلة
بالمسكن وإذ كان الثابت من الحكم المطعون فيه أن شجيرات الحشيش بحقل زراعة غير
ملحق بمسكن الطاعن فإن ضبطها لم يكن بحاجة لاستصدار إذن من النيابة العامة بذلك .
لما كان ذلك ، وكان الدفع بانتفاء صلة المتهم بالأرض محل الضبط والمضبوطات دفعاً
موضوعياً لا يستوجب رداً مستقلاً ما دام الرد يستفاد ضمناً من أدلة الثبوت التي أوردها
الحكم فإن النعى على الحكم في هذا الخصوص لا يكون مقبولاً ، هذا فضلاً عن أن
المحكمة قد عرضت لما يثيره الطاعن في هذا الشأن واطرحته في منطق سائغ . لما كان
ذلك ، وكانت الأدلة في المواد الجنائية إقناعية وللمحكمة أن تلتفت عن دليل النفى
ولو حملته أوراق رسمية ما دام يصح في العقل أن يكون غير ملتئم مع الحقيقة التي اطمأنت
إليها من باقى الأدلة في الدعوى . لما كان ذلك ، وكان القصد الجنائى في جريمة
زراعة نبات من النباتات الممنوع زراعتها هو علم الزارع بأن النبات الذي يزرعه هو
من النباتات الممنوع زراعتها ، وكانت المحكمة غير مكلفة في الأصل بالتحدث
استقلالاً عن ركن العلم بحقيقة النبات المضبوط إذا كان ما أوردته في حكمها كافياً
في الدلالة على أن المتهم كان يعلم بأن ما يزرعه ممنوع زراعته . لما كان ذلك ،
وكان الحكم المطعون فيه قد عرض لما دفع به الطاعن من نفى علمه بكنه النبات المضبوط
ورد عليه بقوله ": وحيث عن الدفع بانتفاء ركن العلم بالمزروعات فلما كان
تقدير أقوال الشهود هو مما تستقل به محكمة الموضوع وكانت المحكمة تطمئن إلى شهادة
ضباط الواقعة بتحقيقات النيابة العامة من أن المتهم هو القائم بزراعة ومتابعة
الأشجار المخدرة المضبوطة وذلك لمصلحة آخرين وأن المحكمة تطمئن إلى أقوالهما من
ذلك وعالمة بحقيقة تلك الزراعات وأن قول الدفاع لم يقم عليه دليل ومن ثم يكون منعى
الدفاع غير سديد متعين الالتفات عنه " وإذ كان ما أورده الحكم رداً على دفاع
الطاعن يسوغ به اطراحه ويكفى في الدلالة على علم الطاعن بكنه النباتات المضبوطة ،
فإن منعى الطاعن في هذا الخصوص يكون غير سديد . لما كان ذلك ، وكان من المقرر في قضاء
هذه المحكمة أنه يجب لقبول وجه الطعن أن يكون واضحاً محدداً ، وكان النعى على
الحكم بدعوى عدم إيراد أقوال الشاهدين الثانى والثالث والإحالة بالنسبة لأقوالهما
إلى أقوال الشاهد الأول رغم تناقض أقوالهم قد جاء خلواً من تحديد مواطن هذا
الاختلاف ، فإن النعى بهذا يكون غير مقبول ، هذا فضلاً عن أنه من المقرر أنه لا
يعيب الحكم أن يحيل في بيان شهادة الشهود إلى ما أورده من أقوال شاهد آخر ما دامت
أقوالهم متفقة مع ما استند إليه الحكم منها ، ولا يؤثر في هذا النظر اختلاف الشهود
في بعض التفصيلات التي لم يورها الحكم ذلك أن لمحكمة الموضوع في سبيل تكوين
عقيدتها أن تعتمد على ما تطمئن إليه من أقوال الشاهد وأن تطرح ما عداها ، وفى عدم
إيراد المحكمة لهذه لتفصيلات ما يفيد اطراحها لها . لما كان ذلك ، وكان الحكم قد
أورد مضمون تقرير المعمل الكيماوى في قوله " وحيث ثبت من تقرير المعمل
الكيماوى أن الأشجار النباتية المضبوطة هي لنبات الحشيش القنب الهندى المخدر "
وكان ما أورده الحكم يكفى لبيان مؤدى تقرير معمل التحليل والنتيجة التي انتهى
إليها ، ومن ثم ينحسر عنه قالة القصور في بيان مؤدى هذا الدليل من أدلة الإثبات ، إضافة
إلى أن المشرع حظر في المادة 28 من قانون المخدرات رقم 182 لسنة 1960 زراعة
النباتات التي أدرجها بالجدول رقم 5 الذي ألحقه بالقانون والتى اعتبرها من
النباتات المخدرة ومنها النباتات محل الضبط ومعاقب عليها في حالة زراعتها بغير قصد
الاتجار أو التعاطى أو الاستعمال الشخصى بمقتضى نص الفقرة الأولى من المادة 38 من
القانون المذكور والمعدل بالقانون رقم 122 لسنة 1989 ، وزراعة النباتات المخدرة
تعد جريمة تامة بمجرد إتيان فعل الزراعة أياً كانت النتيجة المترتبة على ذلك وسواء
تحقق للجانى حصاد محصوله من النبات المخدر أم لا فزراعة تلك النباتات مؤثمة في أى
طور من أطوار نموها ، ومن ثم فلا محل للبحث في مدى احتواء النبات المخدر على مادته
الفعالة ووروده باسم آخر هذا فضلاً عن أنه من المقرر أن تقدير آراء الخبراء والفصل
فيما يوجه إلى تقاريرهم من مطاعن مرجعه إلى محكمة الموضوع التي لها كامل الحرية في
تقدير القوة التدليلية لتقرير الخبير شأنه في ذلك شأن سائر الأدلة . لما كان ذلك ،
وكان البين من مدونات الحكم المطعون فيه أنه لم ينسب إلى الطاعن صدور اعتراف مستقل
عنه وإنما عول في قضائه على أقوال الضباط الثلاثة الذين قاموا بالضبط بما تضمنته
من إقرار الطاعن لهم بزراعة الحشيش القنب الهندى المخدر المضبوط بالأرض الزراعية
بغير قصد من القصود لحساب المحكوم عليهم لقاء أجر مقابل زراعتها ورعايتها ويقوم
بالخدمة فيها ومن ثم فإن ما ينعاه الطاعن في هذا الصدد يكون غير سديد ولا يعدو ما
يثيره في هذا الشأن أن يكون محاولة للتشكيك في صحة إقراره للضباط الثلاثة بما ينحل
ذلك إلى جدل موضوعى في تقدير الدليل لا تجوز إثارته أمام محكمة النقض. لما كان ذلك
، وكان الدفع بعدم جواز نظر الدعوى لسبق الفصل فيها وإن كان متعلقاً بالنظام العام
إلا أن إثارته لأول مرة أمام محكمة النقض مشروط بأن تحمل مدونات الحكم مقومات صحته
، وكان من المقرر أنه لا يعيب الحكم خلو محضر الجلسة من إثبات دفاع الخصم كاملاً
إذ عليه إن كان يهمه تدوينه أن يطلب صراحة إثباته بالمحضر ، وأن الدفع الذي تلتزم
المحكمة بمواجهته والرد عليه في حكمها هو الذي يبدى في عبارة صريحة تشتمل على
المراد منه . لما كان ذلك ، وكان البين من محضر جلسة ... أن المدافع عن الطاعن
اقتصر على القول " بالدفع بالحكم الذي قضى به ببراءة باقي المتهمين السابق
محاكمتهم " وهى عبارة مرسلة مجهلة لا تفيد بعدم جواز نظر الدعوى لسبق الفصل
فيها وكانت باقى محاضر الجلسات قد خلت من تمسك الطاعن بهذا الدفع ، كما أن مدونات
الحكم لا ترشح لقيامه . لما كان ذلك ، وكان من المقرر أن مناط حجية الأحكام هو
وحدة الخصوم والموضوع والسبب ، فلا يكفي سبق صدور حكم جنائى نهائي من محكمة معينة
بل يتعين أن يكون بين هذه المحكمة والمحكمة التالية اتحاد في الموضوع وفى السبب
وفي أشخاص المتهمين ، وكان الطاعن يذهب في محضر الجلسة إلى أن الحكم السابق صدوره
لم يتناول الطاعن وإنما صدر ببراءة باقي المتهمين ، فإن كل ما يثيره في شأن
الإخلال بحق الدفاع في إغفال الرد على الدفع في هذا الخصوص يكون غير سديد . لما
كان ما تقدم ، فإن الطعن برمته يكون على غير أساس متعيناً رفضه .
________________
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق