جلسة 9 من ديسمبر سنة 2009
برئاسة السيد القاضي/ حامد عبد الله نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة
القضاة/ محمد عيد سالم، محمد محمود، مصطفى حسان ومحمد عبد الحليم نواب رئيس
المحكمة.
--------------
(72)
الطعن 43276 لسنة 77 ق
(1) حكم "بيانات
التسبيب" "تسبيبه. تسبيب غير معيب".
عدم رسم القانون شكلاً خاصاً لصياغة الحكم.
بيان الحكم واقعة الدعوى
بما تتوافر به كافة العناصر القانونية للجريمة التي دان الطاعن بها وإيراده مؤدى
أدلة الثبوت في بيان واف. لا قصور.
مثال.
(2) إثبات "بوجه عام"
"اعتراف". محكمة الموضوع "سلطتها في تقدير الدليل"
"سلطتها في تقدير صحة الاعتراف". حكم "تسبيبه. تسبيب غير
معيب". نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها".
تساند الأدلة في المواد الجنائية. مؤداه؟
حق محكمة الموضوع في تكوين
اقتناعها من أي دليل تطمئن إليه.
تقدير صحة الاعتراف وقيمته في الإثبات. موضوعي.
لمحكمة الموضوع الأخذ بأقوال المتهم في حق نفسه وفي حق غيره من المتهمين في أي دور
من أدوار التحقيق وإن عدل عنها بعد ذلك. حد ذلك؟
(3) محكمة الموضوع "سلطتها في
تقدير الدليل" نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها".
المنازعة الموضوعية فيما تستقل به محكمة الموضوع. غير جائزة.
(4) إجراءات
"إجراءات المحاكمة". دفاع "الإخلال بحق الدفاع. ما لا يوفره".
النعي على المحكمة قعودها عن إجراء تحقيق لم يطلب منها أو إثارة هذا
الدفع لأول مرة أمام محكمة النقض. غير مقبول.
مثال.
(5) محكمة الموضوع "سلطتها في
تقدير الدليل". نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها".
تقدير الأدلة بالنسبة لكل متهم. موضوعي.
الجدل الموضوعي في تقدير
الدليل وسلطة محكمة الموضوع في وزن عناصر الدعوى. غير جائز أمام محكمة النقض.
(6) دفاع "الإخلال بحق
الدفاع. ما لا يوفره". نقض "المصلحة في الطعن".
نعي الطاعن بعدم إقامة الدعوى الجنائية على أشخاص آخرين. غير مجد. علة
ذلك؟
(7) مسئولية جنائية. جريمة
"أركانها". قصد جنائي. حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب". مواد
مخدرة.
كفاية انبساط سلطان الجاني على المادة المخدرة كيما يكون حائزا لها
ولو أحرزها ماديا غيره.
القصد الجنائي في جريمة إحراز أو حيازة الجوهر المخدر.
تحققه: بعلم المحرز أو الحائز بأن ما يحرزه أو يحوزه من المواد المخدرة. التحدث
عنه استقلالاً. غير لازم. متى كان ما أورده الحكم كافياً في الدلالة عليه.
مثال.
(8) إثبات "بوجه عام".
محكمة الموضوع "سلطتها في تقدير الدليل".
العبرة في المحاكمات الجنائية باقتناع القاضي بناء على الأدلة
المطروحة عليه. له الأخذ بأي بينة أو قرينة يرتاح إليها. حد ذلك؟
(9) مواد مخدرة. جريمة
"أركانها". حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب".
ضبط المخدر. ليس ركناً لازماً لتوافر الجريمة. إثبات توافر الركن
المادي بأي دليل كان ولو لم يضبط المخدر. النعي على الحكم في هذا الشأن. غير مقبول.
(10) إثبات
"بوجه عام" "اعتراف". تسجيل المحادثات.
التفات الحكم عن الرد على دفاع الطاعن المتصل بالتسجيلات. صحيح. ما
دام لم يأخذ بدليل مستمد منها استناداً لأدلة أخرى.
(11) رشوة. مواد مخدرة. نقض
"المصلحة في الطعن".
نعي الطاعن على الحكم بشأن جريمة تقديم رشوة. غير مجد. طالما دانه
بجريمة حيازة جوهر الحشيش المخدر بغير قصد.
(12) رشوة. مواد مخدرة. ارتباط.
عقوبة "الإعفاء منها". مسئولية جنائية.
الارتباط في حكم المادة 32 عقوبات. مناطه: بكون الجرائم المرتبطة
قائمة لم يجر على إحداها حكم معف من المسئولية أو العقاب.
إعمال حكم المادة 32
عقوبات عند القضاء بالإعفاء من العقاب في إحدى التهم. لا محل له. مفاد وعلة ذلك؟
مثال.
(13) محكمة الموضوع "سلطتها في
تقدير العقوبة". حكم "تصحيحه". محكمة النقض "سلطتها".
قانون "تفسيره" "تطبيقه ". عقوبة "تقديرها".
القيد الوارد على محكمة الموضوع عند إعادة إجراءات المحاكمة وفقاً
لمفهوم الفقرة الأولى من المادة 395 إجراءات جنائية. ألا تزيد العقوبة التي تحكم
بها عما قضى به الحكم الغيابي.
العبرة في تشديد العقوبة أو تخفيضها بدرجة العقوبة
في ترتيب العقوبات.
لا يجوز للمحكمة عند إعادة إجراءات المحاكمة أن تنزل بالعقوبة
المقيدة للحرية وتزيد مقدار الغرامة المقضي بها في الحكم الغيابي. مخالفة ذلك.
يوجب تصحيحه في نطاق عقوبة الغرامة والنزول بها إلى الحد المقضي به في الحكم
الغيابي. علة وأساس ذلك؟
مثال.
------------
1 - لما كان الحكم المطعون فيه بيَّن واقعة الدعوى بما مؤداه أن الطاعن أصدر العديد من الشيكات التي لا يقابلها رصيد فصدر ضده العديد من الأحكام الجنائية، وحكم بإشهار إفلاسه في الدعوى رقم ..... لسنة ..... إفلاس .....، فاستعان بوالده المحامي - والذي سبق الحكم عليه في الدعوى الراهنة - بتاريخ ..... للتخلص من تبعات تلك الأحكام، فقام ذلك الأخير بالاتفاق مع وكيل الدائنين في دعوى الإفلاس على التراخي في تنفيذ إجراءات شهر الإفلاس ووضع الأختام بطريقة شكلية فقط مقابل مبالغ مالية حصل عليها وكيل الدائنين من الطاعن عن طريق والده - المحكوم عليه السابق - كما قام الطاعن عن طريق والده أيضاً بدفع عطايا لكل من رئيس ووكيل القلم التجاري بمحكمة ..... مقابل إخباره بأي طلبات يتقدم بها الدائنون في قضية الإفلاس وإطالة أمد التقاضي في التظلم المقدم منهما في تلك الدعوى، كما اتفق الطاعن عن طريق والده مع أمين سر نيابة ..... على متابعة القضايا التي تقام قبله وإخباره بها مقابل مبالغ مالية وقطعة من مخدر الحشيش أحضرها الطاعن وأرسلها لوالده الذي قام بدوره بتسليمها لأمين السر، وأخيراً فقد أعطى الطاعن عن طريق والده أيضاً لأمين شرطة بوحدة تنفيذ الأحكام مبالغ مالية لقاء الكشف لهما عن أماكن ومواعيد الأكمنة التي تقوم بها شرطة تنفيذ الأحكام للحيلولة بينهم وبين ضبط الطاعن. لما كان ذلك، وكان القانون لم يرسم شكلاً خاصاً يصوغ فيه الحكم بيان الواقعة المستوجبة للعقوبة والظروف التي وقعت فيها، وكان يبين مما أورده الحكم فيما تقدم أنه بين واقعة الدعوى بما تتوافر به كافة العناصر القانونية لجريمة حيازة جوهر الحشيش المخدر بغير قصد من القصود المسماة قانوناً التي دان الطاعن بها، وساق الحكم على صحة الواقعة وإسنادها إليه أدلة استقاها من أقوال شهود الإثبات واعتراف الطاعن وكل من/ ..... و ..... ثم أورد مؤدى كل دليل من أدلة الثبوت التي عول عليها في قضائه بالإدانة في بيان واف وهي أدلة سائغة من شأنها أن تؤدي إلى ما رتبه عليها، وجاء استعراض المحكمة لهذه الأدلة على نحو يدل على أنها محصتها التمحيص الكافي وألمت بها إلماماً شاملاً، فإن ما ينعاه الطاعن على الحكم من قصور في بيان الواقعة وأدلة الإدانة لا يكون له محل.
2 - من المقرر أنه لا يلزم في الأدلة التي يعول عليها الحكم أن ينبئ كل دليل منها ويقطع في كل جزئية من جزئيات الدعوى بل يكفي أن تكون الأدلة في مجموعها كوحدة مؤدية إلى ما قصده الحكم منها ومنتجة في اكتمال اقتناع المحكمة واطمئنانها إلى ما انتهت إليه، كما أن لمحكمة الموضوع كامل الحرية في أن تستمد اقتناعها بثبوت الجريمة من أي دليل تطمئن إليه، وأن الاعتراف في المسائل الجنائية عنصر من عناصر الاستدلال التي تملك محكمة الموضوع كامل الحرية في تقدير صحتها وقيمتها في الإثبات، وأن سلطتها مطلقة في الأخذ بأقوال المتهم في حق نفسه وفي حق غيره من المتهمين في أي دور من أدوار التحقيق وإن عدل عنها بعد ذلك، ما دامت قد اطمأنت إلى صدقها ومطابقتها للحقيقة والواقع.
3 - لما كانت مدونات الحكم المطعون فيه تنبئ عن أن المحكمة ألمت بواقعة الدعوى وأحاطت بالاتهام المسند إلى الطاعن ودانته بالأدلة السائغة التي أخذت بها وهي على بينة من أمرها، فإن مجادلتها في ذلك بدعوى الفساد في الاستدلال ينطوي على منازعة موضوعية فيما تستقل به محكمة الموضوع بغير معقب.
4 - من المقرر أنه ليس للطاعن أن ينعي على المحكمة قعودها عن إجراء تحقيق لم يطلبه منها أو الرد على دفاع لم يثره أمامها ولا يقبل منه التحدي بذلك الدفاع الموضوعي لأول مرة أمام محكمة النقض. لما كان ذلك، وكان البين من مراجعة محاضر جلسات المحاكمة أن الطاعن لم يدفع بأن اعترافه واعتراف المتهم الآخر كان وليد إكراه وقع عليه أو وعد أو إغراء بالإعفاء من العقاب، ولم يتقدم بأي طلب في هذا الصدد، فإن نعيه على الحكم في هذا الخصوص لا يكون مقبولاً.
5 - من المقرر أن تقدير الأدلة بالنسبة إلى كل متهم هو من اختصاص محكمة الموضوع وحدها ولا ينسحب أثر تقدير الدليل في دعوى إلى دعوى أخرى وهي حرة في تكوين عقيدتها حسب تقديرها واطمئنانها إليها بالنسبة إلى متهم وعدم اطمئنانها إلى ذات الأدلة بالنسبة لمتهم آخر وإذ كانت قد اطمأنت إلى أدلة الدعوى وأخذت بها بالنسبة للطاعن ولم تأخذ بها بالنسبة لآخر سبق أن قضت ببراءته، فإن ما يثيره الطاعن لا يخرج عن كونه جدلاً موضوعياً في تقدير الدليل وفي سلطة محكمة الموضوع في وزن عناصر الدعوى واستنباط معتقدها، وهو ما لا يجوز إثارته أو الخوض فيه أمام محكمة النقض.
6 - لما كان لا يجدي الطاعن النعي بعدم إقامة الدعوى الجنائية على أشخاص آخرين - بفرض مساهمتهم في الجريمة - ما دام لم يكن ليحول دون مساءلته عن الجريمة المسندة إليه والتي دلل الحكم على مقارفته إياها تدليلاً سائغاً ومقبولاً.
7 - من المقرر أنه لا يشترط لاعتبار الجاني حائزاً لمادة مخدرة أن يكون محرزاً للمادة المضبوطة، بل يكفي لاعتباره كذلك أن يكون سلطانه مبسوطاً عليها ولو لم تكن في حيازته المادية أو كان المحرز للمخدر شخصاً غيره، كما أن القصد الجنائي يتحقق بعلم المحرز أو الحائز بأن ما يحرزه من المواد المخدرة، ولا يلزم أن يتحدث الحكم استقلالاً عن أي من الركنين، بل يكفي أن يكون فيما أورده من وقائع وظروف كافيا في الدلالة على قيامهما، وأن تقصي العلم بحقيقة الجوهر المخدر هو من شئون محكمة الموضوع، وكان الحكم قد عرض لدفاع الطاعن بانتفاء حيازته للمخدر وعلمه بحقيقته ورد عليه بقوله: "وكان الثابت من الأوراق ومن أقوال المتهم بتحقيقات النيابة التي تطمئن المحكمة إليها أنه بناء على طلب والده بإحضار قطعة حشيش لإهدائها إلى أمين سر نيابة ..... الذي يتابع قضاياه بمحكمة جنح ..... فقد طلب من أحد أصدقائه أن يحضرها إليه فأحضرها في علبة حمراء ملفوفة بورق السوليفان وأنه قام بفتح العلبة وتأكد من كنه ما بداخلها وأنها قطعة بنية اللون من مخدر الحشيش فقام بإرسالها لوالده الذي عاتبه على صغر حجمها بما يقطع في يقين المحكمة بتوافر ركن العلم لدى المتهم بكنه تلك المادة وأنها من المواد المخدرة المؤثم حيازتها وإحرازها"، وإذ كان هذا الذي ساقته محكمة الموضوع وبررت به اقتناعها بحيازة الطاعن للمخدر وبعلمه بحقيقته كافيا في الرد على دفاعه في هذا الخصوص وسائغاً في الدلالة على توافر ذلك العلم في حقه توافرا فعلياً، فلا يجوز مصادرتها في عقيدتها ولا المجادلة في تقديرها أمام محكمة النقض.
8 - لما كانت العبرة في المحاكمات الجنائية هي باقتناع القاضي بناء على الأدلة المطروحة عليه، ولا يصح مطالبة قاضي الموضوع بالأخذ بدليل معين، فقد جعل القانون من سلطته أن يأخذ من أي بينة أو قرينة يرتاح إليها دليلا لحكمه إلا إذا قيده القانون بدليل معين ينص عليه، ومن ثم فإن ما ينعاه الطاعن في هذا الشأن يكون غير سديد.
9 - لما كان ضبط الجوهر المخدر ليس ركناً لازماً لتوافر جريمة حيازته أو إحرازه بل يكفي لإثبات الركن المادي وهو الإحراز أو الحيازة أن يثبت بأي دليل كان أنه وقع فعلا ولو لم يضبط الجوهر المخدر، ومن ثم فإن ما ينعاه الطاعن في هذا الشأن يكون غير مقبول.
10 - لما كان الحكم المطعون فيه قد اطرح التسجيلات التي تمت ولم يأخذ بالدليل المستمد منها وبنى قضاءه على ما اطمأن إليه من اعتراف المتهم بالتحقيقات وبجلسة المحاكمة إلى جانب أدلة الثبوت التي قام عليها، وكان ما أورده الحكم من حوار دار بين الطاعن والمتهم الآخر إنما تحصيل لما اعترف الطاعن به ولم يورد شيئاً عنه من التسجيلات، ومن ثم فقد انحسر عنه الالتزام بالرد استقلالاً على أي دفاع يتصل بهذه التسجيلات.
11 - لما كانت المحكمة قد دانت الطاعن بجريمة حيازة جوهر الحشيش المخدر بغير قصد من القصود المسماة قانوناً، وأعفته من جريمة تقديم الرشوة لموظف عام وما في حكمه، ومن ثم فإنه لا مصلحة له فيما يثيره نعياً على الحكم بشأن الجريمة الأخيرة.
12 - من المقرر أن مناط الارتباط في حكم المادة 32 من قانون العقوبات رهن بكون الجرائم المرتبطة قائمة لم يجر على إحداها حكم من الأحكام المعفية من المسئولية أو العقاب، لأن تماسك الجريمة المرتبطة وانضمامها بقوة الارتباط القانوني إلى الجريمة المقرر لها أشد العقاب لا يفقدها كيانها ولا يحول دون تصدي المحكمة لها والتدليل على نسبتها للمتهم ثبوتاً ونفياً، ولازم ذلك ومقتضاه أن شرط إعمال المادة 32 من قانون العقوبات القضاء بعقوبة بمفهومها القانوني في الجريمة الأشد، فإذا قضى الحكم بغير العقوبة في الجريمة الأشد ينفك الارتباط. وإذ كان ذلك، فإنه لا محل للقول بالإعفاء من العقاب عن جريمة حيازة مخدر الحشيش المسندة للطاعن تبعاً للقضاء بإعفائه من العقاب عن الجريمة الأشد المرتبطة بها وهي جريمة الرشوة، إذ انفك بالإعفاء من العقاب عن جريمة الرشوة الارتباط بينها وبين جريمة حيازة مخدر الحشيش بما يوجب الفصل في الجريمة الأخيرة ثبوتاً أو نفياً. لما كان ذلك، وكان الحكم المطعون فيه قد قضى بمعاقبة الطاعن عن جريمة حيازة مخدر الحشيش التي قامت في حقه، فإنه يكون قد التزم التطبيق الصحيح للقانون، ويكون منعى الطاعن عليه في هذا الخصوص غير سديد.
13 - لما كانت الفقرة الأولى من المادة 395 من قانون الإجراءات الجنائية المستبدلة بالقانون رقم 95 لسنة 2003 قد نصت على أنه: "إذا حضر المحكوم عليه في غيبته أو قبض عليه قبل سقوط العقوبة بمضي المدة يحدد رئيس محكمة الاستئناف أقرب جلسة لإعادة نظر الدعوى ويعرض المقبوض عليه محبوساً بهذه الجلسة وللمحكمة أن تأمر بالإفراج عنه أو حبسه احتياطياً حتى الانتهاء من نظر الدعوى، ولا يسقط الحكم الغيابي سواء فيما يتعلق بالعقوبة أو التعويضات إلا بحضور من صدر ضده الحكم جلسات المحاكمة ولا يجوز للمحكمة في هذه الحالة التشديد عما قضى به الحكم الغيابي" وكانت العبرة في تشديد العقوبة أو تخفيضها هي بدرجة العقوبة في ترتيب العقوبات، إلا أنه إذا كان الحكم الغيابي قد قضى على الطاعن بعقوبة مقيدة للحرية والغرامة، فليس للمحكمة عند إعادة الإجراءات إن هي نزلت بالعقوبة المقيدة للحرية أن تزيد مقدار الغرامة التي قضى بها الحكم الغيابي. لما كان ذلك، وكان البين من مطالعة صورة الحكم الغيابي الصادر بتاريخ ..... أن محكمة الجنايات سبق وأن قضت غيابياً بمعاقبة الطاعن بالسجن المؤبد وغرامة عشرة آلاف جنيه عما أسند إليه، وكان الحكم الحضوري المطعون فيه قد نزل بمناسبة إعادة إجراءات محاكمته بالعقوبة المقيدة للحرية إلى السجن المشدد لمدة ثلاث سنوات وزاد عقوبة الغرامة إلى خمسين ألف جنيه، ومن ثم فإنه يتعين إعمالاً لنص الفقرة الثانية من المادة 39 من قانون حالات وإجراءات الطعن أمام محكمة النقض رقم 57 لسنة 1959 تصحيح الحكم المطعون فيه بجعل عقوبة الغرامة عشرة آلاف جنيه إلى جانب عقوبة السجن المشدد لمدة ثلاث سنوات المقضي بها عليه، ورفض الطعن فيما عدا ذلك.
------------
الوقائع
اتهمت النيابة العامة الطاعن وآخرين بأنهم: 1- قدم وآخر سبق الحكم
عليه عطية لموظف عمومي للإخلال بواجبات وظيفته بأن قدما للمتهم السادس مبلغ أربعة
آلاف جنيه وتحملا نفقات إقامته بالقرية السياحية المملوكة للمتهم الثالث عشر
بمدينة الغردقة وقدرها ألفان وثمانمائة جنيه على سبيل الرشوة مقابل تنفيذه حكم
الإفلاس الصادر ضد المتهم الثالث عشر في القضية رقم ..... لسنة ..... إفلاس .....
في غيبة الدائنين وسحبه مفردات تلك الدعوى أثناء نظرها لإطالة أمد التقاضي على
النحو المبين بالتحقيقات. 2- قدم وآخر سبق الحكم عليه عطية لموظف عمومي للإخلال
بواجبات وظيفته بأن قدما للمتهم السابع مبلغ ثمانية آلاف جنيه مقابل تنفيذه حكم
الإفلاس الصادر ضد المتهم الثالث عشر في القضية رقم ..... لسنة ..... إفلاس .....
في غيبة الدائنين وسحبه مفردات تلك الدعوى أثناء نظرها لإطالة أمد التقاضي فيها
على النحو المبين بالتحقيقات. 3 - قدم وآخر سبق الحكم عليه لمن هو في حكم الموظف
العام للإخلال بواجبات وظيفته بأن قدما للمتهم الثامن مبلغ عشرين ألف جنيه على
سبيل الرشوة مقابل تغاضيه عن فض الأختام التي وضعها على مقر شركة المتهم الثالث
عشر تنفيذاً لحكم المحكمة في تلك الدعوى بإشهار إفلاسه وتراخيه في إجراءات نشر
الحكم وتنفيذه على النحو المبين بالتحقيقات. 4- قدم وآخر سبق الحكم عليه عطية
لموظف عمومي للإخلال بواجبات وظيفته بأن قدما للمتهم التاسع مبلغ ألف وخمسمائة
جنيهاً وقطعة من مادة الحشيش المخدر على سبيل الرشوة مقابل قيامه بتسليمهما صور
المستندات الخاصة بالقضايا أرقام .... و ..... و .... لسنة .....، ..... لسنة
..... جنح ..... قبل إعلانها وكذا إبلاغهما بالأحكام الغيابية الصادرة فيها على
النحو المبين بالتحقيقات. 5- قدم وآخر سبق الحكم عليه عطية لموظف عمومي للإخلال
بواجبات وظيفته بأن قدما للمتهم العاشر ثلاثة آلاف جنيه على سبيل الرشوة مقابل
إبلاغهما بمواعيد وأماكن أكمنة وحدة تنفيذ الأحكام القضائية الصادرة ضده على النحو
المبين بالتحقيقات. 6- حاز وأحرز بغير قصد جوهراً مخدراً (حشيش) في غير الأحوال
المصرح بها قانوناً. وأحالته إلى محكمة جنايات ..... لمحاكمته طبقاً للقيد والوصف
الواردين بأمر الإحالة.
والمحكمة المذكورة قضت غيابياً بمعاقبته بالسجن المؤبد وغرامة عشرة
آلاف جنيه عما أسند إليه، وإذ أعيدت إجراءات محاكمته فقضت ذات المحكمة حضورياً
عملاً بالمواد 40، 41، 103، 104، 104 مكرراً، 107 مكرراً، 110، 111/3 من قانون
العقوبات والمواد 1، 2، 38/1، 42/1 من القانون رقم 182 لسنة 1960 المعدل بالقانون
رقم 122 لسنة 1989 والبند رقم 56 من القسم الثاني من الجدول رقم 1 الملحق بالقانون
الأول، بمعاقبته بالسجن المشدد لمدة ثلاث سنوات وبتغريمه خمسين ألف جنيه عما أسند
إليه بالتهمة السادسة وبإعفائه من العقاب عن باقي التهم.
فطعن المحكوم عليه في هذا الحكم بطريق النقض ..... إلخ.
وقررت محكمة النقض الدائرة الجنائية إحالة الطعن إلى الهيئة العامة
للمواد الجنائية وطلبت العدول عن الأحكام الصادرة من الدوائر الجنائية بالمحكمة
والتي تقرر أن الإعفاء من العقاب ينفك به الارتباط بين الجرائم وتأييد الأحكام
التي تقرر أن الإعفاء من العقاب لا ينفك به الارتباط.
وحكمت الهيئة العامة للمواد الجنائية برفض طلب العدول وإعادة الطعن
للدائرة المحيلة للفصل فيه.
---------------
المحكمة
وحيث إن الطاعن ينعي - بمذكرات أسباب طعنه الثلاث - على الحكم المطعون
فيه أنه إذ دانه بجريمة حيازة جوهر الحشيش المخدر بغير قصد الاتجار أو التعاطي أو
الاستعمال الشخصي، قد شابه القصور والتناقض في التسبيب، والفساد في الاستدلال،
والإخلال بحق الدفاع، والخطأ في تطبيق القانون، ذلك أن الحكم جاء في عبارات غامضة
مبهمة ودون أن يلم بوقائع الدعوى وظروفها، وعول في قضائه بالإدانة على التحقيقات
دون أن يورد مؤداها، وعلى أقوال كل من الشاهدين ..... و ..... رغم أن شهادتيهما لم
تنصب على الطاعن، وتساند إلى اعتراف الطاعن ووالده رغم أن اعترافهما وليد إجراءات
باطلة وإكراه معنوي تمثل في الترغيب والترهيب للاستفادة من الإعفاء المقرر بالمادة
107 مكررا من قانون العقوبات، وبرغم عدولهما عنه أمام المحكمة، وقضت المحكمة في
حكم سابق لها في ذات الدعوى ببراءة المتهم الذي كان مصدر المادة المخدرة لعدم
اطمئنانها إلى الأدلة المقدمة ضده، بينما عولت على تلك الأدلة في إدانة الطاعن،
ولم تقدم النيابة العامة للمحاكمة سوى الطاعن ووالده برغم أن قطعة المخدر تداولت
بين أشخاص آخرين، والتفت الحكم عن إنكاره لحيازة المخدر وانتفاء القصد الجنائي في
حقه إذ لم يكن يعلم بكنه المخدر، ودانه استنادا إلى أدلة قولية دون أن تعزز بدليل
فني إذ لم يتم ضبط المخدر ولم يتم تحليله، وأثار الطاعن دفاعا مؤداه بطلان كافة
الأذون الصادرة بتسجيل المحادثات الهاتفية لابتنائها على تحريات غير جدية وما تلا
ذلك من إجراءات، وبطلان كافة التسجيلات لما شابها من تلاعب ولتفريغها من غير
الخبراء المختصين إلا أن المحكمة رغم اطراحها تلك التسجيلات في حكم سابق لها في
ذات الدعوى أدانت الطاعن عن جريمة حيازة المخدر استنادا إلى ما ورد بها، ورد الحكم
بما لا يصلح ردا على دفاع الطاعن المؤيد بالمستندات والدلائل التي عددها وهي أنه
كان مجرد موكل عند والده المحامي ولم يتعامل مع باقي المتهمين ولم يكن يعلم بأن
الأموال التي كان يطلبها عطية في جريمة رشوة، هذا إلى أن المحكمة بعد أن اعتنقت صورة
للواقعة مفادها أن حيازة الطاعن للمادة المخدرة كانت بقصد الرشوة واعتبرت أن
حيازته للمخدر وجريمة الرشوة مرتبطتان، عادت وأفردت له عقوبة مستقلة عن جريمة
حيازة المخدر، وأعفاه من العقاب بالنسبة لجريمة الرشوة، وذلك كله مما يعيب الحكم
المطعون فيه ويستوجب نقضه .
وحيث إن الحكم المطعون فيه بيَّن واقعة الدعوى بما مؤداه أن الطاعن
أصدر العديد من الشيكات التي لا يقابلها رصيد فصدر ضده العديد من الأحكام
الجنائية، وحكم بإشهار إفلاسه في الدعوى رقم ... لسنة ..... إفلاس .....، فاستعان
بوالده المحامي - والذي سبق الحكم عليه في الدعوى الراهنة بتاريخ ..... للتخلص من
تبعات تلك الأحكام، فقام ذلك الأخير بالاتفاق مع وكيل الدائنين في دعوى الإفلاس
على التراخي في تنفيذ إجراءات شهر الإفلاس ووضع الأختام بطريقة شكلية فقط مقابل
مبالغ مالية حصل عليها وكيل الدائنين من الطاعن عن طريق والده - المحكوم عليه
السابق - كما قام الطاعن عن طريق والده أيضاً بدفع عطايا لكل من رئيس ووكيل القلم
التجاري بمحكمة ..... مقابل إخباره بأي طلبات يتقدم بها الدائنون في قضية الإفلاس
وإطالة أمد التقاضي في التظلم المقدم منهما في تلك الدعوى، كما اتفق الطاعن عن
طريق والده مع أمين سر نيابة ..... على متابعة القضايا التي تقام قبله وإخباره بها
مقابل مبالغ مالية وقطعة من مخدر الحشيش أحضرها الطاعن وأرسلها لوالده الذي قام
بدوره بتسليمها لأمين السر، وأخيرا فقد أعطى الطاعن عن طريق والده أيضا لأمين شرطة
بوحدة تنفيذ الأحكام مبالغ مالية لقاء الكشف لهما عن أماكن ومواعيد الأكمنة التي
تقوم بها شرطة تنفيذ الأحكام للحيلولة بينهم وبين ضبط الطاعن. لما كان ذلك، وكان
القانون لم يرسم شكلا خاصا يصوغ فيه الحكم بيان الواقعة المستوجبة للعقوبة والظروف
التي وقعت فيها، وكان يبين مما أورده الحكم فيما تقدم أنه بين واقعة الدعوى بما
تتوافر به كافة العناصر القانونية لجريمة حيازة جوهر الحشيش المخدر بغير قصد من
القصود المسماة قانونا التي دان الطاعن بها، وساق الحكم على صحة الواقعة وإسنادها
إليه أدلة استقاها من أقوال شهود الإثبات واعتراف الطاعن وكل من / ..... و .....
ثم أورد مؤدى كل دليل من أدلة الثبوت التي عول عليها في قضائه بالإدانة في بيان
واف وهي أدلة سائغة من شأنها أن تؤدي إلى ما رتبه عليها، وجاء استعراض المحكمة
لهذه الأدلة على نحو يدل على أنها محصتها التمحيص الكافي وألمت بها إلماماً
شاملاً، فإن ما ينعاه الطاعن على الحكم من قصور في بيان الواقعة وأدلة الإدانة لا
يكون له محل. لما كان ذلك، وكان من المقرر أنه لا يلزم في الأدلة التي يعول عليها
الحكم أن ينبئ كل دليل منها ويقطع في كل جزئية من جزئيات الدعوى بل يكفي أن تكون
الأدلة في مجموعها كوحدة مؤدية إلى ما قصده الحكم منها ومنتجة في اكتمال اقتناع
المحكمة واطمئنانها إلى ما انتهت إليه، كما أن لمحكمة الموضوع كامل الحرية في أن
تستمد اقتناعها بثبوت الجريمة من أي دليل تطمئن إليه، وأن الاعتراف في المسائل
الجنائية عنصر من عناصر الاستدلال التي تملك محكمة الموضوع كامل الحرية في تقدير
صحتها وقيمتها في الإثبات، وأن سلطتها مطلقة في الأخذ بأقوال المتهم في حق نفسه
وفي حق غيره من المتهمين في أي دور من أدوار التحقيق وإن عدل عنها بعد ذلك، ما
دامت قد اطمأنت إلى صدقها ومطابقتها للحقيقة والواقع. لما كان ذلك، وكانت مدونات
الحكم المطعون فيه تنبئ عن أن المحكمة ألمت بواقعة الدعوى وأحاطت بالاتهام المسند
إلى الطاعن ودانته بالأدلة السائغة التي أخذت بها وهي على بينة من أمرها، فإن
مجادلتها في ذلك بدعوى الفساد في الاستدلال ينطوي على منازعة موضوعية فيما تستقل
به محكمة الموضوع بغير معقب. لما كان ذلك، وكان من المقرر أنه ليس للطاعن أن ينعى
على المحكمة قعودها عن إجراء تحقيق لم يطلبه منها أو الرد على دفاع لم يثره أمامها
ولا يقبل منه التحدي بذلك الدفاع الموضوعي لأول مرة أمام محكمة النقض. لما كان
ذلك، وكان البين من مراجعة محاضر جلسات المحاكمة أن الطاعن لم يدفع بأن اعترافه
واعتراف المتهم الآخر كان وليد إكراه وقع عليه أو وعد أو إغراء بالإعفاء من
العقاب، ولم يتقدم بأي طلب في هذا الصدد، فإن نعيه على الحكم في هذا الخصوص لا
يكون مقبولاً. لما كان ذلك، وكان من المقرر أن تقدير الأدلة بالنسبة إلى كل متهم
هو من اختصاص محكمة الموضوع وحدها ولا ينسحب أثر تقدير الدليل في دعوى إلى دعوى
أخرى وهي حرة في تكوين عقيدتها حسب تقديرها واطمئنانها إليها بالنسبة إلى متهم
وعدم اطمئنانها إلى ذات الأدلة بالنسبة لمتهم آخر وإذ كانت قد اطمأنت إلى أدلة
الدعوى وأخذت بها بالنسبة للطاعن ولم تأخذ بها بالنسبة لآخر سبق أن قضت ببراءته،
فإن ما يثيره الطاعن لا يخرج عن كونه جدلاً موضوعياً في تقدير الدليل وفي سلطة
محكمة الموضوع في وزن عناصر الدعوى واستنباط معتقدها، وهو ما لا يجوز إثارته أو
الخوض فيه أمام محكمة النقض. لما كان ذلك، وكان لا يجدي الطاعن النعي بعدم إقامة
الدعوى الجنائية على أشخاص آخرين - بفرض مساهمتهم في الجريمة - ما دام لم يكن
ليحول دون مساءلته عن الجريمة المسندة إليه والتي دلل الحكم على مقارفته إياها
تدليلاً سائغاً ومقبولاً. لما كان ذلك، وكان من المقرر أنه لا يشترط لاعتبار
الجاني حائزاً لمادة مخدرة أن يكون محرزاً للمادة المضبوطة، بل يكفي لاعتباره كذلك
أن يكون سلطانه مبسوطاً عليها ولو لم تكن في حيازته المادية أو كان المحرز للمخدر
شخصاً غيره، كما أن القصد الجنائي يتحقق بعلم المحرز أو الحائز بأن ما يحرزه من
المواد المخدرة، ولا يلزم أن يتحدث الحكم استقلالاً عن أي من الركنين، بل يكفي أن
يكون فيما أورده من وقائع وظروف كافيا في الدلالة على قيامهما، وأن تقصي العلم
بحقيقة الجوهر المخدر هو من شئون محكمة الموضوع، وكان الحكم قد عرض لدفاع الطاعن
بانتفاء حيازته للمخدر وعلمه بحقيقته ورد عليه بقوله: "وكان الثابت من
الأوراق ومن أقوال المتهم بتحقيقات النيابة التي تطمئن المحكمة إليها أنه بناء على
طلب والده بإحضار قطعة حشيش لإهدائها إلى أمين سر نيابة ..... الذي يتابع قضاياه
بمحكمة جنح ..... فقد طلب من أحد أصدقائه أن يحضرها إليه فأحضرها في علبة حمراء
ملفوفة بورق السوليفان وأنه قام بفتح العلبة وتأكد من كنه ما بداخلها وأنها قطعة
بنية اللون من مخدر الحشيش فقام بإرسالها لوالده الذي عاتبه على صغر حجمها بما
يقطع في يقين المحكمة بتوافر ركن العلم لدى المتهم بكنه تلك المادة وأنها من
المواد المخدرة المؤثم حيازتها وإحرازها"، وإذ كان هذا الذي ساقته محكمة
الموضوع وبررت به اقتناعها بحيازة الطاعن للمخدر وبعلمه بحقيقته كافيا في الرد على
دفاعه في هذا الخصوص وسائغاً في الدلالة على توافر ذلك العلم في حقه توافراً
فعلياً، فلا يجوز مصادرتها في عقيدتها ولا المجادلة في تقديرها أمام محكمة النقض.
لما كان ذلك، وكانت العبرة في المحاكمات الجنائية هي باقتناع القاضي بناء على
الأدلة المطروحة عليه، ولا يصح مطالبة قاضي الموضوع بالأخذ بدليل معين، فقد جعل
القانون من سلطته أن يأخذ من أي بينة أو قرينة يرتاح إليها دليلاً لحكمه إلا إذا
قيده القانون بدليل معين ينص عليه، ومن ثم فإن ما ينعاه الطاعن في هذا الشأن يكون
غير سديد. لما كان ذلك، وكان ضبط الجوهر المخدر ليس ركناً لازماً لتوافر جريمة
حيازته أو إحرازه بل يكفي لإثبات الركن المادي وهو الإحراز أو الحيازة أن يثبت بأي
دليل كان أنه وقع فعلاً ولو لم يضبط الجوهر المخدر، ومن ثم فإن ما ينعاه الطاعن في
هذا الشأن يكون غير مقبول. لما كان ذلك، وكان الحكم المطعون فيه قد اطرح التسجيلات
التي تمت ولم يأخذ بالدليل المستمد منها وبنى قضاءه على ما اطمأن إليه من اعتراف
المتهم بالتحقيقات وبجلسة المحاكمة إلى جانب أدلة الثبوت التي قام عليها، وكان ما
أورده الحكم من حوار دار بين الطاعن والمتهم الآخر إنما تحصيل لما اعترف الطاعن به
ولم يورد شيئاً عنه من التسجيلات، ومن ثم فقد انحسر عنه الالتزام بالرد استقلالاً
على أي دفاع يتصل بهذه التسجيلات. لما كان ذلك، وكانت المحكمة قد دانت الطاعن بجريمة
حيازة جوهر الحشيش المخدر بغير قصد من القصود المسماة قانوناً، وأعفته من جريمة
تقديم الرشوة لموظف عام وما في حكمه، ومن ثم فإنه لا مصلحة له فيما يثيره نعياً
على الحكم بشأن الجريمة الأخيرة. لما كان ذلك، وكان من المقرر أن مناط الارتباط في
حكم المادة 32 من قانون العقوبات رهن بكون الجرائم المرتبطة قائمة لم يجر على
إحداها حكم من الأحكام المعفية من المسئولية أو العقاب، لأن تماسك الجريمة
المرتبطة وانضمامها بقوة الارتباط القانوني إلى الجريمة المقرر لها أشد العقاب لا
يفقدها كيانها ولا يحول دون تصدي المحكمة لها والتدليل على نسبتها للمتهم ثبوتاً
ونفياً، ولازم ذلك ومقتضاه أن شرط إعمال المادة 32 من قانون العقوبات القضاء
بعقوبة بمفهومها القانوني في الجريمة الأشد فإذا قضى الحكم بغير العقوبة في
الجريمة الأشد ينفك الارتباط. وإذ كان ذلك، فإنه لا محل للقول بالإعفاء من العقاب عن
جريمة حيازة مخدر الحشيش المسندة للطاعن تبعاً للقضاء بإعفائه من العقاب عن
الجريمة الأشد المرتبطة بها وهي جريمة الرشوة، إذ انفك بالإعفاء من العقاب عن
جريمة الرشوة الارتباط بينها وبين جريمة حيازة مخدر الحشيش بما يوجب الفصل في
الجريمة الأخيرة ثبوتاً أو نفياً. لما كان ذلك، وكان الحكم المطعون فيه قد قضى
بمعاقبة الطاعن عن جريمة حيازة مخدر الحشيش التي قامت في حقه، فإنه يكون قد التزم
التطبيق الصحيح للقانون، ويكون منعى الطاعن عليه في هذا الخصوص غير سديد. لما كان
ذلك، وكانت الفقرة الأولى من المادة 395 من قانون الإجراءات الجنائية المستبدلة
بالقانون رقم 95 لسنة 2003 قد نصت على أنه "إذا حضر المحكوم عليه في غيبته أو
قبض عليه قبل سقوط العقوبة بمضي المدة يحدد رئيس محكمة الاستئناف أقرب جلسة لإعادة
نظر الدعوى ويعرض المقبوض عليه محبوساً بهذه الجلسة وللمحكمة أن تأمر بالإفراج عنه
أو حبسه احتياطياً حتى الانتهاء من نظر الدعوى، ولا يسقط الحكم الغيابي سواء فيما
يتعلق بالعقوبة أو التعويضات إلا بحضور من صدر ضده الحكم جلسات المحاكمة ولا يجوز
للمحكمة في هذه الحالة التشديد عما قضى به الحكم الغيابي"، وكانت العبرة في
تشديد العقوبة أو تخفيضها هي بدرجة العقوبة في ترتيب العقوبات، إلا أنه إذا كان
الحكم الغيابي قد قضى على الطاعن بعقوبة مقيدة للحرية والغرامة، فليس للمحكمة عند
إعادة الإجراءات إن هي نزلت بالعقوبة المقيدة للحرية أن تزيد مقدار الغرامة التي
قضى بها الحكم الغيابي. لما كان ذلك، وكان البين من مطالعة صورة الحكم الغيابي
الصادر بتاريخ ..... أن محكمة الجنايات سبق وأن قضت غيابياً بمعاقبة الطاعن بالسجن
المؤبد وغرامة عشرة آلاف جنيه عما أسند إليه، وكان الحكم الحضوري المطعون فيه قد
نزل بمناسبة إعادة إجراءات محاكمته بالعقوبة المقيدة للحرية إلى السجن المشدد لمدة
ثلاث سنوات وزاد عقوبة الغرامة إلى خمسين ألف جنيه، ومن ثم فإنه يتعين إعمالا لنص
الفقرة الثانية من المادة 39 من قانون حالات وإجراءات الطعن أمام محكمة النقض رقم
57 لسنة 1959 تصحيح الحكم المطعون فيه بجعل عقوبة الغرامة عشرة آلاف جنيه إلى جانب
عقوبة السجن المشدد لمدة ثلاث سنوات المقضي بها عليه، ورفض الطعن فيما عدا ذلك.